تكميه
Quantization -

التكمية

ماجدة النحيلي 

 

التكمية quantization مفهوم فيزيائي يعني أن أي كمية فيزيائية تأخذ قيماً متقطعةً محددةً فقط، قد تكون مضاعفات لكمية عنصرية صغيرة. فالشحنة الكهربائية والطاقة والضوء وعزم الاندفاع (الاندفاع الزاوي) والمادة جميعها مُكَمّاة، وقد لا تظهر التكمية على المستوى الجهري، وذلك لكون الفرق بين القيم الممكنة في هذه الحالة صغيراً جداً، وليس بالإمكان كشفه باستعمال الطرائق التجريبية المتاحة. فالمادة - على سبيل المثال- مكماة؛ لأنها تتألف من جسيمات منفصلة تحمل صفاتها، هي الذرات. وقد تستعمل التكمية للدلالة على كمية معيّنة من المادة بإعطائها رقماً وواحدة؛ لكنه شاع استعمالها مترافقة مع ظهور ميكانيك الكم.

التكمية هي المفهوم الضروري الذي استعمل للانتقال من المفاهيم التقليدية لوصف الظواهر الفيزيائية إلى وصفها كوانتياً (كمومياً). وهي مجموعة من الإجراءات لازمة لإنشاء نظرية الحقل الكوانتية quantum field theory مكان نظرية الحقل التقليدية. تُعدّ تكمية الحقل -سواء نُظر إليها تكمية للحقل الكهرطيسي مثلاً، أم كَمَّات حقل، مثل كمات الضوء (الفوتونات)- هي الأساس الذي تقوم عليه فيزياء الجسيمات والفيزياء النووية وفيزياء المادة الكثيفة وعلم الضوء الكوانتي.

ففي بداية القرن العشرين بيّنت مجموعتان من الظواهر الفيزيائية -التي بدت وكأنها مستقل بعضها عن بعضها الآخر- على نحوٍ لا يقبل الشك عدم إمكان تطبيق قوانين نيوتن وقوانين الإلكتروديناميك التقليدية في تفسير عمليات التأثير المتبادل بين الضوء والمادة، وكذلك  تفسير العمليات الحاصلة في الذرة نفسها. إذ ترتبط المجموعة الأولى مع الطبيعة المثنوية للضوء - التي أثبتتها التجربة فيما بعد، في حين ترتبط المجموعة الأخرى بعدم إمكان تفسير استقرار الذرات وأطيافها الضوئية. وقاد البحث عن العلاقة بين مجموعتي الظواهر وتفسيرها نظرياً - بما يوافق النتائج التجريبية- إلى ظهور الميكانيك الكوانتي.

يعود الفضل في إدخال مفهوم التكمية إلى الفيزيائي الألماني بلانكPlanck  عام 1900؛ في عمله على نظرية الإصدار الحراري للجسم الأسود. قادت نظرية الإصدار الحراري التي تستند إلى قوانين الإلكتروديناميك التقليدي والفيزياء الإحصائية إلى نتائج لا معنى لها، وعلى وجه الخصوص، النتيجة التي مفادها أنه ليس بالإمكان بلوغ التوازن الحراري بين الإشعاع والجسم المسخن؛ لأن الطاقة يجب أن تتحول بالكامل إلى إشعاع. قام بلانك بحل هذا التناقض وتوصل إلى علاقة تصف طيف الإصدار الحراري للجسم الأسود وصفاً يتفق اتفاقاً جيداً مع النتائج التجريبية؛ مقترحاً أن الإشعاع لا يصدر باستمرار، كما هي عليه الحال في نظرية الإشعاع التقليدية، بل على هيئة دفعات، أو دفقات متقطعة من الطاقة، أي على هيئة "كمات" يمكن أن تأخذ طاقتها سلسلة قيم متقطعة فقط، هي مكررات صحيحة لطاقة الكم الواحد التي تتعلق بتواتر الإشعاع الصادر  بالعلاقة (1):

 

 

حيث  ثابتة سُميت فيما بعد ثابتة بلانك، وقيمتها تساوي .

      تطورت فكرة التكمية - بعد عمل بلانك، في اتجاهين، يبدأ الأول بعمل أينشتاين عام 1905، الذي فسّر فيه النتائج التجريبية للأثر الكهرضوئي التي عارضت نظرية الضوء التقليدية القائمة على أساس الإلكتروديناميك التقليدي؛ مطوراً مفهوم التكمية لبلانك، فقال بفرضية الكمات الضوئية، أي إن الضوء لا يمتص أو يصدر على هيئة كمات فقط، بل ينتشر أيضاً على هيئة كمات؛ ممّا يعني أن الضوء بحد ذاته مؤلف من هذه الكمات المنفصلة، أي بعبارةٍ أخرى: التقطع من طبيعة الضوء نفسه- فللضوء خصائص جسيمية أيضاً، تقتصر على الطبيعة الموجية. بعد أكثر من عقدين أطلق الفيزيائي- الكيميائي الأمريكي لويس Gilbert Newton Lewis على هذه الكمات اسم الفوتونات عام 1929.

      ظهر البرهان اللاحق على الطبيعة الجسيمية للضوء عام 1922، عندما بيّن الفيزيائي الأمريكي كومبتون Arthur H. Compton  في تجاربه على تشتت أشعة - على الإلكترونات ضرورة وجودها. فأثبت كومبتون تجريبياً أن تشتت الأشعة على الإلكترونات يحصل وفقاً لقوانين التصادم المرن بين جسيمين، هما الإلكترون والكم الضوئي. وتخضع آلية هذا التصادم إلى قوانين انحفاظ كل من الطاقة والاندفاع، ولهذا السبب ينبغي أن يكون للكم الضوئي- إلى جانب طاقته - اندفاع قدره ، حيث  طول موجة الضوء الوارد (الأشعة السينية)، و سرعة انتشار الأمواج الكهرطيسية في الخلاء. ترتبط طاقة الكم باندفاعه وفقاً للعلاقة ، وهي صحيحة في الميكانيك النسبوي relativistic mechanics في حالة الجسيمات التي كتلتها السكونية معدومة.

   وبذلك أثبتت الطبيعةُ المثنوية للضوء الطبيعةَ الجسيمية الموجية له؛ أي إن للضوء إلى جانب الخصائص الموجية - المعروفة من قبل - خصائص جسيمية. وقد جرى تفسير جملة من الظواهر الفيزيائية المرتبطة بالضوء على أساس الخصائص الموجية، وجرى تفسير ظواهر أخرى على أساس الخصائص الجسيمية. قاد حل هذا التناقض إلى وضع الأسس الفيزيائية لميكانيك الكم. إضافة إلى ذلك أحدثت نظرية النسبية الخاصة special relativity - التي وضعها أينشتاين عام 1905- شروطاً بوصف الأشعة الكهرطيسية على أنها أحد أشكال المادة؛ والكمات الضوئية على أنها جسيمات أولية حقيقية.

      قام الفيزيائي الفرنسي دوبروي Louis Victor de Broglie عام 1924 بتعميم الطبيعة المثنوية الجسيمية على الجسيمات الاعتيادية جميعاً، مثل الإلكترونات والبروتونات. فوفقاً لدوبروي ينبغي أن يواكب كل جسيم- بصرف النظر عن طبيعته- موجة طولها  يرتبط باندفاع الجسيم  بالعلاقة (2):

  

ويعرف هذا الطور الموجي بطول موجة دوبروي. هذا يعني أن للجسيمات - إضافة إلى خصائصها الجسيمية - خصائص موجية، تظهر على وجه الخصوص في انعراجها. أثبت الفيزيائيان الأمريكيان دافيسون وجيرمرDavisson-Germer عام 1927 صحة فرضية دوبروي، عندما لاحظا لأول مرّة انعراج حزمة من الإلكترونات على بلورة من النيكل تقوم بدور شبكة انعراج فراغية. وبرهنا على أن الإلكترونات تنعرج على البلورة بالطريقة التي يجب أن تنعرج وفقها أمواج طولها معطى بطول موجة دوبروي. واكتشفت بعد ذلك الخصائص الموجية لجسيمات أخرى، وبذلك أثبتت صحة فرضية دوبروي تجريبياً. إن الخصائص الموجية للأجسام الجهرية macroscopic object ضئيلة جداً، وذلك لأن طول موجة دوبروي المواكبة لحركة مثل هذه الأجسام صغير جداً ويقع خارج حدود مجال الكشف المتاح تجريبياً. فطول موجة دوبروي المواكبة لجسم كتلته  يتحرك بسرعة  يبلغ قرابة (أنغستروم)، في حين أنه في حالة إلكترونات تقع طاقتها بين (إلكترون - ڤولط) و  يكون طولها في المجال قرابة  إلى ، على الترتيب، أي في مجال الأطوال الموجية لأشعة .

      يبدأ الاتجاه الآخر لتطور فكرة التكمية- والذي يُعدّ تعميماً لفرضية بلانك أيضاً- من عمل أينشتاين عام 1907م المخصّص لدراسة نظرية السعة الحرارية للأجسام الصلبة. لقد افترض أينشتاين أن الأشعة الكهرطيسية هي مجموعة أمواج كهرطيسية ذات تواترات مختلفة، تكافئ حركياً مجموعة من المهتزات، وأن إصدار هذه الأمواج أو امتصاصها يكافئ حركياً استرخاء هذه المهتزات أو إثارتها؛ على الترتيب. ولما كان امتصاص المادة للأشعة أو إصدارها يحدث بكمات ذات طاقة ؛ فإنه بالإمكان القول: إن مهتز الحقل الكهرطيسي لا يمكن أن يكون له قيم اختيارية للطاقة، بل يكون له قيم محددة فقط، أي له سويات طاقة متقطعة، الفرق بينها يساوي ؛ قام أينشتاين بتعميم مفهوم تكمية طاقة المهتزات الكهرطيسية على أي مهتز مهما كانت طبيعته. ولما كانت الحركة الحرارية للجسم الصلب تقود إلى اهتزاز ذراته؛ فإن الجسم الصلب يكافئ حركياً مجموعة من المهتزات الميكانيكية؛ ومن ثمّ فإن طاقة مثل هذه المهتزات مكممة أيضاً، هذا يعني أن الفرق بين سويات الطاقة المتجاورة يجب أن يساوي ، حيث  تواتر اهتزاز الذرات، وأمكنه بذلك تفسير تغير السعة الحرارية مع تغير درجة الحرارة عند الدرجات المنخفضة.

      طبق بور   Niels Henrik David Bohrفي عام 1913 مفهوم تكمية الطاقة على نموذج بنية الذرة الذي وضعه الفيزيائي الإنكليزي رذرفورد Ernest Rutherford عام 1911. وقد قادت دراسة حركة الإلكترونات في الذرة وفقاً لتصورات الإلكتروديناميك التقليدي إلى نتائج متناقضةٍ، وعلى وجه الخصوص عدم إمكان استقرار الذرات، حيث كان على الإلكترونات المتحركة أن تصدر أمواجاً كهرطيسية، وبالنتيجة تفقد طاقتها، ويتناقص باستمرار نصف قطر مدارها- وفي زمن يساوي قرابة - إلى أن تسقط على النواة. لكن من المعروف آنذاك أن الذرات ليست موجودة فحسب، بل إنها مستقرة أيضاً. لذلك اقترح بور لتفسير استقرار الذرات شروط تكميم المدارات التي مفادها أنه -من بين المدارات التقليدية الممكنة جميعاً- لا يسمح للإلكترونات أن تأخذ مدارات عدا تلك التي تكون فيها عزوم اندفاعها مساويةً مكررات صحيحة من ثابتة بلانك . وإضافة إلى ذلك، تكون طاقة الإلكترون الذي يحقق شرط التكمية هذا محددةً ومنفصلة، وهو لا يصدر ولا يمتص أي أمواج كهرطيسية ما بقي على مداره؛ أي ما بقي في سويته الاستقرارية. ويحصل الإصدار فقط عندما ينتقل الإلكترون من مدارٍ إلى مدارٍ آخر؛ أي من سوية طاقة  إلى سوية طاقة أخرى  أصغر من حيث المقدار، ويتولد من ذلك كَمٌّ كهرطيسي تحقق طاقته العلاقة (3):

نجحت علاقة بور في تفسير تواترات الخطوط الطيفية لذرة الهدروجين وأشباهه، وبعد ذلك مباشرةً أثبتت تجارب فرانك Franck وهرتز  Hertz- بين عامي 1913 و 1914- أن سويات الطاقة في الذرات الأخرى مكماة أيضاً. بهذه الطريقة أثبت بور أن ثابتة بلانك الكوانتي التي تعبِّر عن الطبيعة المثنوية الجسيمية الموجية للضوء تحدد أيضاً حركة الإلكترونات في الذرات؛ التي تختلف بدورها اختلافاً كبيراً عن قوانين الحركة التقليدية.

مع كل النجاحات التي حققتها نظرية بور نصف الكمومية عجزت عن تفسير حركة الإلكترونات في الذرات الثقيلة وتفسير أطيافها، والروابط الكيميائية بين الجزيئات، وعلى وجه الخصوص حركة الإلكترون بين سويات الطاقة. يعود السبب في ذلك إلى أنه ليس بالإمكان وصف حركة الإلكترون في الذرة وفقاً للميكانيك التقليدي بمدارٍ محددٍ، بل من الضروري إنشاء نظرية جديدة تدخل فيها المقادير العائدة للحالات الاستقرارية الابتدائية والنهائية فقط.

وضع الفيزيائي الألماني هايزنبِرغ Werner Heisenberg عام 1927 مبدأ عدم التعيين، الذي يُعدّ أهم خطوة في تفسير قوانين الظواهر الذرية وبناء الميكانيك الكوانتي. لما كانت الطبيعة المثنوية الجسيمية الموجية من أهم خصائص الجسيمات المجهرية؛ فإن حالتها بالكامل تتحدد بتوابع موجية. ويمكن أن يظهر الجسيم في أي نقطة من الفضاء يكون فيها التابع الموجي مغايراً للصفر. لهذا كان لنتائج التجارب التي تحدد إحداثيات الجسيم مثلاً أو اندفاعه طبيعة احتمالية. وهذا يعني أنه عند إجراء سلسلة من التجارب المحددة على جملة محددة؛ فإن قيم النتائج ستكون في كل مرّة مختلفاً بعضها عن بعض. لكن تكون بعض القيم أكثر احتمالاً من الأخرى، أي يكون عدد مرات ظهورها أكبر. إن التكرار النسبي لظهور هذه القيم المقيسة أو تلك، يتناسب مع مربع سعة التابع الموجي في المواضع الموافقة. لهذا السبب سوف تظهر أكثر ما يمكن تلك القيم التي تقع بالقرب من القيم العظمى للتوابع الموجية. فإذا كان التابع الموجي  رزمة موجية ضيقة، فإن الجسيم يقع على نحوٍ أساسي بالقرب من هذه القيمة. لكن هناك بعض القيم التي لا يمكن استبعادها، تنتشر ضمن مجالٍ يساوي عرض التابع الموجي عند منتصف قيمته العظمى، أي هناك عدم تعيين في ما يجب أن يظهر. بهذه الطريقة ليس بالإمكان قبول مفهوم إحداثي واندفاع الجسيم المجهري بالمعنى الرياضي التقليدي.

وفقاً لهايزنبِرغ لا يمكن قياس أي زوج نوعي محدّد من المتحولات على نحوٍ متزامنٍ بدقةٍ عاليةٍ. لقد أشار إلى أنه بالإمكان قياس موضع الإلكترون أو اندفاعه بدقة عالية، ولكن ليس بالإمكان قياسهما معاً على نحوٍ متزامن بهذه الدقة. فإذا كان  هو عدم التعيين في الموضع (دقته) و عدم التعيين في الاندفاع الخطي الموافق؛ فيجب أن تتحقق العلاقة (4):

 

 تُعدّ إشارة المساواة أصغر قيمة يمكن أن يأخذها حاصل الضرب، ومن ثمّ عندما تُمثّل حالة جسيم ما في فضاء الطور؛ فإن حاصل الضرب يمثل المساحة التي تشغلها الحالة فيه، وتمثل تكمية هذا الفضاء.

ثمّة أيضاً علاقة مماثلة في عدم التعيين في كلٍّ من الطاقة والزمن، لها الشكل نفسه العلاقة (5):

 

 لكنْ لها معنىً مختلف. فإذا كانت الجملة الذرية واقعة في حالة استقرارية؛ ينتج من مبدأ هايزنبِرغ أنه حتى طاقة الجملة يمكن قياسها فقط بدقةٍ لا تزيد على المقدار ، حيث  هو الزمن اللازم للقياس. يعود السبب في ذلك إلى التأثير المتبادل بين الجملة وأداة القياس؛ وأن مبدأ عدم التعيين المطبق في هذه الحالة يعني أن الدقة في تعيين طاقة التأثير المتبادل هذه لا تتجاوز . من ناحية أخرى، تقود علاقة عدم التعيين في الطاقة والزمن إلى استنتاجٍ مهمّ عن الحالات المثارة في الذرات والجزيئات والنوى. لما كانت هذه الحالات المثارة غير مستقرة؛ فإنه ينتج من مبدأ هايزنبِرغ أن سويات الطاقة المثارة لا يمكن أن تكون محددة بدقةٍ؛ ممّا يعني أن لها عرضاً ما، يسمى عرض السوية الطبيعي. فإذا كانت  هي وسطي زمن حياة الحالة المثارة؛ فإن عرض سويتها الطاقية تساوي قرابة .

      تابع العالم النمساوي شرودينغر Erwin Schrödinger فكرة دوبروي التي مفادها أن للإلكترون خصائص موجية، وتصور أنه يمكن أن يشبِّه حركة الإلكترون بموجة مستقرة حول النواة تهتز بطول موجة وتواتر محددين. وتساءل: على أي بعدٍ من النواة يمكن أن يحصل هذا فقال بوجود عدد محدد فقط صحيح من الأمواج المستقرة الكاملة التي تتواءم داخل الذرة حول النواة، ولا تتداخل فيما بينها. ففي حالة مدار محدد، أو محيط مدار محدد؛ ثمّة فقط عدد قليل من الأمواج الكاملة، وذات طول موجة مقابل، يمكن مشاهدتها. أما بقية الأمواج فلن تشاهد. تنسجم هذه الفكرة انسجاماً جيداً مع فكرة بور عن تكمية سويات الطاقة؛ أي هناك طاقات محددة في الذرة، ولهذا هناك أطوال موجية مسموحة في الذرة. استناداً لذلك وضع شرودينغر نموذجاً رياضياً يفترض أن الإلكترون موجة مستقرة، وحصل على حل لا يتفق مع الحقائق التجريبية المشاهدة لذرة الهدروجين فقط، بل يعطي نتائج ممتازة للذرات جميعاً عند مقارنته بأطيافها الفعلية.

وفي عام 1926 وضع شرودنغر معادلةً تصف سلوك الأمواج المادية في الحقول الخارجية الشديدة، وبهذا ظهر الميكانيك الموجي. تُعدّ معادلة شرودنغر المعادلة الأساسية في الميكانيك الكوانتي غير النسبوي. إن حل معادلة شرودينغر لا يعطي الموضع الدقيق للإلكترون، بل احتمال وجود الإلكترون في مكانٍ محددٍ حول النواة. وإن المكان الأكثر احتمالاً للإلكترون هو المدار، أي هو الحجم المكاني حول النواة الذي يصرف فيه الإلكترون قرابة 90% من الزمن. إن شكل هذا الحجم المكاني- الذي يدعى الآن مداريّاً orbital - هو واحد من حلول معادلة شرودينغر لإيجاد الإلكترون في الذرة. وهو يقابل تكمية سويات الطاقة وفقاً لبور، لكن تكمية سويات الطاقة الرئيسة في الميكانيك الكوانتي تتعين بالعدد الكوانتي الرئيسي   الذي يأخذ القيم الصحيحة الموجبة فقط. وتحدد هذه طاقة الإلكترون؛ وبالنتيجة بعده الوسطي عن النواة، ولكنها لا تحدد توزع الاحتمال الحجمي. يتحدد هذا التوزع عن طريق سويات الطاقة الفرعية التي هي نتيجة من نتائج حل معادلة شرودينغر أيضاً، وتخضع للتكمية بالطريقة نفسها التي تخضع لها المدارات الأساسية. فلكل سوية طاقة رئيسية في الذرة عدد من السويات الفرعية معيّن بالعدد الكوانتي الرئيسي الموافق. يبين الشكل (1) شكل المداريات  في ذرة الهدروجين ومربع سعة الاحتمال. حيث:

(أ) الإلكترونات من النوع  يمكن أن تُلفى في أي موضع ضمن هذه الكرة المتمركزة على النواة باحتمالات مختلفة.

(ب) خريطة الكثافة الإلكترونية، حيث تمثل النقاط مواضع وجود الإلكترون. تشير الكثافة الكبرى للنقاط إلى الموضع الفيزيائي الذي فيه الغيمة الإلكترونية أكثر كثافة.

 (ج) تابع الكثافة الإلكترونية بدلالة البعد عن النواة.

 (د) الاحتمال الكلي لكون الإلكترون تابعاً للبعد عن النواة، تلاحظ القيمة العظمى.

 

 
الشكل (1) شكل المداريات  في ذرة الهدروجين ومربع سعة الاحتمال. 

 

مراجع للاستزادة:

-  C. Gerhardt, The Quantization of Gravity (Fundamental Theories of Physics Book 194), Springer, 2018.

   - F. Schwabl, Quantum Mechanics, Springer-Verlag Berlin Heidelberg, 2007.

   -  J. Zhou, L. Xing, C. Wen, Adaptive Control of Dynamic Systems with Uncertainty and Quantization (Automation and Control Engineering),CRC Press 2024.

 


- التصنيف : الكيمياء والفيزياء - النوع : الكيمياء والفيزياء - المجلد : المجلد التاسع، طبعة 2025، دمشق مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1