logo

logo

logo

logo

logo

بصرى في العصور الكلاسيكية

بصري في عصور كلاسيكيه

-

بصرى في العصور الكلاسيكية

الاكتشافات الأثرية

مخطط المدينة

أهم المباني الأثرية

العمارة الدينية

العمارة المدنية

 

تقع مدينة بصرى Bosra في منطقة حوران جنوبي سورية، ويعود الاستيطان فيها إلى عصور سابقة للعصور الكلاسيكية، وتم التأكد من ذلك من خلال وجود دلائل أثرية في موقع المدينة، وخاصة في جهتها الغربية، حيث أشارت المسوحات والتنقيبات الأثرية إلى وجود استيطان من الألف الثاني قبل الميلاد. كما تشير نصوص مراسلات تل العمارنة[ر]  إلى وجود اسم بصرى في الألف الثاني قبل الميلاد، وأنها كانت موقعاً حصيناً.

منظر جوي لمدينة بصرى 

وأكدت  المصادر التاريخية انتشار المد النبطي في هذه المدينة في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد، متمثلاً بالرعاة المنتشرين في منطقة بصرى ومناطق أخرى من حوران، من دون أن تتبع المدينة ملوك الأنباط، بل كانت تتبع الملوك السلوقيين. وخلال الفترة الممتدة بين القرنين الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي تبعت ملوك الأنباط، حتى إنها أصبحت العاصمة الثانية لهم، وعاشت المدينة خلالها نهضة اقتصادية أثرت في مبانيها، وتعود إلى هذه الفترة الكثير من المباني والعناصر المعمارية، كما تم الكشف عن الكثير من الفخار ذي النمط النبطي في عدد من المواضع بالمدينة، وتم تصحيح الأفكار المسبقة التي تفيد بانحسار الوجود النبطي في الجهة الشرقية منها، ولكن الدراسات الأثرية أكدت وجود استيطان نبطي في عدد من المواضع من المدينة حتى في الجهة الغربية منها.

مخطط مدينة بصرى 

إن حدود المدينة في عهد سيطرة الأنباط غير معروفة تماماً، لكنها امتدت على مساحات كبيرة، وأهم آثارها النبطية في الجهة الشرقية من المدينة ومنها القوس النبطية التي تتألف من أعمدة وتيجان نبطية الطراز، كما يعود الشارع الرئيس الممتد من الشرق إلى الغرب، إلى النصف الثاني من القرن الأول الميلادي. بلغت مساحة المدينة نحو 90 هكتاراً، وقد تم تنظيمها وجر المياه اللازمة للشرب إليها عن طريق القنوات وخزنها في ما يسمى بالبركة في الجهة الشرقية من المدينة.

تم إلحاق المدينة بالولاية العربية التي تم إنشاؤها من قبل الامبراطور ترايانوس [ر] Trajanus في سنة 106م، وأصبحت عاصمة لها. كما أنشئ معسكر للجيش الروماني في شمالي المدينة  حيث رابطت الفرقة الثالثة القورينائية Legio III Cyrenaica، وسرعان ما تلقت المدينة المؤسسات الإدارية ذات الطابع الروماني، التي تجعل منها عاصمة حقيقية للولاية الجديدة. وفي عهد الأسرة السيفيرية أصبحت بصرى مدينة مهمة، وعاشت نهضة اقتصادية ومعمارية تمثلت في مبانيها وتنظيمها العمراني، فتم تنظيم شوارعها بطريقة شبه شطرنجية، وبنيت الأروقة والمحلات في أطراف الشوارع الرئيسة، على غرار المدن السورية الكبرى الأخرى خلال هذا العصر. ولم تكن المباني الجديدة من المسرح والملعب والحمامات مخصصة فقط للجيش والموظفين الرومان، بل كانت أيضاً مخصصة للسكان المحليين ذوي  الأصول الآرامية والعربية، وكان بعضهم يتحدث اللغتين اللاتينية واليونانية، وهما اللغتان الرسميتان في سورية خلال العصر الروماني إلى جانب الآرامية والعربية. كما كان المهرجان المخصص لإله المدينة ذي الشرى[ر] من أهم احتفالات المدينة، وكان سكان المدينة المحليون والرومان يحتفلون به. وقد حصلت المدينة خلال العهد السيفيري على وضع قانوني خاص عندما تم رفعها إلى مرتبة مستعمرة   Coloniaالتي تخول مواطنيها الحصول على حقوق المواطنة الرومانية، وتعفيهم من دفع الضرائب. ولم تتأثر المدينة بالدمار الذي لحق ببعض المدن في سورية خلال القرن الثالث الميلادي، بسبب بعدها عن جبهات الحروب بين الرومان والساسانيين[ر].

الاكتشافات الأثرية:

بدأت الأبحاث الأثرية في هذه المدينة  منذ  فترة طويلة، ولاسيما الدراسات التي بدأت في القرن التاسع عشر، عندما زارها الكونت الفرنسي ملكيور دو فوغيه[ر] De Vogué  الذي ترك عدداً من الرسومات حول مجموعة من المباني الأثرية في بصرى. كما قام الأمريكي هوارد بتلر [ر] H. Butler   بدراسة عدد من المباني فيها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وتناولت دراساته مختلف المباني الأثرية التي تعود إلى العصور المختلفة (النبطية والرومانية والبيزنطية والإسلامية). ثم عملت البعثة الأثرية الفرنسية في هذا الموقع عدة عقود برئاسة جان ماري دانتزر J.- M. Dentzer، وتحولت البعثة إلى بعثة سورية فرنسية مشتركة منذ عقد التسعينيات. وقد كان للبعثة الوطنية برئاسة المرحوم سليمان المقداد دور مهم في الكشف عن عدد من المباني الأثرية، كما قامت بترميم عدد من المباني الأثرية.  وشارك أيضاً في الأبحاث الأثرية لهذه المدينة والمناطق المجاورة لها عدد من الباحثين في الآثار والتاريخ والكتابات والعمارة (مثل فرانك بريمر وموريس سارترM. Sartre   وآني سارتر A. Sartre، وفرانسوا فيلنوف F. Villeneuve، وكريستيان أوجيه  CH .Augé، وكريستيان  دلابلاس C. Delapalce وباسكال كلاوس P. Claus وجاكلين دانتزر J. Dentzer  وتوماس فيبرT. Weber  وبيير ماري بلان P.-M. Blanc، وتيبو وبولين فورنيه   T. et P. Fournet، وجاك لوبلان J. Leblanc  ). كما عمل عدد آخر من الباحثين في هذا الموقع في مواضيع مختلفة من الجنسيات السورية والفرنسية والألمانية والإيطالية.

مخطط المدينة:

انتشرت مشاريع معمارية كبيرة في المدينة، كبناء الحمامات والمسرح ومعبد حوريات الماء. ويبدو أن أهم المشاريع المعمارية بدأت في المدينة منذ عهد الأباطرة هادريانوس[ر] Hadrien وأنطونينوس التقي[ر] Pius Antoninus  والأسرة السيفيرية، حيث بني عدد من المباني المهمة خلال هذه الفترة من المسرح والحمامات والأسواق وغيرها من المباني التي كانت تهدف إلى تجميل المدينة بما يليق بها بوصفها عاصمة للولاية الجديدة.

واكتمل شكل المدينة خلال العصر الروماني، وأحيطت بالأسوار على شكل شبه مستطيل، وهي مزودة بأبواب فخمة وقوية في جهاتها الرئيسة. وما زالت أجزاء من هذه الأسوار باقية حتى الآن في الجهات الشمالية الغربية والشرقية وفي بعض المواضع من جهة الجنوب، وتعود هذه الأسوار إلى فترات مختلفة من تاريخ المدينة من العهدين النبطي والروماني.

كما تم تنظيم الشوارع بطريقة هندسية، وأهمها الشارع المستقيم  الذي يخترق المدينة من الشمال إلى الجنوب ويسمى الكاردو Cardo، كان يمثل العمود الفقري للمدينة الذي يربط أجزاءها  بعضها ببعض. وهو شارع عريض، بنيت على جانبيه الأروقة المحمولة على الأعمدة، كانت تشيَّد لحماية الناس من حرارة الصيف وأمطار الشتاء، أما المحلات فقد كانت على نسق واحد خلف الأروقة على غرار المدن السورية الأخرى، وزينت الأروقة بأقواس النصر والأعمدة التذكارية والمصلَّبة، وكانت مزودة بالحوامل لرفع تماثيل الشخصيات المهمة في المدينة، كما زوِّد الشارع المستقيم بقنوات المياه لسقاية الناس.

مشهد تخيلي لجزء من مدينة بصرى في العصرين الروماني والبيزنطي 

ويتقاطع مع الكاردو شارع رئيس آخر من الشرق إلى الغرب يسمى ديكومانوس Decumanus، ويبدأ من جهة الغرب عند باب الهوى الذي يعد أحد الأبواب الرئيسة للمدينة، ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الثاني الميلادي، وهو يتألف  من ثلاث أقواس، أكبرها في الوسط، وهي مبنية بالحجر البازلتي، وقد زّين هذا الباب بالزخارف والمحاريب المختلفة. وعلى امتداد هذا الشارع في وسط المدينة تقع المصلبة حيث يتقاطع عندها مع الكاردو، ثم يستمر الشارع شرقاً  حيث يمر من القوس المركزية، ويتقاطع مع شارع آخر يمتد من جهة الشمال نحو المسرح الواقع في الجهة الجنوبية من هذه القوس، وينتهي بالباب النبطي في جهة الشرق الذي يحمل سمات نبطية بزخارفه وتيجانه. ويتألف هذا الباب من قوس مركزية كبيرة وعلى جانبيه محرابان مزينان بالأعمدة التي تحمل التيجان النبطية، وفي الطابق الأعلى محاريب أخرى تعلو المحاريب الموجودة في الطابق الأرضي، وأمكن من خلال الدراسات المعمارية تأريخ هذا الباب بمنتصف القرن الأول الميلادي أو نهايته. وإضافة إلى الشارعين المتقاطعين المذكورين في المدينة شوارع أخرى متقاطعة بعضها مع بعض بطريقة هندسية، تعطي تنظيماً هندسياً للمخطط العمراني في هذه المدينة.

ويقع المسرح في الجهة الجنوبية من المدينة، وإلى الغرب منه المدرج، وفي أقصى الجنوب ملعب السرك، أما المقبرة فتقع في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة، وأما البركة فتقع في جهة الشرق، وثمة بركة أخرى في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة، أما الحمامات فتقع في وسط المدينة  إضافة إلى الأسواق، وفي أقصى الشمال من المدينة يقع المعسكر الروماني. 

أهم المباني الأثرية:

العمارة الدينية:

المعابد:

تعرضت معابد المدينة لدمار  كبير خلال الحقبة المسيحية، وليس هناك سوى المعلومات المستقاة من الكتابات الدينية المكتشفة في الموقع التي تشير إلى وجود معبد مكرّس لأغسطس[ر] بالقرب من المبنى النبطي، أو معبد آخر مكرّس للإله جوبيتير أمون. تشير المعلومات الأثرية المتوافرة إلى وجود معبد نيمفاي (حوريات الماء، وتسمى أيضاً الكليبة، وتعرف عند السكان المحليين باسم سرير بنت الملك) الذي يتألف من أربعة أعمدة كورنثية الطراز، ويعود تاريخ هذا المعبد إلى القرن الثاني الميلادي. 

وهناك معبد وثني آخر في الساحة، التي تضم معبد الحوريات، كان  مخصصاً لعبادة الامبراطور، وكان لهذه العبادة طابع سياسي تبجيلي للامبراطور. وتم حفظ نذور قادة الجيش والضباط  فيه، ولم يكن مرتبطاً بالعبادات ذات الطابع الديني سواء كانت من أصل مشرقي أم كلاسيكي. ويعود تاريخ بناء هذا المعبد إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين، ويتألف من محراب كبير تتقدمه أربعة أعمدة كورنثية الطراز، ولم يبقَ منه سوى الأعمدة الأربعة وأجزاء من أساسات المحراب.

الكنائس:

الكاتدرائية: تقع هذه الكنيسة شرق القوس النبطية، يعود تاريخ بنائها إلى سنة 512م، وقد كرّست للقديسين سرجيوس وباخوس وليونتوس.  وبنيتْ وفق المخطط المركزي الذي يتألف من مربع، وعلى أطرافه مجموعة من الحنايا، أهمها الحنية الواقعة في جهة الشرق، وفي وسط المربع دائرة مؤلفة من مجموعة أعمدة تعلوها القبة. وتعد هذه الكنيسة وفق مخططها المركزي من الكنائس القليلة في سورية، وهي مشابهة لكنيسة أخرى في جنوبي سورية في مدينة إزرع، إذ بنيت أغلبية الكنائس في سورية وفق المخطط البازيليكي ذي السقف الجملوني.

كنيسة الراهب بحيرى: تعد من الكنائس القديمة، وقد بنيت في القرن الرابع الميلادي وفق المخطط البازيليكي ذي السقف الجملوني. وتتميز الواجهة الغربية لهذه الكنيسة بوجود قوس كبيرة فريدة من نوعها. ارتبطت بهذه الكنيسة قصة اللقاء الذي ترويه السيرة النبوية بين الراهب بحيرى والنبي .

كما أسفرت التنقيبات الأثرية في هذه المدينة عن الكشف عن كنيسة أخرى تعد كبيرة بأبعادها،  وتم الكشف عن حنيتها في جهة الشرق، ودلّت التنقيبات على أن أرضيتها كانت مغطاة بلوحة من الفسيفساء.

العمارة المدنية:

قصر ترايانوس (تراجان):

يقع هذا المبنى في الجهة الشرقية من المدينة خلف الكاتدرائية. وكان هوارد بتلر قد حدده على أنه قصر الحاكم الروماني في بصرى، ولكن الدراسات الحديثة بيّنت أنه قصر أسقفي يعود إلى القرنين الخامس والسادس الميلاديين، كما تم إعادة استخدام أجزاء من مبنى أقدم منه من العصرين النبطي والروماني.

وتبلغ مساحة هذا المبنى 1850م2، وقد بني على مستوى طابقين، تتوسطه باحة مركزية، وتتقدم الأعمدة الغرف في الجهتين الشمالية والجنوبية على مستوى الطابقين. وجاء مخطط هذا القصر وفقاً للمباني والقصور المشرقية. وأظهرت الدراسات التي تمت في هذا المبنى أن غرف الطابق الأرضي قد خصصت للخدمات المختلفة من تخزين المواد والماء وإيواء الحيوانات، أما الطابق العلوي فقد خصص للاستقبال والمعيشة.

مسرح بصرى:

يعود تاريخ بناء المسرح إلى أوائل القرن الثاني الميلادي، وقد أمر ببنائه الامبراطور الروماني ترايانوس، ويعد من أكثر المسارح تنظيماً وتعقيداً بالمقارنة مع مسارح شهبا وأفامية وجبلة وغيرها، ويبلغ قطره 90م. وقد أسهم تحويل هذا المبنى خلال العصور الإسلامية إلى قلعة في المحافظة عليه من التخريب؛ لذا بقي في حالة حفظ استثنائية، ويعد أحد أهم المسارح في العالم.

ويتألف مسرح بصرى من الأقسام الرئيسة التالية: المدرج  وساحة العازفين (الأوركسترا)، ومنصة التمثيل  والكواليس. وقد شيد وفق قواعد معمارية مبنية على أرض مستوية، وتتوسطه الأوركسترا التي أخذت شكلاً تجاوز نصف الدائرة بـ 80سم، وتم توسيع منصة التمثيل على حساب الأوركسترا، كما شيد وفق طرق مدروسة معقدة، تصل الممرات فيه بين مختلف أجزاء البناء بطريقة لافتة للنظر، ويتصل الممشى الرئيس الذي يدخل الجمهور منه بعدة ممرات بين مجموعات المقاعد. وفي مسرح بصرى ثلاثة أجزاء من الأدراج أو المقاعد، وبينها فتحات متصلة بالممشى الرئيس تصل إلى وسط المدرج أو أعلاه بسهولة، وخلف المنصة المخصصة للممثلين المحاريب والأعمدة الضخمة التي تعد عنصراً تزيينياً رائعاً، يشكل وحدة متكاملة مع العناصر المعمارية الأخرى في البناء.

مسرح بصرى 

ميدان السباق:

يعود إلى العصر الروماني، ويقع في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة، وقد بني ليكون مخصصاً لسباق الخيل والعربات؛ لأنّ هذه الألعاب كانت رائجة في المدن الرومانية. ويمتلك المبنى مخططاً طولاني الشكل، نصف دائري من جهة الجنوب، يبلغ طول ضلعيه 155م، 122م،  ويقع الباب في جهته الشمالية لأن الجهة الجنوبية مغلقة.

المدرج:

يقع بجوار المسرح من جهة الغرب، شكله بيضوي، وقد خصص للألعاب التي كانت تقام خلال العصر الروماني، وهو على نمط المدرجات المبنية في المدن الأخرى من الامبراطورية الرومانية. ولم تجرِ فيه التنقيبات على نحو كافٍ حتى يتم إعطاء تصور واضح عنه، ويمكن مقارنة حجمه بمسرح بصرى.

حمامات بصرى:

تعود إلى العصر الروماني، ولكنها استمرت خلال العصر البيزنطي، ولا تزال حتى الآن بحالة حفظ ممتازة، باستثناء انهيار بعض الأجزاء من السقف. وقد بنيت هذه الحمامات من الحجر البازلتي، وتتألف من عدة قاعات أكبرها مثمنة الشكل. وتظهر أحواض الاستحمام وقنوات التدفئة المصنوعة من الآجر بوضوح فيها محفورة في الجدران و ضمن العقود الحجرية، كذلك المستوقدات المبنية من قطع الآجر. وتعد حمامات السوق (المركز)، أو ما يسمى بخان الدبس، وكذلك الحمامات الجنوبية من أهم حمامات العصر الروماني في سورية.

مشهد تخيلي لحمامات خان الدبس 

الأسواق في بصرى (كريبتوبورتيك والفوروم):

 كريبتوبورتيك (Cryptoportique)، هي أسواق مبنية تحت الأرض على شكل نفق طويل. وقد كشف عن سوق تحت الرواق الشمالي من الشارع المستقيم، بمحاذاة الساحة العامة  Forum، والأسواق التجارية الموجودة بجواره، فيشكل معها مجمّعاً تجارياً متكاملاً. ويبلغ طوله  نحو 108م وعرضه 5م، كما توجد حنيتان في نهايته. وتم بناء الجدران من الحجر البازلتي الملبس بالملاط في الجهة الشمالية، أما القبة الموجودة في الجهة الجنوبية فقد كانت مبنّية من مواد بركانية. وتم تأمين الإضاءة لهذا السوق من خلال  34 فتحة تنفتح مباشرة على الطريق العام، وزوِّد الجدار الخلفي وعلى مسافات متساوية بمحاريب، أما المداخل الثلاثة فقد كانت في الجهة الشمالية، وهي مزودة بدرج للدخول إلى الأسفل.  استبدل بالدرج في القرن الرابع رامب (تسوية أرضية الدخول بطريقة مائلة)، تساعد على دخول البضائع بطريقة سهلة، كما كانت الأرضيات فيه مرصوفة بألواح حجرية. ودلَّت الدراسات الأثرية التي قامت بها البعثة الوطنية، ثم البعثة السورية- الفرنسية المشتركة على أن تاريخ بناء هذا السوق يعود إلى نهاية القرن الثاني الميلادي ومطلع القرن الثالث الميلادي.

الأسواق الأرضية في مدينة بصرى 

أما فوروم بصرى فيعود تاريخ هذا السوق إلى العصرين الروماني والبيزنطي، ويقع مباشرة على الطريق المستقيم، وتحديداً بين المصلبة وباب القنديل. كما يقع السوق التجاري   (Macellum)  إلى الشرق منه. وقد أظهرت التنقيبات الأثرية وجود أعمدة وقواعد، وتيجان مختلفة تؤكد وجود الساحة العامة ذات الوظيفة التجارية وكذلك الاجتماعية للقاءات العامة. كما وضحت هذه التنقيبات وجود تنظيم للمحلات إلى جانب بعضها بعضاً لتعطي لهذه الساحة طابعاً تجارياً خلال العصر الروماني. ولم تقتصر النشاطات التجارية على الفوروم فقط في المدن السورية خلال العصر الروماني، بل انتقلت تلك النشاطات المختلفة إلى الشوارع المستقيمة التي تميّزت بها تلك المدن.

البركة الشرقية:

تقع في أقصى شرقي المدينة، وقد بنيت مربعة الشكل تقريباً بهدف تخزين المياه فيها، وتبلغ أبعادها 114×112م. ويبدو من خلال الكتابات المنقوشة على جدرانها أن هذه البركة تعود إلى عهد سيطرة الأنباط على المدينة خلال القرنين الأول قبل الميلاد والأول الميلادي.

المعسكر:

يقع المعسكر في الجهة الشمالية من المدينة، وهو مربع  الشكل، ويبلغ طول ضلع جداره الشرقي 400م، أما الشمالي فيبلغ  440م. ويعود إلى القرن الثاني للميلاد، وقد تم الكشف عن بعض الأبراج لهذا المبنى، إضافة إلى الكشف عن مدخله الرئيس. ولقد خصص هذا المعسكر للفرق العسكرية الرومانية ولاسيما الفرقة الثالثة، كما توجد فيه الحمامات التي كانت مخصصة للجيش الروماني.

في النهاية تم الكشف عن عدد من المنحوتات الأثرية سواء المعمارية أم التماثيل المختلفة للآلهة مثل الإله سرابيس[ر]، الإله ديونيسوس[ر]، الإله أبولون[ر]، ربة النصر[ر]، وتماثيل أخرى نسائية، أو لضباط، إضافة إلى منحوتات جنائزية مثل أغطية التوابيت، صنعت كلها من الحجر البازلتي. تحمل هذه المنحوتات سمات محلية متأثرة بالفن الكلاسيكي، وتعود أغلبها إلى العصر الروماني. يمتلك فن النحت في بصرى وجنوبي سورية بوجه عام صفة خاصة تميزه، تجعل منه مدرسة فنية خاصة تختلف بسماتها عن المراكز الفنية الأخرى في سورية مثل تدمر أو شمالي سورية. كما تم الكشف عن عدد من اللوحات الفسيفسائية في عدد من المباني الأثرية العائدة إلى العصر البيزنطي، تتنوع فيها المشاهد والزخارف ذات الأشكال الهندسية والنباتية المختلفة المستعارة من الفن الكلاسيكي. وتم الكشف عن عدد كبير من الفخاريات والزجاج التي توضح طبيعة التبادلات بين هذه المدينة ومناطق أخرى من سورية، أو الأردن وفلسطين ولبنان.

مأمون عبدالكريم 

 

التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1140
الكل : 40979260
اليوم : 69643