logo

logo

logo

logo

logo

القانون المقارن

قانون مقارن

comparative law - droit comparé

 القانون المقارن

القانون المقارن

عماد قطان

مفهوم القانون المقارن وطبيعته

فوائد القانون المقارن

 

أولاً ـ مفهوم القانون المقارن وطبيعته:

1ـ تعريف القانون المقارن:

يعد مصطلح «القانون المقارن» ترجمة للمصطلح الفرنسي Droit comparé، والانكليزي Comparative law. وقد استقر الفقه، في الوقت الحاضر، على استخدام تعبير «القانون المقارن» بعد فترة من عدم اعتماد تسمية موحدة. ففي فرنسا كانت قد شاعت تسمية التشريع المقارن La législation comparée، وفي ألمانيا تم اختيار تسمية المنهج المقارن La méthode comparative، وغلبت في إنكلترا تسمية الفقه المقارن Comparative jurisprudence. ولعل مرد الاختلاف في التسمية هو الخلاف حول تعريف القانون المقارن وطبيعته ووظيفته، فمن هؤلاء من صنف القانون المقارن على أنه علم مستقل متميز، كعلم الاجتماع واللغات، في حين ذهب فريق آخر إلى تصنيفه منهجاً من مناهج البحث القانوني.

إذا كان لفظ القانون ينصرف إلى مجموعة من القواعد الناظمة لمجتمع من المجتمعات، كالقانون السوري أو القانون الفرنسي، فإن هذا المعنى ليس له مكان في مجال القانون المقارن. ولا يعد ـ القانون المقارن ـ فرعاً من فروع القانون، كالقانون المدني والقانون الإداري والقانون الدولي. وكذلك فإن القانون المقارن ليس مجموعة من القواعد التي تنظم موضوعاً معيناً، فالكلام عن «القانون المقارن للزواج»، لا يعني أن هذا يتضمن سلسلة من القواعد القانونية الجديدة التي تنظم العلاقة بين الزوجين، وإنما المقصود من ذلك أن تشريعات دول عديدة قد تم إخضاعها للمقارنة والموازنة بغرض إبراز وتحديد أوجه التشابه والاختلاف بينها، وما يترتب على ذلك من نتائج في موضوع الزواج.

يمكن القول بناءً على ما سبق إن القانون المقارن هو النشاط الفكري الذي يقوم به الباحث من خلال إجراء دراسة موضوعها «قانوني»، ومنهجها «الموازنة والمقارنة» بين قوانين عدة. ونطاق الدراسة المقارنة يمكن أن يكون ضيقاً فيقتصر على دراسة مفهوم قانوني أو مؤسسة قانونية من بين أكثر من تشريع، كالدراسات المقارنة للعقود، والملكية، والنظام القضائي والمسؤولية المدنية. ويمكن أن يكون نطاق الدراسة أوسع ليشمل المقارنة بين نظامين قانونيين ينتسب إلى كل منهما مجموعة من الدول يجمع بينها خصائص وأسس وبنية مشتركة، أو بعبارة أخرى المقارنة بين ما يعرف بالأنظمة القانونية الرئيسة في العالم، كالشريعة الإسلامية، والنظام القانوني الروماني الجرماني Système romanoـgermanique، أو نظام الشريعة العامة الإنكليزية Common law.

2ـ التطور التاريخي للقانون المقارن:

إذا تمَّ تعقب تاريخ القانون المقارن، فيلاحظ أن هناك أثراً لدراسات تم إجراؤها في اليونان القديمة تتمثل في مقارنة بين 153 دستوراً كانت تحكم المدن اليونانية والبربرية، وهذه الدراسات تعد الأساس الذي اعتمد عليه «أرسطو» في كتابه الشهير «السياسة».

في العصور الوسطى كان هناك دراسات مقارنة بين القانون الروماني والقانون الكنسي، وفي إنكلترا تمت المقارنة بين الشريعة العامة الإنكليزية والقانون الكنسي. والمقارنة بين الأعراف السائدة ساعد في تكوين مجموعة من القواعد العامة التي يرجع إليها القاضي عرفت في فرنسا باسم Droit Commun، وفي ألمانيا باسم Deutches Privatrecht. مونتيسكيو Montesquieu في كتابه «روح الشرائع» حاول عبر دراسته المقارنة إبراز وإيجاد مبادئ عامة للحكم الرشيد.

البداية الحقيقية للقانون المقارن كمصطلح متداول، وعلم، ومنهج بدأت عام 1900 في باريس عندما انعقد المؤتمر الدولي الأول للقانون المقارن بمبادرة من الفقيهين الفرنسيين «ادوار لامبير» Edouard Lambert، و«ريمون ساليّ» Raymond Saleilles. لقد كان هذا المؤتمر دفعاً قوياً لعلم القانون المقارن أدى إلى إنتاج بحوث غزيرة في هذا المجال، وأدى إلى كسر العزلة التي كان يعيشها رجال القانون وذلك عن طريق إطلاعهم على الأنظمة القانونية للدول الأخرى.

إن الفكرة الرئيسة التي نادى بها لامبير وساليّ في مؤتمر القانون المقارن هي الدعوة إلى قانون إنساني عالمي مشترك. فوظيفة القانون المقارن، حسب ساليّ، إبراز المبادئ المشتركة لكل النظم القانونية المتحضرة في العالم. هذه المبادئ تعد مبادئ عالمية ثابتة غير متغيرة، ويمكن أن تشكل قانوناً طبيعياً. أما موقف لامبير فكان مختلفاً إلى حد ما، فالقانون المقارن يهدف إلى أمرين اثنين: الأول هدف علمي مفاده أن الدراسة المقارنة ينبغي أن تقود إلى الكشف عن عوامل نشوء وتطور وانتهاء المؤسسات القانونية، أو ما يسمى بالتاريخ المقارن للقانون، وفي هذا المجال تكون المقارنة غير محدودة بزمان أو مكان. أما الهدف الثاني، بحسب لامبير، فهو هدف عملي، فالقانون المقارن ليس علماً وإنما تقنية قانونية خاصة لإنشاء القانون المشترك التشريعي في المجتمعات ذات الحضارات المتماثلة والمتحدرة من مصادر واحدة، ويقصد بذلك القوانين اللاتينية الجرمانية التي تتحدر في أصولها من القانون الروماني والأعراف الجرمانية.

في مطلع القرن العشرين، ومع صدور القانون المدني الألماني، ظهرت دراسات قانونية مقارنة بين مواد هذا القانون ونظرياته وصياغته وبين القانون المدني الفرنسي. واتسع نطاق المقارنة مع صدور القانون المدني السويسري عام 1907.

بعد الحرب العالمية الأولى ومشاركة بريطانية والولايات المتحدة فيها نحا القانون المقارن منحى جديداً يختلف عما كان سائداً بعد مؤتمر باريس عام 1900. فلم تعد الدراسات المقارنة تقتصر على دول النظام القانوني الروماني الجرماني، وإنما اتسعت لتشمل بريطانية ونظامها القانوني، ومن ثم انتقلت لتشمل قانون الولايات المتحدة الذي ينتمي إلى نظام الشريعة العامة الإنكليزية.

على الرغم من أن فكرة القانون العالمي لم تلق رواجاً منذ إطلاقها أول مرة في مؤتمر باريس، إلا أنها كانت نقطة الانطلاق لإثارة الحماسة في أوربا حول إنشاء قانون عالمي موحد بعد الحرب العالمية الأولى. وهذا المبدأ قد وجد ترجمة عملية له في نص المادة 38 من نظام محكمة العدل الدولية الدائمة، والتي تدعو المحكمة إلى تطبيق المبادئ القانونية العامة التي أقرتها الأمم المتحدة فضلاً عن تطبيق قواعد أخرى. وانعكس هذا المبدأ أيضاً في إنشاء العديد من المعاهد الدولية والجمعيات التي تسعى إلى توحيد القوانين.

بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم إلى كتلتين متناقضتين تنظر كل منهما إلى الأخرى بعين الشك والريبة، مما انعكس على العلاقات القانونية بينهما، اتسعت الهوة بين القانون الغربي والقانون الاشتراكي، فأدى ذلك في نهاية المطاف إلى تراجع نسبي للدراسات المقارنة. هذه الهوة بدأت تضيق في الستينيات من القرن العشرين مع عقد المؤتمرات الدولية للقانون المقارن بين القوانين الغربية والقوانين الاشتراكية في مسائل مثل العقود والملكية … عامل آخر أسهم بعد الحرب العالمية الثانية في إنماء الدراسات القانونية المقارنة هو استقلال الكثير من دول العالم الثالث وظهور أنظمة قانونية مستمدة من مبادئه وتقاليده ومن القوانين الغربية التي كانت سائدة فيه.

3ـ منهج القانون المقارن:

عند إجراء الدراسة المقارنة تجب مراعاة عدة عوامل:

أ ـ الأصول التاريخية للمصطلحات والمؤسسات القانونية المختلفة، سواء كانت سياسية أو إدارية أو قضائية. فالقانون قد تكوّن عبر التاريخ، والاختلاف بين النظم القانونية يمكن تفسيره تاريخياً في غالب الأحوال.

ب ـ المعطيات الثقافية والاجتماعية: فالقاعدة القانونية لا يمكن عزلها عن المجتمع الذي تحكمه، وهذه المعطيات قد تكون متعلقة بالدين، أو بالتقاليد الثقافية، أو بالأوضاع الاقتصادية والسياسية، أو باللغة والفلسفة السائدة في الدولة... إلخ.

ج ـ وجود تقنيات قانونية تختلف بين الأنظمة القانونية، فمدلول المفاهيم والمصطلحات القانونية، والتكوين المهني لرجال القانون، والصناعة التشريعية، ذلك كله يؤدي دوراً حاسماً في المقارنة. وعلى سبيل المثال فإن البلاد التي تنتمي إلى نظام الشريعة الإنكليزية تختلف عن بلاد النظام الروماني الجرماني باستخدامها تقنيات مختلفة: فمكانة كل من التشريع والاجتهاد القضائي كمصدرين من مصادر القانون، واللجوء إلى مفاهيم بعيدة عن مثيلاتها في النظام الروماني الجرماني، يعد عاملاً جوهرياً يوحد القوانين المستمدة من الشريعة العامة الإنكليزية على الرغم من الاختلافات والتباين بينها.

وتكون الدراسة المقارنة إما ثنائية بين قانونين، وإما متعددة بين عدة قوانين. فالمقارنة الثنائية تكون بين القانون الوطني وقانون أجنبي واحد. وهذا النوع يسمح بمقارنة دقيقة لا تحتمل الخطأ. أما المقارنة المتعددة فتكون بين عدة قوانين أجنبية من بينها القانون الوطني. وفي هذه الحالة تقود المقارنة بالضرورة إلى تصنيفات بحسب درجة الاختلاف والتباين. وكل تصنيف تتلاقى فيه مجموعة من المبادئ العامة والأساسية في الشكل أو الموضوع للقوانين المختلفة.

ثانياً ـ فوائد القانون المقارن:

من المسلم به اليوم أن للقانون المقارن فوائد ومزايا في نواح ووجوه قانونية وغير قانونية:

1ـ الأهمية الثقافية:

تعدّ دراسة الأنظمة القانونية للدول الأجنبية مدخلاً مهماً لدراسة تاريخ الشعوب، وثقافتها السائدة، وطبيعة العلاقات القائمة في مجتمعاتها. ويعتقد بعض المؤرخين أن الأساليب القانونية المعتمدة في بعض النظم القانونية تعكس ملامح المجتمع الذي تطبق فيه. فنظام التقنين على سبيل المثال يعكس الأسلوب الفرنسي الذي يميل إلى منطق الأمور وترتيبها نظرياً. في حين يعكس نظام السابقة القضائية في إنكلترا إلى حد كبير الروح العملية والمحافظة للشعب الإنكليزي.

2ـ القانون المقارن والنظرية العامة للقانون:

يتمتع القانون المقارن في مجال النظرية العامة للقانون بأهمية كبرى، وذلك بالكشف عن الأصل التاريخي للتصنيفات والخصائص لكثير من المفاهيم القانونية، ومن ثم التعرف على وجود أو عدم وجود مثل هذه المفاهيم في القوانين الأجنبية. إن القانون السوري مثلاً أو القانون الفرنسي يفرق بين القانون العام Droit public والقانون الخاص Droit privé، والقانون المدني والقانون التجاري، والقاعدة الآمرة والقاعدة التكميلية أو المفسرة، والحقوق العينية والحقوق الشخصية، والعقار والمنقول. وهذه المفاهيم يراها رجل القانون السوري أو الفرنسي طبيعية ومنطقية في قانونه الوطني، بعكس ما إذا كانت الدراسة مقارنة فسيتم اكتشاف أن هذه المفاهيم لا وجود لها في بعض القوانين الأجنبية، أو أن لها دلالات مختلفة عما هي في القانون الوطني.

ـ فلسفة القانون وتاريخه، وعلم الاجتماع القانوني:

وللقانون المقارن أثر وأهمية في «فلسفة القانون»، و»تاريخ القانون»، وكذلك «علم الاجتماع القانوني». فمن الناحية الفلسفية يلاحظ أن كل نظام قانوني يخضع لفلسفة معينة، والقانون المقارن يعرض التصورات الفلسفية المختلفة للقانون والتي يؤدي فهمها إلى فهم كامل ودقيق للأنظمة القانونية المختلفة. أما في مجال تاريخ القانون فإن دراسة القانون المقارن تؤدي إلى فهم واستيعاب نشوء قاعدة قانونية أو مؤسسة قانونية معينة، وصولاً إلى الوضع الحالي. أما في علم الاجتماع القانوني فإن الدراسة المقارنة تؤدي إلى الكشف عن العوامل التي تؤثر في القانون من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.

ـ دور القانون المقارن في فهم القانون الوطني وتطويره:

تبدو أهمية القانون المقارن سواء للمشرع من جهة، أو للفقه والاجتهاد القضائي من جهة أخرى، في الحصول على معرفة أفضل للقانون الوطني، ومن ثم العمل على تحسينه وتطويره. فالمشرع في كل وقت يمكن أن يفيد من القانون المقارن وشرائع الأمم المختلفة، ويقتبس منها ما يتفق مع حاجاته بغرض إنجاز مهمته على أكمل وجه. ولقد ضرب المشرع الفرنسي مثلاً في الإفادة من التشريعات المقارنة في نهاية القرن التاسع عشر عن طريق اقتراحات تقدم بها فقهاء وأساتذة جامعات لتنقيح القانون المدني الفرنسي بعد اطلاع هؤلاء على التقنينات التي كانت قد صدرت في ذلك الحين في العديد من دول أوربا. ولم يقتصر الأمر على المشرع الفرنسي، فيلاحظ أن التشريعات الأوربية عموماً قد سلكت منذ بدايات القرن العشرين مسلكاً موحداً لتنظيم الحاجات ومواجهة الظروف المستجدة بحسبان أن هناك تشابهاً وتماثلاُ في تلك الظروف والحاجات في أوربا. ويظهر هذا التماثل والتطابق في كثير من التفاصيل في أغلب فروع القانون: كالقانون المدني، والقانون التجاري، والقانون الجنائي، والقانون الإداري، وقانون العمل. فأحكام «الشيك» وأحكام «التأمين البحري» في القانون الإنكليزي، ووقف تنفيذ الحكم الجزائي في القانون البلجيكي، وأحكام «الشركة محدودة المسؤولية» في القانون الألماني، و»التأجير التمويلي» في القانون الأمريكي، هذه الأمثلة كلها اعتمدت من قبل المشرع الفرنسي وتبناها في قوانينه.

من جهة أخرى يفيد الفقه من القانون المقارن لإصلاح التشريعات السائدة وسد نقصها، عن طريق اقتراح التعديلات اللازمة على المشرع في ضوء دراسته للقوانين المقارنة. وكذلك تؤدي أحكام القضاء في معرض تفسيرها للتشريع دوراً مهماً في تطويره وإصلاحه. وفي البلاد التي استمدت تشريعاتها من تشريعات أجنبية تحتاج محاكمها إلى الاطلاع على أحكام القضاء في البلد الذي استمدت منه تشريعها، لأنه أكثر إحاطة وعلماً بتفاصيل ودقائق المسائل العملية في معرض تطبيقه للتشريع. ومثال على ذلك أحكام محكمة النقض الفرنسية ومجلس الدولة الفرنسي التي تتمتع بتأثير ونفوذ أدبي كبيرين في الاجتهاد القضائي للدول التي استمدت قوانينها من القانون الفرنسي. والأمر نفسه في محاكم الدول التي تتبع في قوانينها الشريعة العامة الإنكليزية، كأستراليا وكندا، حيث تخضع المحاكم لأحكام المحاكم العليا في إنكلترا.

5 ـ القانون الدولي العام والقانون المقارن:

لا شك في أن القانون المقارن يفيد في تقارب الشعوب عن طريق فهم كل بلد للعقلية القانونية السائدة في البلاد الأجنبية، مما يؤدي إلى تأسيس نظام أفضل للعلاقات الدولية. ومن الواضح أن العلاقات الدولية بكل تعقيداتها وتشابكها، والتعاون الدولي في كل المجالات، لم يكن ليقوم ويتطور في ظل تجاهل القوانين الداخلية للدول والتي تعطي فكرة واضحة عن مفهوم العدالة فيها، وعن التركيبة السياسية لكل منها.

وتأثير القانون المقارن في القانون الدولي العام لا يمكن إنكاره. فالمعاهدات والاتفاقيات الدولية تستمد من مصادر قانونية مختلفة لا من مصدر واحد، لذلك فإن القانون المقارن هو المرجع الذي يلجأ إليه واضعو هذه المعاهدات. وهذا ما عبر عنه نظام محكمة العدل الدولية حين عدَّ أن أحد مصادر القانون الدولي العام هو المبادئ العامة للقانون المشترك بين الأمم المتحدة.

ويتعين على الدبلوماسيين والمفاوضين في الاتفاقات والمعاهدات الدولية أن يكونوا قادرين على فهم وجهة نظر مفاوضي الدول الأخرى، ومعرفة العقلية القانونية والطريقة التي يفكر بها رجل القانون في تلك الدول، حتى يتمكنوا من إقناعهم بوجهة نظرهم. فرجل الدبلوماسية أو المفاوض السوري، في مفاوضاته مع الأمريكيين أو الروس، لن يتمكن من إنجاز عمله على أكمل وجه إلا إذا كان على دراية تامة بعقلية وطريقة تفكير المفاوضين الأمريكيين أو الروس من خلال قوانينهم والتحدث بلغاتهم.

6ـ القانون الدولي الخاص والقانون المقارن:

يتضمن القانون الدولي الخاص مجموعة من القواعد الداخلية التي تحدد ما إذا كانت المحاكم الوطنية مختصة في النظر في نزاع يتضمن عنصراً أجنبياً، وتحدد هذه القواعد أيضاً القانون الواجب التطبيق على هذا النزاع. ولا توجد مشكلة لو كانت هذه القواعد متماثلة في الدول كلها، وإنما يوجد على الغالب تباين واختلاف بين دولة وأخرى مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تناقض في الحلول للمشكلة نفسها. ولتجاوز ذلك تؤدي الدراسات المقارنة دوراً مهماً في توحيد تلك القواعد وإبرام المعاهدات الدولية في هذا الشأن.

7ـ توحيد القوانين:

للقانون المقارن أهمية كبيرة في مجال إعداد مشاريع التوحيد الدولي للقوانين. فمن المعلوم أن الهدف السياسي من هذا التوحيد هو إزالة، أو خفض التباين بين الأنظمة القانونية للدول بحث هذه الدول على تبني مبادئ قانونية مشتركة. ولا يزال الأسلوب المتبع في الماضي يمارس في الوقت الحاضر والذي يتمثل في وضع قانون موحد انطلاقاً من عمل خبراء في القانون المقارن، وإخراج هذا القانون في صيغة معاهدة متعددة الأطراف تلزم الأطراف الموقعة بتبني وإدماج القانون الموحد في قوانينها الداخلية. ومثال على ذلك «التوجيهات الأوربية» التي تعد بالغة الأهمية في توحيد قوانين دول «الاتحاد الأوربي».

وتوحيد القوانين يتطلب اكتشاف نقاط الافتراق والتشابه بين القوانين المختلفة، ومن هنا يبرز دور القانون المقارن، بعد ذلك يمكن أن تتم محاولة التوفيق بين تلك الحلول بتبني الحل الأفضل بينها، أو بإيجاد صيغة توافقية. وهذا ما لا يمكن القيام به من دون استخدام منهج الدراسة المقارنة.

 

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد السلام الترمانيني، القانون المقارن والمناهج القانونية الكبرى المعاصرة (1980).

- ric AGOSTINI , Droit comparé (Presses Universitaire de France 1988).

- René DAVID, Camille JAUFFRET-SPINOSI , Les grands systèmes de droit contemporains (Dalloz 1988).

- René DAVID, Le droit comparé: droit d hier, droit de demain (Economica 1982).

- Michel FROMONT, Grands systèmes de droit étrangers (Dalloz 1998).

- H. C. GUTTERIDGE, Le droit comparé (L.G.D.J., Paris 1953).

- Pierre LEGRAND, Le droit comparé (Presse Universitaire de France 1999).

- K. ZWEIGERT & H. KOTZ , An Introduction to Comparative Law (Clarendon Press Oxford 1998).


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان
رقم الصفحة ضمن المجلد : 282
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 614
الكل : 31694164
اليوم : 48746