logo

logo

logo

logo

logo

الخصخصة

خصخصه

privatization - privatisation

 الخصخصة

الخصخصة

ماهر ملندي

أسـباب الخصخصة وأشـكالها

مزايا الخصخصة ومساوئها

أهمية الخصخصة ومبادئها

التنظيـم الدولي للخصخصـة

التطبيـقات الوطنية للخصخصة

   

أولاً- أسـباب الخصخصة وأشـكالها:

الخصخصة la privatisation تعني بيع الأصول الإنتاجية التي تملكها الدولة أو أسهمها أو حصصها لدى مؤسسات وشركات القطاع العام - كلياً أو جزئياً - إلى القطاع الخاص، وهذا ما يساير اتجاه الدولة نحو تكريس اقتصاد السوق الحر الذي يعتمد على عوامل العرض والطلب وتشجيع الاستثمارات الخاصة والمبادرات الفردية.

برزت فكرة الخصخصة على صعيد الدراسات النظرية ردَّ فعل على الأفكار الكينزية والشيوعية الداعية إلى تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي؛ مما أدى على حسب ما أورده أنصار الخصخصة إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية لدى العديد من الأنظمة ذات التوجهات التدخلية والاشتراكية، إذ أرهقت اقتصادياتها بالديون الخارجية وعجزت ميزانياتها العامة عن تحقيق متطلبات التنمية، كما تضاءل مستوى الإنتاج لديها وازدادت نسب الاستهلاك والتضخم والبطالة الفعلية والمقنَّعة وتقلصت الادخارات واستثمار رؤوس الأموال وتراجع إسهام القطاع الخاص في بناء الاقتصاد الوطني إلى مستوى هامشي لا يتناسب مع ما يمتلكه هذا القطاع من إمكانات مالية وفنية قادرة على الإسهام على نحو فعال في تنمية الاقتصاد الوطني.

ومن هنا أتت دعوات الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري المدعومة من مؤسسات التمويل الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين، لإعادة هيكلة الاقتصاديات الوطنية وفق مبادئ اقتصاد السوق الحر والابتعاد قدر الإمكان عن رواسب التخطيط المركزي ومساوئ ملكية القطاع العام وإدارته للمنشآت الاقتصادية وتحويل الملكية العامة للدولة إلى القطاع الخاص، أي ما أطلق عليه تعبير «الخصخصة».

وتعود فكرة الخصخصة بأصولها التاريخية إلى ما ذكره المفكر الإسلامي ابن خلدون في كتابه «المقدمة» منذ العام 1377م حول أهمية اضطلاع القطاع الخاص بالإنتاج وتوزيع الناتج في المجتمع، وهذا ما شرحه بالتفصيل فيما بعد مفكر الاقتصاد الرأسمالي الحديث آدم سميث في كتابه «ثروة الأمم» الصادر عام 1776م، وذلك عندما دعى إلى الاعتماد على قوى السوق والمبادرات الفردية من أجل زيادة التخصص وتقسيم العمل وتحقيق الكفاءة الاقتصادية.

حيث ما لبثت أن لجأت معظم الدول النامية التي نالت استقلالها منذ بداية حقبة الستينيات من القرن العشرين إلى إجراء بعض التحولات الاشتراكية بواسطة تأميم الاستثمارات الخاصة التابعة بغالبيتها للدول الاستعمارية سابقاً واعتماد نظام الاقتصاد المخطَّط أو الموَّجه وإنشاء مؤسسات القطاع العام المملوكة من قبل الدولة التي احتكرت إنتاج معظم النشاطات الاقتصادية الأساسية للدولة وتسويقها، كما حدَّدت أيضاً المجالات التي يقتصر على القطاع الخاص ممارسة نشاطاته فيها. وقد تذرَّعت حينها الدول النامية بضرورات تخليص المجتمع من رواسب الاستعمار والتخلف والسيطرة الرأسمالية على اقتصادها الوطني والنهوض بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يتعدى طاقة القطاع الخاص.

ولكن مع سقوط جدار برلين والأنظمة الشيوعية في أوربا الشرقية والاتحاد السوڤييتي السابق منذ نهاية عقد الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الفائت وإنهاء ما يسمى بالحرب الباردة بين القوى العظمى، اتَّجهت معظم الدول النامية نحو إجراء عدد من الإصلاحات الهيكلية لاقتصادياتها الوطنية وبضغوط من صندوق النقد والبنك الدوليين، وذلك لكي تتوافق أنظمتها الاقتصادية مع مبادئ اقتصاد السوق.

فقد تبيَّن لهذه الدول قصور القطاع العام لديها عن تلبية جميع الحاجيات الأساسية للمجتمع نتيجة لانتشار عوامل الروتين والفساد الإداري كالهدر والرشوة والمحسوبية والبطالة المقنَّعة وعدم تحقيق التكافؤ بين تكاليف الإنتاج وسعر المبيع، وخاصة مع فقدان عنصر المنافسة، وهذا أدى إلى خسارة العديد من مؤسَّسات القطاع العام، في الوقت الذي بقي فيه نشاط القطاع الخاص عاجزاً عن الإسهام الفعلي في عملية التنمية وتلبية متطلبات المجتمع نتيجةً للقيود المفروضة عليه من قبل السلطات العامة، مما أحدث خللاً واضحاً في السياسات التنموية لدى معظم الدول النامية، بل لدى العديد من الدول المتقدِّمة.

هذا وقد لجأت الدول إلى خصخصة مشاريعها العامة بأشكال متعددة، أهمهــا:

1- الخصخصة الكليَّة أو الجزئية: إذ يتم طرح جميع أصول الشركات العامة وأسهمها للبيع مباشرة أو في أسواق الأوراق المالية. وقد تكون الخصخصة جزئية عندما يُطرح للبيع قسم أو نسبة فقط من أصول هذه الشركات وأسهمها وتحتفظ الدولة بملكية الباقي.

2- الخصخصة الشعبية أو العمالية: وهنا تطرح الدولة جميع أصول شركاتها العامة وأسهمها أو بعضها للمساهمة الشعبية من جميع المواطنين والأجانب. وقد تعمد إلى بيع هذه الأصول والأسهم فقط للكادر الإداري والعمالي في المؤسّسة المراد خصخصتها أو منحها لهم مجاناً أو بأسعار رمزية.

3- خصخصة الملكية أو الإدارة: قد تلجأ الدولة إلى التخلي عن ملكية المشروع العام كلياً أو جزئياً، وقد تستمر بالاحتفاظ بملكية القطاع العام مع تحويل الإدارة إلى القطاع الخاص بموجب عقود إدارة وتشغيل واستثمار.

وبناءً على ما سبق أصبح نقل الملكية من القطاع الخاص إلى القطاع العام أو ما يسمَّى بالتأميم من الأمور النادرة في هذه الأيام. في حين أن أولى الأوليات بالنسبة إلى السياسات الاقتصادية الوطنية لدى العديد من الدول هي نقل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص. وبالتالي فقد أصبحت مسألة الخصخصة هي الشاغل الاقتصادي الحاسم لمعظم دول العالم حالياً التي بدأت تعمل على إزالة القيود المفروضة على تدفق الاستثمارات الخاصة عبر منحها الامتيازات والتسهيلات اللازمة لاجتذابها وفسح المجال أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي ليقوم بدوره في عملية التنمية، أي الاندماج في عصر العولمة وانفتاح الأسواق بعضها على بعض.

ثانياً- مزايا الخصخصة ومساوئها:

تعرّضت مسألة الخصخصة لجدل ونقاش حاد بين مؤيديها الذين اكتفوا بذكر مزاياها ومحاسنها، ومعارضيها الذين انتقدوها بقوة وذلك عبر تحديد مساوئها وآثارها السلبية. وفيما يلي ما تم ذكره من مزايا الخصخصة ومساوئها:

1- مزايــا الخصخصـة:

1- تكريس مبادئ اقتصاد السوق وآلياته.

2- تنمية القطاع الخاص للمشاركة في عملية التنمية.

3- التخفيف من حدة احتكار القطاع العام للنشاطات الاقتصادية.

4- التخلص من المشاريع العامة الخاسرة وديونها.

5- الحد من استغلال القطاع العام في الأغراض والمصالح الشخصية.

6- تحرير القطاع العام من القيود المفروضة عليه من الأجهزة الحكومية.

7- تطوير الكفاءة الإنتاجية والإدارية والتسويقية.

8- تشجيع المنافسة لتحقيق منتجات ذات نوعية أفضل وبأسعار أقل.

9- تخفيض تكاليف الإنتاج والهدر ونهب المال العام.

10- الحصول على التكنولوجيا الحديثة وبأقل الأسعار.

11- التخلص من البطالة المقنَّعة والفائضة.

12- تشجيع الادخار المحلي وتشغيله.

13- توفير عبء مالي على الدولة.

14- زيادة معدلات الربح.

15- حصول الدولة على موارد مالية إضافية.

2- مســاوئ الخصخصـة:

1- الحد من سلطات الدولة وفعاليتها في المجال الاقتصادي.

2- النيل من الحقوق والمكتسبات الاجتماعية للطبقة العاملة.

3- تغليب النمط الرأسمالي المستغل على الإنتاج والتسويق والإدارة.

4- الوقوع في فخ الفوضى ونهب القطاع العام.

5- تحكُّم القطاع الخاص بتحديد أسعار المنتجات.

6- زيادة أرباح المساهمين الأغنياء على حساب ذوي الدخل المحدود.

7- ارتفاع مستوى البطالة.

ثالثاً- أهمية الخصخصة ومبادئها:

يدلُّ التعامل الوطني والدولي على وجود بعض المبادئ القابلة للتطبيق في مجال خصخصة القطاع العام، وأهمها الآتي:

1- لا يمكن إجبار أي دولة على خصخصة قطاعها العام، فهذا من صميم سيادتها الوطنية واختصاصها الداخلي.

2- إن عمليات الخصخصة لا تشمل إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني فيما بين مؤسسات القطاع العام وشركاته.

3- يتوجَّب إتباع أسلوب الشفافية والعلنية عند اختيار وسائل الخصخصة لتحقيق التوازن بين المصالح المختلفة: رأس المال والعمل، المنتج والمستهلك، الوطني والأجنبي.

4- تطبيق مبدأ المعاملة الوطنية بين الأجانب ورعايا الدولة التي تلجأ إلى خصخصة مشاريعها العامة، وعدم جواز منح أي مساهم حماية أو مزايا تفضيلية في الأسعار والمنافسة والدعم الحكومي.

5- يحق للدولة أن تمنع المستثمرين الأجانب من الإسهام في تملُّك أو استثمار شركات القطاع العام ذات الأهمية الاستراتيجية أو المرافق والخدمات العامة.

6- ضرورة الإعلان وإتاحة جميع المعلومات عن أوضاع الشركات المزمع خصخصتها بكل صدق وموضوعية.

7- تلتزم الحكومات بنشر ثقافة القطاع الخاص القائمة على تحمل المخاطر وتحقيق الأرباح وزيادة الإنتاج وتسويقه بأفضل الأسعار والجودة.

8- يجب مراعاة التسويق الفعال للشركة المراد خصخصتها ورفع قيمة الأصول المعروضة للبيع مما يحقق أفضل الإيرادات للدولة وتخفيف الآثار السلبية لعملية الخصخصة.

9- مراعاة عنصر التكلفة في أثناء تنفيذ برامج الخصخصة واتباع الأسلوب الأفضل للاقتصاد الوطني.

10- تشجيع القطاع الخاص وتحفيزه على الاستثمار وتوسيع مجالات أنشطته، وتوفير المناخ المناسب للقيام بمهامه في أثناء عملية الخصخصة.

11- التزام الحكومات المعنية في أثناء تطبيق إجراءات الخصخصة في تحديد أهداف هذه السياسة لشعوبها وتحديد أهميتها بالنسبة للفرد والمجتمع وللطبقات الاجتماعية كافة، مما يُسهم في إزالة عوامل التخوف ويخلق الحافز لدى فئات المجتمع للقبول بسياسة الخصخصة.

12- التحديد الدقيق لمراحل تطبيق برنامج الخصخصة بما يضمن تحقيق أفضل مردود بأنسب وقت وبأقل قدر ممكن من الأضرار سواء على الاستقرار السياسي في الدولة أم على اقتصادها الوطني.

13- توفير البيئة المناسبة للتنافس بين فعاليات القطاع الخاص للإسهام على نحو فعال في تطبيق إجراءات الخصخصة، مما يحفِّز هذه الفعاليات على الاستثمار وتحسين الأداء ورفع الكفاءة الإنتاجية وتحسين الجودة.

14- إيجاد الآلية القانونية والقضائية الملائمة للخصخصة، تتضمن الأهداف والأساليب والإجراءات المنظمة للعملية مما يضمن حقوق الأطراف المعنية، وتهيئة البنى التشريعية والإدارية على تنفيذ برنامج الخصخصة وفق مبادئ الشفافية والمرونة والوضوح والاطمئنان والثقة المتبادلة وبعيداً عن التعقيدات البيروقراطية والقيود الروتينية.

15- تحديد الجهات المنوط بها تطبيق إجراءات الخصخصة ومتابعتها، وضرورة منحها الصلاحيات الواضحة والدقيقة مع توفير الإمكانات اللازمة مالياً وفنياً وإدارياً كي تتمكن من أداء مهمتها بأفضل الظروف والشروط.

رابعاً- التنظيـم الدولي للخصخصـة:

لم تثر مسألة الخصخصة تلك المناقشات الحادة التي كانت قد أثارتها سابقاً وما تزال إجراءات التأميم والمصادرة. ومع ذلك فقد اهتَّم هذا القانون بموضوع الخصخصة تماماً كما كان الأمر بالنسبة إلى إجراءات التأميم، ولكن ليس بالاتجاه والعمق ذاتهما. ففي حالة التأميم والمصادرة يتم تطبيق قواعد حماية الاستثمارات الأجنبية الخاصة وإجراءاتها، في حين أهم ما يتمُّ اللجوء إليه في حالة الخصخصة هو المساواة في المعاملة وعدم التمييز بين المستثمرين الذين يرغبون في شراء أسهم الدولة وحصصها في الشركات العامة الخاضعة للخصخصة.

من حيث المبدأ ليست لإجراءات الخصخصة أي أثر سلبي في حقوق الأجانب، بخلاف إجراءات التأميم والمصادرة. بل هي لمصلحتهم لكونها لا تهدف إلى نزع الملكية أو تحديدها، بل إلى منحها للمواطنين والأجانب. وكما هي الحال بالنسبة إلى التأميم فإن قرار اللجوء إلى خصخصة المشاريع العامة يأتي أساساً من صميم السيادة الوطنية والاختصاص الداخلي للدول التي تقبل طوعاً الخضوع الصريح أو الضمني لشروط المؤسّسات الدولية المالية كصندوق النقد والبنك الدوليين من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وخصخصة القطاع العام، وذلك بهدف الحصول على المساعدات والقروض التنموية المتوخَّاة من هذه المؤسّسات. وقد تلجأ الدولة أحياناً عند خصخصة مشاريعها العامة إلى منح حق الملكية أو الاستثمار لرعاياها فقط دون الأجانب أو إعطاء تسهيلات خاصة لأي من الطرفين على حساب الآخر، وفي هذا مخالفة واضحة لمبدأ المعاملة الوطنية وعدم التمييز، لكونه يعدّ أحد المبادئ العامة المستقرة في القانون الدولي الاقتصادي، اللهم إلاَّ إذا كانت المشاريع العامة الخاضعة للخصخصة تتعلق بنشاطات ذات أهمية استراتيجية، إذ يحق للدولة حينها أن تقصر المساهمة فيها على رعاياها دون الأجانب مما يُعدّ استثناءً مشروعاً لمبدأ المعاملة الوطنية.

في السابق كانت معظم الدول وخاصة البلدان الاشتراكية والشيوعية تحظِّر على الأجانب تملُّك بعض النشاطات الاقتصادية وعناصر الإنتاج الأساسية أو استثمارها لاعتبارات تتعلَّق بالنظام العام والمصلحة الوطنية؛ ولذلك فقد تمَّ تحويل جميع هذه النشاطات إلى القطاع العام. ولكن ما لبثت هذه الدول نفسها أن تخلت عن معظم هذه الاعتبارات والذرائع لإقرار بعض الحقوق للأجانب في تملُّك المشاريع العامة المنوي خصخصتها واستثمارها. فقد خرجت هذه الدول منهكة من حالة الاقتصاد المخطَّط الذي يتميَّز بوجود وحدات اقتصادية عامة ذات هيكليات ضخمة ولكنها غير فعَّالة من كل النواحي الإنتاجية والإدارية والمالية والتسويقية، في حين كانت السيولة النقدية والادخارات ضئيلة بين أيدي مواطنيها، فكان لا بد لها من إشراك المستثمرين الأجانب في تمويل عمليات الخصخصة وجذب رؤوس الأموال الأجنبية. وقد أدى ذلك إلى تعويق المشاركة الشعبية في بناء الاقتصاد الوطني رغم إعطاء الأولوية في بعض الأحيان لإسهام المستثمرين الوطنيين وتفضيلهم على الأجانب.

خامساً- التطبيـقات الوطنية للخصخصة:

تختلف أسباب الخصخصة وإجراءاتها ووسائلها بين دولة وأخرى بحسب مستوى التطور والوعي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والظروف الخاصة بكل بلد. فالهدف من الخصخصة لدى الدول المتقدِّمة هو التخلص من المشروعات الحكومية الخاسرة وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لزيادة إنتاجيته وأرباحه وتشغيل مدَّخراته. في حين تلجأ عادة الدول النامية إلى تطبيق إجراءات الخصخصة بوصفها جزءاً من برامج شاملة لإعادة هيكلة اقتصادياتها الوطنية ورفع كفاءتها الاقتصادية وتصحيح عجز الموازنة العامة.

ومن أبرز الدول التي قامت بتطبيق سياسة الخصخصة: بريطانيا وروسيا والأرجنتين والبرازيل وتشيلي وكولومبيا وأندونيسيا والفليبين وباكستان وماليزيا وزامبيا وتنزانيا ونيجيريا وتشاد وغانا وكينيا وأوغندا، إضافة إلى معظم دول المنظومة الشيوعية سابقاً في أوربا الشرقية، وبعض الدول العربية كمصر والجزائر وتونس والمغرب ودول الخليج العربي. وفيما يأتي بعض الأمثلة:

1- في بريطانيـا: قامت الدولة بتشجيع سوق الأوراق المالية لشراء أسهم الشركات العامة والخاضعة للخصخصة، وكذلك بتعبئة إعلامية واسعة لتشجيع تحويل مدخرات المواطنين للاستثمار في الشركات الجديدة. وقد تمَّ منح العاملين الأولوية بشراء الأسهم وبقيمة مخفَّضة. كما اتَّبعت الحكومة أسلوب التدرج في تحويل بعض المؤسّسات العامة إلى القطاع الخاص ووضعت شروطاً تتمثّل في عدم السماح للأجانب في المشاركة بعضوية مجالس إدارة هذه المؤسّسات. ولم تسمح للمساهم بأن يمتلك أكثر من 15% من أسهم المشروع. كما احتفظت الدولة لنفسها بما يسمَّى بالسهم الذهبي الذي يمنحها حق تعيين ممثل لها في مجلس الإدارة، وهو عادة من رجال الأعمال وليس من الموظفين الحكوميين. وقد شملت عملية الخصخصة في بريطانيا قطاعات الطيران والاتصالات والطاقة والإسكان والصحة.

2- في مصـر: لجأت الحكومة المصرية منذ منتصف السبعينيات من القرن الفائت إلى تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي الموصى بها من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين، وتستند إلى مبادئ اقتصاد السوق الحر وجذب رؤوس الأموال الخاصة للإسهام في عملية التنمية وإنشاء مناطق التجارة الحرة. ولكن لم تبدأ الحكومة المصرية عملية الخصخصة إلاَّ مع بداية عقد التسعينيات عندما لجأت إلى تحرير سعر صرف الجنيه وتعويم سعر الفائدة وتأسيس شركات قابضة. وقد تمَّ السماح تدريجياً للقطاع الخاص بالدخول للاستثمار في القطاعات التي كانت تعدُّ حكراً على الدولة، ولكن مع احتفاظ الدولة بملكيتها للمرافق والبنوك العامة وشركات الإنتاج الحربي. كما اعتمدت السلطات أسلوب بيع جزء من أسهم شركات القطاع العام بالتدريج لغاية بيعها بالكامل للقطاع الخاص أو باللجوء إلى طريقة المزاد العلني. وكانت من أبرز المشاكل التي واجهت تنفيذ البرنامج المصري للخصخصة ما يتعلَّق بالديون المتفاقمة لشركات القطاع العام والعمالة الفائضة وضعف الادخار المحلي. وقد شملت الخصخصة معظم النشاطات الصناعية والتجارية العامة.

3- في الخليـج العـربي: عمدت بعض الدول كالكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة إلى خصخصة بعض مشاريعها العامة في مجال الكهرباء والمياه والمواصلات والصيرفة والتأمين والصناعة، وذلك بهدف تخفيف الأعباء عن موازناتها العامة وتحقيق الاستخدام الأمثل لمواردها ولزيادة الدخل والناتج القومي، ولكن مع الاحتفاظ أحياناً بمعظم أسهم الشركات التي تُدير الخدمات والمرافق العامة. وكانت تتم الخصخصة بطريق البيع المباشر، أو بطرح الأسهم في سوق الأوراق المالية، أو بالاكتتاب العام لجذب صغار المستثمرين.

4- في ســورية: ثارت نقاشات عديدة لدى جميع الأوساط السياسية والاقتصادية والعلمية منذ أواخر القرن الماضي حول ما إذا كان من الضروري الحفاظ على دور القطاع العام في عملية التنمية رغم كل مساوئه أو اللجوء إلى تطبيق سياسة الخصخصة كما حصل في العديد من بلدان العالم. وقد استقر الرأي مؤخراً على اعتماد «اقتصاد السوق الاجتماعي»، وهو مفهوم وسط بين الاقتصادين الرأسمالي والاشتراكي. إذ يعتمد مبدئياً آليات اقتصاد السوق الحر القائم على عوامل العرض والطلب وتشجيع الاستثمارات الخاصة، ولكن مع ضبط إيقاع هذه الآليات عبر تدخل الدولة لمحاربة المحتكرين والحفاظ على الحقوق والمكتسبات الاجتماعية وفسح المجال أمام كل القطاعات الاقتصادية، بما فيها الحكومية لإثبات ذاتها في إطار اقتصاد السوق الحر.

مراجع للاستزادة:

-انطوان الناشف، الخصخصة (التخصيص) مفهوم جديد لفكرة الدولة ودورها في إدارة المرافق العامة (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2000م).

- حسين عمر، الغات والخصخصة (دار الكتاب الحديث، القاهرة 1997م).

- سامي عفيفي حاتم، الخبرة الدولية في الخصخصة (دار العلم للطباعة، القاهرة 1994م).

- عبده محمد فاضل الربيعي، الخصخصة وأثرها على التنمية بالدول النامية (مكتبة مدبولي، القاهرة 2004م).

- محمد رياض الأبرش ونبيل مرزوق، الخصخصة (آفاقها وأبعادها) (دار الفكر، دمشق 1999م).

- محمد صالح الحناوي وأحمد ماهر، الخصخصة بين النظرية والتطبيق (الدار الجامعية للطباعة والنشر والتوزيع، الإسكندرية 1995م).

- فتحي أبو الفضل وعز الدين حسنين ومحمد القفاص، دور الدولة والمؤسسات في ظل العولمة (مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 2004م).

- Dominique CARREAU et Patrick JUILLARD, Droit international économique, (L.G.D.J, Paris, 1998).

 


التصنيف : القانون العام
النوع : القانون العام
المجلد: المجلد الثالث: الجرف القاري ــ الرسم والنماذج الصناعية
رقم الصفحة ضمن المجلد : 378
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 516
الكل : 29595371
اليوم : 50287