logo

logo

logo

logo

logo

الضمان المصرفي (الكفالة المصرفية)

ضمان مصرفي (كفاله مصرفيه)

bank guarantee - garantie bancaire

 الضمان المصرفي (الكفالة المصرفية)

الضمان المصرفي (الكفالة المصرفية)

إيمان نابوش

ماهيّة الكفالة المصرفيّة

خصائص عقد الكفالة المصرفيّة

أوجه استخدام الكفالة المصرفية

نطاق الكفالة المصرفية

انقضاء عقد الكفالة المصرفية

 

أولاً ـ ماهيّة الكفالة المصرفيّة:

تعد الكفالة المصرفية Bank Guarantee من عمليات المصارف التي يطلق عليها التسهيلات المصرفية غير المباشرة. فالكفالة المصرفيّة تعد إحدى صور الضّمان المصرفي فهي أداة ائتمان يقدمها المصرف لكفالة عميله حيث يتعهّد بموجبها بالوفاء بدين العميل قبَل الغير إذا أخلّ الأخير بالالتزام الذي كفل المصرف تنفيذه، وبذلك يكون هناك ضم لذمّة الكفيل إلى ذمّة المكفول. والغاية من الكفالة المصرفية هي إفساح المجال أمام المعتمَد له أو العميل أن يزاول العمل الذي تعهد القيام به مقابل كفالة المصرف له من دون أن يضطر إلى دفع المبالغ التي يُطلب إليه دفعها ضماناً لتنفيذ تعهداته.

إنّ تقديم المصرف للكفالة المصرفيّة يوفّر الائتمان والثقة للعميل من دون أن يخرج من خزائنه أي نقود عند توقيع عقد الكفالة وذلك بمجرّد منح توقيعه الذي يتعهد بموجبه بأن يدفع قيمة الكفالة مستقبلاً إذا أخل عميله المكفول بالالتزام الذي كفل المصرف تنفيذه. وقد تشترط بعض المصارف لإصدار الكفالة المصرفيّة أن يقدّم المدين المكفول ضمانات كتقديم نقود أو رهن عقاري على مال يملكه المدين أو رهن حيازي على مستندات يقدمها المدين للمصرف الكفيل أو أي ضمانة أخرى يتطلبها المصرف.

ويخضع عقد الكفالة كغيره من العقود للقواعد العامة حيث يشترط لانعقاده توافر الأهلية والرضا والمحل والسبب المشروع وخلو الإرادة من العيوب. ويحق لطرفي العقد أن يضمّنا عقدهما أي شروط بشرط عدم مخالفتها للنظام العام والآداب العامة. وقد لجأت المصارف إلى اعتماد نماذج تتضمن شروطاً مطبوعة مسبقاً لا ينقصها سوى تعبئة الفراغات. أما بالنسبة إلى البيانات التي قد تتضمنها الكفالة المصرفيّة فهي اسم المصرف الكفيل واسم المستفيد، الدائرة التي تُقدّم الكفالة لمصلحتها، اسم المكفول، تصريح من المصرف بتقديم نفسه كفيلاً متضامناً، الغرض من الكفالة، مبلغ الكفالة وأي شروط أخرى بحسب كلّ حالة.

هذا وقد يترتب على المصرف نتيجة إصداره للكفالة المصرفيّة دفع المبلغ المكفول بموجبها للمستفيد منها، وفي هذه الحالة له أن يرجع على المدين بما كفله لا بما أدّاه. فإذا أدى المصرف إلى الدائن شيئاً غير الدين فليس له أن يرجع بهذا الشيء على المدين بل يرجع عليه بما كفله به. أما إذا تمت مصالحة بين الدائن والمصرف الكفيل على أن يدفع جزءاً من الدين فليس للأخير أن يرجع على المدين بأكثر من هذا الجزء الذي تمت المصالحة عليه. يتفرع عن حق الرجوع دعويان، الأولى دعوى شخصية تستند إلى أحكام القانون المدني وبمقتضاها يرجع الكفيل على المدين بأصل الدين إضافة إلى حقه بالمطالبة بالفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه ابتداء من يوم الدفع، والمصاريف التي قد يتكبّدها نتيجة الكفالة المصرفيّة. على أنه في الأخيرة لا يرجع إلا بالذي دفعه وقت إخباره المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده (المادة 766 من القانون المدني). أما الدعوى الثانية المتفرعة من حق الرجوع فهي دعوى الحلول وهي الدعوى التي تخوّل المصرف الكفيل الذي دفع الدين أن يحل محل الدائن في حقوقه تجاه المدين حيث يتمتّع بجميع الضمانات التي كانت من حق الدائن ويكون له ما كان لهذا الحق من خصائص، وما يلحقه من توابع وما يكفله من تأمينات، وما يرد عليه من دفوع (المادة 328 من القانون المدني). كذلك يلتزم الدائن بأن يسلم للكفيل ـ وقت وفائه الدين ـ المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع (المادة 753 من القانون المدني). تجدر الإشارة إلى أنّه لا يمكن للمصرف أن يتمسك بدعوى الحلول في حالة الوفاء الجزئي للدين.

ثانياً ـ خصائص عقد الكفالة المصرفيّة:

تتميز الكفالة المصرفية بخصائص تظهر من خلال طبيعة عقد الكفالة وما يترتب على ذلك من آثار. يمكن تحري هذه الخصائص من تعريف عقد الكفالة المصرفية، وهذه الخصائص هي:

1ـ الرضائية في عقد الكفالة المصرفية: الكفالة المصرفيّة هي عقد رضائي ينعقد ويُنفّذ بتراضي الكفيل (المصرف) ودائن عميله. ويُشترط في عقد الكفالة المصرفية أن تكون رضائيّة المصرف واضحة وصريحة بعيدة عن أي لبس أو إبهام حول نيّة تحمّل الالتزام. وبالتالي فإنّ كتاب التزكية الذي يصدره المصرف لمصلحة أحد عملائه يوصي فيه بأن الأخير موثوق فيه ويبادر إلى تنفيذ التزاماته في مواعيدها لا يقوم مقام الكفالة المصرفيّة ولا يعبّر عن رغبة المصرف بكفالة العميل. كذلك لا يعدّ المصرف كفيلاً إذا أعطى معلومات عن ملاءة أحد عملائه.

2ـ عقد الكفالة المصرفية من عقود المعاوضة: تعدّ الكفالة المصرفيّة من عقود المعاوضة حيث يتقاضى المصرف بموجب عقد الكفالة المصرفيّة التي يقدمها لعميله عمولة معيّنة هي عمولة الكفالة تُدفع من قبل العميل لا الدائن بحيث تناسب عادة مبلغ الكفالة ومدتها ومقدار الخطر المرتبط بها.

3ـ الكفالة المصرفية عقد ملزم لجانب واحد: يعد عقد الكفالة المصرفيّة عقداً ملزماً لجانب واحد هو المصرف الكفيل الذي يلتزم أمام الدّائن بالالتزام المكفول. فالمصرف الكفيل يتحمّل بمفرده الالتزام الذي ينشئه هذا العقد. وإذا تلقى المصرف عوضاً مقابل كفالته لعميله فإن هذا العوض يتلقاه من عميله لا من دائن هذا العميل.

4ـ عقد الكفالة المصرفية هو عقد تابع: الكفالة المصرفية هي عقد ينشئ التزاماً بين الكفيل ودائن عميله، ولكن وجود هذا الالتزام يفترض وجود التزام أصلي بين العميل (المدين) ودائنه بحيث يرتبط التزام الكفيل بالالتزام الأصلي وجوداً وعدماً. بما أن عقد الكفالة المصرفية هو عقد تابع لعقد أصلي فإن عقد الكفالة المصرفية لا يكون صحيحاً إلا إذا كان الالتزام المكفول صحيحاً سواء أكان مبلغاً من النقود أم عملاً أم امتناعاً عن عمل (المادة 742 من القانون المدني). وبناء عليه فإن كفالة الالتزامات الباطلة باطلة ويجوز للكفيل كما للمدين أن يدفع بهذا البطلان. كذلك يترتب على تبعية عقد الكفالة المصرفية أن المصرف لا يضمن أكثر من الدين المكفول، فهو لا يأتي بأكثر من الالتزام الأصلي ولا بشروط أشد منه. ولا يضمن المصرف أكثر مما ورد في شروط العقد.

إلا أن تبعية عقد الكفالة لا ينزع عنه الصفة الاستقلالية التي يمتاز بها التزام المصرف من الالتزام الأصلي الذي يأتي من اختلاف أطراف كلّ من هذين الالتزامين. ويترتب على خاصيّة التبعية في الكفالة المصرفية أن الالتزام الناجم عنها لا يكون صحيحاً إلا إذا كان الالتزام الأصلي صحيحاً، وأنّ المصرف الكفيل لا يضمن أكثر من الدين المكفول وأنّ مصير التزام الكفيل يتبع مصير التزام المدين المكفول من حيث سريان التقادم والانقضاء.

(1) ـ تجارية عقد الكفالة المصرفية: تعدّ الكفالة المصرفية (بخلاف الأصل في الكفالة عموماً) عملاً تجارياً بحكم ماهيتها الذاتية بحسب أحكام المادة 6(د) من قانون التجارة رقم /33/ لعام 2007 وذلك بالنسبة إلى المصرف بوصفها من العمليات المصرفية. أمّا بالنسبة إلى المستفيد من الكفالة المصرفيّة فتجاريّة هذا العقد تعتمد على صفته الشخصيّة وطبيعة العمليّة التي تمّت الكفالة لمصلحتها.

(2) ـ الاعتبار الشخصي في عقد الكفالة المصرفية: تقوم الكفالة المصرفيّة على الاعتبار الشخصي للعميل الذي عقدت الكفالة من أجله بين المصرف والمستفيد من الكفالة، وبذلك تغطي الكفالة شخصاً معيّناً بذاته لا ديناً بذاته.

(3) ـ التضامن بين المصرف الكفيل والعميل: تخضع الكفالة المصرفيّة لقواعد القانون المدني المتعلقة بالكفالة مع مراعاة صفتها التجارية. ومن ذلك أن الكفالة المصرفيّة تكون تضامنيّة عملاً بقاعدة افتراض التضامن في المواد التجارية مما يستتبع عدم إمكانية المصرف الدفع بالتجريد والدفع بالتقسيم. إلا أن وجود سمة التضامن بين الكفيل والعميل في مواجهة الدائن لا يخرج الكفالة المصرفيّة عن طابعها التبعي لأن الكفيل يحتفظ بحقوقه التي منها الرجوع على العميل بما وفّاه في حالة وفائه لمبلغ الكفالة.

ثالثاً ـ أوجه استخدام الكفالة المصرفية:

 تبعاً لشيوع الكفالة المصرفيّة بوصفها صورة من صور الائتمان والثقة ومن أجل الضمانات التي تعطيها، فإن أوجه استخدامها متعددة بحيث يمكن أن تستخدم في كل المجالات الاقتصادية. ومن الأوجه الشائعة لاستخدام الكفالات المصرفيّة:

الكفالات المصرفية التي يتم بموجبها توقيع المصرف على ورقة تجارية بوصفه ضامناً احتياطياً، أو تقديم الضمان الاحتياطي بمقتضى ورقة مستقلة من أجل ضمان عدّة أوراق ماليّة دفعة واحدة.

الكفالات الجمركية المقدّمة لمصلحة دائرة الجمارك لضمان وفاء المستوردين بالرسوم والضّرائب الجمركية المترتبة عليهم، أو الحصول على موافقة بالإعفاء منها أو تنزيل قيمتها.

الكفالات المصرفية التي تقدم إلى دائرة الجمارك والتي تضمن تقديم مستندات معيّنة كشهادة منشأ عن البضاعة المستوردة، أو تلك الكفالات التي تضمن حسن تنفيذ شروط معيّنة حددتها دائرة الجمارك.

الكفالات المصرفية المقدّمة لضمان وفاء أصحاب البضائع المشحونة عما قد يصيب هذه البضائع من أضرار أو خسائر.

الكفالة المصرفيّة التي تُقدّم من أجل رفع الحجز التحفّظي عن السّفن.

الكفالات القضائية التي تأمر بها المحكمة والتي تقدم لوقف تنفيذ الحكم أو لوضع الحجز التحفّظي أو لرفع الحجز التحفّظي أو منع السفر.

الكفالات المصرفية في مجال العطاءات حيث تقدم هذه الكفالات في العقود المبرمة مع هيئات الدولة من عقود بيع أو توريد أو أشغال عامة إمّا لضمان تسديد الدفعة الأولى وإما لضمان السلفة المدفوعة للعميل المكفول من قبَل الجهة المستفيدة ليتمكن من تنفيذ أعماله بحسب بنود العقد الموقع بينهما وشروطه، وإما لضمان تنفيذ الالتزامات في حالة إحالة العطاء على المكفول، وهذا النوع من الكفالة يسمى الكفالة النهائيّة.

الكفالات المؤقتة وهي التي تصدر للدخول في المناقصات بحيث تحل محلّ التأمين النقدي الذي يُطلب من المتعهدين بقصد إبعاد المتعهدين غير الجديين، وكذلك لضمان عدم تخلّي المشارك عن العرض الذي تقدم به إذا أُحيلت عليه المزايدة بسبب تغيّر الأسعار أو لأي سبب آخر.

الكفالات الدائمة أو ما يسمى في بعض الحالات كفالات حسن التنفيذ وهي التي تضمن التعويض عن ضرر الأخطار التي تحدث نتيجة تخلّي المكفول عن إتمام التزاماته أو في حالة الوفاء بهذه الالتزامات بصورة تخالف شروط العقد. وتمتد الكفالة الدائمة طوال فترة التزام المكفول إلا أن المصرف قد يشترط أن تكون هذه الكفالة محدودة بأجل معين يُصار إلى تجديده بنهاية هذا الأجل بإرادة المصرف، وهو بذلك يتفادى مخاطر إفلاس العميل أو إخلاله بالشروط.

10ـ الكفالات الخارجية وهي تلك التي تصدر لمصلحة مستفيد غير مقيم في البلد الذي يمارس فيه المصرف مُصدر الكفالة عمله أو بناء على طلب عميل غير مقيم. وتكون الكفالة أجنبية إذا أصدرها أحد المصارف الوطنية بناء على طلب مصرف أجنبي أو أحد فروع المصرف الوطني أو الأجنبي في الخارج لمصلحة مستفيد مقيم أو غير مقيم. ويقوم هذا النوع من الكفالات على أساس التعاون والتعامل بالمثل بين المصارف ومن أجل الحصول على عمولة.  

وفي معرض الحديث عن صور الكفالة المصرفية لابد من تمييزها من خطاب الضمان نظراً لما قد يحدث من خلط بينهما. خطابات الضّمان (التي أنشأها العرف التجاري) صكوك مصرفيّة ذات طابع خاص، تصدر عن المصرف بناء على طلب عميله حيث يتعهّد فيها المصرف على نحو مستقل عن العميل بدفع مبلغ معين من النقود بمجرد أن يطلب المستفيد ذلك من المصرف خلال المدة المحددة في الخطاب من دون توقف على أي شرط وعلى الرغم من أي معارضة يبديها العميل المضمون. ولا يغيّر من كون الخطاب غير مشروط أن تتم الإشارة فيه إلى العقد المبرم بين عميل المصرف والمستفيد من الخطاب. ويرتب خطاب الضمان على المصرف التزاماً بدفع المبلغ إلى المستفيد من دون مناقشة ومن دون المطالبة بتجريد المدين إذ لا يملك المصرف الامتناع عن الوفاء بقيمة خطاب الضّمان لسبب يرجع إلى علاقته مع العميل ولا أن يثير دفوعاً في مواجهة المستفيد تتصل بعلاقته مع العميل. كما أن الدور الذي تقوم به خطابات الضمان دور مهم في الحياة الاقتصادية حيث تحل محل التأمين النقدي فهي تنزل منزلة النقود، مما يمكن العميل من الاحتفاظ بنقوده تحت يده بدلاً من تجميدها وديعة لدى المستفيد. وبذلك فإن خطاب الضمان بخلاف الكفالة المصرفية هو وسيلة ضمان وليس أداة ائتمان. كذلك يتميز خطاب الضمان أن التزام المصرف ينشأ بمجرد إصداره ووصوله إلى المستفيد إضافة إلى أنّ التزام المصرف يكون التزاماً أصيلاً قبَل المستفيد لا بصفة كونه نائباً عن العميل. وبذلك يكون التزام المصرف في خطاب الضّمان أكبر منه في الكفالة المصرفيّة إضافة إلى كونه التزاماً أصليّاً مستقلاً عن أي علاقة سابقة في الأوّل والتزاماً تابعاً في الأخيرة. أيضاً في خطاب الضمان لا يلتزم المصرف مصدر الخطاب بإخطار عميله بعزمه على الوفاء بقيمة خطاب الضمان على النقيض من الكفالة المصرفية التي يلتزم على أساس من شروطها بوجوب إخطار المدين بأنه سيدفع قيمة الكفالة.

على أن هناك خطابات ضمان مشروطة يكون فيها التزام المصرف بدفع قيمتها معلّقاً على تحقق شروط معينة تجعله تابعاً لالتزام العميل المضمون تجاه المستفيد ومرتبطاً بالعقد الذي كان سبباً في إصدار خطاب الضّمان. وفي الحالة الأخيرة يقوم الخطاب بوظيفة الكفالة المصرفيّة وتسري عليه أحكامها.

رابعاً ـ نطاق الكفالة المصرفية:

نطاق الكفالة المصرفيّة هو المجال الذي تقوم به الكفالة بدور كبير من حيث مساهمتها في التنمية الاقتصادية. فالمدين قد يجد نفسه أمام صعوبات مالية لا يمكن تخطّيها إلا عن طريق الكفالة المصرفيّة. فالكفالة المصرفيّة تؤدي إلى تخفيف العبء عن كاهل العميل. وبناء عليه قد يمنح المصرف الكفالة لعميله ليمكنّه من الحصول على إعفاء أو تمديد الأجل لسداد رسوم أو ضرائب حكوميّة، أو من أجل السماح له بقبض فوري لمبالغ أو دفعات على الحساب، أو من أجل تجنيبه دفع كفالة نقديّة أو أوراق ماليّة ضماناً لعمل التزم به. وقد تكون الكفالة المصرفيّة محدودة إذا وردت صيغتها على نحو يحدّد ضمان الالتزام بمبلغ معيّن، وهذه الكفالة لا تضمن فوائد الدين إلا إذا اُشترط على ذلك صراحة. أو أن تكون الكفالة غير محدودة وهي تلك التي يكون التزام الكفيل فيها من دون شرط أو تحديد بحيث يمتد التزامه إلى أصل الدَّين وفوائده والتعويض عن الضّرر الناجم عن عدم التنفيذ.

 خامساً ـ انقضاء عقد الكفالة المصرفية:

انقضاء عقد الكفالة المصرفيّة يعني زوال آثاره أي زوال الالتزامات التي أنشأها. وهنالك عدة أسباب لانقضاء هذا العقد، وهي:

1ـ الوفاء بالالتزام: إن قيام المدين أو الكفيل بوفاء الالتزام المكفول يؤدي إلى انقضاء الكفالة المصرفيّة. كما أن قيام المدين بوفاء الالتزام المكفول وفاءً كاملاً يؤدي إلى انقضاء الكفالة المصرفية، وللمصرف الكفيل في هذه الحالة التمسك بالدفوع التي تكون للمدين الأصلي (المادة 748 من القانون المدني). أمّا في حالة قيام المدين بالوفاء الجزئي للالتزام فالمبدأ أن ينقضي من التزام الكفيل فقط بمقدار الجزء الذي تمّ الوفاء به.

2ـ الإبراء أو التنازل: قد تنقضي الكفالة المصرفيّة بالإبراء أو بتنازل الدائن عنها. فما يميّز الإبراء أنه شخصي بحيث لا يتعدى غير الكفيل الذي صدر لأجله. وقد يكون الإبراء صريحاً عندما يوجه إلى الكفيل بشكل خطي أو أن يكون ضمنياً كأن يتراخى الدائن في طلب تنفيذ الالتزام إلى ما بعد انتهاء الأجل المحدد للمطالبة في تنفيذ الالتزام حيث تنتهي الكفالة حكماً بتاريخ الاستحقاق. وإذا أبرأ الدائن المدين من الالتزام المكفول فإن ذلك يسري أيضاً على الكفيل.

3ـ اتّحاد الذّمة: إن اجتماع صفتي المدين والدائن في إحداهما يترتّب عليه انقضاء الدين المكفول، ومثال ذلك التزام المصرف الكفيل الذي كفل حسن تنفيذ عمل المتعهد من الباطن في مواجهة المقاول الأصلي، فإذا اتحدت ذمة المتعهد من الباطن مع ذمة المقاول الأصلي فإنّ الكفالة المصرفيّة تنقضي وكذلك الدَين. أما في حالة اتحاد ذمة الكفيل بالمدين أو بالدائن فإن الالتزام الأصلي لا ينقضي بانقضاء عقد الكفالة بل يبقى هذا الالتزام ويتعين الوفاء به.

4ـ المقاصّة: تنقضي كفالة المصرف تجاه المستفيد إذا أصبح المدين الأصلي دائناً للدائن (المستفيد) على نحو تتحقق فيه إمكانية إجراء المقاصّة بين الدَينين. أما إذا أصبح الكفيل دائناً للمستفيد فليس له أن يتمسك بانقضاء الكفالة بالمقاصة. وكذلك الحال بالنسبة إلى المدين إذ لا يمكنه التذرع بالمقاصة في مواجهة دائنه على أساس أن الأخير مدين لكفيله.

5ـ التقادم: إن تقادم حق الادعاء بالدَين الأصلي يستتبع عدم سماع الدعوى في مواجهة المصرف الكفيل لكون التزامه الناشئ من عقد الكفالة المصرفيّة هو عقداً تابعاً لالتزام المدين بالدَين الأصلي.

6ـ الإخلال في التنفيذ: إنّ إخلال الدائن في تنفيذ التزامه كأن يتراخى في تنفيذ بعض الشروط قد يكون سبباً في انقضاء الكفالة المصرفيّة. ويتحقق الإخلال بالتنفيذ بتخلف الدائن عن تنفيذ التزامه أو بارتكابه لخطأ في التنفيذ. ويثبت الخطأ في جانب الدائن إذا قصر في تنفيذ التزامه الذي كان سبباً لنشوء التزام المصرف الكفيل.

7ـ فسخ العقد: الفسخ هو إنهاء للعقد قبل انتهاء مدته يمارسه أحد أطرافه إذا أخل الآخر بالتزام أوجبه هذا العقد. ويترتب على الفسخ عودة المتعاقدين إلى ما كانا عليه قبل التعاقد. و فسخ عقد الكفالة المصرفيّة نادر الحدوث إلا أن حدوثه متوقع في حال تم فسخ العقد الأصلي لكون الأوّل تابعاً للأخير.  

8ـ الاتفاق أو المصالحة: قد ينقضي عقد الكفالة المصرفيّة باتفاق أطرافه على ذلك من دون أن يتم تنفيذ العقد الأصلي بين الدائن المستفيد والمدين. وقد تنتهي الكفالة المصرفيّة كذلك إذا تمّ إجراء مصالحة بين الدائن المستفيد والمصرف الكفيل والمدين بحيث تنقضي علاقة الدائن بالمدين كما تنقضي علاقة المصرف الكفيل بالدائن ويحلُّ عقد المصالحة محل عقد الكفالة. وبذلك يشبه عقد المصالحة الإبراء من حيث إن الالتزام بالكفالة المصرفيّة ينقضي بكليهما ويختلف عنه بأن الإبراء يتم بإرادة منفردة في حين أن المصالحة هي عقد لابدّ فيه من التقاء إرادة الأطراف كافة على الالتزام بشروط هذا العقد. والجدير بالذكر أن عقد المصالحة الذي يتم بين المدين والدائن عملاً بمبدأ نسبية أثر العقد لا تنصرف آثاره إلى الكفيل ما لم يرتب هذا العقد أثراً يؤدي إلى إنهاء عقد الكفالة أيضاً. ومثال ذلك أن يرتب الصلح إبرام عقد جديد بمبلغ أكثر من المبلغ المحدد في العقد الأصلي الأول.

9ـ الإحالة: إن نقل الكفيل التزامه الناشئ من عقد الكفالة المصرفيّة إلى شخص آخر على نحو يلتزم فيه الأخير بالوفاء به بدلاً عن الأوّل بشرط رضاء المحال له والمحال إليه يؤدي إلى انتهاء الكفالة و إبراء ذمة الكفيل، وكذلك انقضاء الالتزامات التي أنشأتها الكفالة على أساس من عقد الإحالة. وبموجب هذه الإحالة فإن ذمة المكفول تبرأ مع ذمة الكفيل في حدود ما أحيل به إلا إذا اُشترط على براءة ذمة الكفيل وحده بموجب عقد الإحالة.

10ـ التجديد: وهو الاستبدال بالالتزام القديم الناشئ من الكفالة المصرفيّة التزاماً جديداً لهذه الكفالة على نحو يصبح فيه الالتزام القديم الذي أُنشئ بموجب عقد الكفالة المصرفيّة منتهياً بانتهاء مدته ويُستبدل به غيره ليحلّ محلّه. وبذلك فإن التجديد يختلف عن الإحالة في أنه يستلزم انقضاء الالتزام القديم بموجب عقد الكفالة ونشوء التزام جديد مكانه وبشروط جديدة على نحو يصبح الالتزام الذي أنشأه عقد الكفالة المصرفية منتهياً بانتهاء مدته ويستبدل به غيره ليحل محله. وقد يتم تجديد الالتزام إما بتغيير الدَين باتفاق الأطراف وإما بتغيير المدين وذلك بقبول شخص ما بالحلول محلّ المدين، أو بتغيير الدائن بالاتفاق بين الدائن والمدين وشخص ما بأن يحلّ الأخير محل الدائن.

11ـ انتهاء المدّة أو انقضاء العمليّة محل الكفالة المصرفيّة: إنّ التزام المصرف الكفيل في الكفالة المصرفيّة مؤقتة المدة ينقضي بانتهاء هذه المدّة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الكفالة المصرفيّة المرتبطة بعمليّة معيّنة فإنها تنقضي بانتهاء هذه العمليّة، كأن تُقدّم الكفالة المصرفيّة للاشتراك في مناقصة فإنها تنقضي بانتهاء مبررها أي بانتهاء المناقصة، ولا يكلّف المصرف بدفع مبلغها إلا في حالة امتناع مقدّم الكفالة بعد رُسُوّ المناقصة عليه عن توقيع العقد أو عن تقديم الضّمانات النهائيّة خلال المدّة المحدّدة لذلك.

12ـ التغيّر الطارئ على الكفيل أو المكفول: إن إفلاس المصرف الكفيل و اندماجه و تصفيته وكل ما يؤدي إلى انقضاء الشخصية الاعتبارية للكفيل يؤدي إلى انقضاء التزامه في الكفالة المصرفيّة. وعليه فإن إفلاس الكفيل يؤدي إلى انضمام التزامه بموجب عقد الكفالة المصرفية إلى جملة الالتزامات الأخرى ويدخل في تفليسته. إلاّ أن تغيّر الشكل القانوني للمصرف الكفيل لا يؤدي إلى انقضاء الكفالة المصرفيّة. مثلاً اندماج شركة الكفيل في شركة أخرى أو اندماجهما في شخصيّة اعتباريّة جديدة لا يؤدي إلى انقضاء الكفالة المصرفيّة المقدّمة من الشركة قبل اندماجها إذ تنتقل الالتزامات السابقة المترتبة عليها إلى الشركة الدامجة أو تلك الناشئة من الاندماج. كذلك فإن وفاة الكفيل لا تؤدي إلى انقضاء الكفالة حيث تنتقل الالتزامات المترتبة عليه إلى الورثة، ومثال ذلك فسخ الشركة أو المصرف. أما بالنسبة إلى التغير الطارئ على المكفول فمثاله أن تُفسخ الشركة التي حصلت على كفالة مصرفية فإن الأثر المترتب على ذلك هو حلول آجال ديونها مما يعني أن المصرف الكفيل يصبح مسؤولاً عن تنفيذ التزامه بموجب الكفالة المصرفية ولو لم يحل أجله.

13ـ تأخر الدائن في اتخاذ الإجراءات القانونية: في حالة مماطلة الدائن (المستفيد في عقد الكفالة المصرفيّة) في اتّخاذ الإجراءات القانونية للمطالبة بدينه من مدينه (المكفول بموجب عقد الكفالة) يسقط حقّه في مطالبة المصرف الكفيل بتنفيذ عقد الكفالة المبرم بينهما وذلك تبعاً لعلاقة التبعيّة بين الكفالة المصرفيّة والالتزام الأصلي بين الدائن والمدين.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ مصطفى كمال طه، العقود التجارية وعمليات البنوك (دراسة مقارنة) (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2006).

ـ مصطفى كمال طه وعلي البارودي، القانون التجاري (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2001).

ـ محمود الكيلاني، الموسوعة التجارية والمصرفية (المجلّد الرابع ـ عمليات البنوك ـ دراسة مقارنة) (دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان 2008).

ـ هشام فرعون، القانون التجاري البري، ج2 (منشورات جامعة حلب، 1985).


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الرابع: الرضاع ــ الضمان المصرفي
رقم الصفحة ضمن المجلد : 584
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 522
الكل : 31280637
اليوم : 28825