logo

logo

logo

logo

logo

الفضالة

فضاله

business Management - gestion d’affaire

 الفضالة

الفضالة

عمار غزال

مفهوم الفضالة

شرائط الفضالة

أحكام الفضالة

 

تعدّ الفضالة La gestion d affaire في القانون المدني السوري من أهم تطبيقات مبدأ الإثراء بلا سبب المنظمة أحكامها في الفصل الرابع من الباب الأول المتعلق بمصادر الالتزام، حيث عرض القانون المدني السوري لتعريف الفضالة وأحكامها في المواد من (189 وإلى 198). أما في القانون المدني الفرنسي فإن الفضالة فيه هي أولى تطبيقات شبه العقد (quasi-contrat) بوصفها واقعة قانونية منشئة للالتزامات. وهذا التقسيم في مجال التصرفات القانونية إلى عقد وشبه عقد يجد مصدره التاريخي في القانون الروماني، وتبناه القانون المدني الفرنسي. بيد أن القانون المدني السوري لم يأخذ به، وهو اختلاف في التقسيم، وليس في المبدأ. أما في الفقه الإسلامي فإن مصطلح الفضالة غير مستخدم في المؤلفات الفقهية القديمة، وإنما يتحدثون عن تصرفات الفضولي بوصفها من تطبيقات العقد الموقوف. وقد عرفت المادة (112) من مجلة الأحكام العدلية الفضولي بأنه «من يتصرف في حق الغير بدون إذن شرعي». غير أن الفضالة ـ سواء في القانون الوضعي أم في الشريعة الإسلامية ـ تلتقي عند نقطة واحدة هي أن التصرف الذي قام به الفضولي إنما كان من دون وكالة سابقة أو من دون إذن شرعي. وهذه الواقعة تمثل تدخلاً بإرادة منفردة من الفضولي في شأن الغير، كمن يجري إصلاحات ضرورية في مسكن جاره الغائب المهدد بالسقوط، حيث تنشأ التزامات على عاتق كل من الفضوليle gérant والمتفضل عليه (le maître d’ affaire) ويطلق عليه في القانون المدني اسم رب العمل والمتفضل عليه، وبذلك تكون الفضالة مصدراً عاماً للالتزامات.

لكن الفارق بين القانون المدني السوري والفقه الإسلامي يكمن في أن الفضولي في الشريعة الإسلامية إنما يجري تصرفاً شرعياً في حق الغير ليست له ولاية التصرف فيه لا شرعاً ولا اتفاقاً، أما في القانون المدني السوري فإن الفضولي يتولى القيام بشأن الغير لحساب هذا الغير دون أن يكون ملزماً بذلك. كما يبرز الفارق بين القانون المدني السوري والقانون المدني الفرنسي في أن هذا الأخير اكتفى في العمل الذي يقوم به الفضولي أن يكون نافعاً للمتفضل عليه، أما القانون المدني السوري فقد اشترط في الشأن الذي يتولاه الفضولي أن يكون عاجلاً وضرورياً، فالفارق بين القانونين هو الفارق بين ما هو عاجل وبين ما هو نافع. وهذا الاختلاف بين هذه الأنظمة الثلاثة انعكس بوضوح على التطبيق العملي لنظرية الفضالة؛ إذ يتسع مجال تطبيق الفضالة في الفقه الإسلامي ليشمل أي تصرف في حق الغير دون إذن شرعي أو اتفاقي، في حين يضيق هذا المفهوم في القانون الفرنسي فلا يشمل إلا التصرفات النافعة في ملك الغير، ويضيق نطاق الفضالة أكثر في القانون المدني السوري فيقتصر على الشأن العاجل فقط.

أولاً ـ مفهوم الفضالة:

يتحدد مفهوم الفضالة من خلال التعريفات القانونية من جهة، ومن خلال تمييزها مما يشابهها من النظم القانونية الأخرى كالوكالة والاشتراط لمصلحة الغير.

1ـ تعريف الفضالة: الفضالة ـ بحسب المادة (189) من القانون المدني السوري ـ هي «قيام شخص عن قصد بشأن عاجل لحساب شخص آخر، دون أن يكون ملزماً بذلك». ويمثل شراح القانون للفضالة بالحالة التي يقوم فيها جار بإصلاح جدار جاره الغائب المهدد بالسقوط دون أن يكون ملزماً بذلك. ومعنى قول المشرع السوري (… دون أن يكون ملزماً بذلك) أي إن الفضالة تعدّ تدخلاً في شأن الغير دون وكالة منه؛ الأمر الذي يؤدي إلى إنشاء التزامات متبادلة على عاتق كل من الفضولي ورب العمل. وقد تمحورت تعاريف الفقه الفرنسي للفضالة بأنها قيام شخص يسمى الفضولي بتنفيذ عمل لحساب الغير ولمصلحته دون أن يكون ملتزماً أصلاً به، ودون أن يكون وكيلاً عنه، وبحسب المادة (1372) من القانون المدني الفرنسي فإن الذي يقوم بالفضالة إنما يعقد في الواقع عقداً ضمنياً يلتزم فيه تجاه رب العمل بمتابعة العمل الذي بدأه وإتمامه إلى أن يتمكن المالك من متابعته بنفسه.

وعلى الفضولي أن يتحمل كل الالتزامات التي كانت ستنتج فيما لو كان بحوزته وكالة صريحة من المالك. ومعنى ذلك أن تصرف الفضولي يحظى باعتراف التشريعات الوضعية والشريعة الإسلامية مع اختلاف فيما بينها من حيث النطاق، وتعترف التشريعات كذلك بترتب نتائج قانونية متبادلة تهدف إلى طمأنة الفضولي إلى أنه سيتمكن بقوة القانون من إلزام رب العمل بتعويضه عن النفقات التي يستلزمها تدخله. ويتبرر هذا الالتزام بالتعويض بمبررات أخلاقية، فليس من العدل أن يحظى رب العمل بمنفعة مجانية من جراء تدخل الغير لحسابه الذي افتقرت ذمته. لذلك عدّ المشرع السوري الفضالة من تطبيقات مبدأ الإثراء بلا سبب، حيث من غير العدل أن يثري رب العمل على حساب الفضولي.

2ـ تمييز الفضالة من غيرها من النظم القانونية المشابهة لها: على الرغم من أن الفضالة هي من تطبيقات مبدأ الإثراء بلا سبب؛ فإنها تتميز منه بالشرائط الواجب توافرها، الأمر الذي يستلزم تمييزها منه؛ وكذلك من الوكالة لما بين النظامين من شبه. وأخيراً تمييزها من الاشتراط لمصلحة الغير على اعتبار أن كلا النظامين يؤدي إلى اغتناء في ذمة الغير دون تدخل منه.

أ ـ تمييز الفضالة من الإثراء بلا سبب: تعدّ الفضالة تطبيقاً خاصاً للإثراء بلا سبب، ففي القانون المدني الفرنسي يشترط في العمل أن يكون نافعاً. بيد أنها مع ذلك تتميز منها من حيث أنه لا يشترط في الإثراء بلا سبب أن يتوافر لدى المفتقر قصد إثراء الغير، في حين أنه يشترط في الفضالة ـ بحسب القانون المدني السوري ـ أن يتولى الفضولي عن قصد القيام بشأن عاجل للغير. ويترتب على ذلك أن مدى التعويض في الفضالة أوسع من مداه في الإثراء بلا سبب. ففي الإثراء يشمل التعويض أقل القيمتين من قيمة الافتقار وقيمة الإثراء. فالمثري يلتزم بتعويض المفتقر عما لحقه من خسارة في حدود ما أثرى به. أما في الفضالة فيشمل التعويض النفقات الضرورية والنافعة ـ مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها ـ التي أنفقها الفضولي في سبيل القيام بذلك الشأن. ويشمل التعويض أيضاً الضرر الذي لحق بالفضولي بسبب قيامه بذلك الشأن. أي إنه في الإثراء بلا سبب لا يشترط فيه أن يقصد المفتقر إثراء الغير، في حين يشترط في الفضالة أن يقصد الفضولي العمل لمصلحة رب العمل؛ بدليل اشتراط القانون المدني السوري في المادة (189) القصد في تولي شأن الغير. وهذا ما شدّدد عليه اجتهاد محكمة النقض السورية القاضي بأن العنصر الجوهري في الفضالة هو قصد التفضل وخدمة الغير (نقض سوري رقم 33 تاريخ 16ـ 1ـ 1964. مجلة القانون، ص 670).

ب ـ تمييز الفضالة من الوكالة: يُعد كل من الفضالة والوكالة مصدراً للنيابة؛ إلا أنها نيابة قانونية في الفضالة واتفاقية في الوكالة. ويدق التمييز في حالة إقرار رب العمل ما قام به الفضولي لحسابه، حيث الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، فقد نصت المادة (191) من القانون المدني السوري على أنه «تسري قواعد الوكالة إذا أقر رب العمل ما قام به الفضولي». وهو الحكم ذاته الذي أخذ به المشرع الفرنسي حين عدّ في المادة (1372) أنه على الفضولي أن يتحمل كل الالتزامات التي كانت ستنتج فيما لو كان بحوزته وكالة صريحة من المالك. ومع ذلك فإن الفضالة تتميز من الوكالة من عدة وجوه: فالوكالة هي عقد بين طرفين يلتزم بموجبه أحدهما ـ وهو الوكيل ـ أن يقوم بعمل لحساب الآخر، وهو الموكل؛ وبالتالي فمصدر التزام الوكيل هو عقد الوكالة، في حين أنه في الفضالة يقوم الفضولي بالعمل لحساب رب العمل دون إرادة هذا الأخير، ويترتب على ذلك أن مصدر الالتزام لرب العمل ليس إرادته، وإنما هي واقعة التدخل لمصلحته، وهي واقعة مادية. ويترتب على ذلك أن الموكل يلتزم في الوكالة بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحق به نتيجة ما أنفقه في سبيل تنفيذ الوكالة، حتى لو لم يكن العمل الذي قام به نافعاً، في حين أن مدى التعويض في الفضالة يشمل النفقات الضرورية والنافعة مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها، ويشمل الضرر الذي لحق بالفضولي بسبب قيامه بالعمل. إضافة إلى ذلك أن الوكالة لا تكون إلا في التصرفات القانونية، أما الفضالة فيمكن أن تكون في التصرفات القانونية وفي الأعمال المادية.

ج ـ تمييز الفضالة من الاشتراط لمصلحة الغير: بحسب المادة (155) من القانون المدني السوري فإن الاشتراط لمصلحة الغير يكون عندما يشترط أحد طرفي العقد (المشترط) على الآخر (المتعهد) أن يلتزم هذا تجاه شخص ثالث أجنبي عن العقد (المنتفع)، فيتولد للمنتفع حق مباشر تجاه المتعهد يستطيع مطالبته به، ففي هذه النقطة تلتقي الفضالة مع الاشتراط لمصلحة الغير؛ إذ في كلا النظامين يكتسب الغير حقوقاً دون تدخل منه. غير أن الفضالة تقوم على أساس النيابة القانونية، في حين أن المشترط يتعاقد باسمه لا باسم المنتفع، وهذا بخلاف النيابة بصورها المختلفة، ومن بينها الفضالة. كما أنه يجب أن تكون للمشترط مصلحة في الاشتراط، أما في الفضالة فيشترط من حيث المبدأ ألا تكون للفضولي مصلحة شخصية في العمل الذي قام به لحساب الغير. كما أن حق المنتفع في الاشتراط قد لا يتحقق في حال لم يقبل به المنتفع، فلا يستقر هذا الحق إلا بقبوله من المنتفع، أما في الفضالة فإنه إذا تعاقد الفضولي مع الغير لحساب رب العمل؛ فإن حق رب العمل قائم ومتحقق قبل هذا المتعاقد.

ثانياً ـ شرائط الفضالة:

لا بد لقيام الفضالة من توافر أربعة أركان، وهي:

1ـ الشأن الذي يباشره الفضولي: يستوي في العمل الذي يباشره الفضولي أن يكون تصرفاً قانونياً أو عملاً مادياً. بخلاف الوكالة التي تقتصر على التصرفات القانونية. بمعنى أن تدخل الفضولي قد يكون إما بإبرام عقد لمصلحة رب العمل، وإما أنه يقوم هو بنفسه بعمل مادي لحساب رب العمل.

أ ـ التصرف القانوني: غالباً ما تكون التصرفات القانونية التي يقوم بها الفضولي لحساب رب العمل من أعمال الإدارة، ولكن من الممكن أن تكون من أعمال التصرف أيضاً. وفي هذه الحالة من الممكن أن يجري الفضولي تصرفاً قانونياً بالتعاقد مع الغير باسمه الخاص؛ أي دون صفة تمثيلية بحيث لا يعلم الغير بحالة الفضالة. كما من الممكن أن يباشر الفضولي تصرفه القانوني بصفة تمثيلية؛ بمعنى أنه يخبر المتعاقد معه أنه يتصرف لحساب شخص آخر دون أن يكون هذا الآخر قد أعطاه موافقته. وتختلف آثار التصرف باختلاف الصفة التي يتعاقد بها الفضولي مع الغير. وقد تتحقق الفضالة عندما يكون الفضولي وكيلاً عن رب العمل، ويجاوز حدود وكالته، فيعدّ فضولياً فيما جاوز فيه هذه الحدود. وكذلك إذا استمر بالتعاقد باسم الموكل بعد انتهاء الوكالة، فيعدّ فضولياً بالنسبة إلى ما قام به بعد انتهاء الوكالة. وقد لا يكون الفضولي وكيلاً في الأصل، ومع ذلك يقدم على القيام بتصرف قانوني لمصلحة رب العمل، كأن يقبل هبة صدرت من الواهب إلى رب العمل.

ب ـ العمل المادي: أما في حالة التدخل بأفعال مادية فإن ذلك يمكن أن يتم بأفعال مختلفة مثل المحافظة على الشيء محل تصرف الفضولي أو إدارته. وقد يكون العمل مادياً بالنسبة إلى رب العمل، كما يمكن أن يكون عملاً مادياً في ذاته. في الحقيقة يعدّ التصرف القانوني الذي يبرمه الفضولي لحساب الغير سواء باسمه الشخصي أم باسم رب العمل عملاً مادياً بالنسبة إلى هذا الأخير، كأن يتعاقد الفضولي مع شخص لإصلاح جدار جاره المهدد بالسقوط. ويجوز لرب العمل إثبات ذلك التصرف بجميع وسائل الإثبات؛ لأنه يعدّ عملاً مادياً بالنسبة إليه. وقد يكون العمل مادياً في ذاته، كأن يطفئ شخص حريقاً شب في منزل جاره، أو كمن يجني محصول جاره خوفاً من التلف.

2ـ صفة الاستعجال في الشأن الذي يتولاه الفضولي: في القانون المدني السوري لا تكون الفضالة إلا في شأن عاجل، أي في شأن يخشى من تأخيره ضرر، وليس في وسع صاحب الشأن القيام به في الوقت المناسب. وتقدر الضرورة في الوقت الذي حدث فيه التدخل لا بعد ذلك. ويجب لاعتبار العمل ضرورياً أن يكون المتفضل عليه في حالة لا تمكنه من القيام به بنفسه حتى بعد إخطاره بالأمر. فلا يكفي أن يكون العمل نافعاً حتى تقوم الفضالة، بل لا بد أن يكون ضرورياً، فلا يجوز مثلاً أن يقوم الفضولي بإبرام صفقة رابحة لمجرد أنها تحقق الفائدة لرب العمل، وإلى هذا المعنى أشارت محكمة النقض السورية مشيرة إلى أنه لا يكفي لتبرير الفضالة أن يكون ما تصدى له الفضولي نافعاً أو مفيداً لرب العمل بل لا بد أن يكون أمراً عاجلاً وضرورياً (نقض مدني سوري قرار 12 أساس 485 تاريخ 12/1/1975). فعدم توفر الأمر العاجل والضروري يفقد الفضالة ركناً جوهرياً من أركانها لا تقوم بتخلفه. في حين أنه في القانون المدني الفرنسي يكفي لقيام الفضالة أن يكون العمل نافعاً، ونفعية الفعل بحسب الفقه الفرنسي تهدف إلى إيجاد التوازن بين التعويض عن نفقات الفضولي وحماية مصالح رب العمل. غير أن القانون الفرنسي يشترط في الفعل النافع أن يكون مناسباً، ومناسبة الفعل للفضالة مسألة يعود تقديرها إلى قاضي الموضوع، وفي هذا الصدد جاء اجتهاد محكمة النقض الفرنسية مشدداً على أن المادة (1375) من القانون المدني الفرنسي لا تمنح الفضولي إلا تعويض النفقات النافعة والضرورية دون الأجر Cass. com. 15 déc. 1992. Bull. civ.IV. (Nº 415).

3ـ ألا يكون الفضولي ملزماً بالتصرف ولا منهياً عنه قبلاً: لأنه إذا كان ملزماً به ابتداءً فهو مدين، وليس فضولياً. وكذلك يجب ألا يكون رب العمل قد نهى الغير عن التدخل، ففي هذه الحالة سيتعذر عليه إثارة أحكام الفضالة، وهذا هو اتجاه محكمة النقض الفرنسية التي قضت بأنه: «إذا كان المالك قد رفض تدخل الغير قبل التصرف فإنه لن يكون بوسع هذا الغير التمسك بأحكام الفضالة Cass.com. 12 avr. 1972». وقد يعلم رب العمل مسبّقاً بأن الغير قد تولى شأناً عاجلاً له، كما لو كان قد طلب منه القيام بذلك الشأن، فعندئذٍ تنطبق أحكام الوكالة على العلاقة بينهما لا أحكام الفضالة. أما إذا كان العلم لاحقاً لقيام الغير بذلك الشأن، فإذا أقر رب العمل التصرف فيعدّ ذلك بمنزلة الوكالة السابقة سندا إلى المادة (191) مدني سوري. أما بالنسبة إلى الغير الذي تعاقد معه الفضولي فلا يكون لهذا الإقرار أثر إلا من تاريخ صدوره، وعلى ذلك جاء اجتهاد محكمة النقض المصرية التي قضت بأن: «الإقرار بقصد الفضالة يرتب عليه جميع آثار الوكالة، وأن هذا الحكم الذي قننه المشرع كان مستقراً في الفقه والقضاء في عهد القانون المدني الملغى: نقض مدني مصري 28 شباط 1957». ولكن من الممكن تطبيق أحكام الفضالة على سبيل الاستثناء حتى لو كان رب العمل، قد نهى الغير عن التدخل في شأن من شؤونه؛ إذا كانت هناك ضرورة ماسة اقتضاها وجود التزام قانوني فرضه القانون على رب العمل وكانت المصلحة العامة تقضي بأدائه، كالالتزام بتجهيز الميت. فإذا نهى رب العمل الفضولي عن تجهيز قريب له تُوفِّي في أثناء غيابه، ومع ذلك استمر الفضولي بعمله، فتطبق هنا أحكام الفضالة استثناءً من القاعدة العامة.

4ـ نية الفضولي مباشرة التصرف لحساب رب العمل: يجب أن تتوافر لدى الفضولي نية الفضالة، لذلك يجب التأكد من أن الفضولي إنما تصرف على نحو إرادي لمصلحة رب العمل، ولا يشترط أن تكون النية متجهة إلى التدخل لحساب شخص محدد بعينه، بل تتحقق الفضالة ولو كان العمل لمصلحة شخص لا يعرفه الفضولي؛ لأنه إنما يتدخل لمصلحة عامة ولو كانت لحساب شخص ما. لذلك يجب ألا يعتقد الفضولي خطأ أنه يتصرف لحسابه الخاص، فإذا كان المتصرف متأكداً من كونه وارثاً لعقار، فقام بإجراء إصلاحات عاجلة لحسابه الخاص، فإذا تبين له بعد ذلك أنه ليس مالكاً للعقار بالإرث؛ فإنه من الناحية العملية قد تدخل لحساب الغير دون قيام حالة الفضالة لعدم توافر شرط نية التفضل. ولكن، بحسب المادة (190) مدني سوري، فإنه من الممكن أن تقوم الفضالة حتى لو كان الفضولي في أثناء قيامه بشأن لنفسه قد تولى شأن غيره لما بين الشأنين من ارتباط وثيق بحيث لا يمكن للفضولي معه أن يقوم بالشأن الذي يخصه إلا إذا تولى شأن غيره أيضاً. ومثال ذلك أن يقوم الشريك على الشيوع بتأجير المال المشاع، فيعدّ فضولياً بالنسبة إلى شركائه؛ لأنه عمل لحسابهم، على الرغم من أنه عمل لمصلحة نفسه أيضاً، وإلى هذا المعنى اتجه اجتهاد محكمة النقض السورية الذي قضى بأن: أداء الشريك في العقار المستبدل بدل الاستبدال عن حصة شريكه الشائعة في أثناء دفعه البدل عن حصته لا يتعدى حدود الفضالة (نقض مدني سوري 515 تاريخ 28/2/1927).

ثالثاً ـ أحكام الفضالة:

إن الفضالة ـ بوصفها نيابة قانونية بحسب القانون المدني السوري أو شبه عقد بحسب القانون المدني الفرنسي ـ متى توافرت شرائطها تنتج التزامات قانونية على عاتق كل من الفضولي (1) ورب العمل (2) على السواء بوصفها من مصادر الالتزام.

1ـ الالتزامات المترتبة على عاتق الفضولي: بحسب المادة (192) من القانون المدني السوري فإن على الفضولي أن يمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه (أ)، وأن يخطر رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك (ب). كما يتوجب عليه ـ بحسب المادة (193) مدني سوري ـ أن يبذل عناية الشخص العادي في العمل الذي يباشره (ج). وأخيراً يلتزم بتقديم حساب عن العمل ورد ما استولى عليه بسبب الفضالة (د).

أ ـ التزام الفضولي بمتابعة العمل الذي بدأه: على الفضولي أن يمضي في العمل الذي باشره إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه (المادة 192 مدني سوري)؛ لأن مصلحة رب العمل لا تتحقق من تدخل الفضولي في شؤونه إذا توقف هذا الأخير عن الاستمرار بالعمل بعد أن بدأه، بل إن تدخلاً متقطعاً قد يكون أكثر ضرراً من عدم التدخل، لذلك كان من المنطقي إلزام الفضولي بالمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمه، أو إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه. هذا إذا كان العمل الذي بدأه الفضولي عملاً مادياً، أما إذا كان من نوع التصرفات القانونية؛ فإن على الفضولي أن يتخذ ما يلزم من الإجراءات لترتيب آثاره ونفاذه، وخاصة إذا كان الفضولي قد أجرى التصرف القانوني (عقد) باسمه الشخصي؛ فعليه المضي بتنفيذ جميع آثاره حتى لو أصبح بمقدور رب العمل المتابعة بنفسه؛ لأن إبرام العمل القانوني باسم الفضولي لا يجعل لرب العمل صفة فيه. وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الفضولي ليس ملزماً شخصياً ـ تجاه الغير الذين تعاقد معهم من أجل المتفضل عليه ـ بتنفيذ الالتزامات الناجمة عن هذا العقد إذا كان قد قدم نفسه للغير صراحة أو ضمناً على أنه يتصرف لحساب رب العمل؛ ما لم يكن هنالك اشتراط مخالف. (Cass. civ. 1er.14 janv. 1959. D. 1959. 106)

وإذا توقف الفضولي عن المضي بالعمل الذي بدأه أو قبل أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه؛ فإنه يعدّ مسؤولاً عما لحق برب العمل من ضرر، فيلتزم بتعويضه على أساس المسؤولية التقصيرية؛ ما لم يكن توقفه راجعاً إلى قوة قاهرة فلا يعدّ مسؤولاً، وتبقى حالة الفضالة قائمة، وبالتالي يجب على رب العمل تعويضه. أما إذا لم يترتب على توقف الفضولي عن المضي في العمل ضرر بالنسبة إلى رب العمل، فلا يعدّ مسؤولاً عن توقفه. وإذا طال غياب رب العمل؛ يحق للفضولي اللجوء إلى القضاء ـ إذا توافرت في غيابه الشروط القانونية ـ من أجل تسمية وكيل قضائي عن رب العمل، فإذا قررت المحكمة المختصة ذلك، يحق للفضولي أن يتوقف عن المضي في العمل الذي بدأه لمصلحة رب العمل. ويرى البعض أن التزامات الفضولي هي أشد وطأة من التزامات الوكيل؛ لأن الوكيل يستطيع ـ وفقاً لنص المادة (682/1) مدني سوري ـ أن يتنازل عن الوكالة في أي وقت، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن التزام الفضولي بالمضي في العمل يشمل أيضاً ما يتطلبه هذا العمل من إجراءات لصيانته وحفظه، في حين التزام الوكيل محدد صراحة في الوكالة، ولا يجوز له أن يتجاوز هذه الحدود.  

ب ـ التزام الفضولي بأن يخطر رب العمل بتدخله: ويعدّ هذا الالتزام متمماً للالتزام الأول؛ إذ أوجبت المادة (192) مدني سوري على الفضولي ـ إضافة إلى واجبه في المضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمه أو أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه ـ أن يخطر رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك. وغاية المشرع من هذا الالتزام هي إتاحة الفرصة لرب العمل من أجل أن يباشر شؤونه بنفسه، وهذه المباشرة تعدّ حقاً له وواجباً عليه. ويترتب على ذلك أنه يجب على الفضولي إخطار رب العمل بتدخله في أول فرصة تتاح له، حتى لو كان الفضولي مستعداً لإتمام ذلك العمل. والفضولي ـ برأي البعض ـ ليس مطالباً بأن يبذل جهداً غير معتاد لإخطار رب العمل بتدخله، بل هو مطالب بأن ينتهز فرصة معقولة تتاح له بحسب الظروف التي تحيط به للقيام بالإخطار. وإذا قصر الفضولي في إخطار رب العمل في أول فرصة تتاح له؛ فإنه يعدّ مخطئاً، وتثور بالتالي مسؤوليته عن الضرر الذي قد يلحق برب العمل من جراء ذلك. وإذا كان الإخطار واجباً على الفضولي، فإنه يعدّ في الآن ذاته حقاً له؛ لأن الإخطار يمكنه من الإسراع في وضع حد لالتزامه الأول المتمثل في المضي بالعمل، كما أنه يمكنه من إثبات تأخر رب العمل في تولي شؤونه بنفسه؛ الأمر الذي يؤثر في مدى مسؤولية الفضولي.

ج ـ التزام الفضولي بأن يبذل عناية الشخص العادي في العمل الذي يباشره: وهو التزام مترتب بموجب المادة (193) مدني سوري، وبالتالي فإن التزام الفضولي بالقيام بالعمل لحساب رب العمل هو التزام ببذل عناية، وليس بتحقيق غاية. والعناية المطلوبة منه هي عناية الرجل العادي، وبالتالي فمعيار العناية هو معيار مادي أو موضوعي، وليس معياراً شخصياً. ويطلق على هذا المعيار في القانون الفرنسي معيار رب الأسرة الصالح، فبحسب المادة (1374) مدني فرنسي فإن على الفضولي أن يقدم عناية رب الأسرة الصالح في التزامه ما لم تكن الظروف التي قادته للتفضل تجيز للقضاة أن يخفضوا التعويضات عن الأضرار التي قد تنجم عن الأخطاء أو عن إهمال الفضولي. ومعيار خطأ الفضولي هو معيار الخطأ العقدي ذاته عندما يكون التزام المتعاقد هو بذل عناية، ومعيار الخطأ التقصيري ذاته، عندما يكون واجب الإثبات. وبالتالي يجب ألا ينحرف الفضولي عند قيامه بالعمل لحساب رب العمل عن السلوك المألوف للرجل العادي، وإذا انحرف عن ذلك يعدّ مخطئاً؛ وبالتالي مسؤولاً. وهذا الخطأ هو مستقل عن الخطأ العقدي وعن الخطأ التقصيري، وهو خطأ في الفضالة. ويمتاز هذا الخطأ بخصوصية من الخطأ التقصيري، فبينما يكون التعويض عن الخطأ التقصيري كاملاً؛ أجاز القانون للقاضي ألا يحكم بتعويض كامل على الفضولي، أي أن ينقص التعويض المترتب عليه إذا كانت الظروف التي أحاطت بالفضالة تسمح بذلك. وغالباً تسمح هذه الظروف بإنقاص التعويض، وبالتالي تخفيف مسؤولية الفضولي؛ نظراً لأنه يعدّ متفضلاً بتدخله في شؤون رب العمل. وبالتالي إذا ارتكب الفضولي خطأً تقصيرياً، مستقلاً عن الخطأ في الفضالة، أضر برب العمل؛ فيكون مسؤولاً عن تعويض ذلك الضرر وفق قواعد المسؤولية التقصيرية؛ لا وفق قواعد الفضالة، وبالتالي يكون التعويض في مثل هذه الحال كاملاً، وهو حكم المادة (1374) مدني فرنسي ذاته.

وإذا عهد الفضولي القيام بأعمال الفضالة إلى شخص آخر نيابة عنه، فيكون نائب الفضولي بمنزلة نائب الوكيل إذا كان العمل تصرفاً قانونياً، وبمنزلة المقاول الثانوي إذا كان العمل مادياً. ويترتب على ذلك أن نائب الفضولي يكون مسؤولاً أمام الفضولي بالدرجة الأولى، ويحق في مثل هذه الحال لرب العمل الرجوع عليه بصفته دائناً للفضولي بموجب أحكام الدعوى غير المباشرة. وبحسب الفقرة الثانية من المادة (193) مدني سوري فإنه إذا عهد الفضولي إلى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسؤولاً عن تصرفات نائبه؛ دون إخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب. وبالمقابل فإن هذه المادة لم تعطِ هذا الحق لنائب الفضولي، لذا لا يكون رب العمل مسؤولاً مباشرة إلا أمام الفضولي نفسه. ويرى بعضهم أن مسؤولية الفضولي عن أعمال مندوبيه هي أقرب إلى مسؤولية المدين عن أعوانه منها إلى مسؤولية المتبوع التقصيرية عن فعل تابعه.

وإذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد كانوا متضامنين في المسؤولية؛ وبالتالي يحق لرب العمل الرجوع على أي منهم بكامل التعويض، ويرجع الذي وفى على بقية الفضوليين؛ كل بقدر حصته.

د ـ التزام الفضولي بتقديم حساب عن العمل ورد ما استولى عليه بسبب الفضالة: نصت المادة (194) مدني سوري على أنه يلتزم الفضولي بما يلتزم به الوكيل في رد ما استولى عليه بسبب الفضالة وفي تقديم حساب عما قام به. وطبقاً لما تنص عليه المادة (672) مدني سوري فإنه ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لحساب نفسه. ويتوجب عليه فوائد المبالغ التي استخدمها لحساب نفسه من وقت استخدامها، كما يجب عليه فائدة ما تبقى في ذمته من حساب الوكالة من وقت إعذاره. ويترتب على ذلك أنه إذا قبض الفضولي ـ في أثناء قيامه بشأن عاجل للغيرـ مالاً لهذا الغير؛ فلا يحق له أن يستعمل ذلك المال لحساب نفسه، فإن خالف ذلك تجب عليه فوائد ذلك المال بسعرها القانوني من تاريخ استخدامه المال لحساب نفسه، لا من وقت المطالبة القضائية. أما إذا لم يستخدم المال لحساب نفسه؛ فلا تجب عليه فوائده إلا من تاريخ إعذاره. كما أن على الفضولي تقديم حساب عن تدخله، ذلك لأن تقديم الحساب يسمح بتقدير العمل المبذول.

بقيت الإشارة إلى أنه ـ وبحسب الفقرة الأولى من المادة (195) مدني سوري ـ إذا مات الفضولي فإن ورثته يلتزمون بما يلتزم به ورثة الوكيل طبقاً لأحكام المادة (683/ فقرة 2). وبموجب تلك المادة فإنه على ورثة الوكيل ـ إذا توافرت فيهم الأهلية وكانوا على علم بالوكالة ـ أن يبادروا بإخطار الموكل بموت مورثهم، وعليهم اتخاذ التدابير اللازمة لمصلحة الموكل. وبالتالي ينطبق الالتزام ذاته على ورثة الفضولي إذا توافرت فيهم الأهلية، وكانوا على علم بالفضالة. أما إذا مات رب العمل؛ فبحسب الفقرة الثانية من المادة (195) يبقى الفضولي ملتزماً تجاه الورثة بما كان ملتزماً به تجاه مورثهم. ويترتب على ذلك أن الفضالة لا تنتهي بموت رب العمل، وذلك بخلاف الوكالة التي تنتهي بموت الموكل أيضاً.

2ـ الالتزامات المترتبة على عاتق رب العمل: بحسب نص المادة (196) مدني سوري يكون رب العمل ملزماً بأن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه، وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها، وأن يرد له النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها، وأن يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل. ولا يستحق الفضولي أجراً على عمله إلا أن يكون من أعمال مهنته. وعلى ذلك يترتب على عاتق رب العمل نوعان من الالتزامات: التزام بالتنفيذ (أ)، والتزام بالتعويض (ب).

أ ـ الالتزام بالتنفيذ: يلتزم رب العمل ـ ليس تجاه الفضولي بل تجاه من تعاقد معه الفضولي ـ بتنفيذ الالتزامات المعقودة بالنيابة عنه، حيث يعدّ الفضولي نائباً قانونياً عنه في حال توافر شرائط الفضالة. ويترتب على ذلك أنه إذا أبرم الفضولي تصرفاً قانونياً باسم رب العمل؛ فإن آثار هذا التصرف تسري مباشرة بحق رب العمل لا بحق الفضولي، فيلتزم المتفضل عليه قانوناً بإكمال التعهدات التي عقدها الفضولي باسمه، وإلى هذا المعنى أشارت بوضوح المادة (1373) من القانون المدني الفرنسي. وبالتالي يعدّ رب العمل في مثل هذه التصرفات هو الدائن بالحقوق والمدين بالالتزامات المترتبة عن التعهدات.

وتبقى مسؤولية رب العمل قائمة على نحو كامل، بحسب الفقرة الثانية من المادة (197) مدني سوري، حتى لو لم تتوافر فيه أهلية التعاقد؛ لأن مصدر التزامات رب العمل هو الفعل النافع، وليس إرادته. بخلاف الفضولي، فبحسب الفقرة الأولى من المادة (197) مدني سوري فإنه إذا لم تتوافر في الفضولي أهلية التعاقد فلا يكون مسؤولاً عن إدارته إلا بالقدر الذي أثرى به؛ ما لم تكن مسؤوليته ناشئة من عمل غير مشروع.

ب ـ الالتزام بالتعويض: قد يقوم الفضولي ـ في أثناء توليه شأن الغيرـ بتصرف قانوني يعقده باسمه، بحيث تنشأ التزامات مباشرة في ذمة الفضولي، فإذا كانت شرائط الفضالة متوافرة؛ التزم قانوناً رب العمل بتعويض الفضولي عن هذه الالتزامات، وهو ما قررته محكمة النقض المصرية حيث قضت بأنه للفضولي بحكم القانون المطالبة بالتعويض، وأن التزام رب العمل في هذه الحالة مصدره قاعدة عدم جواز الإثراء على حساب الغير، فلا يتوقف الالتزام على إرادة رب العمل (نقض مدني مصري، 12 شباط 1953، مجموعة أحكام النقض، السنة الرابعة، رقم 69، ص 476). وإذا نفذ الفضولي التزاماته الناشئة من العقد؛ فيحق له أن يرجع بها على رب العمل مضافاً إليها الفوائد القانونية من يوم دفعها. ويكون مصدر التزام رب العمل بذلك هو الفعل النافع المكون للفضالة، فلا يقتصر التزامه على الأقل من قيمتي الافتقار والإثراء، بل يشمل كل الافتقار وفوائده. أما محكمة النقض الفرنسية فقد عدّت أنه بالتفسير الواسع للمادة (2001) مدني فرنسي المتعلقة بالدفعات التي يقدمها الوكيل، فإن للفضولي الحق (civ. 1er. 12 juin. 1979. Bull. civ. I. Nº 173) بفوائد الدفعات من اليوم الذي يتم إثباتها كما يلتزم رب العمل برد النفقات الضرورية والنافعة وفوائد هذه النفقات من يوم صرفها إلى الفضولي. ويلتزم رب العمل بدفع الفوائد بدءاً من تاريخ الإنفاق، استثناءً من القواعد العامة التي تقرر أن الفوائد القانونية تستحق بدءاً من تاريخ المطالبة القضائية. وبالمقابل يجب ألا يفرط الفضولي في هذه النفقات؛ وبالتالي عليه أن يقف عند حد معقول. وإذا كان العمل الذي قام به الفضولي لحساب رب العمل يدخل في أعمال مهنته؛ فإنه يستحق أجراً عن عمله إضافة إلى المصروفات التي أنفقها. أما إذا كان العمل لا يدخل ضمن نطاق أعمال مهنة الفضولي؛ فلا يحق له المطالبة بأجر عن ذلك العمل. والتعويض يشمل كذلك الضرر الذي لحق بالفضولي في أثناء قيامه بشأن عاجل للغير، فيلتزم به رب العمل إضافة إلى التزامه برد النفقات. وإذا تعدد أرباب العمل فلا يقوم التضامن بينهم؛ وذلك لأن القانون لم ينص على ذلك، ولا يفترض التضامن في مثل هذه الحال. وبالمقابل فقد نص القانون على التضامن بين الفضوليين والموكلين والوكلاء في حال تعددهم. وإذا امتنع رب العمل عن تعويض الفضولي أو تنفيذ الالتزامات فلصاحب الحق المطالبة به بدعوى الفضالة ما لم تسقط بالتقادم.

3ـ دعوى الفضالة وتقادمها: تنص المادة (198) من القانون المدني السوري على أنه «تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه. وتسقط كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق». ويستخلص من ذلك أن دعوى الفضولي المرفوعة على رب العمل من أجل مطالبته باسترداد النفقات الضرورية والنافعة، أو التعويض عن الضرر الذي لحق به في أثناء قيامه بالعمل، أو المطالبة بالأجر في حال استحقاقه، تسقط بأقصر الأجلين: ثلاث سنوات من وقت علم الفضولي بحقه، أو خمس عشرة سنة من تاريخ نشوء هذا الحق.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني ـ2ـ المجلد الأول: مصادر الالتزام نظرية العقد والإرادة المنفردة، (طبعة 1987).

ـ سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني، المجلد الثالث، الإثراء على حساب الغير (الطبعة الثالثة، القاهرة 1990).

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، المجلد الأول (القاهرة، دون تاريخ).

ـ عبد المجيد مطلوب، الفضالة، دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي (1993).

ـ فواز صالح، القانون المدني ـ مصادر الالتزام (الجامعة الافتراضية، نسخة إلكترونية، 9002).

ـ محمد وحيد الدين سوار، المصادر غير الإرادية للالتزام.

- P.VOIRIN & G. GOUBEAUX, Manuel de droit, civil.Tome. I. (1980).


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان
رقم الصفحة ضمن المجلد : 88
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 449
الكل : 31651796
اليوم : 6378