logo

logo

logo

logo

logo

البلورات الغروانية

بلورات غروانيه

Colloidal crystals -

البلورات الغروانية

يُمن الأتاسي

 

البلورات الغروانية colloidal crystals هي جسيمات غروانية كبيرة مرتبة ترتيباً منتظماً، قد يكون لها أشكال كروية أو صفيحية أو خطية، وتكون معلّقة في مائع. تختلف الجسيمات في البلورة عن أمثالها في الموائع المعلقة العادية في أنها ذات مقاسات متقاربة؛ لذلك تسمى أحياناً وحيدة التبعثر monodisperse، فتشبه عندئذٍ البلورة الصلبة النموذجية المكونة من ذرات أو جزيئات. وتتشكّل عادة من التجمّع الذاتي self- assembly لجسيمات يراوح مقاسها بين بضعة نانومترات والمكرومترات، وذلك وفق صفيفة بلورية. ويمكن أن يمتدّ الترتيب على مدى طويل (نحو1سم). يفضي هذا الترتيب الطويل المدى للجسيمات الغروانية إلى ظهور عدد من الخصائص المميزة، مثل انعراج الضوء المرئي الذي يقابل انعراج الأشعة السينية في البلورات، وحدوث فجوات (ثغرات) في منحني التبديد للفوتونات، الذي يقابل فجوات طاقة في المواد العازلة، وكثافة تراص عظمى، وكذلك نسبة عالية بين السطح والحجم.

تلقى البلورات الغروانية اهتماماً متزايداً بسبب آليات انتظامها وتجمعها الذاتي، وانتقالاتها الطورية البنيوية، وإن سلوكها سلوك جسيمات متآثرة - إذ غالباً ما تكون مشحونة- يؤدي إلى معاملتها معاملة مشابهة لتلك التي تُلاحظ في المادة الكثيفة، سواء أكانت سائلة أم صلبة، ولا تعامل معاملة الغازات المثالية غير المتآثرة.

تقسم البلورات الغروانية وفق منشئها إلى قسمين:

1- بلورات غروانية طبيعية: حيث يكون الجسيم الغرواني طبيعياً مثل الفيروسات: فيروس موزاييك التبغ على سبيل المثال، وفيروس التقزّح اللوني التيبولا. والأوبال opal -الذي هو نوع من أنواع الأحجار الكريمة- هو بلورات غروانية متحجرة، الجسيمات الغروانية فيه كرات من السليكا ذات بنية دورية متراصة يربط فيما بينها سليكا لا متبلوِرة تشكّلت خلال سنوات من الانضغاط والترسيب بفعل قوى الجاذبية. ويكون للكرات والرابط المالئ للفجوات قرائن انكسار مختلفة (الشكل 1).

الشكل (1)

2 - بلورات غروانية صنعية:

تحضّر البلورات الغروانية كيميائياً بطرائق عديدة، أهمها:

أ- الترسيب المضبوط controlled precipitation: تُستعمل هذه الطريقة لتحضير أغشية من بلورات غروانية من أكاسيد لا عضوية بالاعتماد على قوى التوتر السطحي والتبخّر. وهي تُنجز على مرحلتين: في المرحلة الأولى يجري تحضير كرات غروانية قطر كلٍ منها يقع بين عدة نانومترات و1 مكرومتر، وفي المرحلة الثانية يجري إخضاع هذه الكريات الغروانية لبيئة نصف مغلقة تسمح بالتبخّر البطيء وتكوُّنِ غشاءٍ رقيق. وتعتمد المرحلة الأولى في تحضير الكرات الغروانية على آليتي التنوية nucleation ونمو النوى. ولضمان الوصول إلى كرات وحيدة التبعثر (ذات أنصاف أقطار متقاربة) يجب الفصل بين هاتين الآليتين. وقد جرى- على سبيل المثال- تحضير كريات من السليكا الغروية وحيدة التبعثر بهذه الطريقة من خلال حلمهة محلول ممدّد لرباعي إيتل أورثو سليكات TEOS في الإتانول لقيم مرتفعة من الباهاء pH. وبوجه عام يجب ضبط شروط التفاعل جيداً من حيث درجة الحرارة والـ pH وطريقة مزج المواد المتفاعلة وتراكيزها وتراكيز الإيونات المضادة، وذلك لضمان تكوّن نوى أحادية بآن واحد تأخذ بالنمو معاً بانتظام. أما في المرحلة الثانية فيجري بناء غشاء من البلورات الغروانية. وتكون القوى المحركة وراء البلورة هي قوى التوتّر السطحي والقوى الشّعرية وظواهر التبخّر والمفاعيل المتبادلة ذات الطبيعة الكهرساكنة بين حبيبات السليكا، كما هو موضح بالشكل (2).

الشكل (2) تحضير أغشية من بلورات غروانية من أكاسيد لا عضوية بالاعتماد على قوى التوتر السطحي والتبخّر.

ب - الترسيب الكهربائي electro precipitation على سطوح ذات أنماط معينة سلفاً: تُستعمل هذه الطريقة لتحضير بلورات غروانية ابتداء من لاتكس latex بوليمري، وهو معلّق مستقر من حبيبات بوليمرية ضمن الماء. تقوم هذه الطريقة كما في سابقتها على مرحلتين، يجري في المرحلة الأولى تحضير كرات اللاتكس بالبلمرة المستحلبية emulsion polymerization متبوعة بالتوضيع الكهربائي على سطح بنمط معين رُسم عليه البلورة المطلوب هندستها، وهي تسمح بتحضير كرات غروانية بقطر يقع بين 20 نانومتر و100 مكرومتر. إنّ المكوّنات الأساسية للبلمرة وفق هذه الطريقة هي الموحود (المونومير) monomer. ووسط التعلّق (الذي هو الماء في معظم الحالات)، ومادة مستحلبة (خافضة للتوتر السطحي)، وبادرة (محرِض) للتفاعل initiator (هو عادة منحل في الماء). ووفق هذه الطريقة تكون معظم جزيئات المادة الخافضة للتوتر السطحي على شكل مذيّلات micelles بقطر 10 نانومتر تقريباً، وتكون هذه المذيلات منتفخة بالموحودات. يبدأ تكوّن لاتكس البوليمر عندما يتفكك المبادر المنحل بالماء معطياً جذوراً حرة تقوم ببلمرة كمية صغيرة من الموحودات مشكّلةَ نواة أوليغوميرية oligomoric على شكل جسيمات صغيرة. تدخل بعد ذلك هذه النوى إلى المذيلات وتنمو داخلها لتعطي جسيمات أكبر حتى يجري استهلاك كامل المونومير المنحلّ في المذيلات. في الوقت ذاته يعمل المونومير الموجود ضمن المستحلب بصفته مخزناً يزوّد السلاسل البوليمرية النامية بالوحدات البنيوية المتكررة وفقاً لآلية الانتشار diffusion. وتتوقف السلاسل عن النمو عند استهلاك كامل الموحود. جرى وفق هذه الطريقة تحضير غروانيات الموحود وحيدة التعلّق مثل بولي ميثيل ميتاكريلات polymethyl meta-acrylate والبولي ستايرين polystyrene. تأتي المرحلة الثانية
- كما يظهر في الشكل (3)- بعد تكوّن اللاتكس حيث يجري توضيع كرات اللاتكس المشحونة سلبياً على الأخاديد المنمطة على المصعد عبر تطبيق فرق كمون كهربائي. يحصل بداية توضّع عشوائي عند كمون منخفض نحو2.5 فولط. وتؤدي زيادة فرق الكمون إلى هجرة الجسيمات الغروانية على طول السطح مكوّنة بنى سداسية متراصة Hexagonal Clase Packed (HCP) أو بنى مكعبية مركزية الوجوه (Face Centered Cubic (FCC، وذلك تبعاً لعرض الأخاديد.

الشكل (3) تحضير بلورات غروانية ابتداء من لاتكس بوليمري بطريقة التوضيع الكهربائي.

تقود هذه الطريقة إلى تكوّن بلورات جسمية bulk. وتسلك هذه البلورات سلوك الأجسام الصلبة المرنة-اللزجة viscoelastic وذلك عند خضوعها لتشوّهات ميكانيكية صغيرة المطال.

تطبيقات البلورات الغروانية

تجد البلورات الغروانية تطبيقات لها في المجالات التالية:

1ـ في المواد والتجهيزات الإلكترونية والضوئية لتصنيع:

أ ـ النقاط الكمومية quantum dots: وهي جسيمات نانوية نصف ناقلة من البلورات الغروانية، لها خواص بين تلك التي لأنصاف النواقل الصلبة وتلك التي للجزيئات المنفصلة، وهي تُستعمل في الحوسبة الكمومية في الطور الصلب وفي التحاليل الحيوية، والخلايا الفوتوفولطائية، والديودات المصدرة للضوء LED.

ب ـ البلورات الفوتونية photonic crystals: وهي بلورات غروانية مكوّنة من بنى عازلة دورية تؤثّر في انتشار الموجات الكهرطيسية، و تسمح بانتشار انتقائي لبعض الأطوال الموجية بحسب الفجوة القطاعية الفوتونية photonic band-gap.

ج ـ أجهزة قياس التداخل فابري- بِرو Fabry-Perot: تُستعمل البلورات الغروانية في تصنيع أجهزة قياس تداخل فابري- بِرو القابلة للتوليف الدقيق.

د ـ الخلايا الشمسية (الفوتوفولطائية) لتحسين مردودها.

2 ـ المُحسّات الكيميائية والبيئية:

تُستعمل البلورات الغروانية في التحديد اللوني للملوثات مثل المركبات العضوية الطيارة Volatile Organic Compounds (VOCs).

3 ـ القوالب التي أساسها بلورات غروانية:

إنّ البلورات الغروانية هشة جداً، ويمكن أن تتشتت في الماء؛ ولذلك فإنّ أي تطبيق عملي يستعمل هذه البلورات يحتاج إلى تثبيتها في مكانها أو نسخها replication على مادة أخرى أمتن. ويُعدّ الأوبال الطبيعي مثالاً على هذا التثبيت بحيث يجري تثبيت بلورات السليكا الغروانية بمادة صلبة حاضنة تملأ الفجوات بين الكريات يكون أساسها سليكا مميهة.

الشكل (4)

إنّ تطبيقات البلورات الغروانية في تشكيل مواد ذات بنى نانوية بحيث تؤدي البلورات الغروانية دور قوالب templates ذات أهمية كبيرة في التطبيقات الحديثة لهذه البلورات؛ إذ إنّ قوالب البلورات الغروانية هي بلورات متراصة ثلاثية الأبعاد مكونة من كرات بأقطار من رتبة جزء من المكرومتر بحيث يجري نسخ بنيتها المنتظمة ذات المجال الطويل على حاضنة صلبة فيُحصل على موادّ ذات مسامات مرتّبة ومنتظمة. ولهذه المواد تطبيقات في البلورات الفوتونية والمحفزات المتطورة. ويوضح الشكل (4) بلورات غروانية مصنعة مخبرياً لأوبال (الصورة أ)، يجري بعد ذلك ملء الفجوات بالغرافيت بالاستعانة بتقانة الترسيب من البخار كيميائياً Chemical Vapor Deposition (CVD)، ثم تجري إزالة السيليكا بوساطة حمض فلور الماء HF، وينتج مقلوب الأوبال (الصورة ب)، ويكون للشبكة المتكونة خواص عاكسة للضوء.

مراجع للاستزادة:

- H. E. Bergna, W. O. Roberts, Colloidal Silica: Fundamentals and Applications, CRC Press 2005.

- R. Hidalgo-Alvarez, Structure and Functional Properties of Colloidal Systems, CRC Press 2009.

 


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58334762
اليوم : 46358

آثار الحقول المغناطيسية والكهربايئة في الخطوط الطيفية

 تتأثر أطياف الذرات أو الجزيئات المصدرة للضوء أو التي تمتصه بالحقول الكهربائية أو المغنطيسية المطبقة عليها، فتنزاح الخطوط الطيفية عن مواقعها التي كانت عليها قبل تطبيق الحقول، أو تنفصم لتظهر خطوط طيفية جديدة وفق أنواع الذرات أو الجزيئات وشدة الحقول المطبقة، وتسمى هذه الانزياحات...

المزيد »