logo

logo

logo

logo

logo

عنجر

عنجر

Anjar - Anjar

عنجر

 

عنجر مدينة أثرية، تقع في الشطر الشرقي من سهل البقاع عند السفوح الشرقية لسلسلة جبال لبنان الشرقية، وهي تتبع قضاء زحلة، أقيمت على مقربة من أحد أهم ينابيع نهر الليطاني «عين جرا» الذي أعطى الموقع اسمه، عند ملتقى الطرق التي تربط شمالي سورية بفلسطين، والمدن الداخلية وخاصة دمشق، بمدن الساحل الشرقي للبحر المتوسط مثل بيروت وصيدا وصور. ذكرها رحالة القرن التاسع عشر الأوربيون مثل يوهان بوركهارت Johann L. Burckhardt وإدوارد روبنسون Edward Robinson.

في مطلع القرن العشرين، زارت بعثة التنقيب الأثري الألمانية في بعلبك عنجر زيارة علمية، كما تفحص بقاياها الأثرية جان سوفاجيه Jean Sauvaget في عام 1939. بدأت مديرية آثار لبنان برئاسة مديرها العام الأمير موريس شهاب سنة 1953 بإجراء أعمال تنقيب واسعة في موقع عنجر، تلتها أعمال ترميم وإعادة بناء لمعالمها الثابتة من قبل الآثاري والمهندس المعماري هاروتون كالايان. وفي النصف الثاني من القرن العشرين درست المستشرقة الفرنسية سولانج أوري Solange Ory النقوش الكتابية في الموقع، ونشر جان بول ري كوكيه Jean- Paul Rey Coquais بعض النقوش الكتابية اليونانية من الموقع، ثم تلاهما كرسويل K.A.C.Creswell فدرس العمارة الإسلامية الباكرة في عنجر، ثم راجع الباحث اللبناني حافظ شهاب سنة 1993 النصوص السريانية واليونانية العائدة إلى الفترات الباكرة من تاريخ عنجر، وبحث علاقتها بمدينة خلقيس Chalcis الهيلينستية التي كانت قائمة في موقع عنجر ذاته.

بنيت مدينة عنجر الأثرية وفق مخطط منتظم مستطيل الشكل، تقدر أبعاده بنحو370×310م.

تعود أغلب الآثار الظاهرة المتبقية في عنجر إلى العصر الأموي ـ عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك (78 ـ79هـ/705 ـ 715م) الذي أمر ببنائها، ولربما غيبت عمائر هذه الفترة الآثار الأقدم في الموقع، والعائدة للإيطوريين والهيلنستيين والرومان والبيزنطيين.

يحيط بمدينة عنجر سور خارجي بسماكة 2م وارتفاع 7م تقريباً، مدعم بستة وثلاثين برجاً نصف دائري، وقد بُنيت واجهتاه الداخلية والخارجية بأحجار كلسية نحيتة استخرجت من مقالع مجاورة، مثل مقالع بلدة كامد اللوز، واختلطت في بدنته الأحجار الغشيمة والحصى والكلس، كما أعيد استخدام عناصر معمارية قديمة في عمائر عنجر. تقابل واجهات السور الجهات الرئيسة الأربع، وتتوسط أضلاعه أربع بوابات، على جانبي كل منها برجان نصفيان.

بقايا مدينة عنجر الأثرية

يشطر المدينة ـ على غرار المدن الرومانية ـ طريقان رئيسان، يربطان بين بواباتها الأربع، أحدهما باتجاه شمالي جنوبي، والآخر باتجاه شرقي غربي، يتقاطعان وسط المدينة مشكلين أربعة أحياء، وأقيمت وسط هذه الشوارع شبكة مجارير لتصريف المياه المالحة ومياه الأمطار، وقد زودت بحفر تفتيش. على جانبي الطريقين الرئيسين أروقة مسقوفة تخللتها حوانيت تجارية، تؤكد النشاط الذي اضطلعت به عنجر مركزاً تجاريّاً أيضاً، إلى جانب كونها مقراً صيفياً للخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.

يضم الحي الجنوبي الشرقي ما يُعرف بالقصر الكبير ومسجد المدينة، بينما توزعت البيوت السكنية على جنبات الأزقة في الحي الجنوبي الغربي. أقيم في الحي الشمالي الشرقي القصر الصغير قبالة المسجد، ويتاخم البوابة الشمالية حمام لخدمة القادمين إلى المدينة، كما يوجد حمام صغير آخر في الحي الشمالي الغربي، وبجواره كتلة معمارية غير مكتملة، تشبه قصراً غير منجز البناء.

اعتمدت في أبنية عنجر طريقة المداميك المتعاقبة، المكونة من الحجر والآجر، مما يضفي عليها منظراً جميلاً، وتخفف من تركيز الحمولات، وتمنحها شيئاً من المرونة يقيها خطر الزلازل، إضافة إلى سهولة التنفيذ ورخص التكاليف.

لم تدم فترة ازدهار مدينة عنجر الأموية طويلاً، بل اقتصرت على بضعة عقود في النصف الأول من القرن الثامن الميلادي، فسرعان ما دمرها الخليفة الأموي مروان الثاني سنة 721هـ/744م إثر انتصاره على خصمه إبراهيم بن الوليد في معركة قربها.

وتعدّ عنجر أحد أهم المواقع الأثرية الأموية الفريدة في لبنان، التي ازدهرت في فترة وجيزة، مخلّفة العناصر المعمارية كافة من أسوار وتحصينات وقصور ومساجد وحمامات وشوارع وبيوت سكنية وحوانيت تجارية؛ التي تميز العمارة العربية الإسلامية في العصر الأموي، وعنجر اليوم موقع سياحي شهير يرتاده الزوار من شتى أنحاء المعمورة.

محمد قدور

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الإيطوريون ـ لبنان.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أنيس فريحة، معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية (بيروت 1972م).

- The Oxford Encyclopedia of Archaeology in the Near East (Vol. 1997).

- FRANK LAURE SKEEL, Highways and Byways of Lebanon (Beirut 2000).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 581
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1117
الكل : 40859815
اليوم : 94547

أودن (ويستان هيو)

أودن (ويستان هيو ـ) (1907 ـ 1973)   ويستان هيو أودن Wystan Hugh Auden شاعر ومسرحي وناقد إنكليزي ثم أمريكي، ولد في يورك بإنكلترة لأسرة كاثوليكية، ذات ميول علمية، وتوفي في فيينة. كان أبوه طبيباً وأمه مُمرضة، وقد أثر ذلك في ميول أودن الدراسية وأثار رغبته في دراسة العلوم الطبيعية. تلقى أودن تعليمه في المدارس الخاصة كغيره من أبناء طبقته الميسورين،  ففي الثامنة من عمره أرسل إلى مدرسة سانت أدموند الابتدائية في سَري Surrey، وفي الثالثة عشرة أرسل إلى مدرسة غريشام في هولت بنورفوك. تخصّص أودن في دراسة علوم الأحياء. وظهرت موهبته الشعرية  ونُشرت أولى قصائده في مجلة شعر مدرسية. ولدى التحاقه بجامعة أكسفورد عام 1925 صار معروفاً  بصفته شاعراً وحكيماً ذا تأثير قوي في مجموعة من أعلام الفكر والأدب في تلك المرحلة، منهم ستيفَنْ سبِنْدَرْ[ر] وسيسل د.لويس[ر] ولويس مَكْنيسْ[ر]. وألف هؤلاء جماعة، أطلقت عليها الصحافة اسم «جماعة أودن»، نذرت نفسها للسياسة الثورية. وفور تخرج أودن في أكسفورد أمضى عاماً في برلين بألمانية التي تأثر بلغتها وحياة شعبها وأدبها الشعبي والرسمي. كما التقى فيها الكاتب المسرحي الكبير برتولد بريخت[ر]. ثم عاد إلى بريطانية ليمضي أعوامه الخمسة التالية مدرساً في ثانوياتها. يقسمُ أودن حياته الأدبية إلى أربع مراحل. الأولى تمتد من عام 1927 حتى عام 1932، وقد نشر فيها دواوينه «الخطباء» (1932) The Orators و«مدفوع من الطرفين» Paid on Both Sides  و«قصائد»  (1930) Poems. والأخيران هما سبب شهرته وذيوع صيته، وفيهما تظهر بجلاء موضوعاته الشعرية المتنوعة المُستقاة من قصص البطولة الآيسلندية؛ والشعر الإنكليزي القديم وقصص المدارس. كما يظهر فيهما تأثره بكل من كارل ماركس[ر] وسِيغْمُوند فرويد[ر]. والقصائد متفاوتة في جودتها ويغلب عليها الغموض، وتتوزعها وجهات نظر شخصية وخيالية وتتداخل فيها عناصر من الأسطورة واللاوعي؛ وعناصر موضوعية تسعى للوصول إلى تشخيص لأمراض المجتمع وعيوب الأفراد النفسية والأخلاقية. ومع أن المضمونين الاجتماعي والسياسي يستقطبان جلَ اهتمامه في هذه الأشعار، فإن السمة النفسية أساسية. فأودن يؤمن بأن للشعر دوراً شبيهاً بذلك الذي يقوم به التحليل النفسي. أما المرحلة الثانية فهي تلك التي كان فيها أودن يسارياً، فمع استمراره في تحليل شرور المجتمع الرأسمالي كان يحذر من قيام الحكم الفردي. ففي مجموعته «على هذه الجزيرة» (1937) On This Island صار شعره أكثر انفتاحاً في تركيبه، وأكثر نفاذاً إلى الجمهور. وفي هذه المرحلة كتب أودن مسرحية «رقصة الموت» (1933) The Dance of Death وهي مسرحية موسيقية، تلتها ثلاث مسرحيات كتبها بالتعاون مع كريستوفَرْ إيشروود[ر] هي: «الكلب تحت الجلد» (1935) The Dog Beneath The Skin و«ارتقاء إف 6» (1936) The Ascent of F6 و«على الحدود» (1938) On The Frontier. وفي هذه المرحلة كتب كثيراً من المقالات والقصص الإخبارية، وزار آيسلندة والصين وإسبانية، ونشر بعد هذه الزيارات «رسائل من آيسلندة (1937) Letters From Iceland  و«رحلة إلى الحرب» (1939) Journey to a War. أما المرحلة الثالثة من حياته (1939-1946) فتبدأ مع قراره الإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1939، حين صار مواطناً أمريكياً، ومرَّ بتغيرات حاسمة من المنظورين الديني والفكري. وكتابه «مرة أخرى» (1940) Another Time يحتوي على أفضل شعره الغنائي. أما مجموعته «الرجل المزدوج» (1941) The Double Man فتمثل موقفه على حافة التزام المسيحية. ويحدد أودن مواقفه ومعتقداته الأساسية بعد عام 1940 بثلاث قصائد طويلة: أولاها دينية هي قصيدته «للوقت الراهن» (1944) For The Time Being، والثانية جمالية، في المجلد ذاته، بعنوان «البحر والمرآة» Sea And The Mirror، والثالثة اجتماعية نفسية هي «عصر القلق» (1947) The Age of Anxiety، وهي التي أكسبته جائزة بوليتزر Pulitzer عام 1948. أما المرحلة الرابعة من حياة أودن فتبدأ عام 1948، عندما درج على مغادرة نيويورك كل عام لقضاء سبعة أشهر في أوربة. ومنذ عام 1948 حتى عام 1957 كانت إقامته الصيفية في جزيرة إسكيا الإيطالية؛ وفي السنة الأخيرة اشترى لنفسه منزلاً ريفياً في النمسة حيث كان يقضي فصل الصيف. وقصائده المتسلسلة والطويلة المبنية على مراعاة الشكل الخارجي هي: «درع أخيل» (1955) The Shield of Achilles و«عهد ولاء لكليو» (1960) Homage To Clio و«في المنزل» (1965) About The House  و«مدينة بلا جدران» (1969) City Without Walls  وبالاشتراك مع صديقه الحميم الشاعر الأمريكي تشِسْتَرْ كالمان Chester Kallman نشط أودن في مجال الأوبرا، ومن أشهر أعمالهما في هذا الميدان: «تقدم الخليع» (1951) The Rakes Progress و«مرثية للعشاق الشباب» (1961) Elegy For Young Lovers و«البَسَاريدز» (1966) The Bassarids. في عام 1962 نشر أودن كتاباً في النقد بعنوان «يد الدباغ» The Dyer's Hand، وفي عام 1970 نشر كتاباً بعنوان «عالَم معين» A Certain World؛ وفي هذا الكتاب يتجلى نضجه الفكري فقد جمع فيه مقتطفاته المفضلة. وتطغى على الكتاب روح القلق والاضطراب، فهناك عدة مداخل تتعلق بالجحيم من دون أي مدخل عن الفردوس، سوى ما يتعلق بفردوس العالم الدنيوي، وهناك صفحات كثيرة عن الحرب، ولاشيء عن السلم، وأخرى عن الخطيئة ولاشيء عن الفضيلة. والشيطان هو صاحب اليد الطولى، أما صورة الإله عند أودن فهي مستمدة من التوراة. والعالم الأخلاقي عنده هو عالم المناجم وعالم الأرض الطبيعية المهترئة وعالم البراكين؛ وهذه الصور تظهر بكل قوتها وبدائيتها وانعدام إنسانيتها. أمضى أودن وقتاً طويلاً في الترجمة ونقل إقامته إلى أكسفورد في عام 1972حيث كان عضو شرف في الجامعة، ومن الألقاب والجوائز التي حصل عليها  جائزة بولِنغن Bollingen عام1953، وجائزة الكتاب الوطني عام1956 وكرسي أستاذية الشعر بجامعة أكسفورد بين عامي 1956-1961. وعلى كثرة نقاده فإن معظمهم كانوا ينوهون بمكانته في الوسط الأدبي. ويعده الكثيرون أحد عمالقة الشعر الغربي في القرن العشرين؛ إذ تربع على عرشه بجدارة بعد وليم بتلر ييتس[ر] وت.س.إليوت[ر].   هيثم محفوض   مراجع للاستزادة:   - J.FULLER, A Reader's Guide to W.Hauden (London 1970). - S.SPENDER,(ed.) W.H.auden: A Tribute (London 1975).
المزيد »