logo

logo

logo

logo

logo

البلورات (علم-)

بلورات (علم)

Crystallography - Cristallographie

البلورات (علم ـ)

 

يدرس علم البلورات crystallography الأجسام والمواد الموجودة في الطبيعة بجميع أشكالها ومظاهرها. وكان يعد حتى نهاية القرن التاسع عشر علماً وصفياً ينحصر مضمونه الأساسي في دراسة الأشكال الخارجية للبلورات ووصفها. ولكن مع اكتشاف البنية الذرية للمادة صار علم البلورات يُعنى بدراسة البنية الداخلية الفراغية للبلورات وعلاقتها بصفاتها الأساسية والثانوية عن طريق دراسة ارتباط ذراتها أو جزيئاتها وترتيبها فيما يسمى البنية الكيماوية [ر]. وكمثال على أهمية مثل هذه الدراسات الكربون، فهو يظهر على شكل ألماس في بنية أولى وعلى شكل فحم أسود في بنية ثانية.

هناك علوم أخرى تُعنى أيضاً بدراسة الأجسام المتبلورة، كعلم الفلزات وعلم التعدين وعلم الصخور وغيرها، غير أن موضوعات هذه العلوم تتناول التجمعات البلورية crystalline aggregations، في حين يهتم علم البلورات بدراسة بنية البلورات الوحيدة monocrystals وخواصها، ولا يدرس تجمعاتها إلا من حيث نموها والتصاقاتها، وكذلك فهو يميز بين البلورات المرتبة على المستوى الذري والمواد التي لا يوجد أي ترتيب واضح لها على المستوى الذري، أي المواد اللابلورية.

فروع علم البلورات

يضم علم البلورات الفروع الثلاثة الآتية:

ـ علم هندسة البلورات: ويركز على طرائق دراسة البلورات هندسياً من حيث شكلها الخارجي. وذلك عن طريق قياس الزوايا goniometry بين الوجوه وتحديد تناظراتها فراغياً؛ أو من حيث بنية البلورات الداخلية بطريقة رونتغن Rontgen، وفيها يُدرس تحليل البنية الشبكية الفراغية الداخلية للبلورات باستخدام الأشعة السينية x-ray [ر.البلورات بالتصوير الشعاعي (دراسة ـ)].

 

ـ علم فيزياء البلورات: يهتم بدراسة الصفات الفيزيائية للبلورات وعلاقة هذه الصفات بخواصها الهندسية التي ترتبط بدورها بالخصائص البنيوية الهندسية لبنيتها الداخلية.

وتغلب في فرع فيزياء البلورات دراسة الصفات الميكانيكية والكهربائية والمغنطيسية وخاصة دراسة ضوئيات البلورات المستخدمة على نطاق واسع في دراسة الفلزات والصخور وتحليلها.

ـ علم كيمياء البلورات: يتضمن هذا الفرع الدراسات النظرية والعملية في منشأ البلورات ونموها، ويبحث في تأثير البنية الداخلية والعوامل الخارجية في سرعة نمو البلورات، ويدرس التركيب الكيمياوي للبلورات. ويؤلف هذا الفرع واحدة من أهم دعائم الجيوكيمياء geochemistry وذلك بكشفه عن منشأ الفلزات ومنها فلزات المكامن المعدنية وغيرها.

الحالة البلورية

إن ظهور البلورات في الطبيعة بأشكالها الهندسية كان لغزاً بدأ تفسيره العالم الروسي لومونوسوف (1711- 1765) Lomonosov، حين بَيَّن أن الشكل الهندسي الخارجي المتعدد الوجوه للبلورة ليس إلا تعبيراً وانعكاساً عن وجود ترتيب داخلي على المستوى الذري فيما سمي البنية الشبكية التي تُحدد بالأشعة السينية. وقد يمتد هذا الترتيب ليكوِّن بلورة كبيرة تظهر للعيان في سطوح صقيلة (الشكل 1)، أو تكوِّن تجمعات من بلورات صغيرة جداً يلتصق بعضها ببعض عشوائياً فتظهر للعين غير مرتبة.

يمكن النظر إلى البنية الشبكية على أنها تكرار دوري لوحدات تسمى خلايا أولية تحمل الصفات التناظرية للبلورة، يظهر في الشكل 2 أمثلة عنها. وإن عدد الوحدات البنائية في بلورة مكعبية (مثل ملح الطعام) ضلعها 1مم يبلغ  1810وحدة، ذلك لأن طول ضلع الوحدة البنائية لهذه البلورة الممثلة في (الشكل -2 جـ) يساوي 5.628  أنغستروم (Aْ=10-10 متر).

وقد تحتل زوايا الخلية الأولية ذرات مفردة كما في الشكل 3، فتسمى شبكة بسيطة أو مجموعة ذرات تسمى عقيدة مثل الجزيئات، لتشكل البنية البلورية التي يمكن النظر إليها أيضاً على أنها تداخل لشبكات بسيطة.        

   

ففي بنية بلورات كلور السيزيوم CsCl (الشكل -2ب) مثلاً توجد شبكتان بسيطتان مكعبتان إحداهما من شوارد (إيونات) السيزيوم والأخرى من شوارد الكلور وتقع إحداهما ضمن الأخرى فتكون ذرا كل مكعب لإحدى الشبكتين في مراكز مكعبات الشبكة الأخرى. كذلك فإن بنية بلورات النحاس (الشكل -2 أ(، تتكون من أربع شبكات مكعبية بسيطة متساوية، تقع الواحدة منها ضمن الأخريات فتتوزع رؤوس مكعباتها في مراكز وجوه مكعبات الشبكات الأخرى. أما بنية ملح الطعام (الشكل -2ج) فإن شوارد الصوديوم والكلور فيها تؤلف شبكتين تقع إحداهما ضمن الأخرى فتشغل شوارد الصوديوم منتصفات أضلاع مكعبات شبكة الكلور والعكس بالعكس.

وسط التبلور

يمكن النظر إلى البلورة الكبيرة وكأنها تُبنى على التوالي فتنمو، ويعتمد الوصول بها إلى أحجام كبيرة على الوسط الذي يتم فيه ذلك وتُنمَّى البلورات عبر التحكم بخواص الوسط مثل درجة حرارته وضغطه. قد يكون الوسط غازياً أو بخاراً كما في تشكل بلورات اليود الصغيرة على جدران الأنبوب عند تبريده؛ أو سائلاً مثل تشكل الجليد من الماء أو تشكل الصخور الاندفاعية النارية المتبلورة كالغرانيت من المهل؛ أو صلباً بدءاً من حالة صلبة لا مرتبة إلى حالة بلورية مرتبة، غير أن هذا يستغرق عادة وقتاً طويلاً (ملايين السنين أو مئاتها). استطاع العالم الفرنسي Auguste Bravais اعتماداً على الخواص التناظرية لخلية الوحدة التي تتفق مع التناظر الانسحابي التكراري أن يحصر الإمكانات في أربعة عشر نوعاً أو منظومة. دعيت هذه المنظومات الأربع عشرة شبكات برافيه Bravais lattices (الجدول 1)، ويمكن أن تصنف أيضاً وفق العلاقات بين أطوال أضلاع الخلية الأولية والزوايا بينها، فتظهر في سبعة أنظمة.

 

التناظر البلوري

ـ مفهوم التناظر: تعد أية عملية سواء كانت انسحابية أو دورانية عملية تناظرية إذا كان وضع الجسم بعد إنجازها مطابقاً للوضع الابتدائي، وتدعى عنصر تناظر. قد تظهر باستخدام عناصر هندسية مساعدة، كالمستويات والمستقيمات والنقاط. ففي الشكل 4 مثلاً تتوضع الأجزاء المتساوية بالنسبة للمستوي المساعد PC لكي ينطبق النصف العلوي من الشكل على النصف السفلي فيما لو انعكس الأول من المستوي المذكور كانعكاسه في مرآة، وبالمقابل لو انعكس النصف السفلي لانطبق على النصف العلوي. وبهذه الطريقة يتخذ الشكل، بالانعكاس المضاعف في المستوي PC وضعاً مماثلاً للوضع الأول. كذلك في الشكل 5 تحل الأجزاء المتساوية محل بعضها بعضا،ً ومن ثم يحل الشكل بأكمله محل نفسه عند تدويره 90ْ درجة حول المستقيم G4 العمودي على مستوي (الشكل -6 أ) أو تدوير (الشكل -6ب) 60ْ درجة حول المستقيم G6. وهكذا يمكن ذكر أمثلة كثيرة على ذلك.

ـ التناظر الدوراني: تتحدد التناظرات الدورانية المتفقة مع الدورية الانسحابية بتجديد مقدار الزاوية وعدد المرات n التي يحل الشكل البلوري فيها محل نفسه عند الدوران حول المحور دورة كاملة (أي 360ْ درجة)، وذلك بالعلاقة:  n=360/α  

ويشير الرقم n إلى مرتبة محور التناظر.

ومرتبة محاور التناظر في البلورات يمكن أن تكون من المرتبة الثانية (diad) two-fold أو المرتبة الثالثة (triad) three-fold أو المرتبة الرابعة (tetrad) four-fold أو الدرجة السادسة (hexad) six-fold. ويرمز لمحور التناظر الدوراني بالحرف L ولمرتبته برقم صغير يوضع في أسفل الحرف إلى يمينه. ويضاف إلى يسار الرمز عدد هذه المحاور (مثال 3L2) لتناظرات المكعب.

ويرمز لمستوي التناظر بالحرف P. أما مركز التناظر هو نقطة داخل الشكل البلوري إذا انعكست فيها جميع نقاطه حل الشكل محل نفسه أو اتخذ وضعاً مماثلاً لوضعه قبل الانعكاس. فيرمز له بـ C.    

الأنظمة البلورية

تصنف البلورات تبعاً لثوابتها الهندسية وعناصر التناظر فيها، في سبعة أنظمة بلورية (انظر الجدول ـ1).         

فالنظام ثلاثي الميل Triclinic System الذي سُمِّي بذلك لوجود ثلاث زوايا مائلة بين أضلاع متوازي وجوه الشبكات الأولية في البنية الفراغية لبلوراتها. ويتضمن هذا النظام محور تناظر L1. يتميز النظام وحيد الميل بوجود محور تناظر من الدرجة الثانية L2. أما النظام المعيني القائم orthorhombic system الذي سمِّي بذلك لاتخاذ بلورات هذا النظام أشكالاً تكون فيها المقاطع العمودية على المحاور التناظرية الثنائية معينية الشكل، ولكون الزوايا الكائنة فيما بين أضلاع متوازيات الوجوه في بنيتها الفراغية قائمة. يتميز بوجود ثلاثة محاور تناظر من الدرجة الثانية 3L2 وهكذا بالنسبة لبقية الأنظمة البلورية حتى النظام المكعبي الذي يتميز بأكبر عدد من العناصر التناظرية المبينة في الشكل 6 مع رموزها.

وتصنف الأنظمة البلورية أيضاً في ثلاث زمر بلورية (أو تناظرية)، تتمتع بلورات كل زمرة منها بصفات هندسية (تناظرية) مشتركة ترتبط بها صفات فيزيائية عامة محددة وضوئية خاصة.

الزمرة الدنيا lower category: تضم هذه الزمرة الأنظمة البلورية: الثلاثي الميل ووحيد الميل والمعيني القائم، وتتميز بلوراتها بعدم وجود محاور تناظر أعلى من الدرجة الثانية، وتتصف ضوئياً بدالة قرينة انكسار ضوئية ثنائية المحور الضوئي biaxial indicatrix أي تتغير قرينة انكسارها بتغير اتجاه انتشار الضوء وبوجود محاور تقابل نهايات في قرائن الانكسار الرئيسية.

الزمرة الوسطى: middle categery تضم الأنظمة البلورية: الثلاثي والرباعي والسداسي، وتتصف ضوئياً بدالة ضوئية وحيدة المحور الضوئي uniaxial indicatrix، ينطبق محورها الضوئي دوماً على المحور التناظري الرئيسي في بلوراتها.

الزمر العليا: higher category تضم هذه الزمرة النظام البلوري المكعبي فقط، وتتصف ضوئياً بدالة ضوئية كروية، أي إن بلوراتها تتصف بأنها متماثلة المناحي isotropic.

التلاصقات البلورية

لدى دراسة البلورات الفلزية المتوافرة في الطبيعة، تبين أنها نادراً ما تكون منفردة، وهي تشاهد عادة على شكل تجمعات متلاصقة فيما بينها. وتحدث عمليات التلاصق macle بالمصادفة عند تماس البلورات الناشئة من التركيب والبنية نفسيهما في أوساط النمو وفق اتجاهات عشوائية أو عند النمو موجَّهة بحسب نظم وقوانين محدَّدة، ويحدث التلاصق أيضاً عند انتقال البلورات من نظام بلوري إلى آخر نتيجة عدم الاستقرار؛ وقد يتم التلاصق بين بلورات من فلزين مختلفين أو أكثر. وتبعاً لذلك يكون التلاصق غير نظامي أو نظامياً أو  متعدد الأشكال أو تقيُّلياً epitaxic.

ـ التلاصقات غير النظامية: وتحدث عادة في الأوساط السريعة التبلور أو غير المستقرة، فتحدث تجمعات تتوضع ضمنها البلورات عشوائياً وتؤلف ما يدعى بالمجموعات البلورية؛ حيث تكون الالتصاقات فيما بين بلوراتها ضعيفة، وقد تكون مؤلفة من فلز أو عدة فلزات.

ـ التلاصقات النظامية: وتحدث عادة بين بلورات من التركيب والبنية نفسيهما في أوساط مستقرة وهادئة بعض الشيء. وتلتصق البلورات في هذه الحالة وفق توجهات محددة بعضها بالنسبة إلى بعض، ويكون تلاصقها إلى جوار بعضها إما على التوازي المتماثل (أو ما يقارب التوازي) أو وفق توجهات متباينة ومحددة بقوانين ناظمة. وتبعاً لذلك  يفرَّق في التلاصقات النظامية ما بين تلاصقات متوازية وتلاصقات متوأمة.

ـ التلاصقات المتعددة الأشكال (البوليمورفية): تحدث هذه التلاصقات حين تنتقل بلورات فلزٍ ما جزئياً من بنية بلورية إلى بنية أخرى مغايرة مع الاحتفاظ بالتركيب والشكل الخارجي نفسيهما، نتيجة عدم استقرار البنية الأولى في شروط جديدة من الضغط والحرارة، مثال ذلك انتقال بتا ـ كوارتز b-Quartz السداسي العالي درجة الحرارة جزئياً إلى ألفا ـ كوارتز a-Quartz الثلاثي المنخفض درجة الحرارة، ولا يشكل الأخير بلورات منفردة أو تجمعات بلورية غير موجهة بل يشكل توائم موجهة ذات سطوح التصاق متعرجة أو متدرجة أو معقدة، وفي هذه الحالة لا يتغير الشكل الخارجي للكوارتز السداسي الأولي ولا تركيبه.

ـ التلاصقات التَقَيُلية (الإبيتاكسية epitaxy): لا تقتصر الالتصاقات النظامية على البلورات من التركيب والبنية نفسيهما أي من الفلز نفسه، بل هناك أمثلة كثيرة تحدث فيها توأمية نظامية فيما بين بلورات مختلفة ومتباينة من حيث التركيب الكيمياوي والبنية الداخلية (أي من فلزات مختلفة). ويتحقق الالتصاق فيها حسب سطوح تُقابل في البلورات الملتصقة شبكات مستوية متشابهة في المسافات العقيدية والزوايا بين الصفوف الشبكية. وتعطي مثل هذه الالتصاقات توائم سميت بالتوائم التَقَيُلِيّة (أو الإيبتاكسية). ومن الأمثلة المشهورة في هذا الصدد: التوأمية الحاصلة بين بلورات الموسكوفيت mouscuvite الوحيدة الميل وبلورات يود البوتاسيوم المكعبي.

 

غالب سيدا

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

البلورات بالتصوير الشعاعي (دراسة ـ).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد غالب سيدا، علم البلورات (جامعة دمشق 1983).

ـ محمد غالب سيدا، علم الفلزات (جامعة دمشق 1981).

- Prof Paul F.Kerr, Optical Mineralogy 4th ed. (Mc Graw-Hill 1983).

- M.H.Battey, Mineralogy for Students 2nd ed. (Longman 1981).


التصنيف : علم طبقات الأرض و علوم البحار
النوع : علوم
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 326
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 606
الكل : 31870389
اليوم : 69932

العمونانيات

العمونانيات   دعيت هذه المجموعة المنقرضة من المستحاثات بالعمونانيات Ammonoids لشبه أحد أنواعها المجهّز بقوقعة ملتفة على شكل قرن الكبش، بقرن عمون horn of Ammon ومنه أتت الكلمة عموناني التي تعني اللاحقة -oid شبيه الشيء، وتقابلها بالعربية (اني)؛ أي الألف والنون والياء. ومع ذلك يعرّب بعض علماء المستحاثات اسم هذه المجموعة بالأمونانيات.
المزيد »