تلوث ضويي
Light pollution -



التلوث الضوئي

مصطفى صائم الدهر

 

التلوث الضوئي  light pollution (photopollution أو luminous pollution) هو الإنارة الصنعية artificial المفرطة أو غير المناسبة أو الدخيلة. ويعرّف أيضاً على أنه تغيير مستويات الإنارة الطبيعية في البيئات الخارجية نتيجة المنابع الضوئية الصنعية. وللتلوث الضوئي أشكال عديدة منها:

الإنارة الزائدة over-illumination.

توهج السماء sky glow في الليل بفعل الإنارة في المناطق المأهولة، وينجم عن ذلك رؤية عدد أقل من النجوم في السماء في المدن ليلاً.

النور الباهر (الوهج) glare، وينجم عن الإنارة الزائدة بحيث يسبب إزعاجاً للعين.

احتشاد clutter المنابع الضوئية، كما يحدث عادة في الأماكن المزدحمة كالأسواق.

تعدي trespassing الضوء من المنطقة المراد إنارتها على مناطق مجاورة.

- تلوث الضوء المستقطَب، أي استقطاب الضوء light polarization الناجم عن الانعكاس عن السطوح الصنعية كالزجاج مثلاً، بخلاف الضوء الطبيعي الذي يكون مستقطباً جزئياً.

ويُقصد بالتلوث الضوئي تحديداً الإشعاع الكهرطيسي ضمن المجال المرئي، الناجم عن انتثار الإنارة الزائدة في المناطق المسكونة. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الحيوانات قد تتأثر بالضوء فوق البنفسجي الذي لا يراه الإنسان. ويبيّن الشكل (1) رسماً توضيحياً لأشكال التلوث الناجم عن الإنارة في البيئات الخارجية. ويمكن باختيار الإنارة المناسبة وزاوية توجيه الضوء تخفيف التلوث الضوئي تخفيفاً كبيراً.

الشكل ( 1) أشكال التلوث الناجم عن إنارة خارجية.

كان هواة الرصد الفلكي من أوائل من لفت النظر إلى هذه المشكلة، إذ تُخفف هذه الظاهرة رؤية النجوم ليلاً بالقرب من المناطق المأهولة، في حين لا تتأثر المراصد الفلكية البحثية بها نظراً لبنائها عادة بعيداً عن المناطق السكنية.

لا يقتصر تأثير هذه الظاهرة على الرصد الفلكي وإنما يتعداه إلى تأثيرها في الكائنات الحية والنبات. ورجحت بعض الدراسات وجود تأثير صحي ونفسي في الكائنات الحية، إذ تنجذب حشرات كثيرة -على سبيل المثال- إلى منابع الضوء مما يؤدي إلى احتراقها في كثير من الأحيان. وقد بيّنت بعض الدراسات أن الإنارة على المباني العالية تؤثر في نمط هجرة بعض الطيور، في حين تمنع إنارة الشواطئ حيوانات أخرى مثل السلاحف البحرية من بناء أعشاش على الشاطئ. واقترحت بعض الدراسات أن الطيور وبعض الحيوانات قادرة على تمييز الضوء المستقطب وتستفيد منه في تحديد الاتجاهات، لكن وجود ضوء مستقطب بالانعكاس عن السطوح الصنعية قد يشوّش عليها.

يوجد لدى الإنسان محسّ (حساس) sensor ضوئي في العين غير مخصص للرؤية، وإنما يكشف شدة الضوء فقط ولاسيما الضوء الأزرق. تتمثل مهمة هذا المحسّ في تنظيم الإيقاع اليومي (الدورة اليومية) circadian rhythm (circadian cycle) لدى الإنسان، فعندما تكشف العين الإنارة تتحكم بإفراز هرمون ميلاتونين melatonin ويصبح النوم أصعب. وقد تسبب الإنارة الزائدة المتناثرة إزعاجاً وإرهاقاً لعين الإنسان. ومن الأعراض الأخرى التي يمكن أن يشعر بها الإنسان الصداع والإرهاق والإجهاد.

ذكرت بعض الدراسات أن ظاهرة التلوث الضوئي تبطئ من دورة تفكك ملوثات الهواء التي تتراكم في سماء المدن المكتظة في أثناء النهار - مثل مركبات الآزوت nitrate  radicals - بنحو 7%؛ مما يزيد تلوث الهواء في المدن.

تسعى بعض الجمعيات العلمية والهندسية المختصة بالإنارة مثل جمعية هندسة الإنارة في أمريكا الشمالية  Illuminating Engineering Society of North America (IESNA) إلى وضع معايير ومواصفات تقلل من هذه الظاهرة. وتعتمد هذه المعايير على تصنيف المناطق المراد إنارتها (الجدول1) ووضع ضوابط لشدة الإنارة وزوايا تسليط الضوء للوصول إلى أقل ما يمكن من التلوث الضوئي، وأن تكون اقتصادية أيضاً. وقد اعتمدت بعض البلديات في شروط الترخيص للمباني السكنية والتجارية مواصفات تختلف من بلد إلى آخر، كما وضعت بعض بلديات المدن الكبرى خططاً للاستعاضة عن إنارة الطرقات الحالية بطرائق أخرى أفضل من حيث التوفير في الطاقة وتخفيف التلوث الضوئي مما سيكون له أثر كبير في البيئة.

الجدول ( 1) تصنيف مناطق الإنارة البيئية

تصنيف المناطق

 

الوصف

E1

 

مناطق مظلمة مثل الغابات  والمحميات الطبيعية، الطرق عادة غير منارة

E2

 

مناطق إنارة منخفضة، مثل الضواحي السكنية البعيدة عن المدن

E3

 

مناطق إنارة متوسطة، مثل المناطق السكنية في المدن

E4

 

مناطق إنارة عالية، مثل المناطق التجارية والمطاعم ومراكز المدن

 

ومن الحلول الممكنة لهذه الظاهرة استخدام إنارة اقتصادية ومدروسة تسبب أقل ما يمكن من التلوث الضوئي، كاستخدام الديودات الباعثة للضوء ذات اللون الأزرق blue-light LED مع وجود عاكس يوجه الضوء إلى المنطقة المراد إنارتها فقط مع أقل ما يمكن من التجاوز أو التوهج. وتجدر الإشارة إلى أن تأثير الضوء الأزرق في الثدييات أكبر من تأثير الألوان الأخرى لكن شدة إنارة هذه الديودات أقل بكثير. وقد نال مكتشفو الديود الباعث الضوء ذا اللون الأزرق جائزة نوبل في الفيزياء للعام  2014لأنه يحقق تحسيناً كبيراً في مردود efficiency الإضاءة.

مراجع للاستزادة:

- Y. Earhart, Light Pollution Effects,Publifye, 2025.

- J. Eklöf, The Darkness Manifesto: On Light Pollution, Night Ecology, and the Ancient Rhythms that Sustain Life,Scribner Book Company, 2023.

- E. E. Goronczy, Light Pollution in Metropolises: Analysis, Impacts and Solutions, Springer, 2020.

- R. K. Gupta, T. A. Nguyen, Nanotechnology for Light Pollution Reduction, CRC Press, 2022.

- L. Hufnagel, Light Pollution, Urbanization and Ecology, IntechOpen, 2022.

 


- التصنيف : تقانات الفضاء والفلك - النوع : تقانات الفضاء والفلك - المجلد : المجلد العاشر، طبعة 2025، دمشق مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1