logo

logo

logo

logo

logo

عقد البيع (مقدمة)

عقد بيع (مقدمه)

sales contract (introduction) - contrat de vente (introduction)



عقد البيع

عقد البيع

عقد البيع (مقدمة)

محمود جلال

تعريف البيع وخصائصه

تكوين عقد البيع

آثار عقد البيع

 

عقد البيع من أهم العقود لاحتياج الناس إليه، ولأنه يهم الصغير والكبير، وقد قدمه رجال الفقه الإسلامي في الشرح على النكاح وقالوا معللين ذلك، بأن الناس في حاجة إليه، ولأن حاجتهم إليه أهم. بل إن كثيراً منهم يبدؤون به ويتوسعون في شرح أحكامه وبيان قواعده، ويعدونه أصلاً في عقود المعاوضات المالية، ويقيسون عليه غيره من العقود، وتذكره معظم القوانين والمدونات في مقدمة العقود المسماة. وهو من أقدم العقود في التعامل، ذلك لأنه وسيلة التعاون بين الناس وتبادل المنافع والأموال فيما بينهم، فيقدم كل واحد إلى الآخر ما يحتاج إليه؛ ليحصل هو على ما حاجته منه.

بيد أن هذه المبادلة تطورت مع تطور الحياة الاجتماعية، وأصبح المرء بعد اختراع النقد يبادل بنقوده كل ما يحتاج إليه من دون أن يضطر إلى التنازل عن شيء قد يحتاج إليه في المستقبل، فنشأ ما يسمى "البيع".

أولاًـ تعريف البيع وخصائصه:

1ـ تعريف البيع: البيع في اللغة: مبادلة شيء بشيء، سواء كان مالاً أو لا. والبيع لدى فقهاء الشريعة الإسلامية، مقابلة مال بمال على وجه مخصوص. أو هو مبادلة مال بمال على وجه مخصوص، أو هو مبادلة مال بالمال تمليكاً وتملكاً، وجميع التعاريف السابقة ذات معنى واحد، لذلك كان مؤداها واحداً أيضاً، لا فارق بينها إلا من حيث الصيغة أو الشكل، وليس هذا فارقاً يذكر.

أما القانون المدني السوري فقد عرف البيع في المادة (386) منه فقال: "البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي" (المادة 351 مدني جزائري، 418 مدني مصري، 419 مدني قطري، قارب 372 موجبات وعقود لبناني). ويبدو من هذا التعريف أن الالتزام بنقل ملكية المبيع ينشأ عن العقد. 

أهم ما يختص به عقد البيع:

آ ـ عقد البيع من العقود الرضائية: العقود الرضائية هي التي تنعقد بمجرد التراضي، وينعقد عقد البيع بمجرد اتفاق إرادة البائع مع إرادة المشتري، أي عندما يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين بأي وسيلة من وسائل التعبير، وقد يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المعهودة عرفاً. وقد يكون التعبير صريحاً وقد يكون ضمنياً. وإذ اشترط المشرع تسجيل البيوع العقارية في دائرة السجل العقاري فإن ذلك لا يخرج عقد البيع عن كونه عقداً رضائياً.

ب ـ عقد البيع عقد ملزم للجانبين: يضع عقد البيع على عاتق البائع التزاماً بنقل ملكية المبيع إلى المشتري في بعض الأحيان، كما يلتزم بتسليم المبيع إليه، كما يضمن للمشتري استحقاق المبيع وضمان عيوب البيع الخفية. ويلتزم المشتري في الوقت ذاته دفع الثمن إلى البائع، فإذا لم يقم بذلك احتبس البائع المبيع إلى حين استكمال دفع الثمن، وهذه الالتزامات، هي التزامات تبادلية تجعل كلاً من البائع والمشتري دائناً ومديناً في الوقت ذاته، بحيث يكون التزام كلٌ منهما سبباً لالتزام الآخر.

ج ـ عقد البيع من العقود الناقلة للملكية: ورد عقد البيع في زمرة عقود التمليك، فهو ينقل ملكية المبيع إلى المشتري كما ينقل ملكية الثمن إلى البائع، سواء كان انتقال الملكية فوراً عند انعقاد العقد أو كان التزاماً يقع على البائع تنفيذه.

د ـ عقد البيع عقد من عقود المعاوضة: عقد البيع من عقود المعاوضة؛ لأن البائع يحصل على الثمن مقابل المبيع الذي يتنازل عنه. كما يحصل المشتري على المبيع مقابل ما يتنازل عنه من الثمن. وهذه الخصيصة جعلت البيع من التصرفات التي تدور بين النفع والضرر، فيشترط فيه أن يكون كلٌ من المتعاقدين كامل الأهلية. فإذا باع ناقص الأهلية شيئاً، كان بيعه موقوفاً على إجازة وليّه أو إجازته هو عندما يبلغ سن الرشد.

هـ ـ عقد البيع من العقود المسماة: يعدّ عقد البيع من أهم العقود المسماة من الناحية النظرية ومن الناحية التطبيقية، ومن الناحية القضائية. وقد جاءت جميع الشرائع بمبادئ تنظم قواعده وتبيّن أحكامه وتفصلها. لذلك وضعه المشرع في مقدمة العقود المسماة وخصه بالمواد من (386) إلى (449) مدني.

و ـ عقد البيع من العقود الفورية: العقد الفوري هو العقد الذي يتم تنفيذه دفعة واحدة أو على دفعات من دون أن يكون الزمن أصلياً فيه. والبيع من هذه العقود، ولا فرق في أن يكون الثمن حالاًّ أو مؤجلاً، لأن الزمن الذي قسط فيه الثمن ليس إلاّ عنصراً عرضياً، ليس أصلياً، أو أن يكون التسليم فوراً أو على دفعات.

3ـ تمييز عقد البيع مما يشبهه به من العقود: يشترك عقد البيع مع غيره من العقود في بعض الصفات مما يؤدي إلى التباسه بغيره منها. وخاصة العقود الناقلة للملكية:

أ ـ أوجه الشبه بين البيع والهبة: عرّفت (المادة 454/1) مدني سوري (486 مدني مصري) الهبة بأنها: "عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض"، كما تنص فقرتها الثانية على أن: "للواهب دون أن يتجرد عن نية التبرع أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين". فعقد البيع وعقد الهبة كلاهما من العقود المسماة، وكلاهما واردان على التملك، بيد أن الواهب في عقد الهبة لا يعاوض الموهوب له، وإنما يقوم بالتبرع له. فما يميز البيع من الهبة هو وجود العوض، فإذا وجد العوض في نقل الملكية، كان العقد بيعاً، وإذا لم يكن هناك مقابل لنقل الملكية، كان التصرف هبة مهما اختلفت الألفاظ في التصرف، لأن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.

لكن هذا المعيار يثير كثيراً من التساؤلات، منها إذا كان العوض لنقل ملكية الهبة إلى الموهوب له زهيداً تافهاً، أو كان العوض مساوياً في القيمة، قيمة الهبة أو يزيد عليها، أيعد العقد هبة أم يعد بيعاً؟. يرى بعض رجال القانون أن التصرف يكون هبة، إذا توافرت فيه نية التبرع عند الواهب. حتى لو كان التصرف بعوض أو بمقابل. وإذا لم تتوافر هذه النية كان التصرف بيعاً، فمعيار التمييز في هذه الحالة يكمن في توافر نية التبرع أو عدم توافرها. وهو أمر يرجع تقديره إلى القاضي عندما يقوم بعملية التكييف. أما إذا كان العوض مساوياً لقيمة الموهوب أو يزيد عليها، فإن العقد يكون عقد بيع حتى لو توافرت فيه نية التبرع، لأن الأصل في الهبة ألا يتقاضى الواهب مقابلاً لما وهب، إلا إذا كان المقابل مساوياً لقيمة الهبة أو أقل منها. حتى إن بعضهم قال: إنه إذا كانت قيمة العوض أو التكليف تعادل قيمة الموهوب أو تزيد عليها، فإنه لا يتصور توافر نية التبرع لدى الواهب إذا كان على علم بالقيمة الحقيقية للموهوب، ولذلك لا يمكن اعتبار العقد في هذه الحالة هبة. أما إذا كان الواهب لا يعلم بالقيمة الحقيقية للحق الموهوب بل كان يعتقد أن قيمته أكبر من قيمة التكليف، فإنه يكون من المتصور أن تتوافر لديه نية التبرع، ومن ثم يكون العقد هبة وتسري عليه أحكام تخفيض التكليف التي تنص عليها المادة (466) مدني سوري (498 مدني مصري).

والهبة قد تكون مكشوفة واضحة، وقد تكون خفية مستورة. وللتمييز بين عقد الهبة وعقد البيع فوائد جمة، ففي عقد البيع يضمن البائع للمشتري عيوب البيع الخفية، في حين لا يضمن الواهب للموهوب هذه العيوب. كما أن للبائع في عقد البيع أن يحتبس المبيع لديه حتى يقبض الثمن، في حين لا يستطيع الواهب أن يفعل ذلك في عقد الهبة. زد على ذلك أن الهبة لا تتم إلا بالقبض إذا كانت الهبة منقولاً (المادة 456/2 مدني سوري. 558/1 مدني أردني. 488/1 مدني مصري).

ب ـ أوجه الشبه والاختلاف بين البيع والوصية: يلتقي البيع والوصية في أنهما يتضمنان نقل الملكية من شخص إلى آخر. فمن هذه الناحية تشبه الوصية الهبة وتختلفان في زمان انتقال الملكية. فالملكية تنتقل في الهبة بمجرد العقد في  حياة الواهب، في حين تنتقل الملكية في الوصية بعد وفاة الموصي. أما ما تفترق فيه الوصية عن البيع، فيكون في زمن انتقال الملكية، فانتقال الملكية في البيع يقع بعد تمام العقد في حياة البائع وبثمن معلوم، في حين تنتقل الملكية في الوصية بعد وفاة الموصي وبلا عوض. وتختلف الوصية في المقدار، فالإيصاء محصور في ثلث التركة طبقاً للقواعد الشرعية ما لم يُجز الورثة الزيادة. وتختلف الوصية عن البيع أيضاً بأنها تصرف إرادة منفردة، في حين أن البيع عقد يحتاج إبرامه إلى إرادتين. بيد أن بعض الأشخاص يعمدون في وصاياهم أحياناً إلى صياغتها في صورة عقد بيع، فهل يعتد بالمظهر الخارجي للتصرف أم يعتد بحقيقته ويعد وصية وتطبق عليه أحكام الوصية؟.

تنص المادة (246) مدني سوري (369 أردني، 245 مدني مصري) أنه: "إذا ستر المتعاقدان عقداً حقيقياً بعقد ظاهر، فالعقد النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي". فلا عبرة لما يضفيه الأفراد على تصرفاتهم من تسميات، وإنما العبرة في حقيقة هذه التصرفات، فلا يعد التصرف بيعاً، وإنما يعد وصية على الرغم من المظهر الذي خلعه المتعاقدان عليه.

ج ـ أوجه الشبه والاختلاف بين البيع والمقايضة: عرفت المادة (450) مدني سوري (482 مدني مصري، قارب المادة 552 مدني أردني) المقايضة بأنها: "عقد يلتزم به كل من المتعاقدين أن ينقل إلى الآخر على سبيل التبادل، ملكية مال ليس من النقود"، وتعد المقايضة كالبيع من التصرفات الناقلة للملكية، فهي تلتقي معه في هذه الصفة، لكنها تختلف عنه من حيث: أن المقايضة مبادلة مال ليس من النقود بمال آخر على سبيل المبادلة، فالفرق الجوهري بين البيع والمقايضة يكمن في طبيعة المقابل، فهو في البيع نقود وفي المقايضة، من غير النقود.

د ـ أوجه الشبه والاختلاف بين البيع والقرض: تنص المادة (506) مدني سوري على أن القرض "عقد يلتزم به المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر، على أن يرد إليه المقترض عند نهاية القرض شيئاً مثله في مقداره ونوعه وصفته". (538 مدني مصري، 450 مدني جزائري تحت عنوان القرض الاستهلاكي، 465 مدني قطري، قارب 631 مدني أردني).

فالقرض عقد يلتزم فيه المقرض تمليك مال أو شيء آخر، فهو عقد من عقود التمليك، وفي هذه الصفة يشبه عقد القرض عقد البيع، إلا أن القرض يختلف عن البيع في أمر جوهري، هو أن البيع يمتلك فيه المشتري المال على وجه الدوام مقابل ثمن، في حين يعد القرض تمليكاً للمال على أن يرد المقترض في الأجل المحدد النقود إلى المقترض بالقدر والنوع والصفة.

هـ ـ تمييز البيع من الإجارة: تنص المادة (526) مدني سوري (582 مدني قطري، 558 مدني مصري، قارب المادة 658 مدني أردني، قارن 467 مدني جزائري) على ما يلي: "الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم". فالإجارة والبيع يتفقان في أن كلاً منهما ملزم للجانبين، وأنهما من عقود المعاوضة، ولكنهما يختلفان في عدة أمور، فعقد البيع عقد ناقل للملكية، أما عقد الإيجار فيخول صاحبه الحق في الانتفاع بالعين المؤجرة ويلتزم المؤجر فيه تمكين المستأجر من ذلك. كما يفترق البيع عن الإجارة في أن البيع باعتباره عقداً ناقلاً للملكية، لا يقبل التوقيت، أما الإجارة فالأصل فيها التوقيت، فهي من العقود الزمنية التي يكون للزمن فيها دور مهم.

وقد يختلط البيع بالإجارة فيما يسمى بالبيع الإيجاري أو الإيجار الساتر للبيع، فينقلب عقد الإيجار إلى عقد بيع إذا لم يتخلف المستأجر عن دفع الأقساط، فإذا تخلف عن دفعها، رد المال إلى المؤجر، واحتفظ المؤجر بجميع المبالغ المدفوعة، باعتبارها بدل إيجار المال المؤجر. أو تعويضاً عن الضرر الناشئ من فسخ العقد.

و ـ تمييز البيع من الوديعة: تنص المادة (684) مدني سوري على أن الوديعة: "عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئاً من آخر على أن يتولى حفظ هذا الشيء على أن يرده عيناً". (738 مدني قطري، 718 مدني مصري، قارب 590 مدني جزائري، 868 مدني أردني).

فعقد البيع وعقد الإيداع يلتقيان في أنهما من العقود الرضائية، لكنهما يختلفان بعد ذلك اختلافاً جوهرياً. فالإيداع عقد ملزم لجانب واحد، ما لم يتفق الطرفان أن تكون الوديعة بمقابل، فيصبح الإيداع عقداً ملزماً للجانبين، فإذا أودع شخص لدى شخص شيئاً مدة غيابه مقابل مبلغ من النقود، كان عقد الإيداع في هذه الحالة عقداً ملزماً للجانبين، يلتزم فيه الوديع برد الوديعة، كما يلتزم المودع بدفع الأجر المتفق عليه.

فإذا لم يدفع المودع نفقات الإيداع؛ جاز للوديع احتباس المال المودع لديه (الوديعة)، حتى يقوم المودع بدفع الأجر أو النفقات التي أنفقها على الوديعة.

ز ـ البيع والوفاء الاعتياضي (بمقابل): الوفاء الاعتياضي هو الوفاء الذي ينقل فيه المدين إلى الدائن ملكية شيء مقابل الدين الذي في ذمته. فهو في هذه الحالة يشبه البيع في أنه ينقل الملكية بمقابل، وهو يختلف عنه في أن هذا المقابل ليس مبلغاً من النقود يدفعه المشتري (الدائن) بل هو دين له في ذمة البائع (المدين).

ولهذا فإن معظم القوانين تطبق أحكام البيع على الوفاء بمقابل (الاعتياض) وهو ما أخذت به محكمة النقض المصرية، إذ وجدت أن الوفاء الاعتياضي كالبيع إذا توافرت جميع أركانه وهي الرضاء والمبيع والثمن، وقالت: إنه يجب أن يسري على هذا النوع من الوفاء جميع أحكام القانون المقررة للبيع (نقض مصري بتاريخ 18 أيار 1944، نشر في مجموعة عمر، ج4، رقم 139، ص385).

في حين يعد بعض الفقهاء الوفاء بمقابل عقداً خاصاً يقصد به تمليك مال في مقابل دين، فيترتب على هذا العقد نقل ملكية هذا المال للدائن وانقضاء دين المدين.

ثانياًـ تكوين عقد البيع:

ينعقد العقد بأن يتبادل طرفا العقد التعبير عن إرادتين متطابقتين، وعقد البيع من العقود الرضائية التي يكفي لانعقادها اتفاق الطرفين، وأن ينصب التراضي على نقل ملكية حق من الحقوق مقابل ثمن. ويجب أن يشمل التراضي المبيع وتحديده، وكذلك الأهلية المطلوبة في عقد البيع، ثم الثمن وتحديده.

1ـ المبيع وما يتصل به: المبيع هو محل عقد البيع، بل هو المعقود عليه، وقد يكون مالاً، كالأشياء المادية، وقد يكون حقاً مالياً، كحق الارتفاق، ويجب أن تتوافر فيه جميع الشروط التي يجب توافرها في المحل، وهي:

آ ـ أن يكون المبيع موجوداً أو قابلاً للوجود: يشترط في المبيع أن يكون موجوداً عند انعقاد البيع. أو أن يكون من الممكن وجوده، والعبرة في الوجود، عند تمام العقد، وهو ما قضت به المادة (132/1) مدني سوري، التي تجيز أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلاً. فإذا لم يوجد المبيع عند انعقاد العقد، وإن لم يكن موجوداً عند تمام العقد يكون العقد عندئذٍ باطلاً، فإذا كان المبيع موجوداً لكنه هلك قبل انعقاد العقد، فالبيع باطل، أما إذا كان المبيع موجوداً عند الانعقاد ثم هلك بعده قبل التسليم فالعقد صحيح، لكنه ينفسخ لاستحالة التنفيذ، إذا كان الهلاك بسب أجنبي. ويكون العقد صحيحاً ولو لم يكن المبيع موجوداً عند الانعقاد، ولكنه سيكون موجوداً أو محقق الوجود في المستقبل.

ب ـ أن يكون المبيع معيناً أو قابلاً للتعيين: ويختلف تعيين المبيع بحسب كونه من الأشياء المعينة بالذات أو من الأشياء المعينة بالنوع. فإذا كان من الأشياء المعينة بالذات فتعيينه يكون بوصفه وصفاً ينفي الجهالة الفاحشة، أما إذا كان من الأشياء المعينة بالنوع فيعيّن ببيان جنسه ونوعه ومقداره، فإن لم يتم تعيين المبيع في العقد، ولم تحدد الأسس التي يتم تعيينه بها في المستقبل، كان العقد باطلاً، وإذا عين نوع المبيع ومقداره وجنسه، ولم تعين درجة جودته، فعلى البائع طبقاً للمادة (134/2) مدني سوري أن يسلم المشتري صنفاً وسطاً، أي من أوسط أنواع المبيع، وعلة ذلك ألا يكلف البائع أكثر مما يجب فيغبن، ولا أن يسلم المشتري أقل مما يجب فيقع في الغبن.

ج ـ أن يكون المبيع مشروعاً: وهو ما تقضي به المادة (136) مدني سوري، إذ قالت: "إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب، كان العقد باطلاً"، ويكون المبيع غير مشروع إذا كانت النصوص القانونية تمنع بيعه، أو كانت طبيعته تأبى ذلك، كما لو كان بيع تركة إنسان على قيد الحياة، ولو كان ذلك برضاه، أو بيع المخدرات، لأن المشرع يمنع بيعها، فيقع باطلاً لأسباب تتعلق بالنظام العام، أو أن يكون المبيع لا قيمة له، كحفنة من التراب أو كمية من الحجارة.

د ـ أن يكون المبيع معلوماً: أي أن يكون المبيع معلوماً عند المشتري علماً ينفي الجهالة، والعلم بالمبيع يختلف عن تعيينه، فالأول، أكثر شمولاً من مجرد المعرفة التحققية بالتعيين، فهدف التعيين هو تمييز المبيع من سواه. في حين يقصد بالعلم الإحاطة التامة بخصائص المبيع. ولعل هذا الشرط استقي من أحكام خيار الرؤية في الفقه الإسلامي مع تحوير في الصياغة بحيث تتماشى مع المبادئ القانونية. والعلم المقصود هو العلم الذي يشتمل فيه العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بياناً يمكن من معرفته (المادة 387 مدني سوري، والمادة 419 مدني مصري) فإذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع، سقط حقه في طلب إبطال البيع للجهالة وعدم علمه به، إلا إذا أثبت تدليس البائع، فإقراره في العقد بالعلم يقوم  مقام العلم الفعلي، ولكن هذا الإقرار لا يمنع المشتري من الطعن في البيع إذا أثبت أن ما ذكر في العقد من علمه بالمبيع كان نتيجة تدليس البائع، فيكون العقد قابلاً للإبطال. ويسقط الحق في الإبطال، كما في القواعد العامة، إذا لم يتمسك به المشتري خلال ثلاث سنوات من علمه بالمبيع، أو خلال خمس عشرة سنة من يوم إبرام عقد البيع.

البيع الجزاف: الأصل أنه يجب أن يعين المبيع في العقد، وتحدد الأسس التي يجب تعيينه بها، فإذا لم يتم تعيينه في العقد ولم تحدد الأسس المطلوبة كان العقد باطلاً، والبيع جزافاً هو أن تباع الأشياء التي يمكن تقديرها بالوزن أو الكيل أو القياس جملة بلا تقدير بثمن محدد جملة أيضاً. أو هو بيع ما يكال أو يوزن أو يعد من دون كيل أو وزن أو عد، اكتفاء بتقديره إجمالاً.

ولا يكون البيع جزافاً لو بيعت مثلاً عشرة أثواب من عدة أثواب بألف ليرة، بل يكون بيعاً بالتقدير، فالبيع الجزاف يتم على بيع شيء معين بنوعه، وأن يقع العقد عليه جملة كما لو كان معيناً بالذات. ولا تتوقف معرفة الثمن على وزن المبيع أو كيله أو قياسه، ولا يغير من وصف البيع بالجزاف إذا ذكرت الكمية أو المقدار، كما لا يغير من وصف البيع جزافاً إذا تم بيع جميع الكمية المراد بيعها بسعر محدد للوحدة، فالمبيع لا يحتاج إلى تقدير فهو كلّ المبيع. إلا أن تحديد الثمن يتوقف على التقدير. وقد أخذ القانون المدني بالبيع الجزاف في المادة (397) (429 مدني مصري). وتنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد انعقاد البيع في البيع الجزاف.

فإذا أنتج المبيع جزافاً ثماراً بعد البيع وقبل التسليم، كانت الثمار للمشتري، لأنها طرأت على ملكه، ويتحمل المشتري جزافاً تبعة هلاك المبيع إذا تم الاتفاق بين المتبايعين على أن يتحمل المشتري هذه التبعة قبل تسلمه إياه. وقد اشترط بعض رجال القانون، وأخذ به القانون المدني الأردني لصحة البيع جزافاً شرطين، هما: أن يكون المشتري قد رأى المبيع عند انعقاد العقد، أو رآه قبل العقد شرط ألاّ يتغير إلى حين انعقاد البيع، وألا يعلم المتبايعان وزنه إن كان من الموزونات، أو عدده إذا كان من المعدودات، أو كيله إذا كان من المكيلات.

وقد اختلفت آراء فقهاء الشريعة الإسلامية في جواز البيع الجزاف، فلم يجزه الأحناف والمالكية بسبب الجهالة، في حين أجازه الجمهور لتعامل الناس به عرفاً وتيسيراً عليهم، ولأن الجهالة يسيرة، وأن المبيع معلوم بالإشارة إليه جملة.

2ـ أهليه المتعاقدين في عقد البيع:

يتطلب عقد البيع من البائع والمشتري أن يتمتع كلٌّ منهما بأهلية التصرف، والقواعد العامة هي التي تحكم الأهلية في عقد البيع. ويشترط في البائع والمشتري أن يكونا كاملي الأهلية، أي أن يكون كل منهما قد بلغ الثامنة عشرة من العمر، ولم يحكم عليه باستمرار الولاية، أو توقيع الحجر عليه، فإذا عقد ناقص الأهلية عقد بيع، كان عقده قابلاً للإبطال لمصلحة ناقص الأهلية، بيد أن حق التمسك بالإبطال لا يعود له معنى إذا أجاز ناقص الأهلية التصرف بعد بلوغه سن الرشد، أو أجاز وليه ذلك، أو أجازته المحكمة حسب الأحوال ووفقاً للقانون. (المادتان: 111 و112 مدني سوري، 110 و111 مدني مصري). فإذا بلغ الصبي الخامسة عشرة من عمره (في القانون المدني المصري إذا بلغ القاصر الثامنة عشرة) وأذن له وليه أو أذنت له المحكمة بتسلّم أمواله وإدارتها أن يباشر أعمال الإدارة ويدخل فيها البيع والشراء التي تقتضيها الإدارة، وأن يتصرف بصافي دخله لسد نفقاته ومن تجب عليه نفقتهم.

3ـ الثمن وما يتصل به:

إذا كان المبيع محل التزام البائع، فإن الثمن هو محل التزام المشتري. وقد ميّز رجال القانون بين الثمن والقيمة والسعر. أما الثمن، فهو العوض المقدر للمبيع باتفاق المتبايعين، وأما القيمة فهي العوض الذي يساويه جميع المبيع بين الناس في الأسواق، وأما السعر فهو قيمة الواحد القياسي من الأشياء.

فالثمن كما نصت عليه المادة (386) مدني سوري، هو مبلغ نقدي يلتزم المشتري بدفعه إلى البائع مقابل المبيع باتفاق المتبايعين، اللذين لهما الحرية الكاملة في تحديده طبقاً لمبدأ سلطان الإرادة العقدية، فإذا لم يتضمن عقد البيع ثمن المبيع أو طريقة تعيينه، لم ينعقد البيع. وقد اشترط المشرع في المادة (386) مدني سوري، أن يكون الثمن نقداً. ويمكن أن يدفع إلى البائع جملة واحدة، وقد يكون مقسطاً، وقد يكون في صورة إيراد مرتب، وقد يكون على صور أخرى لا تخرج عن القصد الذي شرع من أجله الثمن.

بيد أن المشرع في سورية حظّر عقد الالتزامات بنقد ذهبي أو بنقد قانوني يمثل ما يقابله من الذهب.

آـ الشروط التي يجب توافرها في الثمن: تشترط في الثمن الشروط التالية:

(1)ـ يجب أن يكون الثمن مبلغاً من النقود: والنقود إما مسكوكات معدنية ذات قيمة اعتبارية رسمية أباحت الدولة التعامل بها، وإما أن تكون أوراقاً نقدية تصدرها الدولة أو تصدرها المصارف بالاتفاق مع الحكومات. وعلى هذا الأساس فإن المقايضة تخرج عن البيع، لأنها تنقل الملكية من غير ثمن من النقود. (عرّفت المادة 465 مدني أردني البيع فقالت: "بأنه تمليك مال أو حق مالي مقابل عوض"، والعوض في النظر القانوني يعني الثمن).

(2)ـ أن يكون الثمن مقدراً أو قابلاً للتقدير: تقدير الثمن يجب أن يكون باتفاق المتبايعين في العقد ذاته. وقد يتفق المتعاقدان على أسس صالحة لتقدير الثمن سواء كان ذلك اتفاقاً صريحاً عليها، أو كان اتفاقاً ضمنياً. والمهم في هذا الصدد أن يكون العقد متضمناً ثمناًً مقدراً أو طريقة لتقديره. فإذا لم يتفق الطرفان على الثمن أو على طريقة تقديره، فلا ينعقد البيع لتخلف ركن من أركانه.

ولتحديد الثمن يمكن أن يتفق الطرفان على تقديره بسعر السوق (المادة 391 مدني سوري) فتحاً أو إغلاقاً أو بمتوسط الأسعار فيه. أو أية طريقة أخرى يقدر بها الثمن. فإذا لم يحدد المتبايعان ثمناً للمبيع، كان من المفروض أن يكون العقد باطلاً، ولكن المادة (392) مدني سوري قضت بألاّ يترتب على ذلك بطلان العقد، متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قد نويا اعتبار السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما هو ثمن المبيع. فعلى القاضي أن يبحث في نية المتعاقدين وأن يحلل الظروف التي أحاطت بهما عند التعاقد علّه يجد أساساً صالحاً لتقدير الثمن، ولعل القانون قد أرشد القاضي إلى أمرين مهمين، هما: أن من الجائز أن عدم تحديد الثمن يتعلق بالسوق التجارية وما اعتمدته هذه السوق من أسس، أو أن عدم تحديد الثمن ينطوي على اتفاق ضمني باعتبار السعر المتداول بينهما هو الأساس في تحديده.

 

(3)ـ يجب أن يكون الثمن حقيقياً وجدياً: أما أن يكون حقيقياً فيعني ألاّ يكون صورياً، فإذا عقد المتبايعان عقداً على ثمن صوري أجازت المادة (346) مدني سوري للمتعاقدين والخلف العام التمسك بالعقد الحقيقي المستتر، فقد قالت: "إذا ستر المتعاقدان عقداً حقيقياً بعقد ظاهر، فالعقد النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي".

أما جدية الثمن فتعني ألاّ يكون الثمن تافهاً، والثمن التافه هو مبلغ من النقود يصل في تفاهته إلى درجة لا يتناسب مع قيمة المبيع الحقيقية، وفقدان الثمن الحقيقي في البيع يشمل التصريح بعدم الثمن في العقد، ويكون العقد في حقيقته هبة، وهي التي يمتلك فيها الإنسان شيئاً بلا عوض.

ويمكن التوصل إلى معرفة تفاهة الثمن بمقارنة الثمن المسمى بالقيمة الفعلية للمبيع. مما يدل على أن الاتفاق بين المتعاقدين على أداء الثمن ليس جدياً فيختل البيع ويضطرب، فلا يعد بيعاً بل هبة، فإن لم تتوافر شروطها يقع العقد باطلاً.

وقد يكون الثمن بخساً، يذكر في العقد لكنه يقل عن قيمة المبيع الحقيقية لوجود غبن فاحش فيه، والثمن البخس لا يمنع من انعقاد العقد، لأن الغبن المجرد لا يعيب الإرادة، إلاّ في حالات خاصة. فإذا كان البائع كامل الأهلية ورضي بالثمن البخس، فلا ضير في ذلك، فإذا اقترن الغبن بالطيش البيّن أو الهوى الجامح أو نقص الأهلية؛ فيكون الغبن سبباً لطلب إبطال العقد.

وتجدر الإشارة إلى أن البيع إذا لم يقيد بقيد، ولم يوصف بوصف أو يعلق على شرط، وكان الثمن بالنقد، سمي هذا البيع بالبيع المطلق، وهو الأساس في البيوع.

ب ـ الغبن في بيع عقار القاصر: قد يستغل أحد المتبايعين الآخر فيزيد بالثمن أو ينقص منه، فلا يتدخل القانون، ولا يتعرض البيع للبطلان أو قابلية الإبطال. إلا أن القانون المدني السوري تدخل في حالة الغبن في بيع عقار القاصر بصورة استثنائية في المادة (393) منه التي منعت الغبن في بيع العقار إذا كان مالكه ناقص الأهلية. فإذا بيع عقار القاصر بغبن فاحش يقع على عاتق المشتري التزام بتكملة الثمن إلى الحد الذي يزول معه الغبن وهو أربعة أخماس قيمة العقار عند انعقاد البيع. وقد علل رجال القانون هذا الحكم بأنه إنما شرّع للمحافظة على مصلحة ناقص الأهلية الذي يضطر إلى البيع.

ولا يجوز أن توقع دعوى تكملة الثمن ضرراً بالغير الذي اكتسب حقاً عينياً على العقار بحسن نية، وتسقط دعوى تكملة الثمن بالتقادم بسبب الغبن، إذا انقضت ثلاث سنوات من اليوم الذي توافرت فيه الأهلية لدى ناقص الأهلية أو بموت صاحب العقار المبيع. وهو ما قضت به المادة (394) مدني سوري، إذ قالت:

"1ـ تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي يموت فيه صاحب العقار المبيع.

" ولا تلحق هذه الدعوى ضرراً بالغير حسن النية إذا كسب حقاً عينياً على العقار المبيع.

ثالثاًـ آثار عقد البيع:

ينشئ عقد البيع التزامات متقابلة بين المتعاقدين هي آثار البيع، وهذه الآثار تتلخص في حقوق البائع والتزاماته، ثم حقوق المشتري والتزاماته.

حقوق البائع والتزاماته:

أ ـ حقوق البائع: تتلخص حقوق البائع الشخصية في تسلم الثمن.

ب ـ أما التزامات البائع فتتلخص في الالتزامات التالية:

 (1)ـ التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري: إعمالاً للمادة (386) مدني سوري يكلف البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري، لأن الملكية طبقاً للنص المذكور لا تنتقل بمجرد تمام العقد، بل يكلف البائع بنقلها، ولعل الخلاف الذي وقع في هذا الصدد هو: هل انتقال ملكية المبيع إلى المشتري يتم عند تمام العقد أم أن البائع ملزم بنقله إلى المشتري؟ ولا سيما أن انتقال ملكية المبيع إلى المشتري هو العنصر الجوهري والهدف الأساسي للبيع وغايته؟.

الإجابة عن هذا السؤال تضمنته المادة (205) مدني سوري (204 مدني مصري) التي تنص على ما يلي: "الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عيني آخر، ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق، إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم وذلك دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل". فإذا كان المبيع شيئاً معيناً بالذات وكان من المنقولات ويملكه البائع، فإن ملكية المبيع طبقاً للنص السابق، تنتقل بمجرد انعقاد العقد. ويصبح المشتري مالكاً للمبيع، وتكون له جميع ثمراته منذ انعقاد العقد، ولا يعود للبائع أن يتصرف بالمبيع ولا أن يجني ثماره. وقد اعتبر المشرع البيع الجزاف من قبيل المبيع المعين بالذات، فتنتقل فيه الملكية بمجرد انعقاد العقد.

أما إذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين إلا بالنوع، كما لو بيع مقدار من القمح علمت صفته ومقداره، فإن ملكية المبيع لا تنتقل إلى المشتري إلا بالإفراز، وهو ما قضت به الفقرة الأولى من المادة (206) مدني سوري (205 مدني مصري) حين قالت:

"1ـ إذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين إلا بنوعه فلا ينتقل الحق إلا بإفراز هذا الشيء". والإفراز يعني فصل كمية من نوعه بحيث تصبح مستقلة عن غيرها في الوجود الخارجي، فيصبح الشيء المفرز شيئاً معيناً بالذات، وعندها تنتقل هذه الكمية المفرزة إلى ملكية المشتري، ويقوم البائع بالتنفيذ بتسليم المبيع للمشتري.

أما إذا كان الشيء المعين بالذات عقاراً، فانتقال الملكية فيه يجب ألاّ يخل بقواعد التسجيل، فالملكية العقارية لا تكتسب، طبقاً للقوانين العقارية ولا تنتقل بين المتعاقدين ولا إلى الغير إلا من وقت تسجيلها في السجل العقاري إعمالاً للمادة (825/1 مدني سوري) التي تنص على أن: "الحقوق العينية العقارية تكتسب وتنتقل بتسجيلها في السجل العقاري".

أما العقود المنعقدة خارج دائرة السجل العقاري فإن المشتري يكتسب بها حق تسجيلها في السجل العقاري، ويلتزم البائع للعقار غير المسجل بنقل ملكية المبيع للمشتري، فيكسب المشتري بهذا البيع حق التسجيل، فإذا نكل البائع عن التسجيل بغير عذر فإن ملكية المبيع تنتقل وجميع الحقوق العينية الأخرى إلى المتبايعين وإلى الغير في وقت واحد، كما أن ثمرات المبيع تنتقل من تاريخ ثبوتها، ما لم يشترط في العقد خلاف ذلك. ويجب على البائع أن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق المبيع إلى المشتري عملاً بالمادة (396) مدني سوري، التي تقول: "يلتزم البائع أن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق المبيع للمشتري، وأن يكف عن أي عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق مستحيلاً أو عسيراً". فالبائع لا يكلف في بيع المعين بالنوع إلا بإفرازه، ويكلف في البيع العقاري أن يقوم بالعمل الضروري لتسجيل البيع في السجل العقاري، بيد أن القانون لم يأت بنصوص خاصة إذا قام البائع بما يعرقل نقل ملكية المبيع، وما يترتب على ذلك من تبعات. مما يجعل الرجوع إلى القواعد العامة أمراً مهماً فتطبق أحكام المادة (206) مدني سوري التي تعطي المشتري الحق، إذا كان المبيع شيئاً معيناً بالنوع ولم يقم البائع بإفرازه، في أن يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة البائع بعد استئذان القاضي، أو من دون استئذانه في حالة الاستعجال. كما يجوز له أن يطالب بقيمة الشيء، مع حقه في التعويض إذا كان له مقتضى. كما تطبق المادة (211) مدني سوري التي تنص على ما يلي: "في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ، إذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام".

أما في المبيع المعين بالذات فلا يتصور أن يقوم البائع بعرقلة نقل ملكية المبيع إلى المشتري، لأن ملكية المبيع انتقلت إلى المشتري بتمام انعقاد العقد. فنقل الملكية في هذه الحالة لا يحتاج إلى تنفيذ ولا يتوقف على أمر آخر ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أن ملكية المبيع تنتقل إلى المشتري في الفقه الإسلامي بمجرد العقد وعند ارتباط الإيجاب بالقبول باتفاق المذاهب، وتنتقل ملكية الثمن إلى البائع وإلى ورثته إن مات قبل قبضه، سواء كان المبيع منقولاً أم كان عقاراً أم جزءاً شائعاً في منقول أو في عقار أم حقاً من حقوقه.

(2)ـ تسليم المبيع إلى المشتري:

ـ تعريف التسليم وأهمية الالتزام به: التسليم طبقاً للمادة (403) مدني سوري (435/1 مدني مصري) هو أن يضع البائع أو من ينوب عنه، المبيع تحت يد المشتري وتصرفه، بحيث يستطيع أن يضع يده عليه وأن ينتفع به من دون عائق. فالتسليم هو الذي يمكن المشتري من الإفادة من المبيع والانتفاع به، ولو لم يستولِ عليه استيلاءً مادياً ما دام البائع قد أعلمه بذلك.

وإذا كان انتقال ملكية المبيع إلى المشتري يأتي في المرتبة الأولى نظرياً قبل التسليم، إلا أن التسليم يأتي في المرتبة الأولى عملياً، فالتسليم أهم التزام يقع على البائع من أجل تنفيذ البيع، ومن دونه لا يكون لنقل الملكية أي معنى. لذلك كان الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى يتم التسليم، وهو ما قضت به المادة (207) مدني سوري، وما دام الأمر كذلك فلا حاجة إلى ذكره في عقد البيع أو الاتفاق عليه بين المتبايعين. ويجب على البائع أن يحتفظ بسلامة المبيع حتى تسليمه إلى المشتري على الحالة التي كان عليها وقت التعاقد (399 مدني سوري، 489 مدني أردني، 431 مدني مصري).

ـ محل التسليم أو ما يجب تسليمه:

ـ محل التسليم: يلتزم البائع أن يسلم المبيع إلى المشتري في الحالة التي كان عليها وقت إجراء عملية البيع، وهو ما نصت عليه المادة (399) مدني سوري. فعلى البائع أن يمتنع عن إحداث أي تغيير في المبيع بعد البيع بفعله، كأن يبني على الأرض المبيعة بناءً، أو أن يرهن الأرض المبيعة، أو أن يرتب عليها ارتفاقاً. كما يجب أن يحافظ على المبيع إلى أن يقوم بتسليمه إلى المشتري، (المادة 207 مدني سوري)، من دون نقص أو تغيير، وإلا كان مسؤولاً عن النقص أو التغيير، سواء أحصل ذلك بفعله أم كان قد حصل بسبب لا يد له فيه، ما دام لم يقم بتسليم المبيع إلى المشتري، سواء كان التسليم حقيقياً أو كان متسلماً اعتبارياً.

فما يحدث للمبيع بعد التسليم الحقيقي أو الاعتباري، يكون على حساب المشتري، ويكون هو مسؤولاً عنه لا البائع، لأن البيع قد ثبت للمشتري بالتسليم ولزمه الثمن. وعلى البائع أن يبادر إلى القيام بما هو ضروري لنقل ملكية المبيع إلى المشتري (المادة 425 مدني سوري)، كأن يقوم بفرز المبيع إذا كان معيناً بالنوع، وتسهيل عملية التسجيل في دائرة السجل العقاري في البيوع العقارية.

ـ مشتملات التسليم: تنص المادة (400) مدني سوري على ما يلي: "يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع، وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشيء طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء، وعرف الجهة وقصد المتعاقدين".

يدخل في المبيع أصله، والأجزاء التي يتكون منها، فالذي يشتري سيارة يدخل في السيارة محركها وعجلاتها وأضواؤها ومكابحها، وغير ذلك مما يعد من أصل المبيع. ومن يشتري داراً يدخل في المبيع جدرانها وأسقفها وسلالمها وغرفها وحماماتها، فمتى أطلق المبيع في العقد، دخلت فيه كل هذه الأمور ولو لم تذكر في العقد، أو جرى الاتفاق على خلافها بعدم دخول شيء منها في المبيع.

غير أن ما يثير الخلاف بين المتبايعين ليس ما يعد من أصل المبيع، بل ما يعد من ملحقاته وتوابعه، وهل تدخل هذه الملحقات وغيرها في المبيع أم لا.

أما ملحقات المبيع، على الرغم من أنها ليست المقصودة من البيع، إلا أن البيع لا يتم إلا بها، ففي بيع البقرة الحلوب يعد عجلها من ملحقات البيع، وفي بيع السيارة تعد العجلة الاحتياطية ومفاتيح السيارة والرافعة وغيرها ملحقات المبيع. ويشمل المبيع أيضاً كل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال المبيع، كأنابيب المياه وأسلاك الكهرباء والخزائن وجميع الأشياء التي أعدت لاستعمال الشيء المبيع بصفة دائمة. كما تدخل في المبيع كل الأشياء التي تقضي طبيعتها أن تكون ضمن المبيع، وكذلك ما جرى عليه عرف الجهة التي ينعقد فيها البيع، وقصد المتعاقدين. غير أن ما جرى عليه العرف اليوم من اعتبار بعض الأشياء من توابع المبيع قد يختلف باختلاف الزمان فلا يكون كذلك في المستقبل.

ـ النقص والزيادة في المبيع: من الجائز أن يظهر في المبيع زيادة أو يظهر فيه نقص في مقدار المبيع فإن البائع يكون مسؤولاً عن النقص ويتحمل نتائجه، وللمشتري الحق في إنقاص الثمن وله أن يطلب فسخ العقد إذا أثبت أن النقص من الجسامة بحيث لو كان يعلم به ما أقدم على التعاقد. وهو ما نصت عليه المادة (401) مدني سوري بقولها:

"1ـ إذا عين في العقد مقدار المبيع، كان البائع مسؤولاً عن نقص هذا المقدار بحسب ما يقضي به العرف، ما لم يتفق على غير ذلك. على أنه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لنقص في المبيع إلا إذا أثبت أن هذا النقص من الجسامة بحيث لو أنه كان يعلمه لما أتم العقد".

أما إذا تبين أن مقدار المبيع المتفق عليه يزيد على ما ذكر في العقد، فالأصل أن يكون البائع ملزماً بما اتفق عليه مع المشتري، بأن يسلمه المبيع بلا زيادة أو نقصان، فإذا كان المبيع مما لا يقبل التبعيض (التجزئة) وجب على المشتري أن يكمل الثمن إذا كان الثمن مقدراً على أساس الوحدة القياسية، فإذا اشترى شخص لؤلؤة على أنها بوزن محدد، وكان سعر الوحدة القياسية مبلغاً معيناً، فإذا اللؤلؤة تزيد على الوزن المتفق عليه، فعلى المشتري أن يزيد في الثمن المسمى بمقدار قيمة الزيادة. فإذا كانت الزيادة جسيمة جاز للمشتري أن يطلب فسخ العقد، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، فقد قضت الفقرة الثانية من المادة (401) مدني سوري على ما يلي: "أما إذا تبين أن القدر الذي يشمل عليه المبيع يزيد على ما ذكر في العقد، وكان الثمن مقدراً بحساب الوحدة، وجب على المشتري إذا كان المبيع غير قابل للتبعيض، أن يكمل الثمن إلا إذا كانت الزيادة جسيمة، فيجوز له أن يطلب فسخ العقد، وكل هذا ما لم يوجد اتفاق يخالفه".

ومهما يكن من أمر، فإن حق المشتري في طلب إنقاص الثمن أو في طلب فسخ العقد، وحق البائع في تكملة الثمن، يسقط كل منهما بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليماً فعلياً. إذ قضت المادة (402) مدني سوري بما يلي:

"إذا وجد في المبيع عجز أو زيادة، فإن حق المشتري في طلب إنقاص الثمن أو في طلب فسخ العقد، وحق البائع في طلب تكملة الثمن يسقط كل منهما بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليماً فعلياً".

ـ كيفية تسليم المبيع إلى المشتري: إن الالتزام الحقيقي الذي يقع على عاتق البائع، هو تسليم المبيع إلى المشتري، وأن يصبح قادراً على الاستيلاء عليه واستعماله متى شاء من دون حائل من جانب البائع. كما جاء في المادة (403/1) مدني سوري (435/1 مدني مصري). وتختلف وسيلة تسليم المبيع باختلاف طبيعته، فتسليم العقار يتم بالتخلي عنه وتسليم مفاتيحه من دون أن يلاقي المشتري ما يحول بينه وبين وضع اليد على العقار. وتسليم المنقول يختلف باختلاف طبيعته، والتسليم له صورتان، إما أن يكون تسليماً حقيقياً أو فعلياً، وإما أن يكون تسليماً حكمياً. أما التسليم الحقيقي أو الفعلي: فيكون عندما يقوم البائع بتسليم المبيع إلى المشتري حقيقة، بحيث يتمكن من قبضه من دون أن يوجد حائل يحول دون حيازته كما قضت المادة (403/1) مدني سوري سابقة الذكر. ويختلف التسليم الحقيقي باختلاف طبيعة المبيع. فإذا كان من المنقولات فإن تسليمه يكون بالقبض أو المناولة أو بوضعه أمام المشتري بحيث يتمكن من قبضه. فإذا كان المبيع كمية من الشاي مثلاً فإن تسليمه يتم بجعله في متناول المشتري، وإذا كان حصاناً، فإن تسليمه يتم بجعله في متناول المشتري بحيث يمكن أن يأخذ بزمامه، وإذا كان عقاراً كأن يكون منزلاً أو مخزناً، فإن تسليمه يكون بتسليم مفاتيحه إلى المشتري، وهكذا فإن تسليم كل مبيع يتناسب مع طبيعة هذا المبيع ويختلف باختلاف حاله.

ويكون التسليم حقيقياً أيضاً، إذا خلّى البائع بين المبيع والمشتري مع الإذن له بقبضه، فالتخلية من دون الإذن بالقبض لا تكون تسليماً ولو كان المشتري متمكناً من القبض. إذ لا يسوغ للمشتري أن يتسلم المبيع بنفسه، بل يكون بتسلمه من البائع، لأنه ليس للشخص أن يقتضي حقه بنفسه.

وأما التسليم الحكمي أو الاعتباري: فهو اعتبار المبيع مسلماً إلى المشتري في حالات محددة، ويترتب عليه آثار التسيلم ولو لم يتم حقيقة.

وللتسليم الحكمي صورتان، هما:

الصورة الأولى: التسليم الحكمي الاتفاقي: ويتم عندما يتفق المتبايعان على اعتبار المشتري قد تسلم المبيع في حالة معينة، فإذا تحققت هذه الحالة، عدّ المشتري متسلماً المبيع حكماً. وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (403) مدني سوري، (435/2 مدني مصري) فقالت:

"2ـ يجوز أن يتم التسليم بمجرد تراضي المتعاقدين إذا كان المبيع في حيازة المشتري قبل البيع أو كان البائع قد استبقى المبيع في حيازته بعد البيع لسبب آخر غير الملكية".

وقد نص القانون على أنه في الحالات التي يتفق فيها المتعاقدان على تصدير المبيع إلى المشتري، فإن التسليم لا يتم في هذه الحالة إلا إذا وصل المبيع إلى المشتري فعلاً ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك، فقد جاء في المادة (404) مدني سوري (436 مدني مصري، 499/2 مدني أردني) "إذا وجب تصدير المبيع إلى المشتري، فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك".

الصورة الثانية: التسليم الحكمي القانوني: يتم التسليم الحكمي القانوني في أحوال مختلفة هي:

إذا كان المبيع في حوزة المشتري بأي صفة أو سبب قبل البيع، كما لو كان الشيء لديه على سبيل العارية أو الأمانة أو الإيجار، أو كان مغصوباً، فحصل البيع، ففي هذه الحالة تعد الحيازة تسليماً للمبيع، لأن التسليم المراد حصوله قد تم بوجود المبيع لدى المشتري، ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغير ذلك، وهناك حالات أخرى مماثلة يعد فيها المشتري متسلماً المبيع حكماً.

هلاك المبيع قبل التسليم: إذا هلك المبيع قبل التسليم لدى البائع لسبب لا يد للبائع فيه، انفسخ العقد واسترد المشتري الثمن، إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشتري لتسلم المبيع فيكون الهلاك من حساب المشتري؛ لأنه تقاعس في تسلم ما اشتراه فهلك بسبب الإهمال، فيعد متسلماً للمبيع ويلزمه الثمن. وكذلك يكون الهلاك من حساب المشتري، إذا تسبب المشتري نفسه بفعله في هلاك المبيع، فيعد متسلماً للمبيع ويلزمه الثمن المسمى. فقد ورد في المادة (405) مدني سوري، (437 مدني مصري) "إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لا يد للبائع فيه، انفسخ البيع واسترد المشتري الثمن، إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشتري لتسلم المبيع". 

تفرق الصفقة: تنص المادة (406) مدني سوري (438 مدني مصري) على أنه:

"إذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه، جاز للمشتري إما أن يطلب فسخ العقد إذا كان النقص جسيماً بحيث لو طرأ قبل العقد لما تم البيع. وإما أن يبقي المبيع مع إنقاص الثمن".

إذا ظهر في المبيع تلف ينقص من قيمته، كما حدد في عقد البيع، فهذا يدخل في تفرق الصفقة، وقد عالج القانون المدني هذه المسألة في المادة السابقة، فأجاز للمشتري إما أن يطلب فسخ العقد، إذا كان التلف جسيماً لو كان يعلم به المشتري قبل التعاقد ما أقدم على الشراء، وإما أن يبقي على المبيع على أن ينتقص البائع من الثمن ما يقابل نقصان المبيع بتلفه، وهذا حق للمشتري متى ذكر في العقد مقدار المبيع، فوقع التلف في جزء منه.

امتناع البائع عن التسليم: إذا امتنع البائع عن تسليم المبيع كما هو متفق عليه، بمسوغ مشروع أو بلا مسوغ، يكون قد أخل بالتزامه ويظل المبيع في يده وعليه تقع مسؤولية تلفه أو هلاكه، وعلى البائع تطبيق القواعد العامة في هذه الحالة. والقواعد العامة تقضي في المادة (158) مدني سوري بما يلي: "1ـ في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه، جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين، أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى. ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلاً إذا اقتضت الظروف ذلك، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته". 

هذا النص يمنح المشتري بعد إعذاره البائع خيارين، إما التنفيذ الجبري وإما فسخ العقد، وسواء اختار المشتري التنفيذ أو اختار فسخ العقد، فإن له أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر مصدره خطأ البائع. بيد أن للقاضي سلطة تقديرية واسعة، إما أن يجيب المشتري في طلب الفسخ والموافقة عليه، وإما أن يرفضه إذا وجد أن ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام جملة.

3ـ التزام البائع بعدم التعرض والاستحقاق: يقصد بالضمان، المسؤولية المالية التي تترتب على البائع جراء إخلاله بالتزامه، وهو تمكين المشتري من الانتفاع بالمبيع من دون حائل، بأن يرد إليه ثمن المبيع، أو أن يضمن له الأضرار التي لحقته بسبب التعرض. كما يضمن البائع للمشتري بقاء المبيع تحت يده من دون أن يتعرض له أحد، فإذا حصل له تعرض أو استحقاق للمبيع من يده تعين على البائع الضمان، وهذا الضمان من طبيعة عقد البيع، كما هو من طبيعة العقود الناقلة للملكية.

والالتزام بضمان التعرض والاستحقاق موجود في عقود المقايضة والتركة والإيجار وغيرها، وهو موجود إلى مدى ضيق في التبرعات والهبات. ويقترن التعرض بالاستحقاق، فيقال ضمان التعرض والاستحقاق، فيراد بالتعرض ما دون الملكية من حقوق، ويراد بالاستحقاق ثبوت ملكية الغير للمبيع، وبمعنى آخر، فالاستحقاق هو أن يظهر بعد البيع حق في المبيع لغير البائع، سواء أكان الحق ملكية أم كان حقاً عينياً أم حق ارتفاق وغيرهما. والتعرض هو أن يقوم إنسان بمنع المشتري من الانتفاع بكامل المبيع فيفوت عليه فرصة هادئة للانتفاع به خالية من المعوقات.

وقد فرّق رجال القانون في التعرض بين التعرض المادي والتعرض القانوني.

فالتعرض المادي: هو أن يتصدى أحد للمبيع في يد المشتري عن غير طريق القضاء بغصبه أو سرقته أو إتلافه. وقد يكون صادراً عن البائع نفسه، أو صادراً عن الغير، فإذا منع البائع المشتري من التمتع بالمبيع والانتفاع به، كأن يمنعه من حراثة أرضه أو جمع محصولها، يكون في هذه الحالة قد أخل بالتزامه التعاقدي فتتحقق مسؤوليته، ولكنه لا يضمن للمشتري أفعال الغير إذا اعتدوا عليه، لأن البيع لا يستلزم إلزام البائع بكف الناس عن الاعتداء على المشتري، ولا يجعله مسؤولاً عن جرائمهم.

وقد يكون تعرض البائع تعرضاً قانونياً: إذا ادعى شخص على المشتري بأن له حقاً في المبيع مستنداً إلى سبب قانوني، كأن يسلمه المبيع محملاً بأعباء كان من المفروض أن يكون خالياً منها، لأن البيع المطلق يستلزم تعهد البائع للمشتري خلوّ المبيع من كل حق، فإذا ادعى البائع أنه مستأجر للعقار الذي باعه، فيعد مخلاً بما التزم به وهو تسليم المبيع خالياً من أي مستأجر له. ففي الحالتين السابقتين، يكون البائع مسؤولاً مسؤولية عقدية، وللمشتري أن يطالب بالتنفيذ العيني الجبري، أو أن يطلب فسخ العقد وضمان الأضرار التي لحقت به إذا كان له مقتضى، فقد نصت المادة (407) مدني سوري على أن: "يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه، سواء كان التعرض من فعله هو، أو من فعل أجنبي يكون له وقت البيع حق على المبيع يحتج به على المشتري، ويكون البائع ملزماً بالضمان حتى لو كان الأجنبي قد ثبت حقه بعد البيع، إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه".

والجدير بالذكر أن القانون المدني السوري قد استعمل تركيبي ضمان التعرض وضمان الاستحقاق فعبر عن مسؤولية البائع تجاه المشتري، بضمان الاستحقاق، وعبر عن كفالة البائع لمنع التعرض، بضمان التعرض. والأساس الذي يقوم عليه ضمان الاستحقاق، أن البائع قد أخل بالتزاماته التعاقدية وقصّر في تنفيذ عقد البيع الذي عقده مع المشتري، ولم يهيئ له الظروف المواتية للاستفادة من المبيع ولاستقرار ملكيته للمبيع. فإذا ظهر شخص يطالب المشتري بحق في المبيع سابق على العقد، فذلك يدل على إخلال البائع بالتزامه مما يوجب عليه الضمان، لإخلاله بالالتزامات التي تقع على عاتقه، ويفسح في المجال أمام المتعاقد الآخر للتنفيذ العيني الجبري أو لطلب الفسخ على النحو الذي ذُكر آنفاً.

وقد يعمد المشتري، للمحافظة على حقوقه، ودرءاًً للمخاطر التي قد تظهر بعد الشراء، إلى أن يطلب من البائع كفيلاً يضمن له عدم التعرض والاستحقاق في الحالات التي يفلس فيها البائع أو في حالة غيابه.

ولمطالبة البائع بضمان الاستحقاق تشترط الشروط التالية:

ـ أن يكون التعرض قد وقع فعلاً، فلا يكون البائع ضامناً إذا ظهر حق للغير يوجب الضمان، ولكن صاحب الحق لم يطالب به، ولم يمنع المشتري من ممارسة حقه في الانتفاع الكامل بالمبيع، وسبب ذلك أن لا مسوغ للضمان قبل وقوع الضرر.

ـ أن يكون استحقاق الحق ناشئاً إما من فعل البائع نفسه أو بفعل غيره، كما لو كان البائع قد باع المبيع لشخص آخر غير المشتري الأول، أو رتب على المبيع حق ارتفاق أو قام بتأجيره، فالبائع يضمن جميع ما قام به هو نفسه، ويضمن البائع التعرض والاستحقاق إذا كان سببه الغير الذي له علاقة بالبائع، كمورث البائع أو بائع البائع، فإذا ظهر أحد هؤلاء كان البائع ضامناً التعرض والاستحقاق للمشتري سواء كان البائع حسن النية أو كان سيء النية، يعلم بوجود حق ثالث على المبيع أو كان لا يعلم. إلا أن البائع لا يضمن التعرض الذي يحصل من الغير إلا إذا كان قانونياً.

ـ أن يكون طلب الاستحقاق مستنداً إلى سبب صحيح قبل الشراء: إذا أثبت طالب الاستحقاق أن حقه ناشئ قبل انعقاد البيع بين البائع والمشتري، كأن يكون البائع قد باع منقولاً لشخص ثم باعه لشخص آخر وسلمه إياه، فالملكية تكون لمن حاز المنقول حسن النية. ويكون للأول أن يطلب ضمان الاستحقاق، لأن حقه كان ناشئاً قبل البيع الثاني، أي إن حق المشتري الأول قد ورد قبل البيع الثاني، فلو كان قد ورد بعده لما حق للمشتري الرجوع بضمان الاستحقاق.

ـ أن يكون الحق المستحق واقعاً على المبيع كله أو على جزء منه: ويكون الاستحقاق واقعاً على جميع المبيع استحقاقاً كلياً، إذا باع شخص لآخر منقولاً وسلمه إياه، ثم ظهر مالك لهذا المنقول فيلتزم البائع للمشتري الأول بضمان الاستحقاق، ويكون البائع في هذه الحالة قد باع ملك غيره، وقد يكون الاستحقاق جزئياً ولا يعلم المشتري به، ولم يخطر البائع المشتري به، فالبائع ملزم في هذه الحالة بضمان الاستحقاق.

الخصومة في دعوى الاستحقاق:

الغاية من ضمان الاستحقاق، إنما هي حماية المشتري من الضرر الذي سيقع به من الدعوى التي يرفعها مدعي الاستحقاق، فإذا لم يكن الاستحقاق قد وقع فعلاً فلا معنى لمطالبة المشتري البائع بضمان الاستحقاق.

ولا معنى لمطالبة البائع بضمان الاستحقاق إذا كان المبيع وقت البيع في يد الغير، بل له أن يطالبه بتسليمه إياه، أما إذا حان موعد تسليم المبيع بعد انعقاد البيع، ولم يتمكن المشتري من حيازة المبيع لوجوده في يد الغير، كان للمشتري في هذه الحالة الرجوع على البائع بالضمان.

فالقاعدة، كما أجمع عليها رجال القانون، هي أن البائع يضمن كل فعل من شأنه أن يسلب المشتري حيازة المبيع أو يؤدي إلى تعطيل استعماله.

وعلى البائع أن يخطر المشتري وقت البيع بالتكاليف المترتبة على المبيع حتى يتفادى رجوع المشتري عليه بالضمان. وفي ضوء ما تقدم، فإن المشرع قد قرر بعض الإجراءات يتقاسمها البائع والمشتري عندما ترفع دعوى الاستحقاق.

وترفع دعوى الاستحقاق على المشتري طبقاً للمادة (408) مدني سوري، وعلى المشتري إخطار البائع برفعها. ويكون البائع بعد ذلك أمام أحد خيارين: إما أن يتدخل في الدعوى إلى جانب المشتري، لأن لديه من البراهين والأدلة ما يدحض بها دعوى مدعي الاستحقاق، حتى لا يفاجأ المشتري بطريق جهالته بالواقع وبالحكم لمدعي الاستحقاق بدعواه ويخسر المشتري المبيع لتقصيره أو جهله، لذلك أوجب المشرع على المشتري متى رفعت دعوى الاستحقاق عليه أن يبادر إلى إنذار البائع (إخطاره) بالواقع في الوقت الملائم، فقد جاء في المادة (408) مدني سوري ما يلي:

"1ـ إذا رفعت على المشتري دعوى باستحقاق المبيع وأخطر بها البائع، كان على البائع بحسب الأحوال، وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية، أن يتدخل في الدعوى إلى جانب المشتري…".

وعلى البائع والحالة هذه، أن يبادر إلى التدخل في الدعوى إلى جانب المشتري ليدلي بحججه التي تدفع عن المشتري ما قد يلحق به من خسارة، وما قد يلحق به هو من ضرر بسبب وجوب الضمان. أو أن يحل محل المشتري في الدعوى، حسب ما يرى ذلك مناسباً وهو ما قضت به العبارة الأخيرة في المادة (408) سابقة الذكر، التي تقول: "…أو أن يحل فيها محله". وقد يثبت مدعي الاستحقاق حقه في المبيع على الرغم من تدخل البائع في الدعوى أو حلوله محل المشتري، فيفصل القاضي بدعوى الاستحقاق بحكم واحد، لجهة مدعي الاستحقاق التي يرفعها على المشتري، ولجهة المشتري التي يرفعها على البائع في الدعوى الأولى ذاتها.

ولعل من المفيد الإشارة إلى أن إنذار البائع بالدعوى أو الإهمال في إنذاره، يؤدي إلى آثار مهمة جداً. ذلك لأن إهمال المشتري إنذار البائع وصدور الحكم وحصوله على الدرجة القطعية (قوة القضية المقضية) لمصلحة مدعي الاستحقاق، لا يشكل حجة قطعية لدى المشتري للرجوع على البائع بالضمان، بل يفقد حقه في الرجوع بالضمان عليه، ويكون للبائع رد دعوى المشتري بحجة أن المشتري بإهماله وعدم تبصره وتقصيره في إنذار البائع قد فوّت على نفسه الحجج التي يملكها البائع، والتي كانت ستغير مجرى الدعوى، الأمر الذي جعل المشتري يبوء بالخسارة وحده دون البائع برفض دعوى الاستحقاق، وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة (408) مدني سوري حيث قالت: "وإذا لم يخطر المشتري البائع بالدعوى في الوقت الملائم، وصدر عليه حكم حاز قوة القضية المقضية، فقد حقه بالرجوع بالضمان، إذا أثبت البائع أن تدخله في الدعوى كان يؤدي إلى رفض دعوى الاستحقاق".

ولكن الأمر يختلف لو بادر المشتري بإنذار البائع في الوقت الملائم، إلا أن البائع لم يتدخل لا بطلب من المستحق ولا من تلقاء نفسه، عندئذٍ يفقد البائع حقه في الدفاع، فإذا قضي لمدعي الاستحقاق، حق للمشتري الرجوع على البائع وتضمينه ضمان الاستحقاق، من دون أن يكون للبائع التمسك بالدفوع التي كان بإمكانه التمسك بها في مواجهة مدعي الاستحقاق، ما دام المشتري قد أنذره في الوقت الملائم، فإذا لم يتدخل البائع في الدعوى بعد إنذار المشتري له، ولم يطلب مدعي الاستحقاق إدخاله، جاز للمشتري المدعى عليه أن يطلب إدخال البائع في الدعوى كرهاً بصفة مدعى عليه وفقاً لقانون أصول المحاكمات، وله ألا يفعل ذلك ما دام البائع سيكون ملزماً بالضمان على كل حال، أما ما يجنيه المشتري من إدخال البائع كرهاً في الدعوى، بعد إنذاره، فهو أنه إذا قضي لطالب الاستحقاق بالاستحقاق، يقضي القاضي في الوقت ذاته للمشتري بالضمان من دون أن يرجع المشتري على البائع بدعوى جديدة.

على أن الفقرة الثانية من المادة (408) مدني سوري أعطت للبائع فرصة الدفع فيما لو أحس بأن الحكم الذي قضت به المحكمة لمصلحة طالب الاستحقاق، قد قضت به بسبب احتيال المشتري وتقصيره، فإذا أثبت تدليس المشتري أو خطأه الجسيم، فإنه يخلص من الضمان، وقد قضت المادة 408/2 مدني سوري بما يلي: "2ـ إذا تمَّ الإخطار في الوقت الملائم ولم يتدخل البائع في الدعوى، وجب عليه الضمان إلا إذا أثبت أن الحكم الصادر في الدعوى كان نتيجة لتدليس من المشتري أو لخطأ جسيم منه".

حالات يثبت فيها حق المشتري بالضمان ولو اعترف للأجنبي بحقه: جاء في المادة (409) مدني سوري (441 مدني مصري) ما يلي: "يثبت حق المشتري في الضمان ولو اعترف وهو حسن النية للأجنبي بحقه أو تصالح معه على هذا الحق دون أن ينتظر في ذلك صدور حكم قضائي، متى كان قد أخطر البائع بالدعوى في الوقت الملائم ودعاه أن يحل محله فيها فلم يفعل. كل ذلك ما لم يثبت البائع أن الأجنبي لم يكن على حق في دعواه".

من النص السابق يتضح أن المشتري لا يسقط حقه في ضمان الاستحقاق حتى لو اعترف لطالب الاستحقاق بحقه في المبيع، أو تصالح معه من دون أن ينتظر صدور حكم قضائي لمصلحته، ولكن يشترط لتتاح الفرصة أمام المشتري للمطالبة بالضمان شرطان مهمان هما:

ـ أن يكون المشتري قد أنذر (أخطر) البائع بالدعوى في الوقت الملائم ليحل محله فلم يفعل.

ـ أن يكون المشتري قد اعترف بحق طالب الاستحقاق أو تصالح معه عن حسن نية، أي أن تكون لديه القناعة الكاملة بحق المدعي في الاستحقاق، أي أن يكون حق الأجنبي واضحاً كل الوضوح.

فإذا توافر هذان الشرطان، كان للمشتري الحق في مطالبة البائع بالضمان ما لم يثبت البائع أن طالب الاستحقاق ما كان على حق في دعواه.

النتائج التي تترتب على صدور الحكم باستحقاق المبيع: إذا قضي لمدعي الاستحقاق بحقه فما يسلكه المشتري يختلف باختلاف كون الاستحقاق كلياً أو جزئياً.

فإذا كان الاستحقاق كلياً وارداً على جميع المبيع، كان للمشتري أن يطلب من البائع الأمور التالية:

ـ قيمة المبيع وقت الاستحقاق إضافة إلى الفوائد القانونية التي تترتب له من وقت الاستحقاق.

ـ وأن يطالب بقيمة الثمار التي ينتجها المبيع والتي ردها إلى الأجنبي الذي صدر الحكم لمصلحته، إضافة إلى المصاريف النافعة التي أنفقها المشتري على المبيع.

فإذا لم يقم المشتري بإنذار (إخطار) البائع بدعوى الاستحقاق الني رفعها مدعي الاستحقاق عليه في الوقت الملائم وقضي لمدعي الاستحقاق باستحقاق المبيع لعدم وجود أدلة تدحض إدعاءه بين يدي المشتري، سقط حق المشتري بتضمين البائع الاستحقاق، إذا أثبت البائع أن تدخله في الدعوى كان سيؤدي إلى رفض دعوى الاستحقاق (المادة 408 مدني سوري)، وهذا ما قضت به المادة (411) مدني سوري (443 مدني مصري).

كما تضيف المادة (411) سابقة الذكر في الفقرة الرابعة والخامسة، أن يطالب المشتري بما يلي:

"4ـ جميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق عدا ما كان المشتري يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر البائع بالدعوى طبقاً للمادة 408.

" وبوجه عام تعويض المشتري عما لحقه من خسارة أو ما فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع، كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله.

أما إذا كان الاستحقاق جزئياً: أي إذا استُحق بعض المبيع وجب التفريق بين حالتين:

إذا كان الجزء المستحق من الجسامة لو علم به المشتري قبل الشراء لما أقدم عليه فإن المشتري في هذه الحالة يكون مخيراً بين أمرين:

إما أن يرد المبيع على البائع إضافة إلى الفوائد التي أفادها منه ويطالبه بالمبالغ المنصوص عليها في المادة (411) مدني سوري، وإما أن يحتفظ ببقية المبيع بعد الاستحقاق ويرجع على البائع بتعويض يعادل الخسارة التي حاقت بالمشتري جراء الاستحقاق.

أما إذا كان الجزء المستحق لا يشكل ضرراً كبيرا للمشتري لو علم به قبل الشراء لأقدم عليه، وآثر استبقاء المبيع لديه، فإن حق المشتري ينحصر في طلب التعويض من البائع عما لحقه من ضرر بسبب الاستحقاق الجزئي.

ـ الاتفاق على تعديل الضمان بإسقاطه أو إنقاصه أو التشدد فيه.

تقضي الفقرة الأولى من المادة (413) مدني سوري على جواز الاتفاق بين المتعاقدين على زيادة ضمان الاستحقاق، فيشترط المشتري على البائع ضمانات إضافية، كالتعويض عن جميع المصروفات الكمالية، حتى لو كان البائع حسن النية. كما يجوز للمتعاقدين إنقاص الضمان، كإنقاص الأسباب الموجبة له. فالاتفاق صحيح إذا كان البائع حسن النية. ولهما أن يتفقا على إعفاء البائع من المسؤولية وضمان الاستحقاق. أو الاتفاق على عدم رجوع المشتري على البائع بالضمان أو بالمصروفات، إلا أن الاتفاق على إسقاط الضمان أو إنقاصه يعتبران باطلين إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبي عن المشتري، فيكون البائع في هذه الحالة قد ارتكب غشاً باشتراطه عدم مسؤوليته وإخفائه وجود حق للغير في المبيع، فلا يصح اشتراطه عدم الضمان عند ثبوت الاستحقاق، "فلا يصح أن يكون الغش سبيلاً إلى الإعفاء من الضمان".

أما إذا كان استحقاق المبيع قد نشأ عن فعل الغير، فإن البائع يكون مسؤولاً عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق إذا كان سيئ النية عالماً بحق الغير متعمداً إخفاءه، إلا إذا أثبت البائع أن المشتري كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق، أو أنه اشترى على مسؤوليته، أي إنه اشترى ساقط الخيار. وهذا ما نصت عليه المادة (414/2) مدني سوري. (416/2 مدني مصري).

(4)ـ التزام البائع بضمان العيوب الخفية: لم يعرف القانون المدني السوري العيب الذي يرتب عليه الضمان تعريفاً صريحاً، إلا أن المادة (415) مدني سوري، (447 مدني مصري) قد ذكرت خصائصه إذ قالت:

"1ـ يكون البائع ملزماً بالضمان إذا لم يتوافر في المبيع وقت التسليم الصفات التي كفل للمشتري وجودها فيه، أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته، أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة، مستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء أو الغرض الذي أعد له".

 

بالاستناد إلى المادة السابقة عرّف رجال القانون العيب فقالوا: "العيب حالة يخلو عنها المبيع عادة، وينقص وجودها من قيمته أو نفعه". فالعيب الذي يوجب الضمان يجب أن يؤدي استناداً إلى التعريف السابق، إلى نقص في قيمة المبيع، أو نقص في النفع منه.

والبائع ملزم بضمان العيب من دون أن يشترط ذلك في العقد، وهنا لا بد من وجوب التمييز بين العيب والرداءة: فالرداءة من الأوصاف الدنيا للشيء، ولكنها ليست عيباً بالمعنى القانوني، فالقمح الرديء ليس عيباً لأنه من صنف رديء، وكذلك الزيتون ذو البزرة الكبيرة لا يعد معيباً، بل يعد رديئاً لفوات الوصف الجيد فيه، أما إذا كان القمح قد داخله السوس، أو الزيتون قد نخرته دودة الزيتون، فيكون ذلك من قبيل العيب الذي لا تقبله الفطرة السليمة.

شروط العيب الذي يضمنه البائع: يشترط في العيب الذي يتناوله ضمان البائع الشروط التالية:

ـ أن يكون العيب مؤثراً: يكون العيب مؤثراً إذا وقع على الشيء المبيع على نحو ينقص من قيمة الشيء أو ينقص من نفعه بحسب الغاية المقصودة من اقتنائه، وقد يكون العيب مما ينقص من قيمة المبيع دون أن ينقص من الانتفاع به، وقد ينقص من الانتفاع به دون أن ينقص من قيمته، وسواء كان العيب ينقص من قيمة المبيع أو ينقص من المنفعة به، ويؤدي هذا العيب إلى تفويت المنافع المقصودة لدى المشتري، جاز للمشتري الرجوع على البائع بضمان العيب. فمهما كان العيب، إذا كان يخل بأية منفعة مقصودة للمشتري إخلالاً محسوساً أو من منفعة مستفادة مما جاء في العقد أو من طبيعة الشيء، جاز للمشتري الرجوع على البائع بضمان العيب. وهو ما نصت عليه المادة (415) مدني سوري.

ـ أن يكون العيب قديماً، أي أن يكون العيب حاصلاً في المبيع قبل البيع عند البائع قبل التسليم. فإذا حصل العيب عند المشتري بعد التسليم فلا يسأل عنه البائع إلا إذا كفل البائع المبيع مدة من الزمن حدث خلالها الخلل في المبيع، كان البائع مسؤولاً عن العيب. عندئذٍ يجب على المشتري أن ينذر البائع خلال شهر من ظهور العيب وأن يرفع الدعوى على البائع خلال ستة أشهر من تاريخ الإنذار، وإلا سقط حق المشتري في الضمان ما لم يتفق المتبايعان على خلاف ذلك، فقد نصت المادة (423) مدني سوري، (455 مدني مصري) على ما يلي:

"إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل في المبيع، فعلى المشتري أن يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من ظهوره، وأن يرفع الدعوى في مدة ستة شهور من هذا الإخطار، وإلا سقط حقه في الضمان، كل ذلك ما لم يتفق على غيره".

بيد أن المشرع قد أغفل حالة استدركها المشرع الأردني، وهي ما لو حدث عيب في المبيع عند المشتري بعد التسليم ناشئ عند البائع، كما لو اشترى شخص من آخر سيارة مستعملة كان بائعها يستعمل في محركها زيتاً رديئاً، فظهر عيب المحرك بعد البيع، وبعد القبض. عدّ المشرع الأردني العيب من قبيل العيب القديم الذي يسأل عنه البائع وهو ما قضت به الفقرة الثالثة من المادة (513/3) مدني أردني إذ قالت: "يعتبر العيب الحادث عند المشتري بحكم القديم، إذا كان مستنداً إلى سبب قديم موجود في المبيع عند البائع". كان البائع في هذه الحالة مسؤولاً بضمان العيب.

ـ أن يكون العيب خفياً: العيب إما أن يكون ظاهراً فيكون اكتشافه سهلاً بالفحص العادي من قبل الشخص العادي فلا يضمنه البائع، وهو ما أشارت إليه المادة (415/2) مدني سوري (447/2 مدني مصري) إذ قالت:

"…لا يضمن البائع العيوب… التي يستطيع المشتري أن يتبينها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي". وإما أن يكون العيب خفياً موجوداً وقت التسليم، فلو كان الشيء المبيع معيناً بالنوع يتطلب الإفراز من أجل التسليم، وتراخى التسليم عن وقت الإفراز، وحدث عيب بالمبيع خلال ذلك، كان البائع مسؤولاً بالضمان لو أكد للمشتري خلو المبيع من العيب، أو تعمد إخفاءه عنه غشاً به. فاكتشاف العيب بعد ذلك يلزم البائع بالضمان، وعليه أن يتحمل مسؤولية كذبه، ومهما يكن من أمر فإن العيب الخفي الذي يوجب الضمان يجب أن يكون موجوداً وقت تسليم المبيع إلى المشتري ولو لم يكن موجوداً وقت انعقاد البيع.

وهنا تجب الإشارة إلى أن البائع يستطيع دفع المسؤولية عن نفسه بعدم ضمان العيب إذا أثبت أن العيب كان ظاهراً عند تسليم المبيع ورضي به المشتري، أو أن يثبت أن العيب كان ظاهراً باستطاعة المشتري تبينه بفحص الشخص العادي.

ـ أن يكون المشتري جاهلاً بعيب المبيع: فقد يكون المشتري عالماً بالعيب ومع ذلك أقدم على الشراء لكون العيب ليس جسيماً، فحق المشتري مقصور على طلب التعويض، فإذا كان العيب جسيماً لو كان المشتري على علم به لما أقدم على الشراء، كان المشتري مخيراً بين فسخ العقد والعودة إلى ما كان عليه قبل التعاقد، وإما أن يحتفظ بالمبيع ويطالب البائع بالتعويض عما فاته من كسب وما أصابه من خسارة. فحقوق المشتري هي التي تتفاوت فيكون له في بعضها فسخ العقد، وفي بعضها التعويض.

حالات يعفى فيها البائع من الضمان: يعفى البائع من ضمان العيب في البيوع القضائية أو الإدارية التي تجري بطريق المزايدة؛ لأن المشتري يعتبر مشترياً لها بالحالة الراهنة، كيفما كانت، تنص على ذلك المادة (422) مدني سوري (454 مدني مصري)، فتقول: "لا ضمان للعيب في البيوع القضائية ولا في البيوع الإدارية إذا كانت بالمزاد". كما أن البائع لا يضمن ما جرى العرف على التسامح به، المادة (416) مدني سوري (448 مدني مصري) التي جاء فيها: "لا يضمن البائع عيباً جرى العرف على التسامح فيه". كما يعفى من الضمان إذا كان المشتري يعلم بالعيب علماً كافياً واطلع على العيب بنفسه فعرفه وخبره ثم رضي به. إلا أن جهل البائع بالعيب لا يعفيه من الضمان حتى لو لم يكن عالماً بوجوده. فقد قضت العبارة الأخيرة من المادة (415/1) مدني سوري بما يلي: "… ويضمن البائع هذا العيب ولو لم يكن عالماً بوجوده".

الخصومة في ضمان عيوب البيع الخفية: رتب القانون المدني السوري إجراءات خاصة بدعوى ضمان عيوب البيع الخفية، فألزم المشتري أن ينذر البائع (أن يخطره) بالعيب في المبيع خلال أجل معقول من اكتشاف العيب، وأن يرفع دعوى ضمان العيب على البائع خلال سنة من قبض المبيع، وإلا سقط حقه في الضمان ما لم يقبل البائع بالتزام لمدة أطول، ولعل ذلك راجع إلى أهمية مبدأ استقرار التعامل، وحتى لا يبقى البائع مهدداً مصيره بفسخ البيع وزوال العقد. زد على ذلك أن طول الفترة لرفع الدعوى يضيع على المشتري قوة إثبات العيب، فقد جاء في المادة (417) مدني سوري (449 مدني مصري) ما يلي:

"1ـ إذا تسلم المشتري المبيع وجب عليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف في التعامل، فإذا كشف عيباً يضمنه البائع، وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة، فإن لم يفعل اعتبر قابلاً للمبيع.

أما إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ثم كشفه المشتري، وجب عليه أن يخطر به البائع بمجرد ظهوره، وإلا اعتبر قابلاً للمبيع بما فيه من العيب".

ويقع عبء إثبات الشروط الأربعة السابقة على عاتق المشتري، فهو الذي يجب عليه أن يُثبت وجود العيب قبل تسلّم المبيع، وهو الذي يجب عليه أن يثبت ما إذا كان العيب مؤثراً وأن يثبت خفاءه، فإذا أثبت المشتري ذلك، وجب على البائع أن يثبت أن المشتري كان عالماً بالعيب أو أنه أعلن عنه. أما تقدير هذه الوقائع فمتروك لتقدير القاضي ولا رقابة لمحكمة النقض عليه لأنها من مسائل الواقع لا من مسائل القانون. فإذا أخطر المشتري البائع بالعيب في الوقت الملائم، كان له أن يرجع بالضمان على النحو المبين في المادة (412) مدني سوري (444 مدني مصري) التي تقضي، إذا كان العيب جسيماً، برجوع المشتري على البائع بقيمة المبيع وقيمة الثمار والمصروفات، وتعويض المشتري عما لحقه من خسارة وما فاته من ربح، على أن يرد المبيع وما أفاد منه إلى البائع، فإذا لم يكن العيب جسيماً، لا يكون أمام المشتري سوى المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر.

حكم هلاك المبيع المعيب: تنص المادة (419) مدني سوري، (451 مدني مصري) على ما يلي:

"تبقى دعوى الضمان ولو هلك المبيع بأي سبب". فإذا هلك بسبب العيب القديم، ولو كان ذلك بعد قبضه، ظل البائع ملزماً بالضمان كاملاً. فدعوى الضمان لا تتأثر بهلاك المبيع، غير أن المشتري لا يستطيع فسخ العقد لهلاك محله، بل يرجع إلى القواعد العامة. فإذا كان هلاك المبيع بسبب أجنبي لا يد للبائع فيه، انفسخ العقد، ولا يكون للمشتري لقاء العيب شيء، أما إذا كان الهلاك بفعل البائع، فيعد البائع مسترداً المبيع لأن المشتري سيختار الفسخ، وبه يعود المتعاقدان إلى ما كانا عليه قبل التعاقد. أما إذا كان الهلاك بفعل شخص أجنبي، كان الأجنبي مسؤولاً عن الهلاك تجاه البائع، أو تثبيت البيع وملاحقة الأجنبي بضمان قيمة المبيع المعيب، إضافة إلى التعويض عن الأضرار التي وقعت بالمشتري، فإذا كان الهلاك بفعل المشتري، فإن هلاك المبيع لا يسقط حقه في الضمان، ولكن إذا استحال رد المبيع  بفعله، فلا يكون للمشتري إلا المطالبة بالتعويض حتى لو كان العيب جسيماً.

الاتفاق على تعديل الأحكام القانونية للضمان: أحكام ضمان عيوب البيع الخفية ليست من النظام العام، لذلك يجوز الاتفاق على تعديلها تشديداً أو تعديلاً وإسقاطاً. فقد جاء في المادة (421) مدني سوري (453 مدني مصري) أنه: "يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيدا في الضمان أو أن ينقصا منه أو يسقطا هذا الضمان. على أن كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه يقع باطلاً إذا كان البائع قد تعمد إخفاء العيب في هذا المبيع غشاً منه". ولم يستثن القانون إلا حالة واحدة، هي حالة البائع الغاش إذا تعمد إخفاء العيب، فهذا الغش يبطل شرط عدم الضمان أو إنقاصه، ولا قيد على الاتفاق على زيادة الضمان.

2ـ حقوق المشتري والتزاماته:

أ ـ حقوق المشتري: تنحصر حقوق المشتري في أمر واحد وهو تسلّم المبيع، وقد ورد ذكره في الحديث عن التسليم.

ب ـ التزامات المشتري: يلتزم المشتري بدفع الثمن للبائع، وهو العوض وقد يدفع المشتري الثمن معجلاً فور انعقاد العقد، وقد يتفق مع البائع على تقسيطه، وقد يدفع له عربوناً على أمل شراء المبيع. فالالتزام بدفع الثمن، يتعلق بإرادة المتعاقدين، ويرجع إلى اتفاقهما، فإن لم يكن زمان الدفع ومكانه مبينين في العقد، كان عرف البلد الذي وقع فيه البيع يحدد زمان ومكان دفع الثمن. فإن عرف هذا البلد هو الذي يؤخذ في الحسبان، فقد جاء في الفقرة الأولى من المادة (424) مدني سوري (456 مدني مصري) ما يلي: "يكون الثمن مستحق الوفاء في المكان الذي يسلم فيه المبيع، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك". كما جاء في الفقرة الثانية من المادة (424) مدني سوري ما يلي: "فإذا لم يكن الثمن مستحقاً وقت تسليم المبيع، وجب الوفاء في المكان الذي يوجد فيه موطن المشتري وقت استحقاق الثمن". فإذا كان الثمن معجلاً أو كان مقسطاً، ودفع المشتري القسط الأول، وجب على البائع أن يسلمه المبيع ما لم يتم الاتفاق بين المتبايعين على غير ذلك. فإذا كان المبيع مؤجل التسليم، فلا يكون المشتري ملزماً بدفع الثمن إلا عندما يتم تسليم المبيع في الوقت المحدد. فإذا تأخر المشتري عن دفع الثمن في موعده، وجب عليه أن يدفع للبائع الفوائد المترتبة على ذلك.

ويلتزم المشتري بنفقات عقد البيع من مصروفات ورسوم التسجيل وغيرها، كما يلتزم بنفقات تسلّم المبيع إلا إذا تم الاتفاق بين البائع والمشتري على خلاف ذلك.

وقد يقع شراء المبيع بالعربون، فما هو العربون وما هي أحكامه؟.

البيع بالعربون: أخذ المشرع السوري بفكرة العربون في المادة (104) مدني سوري، والعربون مبلغ يدفعه المشتري للبائع عند إبرام العقد، ويقصد به السماح لكل من المتعاقدين بالعدول عن التعاقد مقابل ترك مبلغ العربون أو أكثر، أو تأكيد البيع، "فاعتبار دفع العربون دليلاً على البتات". فإذا استنكف المشتري عن الشراء في الموعد المحدد خسر العربون الذي دفعه للبائع، وإذا امتنع البائع عن البيع رد العربون ومثله، أي رد ضعفيه، وهذا ما قضت به المادة (104) مدني سوري (103 مدني مصري) فقالت: "1ـ دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك. 2ـ فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه، رد ضعفه، هذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر". وهكذا فإن العربون يقوم بثلاث وظائف، وظيفتان يقصد بهما انعقاد العقد وضمان تنفيذه، والثالثة، أن يكون العربون وسيلة للعدول.

وقد يراد بالعربون أن يكون جزءاً من الثمن، فيقبضه البائع من المشتري لتأكيد انعقاد العقد وضمان جدية تنفيذه، فإذا نفذ العقد حسم البائع مبلغ العربون من الثمن الذي يستحقه، فإذا لم ينفذ العقد، عدّ العربون تعويضاً للبائع عن عدم التنفيذ. وقد يراد بالعربون أن يكون وسيلة لإثبات البيع، فإذا دفع المشتري العربون من دون أن ينعقد العقد، فإن المخالصة التي يقدمها البائع للمشتري يثبت بها المشتري العقد الذي بدأ في تنفيذه بدفع العربون، ثم إن المخالصة تعدّ إقراراً مكتوباً بوجود العقد. وقد يكون العربون وسيلة للعدول وهو ما نصت عليه المادة (104) سابقة الذكر. وعلى القاضي أن يرجع إلى الاتفاق ليعرف ما قصد إليه المتبايعان من العربون، فإذا تبين له أن المتبايعين قصدا تأكيد البيع، عدّ العربون جزءاً من الثمن وعدّ البيع باتاً لا عودة عنه، فإن لم يستطع معرفة طبيعة العربون، عدّ العربون ثمناً للعدول عن البيع وأَعَمَلَ المادة (104) مدني سوري السابقة الذكر. ويقول رجال القانون في هذا الصدد: إن البيع المقترن بعربون ثمناً لخيار العدول يعتبر بيعاً معلقاً على شرط موقف هو عدم استعمال خيار العدول خلال المدة. أما إذا تبين أن العربون هو جزء من الثمن كان البيع باتاً لا رجعة فيه.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد الحجي الكردي، بحوث في الفقه الإسلامي (مديرية الكتب الجامعية، 1977).

ـ جاك يوسف الحكيم، العقود الشائعة أو المسماة، عقد البيع (دمشق 1988).

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، العقود التي تقع على الملكية، المجلد الأول، البيع والمقايضة (مطابع دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة 1960).

ـ عبد الغني الغنيمي الدمشقي، اللباب في شرح الكتاب، حققه محمد عبد المجيد الحديث (ط4، بيروت 1979).

ـ عبد المنعم البدراوي، عقد البيع في القانون المدني (دار الكتاب العربي، ط1، القاهرة 1957).

ـ علي حيدر، شرح مجلة الأحكام الشرعية، ج1.

ـ محمد سعيد المحاسني، شرح مجلة الأحكام العدلية (عام 1927).

ـ محمد الزحيلي، القانون المدني المقارن بالفقه الإسلامي، العقود المسماة (مطبعة خالد بن الوليد، دمشق 1983).

ـ محمد يوسف الزعبي، شرح عقد البيع في القانون المدني الأردني (ط1، عمان 1993).

ـ محمود جلال حمزة، التبسيط في شرح القانون المدني الأردني ج4 (عمان 2005).

ـ محمود جلال حمزة، التبسيط في شرح القانون المدني الأردني، ج2 مصادر الالتزام (1996).

ـ مصطفى الجمال، البيع في القانون اللبناني والمصري (دار الجامعية، بيروت 1986).


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 402
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 525
الكل : 31251153
اليوم : 76310