logo

logo

logo

logo

logo

السفينة

سفينه

ship - navire

 السفينة

السفينة

محمد سامر عاشور

مفهوم السفينة جنسية السفينة
أنواع السفن تسجيل السفينة
بناء السفينة وملكيتها الملكية الشائعة للسفينة (الشيوع البحري)
 شخصية السفينة حقوق الامتياز على السفينة
   

أولاً ـ مفهوم السفينة:

بصدور قانون التجارة البحرية الجديد رقم 46 لعام 2006 تولت المادة الأولى في فقرتها التاسعة تعريف السفينة بأنها: «كـل منشأة عائمة ذاتية الدفع صالحة للملاحة البحرية، وتعد ملحقات السفينة اللازمة لاستغلالها جزءاً منها».

والعبرة وفقاً للتعريف السابق من عدِّ المنشأة العائمة سفينةً هي كونها ذاتية الدفع وتخصيصها، المعتاد للملاحة البحرية، إلا أن تخصيص المنشأة على النحو المتقدم يفترض أن تكون هذه المنشأة بهيئتها ومواصفاتها صالحة للملاحة البحرية، فلا يستقيم بداهة القول بتخصيص المنشأة للملاحة البحرية إذا كانت غير صالحة لمزاولتها، إذ لا بد حتى يسبغ وصف السفينة على المنشأة العائمة أن تكون صالحة للملاحة البحرية من جهة وأن تخصص بصفة معتادة للقيام بالملاحة البحرية من جهة أخرى. وبالعودة إلى التعريف يتبين أنه يحدد مفهوم السفينة بالعناصر الآتية:

العنصر الأول ـ السفينة منشأة:

استخدم المشرع في تحديد مفهوم السفينة لفظ منشأة، فهي بهذا المفهوم من صنع الإنسان، وعليه يُستبعد من مفهوم السفينة كل ما يمكن الاستعانة به من أشياء في الملاحة لا تكون من صنع الإنسان، كجذوع الشجر مثلاً. ولا أهمية لطريقة البناء ولأوصاف السفينة الشكلية وقدراتها وطرق تسييرها، سواء كانت شراعية أو تسير بقوة البخار أو تعمل بالطاقة الذرية، ولا تمييز أيضاً من حيث حمولتها بين السفينة الصغيرة والأخرى العملاقة..

العنصر الثاني ـ الصلاحية للملاحة البحرية وتخصيص المنشأة للملاحة البحرية:

إن القانون السوري، عندما نص على أن السفينة هي المنشأة التي تكون صالحة للملاحة البحرية، اعتمد معيار تخصيص السفينة للملاحة البحرية في تحديده مفهوم السفينة، والعبرة هي في التخصيص الفعلي للملاحة البحرية، وليس ضرورياً لاكتساب وصف السفينة أن تبدأ السفينة في الملاحة البحرية، وإنما يكفى أن تكون معدة ومخصصة للملاحة. وعليه فالمنشأة مكتملة الصنع تعد سفينة لمجرد تخصيصها للملاحة البحرية وإن لم تبدأ فيها بعد، كما يترتب على ذلك أن المنشأة قَيْدَ البناء لا تعد سفينة بعد وإن أمكن الإثبات من خلال رسوم البناء والوثائق الأخرى أن المنشأة مخصصة للملاحة البحرية بعد تمام صنعها. ومعيار التخصيص للملاحة البحرية أداة للتمييز بين السفينة والمركب، وتعديل وجه التخصيص يؤدى إلى زوال وصف السفينة عن المنشأة، فلو أنها كانت مخصصة للملاحة البحرية ثم خصصت بعد ذلك للملاحة الداخلية (النهرية) تحولت من سفينة إلى مركب مع كل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية. ولا بد أن تتوافر في المنشأة ـ لكي تكتسب وصف السفينة ـ قدرة ذاتية على الإبحار وعلى مواجهة المخاطر البحرية بوسائلها الخاصة لاعتبارها صالحة للملاحة، ولا يستساغ القول بصلاحية المنشأة للإبحار لمجرد قدرتها على الطفو على سطح الماء إذا لم تكن قادرة على الحركة والاتجاه فيه استقلالاً. ووصف السفينة يرتبط بشرط الصلاحية للملاحة وجوداً وعدماً، ويزول عن السفينة هذا الوصف إذا فقدت صلاحيتها للملاحة إثر حادث بحري مثلاً وأصبحت عندئذ حطاماً. وما دامت العبرة في التخصيص للملاحة البحرية فإن المنشآت الطافية على سطح البحر لا تعد سفناً، كالأرصفة والجسور العائمة والأحواض العائمة والمدارس العائمة والفنادق العائمة، ويستبعد من مفهوم السفينة المنشآت التي تسير في البحر وليست مخصصة للملاحة البحرية، بل تقدم خدمات داخل مرافق الملاحة البحرية، أي المواني، وذلك مثل الرافعات المائية والصنادل والكراكات والزوارق وقوارب الغطس، وكل منشأة توجد في البحر ولا تستخدم في الملاحة البحرية، وكذلك لا تعد الطائرات المائية hydravions من قبيل السفن؛ لأنها لا تستخدم سطح البحر إلا في عمليات الإقلاع والهبوط، أما الرحلة نفسها فتتم جواً لا في المياه البحرية.

العنصر الثالث ـ القيام بالملاحة البحرية على وجه الاعتياد:

إن نشاط المنشأة ليس ضرورياً أن يكون مقتصراً على الملاحة البحرية بل يكفى أن تقوم بتلك الملاحة على وجه الاعتياد، ومن ثم لا تعد سفناً المنشآت المخصصة للملاحة النهرية ولو قامت عرضاً برحلة بحرية، بل يبقى وصفها مركباً، ولا ينتفي عن المنشأة وصف السفينة إن قامت بصورة عارضة ببعض الرحلات النهرية. وإذا كانت المنشأة تقوم بملاحة مختلطة فالعبرة في وصفها هي نشاطها الغالب.

وقد نص قانون التجارة البحرية في المادة الأولى منه على أنه «تعد ملحقات السفينة اللازمة لاستغلالها جزءاً منها» أي إن الوصف القانوني للسفينة لا يقتصر على جسم السفينة أو هيكلها corps فحسب وإنما يشتمل على كل ما يلازم السفينة من أشياء منفصلة أو متصلة ويعد وجودها ضرورياً لملاحة السفينة واستغلالها، وهو ما يطلق عليه الفقهاء ملحقات السفينة، والتصرف الوارد على السفينة يشمل ملحقاتها دونما حاجة إلى ذكر خاص في العقد، ولكن يراعى لإعمال هذا الحكم أن تكون السفينة وملحقاتها مملوكة للشخص ذاته؛ مما يبرر وحدة الحكم القانوني. وللأطراف الاتفاق على استبعاد بعض الملحقات من نطاق التصرف، وهي تلك التي لا ينشأ من فصلها عن السفينة أن تفقد هذه السفينة وصفها. كما بينت المادة الثالثة من قانون التجارة البحرية الطبيعة القانونية للسفينة بأنها «مال منقول». إلا أنها ولو كانت مالاً منقولاً فهي لا تخضع لقاعدة (الحيازة في المنقول سند الحائز) لأن نقل ملكية السفينة يحتاج إلى إجراءات معينة نص عليها القانون. إضافة إلى أن السفينة في بعض الحالات تخرج عن أحكام المنقول، إذ يعامل القانون السفينة معاملة العقار من حيث الحقوق العينية التي تتصل بها، وضرورة شهر التصرفات القانونية التي ترد عليها بقيدها في سجل السفينة الخاص.

ثانياً ـ أنواع السفن:

تنقسم السفن من حيث غرض استخدامها إلى قسمين رئيسيين: السفن العامة والسفن الخاصة.

1ـ السفن العامة:

السفن العامة هي تلك السفن المستخدمة من قبل السلطات العامة في الدولة لأداء خدمات عامة، ولغير الأغراض التجارية. وتنقسم السفن العامة إلى قسمين: سفن حربية وسفن غير حربية.

والسفينة الحربية بمقتضى المادة 29 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982م هي (السفينة التابعة للقوات المسلحة لدولة ما وتحمل العلامات الخارجية المميزة للسفن الحربية التي لها جنسية هذه الدول وتكون تحت أمرة ضابط معين رسمياً من قبل حكومة تلك الدولة ويظهر اسمه في قائمة الخدمة المناسبة أو فيما يعادلها ويشغلها طاقم من الأشخاص خاضع لقواعد الانضباط في القوات المسلحة النظامية).

أما السفن العامة غير الحربية فهي السفن التي تملكها الدولة أو تستغلها فقط في أداء الخدمات الحكومية غير التجارية، ومن أمثلتها السفن المخصصة لنقل البريد وسفن المستشفيات وسفن الأرصاد والسفن المخصصة للبحث العلمي وسفن الجمارك.

وتتمتع السفن العامة بقسميها بوضع قانوني خاص يميزها من السفن الخاصة من حيث معاملتها في أعالي البحار، إذ تحيطها حصانة كاملة تجاه اختصاص أي دولة أخرى غير دولة العلم. كما تنفرد بأحكام خاصة في أثناء ممارستها لحق المرور البريء والمرور العابر في المناطق البحرية التي تمارس فيها هذه الحقوق (وقد نصت المادة الثانية من قانون التجارة البحرية رقم 46 على أنه: «فيما عدا الحالات التي ورد بشأنها نص خاص، لا تسـري أحكام هذا القانون على السفن الحربية والسفن التي تخصصها الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة لخدمة عامة ولأغراض غير تجارية»).

2ـ السفن الخاصة وما في حكمها:

السفن الخاصة هي السفن غير الحكومية والتي تستخدمها الهيئات والشركات والأفراد في أعمال تجارية. ووفقاً للتطورات الجديدة لقانون البحار، يندرج تحت هذا النوع من السفن، السفن الحكومية المستخدمة لأغراض تجارية، كما يندرج تحت هذا النوع من السفن أيضاً السفن التجارية وناقلات النفط والغاز بأنواعها وأحجامها المختلفة وسفن الصيد وسفن النزهة. ويختلف مركز السفينة التجارية عن السفينة الحربية من حيث البناء والتجهيز والطاقم والمهام التي توكل إلى كل منها، ويترتب علي ذلك كله اختلاف في المراكز القانونية، وفيما يتعلق بوضع السفينة الخاصة في أعالي البحار، اتفق الفقه والقضاء الدوليان على ضرورة أن توجد رابطة معينة بين هذه السفينة الخاصة والدولة التي تتبعها.

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك اشتراطات دولية في مجال بناء السفن وتجهيزها وتنظيمها وتشغيلها بالأفراد اللازمين، ففي مجال بناء السفن، هناك اشتراطات دولية يجب توافرها في المواد المستخدمة في البناء طبقاً للاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1960 وتعديلاتها، وفى مجال التجهيز هناك ما تفرضه اتفاقيات منع التلوث من السفن من ضرورة وجود أجهزة لفصل الزيوت عن المياه المستخدمة لاتزان السفن أو تلك المستخدمة في غسيل صهاريجها بحيث تضمن نقاء المياه الملقاة في البحر، وكذلك ما استحدثته الاتفاقيات الجديدة تجنباً لاستمرار بقاء مياه الاتزان مصدراً دائماً للتلوث؛ على الرغم من كل ما يتخذ حيالها من احتياطات بالمطالبة بإنشاء صهاريج منفصلة دائمة تستخدم للاتزان ولا تستخدم للشحن، أما عن التشغيل فتوجد العديد من الاشتراطات الدولية التي يُطلب توافرها في السفينة، منها ما يتعلق بسلامة المعدات لمقاومة الحريق ومنها ما يتعلق بسلامة معدات الإنقاذ، والتحقق من ذلك يكون عادة لدولة علم السفينة، كما يكون وفقاً للأحكام الدولية التي تحكم قوانين الدولة التي تتواجد السفينة في موانئها، وفى مجال التنظيم هناك أحكام دولية تشترط حداً أدنى للمقدرة الفنية الواجب توافرها على كل سفينة وبين أفراد طاقم السفينة الواحدة، وبمعنى آخر ضرورة توافر عدد من الشهادات الفنية البحرية من ربان وضباط بحريين ومهندسين وضباط لاسلكي بأعداد تتناسب تناسباً ضرورياً مع حمولة السفينة وقوة آلاتها.

3ـ الناقلات النفطية وما يميزها من السفن البحرية الأخرى:

الناقلة النفطية هي سفينة تخصص لتنقل مواد ذات مواصفات خاصة، وتختلف عن سفن نقل البضائع الأخرى بكونها تنقل النفط بكميات كبيرة، فهي تتمتع بسعة كبيرة، وتجهَّز بمعدات تتطلبها دواعي السلامة لنقل تلك المواد الخطرة وشديدة الاشتعال، وتتطلبها دواعي منع التلوث البحري.

في الماضي كانت تتم عملية نقل النفط بسفن بحرية عادية، تنقل براميل مملوءة بالنفط، وأول سفينة قامت بنقل النفط كانت سفينة شراعية، هى السفينة إليزابيث واتس Elizabeth Watts التي نقلت براميل نفطٍ من شواطئ أمريكا الشمالية إلى أوربا في عام 1861، ولم تكن الناقلات في ذلك الوقت تختلف فنياً عن سفن البضائع العادية، فلم يكن هناك فرق في القواعد القانونية بين السفينة والناقلة، وأول سفينة بنيت للتخصص في نقل النفط ويمكن تسميتها بالناقلة كانت السفينة Zoroaster في عام 1878 تبعتها الناقلة كلوكوف S.S Gluckouf التي كانت أول ناقلة تسير بقوة البخار في بريطانيا سنة 1886. وفى العصر الحاضر. ونتيجة لتطور بناء الناقلات الحديثة وتخصصها في نقل المواد النفطية، وتبعاً للمعدات الخاصة التي تستخدمها في النقل وحاجتها إلى موانئ خاصة بها لتفريغ حمولتها وتحميلها بمحمولات أخرى، أصبحت الناقلات من الأهمية والتخصص بحيث يكون مبرراً إخضاعها لبعض القواعد القانونية الخاصة بها والتي تميزها من السفن العادية. ومن أهم الفروق الفنية التي تميز الناقلة من السفن العادية المستخدمة لنقل البضائع:

أ ـ تتميز الناقلة ببنائها وتصميمها ومعداتها من حيث وجود أنواع مختلفة من المضخات وخطوط أنابيب التحميل والتفريغ، التي تشكل نظام البضاعة للسفينة، الذي يختلف في الناقلات عنه في سفن نقل البضائع الصلبة. كما تجهز الناقلات بصمامات خاصة للتحكم في الانسياب وعدادات حسابية للكميات التي يتم تفريغها ومعدات إطلاق الغاز والتنظيف، ومعدات التلوث ومعدات إدخال وإخراج مياه الصابورة (مياه التنظيف).

ب ـ كما تتميز الناقلة نتيجة لتخصصها في نقل المواد النفطية بوجود جهاز خاص لتبريد بعض أنواع النفط، يحتاج إليه للسيطرة على نسب الانبساط والتقلص Expansion and contraction التي تحصل للكميات الكبيرة المشحونة وأجهزة خاصة للتسخين لأنواع أخرى من النفط بمقتضى اختلاف المناطق التي تعبرها الناقلة.

ج ـ كذلك تتميز الناقلات النفطية بوجود أجهزة ومعدات خاصة بالتهوية تقلل من نسبة التبخر وتمنع تسرب الغازات الخطرة وتستعمل معدات التهوية عند تحميل الناقلة وتفريغها لمنع حدوث شرارات في الفراغات العليا من الصهاريج كما تحتوى الناقلات النفطية على معدات وأجهزة خاصة لملء الفراغات في الصهاريج بالغاز لأغراض السلامة حسب نظام الغاز الراكن Inert gas system. وتحمل الناقلات من موانئ متخصصة وتفرغ في موانئ متخصصة، وتختلف النواحي الفنية في تزويد الناقلات بالمهمات والوقود عن تزويد السفن العادية.

ثالثاً ـ بناء السفينة وملكيتها:

أوجب المشرع أن يكون عقد بناء السفينة مكتوباً كدليل للإثبات، فقد نصت المادة 41 من القانون الجديد رقم 46 على أنه: «لا يثبت عقد بناء السفينة وأي تعديل يطرأ عليه إلا بالكتابة». وتبقى ملكية السفينة لمتعهد البناء ولا تنتقل إلى طالب البناء إلا بقبول تسلمها بعد تجربتها ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك. كما يضمن متعهد البناء خلو السفينة من العيوب الخفية حتى بعد تسليمها إلى طالب البناء وتجربتها. وتنقضي دعوى ضمان العيوب الخفية بمضي سنة من وقت العلم بالعيب، وتنقضي تلك الدعوى بمضي سنتين من وقت تسلم السفينة ما لم يثبت أن متعهد البناء قد تعمد إخفاء العيب (المواد 42ـ44 من قانون التجارة البحرية).

وتقع التصرفات التي يكون موضوعها إنشاء أو نقل أو انقضاء حق الملكية أو غيره من الحقوق العينية على السفينة بسند رسمي أو بمقتضى حكم حائز لقوة الأمر المقضي وإلا كانت باطلة. وفي حال وقوع هذه التصرفات في بلد أجنبي وجب تحريرها أمام قنصل الجمهورية العربية السورية في هذا البلد، وعند عدم وجوده تكون أمام الجهة المحلية المختصة.لا تكون تلك التصرفات نافذة حيال الغير ما لم يتم شهرها بناء على طلب ذوي الشأن في سجل السفينة، وتكون مرتبة التسجيل حسب أسبقية القيد في هذا السجل (المادة 13 من قانون التجارة البحرية).

رابعاً ـ شخصية السفينة:

1 ـ اسم السفينة:

تحمل السفينة اسماً خاصاً بها يميزها من غيرها من السفن الأخرى. ولمالك السفينة حق اختيار ذلك الاسم. وفي حال تعدد السفن التي تحمل اسماً واحداً يصار إلى إعطاء كل منها رقماً متسلسلاً خاصاً بها لتمييزها من غيرها. وأوجب القانون على كل سفينة أن تتخذ اسماً توافق عليه الإدارة البحرية المختصة، وأن يكتب هذا الاسم بالأحرف العربية واللاتينية على مكان بارز منها مصحوباً باسم مرفأ التسجيل.

2ـ محمول السفينة:

يحدد محمول السفينة سعة السفينة، والمحمول على نوعين، المحمول الصافي والمحمول القائم أو المحمول الإجمالي غير الصافي المحدد لسعة السفينة الداخلية بكاملها، والتي تدخل في حسابها الأماكن المخصصة للمحركات والآلات وغرف القيادة والمنامة ومستودعات الوقود والأماكن المخصصة لخزن البضائع وغرف المسافرين والقاعات والممرات. وتبين السعة الداخلية حجم السفينة. أما المحمول الصافي فيقتصر على الأماكن المخصصة في السفينة للاستثمار، وتشمل غرف المسافرين وأماكن البضائع. وقد أوجب القانون على مالك السفينة أن يحدد محمولها الصافي والقائم لدى الإدارة البحرية المختصة. وتعطي هذه الإدارة لذوي الشأن شهادة بذلك. ويجب على المالك كتابة رقم تسجيل السفينة وحمولتها الصافية على دعامتها الرئيسية.

3ـ مربط السفينة (ميناء التسجيل):

الميناء الذي يتم فيه تسجيل السفينة في سجل التسجيل يعد ميناء تسجيلها أو مربطها، وهو موطنها القانوني (المادة الرابعة من قانون التجارة البحرية رقم 46).

وقد فرض قانون التجارة البحرية في حال مخالفة الأحكام السابقة والواجبات التي فرضها القانون في هذا الإطار، عقوبة على المالك والربان وهي الحبس مدة لا تجاوز الشهر وغرامة لا تجاوز خمسين ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين (المادة 5 من القانون رقم 46).

خامساً ـ جنسية السفينة:

1ـ اكتساب السفن الجنسية السورية:

تكتسب السفينة جنسية الدولة التي تخضع لقوانينها، وتمنح الجنسية للسفينة مزايا وحقوقاً والتزامات لأنها تخضع لقوانين الدولة التي تمارس حق الإشراف والرقابة والسيادة عليها، كما تستفيد من حماية الدولة لها وتتمتع برفع علمها.

وقد نصت المادة السادسة من قانون التجارة البحرية على أنه: «تكتسب السفينة الجنسية السورية إذا كانت مسجلة في الإدارة البحرية المختصة» فالمعيار في اكتساب الجنسية هو مكان تسجيل السفينة وهذا ما أكدته أيضاً المادة الرابعة من القانون ذاته والتي نصت على أنه «لكل سفينة جنسية هي جنسية الدولة التي تم تسجيلها فيها». وأوجب القانون على كل سفينة مسجلة في سورية وتتمتع بالجنسية السورية أن ترفع علم الجمهورية العربية السورية (المادة السابعة من قانون التجارة البحرية) وأدخل المشرع في حكم السفينة السورية، السفن المتخلى عنها في البحار والتي يتم التقاطها من قبل السفن السورية وكذلك السفن التي تصادر من قبل السلطات السورية وفق القوانين النافذة في الجمهورية العربية السورية (المادة الثامنة من قانون التجارة البحرية).

وتخضع السفن التي ترفع علم الجمهورية السورية للاختصاص القضائي السوري الجزائي والمدني إذ تسري أحكام التشريعات الجزائية السورية على الجرائم التي ترتكب على كل سفينة ترفع علم الجمهورية العربية السورية. وتسري على تلك السفن أحكام القوانين الخاصة المتعلقة بالمحافظة على النظام والتأديب أيضاً (المادة 11 من قانون التجارة البحرية) كما تختص محكمة البداية المدنية التي يقع في دائرتها مكان تسجيل السفينة التي ترفع علم الجمهورية العربية السورية بالنظر في الدعاوى العينية المتعلقة بها، ما لم ينص القانون على غير ذلك (المادة 12 من قانون التجارة البحرية).

2ـ التزامات السفن غير السورية:

حظر القانون على السفن الأجنبية ممارسة الصيد أو القطر أو الإرشاد في المياه الإقليمية السورية، كما حظر عليها ممارسة الملاحة الساحلية بين المرافئ السورية. ويجوز بقرار من الوزير المختص الترخيص للسفن التي تحمل جنسية أجنبية بالقيام بعمل أو أكثر من الأعمال السابقة خلال فترة زمنية محددة وفرض المشرع هنا عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تتجاوز خمسمئة ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل من يخالف تلك الأحكام (المادة التاسعة من قانون التجارة البحرية).

ويتوجب على الأجانب المقيمين في الجمهورية العربية السورية أن يحصلوا على ترخيص من الإدارة البحرية المختصة في حال استعمال سفن النزهة المملوكة لهم في المياه الإقليمية السورية، وأن يقوموا بتسجيلها في السجل المؤقت الخاص بذلك. ويلغى الترخيص إذا استعملت السفينة في غير أغراض النزهة وتخطر الإدارة بذلك لتقوم بشطب التسجيل. وعلى السفن المشار إليها رفع علم الدولة التي تحمل جنسيتها، ولا يجوز لها أن ترفع علم الجمهورية العربية السورية. وفي حال المخالفة لما سبق تفرض عقوبة على مالك سفينة النزهة هي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تتجاوز خمسين ألف ليرة سورية أو إحدى هاتين العقوبتين (المادة العاشرة من قانون التجارة البحرية).

سادساً ـ تسجيل السفينة:

1ـ واجب التسجيل:

أوجب القانون على أي سفينة تبحر رافعة العلم السوري أن تكون مسجلة وفقاً لأحكام هذا القانون. وتقوم بالتسجيل الإدارة التي تعد لهذا الغرض سجلاً خاصاً يسمى (سجل السفن). وترقم صفحاته ويوضع على كل منها خاتم الإدارة. وتخصص لكل سفينة صحيفة في السجل المذكور، ويكون رقمها هو رقم تسجيل السفينة (المادة 14 من قانون التجارة البحرية) ويعاقب القانون بالحبس مدة لا تتجاوز شهرين وبغرامة لا تتجاوز /500/ ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يسيِّر سفينة ترفع علم الجمهورية العربية السورية ولا تكون مسجلة وفقاً لأحكام هذا القانون. ويجوز للمحكمة أن تقضي بمصادرة السفينة (المادة 26 من قانون التجارة البحرية).

ويجوز لمن يشاء أن يطلب من الإدارة صورة من البيانات الواردة في صحيفة تسجيل السفينة. كما يجوز لكل ذي شأن أن يطلب صورة من المستندات المحفوظة لديها. وتكون مرتبة التسجيل بحسب أسبقية تقديم طلبات التسجيل (المادتان 24 و25 من قانون التجارة البحرية).

2ـ إجراءات التسجيل وأحكامه:

نظمت المواد من (15) إلى (21) من قانون التجارة البحرية إجراءات تسجيل السفن على النحو الآتي:

أ ـ يتم تسجيل السفينة عندما تؤم ميناء التسجيل بناء على طلب يقدمه المالك إلى الإدارة. مرفقاً بالبيانات الآتية:

(1)ـ اسم السفينة الحالي، وأسمائها السابقة.

(2)ـ موانئ التسجيل السابقة.

(3)ـ تاريخ بناء السفينة ومكانه واسم الصانع.

(4)ـ رقم المنظمة البحرية الدولية /الايمو/.

(5)ـ إشارة النداء الدولية السابقة للسفينة.

(6)ـ نوع السفينة (شحن عام ـ حاويات ـ نقل صب ـ ركاب…).

(7)ـ مواصفات الآلات الدافعة (قوتها ـ عدد الدورات ـ عدد الأسطوانات ـ رقمها).

(8)ـ أبعاد السفينة.

(9)ـ محمول السفينة القائم والصافي.

(10)ـ اسم المالك الحالي وجنسيته وأسماء المالكين السابقين وجنسياتهم أو اسم الـشركة المالكة ونوعها ومقرها وأسـماء وجنسيات أعضاء مجلس إدارتها أو مديريها.

وعلى طالب التسجيل أن يرفق بالطلب جميـع المستندات والوثائق اللازمة لإثبات صحة البيانات المقدمة، وعلى الأخص وثائق ملكيته للسفينة وجنسيتها، وعليه أن يقدم شهادة رسمية بشطب السفينة من سجل السفن في الإدارة البحرية المختصة الأجنبية، الذي كانت مقيدة فيـه، وتؤشر الإدارة البحرية على الطلب بتاريخ وساعة وروده.

ب ـ يقدم طلب التسجيل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ بناء السفينة أو تملكها. وتبدأ هذه المهلة من تاريخ دخول السفينة أحد الموانئ السورية إذا بنيت أو اكتسبت ملكيتها في الخارج.

ج ـ تمسك الإدارة سجلاً يسمى (سجل الطلبات) تثبت فيه طلبات التسجيل والمستندات المؤيدة لها بأرقام متتابعة حسب الترتيب الزمني لورودها. ويسلم طالب التسجيل إيصالاً يذكر فيه رقم القيد وتاريخه وساعته.

د ـ تحتفظ الإدارة المختصة بأصل المستندات والوثائق المقدمة مع طلب التسجيل أو بصورة رسمية منها. وتسلم الإدارة مالك السفينة شهادة تسجيل تشتمل على جميع البيانات المدونة في الصحيفة المخصصة للسفينة في السجل. وإذا فقدت هذه الشهادة أو هلكت يجوز لصاحب الشأن الحصول من الإدارة المذكورة على شهادة بدلاً منها بعد أداء الرسم المقرر.

هـ ـ يتم شهر التصرفات والأحكام المنصوص عليها في المادة 13ـ سالفة الذكرـ في سجل السفينة بناء على طلب ذوي الشأن. فإذا امتنع أحدهم عن إجرائه جاز رفع الأمر إلى المحكمة لتأمر به. ويتوجب شهر انتقال الملكية أو الحقوق العينية بسبب الإرث بناء على طلب الورثة بعد تقديم ما يثبت حقهم في الإرث ونصيب كل منهم.

و ـ على مالك السفينة أن يبلغ الإدارة البحرية المختصة كل تعديل يطرأ على البيانات الواردة في صحيفة تسجيل السفينة. ويجب تقديم طلب التعديل مرفقاً به المستندات اللازمة لإثبات صحة البيانات الجديدة، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ حصول التعديل وتدون الإدارة مضمون التعديل في صحيفة السفينة. وتقدم شهادة التسجيل مع طلب التعديل للتأشير عليها بما يفيد حصوله (المادة 20 من قانون التجارة البحرية). وعاقب القانون بالحبس مدة لا تتجاوز شهراً وبغرامة لا تتجاوز /250/ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين مالك السفينة الذي لا يطلب قيد التعديلات المذكورة (المادة 27 من قانون التجارة البحرية).

ز ـ يتوجب التأشير في صحيفة التسجيل بكل دعوى يكون موضوعها حقاً عينياً على السفينة. وعلى المحكمة أن تخطر مكتب الإدارة فوراً بإقامة الدعوى لإجراء التأشير المذكور. وعليها إخطار الإدارة بالحكم الذي يصدر فيها.

3ـ شطب التسجيل:

أ ـ يشطب التسجيل إذا هلكت السفينة بطريقة ما، أو فقدت جنسية الجمهورية العربية السورية، وتشطب القيود الخاصة بالحقوق والدعاوى العينية بناء على اتفاق ذوي الشأن أو بحكم مبرم (المادة 22 من قانون التجارة البحرية). وعاقب القانون بالحبس مدة لا تتجاوز شهراً وبغرامة لا تتجاوز /250 /ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين مالك السفينة الذي لا يطلب شطب التسجيل وفق ما سبق (المادة 27 من قانون التجارة البحرية).

ب ـ يجب على ذوي الشأن تقديم طلب الشطب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ قيام سببه. ويشتمل الطلب على البيانات الآتية:

(1)ـ اسم طالب الشطب ولقبه جنسيته وموطنه ومهنته.

(2)ـ اسم السفينة ورقم تسجيلها.

(3)ـ الحق العيني أو البيان المطلوب شطبه.

(4)ـ سبب الشطب والمستندات اللازمة لإثبات صحته.

(5)ـ إبراز براءات الذمة من الجهات المعنية.

ويؤشر بالشطب على شهادة التسجيل. وتمنح الإدارة الطالب شهادة تفيد حصول الشطب (المادة 23 من قانون التجارة البحرية).

سابعاً ـ الملكية الشائعة للسفينة (الشيوع البحري):

قد لا تكون ملكية السفينة لشخص واحد وإنما لعدة أشخاص على الشيوع، لذلك وضع القانون قواعد خاصة لاستغلال السفينة المملوكة على الشيوع، وإدارة الملكية الشائعة لتلك السفينة، وكيفية التصرف بالحصص الشائعة من قبل المالكين.

1ـ استغلال السفينة المملوكة على الشيوع:

يقصد باستغلال السفينة المملوكة على الشيوع استثمارها لمصلحة المالكين، وتعتمد أصوات الأغلبية في كل قرار يتعلق باستغلال السفينة، ما لم ينص القانون أو يتفق على غير ذلك. وتنعقد الأغلبية بموافقة المالكين لأكثر من نصف الحصص في السفينة ما لم ينص القانون أو يتفق المالكون على أغلبية أخرى. ولكل مالك من الأقلية التي لم توافق على القرار، الطعن فيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها مكتب تسجيل السفينة، وللمحكمة الإبقاء على القرار أو إلغاؤه، ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذ القرار إلا إذا قضت المحكمة بذلك (المادة 46 من قانون التجارة البحرية رقم 46 ).

ويتحمل كل مالك في الشيوع نصيباً من نفقات الشيوع ومن الخسارة بنسبة حصته في ملكية السفينة ما لم يتفق على خلاف ذلك، ويكون له نصيب في الأرباح الصافية الناتجة عن استغلال السفينة بالنسبة ذاتها (المادة 49 من القانون رقم 46).

2ـ إدارة الشيوع البحري:

بخصوص إدارة الملكية الشائعة للسفينة يجوز، بقرار من أغلبية المالكين، أن يعهد بإدارة الشيوع إلى مدير أو أكثر من المالكين أو من غيرهم، فإذا لم يعين مدير للشيوع عد كل مالك مديراً له، وعند تعدد المديرين يجب أن يعملوا مجتمعين إلا إذا اتفق على غير ذلك. ويتم تسجيل أسماء المديرين في صحيفة تسجيل السفينة للشهر. ويكون لمدير الشيوع البحري القيام بجميع التصرفات والأعمال التي تقتضيها إدارة الشيوع ويمثل المالكين أمام القضاء في كل ما يتعلق بهذه الأعمال، ولكن لا يجوز له بيع السفينة أو رهنها أو ترتيب أي حق عيني آخر عليها أو تأجيرها لمدة تجاوز سنة إلا بإذن من أغلبية المالكين (المادة 47 ـ 48 من القانون رقم 46).

وفي حال كان المدير من المالكين في الشيوع عد مسؤولاً في جميع أمواله عن الديون الناشئة من الشيوع، وإذا تعدد المديرون كانوا مسؤولين في جميع أموالهم بالتضامن فيما بينهم، وكل اتفاق على خلاف ذلك لا يحتج به على الغير. ويسأل المالكون غير المديرين في جميع أموالهم بالتضامن فيما بينهم عن الديون الناتجة عن الشـيوع ما لم يتفق على غير ذلك، ولا يحتج بهذا الاتفاق فيما بينهم على الغير إلا من تاريخ شهره في صحيفة تسجيل السفينة (المادة 50 من القانون رقم 46).

3ـ التصرف بالحصة الشائعة:

تضمنت المواد من (51) إلى (56) من قانون التجارة البحرية رقم 46 الأحكام المتعلقة بالتصرف بالحصة الشائعة في سفينة معينة على النحو الآتي:

أ ـ لكل مالك من المالكين على الشيوع حق التصرف في حصته من دون موافقة المالكين الآخرين إلا إذا كان من شأن التصرف فقدان السفينة الجنسية السورية، فيلزم أن يوافق على البيع جميع المالكين. ومع ذلك لا يجوز للمالك على الشيوع رهن حصته في السفينة إلا بموافقة المالكين الحائزين لثلاثة أرباع الحصص على الأقل. المالك على الشيوع الذي تصرف في حصته يبقى مسؤولاً عن الديون التي تتعلق بالشيوع حتى تاريخ شهر التصرف في صحيفة تسجيل السفينة.

ب ـ إذا باع أحد المالكين على الشيوع حصته في السفينة لأجنبي عن الشيوع وجب على المشتري إخطار المالكين الآخرين بكتاب مسجل يعلمهم بالبيع وبالثمن المتفق عليه وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ البيع. ولكل مالك على الشيوع أن يسترد الحصة المبيعة بإعلان يوجه إلى كل من البائع والمشتري بشرط أن يدفع الثمن والمصاريف وأن يقيم الدعوى عند الاقتضاء، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار المنصوص عليه آناً. وإذا طلب الاسترداد أكثر من مالك على الشيوع قسمت الحصة المبيعة بينهم بنسبة حصصهم.

ج ـ لا يتم بيع السفينة إلا بقرار يصدر بموافقة المالكين الحائزين لثلاثة أرباع الحصص على الأقل، ويبين القرار كيفية حصول البيع و شروطه. ويمكن لكل مالك على الشيوع في حالة وقوع خلاف بين المالكين يتعذر معه استمرار الشيوع على نحو يحقق الفائدة للملاك أن يطلب من المحكمة المختصة الحكم بإنهاء حالة الشيوع وبيع السفينة، ويبين الحكم كيفية حصول البيع و شروطه. وإذا وقع حجز على حصص تمثل أكثر من نصف السفينة يشمل البيع الجبري عندئذ السفينة بأكملها، ومع ذلك يجوز أن تأمر المحكمة بناء على طلب أحد المالكين الذين لم يحجز على حصصهم بقصر البيع على الحصص المحجوز عليها إذا وُجدت أسباب جدية تبرر هذا الطلب.

د ـ لا ينقضي الشيوع البحري بوفاة أحد المالكين أو الحجر عليه أو شهر إفلاسه أو إعساره إلا إذا كان هناك اتفاق على غير ذلك.

ثامناً ـ حقوق الامتياز على السفينة:

1ـ التعريف بالامتياز البحري:

الامتياز هو حق ممنوح قانوناًً للدائنين، يكون بموجبه للدائنين أصحاب الامتياز التقدم على بقية الدائنين (العاديين) في استيفاء حقوقهم. والامتياز البحري حق معطى للدائنين البحريين خاصةً، يجعل لهم حق التقدم على الدائنين العاديين باستيفاء ديونهم من ثمن السفينة المبيعة. وقد تناولت القوانين البحرية الامتيازات، واختلفت فيما بينها. ورغبة في القضاء على التنازع بين التشريعات الوطنية المختلفة عُقدَت عدة اتفاقيات دولية بهذا الشأن، وكان أهمها معاهدة بروكسل المبرمة في 10 نيسان/ابريل عام 1926 التي سعت إلى التوفيق بين التشريعات الوطنية المختلفة، واشترطت المعاهدة على كل دولة تنضم إليها، أن يحتوي قانونها فئتين من الامتيازات:

الفئة الأولى ـ امتيازات الدرجة الأولى (الامتيازات الدولية):

وهي التي تقدم على الرهون البحرية، حددتها الاتفاقية على سبيل الحصر بخمسة امتيازات لا يمكن الإضافة إليها.

الفئة الثانية ـ امتيازات الدرجة الثانية (الامتيازات الداخلية):

وهي التي لم تتناولها الاتفاقية إنما تركت الأمر في ذلك للمشرع الوطني، إلا أنها اشترطت أن تقدم الرهون البحرية على هذه الامتيازات.

وبعد ذلك وقعت معاهدة جديدة في بروكسل في 27 أيار/مايو 1967 حدت عدداً من الامتيازات البحرية، وعالجت وسائل شهر الحقوق المضمونة بالرهن البحري. إلا أن المعاهدة لم تصدق إلا من قبل عدد قليل من الدول فلم تدخل حيز التطبيق. فتمخضت المناقشات أمام المنظمة البحرية الدولية (IMO)، عن ولادة معاهدة جنيڤ 7 أيار/مايو 1993 التي تناولت الامتيازات والرهون البحرية وحلت محل الاتفاقيتين السابقتين. ونص قانون التجارة البحرية السوري على الامتيازات البحرية بدقة مراعياً بذلك أحكام الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

2ـ الديون المستفيدة من الامتياز البحري:

جاء قانون التجارة البحرية السوري الجديد بترتيب للديون الممتازة، مختلف تماماً عن الترتيب الذي جاء به قانون التجارة البحرية السوري القديم، ليتناسب ترتيب هذه الديون مع درجة أهميتها من الناحية العملية. فوردت هذه الديون ضمن نص المادة (57) منه بالترتيب الآتي:

أ ـ أجور ربان السفينة وضابطها وجميع البحارة العاملين على متنها، وغيرها من المبالغ المستحقة لهؤلاء والتي استحقت لهم مقابل عملهم على السفينة، كما تتضمن أيضاً نفقات العودة إلى الوطن وأقساط التأمينات الاجتماعية التي سددت لمصلحتهم.

ب ـ التعويض عن الوفاة وعن الضرر الشخصي، سواء وقع هذا الضرر على البر أو في البحر، بشرط أن يكون تشغيل السفينة هو السبب المباشر لهذا الضرر.

ج ـ مكافأة إنقاذ السفينة، وحصة السفينة في الخسائر البحرية المشتركة.

د ـ رسوم الموانئ والقنوات وغيرها من المجاري المائية، ورسوم القطر والإرشاد.

هـ ـ التعويض عما يسببه تشغيل السفينة من هلاك أو تلف مادي، لمنشآت الموانئ والأحواض البحرية وطرق الملاحة البحرية.

و ـ المصاريف القضائية التي أنفقت لحفظ السفينة وبيعها وتوزيع ثمنها، والرسوم والضرائب المستحقة للدولة أو لأحد أشخاص القانون العام. وكذلك رسوم الحمولة والموانئ والمنائر والإرشاد والقطر ومصاريف الحراسة والصيانة والخدمات البحرية الأخرى.

ز ـ التعويضات عن هلاك البضائع والأمتعة المحمولة على السفينة أو تلفها.

ح ـ الديون التي نشأت عما أبرمه الربان من عقود وما أجراه من عمليات خارج ميناء تسجيل السفينة، بشرط أن يكون ما قام به ضمن صلاحياته القانونية، وأن يكون لحاجة فعلية تتطلبها صيانة السفينة أو متابعة سفرها، سواء أكان الربان مالكاً للسفينة أم لم يكن، وسواء أكان الدين مستحقاً له أم للمورد أم للمقرضين أم للأشخاص الذين قاموا بإصلاح السفينة أم لغيرهم. وتضاف إلى هذه الفئة ديون المجهز بسبب الأعمال التي يؤديها وكيل السفينة وفقاً للمادة (168) من هذا القانون.

ط ـ العطل والضرر المتوجبان لتعويض مستأجري السفينة.

ي ـ مجموع أقساط التأمين المعقود على جسم السفينة وأجهزتها وعتادها، المستحقة عن آخر رحلة مؤمن عليها فيها. ذلك في حال كان التأمين معقوداً للرحلة أو لآخر مدة التأمين إذا كان التأمين معقوداً لأجل معين، على أنه في الحالتين يجب ألا يتجاوز مجموع أقساط التأمين أقساط سنة واحدة.

وقد نص القانون على أن حقوق الامتياز لا تخضع لأي إجراء شكلي أو لأي شرط خاص بالإثبات (المادة 58 من قانون التجارة البحرية).

3ـ نطاق الامتيازات البحرية:

أ ـ محل الامتياز:

الامتيازات البحرية ترد على محل الامتياز، الذي يتألف من العناصر التي يرد عليها الامتياز. وعناصر محل الامتياز هي: السفينة، أجرة النقل، ملحقات السفينة وأجرة النقل المستحقة من بداية الرحلة البحرية. (نصت المادة 59 من قانون التجارة البحرية أنه: «تترتب حقوق الامتياز المنصوص عليها في المادة (57) من هذا القانون على السفينة وأجرة النقل الخاصة بالرحلة التي نشأ خلالها الدين وعلى ملحقات كل من السفينة وأجرة النقل المستحقة منذ بدء الرحلة»).

(1)ـ السفينة:

السفينة هي العنصر الأساسي للتجارة البحرية (ويطلق عليها «الثروة البحرية»)، وهي تتألف من السفينة ذاتها إضافة إلى كل ما يلحق بها ويكون ضرورياً لاستغلالها واستثمارها. وممكن أن تكون السفينة محل الامتياز تجارية أو مدنية، باستثناء السفن الحربية والسفن العامة (التي تخصص للقيام بخدمة عامة).

ويتوجب أن تكون السفينة محل الامتياز، هي التي وقع الدين الممتاز بسببها دون غيرها من سفن المجهز. وإذا تحطمت السفينة أو فقدت صلاحيتها للملاحة البحرية انتقل الامتياز إلى ثمن الحطام.

والامتياز يترتب على السفينة حتى لو لم يكن المجهز مالكاً لها، أو كان مستأجراًً أصلياً. ويستثنى من ذلك حالة فقدان مالك السفينة حيازتها نتيجة فعل غير مشروع، كالاغتصاب مثلاً، هذا إذا كان الدائن سيئ النية ـ (أي إنه عَلِم وقت نشوء حقه أنه يتعامل مع غاصب السفينة) (نصت المادة (68) من قانون التجارة البحرية أنه «تسري أحكام المواد من (57) إلى (67) من هذا القانون على السفن التي يستغلها المجهز المالك أو المجهز غير المالك أو المستأجر الأصلي. ومع ذلك لا تسري الأحكام المشار إليها إذا فقد المالك حيازة السفينة بفعل غير مشروع و كان الدائن سيئ النية»).

(2)ـ أجرة النقل:

يمتد الامتياز البحري ليشمل أجرة النقل، والمقصود بأجرة النقل هنا هو أجرة النقل الإجمالية للرحلة التي نشأ خلالها الدين الممتاز، مسقطاً منها الديون الممتازة المترتبة لربان السفينة وطاقمها ومُستخَدَميها بسبب عقود استخدامهم؛ لأنها ترد على جميع أجور النقل التي استحقت عن الرحلات التي قامت بها السفينة فترة عقد الاستخدام. فالأجرة لا تزال مستحقة باعتبارها ديناً في ذمة الشاحن، حتى لو كان الربان أو وكيل المجهز قد استعملها ولم تصل إلى يد المجهز. فإذا وصلت إلى المجهز وتسلمها تكون قد اختلطت بذمته المالية، مما يتعذر معه فرض الامتياز عليها لانعدام القدرة على تمييزها. وقد عامل المشرع أجرة نقل الركاب معاملة أجرة النقل (الفقرة الثانية من المادة 60 من قانون التجارة البحرية)، إلا أن الواقع العملي يجعل من الصعب معاملتها المعاملة نفسها. فالتعامل جرى على أن تُدفَع هذه الأجرة مقدماً، ومن ثم تدخل في ذمة المجهز المالية، ويغدو من الصعوبة التأكد مما إذا كانت الأجرة بيد وكيل المجهز أم بيد غيره.

(3)ـ ملحقات السفينة وأجرة النقل:

نص قانون التجارة البحرية السوري في الفقرة الأولى من المادة 60 منه على أنه يعد من ملحقات السفينة وأجرة النقل ما يأتي:

ـ التعويض المستحق الأداء لمالك السفينة عما لحق السفينة من أضرار مادية ولم يتم تعويضه عنها، أو عن خسارته أجرة النقل.

ـ التعويض المستحق لمالك السفينة عما لحقه من خسائر بحرية مشتركة، سببها ضرر مادي لحق بسفينته ولم يتم تعويضه عنه، أو عن خسارته أجرة النقل.

ـ ما استحقه مالك السفينة مكافآتٍ عن أعمال المساعدة والإنقاذ التي قدمتها سفينته لسفينة أخرى حتى نهاية الرحلة، بعد إسقاط المبالغ المترتبة للربان ولسائر مستخدمي السفينة المرتبطين بعقد عمل على السفينة.

وعلى الرغم من اقتصار المشرع على تعداد الملحقات السابقة للسفينة وأجرة النقل على سبيل الحصر، إلا أنه عاد واستبعد تعويض التأمين والإعانات المالية المقدمة من الدولة للسفينة (الفقرة 3 من المادة 60 من قانون التجارة البحرية)، واستبعد القانون تعويض التأمين لأنه لا يعد عنصراً مكوناً للثروة البحرية وإنما هو المقابل لما أداه المالك من أقساط التأمين. أما الإعانة المالية فاستبعدت لأن الدولة قدمتها لمساندة التجار ودعم التجارة البحرية الوطنية.

ب ـ حقوق الدائنين الممتازين:

يخول الامتياز البحري الدائن حق التقدم أو الأفضلية، كما يخوله حق التتبع أيضاً.

(1)ـ حق التتبع:

الدائن الممتاز يحق له تتبع السفينة محل الامتياز، أي إيقاع الحجز عليها بأي يد كانت؛ فبالعودة إلى نصوص القانون البحري يتبين أنه يمكِّن الدائن الممتاز من حجز السفينة محل الامتياز حتى لو كانت هذه السفينة ليست ملكاً لمدينه، وذلك عندما تكون مستغلة بواسطة مجهز غير مالك أو مستأجر أصلي.

ليس هذا فقط، بل يسمح للدائن أيضاً بإيقاع الحجز على السفينة عندما تكون تحت يد حائز، وهذا الحق يماثل الحق المقرر للدائن الممتاز على العقار، ويتنافى مع أحكام الامتياز على المنقول من القانون المدني؛ لأنها لا تخول الدائن الممتاز تتبع المنقول عندما يكون الحائز حسن النية.

(2)ـ حق الأفضلية:

تتبدى أهمية ترتيب الامتيازات من حيث درجتها في هذا الحق، إذ يخول القانون الدائنين الممتازين من الدرجة الأولى، حق التقدم في استيفاء حقوقهم من بيع السفينة على غيرهم من الدائنين ـ سواء أكانوا عاديين أم مرتهنين ـ أما الدائنون الممتازون من الدرجة الثانية فيقدم عليهم الدائنون الممتازون من الدرجة الأولى، كما يقدم عليهم أيضاً الدائنون المرتهنون، إلا أنهم يتقدمون باستيفاء حقوقهم على الدائنين العاديين.

وتظهر أهمية ترتيب الدائنين الممتازين فيما بينهم عند النظر في هذه المشكلة، وهذا ما دفع بالمشرع لوضع قواعد خاصة لحكم هذا الترتيب، وجاءت هذه القواعد مطابقة لما ذكرته معاهدة عام 1926.

ـ ترتيب الديون الممتازة:

يتم ترتيب الديون الممتازة على أساس الرحلة حسب التسلسل الزمني العكسي، أي إن الدائنين الذين ترتبت حقوقهم جراء الرحلة الأخيرة وجب تقديمهم على دائني الرحلة السابقة، والتي يقدم دائنوها على الرحلة التي سبقتها وهكذا.

إلا أن الحال لا يكون كذلك لو كانت الديون ترتبت إثر عقد واحد نص على استخدام الملاحين لعدة رحلات، فهذه الديون تعامل على أنها ناشئة عن الرحلة الأخيرة، مما يجعلها تحتل المرتبة الأولى، وتتقدم على الديون الممتازة للرحلات السابقة (نصت المادة 63 من قانون التجارة البحرية على أنه: «تتقدم الديون الممتازة الناشئة عن أية رحلة على الديون الممتازة الناشئة عن رحلة سابقة. ومع ذلك فالديون الناشئة عن عقد عمل واحد يتعلق بعدة رحلات تأتي كلها في المرتبة مع ديون آخر رحلة»).

ـ ديون الرحلة الواحدة:

إذا ترتبت عدة ديون ممتازة على رحلة واحدة، فإن ترتيبها يكون على الترتيب نفسه الذي قرره قانون التجارة البحرية السوري لامتيازات الدرجة الأولى، أي إن ديون المصاريف القضائية ورسوم الموانئ والإرشاد ومصاريف الحراسة والصيانة تأتي في المرتبة الأولى، تليها الديون الناشئة من عقد الاستخدام، التي تحتل المرتبة الثانية، أما المرتبة الثالثة فهي لديون مكافآت المساعدة والإنقاذ ومساهمة السفينة في الخسائر المشتركة، والمرتبة الرابعة تكون للتعويضات عن التصادم والأضرار التي سببتها للموانئ وما لحق الركاب والبضائع من أضرار، وفي المرتبة الأخيرة ما نشأ من ديون عن العقود المبرمة لحاجات فعلية تتعلق بالسفينة.

كما تحتل تعويضات مستأجري السفينة المرتبة الأولى من امتيازات الدرجة الثانية، ويأتي بعدها مجموع أقساط التأمين المعقود على جسم السفينة وملحقاتها، والتي تُوفَر قبل الديون العادية، ولكن بعد امتيازات الدرجة الأولى وبعد الرهون البحرية (نصت المادة 62 في فقراتها الثانية والثالثة والرابعة على ما يأتي: «2ـ تأتي مرتبة الامتيازات البحرية المنصوص عليها في المادة (57) حسب الترتيب المبين، لكن بشرط أن تكون للامتيازات البحرية الضامنة للمطالبات المتعلقة بمكافأة إنقاذ السفينة الأولوية على كافة الامتيازات البحرية الأخرى المقررة على السفينة قبل إجراء العمليات المنشئة للامتيازات المذكورة. 3 ـ تكون مرتبة الامتيازات البحرية المنصوص عليها في كل من الفقرات الفرعية /أ/ و /ب/ و/د/ و/هـ/ من الفقرة /1/ من المادة (57) متساوية فيما بينها. 4 ـ تأتي مرتبة الامتيازات البحرية الضامنة للمطالبات المتعلقة بمكافأة إنقاذ السفينة في عكس ترتيب وقت نشوء المطالبات المضمونة بها. وتعتبر هذه المطالبات قد نشأت في التاريخ الذي انتهت فيه كل عملية إنقاذ»).

ـ الديون الممتازة في المجموعة ذاتها:

إن امتيازات الدرجة الأولى، تتضمن عدة ديون، كذلك الأمر في امتيازات الدرجة الثانية. فديون كل مجموعة تكون على الدرجة نفسها أي إنها تتزاحم فتشترك في التوزيع كلٌ بنسبة دينه، إذا لم يغطِ ثمن السفينة الديون المترتبة عليها كافة.

غير أن مكافآت المساعدة والإنقاذ والعقود التي أبرمت لحاجات حقيقية للسفينة، كتقديم المؤن وترميمها فإنها لا تُرتَب بحسب درجتها على أساس المساواة، وإنما يتم ترتيبها ترتيباً معاكساً لتاريخ نشوئها، أي أن صاحب الدين الأخير من هؤلاء إنما يكون مقدماً بامتيازه، على من سبقه على تقديم مساعدات للسفينة بالرحلة نفسها.

وقد نصت المادة (62) من قانون التجارة البحرية أنه: للامتيازات البحرية المنصوص عنها في المادة (57) الفقرات /أ ـ ب ـ ج ـ د ـ هـ/ الأولوية على الرهون المسجلة. ولا تكون لأية مطالبة أخرى الأولوية على هذه الامتيازات أو الرهون فيما عدا ما يأتي:

ـ في حالة البيع الجبري لسفينة جانحة أو غارقة انتشلتها السلطة العامة من أجل سلامة الملاحة أو حماية البيئة البحرية، تدفع تكاليف انتشالها من حصيلة البيع قبل جميع المطالبات الأخرى المضمونة بامتياز بحري على السفينة.

ـ إذا كانت السفينة، وقت البيع الجبري في حوزة متعهد بناء أو إصلاح سفن، يتمتع وفقاً لقانون الدولة التي يجري البيع فيها، بحق الاحتباس، فعلى متعهد البناء أو الإصلاح هذا أن يتخلى عن حيازة السفينة إلى المشتري، على أن يحق له الحصول على ما يفي بمطالبته من حصيلة البيع بعد الوفاء بمطالبات أصحاب الامتيازات البحرية.

وتتقدم الرهون المسجلة على الامتيازات الواردة في المادة (57) بالفقرات (و ـ ز ـ ح ـ ط ـ ي). كما أن الديون الممتازة تتبع السفينة بصرف النظر عن أي تغيير يطرأ على الملكية أو التسجيل أو العلم (المادة 64 من قانون التجارة البحرية).

ونظراً لأهمية الامتيازات والرهون البحرية وخاصة ما يتعلق منها بترتيب الديون، فإن الجهود الدولية لا تكف عن البحث في هذا الموضوع. ومن نتاج هذه الجهود كانت معاهدة عام 1993م الخاصة بالامتيازات والرهون البحرية، والتي جعلت من الامتيازات البحرية الدولية المرتبة الأولى ومقدمة على الرهون البحرية وأي امتيازات أخرى، كما نصت على انطباق المعاهدة أيضاً على السفن المُستَغلة بواسطة المجهز غير المالك مؤكِدةً لحكم م(13) من معاهدة عام 1926. ونصت أخيراً على تخويل الدائن الممتاز حق تتبع السفينة وحجزها تحت يد الغير الحائز، معتبرة هذا الحق أحد الخصائص المميزة للامتيازات البحرية. إلا أنها أسقطت فئتين من الدائنين من حق الامتياز البحري كانت معاهدة 1926 قد منحتهما هذا الامتياز. وهما فئة ملاك البضائع والأمتعة المهمة أو الضرورية، أي ما ترتب على المسؤولية العقدية جراء ما لحق بهم من الأضرار المادية. وفئة الدائنين الذين تعامل معهم الربان لحاجات حقيقة للسفينة.

4ـ انقضاء الامتياز البحري:

ينقضي الامتياز البحري بالبيع القضائي، والبيع الاختياري، والتقادم.

أ ـ البيع القضائي:

نصت الفقرة أ من الفقرة الأولى من المادة (65) من قانون التجارة البحرية على أنه: «تنقضي حقوق الامتياز على السفينة ببيعها بيعاً قضائياً» وعندما تباع السفينة بيعاً قضائياً (بالمزاد) تبرأ من جميع الحقوق العينية التبعية المترتبة عليها، فيتسلمها المشتري خالية من هذه الحقوق، ولكن هذا لا يعني سقوط هذه الامتيازات، وإنما تنتقل إلى الثمن الذي حل محل السفينة فيبقى كل دائن محتفظاً بامتيازه، بحيث يتقدم صاحب الامتياز على غيره من الدائنين. وكذلك حال الدائنين المرتهنين، إذ يتم توزيع الثمن على الدائنين وفقاً للترتيب المذكور آنفاً.

ب ـ البيع الاختياري (الرضائي):

نصت الفقرة ب من الفقرة الأولى من المادة (65) من قانون التجارة البحرية على أنه تنقضي حقوق الامتياز على السفينة أيضاً إذا بيعت بيعاً اختيارياً رضائياً، إذا قام المشتري قبل دفع الثمن بالإجراءات الآتية:

تسجيل عقد البيع في سجل السفن.

نشر بيان بالبيع والثمن واسم المشتري وموطنه في لوحة إعلانات مكتب تسجيل السفينة.

نشر ملخص لعقد البيع يذكر فيه الثمن واسم المشتري وموطنه في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين.

وينقضي الامتياز في حالتي البيع القضائي والرضائي بمرور ستين يوماً من تاريخ إتمام شهر عقد البيع في سجل السفن وتنتقل حقوق الامتياز إلى الثمن ما لم يكن قد دفع، ومع ذلك تظل هذه الحقوق قائمة على الثمن إذا أبلغ الدائنون الممتازون كلاً من المالك القديم والمالك الجديد أصولاً وخلال الميعاد المذكور في هذه المادة بمعارضتهم في دفع الثمن (الفقرة الثانية من المادة 65 من قانون التجارة البحرية).

ج ـ التقادم:

نصت المادة 66 من قانون التجارة البحرية على أنه: تنقضي حقوق الامتياز على السفينة بمضي سنة واحدة، ما لم يقع قبل انقضاء هذه المدة، حجز على السفينة يفضي إلى بيعها جبراً. ويبدأ سريان المهلة المشار إليها وفقاً لما يأتي: 

أ ـ فيما يتعلق بالامتياز البحري المنصوص عنه في الفقرة أ من المادة (57)، من تاريخ إعفاء صاحب المطالبة من العمل في السفينة.

ب ـ فيما يتعلق بجميع الامتيازات البحرية الأخرى من يوم استحقاق الدين.   

ج ـ تمتد مدة انقضاء الامتياز إلى ثلاث سنوات إذا تعذر حجز السفينة المقرر عليها الامتياز في المياه الإقليمية السورية. ولا يفيد من ذلك إلا الأشخاص الذين يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية السورية أو الأشخاص الذين لهم موطن بها أو الأشخاص الذين ينتمون إلى جنسية دولة تعامل الرعايا السوريين بالمثل.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إلياس حداد ومحمد سامر عاشور، القانون التجاري (منشورات جامعة دمشق، 2007م).

ـ إلياس حداد، القانون التجاري (بري بحري جوي) (منشورات جامعة دمشق، 2001م).

ـ بهجت عبد الله قايد، القانون البحري (مكتبة نهضة الشرق، جامعة القاهرة، 1984م).

ـ رفعت فخري أبادير، الوجيز في قانون التجارة البحرية المصري الجديد (طبعة 1998م).

ـ زكي زكي الشعراوي، القانون البحري (دار النهضة العربية، القاهرة 1989م).

ـ سميحة القليوبي، القانون البحري (السفينة، أشخاص الملاحة البحرية، العقود البحرية (دار النهضة العربية، القاهرة، طبعتا 1982و1987م).

ـ عبد الحكم عثمان، أصول القانون البحري (الناشر سيد عبد الله وهبه عابدين، القاهرة 1984م).

ـ علي البارودي، محمد فريد العريني، محمد السيد الفقي، القانون البحري والجوي (لبنان 2001م).

ـ علي يونس، القانون البحري (دار منشأة المعارف بالإسكندرية، الطبعة الأولى، بلا تاريخ).

ـ محمود سمير الشرقاوي، القانون البحري (دار النهضة العربية، القاهرة 1987م).

ـ مصطفى كمال طه، القانون البحري (مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية 1982م).

ـ هاني دويدار، موجز القانون البحري (دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية 1999م).

ـ هشام فرعون، القانون التجاري البحري (مطبعة جامعة دمشق، 1995م).

ـ قانون التجارة البحرية السوري رقم 46 تاريخ 28/11/2006م.


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الرابع: الرضاع ــ الضمان المصرفي
رقم الصفحة ضمن المجلد : 130
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 533
الكل : 31203576
اليوم : 28733