logo

logo

logo

logo

logo

القاهرة

قاهره

Cairo - Caire

القاهرة

 

القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية وأكبر مدنها، بل أكبر مدن القارة الإفريقية كلها، فقد بلغ عدد سكان القاهرة الكبرى 11.146000 نسمة عام 2003، وهي تقع على الضفة اليمنى لنهر النيل، عند رأس الدلتا، قبل تفرعه إلى فرعين رئيسين: رشيد ودمياط، بنحو 14 كيلومتراً.

ترجع أهمية موقع المدينة عند رأس الدلتا إلى عهود قديمة، فهو يؤكد الصلة بين الدلتا ومصر العليا من جهة، وبين الهضبتين الشرقية والغربية من جهة أخرى، وقبيل رأس الدلتا، تبتعد الحافة الغربية للهضبة الشرقية رويداً رويداً نحو الشرق، تاركة منطقة سهلية واسعة نوعاً ما، نشأت فيها القاهرة وتطورت وازدهرت واتسعت مساحتها على مر العصور.

نشأت القاهرة على أنقاض مدن أخرى، سبقتها إلى الوجود عند رأس الدلتا، فقد نشأت ممفيس أولاً، في عهد الأسرات المصرية القديمة على الضفة الغربية للنيل، ثم تلتها بابليون في العهد الإغريقي الروماني، على الضفة الشرقية للنيل، وذلك حينما ازدادت الصلات بين مصر وحوض البحر المتوسط من جهة، وبينها وبين حوض البحر الأحمر من جهة ثانية.

قامت بابليون على الضفة الشرقية للنيل، فوق المدرجات السفلى لجبل المقطم أولاً، حيث تبتعد الهضبة عن النيل لمسافة تسمح بنشأة ميناء المدينة النهري، وما يتصل بذلك من أسواق، أما المدينة الرئيسة فقد كانت تقع فوق المقطم، لكونها مدينة عسكرية.

وفي العصر العربي، شيَّد عمرو بن العاص مدينة الفسطاط عام 18هـ/639م، في المنطقة المتسعة الواقعة بين النيل وجبل المقطم، إلى الشمال من بابليون، على الضفة الأخرى من مدينة ممفيس التاريخية (وهي إمبابة اليوم).

منطقة المدافن في القاهرة القديمة

وحينما تولى العباسيون الحكم شيدوا مدينة العَسْكَر (أو عسكر مصر)، إلى الشمال من الفسطاط، وقد سُميت بذلك لأن عسكر صالح بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي، وعبد الله بن يزيد، مولى هناءة، نزلا هناك في سنة 133هـ/750م، فسمي المكان بالعسكر إلى اليوم.

وفي عام 257هـ/870م أنشأ أحمد بن طولون مدينة القطائع على قطعة من الأرض، تقع بين مدينة الفسطاط وجبل المقطم، وقسمها إلى أحياء متعددة، منها حي اليونان والسيدة..وغيرها، وكان جامع ابن طولون أهم معالم المدينة الجديدة.

وفي العصر الفاطمي، بنى جوهر الصقلي القاهرة المعزّية (أو كما تعرف باسم المنصورية) في عام 359هـ/969م، إلى الشمال من القطائع والعسكر، بين الخليج والدرّاسة التي تتصل كذلك بالمقطم. وقد رغب في فصل القاهرة عن المدن السابقة؛ لاختلاف مذهب الدولة الفاطمية الديني، وحصَّن القاهرة بسور خاص، وبنى الأزهر لنشر المذهب الفاطمي ومنافسة جامع عمرو بن العاص في الفسطاط.

وفي عهد صلاح الدين الأيوبي عام 567هـ/1171م بدأت المرحلة الثانية من حياة القاهرة، إذ صارت مدينة للجميع، بعد أن كانت مدينة صغيرة خاصة بالسلطان وجنده وحاشيته، وغدت في أوائل القرن الثالث عشر أكبر كثيراً مما كانت عليه أيام الفاطميين، ولها سور عظيم من الحجر يربطها بمرفئها على النيل، ولها قلعة تشرف عليها من علٍ وتحرسها من الصليبيين.

وبلغت القاهرة غاية ازدهارها في القسم الأكبر من عهد المماليك، وأضحت أكبر عاصمة إسلامية، وافرة التألق والثراء، في القرن الثالث عشر والنصف الأول من القرن الرابع عشر. وازدهرت أيام المماليك صناعة الأسلحة وأدوات الحرب، وبناء السفن وصناعة المنسوجات الحريرية المطرزة، والفرش والخيام والسّروج، والأواني النحاسية والزجاجية والورق والتحف الخشبية، وهذا فضلاً عن الصناعات الغذائية وصناعة الأواني الفخارية.

ولم تكن رسالة القاهرة الثقافية أقل من دورها التجاري أو الصناعي، فمنذ النشأة الأولى، عقدت للأزهر الزعامة الثقافية والعلمية على جامع عمرو في الفسطاط، وجامع ابن طولون في القطائع وغيرهما من الجوامع والمعاهد التي ظهرت في العصر الإسلامي الأول، ولاعجب، فقد كان الأزهر حينذاك مركز الدعوة الشيعية في العالم الإسلامي، ثم تحولت هذه الجامعة الشيعية إلى جامعة سنيّة منذ أيام صلاح الدين.

ويمكن القول: إن اتساع رقعة المدينة في المئة سنة التي سبقت الحرب العالمية الثانية كان أعظم مما عرفته المدينة طوال حياتها السابقة، وإن اتساع رقعتها في ربع القرن الذي أعقب ثورة تموز 1952، فاق في حدوده كل نمو أصابها في الفترة بين عامي 1850ـ 1950، فقد امتدت حدود المدينة بين حلوان في الجنوب وشبرا الخيمة في الشمال، وبين تلال المقطم في الشرق وربوة الأهرام في الغرب.

أبنية القاهرة الحديثة على نهر النيل

وكانت معظم الأحياء القديمة، التي ترجع إلى ما قبل القرن التاسع عشر، تقوم قريبة من المقطم على أرض عالية نسبياً، وهناك أحياء أخرى قديمة تقع بجوار النيل أو قريبة منه، منها مصر القديمة (التي تقوم على أنقاض الفسطاط) وأجزاء من حي بولاق وشبرا الخيمة وإمبابة والجيزة.

وعلى مقربة من هذه الأحياء القديمة، أخذت القاهرة الحديثة في الظهور، ولعل أقدم الأحياء التي ظهرت في الفترة بين عامي 1880ـ1930 هي أحياء الأزبكية والتوفيقية والإسماعيلية، وهذه الأحياء كوّنت قلب المدينة التجاري في ذلك الوقت, وهي اليوم تمثل هوامش القلب. ونحو الجنوب ظهر حيّا غاردن سيتي وقصر الدوبارة، وهما من الأحياء السكنية الراقية.

وكان لموجة المدّ السكاني التي شهدتها العاصمة في أعقاب الاستقلال آثارها في نمو المدينة وامتداداتها، فقد ظهرت أحياء شعبية وأخرى راقية، امتدت الشعبية منها (باب اللوق وعابدين والروضة وبولاق وشبرا الخيمة) إلى الجنوب والشمال من قلب المدينة، في حين ظهرت الأحياء الراقية (مصر الجديدة والزمالك والعجوزة والدقيّ والمعادي) بعيداً عن المدينة الأصلية.

ومع النمو الأفقي الموجّه نحو الغرب والشمال، أعادت المدينة تنظيم استخدامات الأرض فيها، فهاجر القلب التجاري المركزي في مطلع القرن العشرين من النواة القديمة (الأزهر والموسكي) إلى العتبة والأزبكية، ثم تابع المركز هجرته حتى احتوى ميدان التحرير الذي تحوّل إلى بقعة جذب رئيسة في هذا القلب، تموج بالحركة وتزخر بالنشاط، بفضل ما يقوم حوله من مؤسسات ومراكز خدمات وفنادق وشركات.

أهم الوظائف واستخدامات الأرض

تؤدي التجارة دوراً أساسياً في حياة القاهرة الاقتصادية، ويتعدى مجال التجارة المركزية فيها حدود المدينة فبينما تجنح تجارة الجملة إلى الأطراف والهوامش، حيث المكان أرحب وقيمة الأرض منخفضة، فإن تجارة التجزئة تحتل نواة المنطقة التجارية (شوارع 26 يوليو وعماد الدين وقصر النيل وغيرها).

والقاهرة هي قلعة مصر الصناعية، تقوم فيها وحولها كل الصناعات، من البسيطة إلى الثقيلة العصرية. وإذا ما نُظر في توزيع الصناعات في هذه المدينة وجد منطقتان قديمتان، واحدة تتمركز خلف القاهرة القديمة (الجمالية والدرب الأحمر ومصر القديمة)، والأخرى تتمركز على الضفة الغربية للنيل في بولاق والسبتية.

أما الصناعات الثقيلة العصرية، فهي تتمركز في منطقتين أيضاً، واحدة شمالية والأخرى جنوبية. وبدأت الشمالية في أوائل هذا القرن في شبرا الخيمة، حيث قامت مصانع الغزل ونسج القطن وصنع خيوط التريكو والجوارب وطحن الحبوب، ولكن ما لبثت أن زحفت زحفاً سريعاً نحو الشمال والجنوب في النصف الثاني من القرن الماضي، فتعدّت حدود محافظة القليوبية في الشمال، واحتوت حي شبرا المظلات وشبرا البلد، بل يمكن أن تُعدّ منطقة إمبابة الصناعية امتداداً لها عبر النهر. أما القطب الصناعي في الجنوب، فهو الأحدث، فقد نشأ في أواخر الخمسينات في منطقة حلوان، ليكون فيما بعد قلعة لصناعة الحديد والصلب.

وعن أهم الخدمات، تأتي الإدارة في المقدمة، فالقاهرة أصلاً، فضلاً عن كونها عاصمة تتصف بمركزية طاغية، فهي قلب مصر ورأسها المدبر، وتتمركز أغلب المؤسسات الإدارية فيها، غير بعيدة عن المنطقة التجارية المركزية في الناحية الجنوبية والجنوبية الغربية من المدينة، فهي تتراص في مساحات ضيقة، يحدها شارع القصر العيني في الغرب، وخط حلوان الحديدي في الشرق، وميدان التحرير في الشمال، والمبتديان في الجنوب. وعبر شارع القصر العيني، وفي مواجهة الوزارات، يقوم عديد من السفارات والقنصليات، يضمها حي غاردن سيتي وقسم من قصر الدوبارة.

الوظيفة التعليمية والثقافية:

في القاهرة ثلاث جامعات، تقع اثنتان منها على أطراف المدينة في الشمال والغرب (جامعة عين شمس وجامعة القاهرة)، أما الثالثة (جامعة الأزهر) فهي بحكم تاريخها، تقع في أقصى الشرق، في المدينة القديمة المكتظة بسكانها. هذا إضافة إلى عشرات المعاهد العالية: نظرية وفنية وعسكرية، تقع على مقربة من مواقع العمل، ويكمل الهرم التعليمي بضعة آلاف من المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، تتوزع في الأحياء السكنية. والقاهرة فوق ذلك مركز دور نشر شهيرة وإذاعات وفضائيات نشطة وصحافة عريقة.

ولايقل تركيز الخدمات الطبية في القاهرة عن التعليمية والثقافية؛ ففيها أعظم حشد من الأطباء على مستوى الجمهورية، وتمتد خدمات مستشفياتها المتخصصة لتشمل كل الدولة تقريباً.

والقاهرة محظوظة أيضاً لكثرة ما تحتويه من متاحف ومسارح ودور للسينما وأندية للرياضة وصالات للعرض وفنادق، ويقع أكبر تجمع للفنادق الممتازة والمسارح ودور السينما في المنطقة المركزية وعلى مقربة منها، في حين تسعى أغلب الأندية الرياضية إلى احتلال الأطراف حيث الهواء الطلق والمكان الرحب.

ويمكن تصنيف الأحياء السكنية عامة إلى أحياء فقيرة ومتوسطة وراقية، لكل منها مكانة من رقعة المدينة؛ فالأحياء الفقيرة تمتد في أقصى الجنوب مثل أحياء بندر الجيزة ومصر القديمة والمدابغ حتى البغالة، وتحتل أبعد نطاق في الشرق والشمال، كما أن لها ما يمثلها في الوسط، ومن الجهة الشرقية أحياء الخليفة والحسينية إضافة إلى الدرب الأحمر والجمالية، ومن الشمالية امتدادات شبرا الخيمة الشمالية وإمبابة في الجهة المقابلة من النهر، ويمثل الوسط بولاق والسبتية، وأغلب السكان هنا من طبقة العمال الحرفيين وبعض صغار التجار والموظفين.

وتتميز الأحياء الراقية بأن المساكن لاتختلط بالمتاجر، كما تخلو من معامل الحرفيين. وتتخذ المساكن شكل أبنية عالية حيث تضيق مساحة الأرض ويرتفع ثمنها (مصر الجديدة والمعادي). وغالبية السكان من الطبقة المثقفة الوطنية وميسوري الحال من الطبقة الوسطى.

وبين الأحياء المتواضعة والراقية، تقع أحياء الطبقة الوسطى العادية من موظفين وصغار التجار، ويمثل هذه الأحياء القسم الأكبر من جنوبي حي شبرا، وحي روض الفرج والنطاق الذي يمتد من الفجالة والعباسية شمالاً مروراً بالظاهر والوايلي، إضافة إلى المنيرة وفم الخليج وما حولها من الأحياء المتواضعة في الجنوب الشرقي.

صفوح خير

الموضوعات ذات الصلة:

 

أحمد بن طولون ـ عمرو بن العاص ـ جمهورية مصر العربية ـ النيل (نهر ـ).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد الفتاح محمد وهيبة، جغرافية العمران (منشأة المعارف، الإسكندرية 1975).

ـ محمد السيد غلاب، يسري الجوهري، جغرافية الحضر (منشأة المعارف، الإسكندرية د.ت).

ـ عطيات عبد القادر حمدي، جغرافية العمران (منشأة المعارف، الإسكندرية 1965).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 193
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 504
الكل : 29636661
اليوم : 16671

أبليز

أبلِّيز (نحو 350 - 300 ق.م)   أبلِّيز Apelles مصور إغريقي من مدينة كولوفون Colophon يعدّ، بحسب ما جاء في الكتابات القديمة، من أشهر المصورين الإغريق وأبرعهم. وكان مصور البلاط عند الملك فيليب وابنه الاسكندر المقدوني. قيل عن أسلوب أبلَّيز إنه اتصف برقة خاصة لم يضارعه فيها مصور آخر. بيد أنه لم يصل إلينا أي عمل من أعماله يمكن الاعتماد عليه للحكم على فنه.
المزيد »