logo

logo

logo

logo

logo

الكاشيون

كاشيون

Kassites - Kassites

الكاشــيون

 

الكاشيون أو الكَشّيون Kassites شعب كان يقيم خلال الربع الأول من الألف الثاني ق.م في مناطق جبال زغروس الوسطى ؛ في إقليم لورستان الإيراني.

بدأت هجرتهم السلمية إلى بلاد بابل في أواسط القرن الثامن عشر ق.م، بحثاً عن العمل في الزراعة وتربية الحيوان، وصاروا يؤلفون تجمعات خاصة عدّت خطراً على الحكم البابلي، فحاربهم الملك سمسو إيلونا (1749ـ1712ق.م)، ولكن اندفاعهم نحو بلاد بابل لم يتوقف في عهود خلفائه، وصار السكان يتقبلون وجودهم بينهم لبراعتهم في مجالات العمل، واندماجهم في المجتمع البابلي.

احتل الحثيون بابل في 1595ق.م، ويبدو أن الكاشيين أسهموا في ذلك؛ ولذلك سلّمهم الحثيون حكم البلاد؛ عندما انسحبوا منها بعد شهور معدودة. وقد خضعت بلاد بابل لحكمهم نحو أربعة قرون ونصف (1595ـ1154ق.م)، وكان من أبرز ملوكهم:

ـ آجوم كَكْريمه (مطلع القرن 16ق.م): تقرّب من البابليين، واهتمّ بمعتقداتهم الدينية، ووضع حداً لتوسع نطاق مملكة سلالة البحر في أقصى الجنوب العراقي.

ـ أُولام بُورْياش (مطلع القرن 15ق.م): قضى على مملكة سـلالة البحر، وضمهـا إلى حكمه.

ـ كارا إنْداش (أواسط القرن 15ق.م): تحالف مع الفرعون المصري تحوتمس الثالث خشية ازدياد نفوذ مملكة ميتّاني الحورية في مناطق الجزيرة السورية، وصاهره، كما اهتم بالشؤون الداخلية والدينية في بلاد بابل التي صارت تسمى «بلاد كردونياش».

ـ كوريكالزو (الأول) (نحو 1385ـ1375ق.م): أمر ببناء عاصمة جديدة سميت نسبةً إليه باسم دور كوريكالزو (تل عقرقوف اليوم، قرب بغداد)، وتألفت من قسمين، وأحيطت بسور، وبنيت فيها زقّورة ضخمة، مازال جزء منها ظاهراً.

اهتم بالمعتقدات الدينية الكاشية والبابلية، وحقق الأمان والازدهار الاقتصادي، كما تابع توثيق العلاقات مع مصر، وصاهر الفرعون، ورفض التعاون مع حكام بلاد الشام ضد النفوذ المصري في بلادهم.

ـ كَدَشْمان إنليل (الأول) (نحو 1374ـ1360ق.م): طوّر العلاقـات الحسنة مع مصر أكثر؛ كما تبين مراسلات تل العمارنة، وبدأ يتدخل في شؤون بلاد عيلام (جنوب غربي إيران).

ـ بورنا بورياش (الثاني) (نحو 1359ـ1333ق.م): كان سـياسيّاً بارعاً، حافظ على حسن العلاقات مع مصر، وشهد بدء انهيار مملكة ميتّاني واستقلال آشور عنها. تنبّه الملك الآشوري إلى استيائه، فحسّن علاقاته معه، وصاهره.

ثم دخل الحكم الكاشي مرحلة مختلفة، حيث قوي الآشوريون، وصاروا يتدخلون في شؤونه، كما تجرأ العيلاميّون على مهاجمة المناطق الجنوبية الشرقية من بلاد بابل، ولم تُجْدِ جهود الملوك الكاشيين اللاحقين لإعادة الهيبة الكاشية، ومما زاد الوضع سوءاً حدوث أزمة اقتصادية في أواسط القرن الثالث عشر ق.م أدت إلى اتساع نطاق الفقر وانتشار النهب وازدياد الهجرة.

ثم دخل الآشوريون والعيلاميون في صراع حول السيادة على بلاد بابل بدلاً من الكاشيّين، وتنافسوا في تعيين بابليين موالين لهم على حكمها. ولكن تنامي الخلاف الديني بين أنصار الإله مردوك (البابلي) والإله آشور (الآشوري) دفع السكان إلى الترحيب بالحملات العيلامية، وتعاونوا معهم على اختيار أدد شُما أُصُر (1215ـ1186ق.م) ملكاً على بلادهم، فحقق الهدوء، واستفاد من الصراع الآشوري الداخلي، وشنّ الحرب على آشور، وأوصل إلى حكمها آشورياً متحالفاً معه.

ازدهرت بلاد بابل في عهد ملي شيباك (1185ـ1171ق.م)، وحصلت إصلاحات إدارية وزراعية، وانتشرت ظاهرة تحديد ملكية الأراضي بوساطة الأحجار (كودورّو)، وبلغ التعايش الكاشي ـ البابلي أوجه.

حكم زَبابا شُما إدّينا البلاد سنة واحدة (1157ق.م) قام الملك العيلامي شُتْرُك ناخونته فيها بغزو شامل للبلاد، واحتلها، ونهب إلى عاصمته سوسه أعمالاً فنية رسمية وتذكارية مهمة، مثل نصب النصر لنرام سين الأكدي ونصب قوانين حمورابي.

قاد إنليل نادن أخي المعارضة الكاشية ـ البابلية ضد الاحتلال العيلامي (1156ـ 1154ق.م)، ولقي دعم الشعب، وصمد. ولكن قوات الملك العيلامي الجديد كودور ناخونته سارت إلى بلاده بأعداد ضخمة، و«عصفت بالسكان كالطوفان«، وخرّبت بابل وأماكن العبادة، وأسرت الملك، وأنهت الحكم الكاشيّ.

فقد الكاشيون دورهم السياسي في بلاد بابل، وتفرّقوا. كما لم يتطور شأنهم في موطنهم الأم، وصاروا يؤلفون جزءاً من التركيب السكاني في مملكة مانّيـا؛ جنوبي بحيرة أورميا، وظل ذكرهم يتردد في المدونات الآشورية حتى القرن السابع ق.م.

جمع الكاشيّون بين مظاهرهم الحضارية الخاصة والمظاهر البابلية. فقد كان نظام الحكم لديهم ملكياً وراثياً، وحظي وجهاء القبائل وقادة الجيش والموظفون الكبار بأهمية خاصة؛ فقد حرصوا على المساواة بين الكاشيين والبابليين، واهتموا بالتقاليد القبلية، وتميزوا بدقة التنظيم الإداري، وأضحت الملكية الزراعية معياراً للتصنيف الطبقي في عهدهم.

كان القصر الملكي يسيطر على حق الانتفاع بالأراضي الزراعية وتربية المواشي، وجباية الضرائب. وترتبط به ممارسة الحرف اليدوية اللازمة للجيش. أما التجارة فكانت تعتمد على المقايضة العينية.

تميز الكاشيون بإبداع استخدام أنصاب حجرية (كودورّو) في تحديد الأملاك الزراعية، حيث كانت تنصب في أماكن محددة، وتدوّن عليها البيانات اللازمة، وتنحت مشاهد فنية تتضمن رموز الآلهة المعبودة الشاهدة على ما ورد في المدونات.

كان للكاشيين آلهة خاصة عبدوها إلى جانب الآلهة البابلية الكبرى؛ ولاسيما «مردوك». ومن أبرزها: «خربه» رئيس المجمع الديني، «شوقامونا» إله الجبل والحرب وحامي الأسرة الحاكمة، وقرينته «شوماليا» «سيدة الجبال الطاهرة»، «ساخ» إله الشمس، «شيباك» إله القمر، «بورياش» إله الطقس.

حرص ملوكهم على إبعاد كهان المعابد عن شؤون الدولة، وأرضوهم بالهبات. كما اهتمّوا بترميم المعابد أوبنائها، كما دلت على ذلك مكتشفات معابد أوروك وإيسن.

لم يعثر على نصوص كاملة باللغة الكاشية بَعْدُ. ولكن ثمة تصور عنها مستخلص من دراسة أسماء الأعلام والمصطلحات والتسميات الكاشية المذكورة في النصوص البابلية، ومن قواميس موجزة كاشية- أكّديّة. ويتضح منها أنها لغة هندو آرية وإلصاقية.

كتبوا غالباً باللغتين السومرية والأكّديّة (البابلية)، واستخدموا الخط المسماري المقطعي، وأظهروا اهتماماً بالغاً في تعلّمه وممارسته؛ ولذلك نشطت حركة التأليف وإعادة نسخ أقدم الأعمال الأدبية وتصنيفها، وتميّز كتّابهم بروح الإبداع والتجديد وبالأسلوب التعبيري الفني. وثمة أعمال أدبية مطولة ومهمة صيغت في عهدهم؛ مثل: أسطورة الخَلْق البابلية (إنوما إيليش)، قصيدة لأمجدنّ سيدَ الحكمة (لُدْلُل بِل نِمِقي)، حوارية المعذب وصديقه حول العدل الإلهي، ابتهالات دينية وتعويذات.

اهتم الكاشيون بالعلوم الرياضية والفلكية، ووصفوا النجوم وأبعادها ومجموعاتها، وعرضوا معلومات عن مواعيد ظهور القمر، وعلاقة الليل بالنهار. وثمة وثائق تبين اهتمامهم بالطب وأساليب العلاج، وتشير إلى وجود مراكز لذلك. كما تم في عهدهم رسم مخطط (جغرافي) لمدينة نيبور (نُفّر، شمال شرقي الديوانية في العراق اليوم).

عموماً؛ يمكن القول: إن بلاد بابل شهدت تطورات مهمة في أثناء سيادة الكاشيين عليها، وإن احتلالهم السياسي ترافق بحرص على التثاقف والتعايش السلمي، وأسفر عن حركة ثقافية وعلمية متميزة.

فاروق إسماعيل

 الموضوعات ذات الصلة:

 

آشور ـ البابليون ـ الحثيون ـ عيلام ـ الميتّانيون.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- K.BALKAN, Kassitenstudien 1: Die Sprache der Kassiten. AOS 37(New Haven 1954).

- J.A.BRINKMAN, Materials and Studies for Kassite History I (Chicago 1976).

- H.KLENGEL (ed.), Kulturgeschichte des alten Vorderasien (Akademie-Verlag. Berlin 1989).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 860
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 40481505
اليوم : 11320

ابن معصوم (علي بن أحمد-)

ابن معصوم (علي بن أحمد ـ) (1052ـ 1119هـ /1642ـ 1708م)   علي خان بن أحمد بن محمد بن معصوم، السيد صدر الدين الحسيني المدني الشيرازي العالم المؤرخ الأديب الشاعر،من أشهر أعلام الحجاز الراحلين إلى المشرق في نهاية القرن الحادي عشر وبداية القرن الثاني عشر الهجريين. ولد في المدينة المنورة، كان والده السيد أحمد الحسيني فقيهاً إمامياً ومحدثاً وعالماً بالعربية والمنطق والكلام، أديباً شاعراً، فأخذ ابن معصوم عنه العلم والأدب، ثم التفت إلى علماء الحجاز فقرأ عليهم القرآن الكريم وسمع الحديث الشريف، وتعمق في فقه الشيعة الإمامية، ودرس علوم اللغة العربية، وحفظ أشعار القدماء.

المزيد »