logo

logo

logo

logo

logo

التكيف النفسي

تكيف نفسي

Psychological adjustment - Adaptation psychologique

التكيف النفسي   التكيف ajustment adaptation عملية دينامية مستمرة، يهدف بها الفرد إلى أن يغير سلوكه، ليحدث علاقة أكثر توافقاً وتوازناً مع البيئة، كما تدل على مفهوم بيولوجي استخدم في نظرية التطور والبقاء، فالكائن الحي القادر على التكيف مع البيئة، ومفاجآتها يستطيع الاستمرار في البقاء، أما الذي يخفق في التكيف فمصيره إلى الزوال، وتشمل البيئة كل المؤثرات والإمكانات والقوى المحيطة بالإنسان التي يمكن أن تؤثر في جهوده للحصول على التوازن النفسي والبدني في معيشته. مجالات التكيف تتداخل مجالات التكيف، ويمكن تقسيمها إلى الفئات الآتية: ـ التكيف البيولوجي: ويقوم على تكامل الأعضاء الفيزيولوجية وأدائها الوظيفي لدى الكائن الحي، ضمن ما يطلق عليه عتبة التكيف الحسي. ـ التكيف الإيكولوجي: وهو تعايش الشخص مع شروط البيئة وتعامله معها بسلوك مناسب من المقاومة والتقبل. ـ التكيف الثقافي الاجتماعي: ويتعلق بطبيعة التنظيم الاجتماعي والثقافي وعلاقات أفراده وجماعاته. ـ التكيف النفسي المعرفي: ويتم عن طريق الإدراك والتفكير والقيام بعمل معرفي، ويؤدي إلى التكامل بين العمل البنيوي والوظيفي. ـ التكيف النفسي الانفعالي: ويشمل كل نشاط يتعلق بغدد الإنسان الداخلية وعواطفه وانفعالاته. ـ التكيف الفلسفي الأخلاقي ـ الروحي: ويعني تصرف الإنسان وفق فلسفات خاصة تعلمها في بيئته، وتجعله يفسر الظواهر والأشياء والمواقف وفق معتقداته الفلسفية والأخلاقية والروحية. هذا ويصعب الفصل بين هذه المجالات في الحياة الفعلية. مكونات التكيف اهتم بياجيه Piaget بالتكيف والتنظيم العقلي عند الأطفال، واستخدم منهجاً شبه عيادي في البحث، استقى فيه معلوماته من الملاحظات عن النمو العقلي لدى الأطفال من حيث المحتوى والبنية والوظيفة، وفسر النمو من خلال عمليتي التنظيم والتكيف، فالتنظيم له مستويان: بيولوجي وسيكولوجي، ويعبر المستوى البيولوجي للتنظيم عن الأفعال المنعكسة، في حين يعبر المستوى السيكولوجي عن تطوير البنية البيولوجية أو تعديلها نتيجة الاحتكاك والتفاعل مع البيئة. ويتحقق التكيف لديه من خلال عمليتي التمثل assimilation والمطابقـة accommodation، ويتم التمثل من الخارج إلى الداخل، ضمن سلسلة من الخطط مثلما يتمثل الطفل الطعام والخبرات الجديدة. وفي الطفولة المبكرة (2-5) سنوات يركز الطفل على نفسه، ولذلك يقوم بفاعلية التمثل أكثر من المطابقة مستخدماً الكلمات والرموز، ويبني الخطط التمثلية في ألعابه الإيهامية ويحورها حتى تصبح مقبولة لوجهة نظره، وتتزايد خطط المطابقة في الطفولة المتأخرة (6-12) سنة، إذ تختفي الألعاب الإيهامية التمثيلية وتظهر فيها أشكال المطابقة مع البيئة الاجتماعية وبعدها تعود فعالية التمثل إلى السيطرة، في المراهقة (13-18)، وفي آخرها يتوازن التكيف بالتمثل مع التكيف بالمطابقة، إذ يعدل الخطط نتيجة تمثل الخبرات الجديدة داخل البنية. وتظهر فعالية المطابقة في الاستكشاف والاستطلاع والتعلم بالمحاولة والخطأ، إذ يقوم الإنسان بتوليفات للخطط، ويستمر بالتجارب والبحث عن معلومات إلى أن يصل إلى خطط جديدة ناجحة، ومن خلال تفاعل عمليتي التمثل والمطابقة، يتمثل الطفل خبرات جديدة أو يكيف خططه عن طريق توسيعها أو مزجها، حتى يتمكن من مواجهة المواقف الجديدة، وبذلك تكون خططه مرنة للغاية، لكنها تظل محتفظة بطابعها ككليات منظمة، يسميها بياجيه الخطط، وبها يواجه الأحداث، ومتغيرات البيئة، أو كلما وسع الإنسان من نطاق عمله وأدائه. التكيف الناجح والتكيف المخفق (التكيف الإيجابي والتكيف السلبي) ليست كل المحاولات التي يقوم بها الفرد في سبيل التكيف ناجحة دوماً، وتختلف درجة النجاح من موقف لآخر بحسب ظروف المواقف، وتوافر الوسائل الملائمة، فإن كانت الاستجابات التي يقوم بها الفرد موصلة للهدف من دون أن يترتب عليها خسارة له أو للمجتمع، يوصف التكيف بأنه ناجح. أما التكيف غير الناجح فهو التكيف الذي لا يوصل إلى الهدف، فالفرد الذي يعيش في بيئة باردة وينتقل إلى منطقة حارة يتخذ عدداً من التدابير لحماية عضويته من التغير في البيئة الطبيعية، فإذا نجحت تلك التدابير يوصف بأنه تكيف ناجح، وإن أخفقت يوصف بأن تكيفه غير ناجح أو مخفق. العوامل الأساسية في التكيف 1ـ العوامل الجسدية: قد يحدث سوء التكيف بسبب الشروط الفيزيولوجية في بناء الجسم، وإن عدم إشباع الحاجات العضوية الأساسية يجعل صاحبها عرضة للاضطراب والتوتر وعدم التوازن. 2ـ العوامل النفسية: يتأثر التكيف بخبرات الطفولة والحاجات الأساسية المشتقة والقدرات العقلية وموقف الإنسان من نفسه: آ ـ خبرات الطفولة: تتكون قدرات الفرد وخصائص شخصيته وأنماط سلوكه في مرحلة الطفولة المبكرة، أي في السنوات الخمس الأولى من العمر التي تنتقل آثارها إلى المراحل التالية من عمر الإنسان، وتكوّن الهيكل الأساسي لبنية شخصيته، وفيها تتكون العقد النفسية والعصابات والمخاوف المرضية وما يترتب عليها من جنوح الأحداث والتخلف المدرسي، في المراحل اللاحقة من العمر. ب ـ الحاجات المشتقة: ويُقصد بها الحاجات التي تنشأ بنتيجة التعلم، وتكون في خدمة الحاجات الأساسية. وقد رتب ماسلو Maslow  الحاجات بحسب أهميتها مبتدئاً بالحاجات الأساسية: كالحاجة إلى الطعام والشراب (الفيزيولوجية) الحاجة إلى الأمن والحاجة إلى الحب والانتماء والتفاعل والحاجة إلى المكانة والتقدير واحترام الذات والحاجة إلى تحقيق الذات والحاجات الجمالية. ج ـ القدرات العقلية الخاصة: قد يعاني الأفراد الذين تكون قدرتهم الذكائية منخفضة من سوء التكيف، فيصابون بالإحباط والخيبة، وقد يعاني المتفوقون من التلاميذ حالات الملل والضيق بسبب ارتفاع قدراتهم عن مستوى غالبية الزملاء، لذلك دعت التربية الحديثة إلى التعلم الفردي أو الذاتي داخل المدرسة وخارجها حتى يتعلم كل تلميذ وفق سرعته الذاتية في التعلم، ووفق حاجاته ونجاحه في التعلم. د ـ موقف الإنسان من نفسه: إن معرفة الإنسان لنفسه، وما يمتلك من إمكانات، ورضى الإنسان عن نفسه، يمكّنه من أن يرسم مستويات طموح واقعية خاصة به تتناسب وإمكاناته، إذ إن الكثير من متاعب الأفراد تنجم عن تطلعهم إلى أعمال تفوق إمكاناتهم، أي إن مستويات الطموح لديهم لا تمكنهم من الوصول إليها. لذلك يتغير مستوى طموح الفرد في حياته من خلال سلسلة النجاح والإخفاق التي يجدها في تعلمه وفي حياته اليومية. 3ـ العوامل الاجتماعية: إن انتماء الفرد إلى فئة اجتماعية أو جماعة يدفعه إلى الأخذ بالمظاهر السلوكية الغالبة في تلك الفئة أو الجماعة والتقيد بقيمها، وقد يكون ذلك عاملاً من عوامل سوء التكيف وتسهم الأوقات التاريخية العصيبة التي تمر بها الجماعة، والتي يرافقها اضطراب وفوضى وقلق وانعدام للأمن في شذوذ الأفراد والتعرض لحالات الجنوح والعدوان، وقد ارتفعت هذه الحالات في أعقاب الحروب العالمية والإقليمية والأهلية. آليات التكيف الشعوري واللاشعوري في التحليل النفسي وضعت مدرسة التحليل النفسي التي أسسها سيغموند فرويد Freud آليات نفسية للتكيف: آليات التكيف الشعورية: هي آليات يستخدمها الفرد في مواجهة مواقف الحياة على نحو واع وإرادي، بحيث يسمح له الموقف بالتفكير والمحاكمة والتخطيط والمواجهة واستخدام كفاياته العقلية والمعرفية والحركية في إيجاد الحلول التي تكفل له تحقيق أهدافه. آليات التكيف اللاشعورية (الحيل الدفاعية): حين يواجه الفرد مواقف تهدد ذاته أو تعرضه لتجارب مشبعة بالقلق ويخفق في تأمين سبل المواجهة العقلانية الناجحة، فإنه يلجأ لاستخدام الحيل الدفاعية، وهي محاولات لاشعورية يقوم بها الفرد لحماية نفسه وتأكيد تكامل ذاته. وتتصف هذه الحيل والآليات بأنها محاولات للهروب من المواقف المثيرة للقلق، وتنطوي على تشويه لعناصر المعلومات البيئية، وقد يقوم بها الأسوياء وغير الأسوياء بصورة لا شعورية، وصنفها فرويد على النحو الآتي: 1ـ الكبت: حيلة دفاعية، تمنع الأفكار المؤلمة والمهددة للذات من الدخول إلى الشعور، فترسل إلى ساحة اللاشعور لتستقر هناك مع بقية الرغبات والاندفاعات المكبوتة بسبب قوانين الضبط الاجتماعية التي تمنع تحقيقها لتعارضها مع قيم المجتمع المنظم وأعرافه. 2ـ النكوص: ويعني ارتداد الفرد وعودته إلى أساليب طفلية أو بدائية في السلوك والتفكير والانفعال حين تعترضه مشكلة أو يواجه موقفاً مؤلماً. 3ـ الإسقاط: حيلة دفاعية ينسب فيها الفرد عيوبه ونقائصه إلى الآخرين، بعد أن يبالغ في تقديرها، فالبخيل يصف غيره بالبخل. 4ـ التقمص: ينزع الشخص في هذه الحيلة الدفاعية إلى دعم قيمته الذاتية أو حمايتها، وذلك بتوحيدها مع سمات شخص آخر يملك هذه الخصائص والسمات، ولا يكون التقمص دائماً نحو السمات الموجبة، بل يتجه في الكثير من الحالات نحو السمات السالبة، ومثال التقمص: تقمص الطالب شخصية أبيه أو معلمه، وكتقمص الفتاة لأمها. والتمثيل هو أحد أشكال التقمص الاصطناعي. 5ـ التعويض: يهدف التعويض إلى تغطية الضعف أو إخفائه، بتأكيد بعض السمات المرغوبة فيها في مجال ما، بوساطة الأفراد في مجال آخر، ومثال ذلك الفتاة القصيرة التي تحاول ارتداء أحذية تزيد من طولها. 6ـ التبرير أو التسويغ: تشير هذه الحيلة الدفاعية إلى الحالات التي يهرب فيها الشخص من تحمل مسؤوليته عن عمل شائن، فهو لا يتنكر للعمل المشين بل يجد الأعذار والمسوغات لإخفاقه أو هروبه ليقنع ذاته والآخرين بأن أسباباً عقلانية كانت وراء الإخفاق. 7ـ الأخيلة والأوهام: يستخدم الفرد أحياناً الأخيلة والأوهام وسيلة دفاعية، يتكيف بها مع الواقع وإشباع حاجاته. والأخيلة أشكال من التركيب تضم مجموعة من الصور ترتبط مع إشباع الحاجات، ويغلب فيها أن يكون المحرض والمثير أنواع الخيبة والإخفاق في الحياة الواقعية. وليست كثرة الأحلام، كأحلام اليقظة وأحلام النوم المنطوية على صور الطعام والأغذية إلا نوعاً من تحقيق ما خاب الجائع في تحقيقه في ساعات يقظته وسعيه وراء الرزق، وقد تكون الأخيلة بناءة ومنتجة. 8ـ التسامي: هو نوع من أنواع التحويل، وفيه يحول الإنسان طاقته من ميادين لا يرضى عنها المجتمع إلى غايات أو أغراض سامية، يوافق عليها وينظر إليها وإلى من يسعى وراءها نظرة احترام وتقدير، ويظهر التسامي أيام الطفولة حين يجد الطفل إجراء محموداً يقدره المجتمع فيوجه إليه الكثير من طاقته، ويجد فيه نوعاً من إشباع الحاجات والمتعة وقبول المجتمع ذلك النوع من السلوك وثناءه عليه،من ثم تعزيزه. وظيفة الحيل الدفاعية في التكيف النفسي اتضح أن الحيل الدفاعية وسائل لخفض القلق والتوترات المصاحبة للأزمات النفسية على اختلاف أنواعها ومصادرها، فهي تخفف من وطأة العقبات المادية والمعنوية التي تعترض الفرد، كما تقيه من معرفة عيوبه ونقائصه ونياته الدفينة الذميمة، فتقيه من مشاعر النقص والذنب، ومن استصغار نفسه واتهامها، فهي تعمل بطريقة آلية لاتسبقها رويّة أو تفكير، كما لايمكن ضبطها بالإرادة، وأغلبها فطري لايكتسبه الفرد عن طريق الخبرة والتعلم. التكيف النفسي والحضارة التكيف في أصله مستمد من علم الحياة، فعلماء البيولوجيا هم أول من استخدموا هذا المفهوم وعرفوه بأنه: (أي تغيير في الكائن الحي، سواء في الشكل أو الوظيفة يجعله أكثر قدرة على المحافظة على حياته أو بقاء جنسه) ثم انتقل هذا المفهوم إلى علم النفس واستخدمه علماء النفس للدلالة على مدى ملاءمة العضو لوظيفته. وعندما وصل التكيف إلى تفسير السلوك الاجتماعي، أصبح أكثر اتساعاً، فشمل كل مايقوم به الفرد من سلوك، ليوفق بين سلوكه ومطالب البيئة، ويمكن أن يوصف سلوك الإنسان التكيفي كردود أفعال لعديد من المطالب والضغوط البيئية التي يعيش فيها. ويعيش الإنسان في الحضارة الحديثة في بيئة يكثر فيها القلق والحيرة والارتياب والارتباك بين الناس بسبب التغير التقني والاجتماعي السريع، ولاسيما في أواخر القرن العشرين. وقد شجعت الأنظمة الرأسمالية السريعة التغير، التنافس المسعور بين الناس وأضعفت الصلة بين العامل وصاحب العمل، وأوهنت روابط الأسرة، وشجعت على السلوك لمصلحة الفرد، مما أشاع القلق واضطراب الصحة النفسية واختلال الصحة الخلقية. ولذلك لابد من تحصين الإنسان ووقايته من مساوىء الحضارة والاستفادة من فوائدها، لتحسين تكيف الإنسان المتوازن من خلال معرفته لنفسه وتعليمه حل المشكلات بالطرق الصحيحة وجعله صديقاً لنفسه، له هدف في الحياة، صريحاً في كل معاملاته، صبوراً متقناً لعمله. والتكيف الصحيح مع متطلبات الحياة سريعة التغير، يجعل المرء أكثر توازناً في علاقته مع نفسه وبيئته.   محمود ميلاد   الموضوعات ذات الصلة:   بياجيه ـ التحليل النفسي ـ التعلم ـ فرويد.   مراجع للاستزادة:   ـ نعيم الرفاعي، الصحة النفسية، دراسة في سيكولوجية التكيف (منشورات جامعة دمشق 1986). ـ يوسف ميخائيل أسعد، الشخصية الناجحة (نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة 1990). ـ د.م بيرد، جان بياجيه وسيكولوجية نمو الأطفال، ترجمة فيولا فارس الببلاوي (مكتبة الإنجلو المصرية، القاهرة 1977).

اقرأ المزيد »




التصنيف : تربية و علم نفس
النوع : صحة
المجلد : المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 799

آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 537
الكل : 29597241
اليوم : 52157

لابيش (يوجين-)

لابيش (أوجين ـ) (1815 ـ 1888)   ولد أوجين لابيش Eugène Labiche في باريس وتوفي فيها، ويُعد أحد أهم كتّاب الكوميديا في القرن التاسع عشر. يتحدر لابيش من عائلة برجوازية مما سمح له بمعرفة طباع هذه الطبقة وسلوكها معرفة عميقة. منذ حصوله على إجازة الحقوق بدأ يكتب لصحف عدة ومن بينها مجلة المسرح. وفي عام 1838 نشر روايته الوحيدة «الحرية» La Clef des champs التي تضمنت ملامح من سيرته الذاتية مع نقد لاذع لحياة البرجوازيين. انصرف بعد ذلك إلى المسرح الذي كان يجذبه كثيراً، وبدأ يكتب بالتعاون مع أصدقائه مسرحيات من نوع الڤودڤيل Vaudeville تقوم على الالتباس المتولد من تداخل المواقف المضحكة.
المزيد »