logo

logo

logo

logo

logo

العراق (التاريخ الحديث والمعاصر)

عراق (تاريخ حديث معاصر)

Iraq - Iraq

العراق (التاريخ الحديث والمعاصر)

 

بلغ الصراع أشده مطلع القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي بين ثلاث قوى إسلامية بهدف السيطرة على الوطن العربي، وهذه القوى هي: العثمانيون والمماليك والصفويون، وقد حُسم هذا الصراع بانتصار العثمانيين على الصفويين الشيعة في موقعة جالديران سنة 920هـ/1514م، وعلى المماليك السنة في موقعة مرج دابق سنة 922هـ/1516م، والقضاء على دولتهم بدخول السلطان سليم الأول إلى القاهرة سنة 923هـ/1517م ليبدأ الوطن العربي ـ والعراق جزء منه ـ مسيرته التاريخية الحديثة والمعاصرة ضمن فترتين متميزتين هما الحقبة العثمانية والحقبة المعاصرة:

ـ العراق في الحقبة العثمانية (1534ـ 1918): كان العراق يخضع للسيطرة الصفوية، وفي أعقاب هزيمة الشاه إسماعيل في جالديران استغل أحد الزعماء المحليين (ذو الفقار) تلك الهزيمة، فثار في بغداد وأعلن دخوله في طاعة العثمانيين، وحينما تولى السلطان سليمان القانوني الحكم بعد وفاة أبيه سليم سنة 926هـ/1519م أمر أحد قادته بالتوجه إلى العراق فأخضع شماله، وقدّم الأمراء المحليون فروض الطاعة للسلطان الجديد الذي لحق بقائده، واتجه الاثنان إلى بغداد فدخلاها في جمادى الثانية 941هـ كانون الأول/ديسمبر 1534م، وسط مظاهر من الحفاوة الشعبية. وقام السلطان بزيارة الأماكن المقدسة الشيعية والسنية وأمر بإعادة ترميم ما تهدم منها، مما كان له أطيب الأثر في نفوس الجميع، وفي الوقت نفسه وفد إليه زعماء القبائل من جنوبي البلاد وغربيها لتهنئته وتقديم الولاء للدولة العثمانية، ومن بين هؤلاء راشد بن مغامس أمير البصرة، فأصبح العراق برمته جزءاً من الدولة العثمانية، وقُسِّم إلى ثلاث ولايات هي: ولاية شهرزور التي عدلت فيما بعد لتصبح مكانها ولاية الموصل، وولاية بغداد وولاية البصرة، وكل ولاية من هذه الولايات قسمت إلى عدد من الصناجق تبعاً للظروف السياسية والعسكرية التي كان يمر بها العراق في المرحلة العثمانية، غير أن أعمال التمرد والعنف لم تهدأ بين بعض الأسر المحلية التي أبقاها العثمانيون بموقع السلطة، كأسرة آل مغامس وآل عليان وآل قشعم، التي انتهى نفوذها في الجنوب بظهور قبيلة المنتفق، في حين شهدت مناطق الشمال انقسامات حادة بين بعض زعمائه من الكرد بتحريض من العناصر التركمانية والصفوية، ولم يتمكن العثمانيون من القضاء على هذه المظاهر إلا بصعوبة بالغة بسبب حصانة مواقع المتمردين ووعورة المسالك الجبلية، ثم استقرت الأوضاع بعض الشيء بقية القرن السادس عشر، لينعم العراق بالهدوء النسبي، مما مكّّن بعض الولاة من تنظيم شؤونه وإنجاز بعض الأعمال ذات النفع العام، كبناء الخانات والمساجد والتكايا وإنشاء الأسواق التي يدل وجودها على ازدهار الحالة الاقتصادية في بغداد.

ظهرت في القرن السابع عشر في بلاد العراق أعمال عنف وتمرد أخرى على يد بعض رؤساء الطوائف العسكرية المحلية، كتلك التي قام بها عبد الحليم يازجي في نواحي سيواس، والبلوك باشي (قائد الفيلق) محمد بن أحمد الطويل في بغداد، وجميعها جاءت رداً على فساد الإدارة العثمانية وعسف بعض الولاة. على أن أخطر هذه الأحداث كانت ثورة بكر الصوباشي (مدير الشرطة) الذي سيطر على بغداد سنة 1032هـ/1622م وألحق الهزيمة بعدد من ولاة الدولة العثمانية، وحينما وجه إليه السلطان مراد الرابع جيشاً كبيراً على رأسه والي ديار بكر أحمد باشا الحافظ، لجأ بكر الصوباشي إلى الاستعانة بالشاه عباس الصفوي الذي استغل هذه المناسبة واحتل بغداد، ثم دخل كركوك والموصل في الشمال، وسيطر على البصرة في الجنوب، مما جعل السلطان مراد الرابع يقود الجيش بنفسه هذه المرة عام 1048هـ/1639م، ويتجه به إلى العراق. وبعد حصار دام أكثر من أربعين يوماً دخل بغداد عنوة، ومرة ثانية دخل العراق تحت السيطرة العثمانية ليستمر هذه المرة حتى الحرب العالمية الأولى. وقام العثمانيون بإعادة بناء ما تهدم من المباني والمشاهد في أثناء الحكم الصفوي، كما اهتم الولاة المتعاقبون بفرض السيادة العثمانية والقضاء على أسرة آل أفراسياب التي كانت تهيمن على البصرة، في نهاية القرن السابع عشر.

مع بداية القرن الثامن عشر تولى على بغداد حسن باشا مؤسس الأسرة المملوكية التي حكمت العراق حتى منتصف القرن التاسع عشر تقريباً، وفي عهده وعهد ولده أحمد، استقرت الأوضاع في البلاد مما أتاح الفرصة أمام من حكم العراق من مماليكهما ليقوموا ببعض الإصلاحات في جهاز الإدارة سواء على مستوى الديوان أم الخزينة إلى جانب العناية بالأوضاع المعيشية عموماً، عن طريق تنمية الموارد وإلغاء الضرائب واستقرار الأمن بإحكام السيطرة في المناطق المتمردة في الشمال والجنوب بالوسائل السلمية، ومن أشهر ولاة هذه الفترة سليمان باشا الكبير (بيوك سليمان باشا) الذي بقي في منصبه نحو 22سنة، انتهت بوفاته سنة 1217هـ/1802م، وامتدت سلطته من ماردين إلى الخليج العربي، وفي عهده  قضي على تمرد قبائل المنتفق بزعامة شيخهم ثويني، وصُدّت هجمات الوهابيين الذين كانوا يغيرون على العراق بين الحين والآخر، إضافة إلى قيامه بإصلاحات داخلية على مستوى الإدارة والاقتصاد والعمران، وكان آخر من تولى على العراق من هذه الطائفة داود باشا الكرجي الذي امتدت ولايته من سنة 1232هـ/1816م حتى 1247هـ/1831م، وفي عهده شهد العراق حرباً جديدة مع فارس بتحريض من الدولة الروسية، انتهت بمعاهدة أرضروم (1239هـ/1823م) التي اتفق فيها على ترسيم الحدود ما بين الدولتين الصفوية والعثمانية. أما على مستوى الإصلاح فقد ألغيت الانكشارية في بغداد على غرار ما قام به السلطان محمود الثاني بالواقعة الخيرية في اصطنبول عام 1242هـ/1826م، وأصبح الجيش الجديد أكثر ولاء لداود باشا، وزاد في عهده الاتصال بأوربا بفضل الأنشطة التجارية، ممثلة بشركتي الهند البريطانية والفرنسية، واستعان هذا الوالي ببعض الخبراء الفرنسيين لتدريب جيشه الذي بلغ نحو20 ألف جندي، ومنهم ديڤو Devaux مساعد نابليون السابق. ومن المآثر العمرانية التي أنشئت في عهده السوق والقصر المنسوبين إليه وشجع داود باشا العلماء وقرّبهم من مجلسه، وفي طليعتهم الشيخ رسول الكركوكلي صاحب كتاب «دوحة الوزراء في تاريخ وقائع بغداد الزوراء». ولاتساع نفوذ هذا الوالي وشهرته، خاف السلطان محمود أن يصبح العراق تحت نفوذ «محمد علي» آخر، ولاسيما وأن داود كان قد طلب من السلطان أن يضم إليه ولاية الموصل، لذلك وجه إليه حملة عسكرية بقيادة صادق أفندي الدفتردار الذي سيطر على بغداد واقتاد داوود إلى العاصمة اصطنبول، وقضي على نفوذ المماليك في الوقت الذي تمكنت فيه الدولة من القضاء على حكم أسرة آل الجليلي في الموصل التي حكمت تلك الولاية قرابة قرن كامل.

استقرت الأوضاع في العراق بعض الشيء في منتصف القرن التاسع عشر، باستثناء بعض الفترات، كان فيها الكرد في الشمال وبعض قبائل العرب في الوسط والجنوب، يتمردون فيها على الدولة بسبب مظالم بعض الولاة (نجيب باشا ونامق باشا). غير أن العراق صار مسرحاً للصراع الحاد والتنافس المحموم ما بين الدول الاستعمارية ( فرنساـ بريطانياـ روسيا) الطامعة بخيراته وموارده من جهة وبموقعه المهم من جهة أخرى، وكانت الغلبة بنهاية الأمر لبريطانيا التي قامت في هذه الآونة بتسيير بعض البواخر والسفن في نهري دجلة والفرات، لنقل البضائع والمسافرين بوساطة شركة لينتش Lentish التي هيمنت على وسائط النقل النهري إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى. من جهة أخرى اتفقت الحكومة العثمانية مع حكومة بالمرستون Palmerston الإنكليزية على مد خط برقي على طول نهر الفرات، وأصبحت المقيمية البريطانية مركزاً للنشاط البريطاني في بغداد إلى جانب مقيمية أخرى في الموصل اهتمت بالتنقيب عن الآثار، وثالثة في البصرة هدفها دراسة الأوضاع الدينية والاقتصادية والسياسية بحكم صلتها المباشرة بالهند عبر الخليج، وكانت البصرة قد تحولت في هذه الفترة إلى متسلمية تابعة لولاية بغداد، وكذلك تضاءلت أهمية ولاية الموصل لتصبح هي الأخرى ومعها شهرزور تحت الإشراف المباشر لوالي بغداد، أما الفرنسيون فقد انحصر نشاطهم في مجال التبشير الكاثوليكي لدى النساطرة والكلدان والسريان واليعاقبة، ولكن جهودهم باءت بالإخفاق للمقاومة التي أبداها مسلمو العراق ومسيحيوه على حد سواء.

تولى الحكم في بغداد حتى الانقلاب الدستوري ما يزيد على ستة عشر والياً، وكان من أبرزهم مدحت باشا الذي أسندت إليه ولاية بغداد سنة 1869م، فقام ببعض الإصلاحات المهمة على المستوى الإداري، فأَمر بتشكيل مجلس حكم برئاسته يمثل الشرائح الاجتماعية كافة، واهتم بتوطين القبائل البدوية وكسب دعمها، وأصدر القوانين الخاصة بملكية الأراضي، وأنشأَ الطرق، وشق قنوات الري، وأقام السدود، وأبطل الكثير من الضرائب والرسوم، وعمل على إذابة الفوارق الفكرية والعرقية، وسعى إلى إنشاء المدارس الرشدية والعسكرية والفنية، وأدخل إلى العراق وسائط النقل الحديثة مثل عربة (الكروسة carrosse  والديلجانس diligence) التي بدأت تحل محل الدواب والجمال على الطرق الرئيسية.

مع بداية القرن العشرين تعرضت بلاد العراق إلى ضغوط غربية بسبب المطامع البريطانية، في الوقت الذي أخذت فيه تيارات الثقافة التركية الطورانية تلقي بظلالها على الواقع السياسي والثقافي، الأمر الذي استهدف عروبة العراق فظهرت بعض الجمعيات ذات التوجه القومي، كـ «المنتدى الأدبي»، وشارك عدد من مثقفي العراق في «الجمعية العربية الفتاة» كياسين الهاشمي وجميل المدفعي وناجي السويدي وغيرهم من الضباط الذين أسسوا فيما بعد «جمعية العهد السرية»، وشاركوا في الثورة العربية الكبرى عام 1916م.

ـ العراق في حقبته المعاصرة ( 1918ـ 2005): إن المتتبع لتاريخ العراق يلاحظ أن بريطانيا كانت تخطط لاحتلاله والسيطرة على موارده وموقعه منذ القرن السابع عشر، فبعد سيطرتها على مصر وقناة السويس عام 1882م، ارتأت الحكومات البريطانية المتعاقبة مدَّ سكة حديد تربط مابين ميناءي حيفا والبصرة لمنافسة ألمانيا التي حصلت فيما بعد على إنشاء خط حديد برلين ـ بغداد. وبعد إعلان الحرب العالمية الأولى بأيام بدأت بريطانيا بتنفيذ خطتها للسيطرة على العراق، حينما استولت على البصرة سنة 1914م وبغداد سنة 1917م والموصل سنة 1918م، متجاهلة الوعود التي كانت قد قطعتها على نفسها تجاه العرب، مستغلة نقمتهم على الدولة العثمانية، وجاء نشر إتفاقية سايكس ـ بيكو Sykes - Picot من قبل حكومة الثورة الشيوعية في روسيا، والكشف عن وعد بلفور، ليؤكد خيانة البريطانيين وغدرهم بالأمة العربية، مما أدى إلى اشتعال ما يعرف بثورة العشرين العراقية التي أبدى فيها العراقيون على اختلاف مشاربهم من البسالة والإقدام، ما جعل البريطانيين يتجهون مرة أخرى إلى الهاشميين، ويعترفون بفيصل ملكاً على العراق، وبعد توليه عرش البلاد قام بتوقيع معاهدة 1922م، التي أقرت الانتداب البريطاني، على الرغم من المعارضة الوطنية، فثار العراقيون مرة ثانية في نيسان 1924م، ولم تهدأ الأوضاع في البلاد إلا بتوقيع معاهدة 1930م التي نصت على الاستقلال.

بعد وفاة الملك فيصل سنة 1933م، تولى العرش ولده غازي، فتصاعدت في أيامه النقمة الشعبية ضد البريطانين والموالين لهم من رجال الحكومة، فوقع انقلاب بكر صدقي سنة 1936م، وتولى الوزارة حكمت سليمان، بيد أن بكر صدقي قتل بعد مدة قصيرة من حركته، ولحق به الملك غازي، إثر حادث سيارة غامض، فتولى الوصاية على العرش الأمير عبد الإله بن علي[ر] (1912ـ 1958م) ليكتمل به وبرئيس الوزراء نوري السعيد[ر] (1888ـ 1958م) مشهد العراق الخاضع للإملاءات البريطانية، ومرة ثانية اندلعت ثورة وطنية بقيادة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، انتهت بهروب قائدها وتنفيذ أحكام الإعدام بالعديد من رجالها الوطنيين.

كُلف نوري السعيد تشكيل الوزارة عدة مرات حتى عام 1958م، وشهد العراق فـي أثنائها العديد من الثورات والانتفاضات الشعبية، كـانتفاضة كـركـوك (1947)، ووثبة كانون الثاني/يناير 1948م، وانتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 1952، وانتفاضة 1956، مهدت جميعها لقيام الجيش العراقي بثورته صبيحة 14 تموز/ يوليو 1958، التي وضعت نهاية للحكم الملكي بإعلان النظام الجمهوري، وعاد العراق ليأخذ دوره العربي بتحقيق إلغاء القواعد الأجنبية والانسحاب من حلف بغداد وإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية ووضع دستور جديد للبلاد، يكفل للجميع ممارسة الحقوق وتأدية الواجبات ضمن الأطر الديمقراطية، غير أن الزعيم (العميد) عبد الكريم قاسم رئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس الوزراء انفرد بالحكم، وأخذ يبتعد عن المسار القومي والأهداف التي قامت من أجلها ثورة تموز، فنشأت بينه وبين القوى الوطنية الأخرى خلافات حادة جعلته ينقلب على شركائه في الثورة، معتمداً على بعض العناصر الشيوعية، مما دعا إلى التفكير بالتخلص من دكتاتوريته في الوقت الذي كانت فيه بعض العناصر المشبوهة شمالي العراق تلقي بظلالها على مجرى الحياة السياسية، وخوفاً من ضياع مكتسبات ثورة تموز وحرصاً على الأهداف التي قامت من أجلها، تحرك الجيش العراقي ليلة 8 شباط/فبراير 1963م بقيادة مجموعة من الضباط القوميين يتقدمهم عبد السلام عارف[ر] الذي سيطر على مقاليد الأمور، وشرع بعد أن تولى منصب رئاسة الجمهورية، بإجراء مفاوضات مع القيادتين السورية والمصرية بهدف إقامة وحدة تضم الأقطار الثلاثة في دولة واحدة، ومع أن هذه الخطوة لم يكتب لها النجاح فإن عارف أمّم بعض الشركات، وفي مقدمتها شركة نفط العراق، وأبرم إتفاقاً مع الأكراد في الشمال لوقف إطلاق النار، ووقع مع مصر بعض المعاهدات الاقتصادية والعسكرية، غير أن هذه العلاقة بدأت بالتراجع بسبب اعتماد عارف على بعض رموز الطبقة البرجوازية المحافظة التي كانت تبدي مخاوفها من سياسات مصر ذات الطابع القومي والاشتراكي، وخاصة بعد حركة الانقلاب الفاشلة التي قام بها عارف عبد الرزاق سنة 1965، فتراجع عارف عن بعض المواقف قبل أن يلقى حتفه في حادث طائرة عام 1965م.

تولى أخوه عبد الرحمن رئاسة الجمهورية من بعده، فاتسع، في فترة حكمه القصيرة، نطاق المعارضة مما أدى إلى الإطاحة به في 30 تموز/ يوليو سنة 1968م وتمكنت عناصر حزب البعث من تولي القيادة وأصبح أحمد حسن البكر رئيساً للجمهورية وصدام حسين نائباً له، ووضع دستور جديد عام 1970م، حُدد فيه هوية النظام السياسي، ونص على أن الشعب العراقي يتكون من قوميتين رئيسيتين عربية وكردية.

أسهمت حكومة البكر في إبرام اتفاقية الجزائر حول مسألة الحدود مع إيران، وبدأت صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين أثرّت إيجابياً في وضع شمالي العراق، وفي عام 1979م أعلن في بغداد تنحي أحمد حسن البكر لمصلحة نائبه صدام حسين، الذي وجد في إقدام أنور السادات على إبرام اتفاق منفرد مع إسرائيل انهياراً عربياً وشيكاً في وجه الأطماع الصهيونية، فعمد إلى اتباع استراتيجية تستهدف بناء الجبهة الشرقية لتكون بديلاً للمواجهة، إذا ماتم تحييد مصر، بيد أن تعثر العلاقات مع إيران ـ التي لم تكن القوى الإستعمارية والصهيونية بريئة من تأزيمها ـ أدى إلى اشتعال ما يعرف بحرب الخليج الأولى بين العراق وإيران التي استمرت نحو ثماني سنوات، استنزفت موارد البلدين، وكان من أخطر نتائجها توتر العلاقات مابين العراق والكويت في ظل قراءة خاطئة للمتغيرات الدولية، بدأت بخلاف حول أسعار النفط وحصص الإنتاج وانتهت بمطالبة العراق بحقه التاريخي في الكويت، واجتاحت القوات العراقية أرض الكويت عام 1990م، الأمر الذي كانت تنتظر حدوثه القوى الاستعمارية للسطو على العراق الذي أصبح منذ ذلك التاريخ رهناً لقرارات دولية صيغت في الدوائر الاستعمارية، استهدفت التدخل بشؤونه العسكرية والسياسية، إلى أن احتل سنة 2003م من قبل القوات الأمريكية والبريطانية بذرائع وادعاءات كاذبة أثبت الواقع أنها كانت محض خطط، هدفها عزل العراق عن محيطه العربي والقضاء على أي مواجهة عربية للمخطط الصهيوني على المدى البعيد.

مصطفى الخطيب

 

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1007
الكل : 56535762
اليوم : 43418

الجثة (فتح-)

المزيد »