logo

logo

logo

logo

logo

الضريبة (مقدمة)

ضريبه (مقدمه)

tax (introduction) - impôt (introduction)

 الضريبة

الضريبة

محمد خير العكام

التطور التاريخي للضريبة العدالة الضريبية
تعريف الضريبة وخصائصها الفساد الضريبي
أهداف الضريبة الضريبة السلبية
القواعد الأساسية للضريبة بعض المفاهيم المتعلقة بالضريبة
الأساس القانوني للضريبة الآثار الاقتصادية للضريبة على مستوى الاقتصاد الكلي
 

وجدت الضريبة منذ أن وجد الإنسان بصفته كائناً اجتماعياً، وقد أصبحت في العصر الحديث من أكثر الأدوات المالية التي تؤثر في الاقتصاد الوطني، وقد تبلور مفهومها هذا عبر تطور تاريخي طويل. ولتوضيح مفهوم الضريبة لا بد من دراسة تطورها وتحليل خصائصها وقواعدها الأساسية وإدراك آثارها في مكونات الاقتصاد الوطني.

أولاً ـ التطور التاريخي للضريبة:

تطور مفهوم الضريبة بتطور الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر التاريخ، ففي العصر القبلي كانت فريضة مالية يدفعها المهزوم للمنتصر، وكان المظهر الأول لها هو التضامن الشخصي بين الجماعات السياسية البدائية، كالقبيلة والعشيرة، في سبيل الدفاع عنها ضد المخاطر الخارجية التي تواجهها، وكانت أشبه بخدمة شخصية يقوم بها الفرد لتعود بالفائدة على أفراد العشيرة كافة قبل ظهور مفهوم الدولة. ومع تركز المجتمعات البشرية أخذت الضريبة شكل منحة مالية تدفعها الرعية للحاكم لمساعدته على تنفيذ متطلبات الحكم وشد أزره في الأوقات الصعبة، وما لبث هذا المفهوم الاختياري للضريبة أن تطور نتيجة تمركز الحياة القبلية أكثر واتساع مفهوم الحاجات العامة التي يتطلبها هذا التمركز، كشق الطرقات وتأمين الأمن الداخلي والخارجي والعدالة لمصلحة العشيرة أو الحاكم، وهذا ما جعلها تنقلب من خدمة شخصية إلى تكليف إلزامي شخصي ثم مالي مقابل ما ينتفع منه الأشخاص من تلك الخدمات على شكل رسوم يدفعها الشخص لقاء تلك الخدمات بسبب تطور الأنظمة السياسية وحاجة الأفراد وارتباطهم بالحياة الاجتماعية أكثر. وبذلك عرفت الامبراطورية الرومانية ومصر الفرعونية الضرائب على نطاق واسع من دون أي ضمانات سياسية فكانت تفرض من الحاكم من دون أخذ رأي المكلفين بها ولم يراع فرضها حسب المقدرة التكليفية للأفراد وعدّت في ذلك العصر عملاً من أعمال السيادة التي تقوم بها السلطة المركزية.

ثم جاءت الدولة الإسلامية فتطور مفهوم الضريبة وأصبح للنظام الضريبي الإسلامي خصائص وللضريبة قواعد تفرض على نحو تمييزي ومرن، فتنوعت الضرائب وأصبحت أكثر شمولاً وفرضت الضرائب على الأشخاص وعلى الأموال، كالجزية والعشور التي أصبح لكل منها شروطها وقواعدها التي تختلف عن غيرها من الضرائب، كما فرّق النظام الضريبي الإسلامي بين الضريبة على الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات وفرّق في فرضها بين شركات الأشخاص وشركات الأموال، كما وضع لها ضمانات تكفل توزيع العبء الضريبي بعدالة وربط فرضها بتنفيذ أغراض قواعد الشريعة الكلية في التوفيق بين المصالح الفردية والمصلحة العامة.

ومع بدء العصور الوسطى في أوربا تراجع مفهوم الضريبة، إذ تنازل الملك عن حقه في فرض الضرائب للإقطاعيين وأصبح ينفق من دخل الدومين العام (ممتلكات الملك) الذي أصبح المورد العادي لتمويل النفقات العامة، وبدءاً من القرن الثالث عشر زادت النفقات العامة فاسترد الملك بعض سلطاته لفرض الضرائب بإرادته الحرة بالاتفاق مع الإقطاعيين وسلطة الكنيسة، ثم أخذ يفرضها على الشعب مباشرة وكانت تعد في ذلك الحين إعانة تفرض بموافقة المجالس التي تمثل الشعوب، وهو ما تقرر في إنكلترا عام 1215 في الميثاق الكبير، وفي فرنسا عام 1314 أصبحت تلك المجالس تمنحه الموافقة على تلك الإعانات سنوياً ثم ما لبثت أن منحته إياها على نحو دائم وبذلك تخلّصت الضريبة من صفة المعونة والطبيعة الاختيارية وأصبحت في القرن السادس عشر إيراداً تكميلياً، ثم أصبحت إيراداً عادياً من أجل تغطية النفقات العامة المتزايدة يدفعها الأفراد متضامنين من دون الحصول على خدمة أو منفعة مقابلة، وقد استقر مفهومها في نهاية القرن الثامن عشر على ضرورة موافقة ممثلي الشعب على كل ضريبة قبل فرضها. وكانت بريطانيا السبّاقة إلى ذلك، حيث أصدر الملك شارل الأول عام 1628 وثيقة إعلان الحقوق التي أوجبت موافقة ممثلي الشعب على كل ضريبة قبل فرضها وجبايتها، ثم أقرت الثورة الفرنسية هذا المبدأ عام 1789، وما لبث أن أصبح ذلك مبدأ دستورياً راسخاً لدى جميع الدول.

كانت الضريبة في ذلك الوقت توصف بأنها حيادية، بحسبان أن هدفها المالي المتمثل في تمويل النفقات العامة في نطاقها الضيق لتأمين الحاجات العامة التي يعجز النشاط الفردي عن القيام بإشباعها في ظل الدولة الحارسة هو سبب وجودها وهدفها الأكثر وضوحاً، إلى أن أصبحت في القرن العشرين، بسبب معالجة الأزمات التي عصفت بالنظام الرأسمالي وتطور دور الدولة من حارسة إلى راعية متدخلة، وسيلة مالية يمكن للدولة أن تستخدمها للتأثير في الوضع الاقتصادي والاجتماعي وأصبح لها مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى هدفها المالي التقليدي، وبذلك اكتمل مفهوم الضريبة في العصر الحالي.

ثانياً ـ تعريف الضريبة وخصائصها:

قلما تتعرض التشريعات الوضعية لتعريف الضريبة، إلا أن الفقهاء الماليين قاموا بهذه المهمة وذهبوا في ذلك مذاهب عديدة وتطورت تعريفاتهم بتطور مفهوم الضريبة واختلاف نظرتهم إليها تبعاً لاختلاف اتجاهاتهم الفكرية وتطور المذاهب السياسية والاقتصادية.

فقد عرّفها الفقيه (ميرابو) في كتابه "نظرية الضريبة" عام 1766 بقوله "الضريبة ليست سوى مبلغ يدفع مسبقاً للدولة لضمان الحصول على حماية السلطة العامة"، وقد عرّفها (برودوز) عام 1868 بقوله "الضريبة هي ثمن لخدمات الدولة التي تقوم بإشباع الحاجات العامة"، وقد عرّفها (جيز) عام 1931 بأنها "استقطاع نقدي تفرضه السلطة على الأفراد بطريقة نهائية وبلا مقابل بقصد تغطية الأعباء العامة"، إلا أن أكثر التعريفات انطباقاً على مفهومها الحالي هو أنها فريضة مالية تضامنية يغلب عليها الطابع النقدي تقتطعها الدولة بصورة نهائية ومباشرة وتستخدمها لتحقيق أهدافها العامة.

ومن خلال هذا التعريف يمكن تحديد خصائصها الأساسية:

1ـ الضريبة فريضة مالية أو تأدية يغلب عليها الطابع النقدي: فهي مبلغ من المال يؤديه الفرد إلى الدولة، وهي تتميز بهذه الصفة من الخدمات الشخصية التي كان يفرضها الحاكم على المحكومين في السابق، كالسخرة، وبعض صور الضريبة العينية التي كانت تفرضها الدول في مرحلة الأزمات، كالتي فرضها الاتحاد السوڤييتي السابق عام 1918 لمعالجة الأزمة الغذائية الناتجة من الحرب والضريبة المعدنية التي فرضتها فرنسا في أثناء الحرب العالمية الثانية أو التي سمحت بها بريطانيا عام 1956 بفرضها على التركات من لوحات فنية تاريخية ذات قيمة، ولكن هذا الشكل العيني أصبح استثناءً تفرضه الدولة رغبة منها في تسهيل دفع بعض الضرائب على المكلف.

وأصبحت الضريبة تأدية نقدية في العصر الحديث وأصبحت صورتها النقدية هي القاعدة العامة في فرضها وبذلك أصبحت أكثر عدالة، فيمكن بواسطتها أن تأخذ ظروف المكلف الشخصية والعائلية بعين الاعتبار وتفرض على الربح الصافي لا الإجمالي، وأكثر مردودية لأن جبايتها أسهل ونفقاتها أقل ولا حاجة إلى نقل الأشياء العينية المحصلة وتخزينها مما يعرّضها للتلف ولتبدل القيمة، وأكثر ملاءمة للسلطة العامة إذ لا مجال لإساءة الاستعمال عند جباية المحصولات العينية بأصناف أقل جودة أو التلاعب في الأسعار عند البيع، لهذا لم تعد الضريبة العينية مبررة إلا في الظروف الاستثنائية التي تقدرها السلطة التي تفرض الضريبة.

2ـ الضريبة فريضة إلزامية: تفرض الضريبة جبراً على المكلف الذي لا خيار له في أدائها، فعنصر الإكراه والإلزام فيها قانوني، وبذلك تتميز من الرسوم والقروض، ففرض الضرائب وجبايتها يعدان عملاً من أعمال السيادة التي تتمتع بها الدولة وتنفرد وحدها بوضع النظام القانوني للضريبة فتضعه بما يتناسب وظروفها.

ولا يغيّر من هذه الصفة صدورها بقانون يقره ممثلو الشعب، فموافقة السلطة التشريعية على فرض الضرائب والأذن بجبايتها لا تعني موافقة شخصية من قبل كل مكلف عليها قبل دفعها، لأن بعض الفئات الاجتماعية قد لا تكون ممثلة في تلك المجالس ولكنها ملزمة بتأدية الضريبة. والمشرع يضع النظم والإجراءات الخاصة بفرض الضرائب استناداً إلى سلطة دستورية ولا أثر للعلاقة التعاقدية فيها، ويقترن التشريع الضريبي بالعقوبات الرادعة الكفيلة بجعل الضريبة فريضة إلزامية تختلف عن موارد الدولة الاختيارية، فهي فريضة على كل شخص تنطبق عليه الشروط القانونية الناظمة لها.

3ـ الضريبة فريضة تضامنية: فالضريبة يدفعها المكلف بحسبانه عضواً متضامناً في المجتمع السياسي الذي ينتمي إليه، على أن يتحمل قسطاً من أعباء هذا المجتمع، لا يؤديها مقابل أي منفعة خاصة يستفيد منها مباشرة، وبهذه الصفة تتميز الضريبة من الرسوم التي يدفعها مقابل الحصول على منفعة خاصة ومعينة ومحددة.

4ـ الضريبة تقتطعها الدولة: ينحصر أمر فرض الضريبة واستخدامها وسيلة مالية للدولة، والمقصود بالدولة جميع الأشخاص الاعتباريين الذين أعطاهم القانون هذا الحق. فالضرائب العامة تفرضها السلطة المركزية والمؤسسات والهيئات العامة التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة واستقلال مالي وإداري، والوحدات الإدارية المحلية، الإقليمية والمرفقية والبلديات التي تفرض الضرائب الإقليمية والبلدية (المحلية).

5ـ الضريبة تجبى بصورة نهائية ومباشرة: إذ يدفع المكلف الضريبة بصورة نهائية، فلا يحق له استردادها بحسبانها مشاركة منه في الأعباء العامة، فهي تخرج من الذمة المالية للمكلف وتدخل في ملكية الدولة بصورة نهائية، وبذلك تختلف عن القروض العامة التي تدخل في الذمة المالية للدولة مؤقتاً وتكون ملزمة بإعادتها مع الفوائد عند حلول أجلها.

والضريبة تقتطعها الدولة من المكلفين بصورة مباشرة، وهذا ما يميزها من الموارد النقدية الأخرى، كما هو الحال عند تخفيض الدولة لقيمة عملتها إذ تحصل الدولة على إيراد نتيجة ذلك وهو الفرق بين قيمة النقد قبل التخفيض وقيمته بعد التخفيض ويكون هذا الإيراد في تلك الأحوال إيراداً غير مباشر.

6ـ الضريبة تفرض بلا مقابل: إن المكلف الذي يدفع الضريبة لا يحصل مقابلها على نفع خاص به، إذ يدفعها بحسبانه عضواً في الجماعة السياسية ويستفيد بهذه الصفة من حصيلة هذه الضريبة التي تستعملها الدولة في تأمين الحاجات العامة ليستفيد أفراد هذه الجماعة كلهم من الخدمات العامة التي تقدمها الدولة، إلا أن مقدار هذه الاستفادة لا تتحدد بمقدار ما يدفعه كل منهم من ضرائب، فلا يوجد أي علاقة ارتباط بين مقدار ما يدفعه المكلف وبين الاستفادة من الخدمات العامة التي تقدمها الدولة له، فهو يدفع حسب مقدرته على الدفع التي تختلف من مكلف إلى آخر ويستفيد حسب حاجته من تلك الخدمات التي تختلف أيضاً من شخص لآخر، وبذلك تختلف الضريبة عن الرسم. خاصة أن معظم هذه الخدمات غير قابلة للتجزئة بطبيعتها ومن ثم يتعذر قياس مقدار النفع الذي يعود على كل فرد من أفراد المجتمع منها.

7ـ الضريبة وسيلة مالية لتحقيق أهداف الدولة: تستخدم الدولة الضريبة وسيلة مالية لتحقيق أهدافها العامة، وهذه الصفة التصقت بالضريبة منذ زمن بعيد وإن لم تظهر بوضوح إلا في القرن العشرين، فالدولة الحارسة التي كانت تدعي أنها لا تستخدم الضريبة إلا لغاية تأمين الموارد اللازمة لتمويل النفقات العامة وتوزيع الأعباء العامة بين المواطنين، كانت تستخدمها وسيلة لتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية، فهي لم تفرض الضرائب على نطاق واسع كيلا تؤثر في حجم الادخار والاستثمار الخاص وذلك لإعطاء مبدأ الحرية الاقتصادية أوسع مدى لتتناسب مع عقيدتها الاقتصادية في ذلك الوقت، وكانت تفرضها بصورة نسبية كي تحافظ على المركز المالي للطبقات الاجتماعية المختلفة من دون أي محاولة منها للتخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية للمحافظة على مصالح الطبقة الرأسمالية الحاكمة. فالضريبة وسيلة مالية وليست غاية في حد ذاتها وقد بدت هذه الصفة جلّيةً في العصر الحديث عندما أخذت الدولة تستخدمها للتدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى هدفها المالي، فزيادة العبء الضريبي أو تخفيضه تؤدي إلى نتائج اقتصادية واجتماعية لا يمكن إنكارها وتجب الإشارة أيضاً إلى أن الثورات الكبرى التي شهدها العالم كانت أهم أسبابها زيادة العبء الضريبي وعدم العدالة في توزيع الضرائب على الأفراد وبذلك يتضح البعد السياسي للضريبة.

فالدولة كانت تستخدم الضريبة لتحقيق أهدافها العامة، وقد اتضح هدفها التمويلي حتى عصر الدولة الحارسة، لذلك وصفت بأنها حيادية، ثم تنبهت الدولة إلى الآثار التي يمكن أن تحدثها الضريبة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فأخذت تفرضها من أجل التأثير في هذه الأوضاع بالدرجة الأولى، لذلك أصبح من واجب الدولة التنسيق بين أهداف الضريبة التي يمكن أن تتعارض فيما بينها، وذلك بتحديدها للأولويات المرغوب فيها، لذا فإن أهداف الدولة من فرض الضرائب تختلف تبعاً للمذاهب السياسية والاقتصادية السائدة كما تختلف تبعاً لظروف الدولة الاقتصادية والاجتماعية.

ثالثاً ـ أهداف الضريبة:

أضحى من المؤكد أن للضريبة أهدافاً متعددة ومتشعبة، ومن الناحية التاريخية كان للضريبة حتى الثلاثينات من القرن العشرين هدف واضح وشبه وحيد هو الهدف المالي، لذلك استخدمت السلطات العامة الضريبة للحصول على الإيرادات المالية لتغطية النفقات العامة.

وكان على الإيرادات الضريبية في ذلك الوقت أن تبقى في أدنى حد، حتى إن المفهوم التقليدي للضريبة يعتمد على الفكرة القائلة "الضريبة هي شر لا بد منه"، ومن ثم نادى المفكرون الماليون في ذلك الوقت بضرورة بقاء الضريبة على الحياد فلا تستخدم لأغراض أخرى. غير أن مبدأ حياد الضريبة أخذ يختفي شيئاً فشيئاً وحل محله مبدأ الضريبة التدخلية، إذ عدّت أهداف الضريبة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أكثر أهمية من هدفها المالي.

1ـ الأهداف المالية للضريبة:

إن الهدف المالي للضريبة كان أهم أهدافها، لذلك نشأت أهمية قاعدة وفرة حصيلتها باعتبارها أحد أهم غايات السلطات الحكومية ولا يمكن تحقيقها إلا بشمول الضريبة الشخصي والمادي بحيث تشمل جميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين مع الاقتصاد قدر الإمكان في نفقات جبايتها كي يكون إيرادها مرتفعاً، وهذا ما يمكن ملاحظته في البلدان المتطورة حيث ترتفع نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج القومي الإجمالي، والأمر مرتبط بالواقع والمستوى الاقتصادي للدول.

2ـ الأهداف الاجتماعية للضريبة:

الأهداف الاجتماعية للضريبة كثيرة ومتنوعة وخصوصاً بعد تبلور مفهوم العدالة الاجتماعية وبروز الاتجاهات الحديثة للتوزيع العادل للدخل والحد من استغلال الطبقات الرأسمالية للطبقات الفقيرة إضافة إلى ظهور مفاهيم توزيع العبء الضريبي في المجتمع حسب مستوى دخل وثروة الأفراد.

فالضريبة في العصر الحديث أضحت وسيلة لإعادة توزيع الدخول والثروات والدور الاجتماعي للضريبة نادى به كل من جان جاك روسو وألح عليه الفقيه الفرنسي ڤولتير والمفكر الاقتصادي الاشتراكي كارل ماركس الذي أشار إلى ضرورة استخدام الضرائب لإعادة توزيع الدخل القومي على نحو عادل. لذلك حاولت التشريعات الضريبية استخدام الضريبة لتحقيق مجموعة من الغايات الاجتماعية لعل أهمها:

أ ـ منع تراكم الثروات في أيدي عدد قليل من أفراد المجتمع.

ب ـ تنظيم النسل في الدول زيادة أو ضبطاً.

ج ـ معالجة أزمة السكن.

د ـ معالجة بعض الظواهر الاجتماعية السيئة، كالمظاهر المضرة بالصحة ومحاربة الآفات الضارة وغيرها من الغايات الاجتماعية.

3ـ الأهداف الاقتصادية للضريبة:

الأهداف الاقتصادية للضريبة أصبحت أهم أهداف الضريبة في العصر الحديث، فالضريبة لا يمكن أن تفرض من دون أن تثير انعكاسات على مكونات الاقتصاد الكلي من استهلاك وإنتاج وادخار واستثمار، لذلك تهدف الحكومات اليوم إلى جعل الضريبة وسيلة لحل مشكلاتها الاقتصادية عبر تحليل آثارها على تلك المكونات ولعل أهم هذه الأهداف:

أ ـ تشجيع بعض النشاطات الإنتاجية المرغوب فيها وكبح النشاطات غير المرغوب فيها.

ب ـ معالجة الأزمات الاقتصادية، فالدورات الاقتصادية من رخاء وركود تعد من سمات النظام الاقتصادي المعاصر، وهذه الدورات لها تأثير سيئ في الاقتصاد الوطني لذلك يُلجأ إلى الضرائب لمعالجة الكساد أحياناً والتضخم أحياناً أخرى لتأمين حالة الاستقرار الاقتصادي للدولة وذلك عبر رفع أو خفض العبء الضريبي في المجتمع.

ج ـ منع التمركز في المشاريع الاقتصادية: فيمكن اللجوء إلى الضرائب لمحاربة هذا التمركز عن طريق فرض الضرائب على اندماج الشركات في الدول التي تعاني من هذه المشكلة.

د ـ تشجيع الادخار والاستثمار وذلك عن طريق استخدام الحوافز الضريبية لزيادة معدل الادخار والاستثمار وتوجيه الأخير نحو القطاعات المرغوب فيها.

هـ ـ التحكم بالاستهلاك وخاصة في الدول النامية لكونها في حاجة إلى تنمية الفائض الاقتصادي الذي يمكن أن يتم عبر ضبط الاستهلاك الكمالي وتشجيع استهلاك الحاجات الأساسية للمواطنين التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج الذي يحمل بعداً تنموياً.

رابعاً ـ القواعد الأساسية للضريبة:

من أجل تحقيق أهداف الضريبة السابقة الذكر كان لا بد للضريبة من أن تتمتع بمجموعة من القواعد، دأب المفكرون الماليون على تأصيلها بدءاً من المفكر الإنكليزي آدم سميث في كتابه "ثروة الأمم" عام 1776 حتى الآن، إذ اهتم هؤلاء في البداية بالقواعد التي تحقق هدفها المالي ثم تم تطويرها لتحقيق أهداف أخرى، وهي كما يلي:

1ـ العدالة: فالعدالة هي المؤشر الأول لسلامة الضريبة، وقد بيّن آدم سميث هذا المبدأ بقوله "يجب أن يساهم رعايا الدولة في النفقات الحكومية حسب مقدرتهم النسبية" فآدم سميث يقرر أن اسهام كل فرد من رعايا الدولة في النفقات العامة يجب أن يكون تبعاً لطاقته ومقدرته على الدفع، ويرى أن خير قياس لذلك هو مقدار دخله، لذلك يرى أن الضريبة يجب أن تنصب على الدخل لا على رأس المال مع جواز إعفاء الفقراء منها، ويرى الفقهاء التقليديون أنه لا بد من أجل تحقيق هذا المبدأ من بنائها على الأسس التالية:

أ ـ الشمول في التطبيق: الضريبة يجب أن تشمل جميع الأشخاص والأموال التي تمتد إليها الدولة، سواء كانت مطارحها داخل حدود الدولة أم خارجها.

فمبدأ الشمول يقتضي ملاحقة الأشخاص التابعين للدولة لإخضاعهم لضرائبها فليست إقامتهم خارجها مسوغاً لإعفائهم منها، ولكن ذلك لا يمنع من إعفائهم منها لاعتبارات اجتماعية واقتصادية وسياسية.

كما يقتضي أيضاً ملاحقة الأموال الخاصة والعامة على السواء لإخضاعها للضريبة من دون تمييز، إلا أن ذلك لا يمنع من إعفاء بعض الأموال منها وتخفيض عبئها على بعضها الآخر تبعاً لمصدرها مما يمكن معه تخفيض عبئها على الإيرادات الناتجة من العمل ورفعها على الإيرادات الناتجة عن رأس المال.

ب ـ المساواة: إن تحقيق مبدأ العدالة يقتضي أن يكون عبء الضريبة واحداً لجميع المكلفين أي أن يتساوى الجميع في مقدار الضريبة ومعدلها للنوع الواحد من الدخل، لذلك عدّ المعدل النسبي للضريبة في البداية هو ما يحقق مبدأ المساواة في توزيع العبء الضريبي مهما كان مقدار الدخل، إلا أنه تم التخلي عن المعدل النسبي وتم تبني المعدل التصاعدي بعد ذلك لتحقيق مبدأ المساواة في التضحية، فالمساواة الحقيقية لا تتم إلا بمراعاة المقدرة التكليفية الحقيقية للمكلف التي تختلف تبعاً لمقدار دخله وثروته وظروفه العائلية والاجتماعية.

2ـ الوفرة: ما دام الهدف الرئيس لنشوء الضريبة كان الهدف المالي، لذلك من الطبيعي أن تكون قاعدة الوفرة من القواعد الأساسية التي اهتم بها الفقه المالي، وتتأثر الوفرة بعوامل كثيرة لعل أهمها:

أ ـ عمومية الضريبة، فكلما كان مطرح الضريبة عاماً شاملاً كانت حصيلتها أكثر وفرة وأكثر غزارة، لذلك تم التحول من نظام الضرائب النوعية على الدخل والإنفاق إلى نظام الضرائب العامة مع ازدياد حاجة الدول إلى الإيرادات الضريبية.

ب ـ الاعتدال في معدلها: يجب ملاحظة أن رفع معدل الضريبة لا يؤدي دائماً إلى زيادة حصيلتها، بل قد يؤدي إلى تقليل حصيلتها، فإن رفع معدلها أكثر مما يتحمله المكلفون يؤدي إلى تثبيط همم الأفراد وحافزهم على العمل والإنتاج الذي يؤدي إلى تخفيض دخولهم وتضييق مطارح الضريبة ومن ثم نقص حصيلة الضريبة المفروضة على تلك المطارح، كما يؤدي إلى زيادة العبء النفسي على المكلفين مما يدفعهم إلى التهرب من دفعها، لذلك يتفق معظم الاقتصاديين على أنه ليس من الضروري أن يتوافر عنصر وفرة الحصيلة في كل ضريبة تفرضها الدولة وإنما يكتفى أن يتوافر هذا العنصر في النظام الضريبي بأكمله.

ج ـ الثبات: من الثابت أن حصيلة كل نوع من الضرائب تتأثر بالحالة الاقتصادية للدولة فحالتا التضخم والركود تؤثران في حصيلة الضريبة زيادة أو نقصاناً، فهنالك ضرائب تتميز بثبات حصيلتها، كالضرائب المباشرة، أكثر من الضرائب الأخرى التي تكون حصيلتها مرتبطة بتلك الحالة، كالضرائب على الإنفاق، لذلك فإن تحقيق الثبات النسبي في حصيلة الضرائب في الدولة يتطلب منها أن تعتمد على كلا النوعين من هذه الضرائب في توليد حصيلتها الضريبية كي يتسم نظامها الضريبي بالكفاءة والفعالية وذلك لمواجهة الإنفاق العام المتزايد.

د ـ المرونة: ويقصد بذلك أن تكون الحصيلة الضريبية قابلة للزيادة والنقصان تبعاً لتغير معدلها، فالضرائب المرنة هي التي لا يؤدي رفع معدلها إلى تقلص نطاق مطرحها، فعندما تكون الضرائب مرنة يمكن زيادة حصيلتها عن طريق رفع معدلها، وإن كانت غير مرنة فإن رفع معدلها يؤدي إلى تقلص نطاق مطرحها، ومن ثم لن يؤدي إلى زيادة حصيلتها بسبب هذا التقلص، لذا يجب على الدول أن تتنبه إلى هذه الخاصية عند رفع معدلات ضرائبها كيلا تؤثر في مقدار حصيلتها، وأن تعتمد ما أمكن على الضرائب المرنة.

هـ ـ جعل الضريبة غير منظورة: من أجل المحافظة على ثبات الحصيلة يجب أن تحرص الدول على التخفيف من العبء النفسي للضريبة على المكلف وذلك بجعله لا يشعر بعبئها كلما أمكن ذلك، لذا تعد الضرائب غير المباشرة أكثر مناسبة للمكلف كونها تختفي في سعر السلعة أو الخدمة المفروضة عليها، كما تعد جبايتها عند منع الضرائب المباشرة أفضل وسائل الجباية في ذلك النوع من الضرائب، وكلما أمكن جعل الضرائب غير منظورة حافظت الضرائب على وفرة حصيلتها.

3ـ اليقين: وتقتضي هذه القاعدة أن تكون الضريبة واضحة في أحكامها في النصوص القانونية أو التعليمات التنفيذية والبلاغات والقرارات الإدارية المتصلة بتنفيذها، ولا يشوبها أي غموض أو إبهام سواء في كيفية تحديد مطرحها أو في تحديد معدلاتها ومواعيد استحقاقها أم في تحديد إجراءات تحصيلها أو طرق وإجراءات الاعتراض عليها وكل ما يتصل بها من أحكام، بحيث يفهمها كل فرد من دون أي معاناة في تفسير أحكامها، فالصياغة التشريعية يجب ألا تحتمل التأويل والاختلاف، هذا ما يجعل المكلفين يرتبون التزاماتهم المالية بناء على فهم المقصود بأحكامها ويسّهل من عملية دفعهم لها من دون احتكاك مع الإدارة الضريبية.

واليقين الضريبي يتطلب الشفافية في التعامل مع المكلف، فلا بد من نشر القوانين والتعليمات التنفيذية والقرارات الإدارية المتعلقة بالضريبة لتصبح في متناول المكلفين ليعرفوا ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، والتقليل ما أمكن من إجراء التعديلات في أحكامها، ولا شك في أن عدم وضوح الضريبة وكثرة تعديلاتها غير الضرورية يبعدان الضريبة عن اليقين ويؤديان إلى كثرة النزاعات والفساد مما يؤثر سلباً في العلاقة بين المكلف والإدارة الضريبية ويحفز المكلفين على التهرب منها، لذلك يمكن القول إن عدم اليقين في أي نظام ضريبي أشد خطراً من عدم عدالته ويؤثر سلباً في وفرة الحصيلة وسرعة التحصيل.

4ـ الملاءمة: وتقتضي هذه القاعدة أن تكون الأحكام المتعلقة بتحصيل الضريبة ملائمة للمكلف، وخاصة فيما يتعلق بمواعيد وأساليب الجباية.

فمواعيد الجباية يجب أن تكون مناسبة لظروف المكلف المالية والمعيشية، كأن تكون عند الحصول على الدخل أو بعد الحصول عليه بوقت قصير، وذلك لأن الجباية المتأخرة للضريبة تسبب نوعاً من المشقة على المكلف، فمعظم التشريعات تلجأ إلى طريقة الحجز عند المنبع كلما أمكنها ذلك.

وأساليب الجباية يجب أن تكون أكثر مناسبةً للمكلف بحيث لا يشعر معها بوطأة الضريبة وبعبئها النفسي ولا بد من استبعاد الأساليب التعسفية في التحصيل أو التي تؤدي إلى نفور وتذمر المكلفين، بل لا بد من اللجوء إلى الأساليب التي تيسّر على المكلفين تنفيذ التزاماتهم الضريبية والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى الاحتكاك بهم.

5ـ الاقتصاد: وتقتضي هذه القاعدة أن تكون الأحكام الفنية لفرض وتحصيل الضريبة تسمح بتحصيلها بأقل تكاليف ممكنة، أي أن يكون صافي إيراداتها أكبر ما يمكن بعد استقطاع تكاليف تحصيلها. فلا خير في ضريبة يستنفد تحصيلها الجزء الأكبر من حصيلتها.

إن هذه القواعد أصبحت اليوم الدعائم الأساسية التي يرتكز عليها النظام الضريبي الحديث، وهذا ما جعل بعضهم يصفها بدستور الضرائب. أو أسس النظام الضريبي الحديث.

خامساً ـ الأساس القانوني للضريبة:

كثرت الدراسات المالية التي تبحث في الأساس القانوني الذي ترتكز إليه الدولة في فرض الضريبة، ومن ثم معرفة الطبيعة القانونية للضريبة لإيضاح مفهومها بصورة أفضل، فكثيراً ما اعتبرت الضريبة عقداً بين المكلف والدولة ولكن بعد ذلك اعتبر التضامن الاجتماعي وسيادة الدولة الأساس القانوني الصحيح الذي تستمد الدولة منه سلطتها في فرض الضرائب، وتبعاً لذلك تختلف الطبيعة القانونية للضريبة بين النظرية التعاقدية ونظرية التضامن.

1ـ النظرية التعاقدية:

يعود أصل هذه النظرية إلى فكرة العقد الاجتماعي التي نادى بها فلاسفة القرن السابع عشر أمثال لوك وهوبز وبعض فلاسفة القرن الثامن عشر أمثال جان جاك روسو وميرابو وتتلخص هذه النظرية في أن الأفراد في إطار حياتهم الاجتماعية عقدوا بينهم وبين الدولة عقداً ضمنياً يتنازل بمقتضاه كل فرد عن جزء من حريته وعن جزء من أمواله للدولة مقابل أن تضمن له الدولة الحرية في ممارسة ما تبقى منها ومن أمواله في تحقيق أهدافه، وعلى ذلك فإن واجب دفع الضريبة يستند إلى اتفاق تعاقدي بين الفرد والدولة. غير أن أصحاب هذه النظرية اختلفوا حول طبيعة هذا العقد نتيجة اختلافهم حول طبيعة الخدمة التي تقدمها الدولة مقابل هذه الضريبة التي من الواجب عليهم دفعها، واختلفوا في وصف هذا العقد كما يلي:

أ ـ فكرة عقد الخدمات: فقد عبر آدم سميث عن هذا العقد بأنه عقد إيجار تقدم بموجبه الدولة للأفراد الخدمات مقابل دفع هؤلاء ثمن هذه الخدمات، إلا أن هذه النظرة سرعان ما انهارت لبعدها عن الواقع ومغايرتها للمنطق، فهي بعيدة عن الواقع لأنها تغفل استفادة جميع الناس من الخدمات التي تقدمها الدولة مقابل الضريبة وإلى كون معظم هذه الخدمات غير قابلة للتجزئة ولا يمكن قياس مدى استفادة كل منهم منها، إضافة إلى أن بعض هؤلاء يستفيدون من تلك الخدمات من دون أن يدفعوا أي مقابل، وهي مغايرة للمنطق لأنها تعد الدولة بائعة لهذه الخدمات وهذا يستلزم التساوي بين مقدار ما يدفعه الفرد مع قيمة الخدمات التي ينتفع منها؛ وهذا يتنافى مع فكرة الدولة ذاتها، كما أنها تؤدي إلى حرمان غير القادرين على الدفع من رعاية الدولة لهم.

ب ـ فكرة عقد شركة إنتاج: ويذهب فريق من الكتاب إلى تكييف العقد على أنه عقد شركة إنتاج خدمات، فالجماعة (أفراد المجتمع) يشكلون شركة إنتاج يسهم أفرادها في رأسمالها والدولة هي مجلس إدارة هذه الشركة التي تؤمن من خلالها الخدمات التي لا يمكن لهم الاستغناء عنها، فالأفراد يشتركون في تكوين رأسمال هذه الشركة بنسبة ما ينتفعون منها من خدمات.

وقد وجهت لهذه النظرية عدة انتقادات مفادها اعتمادها على مبدأ المنفعة الشخصية من خدمات تلك الشركة بغض النظر عن الروابط المعنوية التي تجمعهم ضمن الدولة.

ج ـ فكرة عقد التأمين: ونادى بها الفقيه جيراردان الذي قال: إن الضريبة ليست سوى قسط تأمين يؤديه المكلف مقابل الانتفاع بالجزء الباقي من دخله وثروته على اعتبار أن الدولة ليست سوى شركة تأمين يؤمن فيها الأفراد على أموالهم مقابل حمايتها لهذه الأموال، إلا أن هذه النظرية كانت بعيدة عن الواقع بسبب طبيعة الخدمات التي تقدمها الدولة مقابل الضريبة فهي ليست خدمات أمنية فقط، فالدولة لا تدفع أي تعويض للأفراد عن الأضرار التي قد تلحق بممتلكاتهم بل تضمن فقط هذا الضرر قبل وقوعه من دون أن تلتزم بالتعويض عنه عند حصوله.

د ـ فكرة عقد البيع أو المقايضة: وصف الفقيه مونتسيكو هذا العقد بأنه عقد بيع يبيع بموجبه الفرد للدولة جزءاً من أمواله مقابل حق التمتع بالجزء الآخر، وبعضهم اعتبره عقد مقايضة بين مال المكلف والمنفعة التي يحصل عليها من الدولة.

هـ ـ فكرة العقد المالي: نتيجة عدم اتفاق الفقهاء التقليديين على طبيعة هذا العقد، عدّ من قبل بعضهم مجرد عقد مالي بين المكلف والدولة بحيث تتحدد بموجبه التزامات وحقوق كلا الطرفين، فالدولة ملتزمة بموجبه بتوفير الأمن والخدمات الأساسية للمكلف وتحقيق العدالة، كما يلتزم الأفراد بدفع الضريبة مقابل ما ينتفعون به من الدولة.

ولكن النظرية التعاقدية لم تصمد أمام تطور الفكر السياسي والاقتصادي، فهي مستمدة من حق الملكية وحق التعاقد وهذا يتناقض مع مفهوم الدولة ذاته حتى في ظل الفكر الفردي، ولو عدّ ذلك العقد مجرد عقد إذعان تفرضه الدولة على الأفراد، فقد انتقدت هذه النظرية لأسباب واقعية تتعلق بمفهوم الدولة ومفهوم الضريبة ذاته للأسباب التالية:

(أ)ـ صعوبة تقويم المنافع العامة التي يحصل عليها كل فرد من الدولة بالمال لإقامة التوازن بين كمية ما يدفع وكمية ما يستفيده مقابلها من خدمات، وذلك لكون معظم هذه الخدمات غير قابلة للتجزئة.

(ب)ـ إن النظرية التعاقدية تحصر وظائف الدولة في العقد والواقع يشير إلى أن وظائف الدولة لا يمكن أن تحصر في المحافظة على ثروة الأفراد وسلامتهم فقط.

(ج)ـ يستفيد من الخدمات التي تقدمها الدولة مقابل الضرائب التي يدفعها الأفراد. أفرادٌ لا يدفعون ضرائب أو يدفعون ضرائب أقل مما ينتفعون به من خدمات. لهذه الأسباب تم العدول عن هذا الأساس القانوني لفرض الضريبة على أساس فهم أعمق لمفهوم الدولة والضريبة معاً.

2ـ النظرية التضامنية:

يعد الفقيه لوفبرجر الضريبة واجباً وطنياً، فكما يحق للدولة أن تفرض التجنيد الإجباري للدفاع عن الوطن يجوز لها أن تفرض الضريبة على المكلفين حتى تتمكن بحصيلتها من تغطية النفقات العامة وتحقيق أهدافها. فالضريبة تعبر عن تضامن المواطنين ومشاركتهم في تحمّل الأعباء العامة وذلك تبعاً لمقدرتهم على الدفع المختلفة باختلاف مقدار دخولهم وثرواتهم لا مقدار ما ينتفعون به من خدمات.

وقد أخذ هذا التضامن في السابق شكلاً اختيارياً ثم أصبح إجبارياً، والإلزام الذي تحمله الضريبة مستمد من سلطة الدولة وامتيازاتها لا من العقد المفترض بين المكلف والدولة، فالواقع يؤكد أن لا وجود لهذا العقد المفترض، وفكرة الضريبة مستمدة من فكرة التضامن الاجتماعي الموجودة بين جميع المواطنين في الدولة التي تقتضي وجوب تضامن الأفراد فيما بينهم كل حسب مقدرته على المشاركة في الأعباء العامة حتى تتمكن الدولة من حماية المجتمع بأكمله وتوفير الخدمات اللازمة لاستمرار الحياة الاجتماعية لأفراده بصرف النظر عن مدى مساهمة كل فرد من أفراده في تحمل هذه الأعباء، وذلك لوجود مصلحة مشتركة بين جميع أفراد المجتمع في تقويه هذا التضامن تتمثل في حماية الحياة الاجتماعية ذاتها والتي لا يمكن للأفراد أن تستمر حياتهم من دونها، لذلك يتضامنون في تحمل الأعباء العامة التي تستلزم ذلك.

ويقصد بأفراد المجتمع في هذا المجال:

أ ـ رعايا الدولة الذين يتمتعون بجنسيتها ولو كانوا مقيمين في الخارج نظراً لارتباطهم بها.

ب ـ الأجانب الذين يرتبطون بالدولة بعلاقة إقامة أو وجود أموالهم داخلها ما دامت تضمن لهؤلاء الخدمات اللازمة.

ويعد هذا المفهوم أكثر تحقيقاً للعدالة من مفهوم الضريبة وفق النظرية السابقة وتم بموجبه فك علاقة الارتباط بين ما يستفيد منه المكلف من الضريبة وما يدفعه للدولة، فطبيعة العلاقة بين المكلف والدولة هي علاقة قانونية وليست مجرد علاقة تعاقدية، وقد ترتب على هذه النظرية عدة نتائج لعل أهمها:

 أ ـ إن فرض الضريبة يعد عملاً من أعمال السيادة للدولة تفرض بموجب قوانين.

ب ـ يمكن أن تفرض الضريبة على المواطنين والمستفيدين من الخدمات التي تقدمها الدولة.

ج ـ تفرض الضريبة على الأشخاص بصرف النظر عن النفع الخاص الذي يعود على كل منهم من خدمات وذلك تبعاً لمقدرتهم على الدفع باعتبارهم أعضاء في منظمة سياسية هي الدولة تسمح لهم بالمشاركة في أعبائها العامة ويعبرون من خلالها عن انتمائهم لها.

سادساً ـ العدالة الضريبية:

يفرق الفقهاء بين العدالة بحسبانها ركناً من أركان الضريبة أو قاعدة من قواعدها الرئيسة وبين العدالة بحسبانها هدفاً من أهدافها، فتتجسد بوضوح بحسبانها ركناً من خلال النصوص القانونية المتعلقة بفرضها وتحصيلها وجبايتها بما يتناسب وقدرة المكلف على الدفع، وبحسبانها هدفاً أصبح للضريبة في العصر الحديث وظيفة ودور اجتماعي تتمثلان في استخدامها أداة لتوزيع الدخول والثروات بين أفراد المجتمع وطبقاته، والطبيعة الاجتماعية للضريبة تتعلق بتحقيقها للعدالة.

مفهوم العدالة مفهوم حساس وخطير تبلور وتأصل ضمن إطار علمي صحيح عندما ارتفع حجم النفقات العامة وزادت مقابلها الضرائب وأصبح المكلف يشعر بوطأتها أكثر، مما جعله يطالب بتحقيق العدالة بمناسبة دفعها بإلحاح أكثر وجعل الفقهاء يبحثون في كيفية تحقيقها.

ومفهوم العدالة الضريبية هو مفهوم نسبي يختلف من طبقة اجتماعية إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى باختلاف عقيدتها السياسية ودورها الاقتصادي والاجتماعي، ولكنه من أكثر المفاهيم المتعلقة بالضريبة صعوبة بسبب اختلاف النظرة إلى العدالة من جهة وصعوبة قياس الضريبة على كل مكلف من جهة أخرى، إضافة إلى تطور مفهوم الضريبة ذاته، فقد انعكس ذلك على تطور مفهوم العدالة.

1ـ تطور مفهوم العدالة الضريبية:

بنى الفقهاء التقليديون مفهوم العدالة على أساس المنفعة ليتناسب مع المفهوم التعاقدي للضريبة، ولما تطور مفهومها وبني على أساس التضامن أصبحت العدالة تعبر عن قدرة المكلف على الدفع.

أ ـ نظرية المنفعة: عدّ فقهاء المالية العامة التقليديون الضريبة عادلة عندما يدفع المكلف ضريبة للدولة تعادل ما يحصل عليه من منافع، أي عندما تتساوى المنفعة الحدية التي تضيع على المكلف بسبب دفع الضريبة مع المنفعة الحدية التي يحصل عليها المكلف من الإنفاق العام أي ما يحصل عليه من منفعة نتيجة لقيام الدولة بنشاطاتها، وبناء على هذه النظرية عدّ المعدل النسبي للضريبة هو المحقق للعدالة.

إلا أن هذه النظرية لم تصمد طويلاً وذلك بحسب تطور مفهوم الضريبة من جهة وصعوبة قياس هذه المنفعة من الناحية العملية من جهة أخرى.

ب ـ نظرية القدرة على الدفع: ما دامت الضريبة تعبر عن مشاركة الأفراد في الأعباء العامة التي تفرضها الدولة بما لها من سلطات عليهم؛ فإن العدالة الضريبية تقوم على أساس قدرة هؤلاء على المشاركة في تلك الأعباء التي تختلف من فرد إلى آخر حسب ملاءته أي قدرته على الدفع التي تعني المساواة في التضحية أو الحرمان الذي تحدثه الضريبة لدى المكلفين والتي لا يمكن التوصل إليها إلا بمعرفة استخدامات الدخول والثروات، وللوصول إلى هذه المساواة يجب التفريق بين طرق استخدام المكلف لأمواله، فكلما كانت الفائدة من هذا الاستخدام أقل يجب رفع المعدل الضريبي لتحقيق هذه المساواة وكلما ازداد دخل المكلف أو ثروته ازدادت قدرته على الدفع فحجم الدخل يتناسب طرداً مع المنفعة وعكساً مع الإسراف، لذلك يجب أن يزداد العبء الضريبي عند زيادة الدخل أو الثروة لدى المكلف ومن هنا تم تبرير المعدل التصاعدي للضريبة من أجل تحقيق العدالة الضريبية.

2ـ وسائل تحقيق العدالة الضريبية:

تبلور مفهوم العدالة الضريبية بحسبانه هدفاً للنظام الضريبي، فقد عدت الضريبة وسيلة للتخفيف من حدة التفاوت الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع بعد أن استندت إلى نظرية القدرة على الدفع، والعدالة أصبح ينظر إليها على مستويين:

أ ـ المستوى الأفقي: وتعني العدالة الأفقية ضرورة معاملة المكلفين ذوي الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتساوية معاملة ضريبية متساوية.

ب ـ المستوى الرأسي: وتعني العدالة الرأسية ضرورة معاملة المكلفين ذوي الظروف الاقتصادية والاجتماعية المختلفة معاملة ضريبية مختلفة، فيرتفع العبء الضريبي على المكلف كلما تمتع بظروف اقتصادية أفضل أو اكتسب دخلاً أكبر.

لذلك فقد طوّر الفكر الضريبي الكثير من الوسائل لتحقيق العدالة الضريبية لعل أهمها:

أ ـ استخدام المعدل التصاعدي للضرائب، فالضرائب التصاعدية تعمل على تخفيف حدة التفاوت الطبقي بين أفراد المجتمع، وتمنع تمركز رؤوس الأموال بأيدي قلة قليلة من أفراده.

ب ـ الاعتماد على ضرائب الدخل في تكوين الإيرادات الضريبية في المجتمع الضريبي والاعتماد على الضرائب المباشرة أكثر من الضرائب غير المباشرة في تكوين الإيرادات الضريبية الكلية في المجتمع الضريبي باعتبارها تعكس المقدرة التكليفية الحقيقية للمكلف أكثر من الضرائب غير المباشرة.

ج ـ الأخذ بمبدأ تشخيص الضريبة، أي الأخذ بالظروف الشخصية والعائلية للمكلف عند فرض الضريبة.

د ـ الأخذ بمبدأ الضرائب العامة على الدخل والإنفاق بدل الضرائب النوعية.

هـ ـ إعفاء تكاليف الحصول على الدخل من الضريبة ومن ثم فرض الضريبة على الدخل الصافي لا على الدخل الإجمالي للمكلف.

و ـ الأخذ بمبدأ إعفاء الحد الأدنى للمعيشة، فلا بد من أجل تحقيق العدالة الضريبية من إعفاء جزء من دخل كل مكلف يسمح له بالحصول على ما يلزمه من الحاجات الأساسية التي تضمن له حداً أدنى من المعيشة، ولا يجوز إلزام المكلف بالإسهام في النفقات العامة قبل أن يكفل لنفسه ولأسرته مقومات الحياة الأساسية من سلع وخدمات.

ويبرر علماء الاقتصاد والمالية العامة هذا الإعفاء بما يلي:

(1)ـ إذا لم يقرر المشرع إعفاء الحد الأدنى للمعيشة من الضريبة ستضطر الدولة إلى مساعدة أصحاب الدخول المحدودة بتقرير إعانات لهم كأنها بذلك سترد لهم ما سبق أن أخذته منهم على شكل ضرائب.

(2)ـ إن أصحاب الدخول المحدودة يخضعون للضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات الضرورية وهذا يتطلب إعفاءهم من الضرائب المباشرة على دخولهم من أجل تحقيق العدالة الضريبية.

(3)ـ إن تحصيل الضرائب على الدخول المحدودة يستلزم نفقات عالية تأكل معظم حصيلتها وهذا يتناقض مع مبدأ الاقتصاد في التحصيل.

ولكن تحديد الحد الأدنى للمعيشة تكتنفه بعض الصعوبات نظراً لاختلاف ظروف كل مكلف العائلية والشخصية ومستوى الأسعار في كل مجتمع، لذلك يجب عدم ترك هذا الحد جامداً ولا بد من تحريكه بما يتناسب ومعدل ارتفاع الأسعار في المجتمع، وربطه بهذا المعدل دورياً.

يجب الأخذ بالظروف العائلية والشخصية لكل مكلف عند تحديد الحد الأدنى للمعيشة، فالمقدرة التكليفية الحقيقية للمكلف تتأثر بالأعباء العائلية والشخصية، فمن يعيل أكثر من شخص تقل مقدرته التكليفية الحقيقية عن المكلف الذي لا يعيل أحداً، ويمكن الوصول إلى ذلك بإحدى الوسائل التالية:

ـ حسم جزء أكبر من الدخل الضريبي عن كل شخص يتحمل المكلف إعالته.

ـ تخفيض معدل الضريبة عن كل شخص يتحمل المكلف إعالته.

ـ رفع معدل الضريبة كلما قل عدد الأشخاص الذين يتحمل المكلف إعالتهم.

سابعاً ـ الفساد الضريبي:

تعد بيئة العمل الضريبي مجالاً واسعاً للفساد الضريبي الناتج من إساءة الموظف للسلطات الممنوحة له في إطار فرض وتحقق وجباية الضرائب لتحقيق منفعة خاصة له على حساب حقوق الإدارة الضريبية.

وبهذا المعنى للفساد الضريبي فإنه يؤدي إلى النتائج نفسها الناتجة من التهرب الضريبي إلا أنه يمكن التفريق بينهما في أن التهرب الضريبي يتم من قبل المكلف أما الفساد الضريبي يتطلب تعاوناً بين موظف الإدارة الضريبية والمكلف أو من يمثله.

إن أسباب الفساد الضريبي تكمن في ضعف رواتب موظفي الإدارة الضريبية والحماية السياسية للفاسدين وضعف مستوى الرقابة الإدارية وارتفاع معدلات الضرائب وتوسع السلطة التقديرية الممنوحة إلى موظفي الإدارة الضريبية في معرض فرض الضريبة وتحققها وجبايتها وقلة الشفافية الضريبية، وانخفاض الوعي الضريبي.

لذلك اهتم الكتاب ببيان آثار الفساد الضريبي التي غالباً ما تدور حول:

أ ـ نقص الإيرادات الضريبية مما يجعل الموازنة العامة للدولة تقع في حالة عجز يؤثر في ميزان المدفوعات وقيمة العملة المحلية.

ب ـ إن الفساد الضريبي يؤدي إلى خلل في تحقيق مبدأ العدالة الضريبية، مما يتطلب فرض المزيد من الضرائب على الملتزمين بدفعها، ويؤثر في توزيع العبء الضريبي وفق مبدأ القدرة على الدفع ويجعله يتناسب عكساً مع القدرة على القيام بأعمال الفساد لا القدرة على الدفع التي تعبر عن فكرة العدالة.

ج ـ يؤدي تفاوت توزيع العبء الضريبي الناتج من الفساد الضريبي إلى تقليل الكفاءة الاقتصادية للمجتمع الضريبي، مما يؤثر في حجم الاستثمارات المنتجة في المجتمع نتيجة الرشاوى المدفوعة للقيام بالفساد الضريبي ويغير من مسار الاستثمار نحو الاستثمارات غير المنتجة ويقلل من قدرة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على القيام بأعمالها وقدرتها على منافسة المنشآت الكبيرة القادرة على القيام بأعمال الفساد الضريبي أكثر.

إن حل مشكلة الفساد الضريبي تتعلق بالمكلف والإدارة الضريبية معاً، فمعالجة الفساد الضريبي تتم بمعالجة أسبابه من ناحية المكلف والإدارة الضريبية، وما دام الفساد الضريبي يتطلب اتفاقاً بين المكلف والإدارة الضريبية ويؤدي في النتيجة إلى التهرب أو التسرب الضريبي فلا بد من معالجة الأسباب التي تدعو إلى التهرب الضريبي وخاصة التشريعية والإدارية المتعلقة بضرورة جعل التشريعات الضريبية واضحة وإجراءاتها بسيطة إضافة إلى معالجة أسبابه من ناحية المكلف كفرض الضريبة بعدالة ورفع الثقافة والوعي الضريبي لديه، ومساعدته على تنفيذ التزاماته الضريبية، وهذا كفيلٌ بمعالجة ظاهرة الفساد الضريبي.

ثامناً ـ الضريبة السلبية:

تعد الضريبة السلبية فكرة حديثة نسبياً، إذ كان أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاغو في الولايات المتحدة ميلتون فريدمان أول من نادى بها وذلك في كتابه "الرأسمالية والحرية" الذي نشره عام 1962.

ومازالت هذه الفكرة محل جدل ونقاش بين علماء المالية العامة في معظم دول العالم وبصفة خاصة في كل من الولايات المتحدة وإنكلترا وفرنسا، حيث أُخذ بهذه الفكرة عنواناً للإصلاح الضريبي الحاصل في تلك الدول وخاصة في فرنسا في السنوات الأخيرة.

في الواقع إن الجدل والنقاش في تلك الدول لم يتعلق بتأييد هذه الفكرة أو الاعتراض عليها بل في ضرورة الجمع بين فكرة الضريبة السلبية والضريبة الإيجابية من أجل تحقيق التكافل الاجتماعي على الوجه المرغوب فيه وكيفية حل المشاكل الناشئة من الأخذ بفكرة الضريبة السلبية وأثر تطبيقها في عجز الموازنة وقدرة الدول على حل المشاكل الناشئة من الأخذ بها.

فإذا كانت الضريبة الإيجابية ترتبط بقدرة المكلف على الدفع المرتبطة بحجم دخله الشخصي وثروته فإن انخفاض هذا الدخل عن الحد الأدنى للمعيشة أصبح دليلاً على فقر هذا المكلف ومن ثم حاجته إلى قدر معين من المال لإشباع حاجاته الأساسية، وحاجته إلى الضريبة السلبية؛ لذا يمكن تعريف الضريبة السلبية "بأنها مبلغ من المال يجب أن تدفعه الدولة للأفراد غير القادرين بما يضمن حصولهم على حد أدنى من الدخل الذي يسمح لهم بإشباع حاجاتهم الأساسية"، والضريبة السلبية بهذا المفهوم هي فكرة مغرية للأفراد غير القادرين على الحصول على الحد الأدنى للمعيشة، لذا كانت هذه الضريبة أحد أهم البرامج الانتخابية لرؤوساء الولايات المتحدة عام 1968 و1974 والرئيس الفرنسي في سبعينات القرن الماضي جيسكار ديستان.

1ـ المبادئ العامة المرتبطة بالضريبة السلبية:

أ ـ هنالك علاقة وطيدة بين دخل الفرد ومقدار ما يجب أن يحصل عليه من ضريبة سلبية فإذا كانت الدولة قد رأت أن الحد الأدنى للدخل الذي يسمح للمكلف بإشباع حاجاته الأساسية هو ستون ألف ليرة سورية سنوياً وكان دخل الفرد أقل من هذا المبلغ فإن الفرق بين هذا الحد ودخل الفرد هو مقدار الضريبة السلبية الذي يجب أن تدفعه الدولة إلى هذا الفرد سنوياً، لذا فإن تحديد مقدار الضريبة السلبية يرتبط بحد الفقر الذي تحدده الدولة. والذي يجب أن يبقى قابلاً للتعديل باستمرار تبعاً لمعدلات التضخم.

ب ـ إن الضريبة السلبية تفرض على المستوى العائلي لا على المستوى الفردي، وهذا ما يستدعي مراعاة الأعباء العائلية للفرد (رب الأسرة) إذ تسلم الدولة قيمة هذه الضريبة له بحسبانه مسؤولاً عن إعالة هذه الأسرة، لذا تختلف قيمة هذه الضريبة باختلاف عدد أفراد أسرته المسؤول عن إعالتها.

ج ـ عند حساب دخل الفرد من أجل معرفة قيمة الضريبة السلبية يحسب دخل الفرد من أي مصدر يحصل عليه ولو كان عرضياً أو مفترضاً كدخله الناتج من ملكيته لمحل سكنه أو دخله المفترض الناتج من إنتاجه الزراعي المخصص لاستهلاكه الذاتي.

د ـ لا يستحق الفرد الضريبة السلبية إلا إذا قل دخله عن الحد الأدنى للمعيشة في فترة معينة قبل ذلك ولا تقل هذه الفترة عن السنة مثلاً، ولكنه بعد ذلك يتم صرفها له شهرياً ومن ثم تتم المحاسبة المالية عنها على أساس دخله السنوي.

2ـ المشاكل التي يمكن أن تثيرها الضريبة السلبية:

أ ـ أثار بعضهم مشكلة أن الدولة إذا حددت حداً أدنى للدخل الذي يقل عنه دخل الفرد، فإن ذلك قد يدفع هؤلاء الأفراد إلى التقليل من رغبتهم في العمل وتكاسلهم عن تحسين مستوى معيشتهم، مما يشجع على زيادة نسبة البطالة في المجتمع ويقلل حافزهم على الإقبال على العمل أو يحفزهم على الإقبال على العمل غير الرسمي مما يزيد من ظاهرة الاقتصادي الخفي ويخلق مشاكل متعلقة بتحقيق العدالة الضريبية.

ب ـ يختلف نظام الضريبة السلبية عن نظام الضمان الاجتماعي، فكلاهما يؤديان إلى منح علاوة من الدولة للأفراد غير القادرين على الحصول على الدخل الذي يغطي الحد الأدنى للمعيشة على المستوى العائلي، إلا أنهما يختلفان في أن الإعانة الممنوحة للفرد جراء الأخذ بنظام الضريبة السلبية تمنح للفرد الذي يقل دخله عن المستوى الذي يضمن حداً أدنى للمعيشة بصرف النظر عن سنه أو حالته الصحية أو العائلية، أما الإعانة الممنوحة له بمقتضى نظام الضمان الاجتماعي فإنها تتقرر في حالات عجزه عن القيام بالعمل نتيجة حالته الصحية أو العائلية أو عدم قدرته على الحصول على فرصة عمل تتناسب وكفاءته على الرغم من طلبه لها بحيث لا تسمح له هذه الأسباب بالخروج عن حالة الفقر الناتحة منها.

تاسعاً ـ بعض المفاهيم المتعلقة بالضريبة:

1ـ الحسم الضريبي، للحسم الضريبي أكثر من معنى.

أ ـ فقد يقصد بالحسم الضريبي أن يقوم مشترٍ لمال معين له صفة الدوام وتفرض عليه ضريبة سنوية بتخفيض ثمن شراء هذا المال بمقدار هذه الضريبة أو جزء منها للمدة التي يقدر أن يستمر فيها هذا المال في إعطاء دخل. وبذلك يكون المشتري قد حسم مقدماً عبء الضريبة كلياً أو جزئياً أي أجبر البائع على تحمل عبئها، ويشترط لإمكان إتمام ذلك الشروط التالية:

(1)ـ أن يكون المال المشترى له صفة الثبات والدوام.

(2)ـ أن تكون الضريبة المفروضة على دخل هذا المال ضريبة سنوية متجددة.

(3)ـ ألا تكون الضريبة المفروضة ضريبة عامة على مختلف أنواع الأموال بل يجب أن تكون ضريبة خاصة بنوع معين من الأموال دون غيره.

ب ـ وللحسم الضريبي معان أخرى، فقد يعني تخفيض معدلات الضريبة عند تحقق سبب من الأسباب التي يرغب المشرع في حدوثه ويكون بذلك حافزاً ضريبياً ليدفعه إلى تحقيق هذا السبب وبذلك يعد أداة ضريبية بيد المشرع لتحقيق هدف يريد تحقيقه، كما فعل المشرع السوري في المادة (5) من القانون /51/ لعام 2006 عندما خفّض معدلات ضريبة الدخل عند قيام المشاريع في مدن نائية أو مناطق صناعية أو عند تشغيل عدد من العمال مسجلين في التأمينات لا يقل عددهم عن (25) عاملاً.

ج ـ وللحسم في الضريبة على القيمة المضافة مفهوم خاص فهو يعني الميزة التي يمنحها المشرع لبائع السلعة أو مقدم الخدمة بأن يؤدي الضريبة على قيمة ما أضافه إليها فقط في مرحلة المحاسبة الضريبية من إنتاج أو تداول من دون أن يتحمل عبء الضريبة على مستلزمات إنتاجها أو السابق تحميلها عليها في المراحل السابقة، وذلك بسماحه للمكلف بحسم الضريبة على مشترياته من الضريبة المفروضة على مبيعاته.

د ـ والحسم في مجال جباية الضرائب المباشرة يعني تخفيض مقدار الضريبة بنسبة معينة تراوح بين (1 و 5%) عندما يقوم المكلف بدفعها في فترة باكرة من السنة المالية.

2ـ تجميد الضريبة: وتقع هذه الظاهرة نتيجة لزيادة قيمة مال ما عما كانت عليه نتيجة فرض ضريبة على دخل الأموال الأخرى مع إعفاء دخل هذا المال منها أو بسبب فرضها على أموال أخرى بمعدل أعلى من المعدل الذي فرضت به على هذا المال، مما يؤدي إلى ارتفاع دخل هذا المال بالقياس إلى الدخول الأخرى التي وقع عليها عبء ضريبي أكبر يؤدي إلى ارتفاع قيمة هذا المال الناتج من زيادة الطلب عليه.

3ـ تعويض الضريبة: قد يدفع فرض الضريبة على المكلف إلى إدخاله تحسينات على الإنتاج بهدف المحافظة على أرباحه بحيث تصبح هذه الأرباح أكبر من الأرباح التي يمكن أن يحصل عليها قبل فرض الضريبة وهو ما يعرف بالأثر المعوض للضريبة.

4ـ المحاسبة الضريبية: علم المحاسبة هو العلم الذي يهدف إلى ترجمة الوقائع إلى أرقام من دون أن يسهم في نشوء هذه الوقائع، أي إنه العلم الذي يكتشف هذه الوقائع ويعرضها ويحللها، فهو وسيلة من وسائل إدارة المشروع وتحديد الربح الناتج منه، وقد أدى التشريع الضريبي دوراً بارزاً في تحسين القواعد المحاسبية وتطويرها إلى حد أنه تدخل في أصول هذا العلم وقواعده وجعله يفقد جزءاً من خصائصه وذاتيته، فالكثير من قواعد المحاسبة تخضع للقواعد والضوابط الضريبية وذلك من أجل الوصول إلى الربح الضريبي الصافي والمغاير أحياناً للربح المحاسبي بسبب الضوابط التي يضعها التشريع الضريبي في حساب المطرح الضريبي الصافي والأعباء القابلة للتنزيل. لذلك يمكن القول إن المحاسبة الضريبية هي التي تقوم على ضوابط وقواعد حساب الأرباح الخاضعة للضريبة وفقاً للقواعد والأصول المحاسبية التي نص عليها التشريع الضريبي. فهنالك تباين بين مفهوم الربح الضريبي والربح المحاسبي.

ـ فالربح المحاسبي يعني قياس الربح الذي يحققه المشروع من خلال نشاطاته المختلفة خلال السنة المالية، لذلك فإن علم المحاسبة يقوم على مبادئ وفرضيات لتحديد الربح المحاسبي وهي: مبدأ استمرار المشروع، مبدأ تحديد الربح على أساس مقارنة الإيرادات النقدية بالمصروفات النقدية، مبدأ تحقق الربح، مبدأ الحيطة والحذر، مبدأ التقويم وفقاً للتكلفة التاريخية للمشروع، مبدأ استقلال السنوات المالية. فالربح المحاسبي يستخرج من القوائم المالية للمشروع في نهاية السنة المالية.

ـ أما الربح الضريبي فهو الذي يحدده التشريع الضريبي عند فرضه لقواعد حساب الاهتلاكات وتحديد المؤن وتنزيل النفقات والأعباء وتحديد الربح ذاته الذي يوسع من مفهومه أحياناً وقواعد تحديد نسب الأرباح الموزعة وغير الموزعة على حساب الاحتياطي وقواعد ترحيل الخسائر وحسمها.

وينتج من ذلك أن هنالك ترابطاً بين المحاسبة والضريبة ولاسيما في النواحي التالية:

أ ـ مفهوم الربح الخاضع للضريبة ونظرية الميزانية في حسابه.

ب ـ مفهوم الربح الخاضع للضريبة ومبادئ المحاسبة التي يجب على المكلف التقيد بها وفق ما ينص عليه التشريع الضريبي النافذ.

ج ـ مفهوم النفقات والأعباء القابلة وغير القابلة للتنزيل، وقد أنتج هذا الترابط علم المحاسبة الضريبية.

عاشراً ـ الآثار الاقتصادية للضريبة على مستوى الاقتصاد الكلي:

هنالك العديد من الآثار الاقتصادية للضرائب على مستوى الاقتصادي الكلي يمكن رصد أهمها على النحو التالي:

1ـ الأثر في الاستهلاك والإنتاج: في أثر الضريبة في الاستهلاك والإنتاج يمكن ملاحظة ما يلي:

أ ـ إن فرض الضرائب على محدودي الدخل أياً كان نوعها يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك والإنتاج مما يؤدي إلى تخفيض مستوى الدخل القومي.

ب ـ إن فرض الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات الضرورية يؤثر سلباً في الاستهلاك والإنتاج ومن ثم في مستوى الدخل القومي، أما إذا فرض هذا النوع من الضرائب على السلع والخدمات الكمالية فيؤدي إلى تقليل استهلاك هذه السلع والخدمات ولكنه لن يؤثر في مقدرة الأفراد على الإنتاج.

ج ـ أما فرض ضرائب مباشرة أو غير مباشرة على الاستهلاك وفق قواعد معينة فإن ذلك يتيح للحكومة توجيه الاستهلاك والإنتاج بما يتفق واحتياجات وحجم الاستهلاك في قطاع معين بما يؤدي إلى التأثير السلبي في حجم الاستهلاك والإنتاج في هذا القطاع أو السلع والخدمات المفروضة عليها.

د ـ إن فرض الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة لا يؤثر في استهلاكهم لأن هذه الطبقة تحافظ عادة على مستوى استهلاكها ومن ثم لا يؤثر في مستوى الإنتاج، أما فرض الضرائب على استهلاك الطبقات المتوسطة فيراوح أثره في إنفاقها وفق ميلها الحدي إلى الاستهلاك أو الادخار مما يجعل أثرها في هذا المجال مرتبطاً بذلك.

2ـ الأثر في الادخار والاستثمار: في هذا المجال يمكن ملاحظة ما يلي:

أ ـ إن فرض ضريبة مباشرة بأسعار تصاعدية يؤدي إلى اقتطاع جزء مهم من دخول الأغنياء المرتفعة مما يحد من مقدرتهم على الادخار ويؤثر في الاستثمار.

ب ـ إن ارتفاع العبء الضريبي العام في المجتمع يخفض من مستوى الادخار ومن ثم في مستوى الاستثمار.

ج ـ إن فرض ضريبة مباشرة على القيم المنقولة يؤثر سلباً في مستوى الادخار والاستثمار، أما فرض الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات الضرورية فيؤدي إلى ارتفاع أسعارها، ولكنه لا يؤثر في الاستهلاك بل يؤثر مباشرة في الادخار بسبب قلة مرونة الطلب على هذه السلع والخدمات، أما إذا فرضت هذه الضريبة على السلع والخدمات الكمالية فإنه يؤثر سلباً في استهلاكها ولكنه لا يؤثر في الادخار والاستثمار.

د ـ إن فرض الضرائب المباشرة ولاسيما على الأرباح غير الموزعة في الشركات المساهمة بمعدل أعلى من الأرباح الموزعة يؤدي إلى تقليل الأموال الاحتياطية أي الاستثمار الذاتي فيؤدي إلى زيادة دخول الأفراد نتيجة زيادة التوزيعات ومن ثم إلى زيادة الادخار.

هـ ـ إن فرض ضرائب مباشرة على الأموال المودعة في البنوك يؤدي إلى محاربة الادخار ومن ثم إلى زيادة الاستثمار المباشر.

و ـ إن زيادة العبء الضريبي العام تؤثر سلباً في الادخار ومن ثم في الاستثمار فنقص معدل الادخار يؤدي إلى نقص معدل الاستثمار المباشر ولكنه يؤدي إلى زيادة معدل الاستثمار غير المباشر، كالاستثمار في البورصة مع ثبات العوامل الأخرى.

3ـ الأثر في تخصيص الموارد:

بما أن الضريبة تؤدي إلى ارتفاع سعر السلعة أو الخدمة المفروضة عليها، فإن ذلك يؤدي إلى نقص استهلاكها ويؤثر سلباً في إنتاج هذه السلعة أو الخدمة ومن ثم يؤدي إلى عدم الاستخدام الكفء للموارد الاقتصادية المتاحة. وإن هذه الحقيقة تدعو إلى نتيجة مفادها أن الضريبة تؤدي إلى تشوه هيكل أسعار السلع والخدمات المفروضة عليها، مما يؤثر مباشرة في قرارات الإنتاج ويؤدي إلى سوء في تخصيص الموارد الاقتصادية ويحول دون الوصول إلى حالة التخصيص الكفء لتلك الموارد.

4ـ الأثر في توزيع الدخل والثروة: ويلاحظ في هذا المجال ما يلي:

أ ـ إن فرض ضرائب مباشرة تصاعدية يؤدي إلى إعادة توزيع الدخل لمصلحة الفقراء ولاسيما إذا أمكن التقليل من حجم التهرب الضريبي. والوصول إلى هذه النتيجة مرتبط بتخصيص حصيلة هذه الضرائب لتمويل الخدمات والسلع التي يستفيد منها الفقراء بدرجة أكبر من استفادة الأغنياء منها.

ب ـ إن فرض الضرائب على التركات وتداول الأوراق المالية وريع العقارات يؤدي إلى إعادة توزيع الدخل والثروة لمصلحة الفقراء إضافة إلى فرض ضرائب غير مباشرة على السلع والخدمات الكمالية.

ج ـ أما إذا فرضت الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات الضرورية فإن ذلك يؤدي إلى إعادة توزيع الدخل لمصلحة الأغنياء إضافة إلى فرض الضرائب المباشرة بأسعار نسبية.

إن إعادة توزيع الدخل ذاته تؤثر في متغيرات الاقتصاد الكلي مما يجعل تأثيرها الاقتصادي أكبر من تأثيرها الاجتماعي.

5ـ الأثر في التداول النقدي: في هذا المجال يمكن ملاحظة ما يلي:

يمكن للضريبة أن تؤثر في حجم التداول النقدي فتخفض من كميته مما يؤثر إيجابياً في معدلات التضخم في المجتمع، فالضريبة تحدث آثاراً انكماشية في كتلة التداول النقدي وتستطيع الدولة أن تؤثر في حجم التداول النقدي عن طريق رفع العبء الضريبي أو خفضه، وقد يكون هذا الأثر دائماً وقد يكون أثراً مؤقتاً وفقاً لمعدل عجز الموازنة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد خير العكام ويوسف شباط، المالية العامة (جامعة دمشق، التعليم المفتوح، قسم الدراسات القانونية، العام الدراسي 2006ـ2007).

ـ عصام بشور، المالية العامة والتشريع المالي (منشورات جامعة دمشق، كلية الحقوق، ط5، العام الدراسي 1991ـ1992).

ـ عصام بشور، المالية العامة والتشريع الضريبي (منشورات جامعة دمشق، كلية الاقتصاد، ط7، العام الدراسي 1997ـ 1998).

ـ عبد المطلب عبد الحميد، اقتصاديات المالية العامة (كلية الاقتصاد، جامعة /6/ أكتوبر، القاهرة 2004ـ 2005).

ـ فاطمة السويسي، المالية العامة (المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان 2005).

ـ زينب حسين عوض الله، مبادئ علم المالية، كليتا الاقتصاد والحقوق في جامعتي الإسكندرية وبيروت العربية (الدار الجامعية، الإسكندرية 1998).

ـ فوزي فرحات، المالية العامة والتشريع المالي (كلية الحقوق، الجامعة اللبنانية 2001).

ـ علي لطفي، أصول المالية العامة (مكتبة عين شمس، القاهرة 1997ـ 1998).

ـ رفعت المحجوب، المالية العامة (كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 1983).

ـ غازي حسين عناية، النظام الضريبي في الفكر المالي الإسلامي (مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية 2003).

ـ يحيى قاسم علي السهل، السهل في المالية العامة والتشريع الضريبي اليمني (كلية الحقوق، جامعة عدن، 2000).

ـ محمد سعيد فرهود، "العدالة الضريبية اقتصادياً"، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، العدد الرابع، السنة /25/ 2001.


التصنيف : القانون المالي
النوع : القانون المالي
المجلد: المجلد الرابع: الرضاع ــ الضمان المصرفي
رقم الصفحة ضمن المجلد : 403
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 535
الكل : 29586925
اليوم : 41841