logo

logo

logo

logo

logo

الكلسي (الحجر-)

كلسي (حجر)

Limestone - Calcaire

الكلسي (الحجر -)

 

الحجر الكلسي calcaire، صخر رسوبي كلسي يحتوي على نسبة 50% على الأقل من كربونات الكلسيوم CaCO3، التي تتبلور بصورة عامة على شكل كلسيت calcite، ونادراً على شكل أراغونيت aragonite، إضافة إلى الدولوميت dolomite CaMg(CO3)2 وفلزات الغضار. وتكون الصخور الكلسية، بصورة عامة، فاتحة اللون، تتفاعل مع الحموض المُمددة فتطلق غاز ثنائي أكسيد الكربون CO2، وبتسخينها عند 900-1000 ْس (درجة مئوية) تطلق أيضاً ثنائي أكسيد الكربون وتتحول إلى الكلس الحي chaux CaO. وهي صخور ذات قساوة منخفضة لا تتجاوز قساوتها 2.9 من سلّم موهز Mohs scale، أي يمكن أن يخدشها الفولاذ والزجاج.

تكوّن الصخور الكلسية نحو 20% من مجموع الصخور الرسوبية، وغالباً ما تحتوي على كميات كبيرة من هياكل وقواقع المتعضيات محفوظة على شكل مستحاثات. وتعود أقدم الصخور الرسوبية إلى 2.9 مليار سنة، وتبدي بنية طحلبية (الستروماتوليتات stromatolithes)، تظهر على شكل طبقات رقيقة من كربونات الكلسيوم أفرزتها الطحالب الخضر الزرق. ومنذ ذلك الزمن الغابر ازدادت نسبة الصخور الكلسية مع تنوّع الحياة على سطح الأرض. تتوافق فترات ترسيب الصخور الكلسية مع أزمنة تجاوز البحار على اليابسة التي تمت خلال عدد من الأزمنة الجيولوجية: الأوردوفيسي والجوراسي والكريتاسي، ومحلياً خلال الحقب السينوزوي. أمّا في الوقت الحاضر فتتمثّل الصخور الكلسية تمثيلاً جيداً بالأرصفة المرجانية التي يكثر وجودها في البحار الدافئة، كما تتمثّل برواسب مناطق البحار الضحلة، وبأوحال قيعان المحيطات الحاوية على هياكل الغلوبيجرين Globigérines من المُنَخْرَبات Foraminifères[ر] الطافية.

   
 
 

الشكل (1) تمثيل تضاريس الكارست المميزة للصخور الكلسية

   

وتتميّز المناطق التي تتكشف فيها طبقات كلسية ثخينة جداّ وعلى مسافات واسعة، بتضاريس الكارست Karst (نسبة لمنطقة كارست في يوغوسلافيا) (الشكل-1) التي تنتج من فعل الأمطار والمياه الجارية، وخاصة جريان المياه الجوفية التي تؤدّي إلى انحلال كربونات الكلسيوم. وتكون هذه التضاريس بأشكال سطحية أو جوفية. وتبدو التضاريس السطحية بأشكال مختلفة؛ فقد تظهر بشكل الخراشيف (مفردها خرشاف) lapiez، وهي سطوح صخرية وعرة جداً تظهر على شكل أخاديد متعرجة تفصلها حروف حادة قاطعة، أوبشكل تضاريس أطلالية الشكل ruiniformes، وهي تضاريس مؤلّفة من كتل منحوتة نتيجة انحلال كربونات الكلسيوم مفصولة بممرّات تشبه المتاهات. أو تكون على شكل منخفضات دائرية أو إهليلجية تعرف باسم الجُوَب (مفردها جوبة) doline، إضافة إلى وديان جافة وأقماع كارستية عميقة. أمّا الأشكال الجوفية لهذه التضاريس فتمثّلها كهوف ومغاور واسعة قد تمتد إلى عدة كيلومترات مع ما تحويه من صواعد ونوازل (هوابط) وأعمدة كلسية، ومن أنهار وبحيرات جوفية.

تصنيف الصخور الكلسية

يصعب وضع تصنيف دقيق للصخور الكلسية بسبب كثرة العوامل التي تتدخل في منشئها. فقد تُصنّف بحسب وسط الترسيب إلى صخور كلسية بحرية أو بحيرية أو قارية، أو وفق منشأ كربونات الكلسيوم إلى صخور كلسية عضوية أو كيميائية أو فتاتية، أو وفق الفلزات التي تدخل في تكوينها، غير كربونات الكلسيوم، إلى صخور كلسية دولوميتية أو صخور كلسية غضارية أو صخور كلسية غلوكونية أو صخور كلسية فسفاتية، أو وفق بنية الصخر إلى صخور كلسية متراصة أو درنية أو تجمعية أو حبيبية. وفي هذه الحالة الأخيرة، وبحسب الحجم المتزايد للعناصر، هناك الصخور الغِرْيَنِيَّة الكلسيةcalcilutites ت(<0.05مم) والصخور الرملية الكلسية calcarénites (ما بين 0.05 و2مم) والصخور الحصوية الكلسية (calcirudites من 2مم) وأما الملاط فيتكوّن إمّا من الوحل الكلسي المتصلّب (ميكروي التبلور) وإمّا من الكلسيت المتبلور.

تشكل الصخور الكلسية

يتم تشكل الصخور الكلسية بالطرائق الآتية: الترسيب الكيميائي والترسيب الكيميائي الأحيائي (المنشأ العضوي) وتراكم الجزيئات الكلسية الفتاتية.

1- الصخور الكلسية ذات المنشأ الكيميائي: يتم ترسيب كربونات الكلسيوم بدءاً من المحاليل المائية (مياه البحر أو المياه العذبة). ويمكن وصفه بصورة عامة بالمعادلتين التوازنيتين الآتيتين:

ففي المعادلة الأولى يلاحظ أنّ ازدياد كمية حمض الكربون H2CO3 الموجودة في الوسط يسهِّل انحلال كربونات الكلسيوم الصلبة، وعلى العكس فإنّ نقصان هذه الكمية يؤدّي إلى ترسيب الكربونات ثانية. وحسب المعادلة الثانية، تعتمد كمية هذا الحمض على نسبة انحلال غاز ثنائي أكسيد الكربون في الماء. إنّ نقصان ضغط الغاز أو ازدياد درجة الحرارة في الوسط يعيق تشكّل حمض الكربون ويسهّل ترسيب كربونات الكلسيوم، أمّا ازدياد الضغط أو نقصان درجة حرارة الوسط فيكون لهما مفعول عكسي ويسهلان انحلال هذه الصخور. والمثال على ذلك يكمن في هياكل المتعضيات التي تعيش قرب سطح البحر والتي تغرق عادة بعد موتها نحو قيعان البحار. وتبعاً لنقصان درجة الحرارة في الأعماق فإن جزءاً كبيراً من هذه الهياكل ينحل قبل وصوله إلى الأعماق.

تكون المناطق البحرية التي تكثر فيها الطحلبيات مراكز لترسيب كربونات الكلسيوم؛ لأن هذه المتعضيات تأخذ من الوسط الذي تعيش فيه، من أجل نموها، كميات كبيرة من غاز ثنائي أكسيد الكربون، وهذا يؤدي إلى نقصان ملحوظ في ضغطه. وهذا المظهر نفسه، وقد يضاف إليه ازدياد درجة الحرارة، يشكّل منشأ ترسيب كربونات الكلسيوم عند الينابيع المرسّبة للكلس ومنشأ الصواعد والنوازل والأعمدة الكلسية التي تلاحظ في كثير من الكهوف والمغاور الكارستية.

2- الصخور الكلسية ذات المنشأ العضوي: إنّ كثيراً من المتعضيات الحيوانية والنباتية، لتشكيل قواقعها وهياكلها، قادرة على تثبيت كربونات الكلسيوم المنحلة في مياه البحر أو في المياه العذبة، إمّا على شكل كلسيت calcite أو على شكل أراغونيت. غير أن كمية ما يتثبَّت منها اختلفت عبر الأزمنة الجيولوجية لاختلاف عدد أفراد شعبها المختلفة مع الزمن. وهكذا فإن المنخربات والطحلبيات Algues، على سبيل المثال، التي تقوم بدور مهم في الوقت الحاضر في هذا التثبيت، كان لها دور أصغر بكثير في حقب الباليوزوي.

وينتج معظم هذه الصخور الكلسية من تجمّع هياكل المتعضيات بعد موتها وانتقالها، أو ينتج من تراكمها في مواقع حياتها، وخاصة تراكم هياكل المتعضيات المتثبتة على قيعان البحار الضحلة كما هي الحال في الأصداف وبعض البريويات[ر] الحيوانية وبصورة خاصة المرجانيات[ر].

3- الصخور ذات المنشأ الفتاتي: إذا استثني من هذه المجموعة تجمّع هياكل المتعضيات بعد موتها وانتقالها، فإنّ الصخور الكلسية الفتاتية تتكوّن من حطام مختلَف الصخور الكلسية التي اقتلعت بعوامل الحت من الصخور الكربوناتية التي كانت موجودة قبل انحتاتها وانتقالها وترسبها من جديد. وهي صخور نادرة لأن الجزيئات الفتاتية، لطراوتها، تنحل خلال انتقالها بالمياه الجارية.

تنوع الصخور الكلسية

   
 
 

الشكل (2) الحجر الكلسي الصدفي

   

الصخور الكلسية كثيرة التنوّع، يذكر منها الطباشير craie التي يهيمن عليها المنشأ العضوي، وهو صخر أبيض اللون طري ومسامي يتميز بحبيبات ناعمة جداً، يحتوي على هياكل المتعضيات الطافية، مثل الغلوبيجرين من المنخربات[ر]، والكوكوليتات Coccolithes من السوطيات[ر]. فهي صخور تشبه الأوحال الحالية عميقة المنشأ المحتوية على الغلوبيجرين غير أنّ احتواءها على هياكل أو أجزاء هياكل لمتعضيات قاعية (مثل البريويات الحيوانية Bryozoaires، والرخويات من الكائنات القاعية)، مع عناصر فتاتية أخرى تدل على أنها رواسب ضحلة المنشأ (300-400م) ترسبت بصورة خاصة خلال الكريتاسي الأعلى. تتميّز بعض الصخور الكلسية بغناها ببعض المجموعات من المنخربات، فهناك الصخور الكلسية المحتوية على الميليول Milioles، والصخور الكلسية المحتوية على النوموليت Nummulites التي ترسبت خلال الباليوجين، والصخور الكلسية المحتوية على الغلوبيجرين والألفيولين Alvéolines والأوربيتولين Orbitolines التي تُميّز رواسب حقب الميزوزوي والسينوزوي، والصخور الكلسية المحتوية على الروديست Rudistes (صفيحيات غلاصم كبيرة تعيش متثبتة) التي تميّز الكريتاسي، والصخور الكلسية المحتوية على الفوزولين Fusulines التي تُميّزالكربونيفري والبرمي، والصخور الكلسية المحتوية على بقايا الزنبقانيات Crinoïdes والقنفذانيات Echinoïdes التي تميّز بصورة خاصة دوري الديفوني والكربونيفري. وهناك صخور تتميّز بغناها بأصداف صفيحيات الغلاصم Lamellibranches وبقواقع معديات الأرجل Gastropodes، إضافة إلى أصداف متعضيات أخرى كالمنخربات وشوكيات الجلد Echinodermes والقشريات (الشكل-2)، وصخور مكونة من خليط من الرمال وأجزاء من القواقع والأصداف المتنوعة.

ويذكر من بين الصخور الكلسية تلك المتشكلة من الصخور الرصيفية، ومنها الأرصفة المرجانية وأرصفة الستروماتوليت Stromatolites (من الطحلبيات الخضر الزرق) التي تميّز صخور الحقب ما قبل الكمبري، وأرصفة الستروماتوبورا Stromatopores (من الهيدريات) التي تُميز صخور السيلوري والديفوني، وأرصفة الصفائحيات Tabulés (من الزهريات Anthozoaires) التي تميّز صخور الفترة الواقعة بين الأوردوفيسي والبرمي.

ويذكر من بين الصخور الكلسية المتشكلة بالترسيب الكيميائي الترافرتان travertins، وهو صخر ناعم الحبيبات، غالباً ما يحتوي على انطباعات الحيوانات والنباتات، والصخور الكلسية البيوضية calcaires oolithiques التي تكثر في الجوراسي، وتتألف من كريات ميلّيمترية ذات بنية متراكزة تُبدي أغلفة متعاقبة من كربونات الكلسيوم مترسبة حول مركز مؤلف من حبيبة رمل أو جزءٍ من قوقعة.

استعمالات الصخور الكلسية

تستعمل الصخور الكلسية في أغراض عديدة. فقد استعملت أصابع الطباشير في الكتابة على الألواح الحجرية، غير أن أصابع الجبصين حلت محلها في الوقت الحاضر. واستعملت بعض ضروب الطباشير في عمليات صقل الزجاج والأواني الفضية. كما استعمل الحجر الكلسي الطباعي calcaire lithographique في طباعة النصوص والرسوم. واستعملت الصخور الكلسية أيضاً في صنع الكلس الحي أو الجير CaO (ومن هنا أتت تسمية هذا الصخر باللغة الإنكليزية: limestone)، فعند تسخينها في أفران الجير عند 600 -800 ْس، ينتج الجير إذا كانت نسبة الغضار فيها أقل من 5%، وعلى الجير المائي، الذي يتصلّب تحت الماء، إذا كانت نسبة الغضار فيها 12-20%. أمّا عند تسخين الصخور الكلسية الغضارية إلى 1200 ْس فينتج الإسمنت الروماني، الذي يتصلّب بسرعة بعد إضافة الماء إليه. وأمّا إذا سُخّنت حتى 1400 ْس فينتج إسمنت بورتلند[ر] الذي يتصلّب ببطء. كما تستعمل الصخور الكلسية في الصناعات الكيميائية (تصنيع كربونات الصوديوم وأكسيد الألمنيوم) أو في الصناعات التعدينية مذيباتٍ لبعض أركزة الحديد، أو في الزراعة لاستصلاح التربة الغنية بالغضار.

تُستخدم معظم ضروب الصخور الكلسية، في الوقت الحاضر، في البناء وأفضلها الأحجار الكلسية النقية التي لا تترك بقايا عند معالجتها بالحموض والصخور الكلسية المحتوية على مستحاثات. ويعدّ الرخام ،الذي هو صخر كلسي متحوّل، من الأحجار المرغوبة للنحت والزخرفة.

ومما يجدر ذكره أن الصخور الكلسية تمثل نحو نصف الصخور الخازنة للهيدروكربونيات الفحوم الهدروجينية (النفط) في الديفوني والكربونيفيري وحتى الإيوسين في منطقة الخليج العربي. ولكي يكون الحجر الكلسي صخراً خازناً لابد من احتوائه على بنية مسامية قد تكون موجودة في الأصل، كالصخور الكلسية الرصيفية، أو تنشأ بفعل عمليات الانحلال والتشقق اللاحقة.

فؤاد العجل

مراجع للاستزادة:

- F.J. PETTIJONH & W.C.KRIMBEIN, Manuel of Sedimentary Petrology (Society of Sedimentary Geology, Tulsa 1988).

- M. RENARD & C.POMROL, Eléments de géologie , 9e éd. (Armand Collin 1989).

- C. POMROL,Roches sédimentaires (Coll. Que Sais-je ,P.U.F. 6e éd 1982).


التصنيف : علم طبقات الأرض و علوم البحار
النوع : علوم
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 335
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1116
الكل : 40983748
اليوم : 74131

التناص

التناص   التناص inter-textualité مصطلح نقدي، عُرف بداية في اللغة الفرنسية في الستينات، على يد الناقدة الفرنسية ـ البلغارية الأصل ـ جوليا كريستيفا J.Kristeva (1941). ويدل المصطلح على ظاهرة تفاعل النصوص فيما بينها، وتأثير هذا التفاعل في إنتاج الدلالة التي يحملها النص الذي يحتوي عملية التفاعل هذه.
المزيد »