logo

logo

logo

logo

logo

المحرك الحراري

محرك حراري

Heat engine - Moteur thermique

المحرك الحراري

 

المحرك الحراري heat (thermal) engine آلة تقوم بتحويل الطاقة الحرارية الناتجة من مصادر الطاقة الطبيعية مثل الوقود الكيميائي أو النووي أو الطاقة الشمسية أو غير ذلك إلى طاقة ميكانيكية على نحو مفيد.

لمحة تاريخية

تطور المحرك الحراري من شكله الأولي - الذي نشأ في القرن الثامن عشر - من الآلة البخارية العاملة على الطاقة الكامنة للبخار المسخن في مرجل والموجَّه إلى محرك مكبسي للحصول على عمل ميكانيكي، إلى المحركات العاملة على مشتقات النفط كمحرك أوتو Otto engine ومحرك ديزل diesel engine، ثم ظهرت المحركات الدوَّارة rotary والعنفية turbine، والنفاثة jet والصاروخية rocket. حتى نهاية القرن العشرين صُممت أشكال جديدة لمعظم هذه المحركات الحرارية تميزت بكفاية عمل جيدة واقتصادية عالية في استهلاكها للوقود، إضافة إلى بذل الجهود الحثيثة للحصول على نسب تلوث منخفضة لعملية احتراق الوقود فيها، وذلك بالتحكم الإلكتروني المتقدم في تنظيم عملها والمعايرة الدقيقة لإعطاء الوقود، وهي تستخدم على نطاق واسع في مختلف قطاعات القوى الميكانيكية.

بنية المحرك الحراري ومبدأ عمله

يتألف المحرك الحراري عموماً من نظام التغذية بالوقود والهواء، ونظام إشعال خليطهما في حجرة احتراق خاصة، ومزيج الغازات العاملة أو جسم التشغيلworking (medium) substance الناقل للطاقة الحرارية المحرَّرة من احتراق الوقود، وجسم المحرك، مع الجملة الحركية للعمل الميكانيكي.

يحدَّد المردود الحراري ηt للمحرك بنسبة العمل المفيد W المنجز إلى الطاقة الحرارية Q1 المعطاة من المصدر الحار، على أن تطلق الطاقة الحرارية Q2 المتبقية إلى المحيط البارد.

إن للفرق في درجتي حرارة كلٍ من المصدر الحار والبارد دوراً مهماً في قيمة العمل المفيد الناتج، ويعمل المحرك الحراري بموجب دورة حرارية ديناميكية thermodynamic cycle محددة مفتوحة أو مغلقة لتحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية. وتكون الدورة مفتوحة عند إطلاق عنصر التشغيل إلى الجو المحيط، ومغلقة عند استرجاع عنصر التشغيل ليتابع دورة جديدة. وهناك دورات حرارية نظرية متعددة للمحرك الحراري منها: دورة كارنو Carnot ودورة أوتو Otto ودورة ديزل Diesel ودورة برايتون Brayton وغيرها.

تتحقق الفعالية الجيدة لدورة المحرك الحراري عموماً بزيادة نسبة الانضغاط وتسريع عملية الاحتراق وتخفيض انتقال الحرارة من جسم المحرك إلى المحيط الخارجي، ويتضمن عمل كل أنواع المحركات الحرارية الميكانيكية أربع عمليات أساسية هي: الانضغاط، إعطاء الحرارة نتيجة احتراق الوقود، التمدد وإنجاز العمل المفيد ثم نبذ الحرارة إلى المحيط الخارجي (الأشكال 1 و2 و3).

   

الشكل (1) الدورة الحرارية لمحرك ديزل

 

   

الشكل (2) الدورة الحرارية لعنفة غازية

 

   

الشكل (3) الدورة الحرارية لعنفة بخارية مع مكثف

 

   

 

تصنيف المحركات الحرارية

يصنّف المحرك الحراري أساساً حسب طريقة إعطاء الطاقة الحرارية إلى عنصرالتشغيل، ويقسم إلى الأنواع الآتية:

- محرك احتراق داخلي internal combustion engine: وعنصرالتشغيل فيه مزيج الهواء والوقود القابل للاحتراق ونواتجه. تتم عملية الاحتراق وتحرير الطاقة الحرارية ضمن حجرة احتراق combustion chamber خاصة تقع في أعلى أسطوانة المحرك المكبسي piston engine العامل على الوقود السائل أو الغازي، وفي هذه الحالة تكون طبيعة عملية الاحتراق دورية، أو تقع في حجرة منفصلة عن الجملة الحركية كما في العنفة الغازية gas turbine، أو في مكان ضمن مجرى الغازات في جسم المحرك النفاث، وتكون طبيعة عملية الاحتراق مستمرة. تقوم الغازات العاملة في محرك الاحتراق الداخلي بدورة حرارية مفتوحة، وتطرد إلى خارج المحرك في أثناءعملية تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية.

- محرك احتراق خارجي external combustion engine: وعنصر التشغيل فيه غاز بمواصفات محددة، أو بخار مسخّن أو محمّص، ويعمل بدورة حرارية مغلقة أو مفتوحة منفصلاً عن مصدر الطاقة الحرارية وغازات الاحتراق التي تكون وسيط التسخين. يتعرض عنصر التشغيل في أثناء الدورة الحرارية للتسخين وارتفاع الضغط والحرارة ثم يتعرض للتمدد وانخفاض حرارته، فينجز عملاً ميكانيكياً لدى تحريره الطاقة الحرارية المكتسبة عند تسخينه. والمثال على هذا النوع هو المحرك البخاري steam engine والعنفة البخارية steam turbine، حيث عنصر التشغيل هو البخار المسخن أو المحمّص العامل بضغط كبير ودرجة حرارة عالية، ويكتسب طاقته الحرارية في المرجل والمبادلات الحرارية. بعد أن ينجز البخار عملاً ميكانيكياً على شكل قوى دفع في أسطوانات المحرك المكبسي يخرج البخار إلى الجو المحيط. في العنفة البخارية يؤثر البخار المحمّص بقوى دفع في شفرات دولاب العنفة الدوار في أثناء جريانه وتمدده، ثم يدخل إلى المبادلات الحرارية والمكثفات ليتكاثف ويتابع دورته الحرارية المغلقة في أطوار محددة.

 
 

الشكل (4) أحد أشكال محرك ستيرلينغ

مثال آخر لمحرك الاحتراق الخارجي هو محرك ستيرلينغ Stirling engine، وهو نموذج مكبسي صممه روبرت ستيرلينغ عام 1816 ونجح تطويره إلى أشكال عدة، يستخدم فيه غاز الهدروجين أوالهيليوم المضغوط، كما يستخدم الهواء أو البخار المضغوط عنصراً للتشغيل الذي ينجز عملاً ميكانيكياً في أسطوانة المحرك في أثناء دورته الحرارية المغلقة بمساعدة المبادلات الحرارية المسخّنة والمبرّدة والمسترجع. ويتم فيه إعطاء الحرارة واسترجاعها عند حجم ثابت، ويتم الانضغاط والتمدد عند حرارة ثابتة. يتعرض عنصر التشغيل للانضغاط والتسخين في أثناء العمل في جزء الأسطوانة العلوي ثم التمدد لإنجاز العمل الميكانيكي، وبعد ذلك يتعرض للتبريد في الجزء السفلي من الأسطوانة وفي المبادل المبرّد. وكل أسطوانة في المحرك تحوي غالباً مكبسين متقابلين متصلين بآلية حركية ترددية مرتبطة مع عمود مرفقي لمأخذ الطاقة الميكانيكية (الشكل-4). تكتسب المبادلات طاقتها الحرارية من مصدر خارجي لاحتراق الوقود، وفي بعض الأنواع الصغيرة تستخدم الطاقة الشمسية للتسخين.

هناك أنواع أخرى لمحرك ستيرلينغ متعدد الأسطوانات، وهي تمتاز عموماً بهدوء في العمل وبساطة التصميم وضغط عامل منخفض وتلويث أقل للبيئة. يتم التحكم في القدرة المنتجة بمعايرة كمية عنصر أو غاز التشغيل في المحرك. وقد استخدمت هذه المحركات استخداماً محدوداً مصدراً مساعداً لتوليد الطاقة الكهربائية، وفي بعض الغواصات والمراكب والطائرات المروحية الصغيرة، لكنها لم تلق استخداماً شائعاً لتعقيد مجموعاتها وكبر حجمها وحدود الاستطاعة المنتجة.

يصنّف المحرك الحراري كذلك حسب مبدأ عمله أو حسب البنية التصميمية للجملة الحركية التي تؤمن الحصول على العمل الميكانيكي، ويقسم إلى الأنواع الآتية:

- المحرك الترددي المكبسي reciprocating-piston engine: ويحتوي على جملة حركية ترددية مؤلفة من مجموعة الأسطوانة والمكبس والساعد والعمود المرفقي (الجذع المعقوف) لمأخذ القدرة الحركية من المحرك، وتتم عملية تحويل الطاقة دورياً على أشواط عدة. تتلقى المكابس قوى دفع الغازات المحملة بالطاقة الحرارية الناتجة من احتراق مزيج الوقود والهواء، كما في محرك الاحتراق الداخلي، أو الناتجة من ضغط البخار وحرارته كما في المحرك البخاري. تتميز هذه المحركات بسعة الأسطوانة وتعددها وتوضّعها وباعتبارات تصميمية أخرى.

- المحرك الدوار rotary engine: ويحتوي على جسم دوّار يتصل مع عمود كمأخذ للقدرة الميكانيكية من المحرك. يتلقى الجسم الدوار بحسب تصميمه الطاقة الناتجة من قوى دفع غازات الاحتراق أو البخار في أثناء الجريان المستمر مع تغير الضغط والحرارة، فيتولد عمل ميكانيكي يتلقاه الجسم الدوار على شكل عزم دوران بسرعة معينة، كما في العنفات البخارية والغازية steam and gas turbines.

- المحرك النفاث jet engine: وهو محرك دفعي ارتكاسي لا يحتاج إلى جملة حركية ميكانيكية ويحتوي على مجرى بتصميم خاص ذي ناشر متغير المقطع، حيث تندفع غازات الاحتراق الناتجة من حرق الوقود المستخدم. يحدث جريان الغازات بسرعة كبيرة تزيد غالباً على سرعة الصوت، وبناء على مبدأ رد الفعل تتحقق قوة الدفع اللازمة لجسم المحرك النفاث المتحرك خطياً. ويسمى محرك الدفع النفاث بالهوائي عندما يستخدم الهواء المحيط في حرق الوقود، كما في محركات الطائرات النفاثة. ويسمى محرك الدفع بالصاروخي rocket engine عندما لا يستخدم الهواء الخارجي في الاحتراق، كما في محركات دفع الصواريخ.

وقد يكون المحرك الحراري مركباً من نوعين من المحركات مثل المحرك العنفي النفاثturbojet والمحرك العنفي المروحي turbo- propeller المستخدمين في الطائرات. في النوع الأول يتم الاستفادة من الطاقة الحركية لغازات الاحتراق جزئياً في العنفة الغازية لتدوير الضاغط الذي يضغط الهواء اللازم للاحتراق، والطاقة الحركية المتبقية تحقق قوة الدفع اللازمة لجسم المحرك من فوهة الناشر النفاث. في النوع الثاني تؤمن العنفة الغازية حركة المروحة التي تسحب الهواء وتدفعه خلفها فتحقق قوى الدفع اللازمة، ويمر جزء من الهواء المدفوع إلى الضاغط الذي بدوره يدفعه بضغط معين إلى حجرة الاحتراق، فتوجه غازات الاحتراق المحملة بالطاقة الحركية إلى العنفة وتتابع الغازات طريقها لتخرج عبر فوهة الناشر.

   

الشكل (5) محرك فانكل دوار ثنائي مستخدم في سيارة وأجزاؤه الأساسية

   

ومثال آخر هو المحرك المكبسي الدوارrotary-piston engine أو محرك ڤانكل Wankel engine، (الشكل-5). يتميز الجسم الدوار بمقطع عرضي غير اعتيادي على شكل مضلع ثلاثي غالبا، كل سطح خارجي في الدوار (C,B,A) يمثل مكبساً فيه حجرة احتراق ويشكل مع السطح الداخلي لجسم المحرك الثابت الحجم العامل الفعال، ويدور بإزاحة لامركزية حول محور الدوران. يتصل الدوار مع عمود مأخذ القدرة الميكانيكية الخارجة عبر زوج مسننات بتعشيق داخلي. مع دوران الجسم بسطوحه المكبسية يتغير ضغط الغازات وحرارتها، وفي أثناء دورة عمل واحدة ينجز كل سطح جميع أشواط المحرك: السحب، الانضغاط، الاحتراق والتمدد، ثم الطرد. يعتمد المحرك دورة حرارية كمحرك الإشعال بالشرارة غالباً، ويتميز بنعومة في العمل وسرعة دوران عالية واستطاعة نوعية كبيرة منسوبة إلى وزنه أو حجمه، ويمكن أن يعمل بوقود منخفض الأوكتان. يتطلب المحرك إحكاماً جيداً لأجزائه الثابتة والدوارة ودقة عالية في تصنيعها، ويتصف بمعدل عالٍ نسبياً لاستهلاك الوقود. وقد استخدم استخداماً محدوداً في الدراجات النارية والسيارات والمراكب والطائرات المروحية ولم يلق انتشاراً واسعاً.

مسلم طعمة

الموضوعات ذات الصلة:

التغذية بالوقود في المحركات الحرارية ـ المحرك البخاري ـ المحركات العنفية والنفاثة.

مراجع للاسـتزادة:

- BOSCH¨ Automotive Handbook 4th edition (Stuttgart¨ 1996).

- I. KALIN¨ The Evolution of the Heat Engine (Moriya Press 1998).

- G. FLYNN¨ GMR Stirling Thermal Engine: Past of the Stirling Engine Story (Society of Automotive Engines 1960).


التصنيف : التقنيات (التكنولوجية)
النوع : تقانة
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 899
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 616
الكل : 31855222
اليوم : 54765

لين _ يوتانغ

لين (يوتانغ ـ) (1895ـ 1976)   لين يوتانغ Lin Yü-t’ang (Yutang) كاتب ولغوي صيني، ولد في لُن- تشي Lun-chi  في مقاطعة فو كيان Fu-kien، وتلقى تعليمه ليمشي على خطى والده الكاهن في الطائفة المسيحية المشيخية Presbyterian، إلا أنه تخلى عن الديانة المسيحية وهو في أوائل العشرينيات من عمره. درس في جامعات شانغهاي وهارفرد ولايبزيغ، وصار أستاذاً في فقه اللغة الإنكليزية في جامعة بكين، إلا أنه اضطر إلى ترك هذا المنصب بسبب الاضطرابات التي سادت هناك في الثلاثينيات من القرن العشرين. عاش بدءاً من عام 1936 في الولايات المتحدة، ولم يعد إلى الصين سوى في زيارات لم تدم طويلاً بسبب خلافه مع أقرانه حول مهمة الأدب، التي رأى أنها لا تنسجم وأهداف الحزب الشيوعي الصيني وتعليماته. سمي في عام 1954 رئيساً لجامعة سنغافوره، وتوفي في هونغ كونغ.
المزيد »