logo

logo

logo

logo

logo

كلخو (تل نمرود)

كلخو (تل نمرود)

Kalhu (Nimrud) - Kalhu (Nimrud)

كلَخو (تل نمرود)

 

كانت كلخو (كَلخُ) Kalahu (نمرود حالياً) إحدى العواصم الآشورية الأربع، وقد ورد اسمها في «العهد القديم» بصيغة كالح. تقع على الجانب الشرقي  لنهر دجلة على مسافة 35كم إلى الجنوب من الموصل، والمدينة على شكل شبه منحرف، طوله من الشمال إلى الجنوب 1500م، ومن الشـرق إلى الغرب 1800م. وكان يحيط بها سور لم تزل بقاياه واضحة؛ طوله نحو ثمانية كيلومترات، ومساحة الموضع نحو 360 هكتاراً، وهذا ما يجعلها رابع مدينة في بلاد الرافدين القديمة من ناحية المساحة بعد بابل ونينوى وأوروك.

تنحصر أبرز المعالم في مدينة كَلخ في موضعين رئيسين، أولهما منطقة المنشآت المركزية، في الزاوية الشمالية - الغربية، وثانيهما ما يعرف باسم «حصن شلمنصر» في الزاوية الجنوبية - الشرقية من المدينة، وهو موضع مستودعات السلاح الملكية. ويشغل الموضع الأول ما مساحته عشرين هكتاراً، وهو أعلى أقسام الموقع، ويرتفع ما بين 10 و14م فوق مستوى الأقسام الأخرى. وتحتل بقايا زقورة المدينة الزاوية الشمالية - الغربية من منطقة المنشآت المركزية، ويبلغ ارتفاع هذه البقايا نحو 20م. أما «حصن شلمنصر» فأبعاده تبلغ 350×250م، وهو على شكل تلال يطلق عليها محلياً اسم «تلول العازر» التي يصل أعلى ارتفاع لها إلى 25م.

شهدت المدينة سلسلة طويلة من أعمال الاستكشاف والتحرّي والتنقيب والصيانة الآثارية، ابتدأت منذ عام 1820، حينما قام كلوديوس جيمس ريتش C.J.Rich بزيارة استطلاعية له. تلتها، وعلى امتداد القرن التاسع عشر تقريباً، تنقيبات إنكليزية ثم فرنسية. وابتداء من عام 1949م قام معهد الآثار البريطاني في العراق بالتنقيب في موقع كَلخو، تحت إشراف ماكس ملوان M.Mallowan الذي رافقته في حينها زوجته الروائية المشهورة أغاثا كريستي، ثم قامت بعثات عراقية وبولونية وإيطالية بالعمل في الموقع في الستينات والسبعينيات من القرن العشرين.

لم تقدم التنقيبات الأثرية معلومات واضحة عن الطبقات القديمة، بسبب تركيز الاهتمام على الكشف عن بقايا العصر الآشوري الحديث ومنشآته الضخمة من قصور ومعابد، ولكن هناك دليلاً واضحاً على وجود بقايا في عمق الموقع تعود إلى عصور ما قبل التاريخ. ويستدل من قطع الفخار المكتشفة أن هناك مستوطنات، قامت على أرض الموقع في وقت مبكر من الألف الثالث قبل الميلاد. كما اكتشف المنقبون تحت سطح منطقة المنشآت المركزية بقايا لتابوت حجري يعود تأريخه إلى الألف الثاني ق.م. ولا يوجد في النصوص المسمارية ذكر لاسم مدينة كَلخ قبل القرن الثالث عشر قبل الميلاد. ولكن يعتقد بأنها ذكرت باسم كَِملخُ Kamilkhu في نصوص العصر البابلي القديم.

تشـير النصوص الملكـية الآشـورية إلى أن تأسيـس مـدينة كَلخ الآشـورية تـمّ على يد المـلك شـلمنصر الأول (1274- 1245ق.م)، ولكن إعادة بناء هذه المدينة والبدء بتنفيذ المشروعات العمرانية الضخمة فيها كانت من إنجازات الملك الآشوري آشور- ناصر بال الثاني الذي اتّخذ منها عاصمة له في القرن التاسع ق.م، لتكون بدلاً من العاصمة القديمة آشور (قلعة الشرقاط حالياً). واستمرت كَلخ عاصمة للدولة الآشورية حتى عهد الملك سرجون (صرغون) الثاني قبل أن يبني العاصمة الجديدة دور - شروكين في نهاية القرن الثامن ق.م. وقد بقيت كَلخ مدينة مهمة في العصر الآشوري الحديث حتى تعرضها للتخريب من قبل الميديين والبابليين قبيل سقوط نينوى في عام 612 ق.م. ويبدو أن السكنى استمرت بعد ذلك التأريخ في هذه المدينة، ويذهب بعض الباحثين إلى أن المدينة التي ذكرها زينوفون Xenophon باسم لاريسا Larissa هي كَلخ نفسها. ومن الواضح أن قرية كبيرة قامت على بقايا موقع المدينة في العصور الهلنستية.

كلخو: القلعة وتضم قصر آشور- ناصر بال الثاني ومعابد عشتار ونينورتا

إن أهم البقايا التي كشفت عنها التنقيبات الآثارية في كَلخ هي أبنية القصور والمعابد وحصن شلمنصر الثالث. وقد اكتشفت بقايا لسبعة قصور، أهمها قصر آشور ـ ناصر بال الثاني الذي يتألف من ثلاثة أجنحة كبيرة، وهي الجناح الملكي، الجناح السكني، والجناح الشمالي. ويتضمن الجناح الملكي قاعة العرش وقاعات أخرى زيّنت جدرانها بألواح حجرية ضخمة تحمل مشاهد مختلفة بالنحت البارز مع نصوص مسمارية. ويضم الجناح الشمالي أجنحة إدارية وخدمية ومخازن في حين خصص الجناح السكني لإقامة العائلة المالكة. وقد كشف في العقود الأخيرة عن أضرحة ملكية لأميرات دُفِنّ تحت أرضيات غرف الجناح السكني مع كنوز من الحلي الذهبية والأحجار الكريمة والمواد النفيسة المتنوعة.

وتذكر النصوص الملكية الآشورية وجود تسعة معابد في كَلخ، ولكن التنقيبات لم تكشف حتى اليوم سوى عن أربعة منها. أما حصن شلمنصر الثالث فهو عبارة عن بناء ضخم يتألف من قسمين، يشتمل الجنوبي منهما على قاعة عرش وملحقاتها ومخازن وأجنحة سكنية وغرف استقبال. والقسم الشمالي كان مخصصاً للأغراض الرسمية والعسكرية، ويضم ثكنات ومشاغل وغرف للضباط ومخازن تحيط بثلاث ساحات واسعة.

كشفت في المدينة كميات كبيرة من النصوص المسمارية وقطع فنية من العاج وتماثيل ومنحوتات حجرية مختلفة، فضلاً عن الآنية والمواد الفخارية والمعدنية، ومن بين أهم المكتشفات «المسلة الصفراء» التي نقش عليها الملك آشور- ناصر بال الثاني تفاصيل المراسم والاحتفالات الخاصة بإنجاز تشييد كَلخ، كما كشف عن المئات من القطع العاجية، ومن بينها القطعة النفيسة التي أطلق عليها المنقبون تسمية «موناليزا نمرود»، وكذلك صفائح العاج المركبة بمفاصل، وكانت تطلى بالشمع وتستعمل للكتابة، مما يجعلها أقدم مثال للكتاب في التأريخ، وتعدّ عاجيات نمرود أكبر مجموعة عاجيات تكتشف في أي مدينة من مدن الحضارات القديمة.

نائل حنون

الموضوعات ذات الصلة:

الآشوريون.

مراجع للاستزادة:

- R.D.BARNETT & D.J.WISEMEN, Excavation of Nimrud, 1949 - 53, (British Museum Quarterly, 20, London 1955).

- M.E.L.MALLOWAN, Nimrud and its Remains, 3 vols. (London 1966).

- M.E.L.MALLOWAN, The Nimrud Ivories (London 1978).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 326
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 591
الكل : 31236770
اليوم : 61927

الإلزام

الإلزام   الإلزام Moral Obligation مفهوم أخلاقي يدل على ما ينبغي فعله دون قسر أو إرغام. وهو لا ينشأ عن عقد، بل عن طبيعة الإنسان من حيث هو قادر على الاختيار بين الخير والشر. قد يكون الإلزام الأخلاقي ضرورة متعالية، ذات نظام مثالي، يفرضه العقل على الطبيعة، ويوجب على الإنسان تحقيقه وإن كان غير موجود بالفعل، كالأمر المطلق في فلسفة كَنت [ر] Kant وهو: «الأمر الجازم الذي يتقيد به المرء لذاته، دون النظر إلى ما ينطوي عليه من لذة أو منفعة». وبهذا تكون العلاقة وثيقة بينه وبين حرية الاختيار، لأنه لا معنى للأمر المطلق إذا كان سلوك الإنسان نتيجة لطبيعته.
المزيد »