logo

logo

logo

logo

logo

الدفع بعدم التنفيذ

دفع بعدم تنفيذ

plea of non-performance - exception d’inexécution

 الدفع بعدم التنفيذ

الدفع بعدم التنفيذ

فواز صالح

 مفهوم الدفع بعدم التنفيذ

شروط الدفع بعدم التنفيذ

آثار الدفع بعدم التنفيذ

   

اختلف الفقهاء حول ما إذا كان القانون الروماني قد عرف بصورة مسبقة قاعدة الدفع بعدم التنفيذ L’exception d’inexécution أم لا. ولكن الأرجح أن هذا القانون لم يضع قاعدة الدفع بعدم التنفيذ على نحو مستقل، ومن ثم فإن هذه القاعدة لا تجد أصولها في القانون الروماني ذلك لأسباب عدة، أهمها: المفهوم الشكلي والمجرد للالتزام، إذ إن مبدأ الشكلية هو الذي كان يسود القانون الروماني وخاصة في عهد الحقوق القديمة أو العهد الكلاسيكي. وفق هذا المبدأ كان العقد ينعقد، ثم ينشأ الالتزام، بمجرد أن يفرغ العقد في الشكل المحدد له، من دون أي اعتبار لإرادة الطرفين. وكذلك فإن تطبيق المقاصة القضائية على نحو واسع في ذلك الوقت حد من تطبيق الدفع بعدم التنفيذ بوصفه مبدأً عاماً. زد على ذلك أن الطبيعة الخاصة للدعوى القضائية في القانون الروماني في ذلك العهد كانت عائقاً أمام تطبيق الدفع بعدم التنفيذ، إذ إن هذه الدعوى كانت تتميز بخاصيتين أساسيتين، الأولى تتعلق بوحدة المسألة التي يجب حسمها؛ والثانية تتعلق بمنع الطلبات المتقابلة في الدعوى. ثم إن القانون الروماني كان يجيز للمدين الذي يطالبه دائنه بتنفيذ التزامه دون أن يكون قد نفذ التزامه المقابل، أن يتمسك بالدفع بالغش المعروف في العقود التي ظهرت مؤخراً وسميت بعقود حسن النية، والتي كانت تعد استثناءً على مبدأ الشكلية.

أما الشريعة الإسلامية، فهي لا تحتوي على نظرية عامة بشأن قاعدة الدفع بعدم التنفيذ. إلا أن كتب الفقهاء المسلمين تتضمن تطبيقات عدة لهذه القاعدة. وعلى الرغم من ذلك يعتقد بعض الفقهاء المعاصرين بأن الشريعة الإسلامية تجهل مفهوم الدفع بعدم التنفيذ، وذلك لأنها لا تعرف مبدأ الارتباط بين الالتزامات الناشئة من عقد ملزم للجانبين.

ولكن هذا الرأي محل نظر، وذلك لأن قاعدة الدفع بعدم التنفيذ لا تقوم فقط على الارتباط والتقابل بين الالتزامات، وإنما تقوم أيضاً على القصاص والتكافؤ في الحقوق، وكذلك على مبدأ حسن النية والوفاء بالوعود. والشريعة الإسلامية تحث على الوفاء بالوعود وعلى حسن النية في المعاملات. ومن ثم يرجح أن الفقه الإسلامي عرف تطبيق قاعدة الدفع بعدم التنفيذ، ولكنه كان يطبقها تحت غطاء الحق في الحبس.

ويعود الفضل في صوغ نظرية عامة للدفع بعدم التنفيذ إلى فقهاء القانون الكنسي الذين وجدوا في القانون الروماني بعض البذور التي سمحت لهم فيما بعد بصوغ هذه النظرية التي ازدهرت فيما بعد ازدهاراً ملحوظاً.

ومن ثم اعتنق القضاء الفرنسي قاعدة الدفع بعدم التنفيذ وأكدها صراحةً أول مرة عام 1560 ميلادية. وبعد ذلك عرفت هذه القاعدة تراجعاً مهماً في فرنسا، وذلك بسبب ولادة مدرسة فقهية ذات ميول تفسيرية وتاريخية. إذ كان مؤسس هذه المدرسة الفقيه الفرنسي كيجاس Cujas، يتمسك بالمؤسسات القانونية الرومانية، مما أدى إلى تضييق نطاق قاعدة الدفع بعدم التنفيذ. وسار تلامذة كيجاس، دوما Domat وبوتيه Pothier، على حذوه فلم يضعا قاعدة عامة للدفع بعدم التنفيذ. وهذا ما يفسر غياب النظرية العامة للدفع بعدم التنفيذ في التقنين المدني الفرنسي لعام 1804. ولكن يتضمن هذا التقنين بعض النصوص الخاصة المتفرقة هنا وهناك، والتي تجيز لأحد المتعاقدين في عقد ملزم لجانبين أن يرفض تنفيذ التزامه إذا طالبه المتعاقد الآخر بذلك من دون أن يكون قد نفذ التزامه المقابل والمستحق الأداء. ومثال ذلك المادة 1612 من هذا التقنين والتي تنص على أن البائع لا يلزم بتسليم المبيع إذا طالبه المشتري بذلك من دون أن يكون قد نفذ التزامه بوفاء الثمن المستحق الأداء. وبالمقابل فإن المادة 1653 تجيز للمشتري، إذا تعرض له أحد مستنداً إلى حق سابق له على المبيع أو إذا خشي أن ينزع المبيع من يده، أن يمتنع عن تنفيذ التزامه بدفع الثمن حتى زوال الخطر أو انقطاع التعرض. وكذلك المادة 1704 التي تعتمد الدفع بعدم التنفيذ في نطاق عقد المقايضة؛ والمادة 1799 التي تجيز التمسك بهذا الدفع في مجال عقد الإيجار. وتبنى الاجتهاد الفرنسي المعاصر، انطلاقاً من هذه النصوص المبعثرة في التقنين المدني، الدفع بعدم التنفيذ بوصفه قاعدة عامة تطبق في نطاق جميع العقود الملزمة لجانبين بدءاً من عام 1932. ومن ثم تبنت معظم القوانين المعاصرة، ومن بينها القانون المدني السوري، مبدأ الدفع بعدم التنفيذ بوصفه قاعدة عامة، إضافة إلى المفاهيم القانونية القريبة منه كالحق في الحبس والفسخ والمقاصة، والتي طالما خلط الفقه بينها.

أولاً- مفهوم الدفع بعدم التنفيذ:

من أجل بيان المقصود من الدفع بعدم التنفيذ لا بد من تعريفه بدايةً، ثم المقارنة بينه وبين بعض المفاهيم القانونية القريبة منه، كالحق في الحبس والفسخ والمقاصة.

1- تعريف الدفع بعدم التنفيذ:

تنص المادة 162 من القانون المدني السوري على أنه «في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به».

ويتبين من ذلك أن الدفع بعدم التنفيذ هو وسيلة دفاعية تهدف إلى تحقيق العدالة الفردية، إذ يستوفي المتمسك بالدفع، في العقود الملزمة للجانبين، حقه بنفسه من دون اللجوء إلى القضاء عندما يخل المتعاقد الآخر بالتزامه. ومن ثم فإن هذا الدفع يقوم على أساس الدفاع الشرعي في العلاقات التبادلية. وهذه الفكرة توضح على نحو جلي آلية عمل قاعدة الدفع بعدم التنفيذ. فعلى غرار الدفاع الشرعي في قانون العقوبات، لا يجوز التمسك بالدفع بعدم التنفيذ إلا لمن كان ضحية عدم تنفيذ التزام مرتبط بالتزامه برابط قانوني. ومن ثم لا يحق التمسك به إذا كان المتعاقد ملزماً بتنفيذ التزامه أولاً. ولا يتطلب التمسك بالدفع اللجوء إلى القضاء على نحو مسبق، أو توجيه إعذار إلى المتعاقد الآخر. إضافة إلى أن شروط استعمال الدفع بعدم التنفيذ تنسجم مع فكرة الدفاع الشرعي بوصفها الأساس القانوني للدفع، إذ يرجع فقهاء القانون المدني إلى شروط تطبيق الدفاع الشرعي في قانون العقوبات من أجل إسقاطها على تطبيق الدفع بعدم التنفيذ. وهذا يتطلب أن يكون هناك اعتداء غير مبرر متمثل في عدم تنفيذ المتعاقد الآخر التزامه المتقابل ومع ذلك يطالب المتمسك بالدفع بتنفيذ التزامه. كما يجب أن يكون الرد متناسباً مع الاعتداء، أي يجب أن يكون رفض المتمسك بالدفع تنفيذ التزامه متناسباً مع عدم تنفيذ المتعاقد الآخر لالتزامه المتقابل.

2- المقارنة بين الدفع بعدم التنفيذ وبعض المفاهيم القانونية القريبة منه:

عندما كانت قاعدة الدفع بعدم التنفيذ مجهولة في القانون الفرنسي، كانت المحاكم تطبقها تارة تحت ستار الحق في الحبس، وتارة أخرى تحت غطاء المقاصة أو الفسخ. وإن دلَّ هذا الأمر على شيء فإنما يدل على التشابه الذي يوجد بين الدفع بعدم التنفيذ وبين هذه المفاهيم القانونية.

أ- الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس: عندما يكون محل الالتزام المترتب في ذمة المتمسك بالدفع بعدم التنفيذ ينصب على شيء مادي يقترب مفهوم الدفع بعدم التنفيذ من الحق في الحبس. فإذا رفض المتمسك بالدفع تسليم الشيء رداً على رفض المتعاقد الآخر تنفيذ التزامه المقابل، فما هو مسوغ هذا الرفض؟ هل هو الدفع بعدم التنفيذ أم هو الحق في الحبس؟ تذهب أغلبية الفقه الفرنسي إلى أن الحق في الحبس هو الذي يسوغ، في مثل هذه الحالة، رفض المتعاقد تنفيذ التزامه بالتسليم. وتتبنى أغلبية المحاكم الفرنسية هذا الرأي أيضاً. ومن هنا نشأت مشكلة الخلط بين الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس، وكان ذلك نتيجة غياب نص قانوني عام في القانون الفرنسي يعالج هذه المشكلة. وقد ورث واضعو القانون المدني المصري هذه المشكلة عن القانون الوضعي الفرنسي.

ومن ثم ورث القانون المدني السوري هذه المشكلة عن القانون المدني المصري، حيث تبدو مشكلة الخلط بين الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس واضحة في نصوص القانون المتعلقة بالدفع بعدم التنفيذ وبالحق في الحبس وهي المواد 162 و247 - 249 من القانون المدني السوري، ويقابلها المواد 161 و246 - 248 من القانون المدني المصري. وتنص المادة 247 من القانون المدني السوري على أنه: «1- لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا. 2 - ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه، إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة، فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء، حتى يستوفي ما هو مستحق له، إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع». وبالمقارنة بين نص هذه المادة ونص المادة 162 المتعلقة بالدفع بعدم التنفيذ يلاحظ أن هذا الدفع يتشابه مع الحق في الحبس كثيراً، إذ يشكل المفهومان وسيلة ضمان وكذلك وسيلة إكراه تمارس على إرادة المتعاقد الآخر كي ينفذ التزامه. وكلاهما يوقف بصورة مؤقتة تنفيذ التزام من يتمسك بهما حتى ينفذ الطرف الآخر التزامه المتقابل. ويرى السنهوري أن الحق في الحبس هو الأصل والدفع بعدم التنفيذ هو تطبيق لهذا الأصل في نطاق العقود الملزمة للجانبين. ويعد الدفع بعدم التنفيذ فرعاً من الحق في الحبس. »فحيث يطبق الحق في الحبس في نطاق العقد الملزم للجانبين كان هذا هو الدفع بعدم التنفيذ. فإذا خرج عن هذا النطاق عاد حقاً في الحبس لا دفعاً بعدم التنفيذ.» ولكن القول إن الحق في الحبس هو الأصل، وإن الدفع بعدم التنفيذ هو تطبيق لهذا الأصل في نطاق العقود الملزمة للجانبين لا يمكن التسليم به، وذلك لأن الدفع بعدم التنفيذ يختلف عن الحق في الحبس في عدة نقاط، وهي: مجال التطبيق، وشـروط الاستعمال، والآثار القانونية.

(1) من حيث مجال التطبيق: تذهب غالبية الفقه في فرنسا ومصر وسورية إلى أن تطبيق الحق في الحبس يمكن أن يستند تارة إلى الارتباط المادي بين الالتزامات المتقابلة، وتارة أخرى إلى الارتباط القانوني أو المعنوي بينهما.

وهذا ما ذهب إليه القانون المدني السوري في المادة 247 منه. ويؤخذ على هذا الرأي أنه يؤدي إلى الخلط بين الدفع بعدم التنفيذ وبين الحق في الحبس. في الواقع يجب أن ينحصر مجال تطبيق الحق في الحبس على الحالات التي يتوافر فيها الارتباط المادي بين الالتزامات بغض النظر عن مسألة وجود عقد أو لا. أما الدفع بعدم التنفيذ فيجب أن يطبق في الحالات التي يكون فيها ارتباط قانوني أو معنوي بين الالتزامات المتقابلة. ويستخلص من ذلك أن مجال تطبيق الحق في الحبس هو أضيق من مجال الدفع بعدم التنفيذ. فالحق في الحبس يجب أن لا يطبق إلا إذا كان محل التزام الحابس شيئاً مادياً، وكان الحابس الحائز قد أنفق مصروفات ضرورية أو نافعة لحفظ الشيء، وكذلك الحال إذا سبب الشيء ضرراً للحابس، إذ في هذه الحالات يتوافر ارتباط مادي بين دين الحابس والشيء المحبوس. أما الدفع بعدم التنفيذ فيطبق عندما يكون هناك ارتباط قانوني أو معنوي بين الالتزامات المتقابلة، وغالباً يكون مصدر هذه الالتزامات العقد الملزم للجانبين. وقد أكد التقنين المدني لمقاطعة كيبك الكندية الناطقة بالفرنسية هذا المعيار للتمييز بين الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس، ويستخلص ذلك من المادتين 1591 و 1592 منه. وتنص المادة 1591 على أنه عندما تكون الالتزامات الناتجة من عقد ملزم لجانبين مستحقة الوفاء، ويمتنع أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزامه بشكل جوهري أو لم يعرض تنفيذه، يستطيع المتعاقد الآخر أن يرفض تنفيذ التزامه المتبادل ما لم يكن ملزماً، بموجب القانون أو العقد أو الاتفاق، بتنفيذ التزامه أولاً. وتنص المادة 1592 على أنه يحق لكل طرف يحوز شيئاً يعود للمتعاقد الآخر برضاء مالكه أن يحبسه حتى يقوم المتعاقد الآخر بالوفاء التام لدينه مستحق الأداء والذي يرتبط بشكل وثيق بذلك الشيء.

(2) من حيث شروط التطبيق: يختلف الدفع بعدم التنفيذ عن الحق في الحبس من حيث شروط التطبيق بما يأتي:

- يتطلب الحق في الحبس أن يكون محل التزام الحابس شيئاً مادياً، في حين أن محل التزام المتمسك بالدفع يمكن أن يكون إضافة إلى شيء مادي، فعل شيء أو الامتناع عن فعل شيء.

- يشترط الحق في الحبس توافر ارتباط مادي بين الشيء وبين الدين، في حين أنه يكفي لتطبيق الدفع بعدم التنفيذ توافر رابطة معنوية بين الالتزامات المتقابلة، وغالباً ما يكون مصدر هذه الرابطة العقود الملزمة للجانبين. في حين يقبل بعضهم أن يكون مصدر الرابطة المعنوية بين الالتزامات أي علاقة تبادلية تنـشئ التزامات متبادلة، ومثال ذلك الاستملاك للمنفعة العامة مقابل بدل نقدي عادل.

- لا يشترط في الحق في الحبس أن يكون الحابس حسن النية، كل ما هنالك هو أنه يجب ألا يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع. يستخلص من ذلك أن نظرية التعسف في استعمال الحق لا تطبق في نطاق الحق في الحبس. على العكس من ذلك تماماً، فإنه يشترط في المتمسك بالدفع أن يكون حسن النية وأن لا يتعسف في استعمال حقه.

(3) من حيث الآثار القانونية: يتمتع الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس بأثر موقف لفترة مؤقتة من الزمن. وعلى الرغم من ذلك هناك خلاف بينهما من حيث الآثار أيضاً، ويتمثل هذا الخلاف بما يلي:

- لا يقبل الحق في الحبس التجزئة، إذ يمكن للحابس أن يحبس الشيء حتى يستوفي كامل دينه، وذلك لأنه في الحق في الحبس يضمن الشيء المحبوس بأكمله كل جزء من الدين، وبالمقابل كل جزء من الشيء المحبوس يضمن الوفاء بكامل الدين. واستناداً إلى ذلك لا تطبق نظرية التعسف في استعمال الحق في نطاق الحق في الحبس. في حين أن الدفع بعدم التنفيذ يقبل التجزئة إذا كانت الالتزامات المتقابلة والمتبادلة تقبل هي ذاتها التجزئة.

- حجية الحق في الحبس أوسع نطاقاً من حجية الدفع بعدم التنفيذ، وذلك لأن الحق في الحبس يتمتع بحجية مطلقة تجاه الغير، وهذا هو مصدر قوته وفعاليته. في حين أن حجية الدفع بعدم التنفيذ في مواجهة الغير نسبية، فهو لا يسـري في حق الغير الذي كسب حقه قبل ثبوت الحق في التمسك بالدفع.

يستخلص مما تقدم أن الدفع بعدم التنفيذ لا يمكن أن يعد تطبيقاً للحق في الحبس في نطاق العقود الملزمة للجانبين، وإنما هو مفهوم مستقل ويختلف عن الحق في الحبس بأمور عدة وفق ما تقدم. ومن أجل ذلك وضع المشرع الدفع بعدم التنفيذ في مادة مستقلة، وفي مكان يختلف عن ذلك الذي خصصه للحق في الحبس. والقول بأن الدفع بعدم التنفيذ هو تطبيق للحق في الحبس يؤدي إلى إفراغ المادة 162 من مضمونها. وليس هناك داع للنص صراحة على الدفع في المادة 162، وإنما كان يمكن الاكتفاء بالمادة 247 التي تنص على الحق في الحبس. ولكن تخصيص المادة 162 للدفع يدل صراحة على أن المشرع نص على الدفع بوصفه مفهوماً مستقلاً، ومختلفاً عن الحق في الحبس.

ب - الدفع بعدم التنفيذ والفسخ: سبقت الإشارة إلى أن الفسخ يؤدي إلى زوال الرابطة العقدية بأثر رجعي، في حين أن الدفع بعدم التنفيذ يوقف تنفيذ العقد لفترة مؤقتة من الزمن، تتوقف على إرادة الطرف الذي يمتنع عن تنفيذ التزامه ويطالب المتمسك بالدفع بتنفيذ التزامه المتقابل. وقد يمتد هذا الوقف فترة طويلة من الزمن ومن ثم يقترب الدفع بعدم التنفيذ في مثل هذه الفرضية، من الفسخ. ولكن مع ذلك فإن الدفع بعدم التنفيذ يمتاز عن الفسخ في أمور عدة تتعلق بمجال التطبيق وشروطه وكذلك تتعلق بالآثار القانونية.

(1) من حيث مجال التطبيق: يطبق الفسخ في نطاق العقد الملزم للجانبين؛ في حين أن مجال تطبيق الدفع بعدم التنفيذ أوسع من ذلك في نظر بعض الفقهاء، إذ إن تطبيقه لا يقتصر فقط على الالتزامات الناشئة من العقود الملزمة للجانبين، بل يتعداها إلى الالتزامات الناشئة من أي علاقة تبادلية. في حين أن المادة 162 من القانون المدني السوري حصرت نطاق تطبيق الدفع بعدم التنفيذ بالعقود الملزمة للجانبين. فضلاً عن أن بعض العقود الملزمة للجانبين تتنافى طبيعتها مع الدفع بعدم التنفيذ، ومن ثم لا يمكن تطبيق الدفع بشأنها، وهي تلك العقود التي يترتب على امتناع أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزامه فسخ العقد، كما في العقد الذي يبرمه أحد المشاهدين من أجل حضور عرض مسرحي، ثم بعد ذلك يخل بالنظام في صالة العرض مما يضطر المتعهد إلى إخراجه من الصالة فيفسخ العقد بإرادته المنفردة.

(2) من حيث الشروط: يختلف الدفع بعدم التنفيذ عن الفسخ في نطاق شروط التطبيق بما يلي:

- يشكل الفسخ، من حيث المبدأ، وسيلة هجومية لا يمكن اللجوء إليها إلا عن طريق دعوى قضائية أو طلب عارض. أما الدفع بعدم التنفيذ فهو وسيلة دفاعية يمكن اللجوء إليه عن طريق دفع يتمسك به المدعى عليه.

- يحتاج الفسخ، من حيث المبدأ إلى رقابة قضائية مسبقة ويخضع لسلطة القاضي التقديرية، ولا بد فيه من إعذار المدين من حيث المبدأ. في حين أن الدفع بعدم التنفيذ هو وسيلة تحقق العدالة الخاصة، إذ يلجأ إليه المتمسك به ليحصل بنفسه على حقه من دون اللجوء إلى القضاء بصورة مسبقة، ومن ثم لا يمارس القضاء على تطبيق هذه الوسيلة أي رقابة مسبقة. ويترتب على ذلك أن الدفع بعدم التنفيذ متروك لتقدير الطرف الذي يتمسك به. ومن جهة أخرى لا يحتاج المتمسك بالدفع إلى إعذار الطرف الآخر.

- لا يؤدي عدم التنفيذ الجزئي إلى فسخ العقد إلا إذا كان ذا أهمية بالغة وعلى درجة من الجسامة. وعدم التنفيذ الجزئي الذي يؤدي إلى فسخ العقد يسمح حتماً بالتمسك بالدفع بعدم التنفيذ، وذلك لأن هذا الأخير هو أقل خطورة من الفسخ. ولكن العكس غير صحيح، فعدم التنفيذ الجزئي الذي يؤدي إلى تطبيق قاعدة الدفع بعدم التنفيذ ليس من المؤكد أن يسمح بفسخ العقد.

- أعطى القانون للقاضي، في الفسخ، الخيار بين تنفيذ العقد أو فسخه أو منح المدين أجلاً، حتى لو كانت شروط الفسخ متوافرة، وذلك لأن الفسخ من حيث المبدأ هو جوازي. في حين أنه إذا توافرت شروط تطبيق الدفع بعدم التنفيذ فالقاضي ملزم أن يحكم به.

(3) من حيث الآثار القانونية: يختلف الدفع بعدم التنفيذ عن الفسخ على أرضية الآثار القانونية بما يلي: يؤدي الفسخ إلى انقضاء الالتزام وزوال الرابطة العقدية بأثر رجعي، ومن ثم يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. في حين أن الدفع بعدم التنفيذ يؤدي إلى وقف تنفيذ التزام المتمسك به حتى ينفذ الطرف الآخر التزامه المتقابل. وهذا ما أكدت عليه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني المصري، إذ جاء فيها ما يلي: «فمن الأصول التي يقوم عليها نظام العقود الملزمة للجانبين ارتباط تنفيذ الالتزامات المتقابلة فيها على وجه التبادل أو القصاص. فإذا استحق الوفاء بهذه الالتزامات فلا يجوز تفريعاً على ما تقدم أن يجبر أحد المتعاقدين على تنفيذ ما التزم به قبل قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ الالتزام المقابل. وعلى هذا الأساس يتعين أن تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت واحد. وتجوز الاستعانة بإجراءات العرض الحقيقي لمعرفة المتخلف عن الوفاء من المتعاقدين. فلكل من المتعاقدين إزاء ذلك أن يحتبس ما يجب أن يوفي به حتى يؤدى إليه ما هو مستحق له، وهو باعتصامه بهذا الحق أو الدفع إنما يوقف أحكام العقد لا أكثر. فالعقد لا يفسخ في هذه الصورة، ولا تنقضي الالتزامات الناشئة عنه على وجه الإطلاق، بل يقتصر الأمر على وقف تنفيذه. وهذا هو الفارق الجوهري بين الفسخ والدفع بعدم التنفيذ» (مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، الجزء الثاني، ص333).

ج - الدفع بعدم التنفيذ والمقاصة: تنص المادة 360 من القانون المدني السوري على أنه:

«1- للمدين حق المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه وما هو مستحق له قبل هذا الدائن ولو اختلف سبب الدينين، إذا كان موضوع كل منهما نقوداً أو مثليات متحدة في النوع والجودة وكان كل منهما خالياً من النزاع مستحق الأداء، صالحاً للمطالبة به قضاء.

2- ولا يمنع المقاصة أن يتأخر ميعاد الوفاء لمهلة منحها القاضي أو تبرع بها الدائن».

يستخلص من ذلك أن الدفع بعدم التنفيذ يقترب من المقاصة عندما يكون موضوع التزامات الطرفين هو أداء مبلغ معين من النقود أو أشياء مثلية متحدة في النوع والجودة. ولكن على الرغم من ذلك فإن الدفع بعدم التنفيذ يختلف عن المقاصة من حيث مجال التطبيق والشروط والآثار القانونية.

(1) من حيث مجال التطبيق: إن مجال تطبيق المقاصة يبدو من ناحية أوسع من مجال تطبيق الدفع بعدم التنفيذ، ومن ناحية أخرى أضيق.

- لا تستلزم المقاصة الترابط بين الالتزامات المتقابلة، ومن ثم لا تشترط اتحاد المصدر بينهما، إذ يمكن أن يكون مصدر التزام أحد الطرفين هو العقد، ومصدر التزام الطرف الآخر هو العمل غير المشروع. وبالمقابل لا يمكن تطبيق الدفع بعدم التنفيذ إلا إذا اتحدت الالتزامات المتقابلة في المصدر، أي يجب أن يكون هناك ترابط قانوني بين التزامات الطرفين الذي يجد مصدره في العقود الملزمة للجانبين. ومن هذه الناحية يبدو مجال تطبيق المقاصة أوسع من مجال تطبيق الدفع بعدم التنفيذ.

- لا تطبق المقاصة إلا إذا كان موضوع الالتزامات المتقابلة نقوداً أو مثليات متحدة في النوع والجودة. في حين يمكن تطبيق الدفع بعدم التنفيذ أياً كان موضوع الالتزامات المتقابلة، سواء أكان نقوداً أم أشياء مثلية أم عملاً أم امتناعاً عن عمل.

(2) من حيث الشروط: يختلف الدفع بعدم التنفيذ عن المقاصة بما يلي:

- لا يجوز التمسك بالمقاصة إلا إذا كان كل من الدينين مستحق الأداء خالياً من النزاع ويمكن المطالبة به أمام القضاء. في حين يكفي للتمسك بالدفع بعدم التنفيذ أن تكون الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء.

- لا يجوز التمسك بالمقاصة إلا إذا كان موضوع الالتزامات ينصب على مبلغ من المال أو على أشياء مثلية متحدة في النوع والجودة. وتقع المقاصة ولو اختلف سبب الدينين، فلا يشترط أن تكون هناك رابطة بينهما. في حين يجوز التمسك بالدفع بعدم التنفيذ أياً كان موضوع الالتزامات المتقابلة. إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك رابطة قانونية بين الالتزامات المتقابلة.

(3) من حيث الآثار: يختلف الدفع بعدم التنفيذ عن المقاصة من حيث الآثار بما يلي:

- المقاصة هي سبب من أسباب انقضاء الالتزام، لأنها تؤدي إلى انقضاء الدينين بقدر الأقل منهما. أما الدفع بعدم التنفيذ فيؤدي إلى وقف تنفيذ الالتزام لفترة مؤقتة، إذ يمتنع المتمسك بالدفع عن تنفيذ التزامه ما لم ينفذ الطرف الآخر التزامه المقابل.

- المقاصة هي وسيلة وفاء، في حين أن الدفع بعدم التنفيذ هو وسيلة إكــراه ووسيلة ضمان.

وتجدر الإشارة إلى أن القانون ينص، في كل من فرنسا ومصر وسورية، على أن المقاصة لا تقع في أحوال عديدة، منها مثلاً إذا كان أحد الدينين حقاً غير قابل للحجز، وفق ما نصت عليه المادة 362/ج من القانون المدني السوري. ومن جهة ثانية تخضع المقاصة لأحكام خاصة في حالة الإفلاس. ومن أجل التخلص من تطبيق هذه الأحكام، لجأ الفقه الفرنسي إلى ابتداع نوع خاص من المقاصة أسماه المقاصة بين الديون المترابطة ترابطاً قانونياً La compensation des dettes connexes. وبعد ذلك وضعها المشرع الفرنسي في إطار الإجراءات المتعلقة بالمؤسسات التي تمر بصعوبات مالية. وفي الواقع هذه المقاصة هي تطبيق لقاعدة الدفع بعدم التنفيذ.

ثانياً- شروط الدفع بعدم التنفيذ:

لا يجوز أن يكون الدفع بعدم التنفيذ، الذي يقوم على أساس الدفاع الشرعي، وسيلة انتقام، إذ لا يحق للمتعاقد أن يتمسك به إلا من أجل الدفاع عن مصالحه المشروعة الناشئة من العقد الذي يربطه بالمتعاقد الآخر الذي يطالبه بتنفيذ التزامه من دون أن يكون هو قد نفذ التزامه المتقابل الناشئ من العقد ذاته. ومن ثم لا يمكن أن يكون الدفع بعدم التنفيذ وسيلة ابتزاز، أو وسيلة تصفية الحسابات. فالمتمسك بالدفع عندما يمتنع عن تنفيذ التزامه يضع نفسه مكان القاضي، إذ يقتص لنفسه، ولا يمكنه أن يفعل ذلك إلا إذا توافرت شروط تطبيق هذا الدفع التي ينص عليها القانون، واستقر بشأنها القضاء. ويشترط من أجل التمسك بالدفع بعدم التنفيذ توافر زمرتين من الشروط، تتعلق الزمرة الأولى بالالتزامات المتقابلة، في حين أن الثانية تتعلق بالأطراف.

1- الشروط المتعلقة بالالتزامات المتقابلة:

وهذه الشروط هي التالية:

أ - يجب ألا يكون المتعاقد الذي يطالب المتمسك بالدفع قد نفذ التزامه المتقابل والمستحق الأداء، أي يجب أن يكون من يطالب المتمسك بالدفع مقصراً في تنفيذ التزامه. أما إذا كان التزامه غير مستحق الأداء؛ أو كان قد انقضى بأحد أسباب انقضاء الالتزام، كالتقادم أو الإبراء أو الوفاء أو المقاصة أو الإنابة أو التجديد، فلا يحق للمتعاقد الآخر أن يمتنع عن تنفيذ التزامه المتقابل. ومن ثم يجب أن يكون المتعاقد، الذي يطالب المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه، ملتزماً بالتزام متقابل ومستحق الأداء ولم ينفذه أو لم يعرض تنفيذه. ويشترط أن يكون عدم تنفيذ المتعاقد الذي يطالب المتمسك بالدفع بعدم التنفيذ لالتزامه راجعاً إلى خطئه حتى يطبق الدفع بعدم التنفيذ. أما إذا كان عدم تنفيذه لالتزامه يعود إلى سبب أجنبي، كالقوة القاهرة، فإن ذلك يؤدي إلى انقضاء التزامه ومن ثم إلى انفساخ العقد، لا إلى وقف تنفيذه.

ب - يجب أن يكون عدم التنفيذ على درجة بالغة من الأهمية والجسامة. فإذا كان عدم التنفيذ كلياً جاز التمسك بالدفع، إذ إن التناسب بين عدم تنفيذ الالتزامات في مثل هذه الحالة يكون تاماً، كما لو كان المشتري الذي لم ينفذ التزامه بدفع الثمن يطالب البائع بتنفيذ التزامه بتسليم المبيع، فيحق للبائع أن يمتنع عن تنفيذ التزامه. وكذا لو كان البائع الذي لم ينفذ التزامه بتسليم المبيع يطالب المشتري بتنفيذ التزامه بدفع الثمن، فيحق للمشتري أن يمتنع عن تنفيذ التزامه. (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 1870/ أساس 2446، تاريخ 21/12/1997، منشور في مجلة «المحامون»، العددان 11 و12 لعام 1999، ص 1058).

وكذلك الأمر يجوز التمسك بالدفع بعدم التنفيذ إذا كان عدم التنفيذ جزئياً، أو معيباً، وعلى درجة بالغة من الجسامة. ومن أجل تحديد معيار جسامة عدم التنفيذ اقترح بعض الفقهاء التفريق بين الالتزامات الجوهرية أو الأساسية، وبين الالتزامات الثانوية أو الفرعية؛ في حين اقترح بعضهم الآخر حسن النية بالمعنى الموضوعي، وهو المعيار الراجح في الفقه. وهذا ما أكده المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري، إذ كان ينص في المادة 221 منه على ما يأتي: «على أنه لا يجوز للمتعاقد أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا كان ما لم ينفذ من الالتزام المقابل ضئيلاً بحيث يكون امتناعه عن التنفيذ غير متفق مع ما يجب توافره من حسن نية». وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة وذلك بحجة أنه مجرد تطبيق لنظرية التعسف في استعمال الحق. (مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، الجزء 2، ص333 و 334). وتخضع جسامة عدم التنفيذ للسلطة التقديرية للقاضي، ولا تخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض. ومبدأ عدم التنفيذ هو من حيث الأصل لا يقبل التجزئة، إذ لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على قبول وفاء جزئي لحقه ما لم ينص القانون أو العقد على خلاف ذلك، وفق ما نصت عليه المادة 340 من القانون المدني السوري. ولكن يقتضي التناسب بين عدم تنفيذ الالتزامات أن يكون رفض المتمسك بالدفع بعدم التنفيذ تنفيذ التزامه المتقابل جزئياً إذا كان من يطالبه بتنفيذ التزامه لم ينفذ هو أيضاً التزامه المتقابل جزئياً، إذا تبين من طبيعة المعاملة أو من نية المتعاقدين أو من الظروف المحيطة أن أداءات المتعاقدين المتقابلة يمكن أن تتجزأ إلى سلسلة من الأداءات. ويترتب على ذلك أن عدم قابلية الدفع بعدم التنفيذ للتجزئة ليست قاعدة مطلقة، وإنما هي قاعدة نسبية.

ج - يجب ألا يكون المتمسك بالدفع قد نفذ التزامه، ومن ثم يشترط أن يكون المتمسك بالدفع مديناً بالتزام متقابل مستحق الأداء، وغير منفذ بعد، ويجب أن يكون تنفيذه في المستقبل ممكناً. فإذا كان أحد المتعاقدين ينكر وجود الالتزام الذي يطالبه المتعاقد الآخر بتنفيذه، فلا يطبق هنا الدفع بعدم التنفيذ نظراً لعدم وجود التزامات متقابلة ومتبادلة على عاتق المتعاقدين. ولكن إذا ادعى ذلك المتعاقد أنه مدين بالتزام آخر لا يرتبط بالتزام المتعاقد الآخر، فلا يمكن إثارة الدفع بعدم التنفيذ نظراً لانعدام الارتباط القانوني بين الالتزامين. ويترتب على ذلك أن من يمتنع عن تنفيذ التزامه لا يمكنه إثارة الدفع بعدم التنفيذ إلا من أجل المطالبة بالتنفيذ المعاصر أو التنفيذ مثلاً بمثل، أو من أجل أن يلزم من يطالبه بالتنفيذ بتنفيذ التزامه إذا كان ملزماً بموجب القانون أو العقد بتنفيذ التزامه أولاً. كما يجب أن يكون المتمسك بالدفع قادراً على تنفيذ التزامه عندما يقوم من يطالبه بالتنفيذ بتنفيذ التزامه المتقابل، إذ إن التمسك بالدفع يقتضي أن يبقى التزام المتمسك بالدفع قابلاً للتنفيذ.

د - يجب أن تكون الالتزامات المتقابلة مستحقة الأداء، أي واجبة التنفيذ فوراً، ومن ثم إذا كان التزام أحد المتعاقدين غير مستحق الأداء فلا يطبق الدفع بعدم التنفيذ. فإذا كان الثمن في عقد البيع مؤجلاً والتسليم فورياً، لا يحق للبائع أن يمتنع عن تسليم المبيع بداعي أن المشتري لم ينفذ التزامه بدفع الثمن، لأن التزامه غير مستحق الأداء، ومن ثم يتوجب على البائع أن ينفذ التزامه أولاً، ثم عندما يحل الأجل يطالب المشتري بدفع الثمن. كما لو نص عقد البيع على أن رصيد الثمن لا يدفع إلا بعد تسجيل العقار على اسم المشتري في السجل العقاري، فلا يحق للبائع، إذا طالبه المشتري بالتسجيل، أن يمتنع عن تنفيذ التزامه مدعياً أن المشتري لم يدفع الرصيد، لأن الرصيد غير مستحق في مثل هذه الحال (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 1231/ أساس 1326، تاريخ 29/10/1995، سجلات محكمة النقض). وإذا كان عقد الإيجار ينص على أن الأجرة تستحق بعد استيفاء المنفعة، فلا يحق للمؤجر أن يمتنع عن تنفيذ التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع إلى حين دفع الأجرة، لأن التزام المستأجر بدفع الأجرة لا يستحق إلا بعد استيفاء المنفعة. كما لا يجوز التمسك بالدفع إذا كان التزام أحد الطرفين هو التزام طبيعي. وقد نصت المادة 162 من القانون المدني السوري صراحة على هذا الشرط. وبالمقابل لم تشترط هذه المادة أن تكون الالتزامات المتقابلة خالية من النزاع.

2- الشروط المتعلقة بالأطراف:

يشترط من أجل تطبيق الدفع بعدم التنفيذ توافر الشروط الآتية في الأطراف:

أ - وجود التزامين متبادلين ومتقابلين ناشئين من علاقة تبادلية. ويترتب على ذلك ضرورة توافر ارتباط قانوني بين هذين الالتزامين. وتكون العقود الملزمة للجانبين، في أغلب الأحيان، هي مصدر هذه العلاقة. لا بل تعد هذه العقود المصدر الوحيد لهذه العلاقة، وفق المادة 162 من القانون المدني السوري، كعقد البيع وعقد العمل وعقد المقاولة وعقد المقايضة وعقد الإيجار وعقد التأمين. فإذا أخل المشتري بالتزامه بدفع الثمن ومع ذلك طالب البائع بتنفيذ التزامه بتسليم المبيع، يحق للبائع أن يمتنع عن تنفيذ التزامه المذكور إلى أن يقوم المشتري بدفع الثمن. وإذا أخل المؤجر بتنفيذ التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور على الوجه الذي أعد له ومع ذلك طالب المستأجر بتنفيذ التزامه بدفع الأجرة، يحق للمستأجر أن يمتنع عن تنفيذ التزامه المذكور إلى أن يقوم المؤجر بتمكينه من الانتفاع بالمأجور، ما لم يكن العقد يلزم المستأجر بدفع الأجرة مقدماً قبل استيفاء المنفعة. وكذا في العقود الأخرى. ويترتب على ذلك أنه لا يحق لأي من المتعاقدين أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ إلا إذا كان في الوقت ذاته دائناً ومديناً بالتزام. ولا يكفي وجود التزامين من أجل التمسك بهذا الدفع، وإنما يجب أن يكون هذان الالتزامان ناشئين من عقد ملزم لجانبين في القانون السوري والمصري، فإذا تقرر فسخ عقد ملزم لجانبين أو حكم بإبطاله، تنشأ التزامات متقابلة على عاتق الطرفين بالرد، فإذا امتنع أحدهما عن الرد ومع ذلك طالب الطرف الآخر بالرد، يحق لهذا الأخير أن يمتنع عن الرد، وامتناعه هنا لا يكون على أساس الدفع بعدم التنفيذ وإنما على أساس الحق بالحبس. في حين أنه في القانون الفرنسي يطبق القضاء الدفع بعدم التنفيذ في نطاق العلاقات التبادلية حتى لو لم تكن عقدية، كما في حالة فسخ عقد ملزم لجانبين أو إبطاله.

ب - يجب ألا يكون المتمسك بالدفع ملزماً بتنفيذ التزامه أولاً. فإذا كانت طبيعة العقد أو اتفاق الطرفين أو نص القانون يوجب على أحد الطرفين أن يبدأ أولاً بتنفيذ التزامه، فلا يحق له أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 916/ أساس 1025، تاريخ 13/6/1999، منشور في موسوعة القضاء المدني، المرجع السابق، القاعدة رقم 4465، ص2195. وقرار رقم 1187/ أساس 653، تاريخ 21/8/2000، القاعدة رقم 4466، ص2196). فإذا كان عقد البيع ينص على منح المشتري أجلاً وإلزام البائع بالتسليم الفوري للمبيع، فلا يحق للبائع في مثل هذه الحالة، إذا طالبه المشتري بالتسليم الفوري، أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ. في الحقيقة يضمن الدفع بعدم التنفيذ التنفيذ المعاصر أو التنفيذ في وقت واحد أو التنفيذ مثلاً بمثل L’exécution trait pour trait للالتزامات الناشئة من العقد الملزم للجانبين. فعندما يكون المتعاقدان ملزمين بالتنفيذ المعاصر لالتزاماتهما المتقابلة الناشئة من العقد الذي يربط بينهما، ولا ينفذ أحدهما التزامه ومن ثم يخل بمبدأ التنفيذ المعاصر، يحق للمتعاقد الآخر أن يمتنع عن تنفيذ التزامه المقابل إلى أن ينفذ المتعاقد الأول التزامه. ويترتب على ذلك أنه يجب تنفيذ الالتزامات المتقابلة التي يتضمنها العقد الملزم للجانبين على وجه التبادل والتقاص، ويجب أن تنفذ في وقت واحد. وإذا كانت هذه الالتزامات مستحقة الأداء، فلا يجوز إجبار أحد المتعاقدين على تنفيذ التزامه قبل قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ الالتزام المتقابل (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 1802/ أساس 930، تاريخ 21/12/1997، منشور في موسوعة القضاء المدني الجديد للمحامي محمد أديب الحسيني، الجزء الثالث، مكتبة دار اليقضة العربية، دمشق 2004، القاعدة رقم 4446، ص2186). ويحقق تطبيق الدفع بعدم التنفيذ في مثل هذه الحال المساواة بين المتعاقدين والتوازن العقدي. وإذا تم استبعاد التنفيذ المعاصر للالتزامات الناشئة من العقد فلا يمكن للمتعاقد الذي يجب أن ينفذ التزامه على نحو مسبق أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ في حال طالبه المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه. وبالمقابل فإن المتعاقد الآخر يحق له أن يتمسك بهذا الدفع، فيما لو طالبه من التزم بتنفيذ التزامه أولاً بتنفيذ التزامه المتقابل. ولا يعد مبدأ التنفيذ المعاصر من النظام العام، ومن ثم يمكن استبعاده بموجب طبيعة المعاملة أو القانون أو العقد. ففي بعض الأحيان يمكن لطبيعة العقد الملزم للجانبين الذي يربط بين المتعاقدين أن يحدد التسلسل أو النظام الذي يجب من خلاله أن تنفذ الالتزامات المتقابلة الناشئة منه. ومثال ذلك عقد الإيجار، إذ يلتزم المؤجر بأن يمكن المستأجر من الانتفاع بالمأجور على نحو مستمر طوال مدة الإيجار، في حين أن المستأجر يلتزم بدفع الأجرة، وهو التزام لحظي أو آني. ولا يتوجب على المستأجر، وفقاً لطبيعة الإيجار، أن يدفع الأجرة إلا بعد انتهاء المدة الدورية للانتفاع. وكذلك الحال فيما يتعلق بعقد الإيواء في الفندق، إذ طبيعة هذا العقد تقتضي أن يقدم صاحب الفندق خدمة مستمرة، ومن ثم لا يحق له مطالبة النزيل بالأجرة إلا عند المغادرة. والطبيب لا يحق له المطالبة بأتعابه إلا بعد معاينة المريض وفحصه. كما يمكن أن يتفق المتعاقدان في عقدهما على قلب نظام التنفيذ، ومن ثم لا يحق للمتعاقد الذي التزم بموجب العقد أن ينفذ التزامه أولاً أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ. فإذا نص عقد الإيجار على أنه يتوجب على المستأجر دفع الأجرة قبل استيفاء المنفعة، فلا يحق له أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ في حال ما لو طالبه المؤجر بدفع الأجرة.

ج - يجب أن يكون المتمسك بالدفع حسن النية، على الرغم من أن المادة 162 من القانون المدني السوري لم تتطلب صراحة توافر هذا الشرط؛ إلا أنه يمكن استخلاصه من القواعد العامة لنظرية العقد. ومن الرجوع إلى المادة 149/1 من القانون المدني السوري يلاحظ أنها تستلزم تنفيذ العقد بما يتفق مع ما يوجبه حسن النية. وواجب حسن النية المنصوص عليه في هذه المادة يعني أن على المتعاقدين أن يسلكا في مسلكهما العقدي الأمانة والإخلاص، كما يجب أن يثق كل منهما بالآخر؛ ويجب أن يكونا متسامحين أحدهما تجاه الآخر، وأن يحترما التوازن العقدي الذي ينشأ من انعقاد العقد. ومن ثم يشترط من أجل تطبيق الدفع بعدم التنفيذ أن يكون المتمسك به حسن النية. ولا يشترط حتى يعد المتمسك بالدفع سيئ النية أن يلجأ إلى التدليس أو الغش مثلاً. وإنما عدم مراعاة واجب الأمانة والإخلاص المفروض على المتعاقدين في العقود الملزمة للجانبين يخالف مبدأ حسن النية، فلا يحق للمتعاقد الذي خالف هذا الواجب أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ. وهذا الواجب لا يسمح للمتعاقد أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا كان عدم تنفيذ المتعاقد الآخر الجزئي لالتزامه المتقابل قليل الأهمية للعقد بمجمله. ويقدر حسن النية وقت التمسك بالدفع. ولتقدير ذلك يجب على القاضي أن يأخذ بالحسبان لا الحالة النفسية للمتمسك بالدفع فقط، وإنما أيضاً بعض الوقائع المادية. لذلك لا يجب أن يكون المتمسك بالدفع متعسفاً في استعمال حقه بالتمسك بالدفع بعدم التنفيذ. فإذا كان ما لم ينفذ من الالتزام المقابل ضئيلاً، فامتناع المتمسك بالدفع عن تنفيذ التزامه لا يتطابق مع مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود الذي يتطلب بعضاً من التسامح والأمانة والإخلاص في تنفيذ العقد. ويترتب على ذلك أن معيار حسن النية هو موضوعي لا شخصي، إذ إن عدم توافره لا يتطلب توافر نية الغش لدى المتعاقد الذي يتمسك بالدفع، وإنما يعني أن الامتناع عن التنفيذ يجب أن يكون في ذاته وبالنظر إلى الظروف المحيطة به مطابقاً لحسن النية، وهذا يتطلب أخذ التوازن بين عدم تنفيذ الالتزامات المتقابلة بالحسبان. وعدم التوازن يفسح في المجال لتطبيق نظرية التعسف في استعمال الحق.

ثالثاً- آثار الدفع بعدم التنفيذ:

لا ينتج الدفع بعدم التنفيذ آثاره إلا إذا كانت شروط التمسك به متوافرة. وغالباً يتم التمسك بالدفع قبل أن يصل النزاع أمام القضاء، وقد يتوصل المتعاقدان إلى حل للنزاع في هذه المرحلة. أما في حال عدم الوصول إلى حل، فقد يحال النزاع أمام المحكمة المختصة للبت فيه. فإذا رفع المدعي دعوى التنفيذ العيني، وتمسك المدعى عليه بالدفع بعدم التنفيذ فلا يترتب على ذلك رد دعوى التنفيذ، وإنما من شأنه أن يمنع الحكم على المدعى عليه الذي تمسك به. ويؤدي التمسك بالدفع هنا إلى التنفيذ المعاصر أو التنفيذ في وقت واحد للالتزامات المتقابلة لكل من المدعي والمدعى عليه (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 505/ أساس 1040، تاريخ 5/4/1998، منشور في مجلة المحامون، العددان 3 و4 لعام 2000، ص277). أما إذا رفع المدعي دعوى الفسخ، فإن التمسك بالدفع في حال توافر شروطه يؤدي إلى رد الدعوى والحكم على المدعى عليه بتنفيذ التزامه بشرط أن يقوم المدعي أيضاً بتنفيذ التزامه المتقابل. ومن ثم فإن تطبيق الدفع في مثل هذه الحال يؤدي إلى وقف تنفيذ التزام المدعى عليه إلى أن يقوم المدعي بتنفيذ التزامه المتقابل. ويترتب على المتمسك بالدفع بعدم التنفيذ نوعان من الآثار، وهما:

1- آثار الدفع بعدم التنفيذ بين الأطراف:

يرتب الدفع بعدم التنفيذ بين الأطراف الآثار الآتية:

أ - يؤدي التمسك بالدفع بعدم التنفيذ إلى وقف تنفيذ الالتزام المتقابل المترتب على عاتق المتمسك بالدفع، ومن ثم إلى وقف تنفيذ العقد. ولا يجب هنا الخلط بين النظرية العامة لوقف العقد وبين الدفع بعدم التنفيذ الذي يشكل سبباً من أسباب وقف تنفيذ العقد. ولكن قد تطول فترة الوقف والانتظار، فقد يمهد الدفع بعدم التنفيذ الطريق لفسخ العقد، فهل يعد الفسخ ومن ثم زوال العقد أثراً من آثار الدفع بعدم التنفيذ في مثل هذه الحالة؟ يرى بعض الفقهاء أن الدفع بعدم التنفيذ لا يشكل دائماً وسيلة لتأمين احترام نظام تنفيذ الالتزامات المتقابلة، وإنما يمكن أن ينقلب إلى رفض نهائي لتنفيذ العقد. ويسوغ أصحاب هذا الرأي موقفهم بأنه لا يمكن تأجيل تنفيذ بعض العقود، وبمعنى آخر لا يمكن وقف تنفيذ بعض العقود، ومثال ذلك: إذا كان يتوجب على أحد الطرفين تنفيذ التزامه في تاريخ محدد، فلا يمكن هنا وقف تنفيذ الالتزام إذا لم ينفذ الطرف الآخر التزامه في ذلك التاريخ. وكذلك الحال في العقود المستمرة التي يرفض فيها الطرف الآخر تنفيــذ التزامه المقابل.

إضافة إلى أنه إذا كان موضوع التزام المتمسك بالدفع هو الامتناع عن فعل شيء، فإذا امتنع عن تنفيذ التزامه، فيؤدي ذلك إلى فسخ العقد لا إلى وقف تنفيذه.

في حين ترى أغلبية الفقه أن الفسخ في مثل هذه الحالات لا يكون أثراً للدفع بعدم التنفيذ، وإنما هو تطبيق لنظرية الفسخ، وذلك لأن غاية الدفع بعدم التنفيذ هي تحقيق التنفيذ التام للعقد، فلا يمكن أن يتصف رفض التنفيذ الذي يتمسك به من يثير الدفع بعدم التنفيذ بطابع نهائي.

ب - يشكل الدفع بعدم التنفيذ وسيلة ضمان ووسيلة إكراه في الآن ذاته، فهو يضمن للمتمسك به وفاء حقه، وكذلك يسمح له بممارسة ضغوط على إرادة الطرف الآخر حتى يمتثل لأحكام العقد وينفذ التزامه. فإذا كانت هذه الضغوط مجدية، فالدفع بعدم التنفيذ يؤدي إلى تحقيق الغاية منه المتمثلة بالتنفيذ التام للعقد. أما إذا لم تكن تلك الضغوط مجدية، فيمهد الدفع بعدم التنفيذ الطريق أمام تطبيق نظرية الفسخ، فيخفق الدفع بعدم التنفيذ في الوصول إلى غايته النهائية.

2- آثار الدفع بعدم التنفيذ تجاه الغير:

الدفع بعدم التنفيذ كوسيلة ضمان لا يعد فعالاً إلا إذا كان بالإمكان التمسك به تجاه الغير. سبقت الإشارة إلى أنه عندما يرفع المدعي دعوى التنفيذ العيني يحق للمدعى عليه أن يمتنع عن تنفيذ التزامه مادام المدعي لم ينفذ التزامه المتقابل. وقد لا يكون المدعي في هذه الدعوى المتعاقد الآخر، وإنما خلفه الخاص، فهل يسري الدفع بعدم تنفيذ سلفه لالتزامه المتقابل الذي يتمسك به المدعى عليه بحق هذا الخلف؟ في الواقع يتمتع الدفع بعدم التنفيذ بحجية تجاه الغير، ولكن هذه الحجية ليست مطلقة وإنما هي نسبية. ويسوغ بعض الفقهاء هذه الحجية استناداً إلى القاعدة القائلة بأنه لا يمكن للشخص أن ينقل حقوقاً إلى الغير أكثر مما يملك. ومن ثم فإن الدفع بعدم التنفيذ يسري في حق الغير الذي كسب حقه بعد ثبوت الحق في التمسك بالدفع، أما الغير الذي كسب حقه قبل ثبوت الحق في التمسك بالدفع فلا يسري عليه الدفع بعدم التنفيذ.

في حين أن بعضهم الآخر يسوغ حجية الدفع بعدم التنفيذ تجاه الغير استناداً إلى تدخل الغير في العلاقة القانونية بين الطرفين، فيسري الدفع على الغير إذا كانت دعواه تستند إلى تلك العلاقة القانونية التي تربط المتمسك بالدفع بخصمه، ولا يسري الدفع على الغير الذي لا تقوم دعواه على تلك العلاقة.

مراجع للاستزادة:

- أحمد حشمت أبو ستيت، نظرية الالتزام في القانون المدني الجديد (الطبعة الثانية، مطبعة مصر، القاهرة 1954).

- توفيق حسن فرج، النظرية العامة للالتزام - في مصادر الالتزام (الدار الجامعية للطباعة والنشر، بلا تاريخ).

- سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني -2-، في الالتزامات - المجلد الأول: نظرية العقد والإرادة المنفردة، (1987).

- عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، المجلد الأول (القاهرة، بلا تاريخ).

- عبد الفتاح عبد الباقي، موسوعة القانون المدني المصري، نظرية العقد والإرادة المنفردة - دراسة معمقة ومقارنة بالفقه الإسلامي (1984).

- عبد المنعم البدراوي، النظرية العامة للالتزامات في القانون المصري، الجزء الأول، مصادر الالتزام (القاهرة 1975).

- مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري، نظرية الالتزام العامة -1- المصادر، العقد والإرادة المنفردة (طـ 4، مطبعة دار الحياة، دمشق 1964).

- محمد حسن عبد الرحمن، أحكام الدفع بعدم التنفيذ على ضوء قضاء محكمة النقض (مطبعة النهضة العربية، القاهرة 1997).

- محمد وحيد الدين سوار، شرح القانون المدني، النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول مصادر الالتزام،1، المصادر الإرادية، و 2- المصادر غير الإرادية (مطبعة رياض، دمشق 1982 -1983).

- محمد أديب الحسيني، موسوعة القضاء المدني (دار اليقظة العربية، دمشق 2004).

- H. Capitant, De la cause des obligations (Paris 1923).

- J. Flour, J.L. Aubert et E. Savaux, Les ob­li­gations, I, L’acte juridique (Armand Colin, Paris 2002).

- Ch. Larroumet, Droit civil, Tome 3, Les obligations, Le contrat (Economica-Delta 1996).

- H., L., J.Mazeaud et F.Chabas, Leçon de droit civil, Tome II, Volume I, Obligations- théorie générale (Delta 2000).

- F. SALEH, L’exception d’inexécution en droit comparé français et syrien, Thèse (Tou­louse 2000).

- F.Terré, Ph. Simler et Y. Lequette, Droit civil, Les ob­li­gations (Dalloz 2002).

 


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد الثالث: الجرف القاري ــ الرسم والنماذج الصناعية
رقم الصفحة ضمن المجلد : 500
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 967
الكل : 57467786
اليوم : 26057