logo

logo

logo

logo

logo

سحب القرارات الإدارية

سحب قرارات اداريه

withdrawal of administrative decisions - retrait des décisions administratives

 انقضاء القرار الإداري

انقضاء القرار الإداري

سحب القرارات الإدارية

 

محمد يوسف الحسين

ماهية سحب القرارات الإدارية

حالات سحب القرارات الإدارية

 

أولاً ـ ماهية سحب القرارات الإدارية:

استقرت أحكام القضاء والفقه الإداريين على أحقية الإدارة في سحب القرارات الإدارية، حيث كثرت المصطلحات والمسميات لهذا الإجراء. فمنهم من أطلق عليه (طي القرار الإداري) وبعضهم الآخر (الرجوع عنه). لكن مهما اختلفت هذه التسميات فالمضمون واحد، وهو أن السحب يعني إزالة القوة القانونية للقرار الإداري غير المشروع بأثر رجعي، أي إنهاء آثاره بالنسبة إلى المستقبل والماضي معاً، وكأن هذا القرار لم يكن قد ولد ميتاً. وبالتالي فإن قرار السحب هو قرار إداري جديد لابد أن تتوافر فيه شرائط صحته لكونه الوسيلة القانونية التي تمارسها السلطة الإدارية بغية الرجوع عن القرار الإداري المسحوب من أساسه، وكل ما ترتب عليه من آثار متى كان ذلك ممكناً شرعاً.

ثانياً ـ حالات سحب القرارات الإدارية:

تجدر الإشارة إلى أن السلطة الإدارية في السحب تختلف بحسب حالة القرار سليماً، أو معيباً، أو معدوماً.

1ـ سحب القرارات الإدارية السليمة: فالقاعدة المستقرة فقهاً وقضاءً من حيث المبدأ هو أنه لا يجوز للإدارة أن تقوم بسحب القرارات الإدارية الفردية السليمة التي رتبت حقوقاً مكتسبة للأفراد ما دامت مطابقة للقانون حفاظاً على استقرار الآثار التي ترتبت عليها.

يستثنى من هذه القاعدة حالة فصل الموظفين عندما ترى الإدارة أنه بعد إصدار قرار الفصل رغم مشروعيته لم يكن ملائماً، وبالتالي ترغب في إعادته إلى وظيفته الأصلية السابقة. يجوز في هذه الحالة سحب قرار الفصل شريطة ألا تكون الإدارة قد عينت موظفاً آخرَ في وظيفته تعييناً سليماً، وذلك لأن معنى السحب في هذه الحالة هو فصل الموظف المعين حديثاً وهو مالا يجوز لأن ذلك سيؤدي إلى اضطراب وإخلال بحسن سير المرفق العام. علماً بأن القضاء قد أجاز سحب قرارات فصل الموظفين السليمة في أي وقت من دون التقيد بميعاد معيَّن. ولقد رد الفقه والقضاء هذا الاستثناء إلى اعتبارات العدالة والشفقة بالموظف المفصول وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليها قبل قرار الفصل واعتبار الموظف المفصول قائماً على رأس عمله من أجل الحفاظ على أقدميته ووضعه الوظيفي بين أقرانه، إلى غير ذلك من الآثار التي توجب علاجها رحمة وشفقة بالموظف المفصول، ولن يكون ذلك إلاَّ إذا تم اعتبار مدة خدمته متصلة وغير منفصلة.

وتجدر الإشارة أنه يحق للإدارة أيضاً سحب قراراتها الإدارية الفردية السليمة في أي وقت من دون التقيُّد بميعاد الستين يوماً إذا لم يتولد عنها حقوق مكتسبة لأنها لا تكون بهذه الحالة قد مست بحقوق الغير. أما بخصوص سحب القرارات الإدارية التنظيمية السليمة فهو غير جائز لسببين رئيسيين:

 (أ) ـ إذا طبق القرار التنظيمي تطبيقاً فردياً وبالتالي نشأت حقوق شخصية مكتسبة للأفراد فإنه يمتنع على الإدارة أن تقوم بعملية السحب، لأن في ذلك مساساً بالحقوق والمراكز الشخصية، وهذا لا يجوز قانوناً.

(ب) ـ إذا لم يطبق القرار التنظيمي على الأفراد فهذا يعني أنه لم يولد حقوقاً شخصية، بل مراكز قانونية عامة، فتكتفي الإدارة في هذه الحالة بإلغائها بالنسبة إلى المستقبل وليس ثمة حاجة إلى سحب القرار لأنه يعد من قبيل اللغو.

2ـ سحب القرارات الإدارية المعيبة: لقد أبيح للإدارة أن تقوم بسحب القرارات الإدارية غير المشروعة طالما أنها مهددة بالإلغاء القضائي، وأن تقوم بتصحيح أخطائها بنفسها، ويكون هذا الأمر بناء على تظلم مقَدم من قبل صاحب المصلحة إلى السلطة الإدارية مصدرة القرار أو السلطة الرئاسية، بهدف العودة عن قرارها المعيب بعيب المشروعية، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، هذا من جهة، أو بناء على رقابة ذاتية من خلال مراقبة الرئيس لأعمال مرؤوسيه أو اكتشاف عدم مشروعية القرار من قبل الإدارة التي أصدرته من جهة أخرى. وبالتالي يحق لها تصحيح المسارات القانونية لقراراتها وتراجعها عن القرار غير المشروع بأثر رجعي من خلال سحبها لهذا القرار بقرار إداري صحيح يطابق أحكام القانون واستقرار الحقوق والمراكز القانونية التي تؤدي إلى الطمأنينة في نفوس أصحاب الحقوق، وخدمة لضمان انتظام المرفق العام وحسن سيره، وتلافياً لإجراءات الطعن القضائي الطويلة شريطة أن يكون السحب الإداري للقرار غير المشروع خلال مدة الطعن القضائي أو خلال سير الدعوى وقبل صدور الحكم. فإذا انقضى ميعاد الطعن أو صدر حكم قضائي بذلك لا يجوز للإدارة سحبه. وهذا يدل على حسن نية الإدارة، ومد جسور الثقة بدورها القانوني الذي يهدف على الدوام إلى الحفاظ على المصلحة العامة من خلال احترامها لمبدأ الشرعية. ومن الجدير بالذكر أن سريان ميعاد السحب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بميعاد الطعن القضائي وهو ستون  يوماً من تاريخ إعلان صاحب الشأن بالنسبة إلى القرارات الإدارية الفردية، أو من تاريخ النشر بالنسبة إلى القرارات التنظيمية. لكن بالمقابل إذا انقضت مدة الطعن وتحصن القرار الإداري غير المشروع من السحب الإداري لا يمنع الفرد المتضرر رفع دعوى تعويض عن الأضرار كلها التي لحقت به من جراء هذا القرار الإداري غير المشروع، وإمكانية الدفع بعدم مشروعية القرار التنظيمي إذا أريد تطبيقه على الأفراد لأن الدفع لا يتقادم علماً بأن السحب الإداري للقرار غير المشروع هو جزاء لعدم المشروعية، وبالتالي يجب على الإدارة العمل على تصحيح قراراتها وما يترتب على ذلك من آثار.

3ـ سحب القرارات الإدارية المنعدمة: لقد أجاز القضاء والفقه الإداريان للإدارة سحب القرارات الإدارية التي شابها عيب جسيم جرَّد هذه القرارات من صفتها الإدارية وهبط بها إلى درجة الانعدام، وإنها بهذه الحالة تكون قد فقدت حصانتها بوصفها قرارات إدارية وتحوَّلت إلى مجرد أعمال مادية بحتة يجوز سحبها من قبل الإدارة، وإعلان انعدامها في أي وقت من دون التقُّيد بميعاد الطعن بالإلغاء القضائي. وهذا يعني أن هذه القرارات لا تولد آثاراً قانونية مهما طالت مدة بقائها، ولا يترتب أي مسؤولية على الأفراد الذين يمتنعون عن تنفيذ هذه القرارات، لأن طاعتها ليست واجبة على أحد، لكون التصرف المنعدم لا يمثل أي حقيقة قانونية. إضافة إلى أن انعدام القرار الإداري ليس بحاجة إلى من يقرره، إذ يستطيع صاحب الشأن أن يتمسك به بأي وسيلة كانت وفي كل الأوقات، ولا يمكن تصحيح الانعدام بأي حال من الأحوال؛ لأن التصحيح يجب أن يرد على شيء موجود. والتصرف المنعدم هو تصرف غير موجود بالأصل، لذلك فجميع القرارات الإدارية المتخذة تطبيقاً للقرار المنعدم تعدُّ قرارات منعدمة أيضاً وليس ثمة حاجة إلى إلغائها، وأهم حالتين ـ لا يثور بشأنهما خلاف فقهي أو قضائي ـ لتطبيق نظرية انعدام القرارات الإدارية هما:

(أ) ـ صدور قرار من فرد عادي لا صلة له بالإدارة مطلقاً.

(ب) ـ أن يتضمن القرار اعتداءً على اختصاصات السلطتين التشريعية والقضائية.

إن هاتين الحالتين تدلاَّن على اغتصاب السلطة من قبل فرد لا اختصاص له على الإطلاق، أو صدوره من موظف إداري بدلاً عن السلطة التشريعية والقضائية. فعندما تقوم الإدارة بتنفيذهما تكون قد مارست عملاً مادياً لا قانونياً يعود الفصل فيه قضائياً للقضاء العادي. ويجوز سحبه من قبل الإدارة المختصة أصلاً باتخاذ القرار ابتداءً وليس من قبل الجهة التي أصدرته والتي لم تكن أهلاً لإصداره؛ لأنه لا يجوز للجهة المختصة أن تقوم بإجازة لاحقة للقرار المنعدم بل يجب عليها إعدامه مادياً دون التقيد بميعاد معيَّن.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية (دار الثقافة الجامعية، القاهرة 1991).

ـ سليمان الطماوي، الوجيز في القانون الإداري (دار الفكر العربي، القاهرة 1991).

ـ فؤاد العطار، القانون الإداري (دار النهضة العربية، القاهرة 1977).

- A. LAUBADÈRE, Y, GAUDEMET, J.C. VENIZIA, Traité de droit administratif,(L.G.D.J, Paris, 2000).

- R. CHAPUS, Droit administratif général, (Delta, Paris, 1995).

- A. V. LANG, G. GONDUIN & V.  INSERGUET- DRISSET, Dictionnaire de  droit administratif, (A. Colin, 1999).


التصنيف : القانون العام
النوع : القانون العام
المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان
رقم الصفحة ضمن المجلد : 320
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 512
الكل : 31192952
اليوم : 18109