logo

logo

logo

logo

logo

علم الإجرام

علم اجرام

criminology - crimonologie

 علم الإجرام

علم الإجرام

منال المنجد

تعريف علم الإجرام منهج البحث في علم الإجرام
موضوع علم الإجرام وفروعه الطبيعة العلمية لدراسات علم الإجرام
أهمية علم الإجرام علاقة علم الإجرام بالعلوم الجزائية
 

تعد الجريمة من الظواهر الموغلة في القدم التي يعود وجودها إلى بداية وجود الإنسان، وقديماً حارب الإنسان الجريمة وحاول جاهداً قمعها بأساليب مختلفة اتسمت غالباً بالقسوة والسطحية والفردية. وقد كانت مشكلة الجريمة من القضايا التي شغلت أذهان الفلاسفة والمفكرين القدماء، وكانت أسبابها وأساليب منعها وقمعها من الموضوعات الرئيسة التي تناولها هؤلاء المفكرون في كتاباتهم، ومع ذلك لم يكن البحث في الجريمة وأساليب منعها منظماً ضمن أسس علمية إلى أن قام علم الإحصاء في القرن التاسع عشر بتقديم إحصاءات دقيقة عن معدلات الجرائم في عدد من الدول الأوربية والأمريكية، وقد مهد ذلك لظهور علم الإجرام Criminology على أيدي علماء الإحصاء الجنائي ومنهم: كيتليه وغيري وأعلام المدرسة الوضعية الإيطالية: سيزار لومبروزو وأنريكو فيري ورافائيل غارو فالو، حيث بحثوا موسعاً في أسباب الجريمة وأنماط السلوك الإجرامي وسمات الإنسان المجرم النفسية والعضوية والفيزيولوجية، وكانت دراساتهم نقطة البداية في دراسات موسعة ـ شملت الجريمة والمجرمـ تعد من الموضوعات الرئيسة في علم الإجرام.

أولاً ـ تعريف علم الإجرام:

اختلف الفقه حول تعريف علم الإجرام بين اتجاهين:

الاتجاه الأول: يميل أصحاب هذا الاتجاه إلى التضييق من نطاق تعريف علم الإجرام، فيقتصر علم الإجرام بنظرهم على دراسة الجريمة فقط من حيث أسبابها، ويعرفه بعضهم بأنه: الدراسة العلمية للظاهرة الإجرامية، ويعرفه بعضهم الآخر بأنه: علم دراسة أسباب الجريمة.

الاتجاه الثاني: ويميل أصحاب هذا الاتجاه إلى التوسع في تعريف علم الإجرام، ومن أبرز أصحاب هذا الاتجاه العالم الأمريكي سيذرلاند الذي يعرف علم الإجرام بأنه: «العلم الذي يدرس الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية»، وبالتالي يتألف علم الإجرام لديه من ثلاثة فروع:

علم الاجتماع القانوني ويختص بتحليل الظروف التي تحيط بتطور القوانين الجزائية، وعلم أسباب الجريمة ويهتم بتحليل أسباب الجريمة تحليلاً علمياً، وعلم العقاب ويعالج مشكلة مكافحة الجريمة. وقد درج أغلب الفقه الجزائي الحديث على تبني هذا الاتجاه حيث يعرّف علم الإجرام بأنه: «العلم الذي يدرس الظاهرة الإجرامية دراسة علمية بهدف التعرف على أسبابها الفردية والاجتماعية»، ويقترب من هذا التعريف ما يطلقه جانب من الفقه على علم الإجرام بأنه: «العلم الذي يدرس أسباب الجريمة كظاهرة فردية واجتماعية»، ويعرفه بعضهم بأنه: «العلم الذي يدرس الظاهرة الإجرامية دراسة شاملة من خلال عناصرها الثلاثة الجريمة والمجرم والمجني عليه، بهدف معرفة الأسباب الحقيقية لنشوئها سواء أكانت ترجع إلى الجاني أم للمجني عليه أم للبيئة».

ومهما اختلف الفقهاء في تعريف علم الإجرام فثمة نقاط رئيسة يجمع عليها، هي:

إن علم الإجرام هو علم كغيره من العلوم الإنسانية يعتمد في الوصول إلى النتائج المطلوبة على طرق البحث العلمي، وهي التجريب والملاحظة والإحصاء والمقارنة والمسح الاجتماعي والدراسات والتحليلي الميداني.

يدرس علم الإجرام الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية، أي يدرس حقيقة خروج الفرد عن القواعد التي تحكم الجماعة، كما يدرس الظروف الاجتماعية التي تحيط بالجريمة سواء ما تعلق منها بالجاني أم بالمجتمع.

يدرس علم الإجرام ظاهرة الجريمة للبحث عن أسبابها، حيث تعد أسباب الجريمة الموضوع الرئيسي لعلم الإجرام. وقد اختلف العلماء كثيراً حول أسباب الجريمة، فبعضهم ينسبها إلى المجرم وتكوينه البيولوجي والنفسي والعقلي، وبعضهم الآخر ينسبها إلى المجتمع، وبالتالي فإن أسباب الجريمة طبيعية أو اجتماعية أو اقتصادية، وهناك اتجاه ثالث يدرس المجني عليه على أنه سبب في وقوع الجريمة.

ثانياً ـ موضوع علم الإجرام وفروعه:

يتحدد موضوع علم الإجرام بالدراسة العلمية للظاهرة الإجرامية بوصفها ظاهرة في حياة الفرد والمجتمع، وقد اختلف الفقهاء حول نطاق هذه الدراسة، فبعضهم يرى أن هذه الدراسة يجب أن تقتصر على دراسة أسباب الجريمة الفردية والاجتماعية، في حين أن بعضهم الآخر يرى أن الدراسة في هذا العلم يجب أن تتسع لتشمل إلى جانب أسباب الجريمة أساليب الوقاية منها وعلاج السلوك الإجرامي.

وباعتبار أن الظاهرة الإجرامية تتألف من ثلاثة عناصر هي: الجريمة، المجرم، المجني عليه فإن موضوع علم الإجرام هو دراسة هذه العناصر الثلاثة بغية الوصول إلى أسباب الجريمة والدوافع الحقيقية وراء اقترافها.

ـ دراسة الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية: تعد الجريمة من وجهة نظر علم الاجتماع الجنائي ظاهرة تعود أسبابها إلى المجتمع بالدرجة الأولى، فالجريمة ليست نتاجاً لخلل عضوي أو نفسي ولكنها ترجع إلى أسباب اجتماعية بحتة، وبفرض وجود الخلل العضوي أو النفسي لدى الجاني فإن هذا الخلل لا ينتج أثره إلا بوجود الوسط الاجتماعي الملائم، ويعد أنريكو فري المؤسس الأول لعلم الاجتماع الجنائي الذي لفت الأنظار إلى الأسباب الاجتماعية للجريمة بعد صدور كتابه «علم الاجتماع الجنائي» سنة 1881.

ـ دراسة الجريمة بوصفها ظاهرة فردية: وهنا يهتم علم الإجرام بدراسة الجاني وصفاته العضوية والفيزيولوجية والنفسية، ويعد لومبروزو أول من وجه الأنظار إلى سمات الجاني عندما وضع كتابه الشهير «الإنسان المجرم»، قدم من خلاله التفسير البيولوجي للجريمة على أساس أنها سلوك إجرامي موروث، حيث يتميز الإنسان المجرم بخصائص عضوية تميزه من غيره وتقوده هذه الخصائص إلى ارتكاب الجريمة. وأدت كتابات لومبروزو إلى نشأة «علم البيولوجيا الجنائية» أي علم طبائع المجرم، وقد تبعه علم النفس الجنائي بتفسيره للجريمة ليس على أساس أنها نتيجة خلل عضوي ولكن نتيجة اضطرابات نفسية تصيب الشخصية الإنسانية بنوع من الخلل فتدفعها إلى ارتكاب الجريمة.

ـ دراسة المجني عليه بوصفه طرفاً في الظاهرة الإجرامية: لا تكتمل دراسة الظاهرة الإجرامية التي هي الموضوع الأساس لعلم الإجرام إلا بدراسة الطرف الثاني في الجريمة وهو المجني عليه (أو الضحية)، فالمجني عليه في الجريمة قد يؤدي دوراً مهماً في حدوثها. ويهتم علم الإجرام بدراسة السمات العضوية والنفسية والاجتماعية والثقافية الخاصة بالمجني عليه، وكذلك بدراسة العوامل التي تجعل بعض الأفراد عرضة لوقوع الجريمة أكثر من غيرهم، ودراسة الدور الذي يمكن أن يقوم به المجني عليه في خلق فكرة الجريمة لدى الجاني أو تسهيل ارتكابها.

وينبني على ما سبق أن فروع علم الإجرام هي: علم البيولوجيا الجنائي، علم النفس الجنائي، علم الاجتماع الجنائي.

ثالثاً ـ أهمية علم الإجرام:

تبرز أهمية علم الإجرام في مكافحة ظاهرة الجريمة سواء من خلال الوقاية منها قبل وقوعها أم من خلال علاج السلوك الإجرامي بعد وقوعها.

فعلم الإجرام بما أنه يدرس أسباب الجريمة بوصفها موضوعاً رئيسياً فإنه يقدم تفسيراً صحيحاً للجريمة وأسباب وجودها سواء أكانت فردية تتعلق بالجاني أم اجتماعية تتعلق بالمجتمع، فيفتح الطريق أمام الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تعمل على إزالة هذه الأسباب أو الحد منها.

كما أسهمت دراسات علم الإجرام الميدانية وأبحاثه التي أجريت في نطاق الوقاية من الجريمة في الكشف عن بعض أنماط السلوك المنحرف المنتشر في بيئة اجتماعية معينة أو لدى فئة معينة كالأحداث، والتي تنبئ بإمكانية ارتكاب الجريمة وتحول هذا السلوك المنحرف إلى سلوك إجرامي، وذلك للحيلولة دون ذلك عن طريق اتخاذ التدابير التي من شأنها إبعاد أصحاب هذا السلوك عن طريق الجريمة.

وقد ساعدت دراسات علم الإجرام المتعلقة بالجريمة والقاصِرين على توجيه السلطات المسؤولة إلى ضرورة رعاية الشباب وإرشادهم وتأهيلهم وافتتاح النوادي الرياضية والاجتماعية والثقافية بغية الابتعاد بهذه الفئة عن طريق الجريمة.

وفي مجال علاج السلوك الإجرامي فقد قدم علم الإجرام العديد من النظريات المتعلقة بشخصية المجرم، وقد أسهمت هذه النظريات في إيجاد مبدأ تفريد العقاب، ويقصد به أن العقوبة يجب أن تناسب في نوعها ومقدارها شخصية الجاني، وقد تبنت أغلب التشريعات الجزائية مبدأ تفريد العقاب: المتمثل بالأسباب المخففة والأسباب المشددة والأسباب المعفية من العقاب، وتعليق العقوبة سواء من خلال وقف تنفيذ العقوبة أم وقف الحكم النافذ، ووضع العقوبة بين حدين أدنى وأعلى وإعطاء القاضي الجزائي السلطة التقديرية بين هذين الحدين.

ولا تتوقف أهمية علم الإجرام في علاج السلوك الإجرامي على اختيار المؤيد الجزائي الذي يناسب شخصية المجرم بل يمتد إلى أسلوب التنفيذ المناسب أيضاً، فقد أسهم علم الإجرام في تطوير أنظمة السجون، وتصنيف السجناء، وإدخال التعليم إلى بيئة السجون والتأهيل المهني بل إلى الاهتمام بالمجرم إلى مرحلة ما بعد تنفيذ العقوبة بمتابعته ورعايته ومساعدته على إيجاد العمل الملائم الذي يسهم في عدم عودته إلى ارتكاب الجريمة، وبذلك يتحقق الهدف الرئيس لعلم الإجرام في إصلاح المجرم وتأهيله.

وقد كان لعلم الإجرام أكبر الأثر في تغيير أنظمة معاملة الأحداث الجانحين من حيث التحقيق والملاحقة والمحاكمة وتنفيذ العقاب، وأنواع التدابير والمؤيدات الجزائية التي تفرض بحقهم، وأماكن تنفيذ تلك المؤيدات وأسلوب تنفيذها، فجميع التشريعات الجزائية في العالم تتبنى قوانين خاصة بالأحداث الجانحين وتعتمد في وضع هذه القوانين على معطيات علم الإجرام.

رابعاً ـ منهج البحث في علم الإجرام:

يهتم علم الإجرام بدراسة الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية وفردية، ويترتب على ذلك أن الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية لها وسائل البحث المناسبة التي تنتمي إلى علم الإجرام العام، وبوصفها ظاهرة فردية لها طرق البحث الملائمة لدراسة حالة الجاني والتي تنتمي إلى علم الإجرام الإكلينيكي:

1 ـ وسائل البحث الاجتماعية: تتعدد وسائل البحث في تفسير الظاهرة الإجرامية بوصفها ظاهرة اجتماعية، وأهم هذه الوسائل: دراسة الإحصاءات الجنائية، المسح الاجتماعي، دراسة الحالة، الاستبيان والمقابلة.

أ ـ دراسة الإحصاءات الجنائية: الإحصاء هو الدراسة الكمية للظواهر الطبيعية أو الاجتماعية، والإحصاء في علم الإجرام هو عملية جمع المعلومات والبيانات والوقائع المتعلقة بالجريمة وترجمتها إلى أرقام وتحديد حجم الظاهرة الإجرامية والعلاقات القائمة على أشكال الجريمة تحديداً عادياً. وتهتم الإحصاءات الجنائية بإحصاء الجرائم من جهة من حيث نوعها ودرجة خطورتها، وإحصاء المجرمين من جهة أخرى من حيث عددهم وجنسهم وسنهم وحالتهم الاجتماعية، كما تهتم بالظواهر المرتبطة بالجريمة كالظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فتحدد بالأرقام عددها ونوعها وصلاتها بالظاهرة الإجرامية.

وتعتمد الإحصاءات الجنائية عادة على ثلاثة مصادر رئيسية هي: الإحصاءات التي تعدها دوائر الشرطة، والإحصاءات التي تعدها الدوائر القضائية، والإحصاءات التي تعدها الإدارة العامة للسجون، والدوائر التي تشرف على المؤسسات العقابية والعلاجية.

ب ـ المسح الاجتماعي: ويقصد به جمع الحقائق عن تنظيم اجتماعي معين أو ظاهرة اجتماعية معينة لإبراز خصائص ذلك التنظيم أو تلك الظاهرة بهدف تعميم نتائج البحث على أفراد المجتمع كله أو على فئة محددة منه، ومثال المسح الاجتماعي في علم الإجرام دراسة العلاقة بين الجريمة والفقر أو بينها وبين التفكك الأسري.

ج ـ دراسة الحالة: ويقصد به إخضاع فرد من الأفراد أو أسرة أو عصابة أو مجموعة من المجرمين يجمعهم ظرف معين للدراسة بهدف تفسير السلوك الإجرامي للوحدة محل الدراسة. حيث يقوم الباحث بدراسة الوحدة محل البحث دراسة شاملة تدرس البيئة الاجتماعية والتطور العقلي والبيولوجي والنفسي والأوضاع الاقتصادية وجميع المراحل التي مرت بها الحالة منذ الميلاد إلى حين إتمام دراسة الحالة.

د ـ الاستبيان والمقابلة: يعد الاستبيان وسيلة من وسائل البحث في علم الإجرام، ويهدف إلى فهم دوافع السلوك الإجرامي لدى الوحدة محل البحث، أو كشف الرقم الغامض (الإجرام الخفي أو المستتر)، وذلك عن طريق توجيه أسئلة إلى الأشخاص محل البحث وتلقي الإجابات بواسطة استمارات ترسل إليهم وتتم الإجابة بعيداً عن تأثير الباحث، وبالتالي لا يكون هناك اتصال مباشر بين الباحث والوحدة محل البحث.

وعلى النقيض من ذلك في المقابلة يكون هناك اتصال مباشر بين الباحث والفرد محل الدراسة، حيث يطرح الباحث على المجرم أسئلة معينة، وقد تمتد المقابلة إلى ذوي المجرم أو أقاربه أو أصدقائه وذلك بهدف تعرف أسباب الإجرام أو كشف جانب من الإجرام المستتر.

2ـ وسائل البحث الفردية: وهذه الوسائل هي:

أ ـ الدراسات البيولوجية: وتتناول هذه الدراسة الفحص الطبي الشامل لأعضاء جسم المجرم للتوصل إلى أي خلل عضوي يفسر سلوكه الإجرامي، إضافة إلى تأثير إفرازات الغدد الصم في التكوين النفسي للفرد وما قد يكون لها من أثر في سلوكه الإجرامي، ويستخدم الباحث في هذه الدراسة وسائل علمية مثل جهاز رسم المخ والتحاليل البيوكيمياوية والأشعة. ويعد «لومبروزو» مؤسس علم البيولوجيا الجنائية.

ب ـ الدراسات النفسية والعقلية: وتتناول هذه الدراسة التحليل النفسي للمجرم والفحص العقلي الدقيق للتوصل إلى الخلل النفسي والعقلي الذي يقود الشخص إلى طريق الإجرام.

خامساً ـ الطبيعة العلمية لدراسات علم الإجرام:

يتفق الفقه على أن علم الإجرام هو علم تجريبي، ويقتضي المنهج التجريبي أن يمر الباحث بثلاث مراحل:

مرحلة الملاحظة المنظمة: ويقصد بالملاحظة المراقبة أو المشاهدة الواعية، وتكون الملاحظة علمية عندما تكون منظمة، أي حينما تسير على منهج معين وضمن خطة مرسومة، لدراسة الظاهرة ومعرفة الحقائق المتصلة بها.

ويقوم بالملاحظة عادة الباحث نفسه، وقد يكتفي باستعمال حواسه المجردة فيدون المعلومات من خلال اتصاله المباشر بالواقعة، وقد يستعين بأجهزة فنية لتسجيل البيانات وحصرها، كأجهزة التسجيل وآلات التصوير.

مرحلة البحث التجريبي: التجربة في علم الإجرام هي عملية اختبار الفرضيات العلمية حيث يتم وضع العينة ضمن ظروف وشروط محددة يمكن التحكم بها لدراسة التطورات والتغيرات التي تطرأ عليها.

الاستدلال المنطقي: ويأتي بعد مرحلتي الملاحظة والتجربة حيث يجمع الباحث النتائج والحقائق التي توصل إليها من دراسته، ويبدأ بتفسيرها من خلال مجموعة من العمليات المهنية والتصويرية كالاستقراء والاستنباط والتعميم والتجريد، ثم يضم القضايا بعضها إلى بعض في نسق واحد إلى أن ينتهي إلى وضع قانون أو نظرية.

ولا بد من الإشارة إلى أن نتائج المنهج التجريبي في علم الإجرام هي نتائج نسبية أو تقريبية وليست نتائج يقينية كما هو الحال في مجال العلوم الطبيعية، ويعود ذلك إلى سببين: الأول: أن السببية الإجرامية هي سببية اجتماعية ديناميكية ذات حركة مطردة، أما السبب الثاني فهو: أن الشخصية الاجتماعية شخصية تتغير تغيراً لا ينقطع في أثناء توزيعها لنشاطها في المجالات المختلفة وعند استجابتها للظروف التي تكتنفها، الأمر الذي يتعذر معه أن ينجم عنها عمل واحد واضح المعالم في لحظة من اللحظات.

سادساً ـ علاقة علم الإجرام بالعلوم الجزائية:

يهتم علم الإجرام وغيره من العلوم الجزائية بموضوع أساسي هو دراسة الظاهرة الإجرامية، وتهدف هذه العلوم في مجموعها إلى محاولة الحد من انتشار هذه الظاهرة وخفض معدلاتها بمختلف الوسائل، ورغم استقلال علم الإجرام عن هذه العلوم تبقى الروابط والصلات والتأثير المتبادل قائماً بينها:

1ـ علم الإجرام والقانون الجزائي: القانون الجزائي هو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد الدولة بموجبها الأفعال التي تعدها جرائم والعقوبات المستحقة لمرتكبيها، وتبين أصول الملاحقة والتحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبة أو التدبير بحق مرتكبي تلك الجرائم، ويترتب على ذلك أن القانون الجزائي ينطوي على شقين: شق موضوعي ويتضمن تحديد الجرائم والعقوبات، وشق شكلي وينطوي على تحديد أصول الملاحقة والتحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبات والتدابير الاحترازية. ويمثل قانون العقوبات الجانب الموضوعي للقانون الجزائي، في حين يمثل قانون أصول المحاكمات الجزائية الجانب الشكلي للقانون الجزائي، ويوجد إلى جانب هذين القانونين مجموعة من التشريعات الجزائية الخاصة التي وضعها المشرع إما لمعالجة أوضاع جديدة وإما لمعالجة أحوال فئات خاصة كقانون الأحداث الجانحين وقانون المخدرات وقانون العقوبات العسكري وقانون غسيل الأموال وقانون السير… وغيرها من القوانين الجزائية الخاصة؛ ذلك أن قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية لا يمكن أن يحيطا بجميع الأفعال التي يعدها المشرع جرائم تستحق العقاب وبجميع الإجراءات الجزائية اللازمة لملاحقة مرتكبيها، فالعلم سلاح ذو حدين والتطور الهائل الحاصل في مختلف مجالات الحياة أدى إلى ظهور أفعال جرمية لم تكن موجودة من قبل، حيث ظهرت جرائم جديدة تمس بالحقوق ووجد المشرع لزاماً عليه محاربتها ومواجهتها بتشريعات جزائية خاصة.

أ ـ علم الإجرام وقانون العقوبات: يعرف قانون العقوبات بأنه: مجموعة القواعد القانونية التي تبين الدولة بموجبها الأفعال التي تعدها جرائم والعقوبات المستحقة لمرتكبيها، ويختلف علم الإجرام عن قانون العقوبات في طبيعة كل منهما، فعلم الإجرام هو علم تجريبي يدرس الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية فيبحث في أسبابها والدوافع المختلفة لدى مرتكبها، ثم يفسرها في محاولة للوصول إلى القوانين العلمية التي تتحكم فيها. أما قانون العقوبات فهو علم معياري يدرس الجريمة بوصفها ظاهرة قانونية فيحدد أركانها وأنماطها والعقوبة المقررة لها، ويحدد شروط المسؤولية الجزائية فضلاً عن أسباب التبرير وموانع العقاب.

ويختلف علم الإجرام عن قانون العقوبات في الموضوع، حيث إن موضوع علم الإجرام هو البحث في أسباب الجريمة وطبيعة السلوك الإجرامي، من خلال دراسة المجرم دراسة بيولوجية وعقلية ونفسية واجتماعية، ودراسة الإجرام في مختلف مظاهره بهدف الوصول إلى قوانين علمية تفسر الجريمة وتساعد على ضبط الظاهرة الإجرامية والتحكم بها. أما موضوع قانون العقوبات فهو التجريم والعقاب، فالمشرع من خلال نصوص قانون العقوبات يحدد الأفعال التي يعدها جريمة تمشياً مع السياسة الجنائية للدولة، والعقوبات المستحقة لمرتكبيها، ويقوم فقهاء القانون بتفسير النصوص واستنباط القواعد الجنائية وتحليلها بغية الوصول إلى إرادة المشرع.

كذلك يختلف منهج البحث المتبع في علم الإجرام عن ذلك المتبع في قانون العقوبات، فالمنهج المتبع في قانون العقوبات هو المنهج الاستنباطي حيث يحاول الفقيه أو القاضي أن يحلل نصوص قانون العقوبات بغية الوصول إلى قصد المشرع وتحديد نطاق النص على الحالات التي تعرض في الواقع العملي. أما المنهج المتبع في علم الإجرام فهو المنهج الاستقرائي أو التجريبي الذي يقوم على الملاحظة والتجربة والإحصاء والمقارنة والتحليل المنهجي والمسح الاجتماعي ودراسة الحالة والدراسات الميدانية والدراسات العضوية والنفسية والعقلية، فعلم الإجرام يخضع المجرم إلى دراسة منهجية في محاولة للتعرف إلى صفاته المختلفة (بيولوجية ـ عقلية ـ نفسية)، والظروف المحيطة به، وكذلك يهتم في الوقت نفسه بدراسة الظاهرة الإجرامية من خلال النظام الاقتصادي والاجتماعي والعوامل الأخرى المختلفة مستعيناً في ذلك بالدراسات العلمية والنظريات التي تقدمها العلوم الإنسانية في شتى فروعها.

ورغم استقلال كل من علم الإجرام وقانون العقوبات من حيث الموضوع وأسلوب دراسة الظاهرة الإجرامية والمنهج المتبع في البحث فإن الصلة بينهما وثيقة ويؤثر كل فرع في الآخر: فقانون العقوبات هو المصدر الأساسي لعلم الإجرام سواء من خلال تحديده المفهوم القانوني للجريمة التي هي الموضوع الرئيسي في علم الإجرام وسواء باختيار نماذج المجرمين الذين يخضعهم علماء الجريمة لبحوثهم ودراساتهم. ومن جهة أخرى فإن المشرع ورجال القانون في معرض سن تشريع جزائي أو تعديله أو إلغائه لا يملكون إلا الرجوع إلى دراسات علم الإجرام ونظرياته للتعرف إلى الحقيقة الواقعية للسلوك الجرمي إلى جانب الحقيقة القانونية، وذلك تمهيداً لإيجاد علاج جذري للسلوك الجرمي من خلال التعرف إلى أسبابه وأنجع الطرق لعلاجه، كذلك يجد القاضي الجزائي صعوبة في الحكم على الجاني من دون معرفة حالته العضوية والنفسية والعقلية وظروفه الاجتماعية والاقتصادية ودوافعه التي أدت إلى الانحراف عن طريق الصواب وارتكاب الجريمة وهو يستعين في ذلك بقوانين علم الإجرام ونظرياته.

أخيراً فإن المشرع وفي إطار اهتمامه بشخصية المجرم تبنى مبدأ تفريد العقاب الذي يعد أهم نتائج دراسات علماء الجريمة، حيث إن العقوبة يجب أن تكون مناسبة في حجمها وطبيعتها ومقدارها شخصية الجاني.

ب ـ علم الإجرام وقانون أصول المحاكمات الجزائية: يبين قانون أصول المحاكمات الجزائية الإجراءات الواجبة الاتباع لاقتضاء الدولة حقها في العقاب من مرتكبي الجريمة، فضلاً عن بيان القواعد التي تمكن المضرور من الجريمة من المطالبة بالتعويض أمام المحكمة الجزائية، وذلك في حال رفع الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجزائية.

ويختلف علم الإجرام عن قانون أصول المحاكمات الجزائية في طبيعة كل منهما، فعلم الإجرام كما سبق القول علم تجريبي في حين أن قانون أصول المحاكمات الجزائية هو علم معياري أو قاعدي، كذلك فإن منهج البحث في كل منهما مختلف، فعلم الإجرام يعتمد على المنهج الاستقرائي أو التجريبي في حين يعتمد قانون أصول المحاكمات الجزائية على المنهج الاستنباطي.

ورغم الاختلاف السابق فإن أبحاث علم الإجرام حول أسباب الجريمة ودوافع المجرم وصفاته وظروفه المختلفة أفادت المشرع في تطويره لقواعد الإجراءات الجزائية، كما أفادت جهات التحقيق والمحاكمة من حسن إدارة التحقيق وصولاً إلى اختيار المؤيد الجزائي الملائم لحالته، والذي من شأنه أن يعيده مواطناً صالحاً وعضواً فاعلاً في المجتمع.

2ـ علم الإجرام وعلم العقاب: علم العقاب هو علم دراسة العقوبة والتدابير التي تنفذ بالمجرم، ويسمى علم العقاب من قبل بعض العلماء »علم علاج المذنبين«، ويهتم علم العقاب بأنواع العقوبات والتدابير، وبطرق تنفيذها، وبالإجراءات اللازمة لجعلها وسائل علاج وتأهيل اجتماعي، وقد اختلف الفقه الجزائي حول العلاقة بين علم الإجرام وعلم العقاب، فبعضهم يرى في علم العقاب فرعاً من فروع علم الإجرام بحيث يعرّف علم الإجرام بأنه: «علم دراسة ظاهرة الجريمة للبحث عن أسبابها وتحديد طرق علاجها»، ويدافع هؤلاء عن رأيهم بالحجج التالية:

1ـ إن موضوع علم الإجرام هو دراسة الظاهرة الإجرامية، وهذا يتطلب أن تحيط الدراسة بأسباب الجريمة وطرق علاجها كما هو الحال في علم الطب الذي يدرس في آن واحد أسباب الداء والدواء المناسب، وبذلك يلتقي موضوع علم الإجرام موضوع علم العقاب الذي يتناول أساليب الوقاية من الجريمة وعلاجها، وبذلك يتحد موضوع علم الإجرام وموضوع علم العقاب معاً.

2ـ لا يمكن الفصل بين دراسة أسباب الجريمة سواء ما تعلق منها بالجاني أم المجتمع عن دراسة وسائل علاجها وجعلهما في علمين مستقلين. ذلك أن تحديد العلاج المناسب للمجرم يكون من خلال معرفة أسباب إجرامه، وبذلك أيضاً يرتبط علم الإجرام برباط وثيق بعلم العقاب لدرجة عدم إمكانية الفصل بينهما.

3ـ يشترك علم الإجرام وعلم العقاب في الكشف عن حاجات المجتمع في مجال مكافحة الجريمة، وبالتالي فإن لهما دوراً واحداً ومشتركاً في توجيه السياسة الجنائية وتوجيه المشرع عند تقنين مبادئ العقاب وطرق الوقاية من الجريمة وعلاج السلوك الإجرامي.

أما الاتجاه الآخر فيرى في علم العقاب علماً مستقلاً قائماً بذاته، ويدافع عن رأيه بالحجج التالية:

1 ـ موضوع علم الإجرام هو دراسة الظاهرة الإجرامية دراسة شاملة من خلال عناصرها الثلاثة الجريمة والمجرم والمجني عليه، بهدف معرفة الأسباب الحقيقية لنشوئها سواء أكانت ترجع إلى الجاني أم للمجني عليه أم للبيئة. أما موضوع علم العقاب فهو دراسة المؤيد الجزائي سواء كان عقوبة أم تدبيراً، وكيفية تنفيذه على النحو الذي يحقق الغرض المقصود منه، وهو إعادة تأهيل المجرم بصورة تباعد بينه وبين العودة إلى طريق الإجرام مرة أخرى.

2 ـ يختلف علم الإجرام عن علم العقاب في أسلوب كل منهما في مكافحة الظاهرة الإجرامية، فعلم الإجرام يعمل على الكفاح ضد الجريمة بتدابير اجتماعية للوقاية منها قبل وقوعها، ومن ذلك الاهتمام بتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وقد أطلق العالم الإيطالي فيري على هذه الوسائل تعبير البدائل العقابية؛ لأنها تعمل على منع الظروف المهيئة والمشجعة على ارتكاب الجرائم، وبالتالي فهي كالعقوبة تخفف من حدة الظاهرة الإجرامية؛ وكان العالم سيزار بكاريا قد دعا قبل ذلك إلى ضرورة الاهتمام بالتعليم للوقاية من الجريمة، وكذلك إلى ضرورة إضاءة الشوارع وتدعيم قوى الأمن بقصد التقليل من نسبة الجرائم التي تقع ليلاً.

أما أسلوب علم العقاب في منع الجريمة فيبدأ بعد وقوعها، ويكون محله المحكوم عليه حيث يتم إصلاحه وتأهيله بتطبيق المؤيد الجزائي الذي من شأنه إعادته إلى المجتمع معافى من الجريمة.

3 ـ إن دراسات علم الإجرام ذات طابع إقليمي أو محلي، فهي تتعلق بمخالفة قواعد القانون الجزائي، في حين أن دراسات علم العقاب ذات طابع عالمي، فهي لا تتوقف عند دراسة المعاملة العقابية على المستوى الداخلي بل تتوسع هذه الدراسات لتشمل الأنظمة العقابية المقارنة بهدف الوصول إلى أفضل الطرق في معاملة المجرمين.

وعلى الرغم من أن هذا الاتجاه من الفقه يرى في علم العقاب علماً مستقلاً عن علم الإجرام وقائماً بذاته فإنه يقر بوجود علاقة وثيقة بين العلمين: فكلاهما يهدف إلى تحقيق غاية واحدة وهي مكافحة الجريمة ومنع وقوعها وإن اختلف أسلوب كل منهما في ذلك، وكلاهما علم تجريبي يقوم على التجريب والملاحظة، ويستفيد علم العقاب من أبحاث علم الإجرام ودراساته ذلك أن اختيار المؤيد الجزائي المناسب للمجرم واختيار أسلوب تنفيذه بما يحقق الهدف منه لن يتحقق إلا إذا تمت معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت الجاني إلى طريق الإجرام والجريمة.

3 ـ علم الإجرام وعلم السياسة الجنائية: ظهر اصطلاح السياسة الجنائية في القرن التاسع عشر على يد الفقيه الألماني فوير باخ، وقد تطور مفهوم السياسة الجنائية لتصبح سياسة عليا للتوجيه في مجال التجريم والعقاب والوقاية من الجريمة. والسياسة الجنائية هي مجموعة المبادئ التي ترسم لمجتمع ما في مكان وزمان معينين اتجاهاته الأساسية في التجريم، وفي مكافحة ظاهرة الجريمة، والوقاية منها وعلاج السلوك الإجرامي، وعلى ذلك فإن موضوع السياسة الجنائية هو: الكشف عن صور السلوك المناهضة للمجتمع في بلد معين وفي مرحلة تاريخية معينة، وتنظيم رد الفعل الاجتماعي تجاه الجريمة، والبحث في العقوبات والتدابير وإجراءات الخصومة الجنائية الكفيلة بمواجهتها. ولكي تتمكن السياسة الجنائية من القيام بهذه المهمة فإنها تهتم بمسألتين:

معرفة أسباب الظاهرة الإجرامية وطبيعة السلوك الإجرامي في المجتمع الذي تخطط لمكافحة الإجرام فيه، وهي تستعين في ذلك بعلم الإجرام بفروعه المختلفة.

دراسة القانون الجزائي القائم دراسة نقدية للكشف عن مدى ملاءمته للإيديولوجية السائدة وللنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من جهة، ولمتطلبات مكافحة الجريمة من جهة أخرى.

فالسياسة الجنائية وعلم الإجرام يلتقيان في أن كلاً منهما يهتم بمعرفة أسباب الجريمة، ولكن علم الإجرام هو علم وصفي تفسيري يدرس ظاهرة الجريمة لبيان صورها وخصائصها والبحث عن أسبابها، أما السياسة الجنائية فهي علم معياري يدرس الظاهرة الجرمية لوضع تنظيم قانوني لها.

وعلى الرغم من استقلال علم السياسة الجنائية عن علم الإجرام فإن النتائج التي يتوصل إليها علم الإجرام من خلال أبحاثه تؤدي دوراً أساسياً في رسم سياسة التجريم والعقاب والوقاية من الجريمة. فظهور نمط جديد من أنماط الجريمة وقيام الباحثين في علم الإجرام بدراسة هذا النمط الإجرامي بغية الوصول إلى الأسباب التي تفسر ظهوره يفيد كثيراً في توجيه المشرع عند وضع النصوص أو تطويرها لمواجهة هذا النوع من الإجرام، كما يفيد القاضي عند اختيار الجزاء المناسب للجريمة.

4ـ علم الإجرام وعلم الضحية: يعد علم الضحية من العلوم الجزائية الحديثة التي بدأ الاهتمام بها ابتداءً من عام 1948، ويهتم هذا العلم بدراسة المجني عليه دراسة علمية، وبيان دوره في الظاهرة الإجرامية، ففهم سلوك الجاني ودوافعه إلى الجريمة وتحديد مدى خطورته الإجرامية لن يتأتى إلا بمعرفة مدى علاقته بالمجني عليه، وبيان دور هذا الأخير في خلق فكرة الجريمة أو تسهيلها أو التشجيع عليها. وقد تطور علم الضحية فأصبح يهتم إلى جانب دراسة دور المجني عليه في الظاهرة الإجرامية أيضاً بحقوق المجني عليه وكيفية تعويضه بعد وقوعه ضحية لجريمة من الجرائم.

وأهمية علم الضحية تبدو في أنه بدراسته المتكاملة للمجني عليه تكتمل الدراسة العلمية للظاهرة الإجرامية، باعتبار أن المجني عليه هو أحد أطرافها، وهذا يؤدي إلى فهم أعمق وأشمل لظروف نشأة الجريمة وأسباب وقوعها وخاصة ما تعلق منها بالمجني عليه، مما يساعد على تحديد مدى مسؤولية الجاني عن الجريمة واختيار نوع المعاملة العقابية المناسبة لحالته، ووضع سياسة جنائية خاصة بالمجني عليهم بهدف وقايتهم من السقوط مرة ثانية ضحايا للجريمة.

ويعدّ علم الضحية أحد فروع علم الإجرام عند غالبية الفقهاء، وبدراسة دور المجني عليه في الظاهرة الإجرامية تصبح دراسة الجريمة بوصفها ظاهرة فردية واجتماعية مكتملة. فالجريمة تتألف من طرفين؛ الجاني والمجني عليه، وأسباب الجريمة منها ما يتعلق بالبيئة (كالعوامل الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية)، ومنها ما يتعلق بالجاني (كصفاته العقلية والنفسية)، ومنها ما يتعلق بالمجني عليه (كصفاته الفردية أو حالته الصحية أو العقلية أو الاجتماعية التي تجعله عرضة لوقوع الجريمة عليه أكثر من غيره).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ رؤوف عبيد، أصول علمي الإجرام والعقاب (دار النهضة العربية، القاهرة 1985).

ـ عبود السراج، علم الإجرام وعلم العقاب (مطبعة ذات السلاسل، الطبعة الثانية، الكويت 1990).

ـ محمد أبو العلا عقيدة، أصول علم الإجرام (دار الفكر العربي، القاهرة 1994).

ـ رمسيس بهنام، علم تفسير الجريمة (منشأة المعارف، الإسكندرية 1993).

 


التصنيف : القانون الجزائي
النوع : القانون الجزائي
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 553
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 554
الكل : 29657659
اليوم : 37669