logo

logo

logo

logo

logo

حضر (موقع ومملكة-)

حضر (موقع ومملكه)

Hatra -

 ¢ حضر

حضر (موقع ومملكة -)

تاريخ الأعمال الأثرية

تاريخ المدينة

مخطط المدينة ومنشآتها

الفن

الديانة

 

تقع الحضر Hatra ضمن حيز جغرافي يهيمن عليه تأثير الحضارة الآشورية، وهي المنطقة التي تعرف باسم الجزيرة. ويبعد الموقع مسافة 110 كم جنوب غربي الموصل، ونحو ٥٠ كم إلى الغرب والشمال الغربي من العاصمة آشور، بالقرب من وادي الثرثار في منطقة الجزيرة التي يغلب عليها الطابع الصحراوي، وما تجدر الإشارة إليه أن العديد من المصادر التاريخية تأتي على ذكر هذا الوادي، يعود أقدمها إلى سنة ٨٩٠ ق.م ضمن حوليات الملك الآشوري توكولتي نينورتا الثاني (٨٩٠- ٨٨٤ ق.م) ابن أدد نيراري الثاني، حيث كان يتم الاعتماد على مياه الأمطار التي تسيل ضمنه ولا سيما أن مدينة الحضر تعد من المدن الصحراوية شأنها في ذلك شأن تدمر والبتراء وغيرهما من مدن البوادي التي نمت وازدهرت في ظرف خاص ملائم لوجودها في أماكن منعزلة.

تاريخ الأعمال الأثرية:

يعود الفضل في إعادة اكتشاف الحضر إلى الرحالة جون روس Ross .J الذي وصل إلى الموقع في سنتي 1836 - 1837م، حيث كتب وصفاً تفصيلياً لأطلال المدينة، ونشره في المجلة الجغرافية سنة 1839م، ثم زارها الرحالة الإنكليزي وليم أينسورث William Francis Ainsworth سنة 1840م. أما بداية الأعمال الأثرية في الموقع التي شملت عمل مسح للبقايا الموجودة في المدينة فكانت من قبل الألماني فالتر أندريه Walter Andrae الذي كان يعمل مع فريقه في موقع آشور بين سنتي 1906- 1911م. وفي سنة 1951 م تابع العملَ فريقٌ عراقي مؤلف من فؤاد سفر ومحمد علي مصطفى اللذين نشرا عدداً من الأبحاث عن المكتشفات في مجلة سومر منذ سنة 1952م، وتتالت بعد ذلك البحوث عن الحضر بعدة لغات تناولت العديد من المنشآت كالمعابد و القصر والأسوار إلى جانب التماثيل والنصوص الكتابية.

وفي سنة 1987 م بدأ فريق إيطالي برئاسة روبرتا فينكو Roberta Venco العمل ضمن منطقة المدافن والأحياء السكنية التي لم تكن مكتشفة سابقاً من قبل الفريق العراقي. كذلك في سنة 1990 م بدأت بعثة بولونية برئاسة ميشيل غافليكوفسكي Michal Gawlikowskiالعمل في الموقع، وتركز عملها حول بقايا الأسوار القديمة داخل التحصينات الحالية.

منظر عام لموقع حضر

تاريخ المدينة:

في غياب التسلسل الزمني الواضح لتاريخ مدينة الحضر فإنه ما يزال هنالك غموض حول مرحلة تأسيسها، خصوصاً أن النصوص الكتابية المكتشفة يعود أقدمها إلى القرن الأول الميلادي وأحدثها ما بين سنة 235- 238 م تماماً قبل سقوط المدينة، وأمدت هذه النقوش بمعلومات تفيد أنه قبل منتصف القرن الثاني الميلادي كان يحكم المدينة شخصية تعرف باسم (مريا) أي السيد. وفيما بعد تم استبدال لقب الملك بهذا المصطلح، وفي بعض الأحيان تجري الإشارة إلى لقب ملك العرب، وهذا الأمر دفع الباحثين إلى تقسيم تاريخ الحضر إلى ثلاثة أدوار، وهي:

1- دور التكوين: وهو الدور الذي يكتنفه الكثير من الغموض ولا سيما فيما يتعلق في بداياته ، في حين أن أغلب الباحثين يشيرون إلى نمو المدينة منذ منتصف القرن الأول قبل الميلاد، والمعلومات المتوفرة تفيد أن السلطة خلال هذا الدور كانت موزعة بين الشيوخ الذين عُرفوا باسم (ربا) أي العظيم أو الزعيم، وبين سدنة المعبد الذين عُرفوا باسم ( رب بيتا) أي صاحب البيت.

بقايا معابد وجدران أثرية في حضر

2- دور السادة: استمر هذا الدور ما يقارب القرن، ثم تلاه فيما بعد تأسيس الملكية، ويعود السبب في تسميته بدور السادة إلى اللقب الذي ساد خلال هذه الفترة وهو (مريا) أي السيد. وكانت الحضر في زمنهم تقوم بتصريف شؤونها الخاصة حتى نهاية حملة الامبراطور تراجانوس Trajanus في سنة 117م الذي حاصر الحضر لكنه لم يتمكن من احتلالها. وتشير المصادر إلى أن أبرز الأحداث التي شهدها هذا الدور يتمثل باشتداد الخلاف بين الفرس والرومان بسبب مملكة أرمينيا واندلاع النزاع بينهم مدة خمس سنوات انتهى بتوقيع معاهدة سلام، انتعشت خلالها مملكة الحضر وبرز فيها شخصيات مهمة منهم نشريهب (85 - 105م)، ثم خلفه السيد ورود (105 - 115م)، تلاه السيد نصر (115 - 135م)، ثم السيد نشريهب الثاني (136 - 145م) والسيد معن (146 - 155م).

بقايا أثرية في حضر

3- دور الملوك: بدأ هذا الدور بعد منتصف القرن الثاني الميلادي وانتهى بسقوط الحضر سنة 240 - 241م. تمتعت المدينة خلال هذه الفترة بقدر كبير من الاستقلال، وتوسع نفوذها غرباً حتى بلغ نهر الخابور، واشتهر من ملوكها ولجش الأول (155 - 165م)، وأخوه الملك سنطروق الأول (166 - 190م) الذي كان أول من ضرب النقود في الحضر، وشيد المعبد المربع الذي كان مخصصاً لإله الشمس، ثم الملك عبد سميا (190 - 200م) الذي اتخذ لقب ملك العرب، ومن بعده ولده سنطروق الثاني (200 - 241م) الذي اتخذ لقب المظفر ملك البلاد العربية بعد أن تولى بنفسه الدفاع عن المدينة وتمكن من صد الرومان بقيادة الامبراطور سبتيميوس سفيروس Septimius Severus الذي أخفق في دخولها مرتين على الرغم من أن جيوشه استطاعت اختراق سور المدينة وكادت تحتلها لولا تمرد بعض الجنود، وتمكن الحضريون من سد الثغرة في السور وتأمين حمايته. ومع وصول الأسرة الساسانية إلى الحكم سنة ٢٢٦ م، وسيطرة أردشير على طيسفون لم تعترف الحضر بالولاء له، وما كان منها إلا أن تحالفت مع الرومان وأقامت فيها نتيجة لهذا التحالف حامية عسكرية خلال حكم الامبراطور ألكسندر سفيروس Alexandre Severus (٢٢٢ - ٢٣٥م) حيث تابعت المملكة فيما بعد إدارة شؤونها ونعمت بالاستقرار حتى تم محاصرتها من قبل الملك الساساني شابور الأول سنة ٢٤١م واضطرارها للاستسلام.

تمثال الإلهة شاهيرو في حضر

مخطط المدينة ومنشآتها:

بنيت المدينة وفق مخطط دائري، وحصنت بسورين دفاعيين يفصل بينهما خندق عريض، وكان السور الخارجي مبنياً من اللبن ويمتد 7كم، أما السور الداخلي فكان من الحجارة ويمتد 6 كم ومدعماً بعدد كبير من الأبراج بلغت 163 برجاً، وضمن هذا السور توضعت أربعة مداخل محصنة تحصيناً جيداً، وفي قلب هذه المدينة الدائرية التي يبلغ قطرها 2 كم حرم مستطيلTemenos يمتد باتجاه شرق- غرب، أحيط بسور من الحجارة الضخمة المشذبة، ووظيفة هذا الفناء أنه يضم في داخله مجموعة من المعابد أهمها معبد إله الشمس، إلى جانب بعض التجمعات الأخرى التي تظهر وظيفة تجارية. وبلغ عدد المعابد المنقبة ضمن المدينة أحد عشر معبداً أبرزها المعبد الكبير (معبد الشمس) وهو مستطيل الشكل، محاط بسور له بوابة كبيرة في ضلعه الشرقية وأحد عشر باباً. ويقسم قسمين؛ الحرم والصحن، وضمنهما معابد صغيرة عُرف منها المعبد المربع، ومعبد شحيرو، ومعبد مرن. أما معابد المدينة الأخرى فتوضعت إلى الجنوب والغرب من المعبد الكبير ومنها معبد اشربل، ومعبد نرجول، ومعبد بعلشمين وغيرها. وهذه المعابد جمعت في طرز عمارتها الأساليب الفنية البابلية والهلنستية والرومانية والبارثية.

واجهة معبد الشمس في حضر

ومن المنشآت الأخرى القصر الذي يقع عند الباب الشمالي للمدينة ويحيط به سور بأبعاد 100م طولاً، و36م عرضاً، وهو مبني من الحجارة المشذبة المحفوظة جيداً حتى الآن بارتفاع 1م تقريباً، وقد كشفت أعمال التنقيب ضمنه عن ثلاث قاعات بأبعاد 18م عرضاً و22م طولاً. وفي القسم الغربي من المدينة ساحة واسعة ضمت في وسطها بركة ماء، وتوزعت الأحياء السكنية بالقرب من المعبد الكبير على مساحة تزيد على مئتي هكتار، وكل منها ضم في داخله بئراً كانت تستخدم لتأمين مياه الشرب.

معبد الإله مرن

أما المباني الجنائزية فتوضعت في القسم الشرقي من المدينة، وهي ذات أشكال متنوعة، بعضها بهيئة أبراج مشيدة بالحجر تتشابه في بعض الصفات مع الأبراج الجنائزية في البتراء[ر] وتدمر[ر]. وضمن المباني المختلفة للمدينة عثر على ما يقارب من ثلاثمئة نقش كتابي مدونة بأغلبها باللغة الآرامية ومؤرخة ما بين القرنين الثاني والثالث الميلاديين قدمت معلومات مهمة عن أسماء الملوك والشخصيات البارزة إلى جانب أسماء متنوعة للآلهة التي كانت تعبد في المدينة.

الفن:

إنّ أكثر ما اشتهرت به الحضر إلى جانب عمارتها فن النحت الذي أشير إليه في العديد من الأبحاث والدراسات باسم الفن البارثي، لكن في الواقع على الرغم من السمات المحددة له جمع العديد من سمات الفنون الأخرى الشرقية والغربية، وهنالك المئات من القطع النحتية التي تم الكشف عنها خصوصاً في المعابد، وهي تمثل الآلهة والملوك ورجال الدين وبعض وجهاء المدينة. وتتميز منحوتات الحضر بكبر حجمها، وهي من الحجر الكلسي وبعضها من الرخام، وغالباً ما تمثل الأشخاص بالطول الكامل ويتجهون بنظرهم إلى الأمام، والذكور يرتدون سروالاً فضفاضاً يعلوه قميص طويل حتى الركبتين، في حين ترتدي النساء عباءة تلتف حولها قطعة قماش مثبتة على الكتف إلى جانب غطاء الرأس. وهذه الملابس منتشرة في المناطق الصحراوية كما في تدمر والبتراء. كذلك تم العثور على منحوتات من البرونز إلا أنها قليلة جداً وصغيرة الحجم كانت توضع داخل المعابد. ومن الفنون المهمة التي عثر على بقايا منها في الحضر الرسوم الجدارية واستخدام الألوان، وقد قدمت هذه الرسوم معلومات مهمة عن التقنيات والمواضيع التي كانت سائدة لدى البارثيين ولا سيما في ظل غياب أمثلة كافية عن هذا الفن، حيث إن الموقع الأهم الذي قدم نماذج مهمة عن الرسوم الجدارية من تلك الفترة هو دورا أوروبوس[ر] على نهر الفرات (أغلب المراجع تذكر اسم الموقع باسم دورا أوروبوس إلا أنه في الواقع دورا هي الاسم الذي عرفت به قبل العصر الهلنستي، في حين أوروبوس هي التسمية المتعارف عليها خلال العصور الكلاسيكية) .

تمثال سنطروق الأول ملك عربايا وعاصمتها الحضر

تمثال من الحجر الكلسي بالحجم الطبيعي يمثل أحد قادة الجيش ببذته العسكرية

تمثال حجري لأمير شاب يرتدي معطفاً وسروالاً ويحمل سعفاً بيده اليمنى

تمثال لأحد النبلاء

الديانة:

تأتي أهمية الحضر من كونها جمعت في حضارتها التأثيرات الآشورية البابلية ممتزجة بالتأثيرات اليونانية ومن ثم البارثية والرومانية والعربية. وقد أظهرت النقوش الكتابية التي عثر عليها إلى جانب العدد الكبير من المعابد وجود أسماء متعددة للآلهة تؤكد التعايش الديني الذي كان سائداً في المدينة. إلا أنه كان للشمس مكانة أولية في معتقداتهم وعبادتهم وتعد كبير الآلهة، وهي مذكر عندهم، وعرفت باسم الإله (شمش أو شمشا) وهو يقابل (زيوس)[ر] لدى الإغريق و(جوبيتر)[ر] لدى الرومان و(أهورا مزدا) لدى الفرس، وشيد له أكبر المعابد إلى جانب أن مدينة الحضر نسبت إليه، وهذا الأمر ثبت من خلال العبارة التي حملتها المسكوكات وهي (الحضر مدينة الشمس). كذلك من الآلهة الأخرى التي كانت تحظى بأهمية كبيرة نرجول أو نرجل، وقد أظهرت المكتشفات مجموعة كبيرة من التماثيل له، وكانت عبادته منتشرة لدى الآشوريين باسم إله الحرب وحارس لعالم الموت. كما تم العثور على تماثيل تصور الإلهة اللات، وثبت وجود العديد من أسماء الأشخاص من سكان الحضر الذين اقترنت أسماؤهم باسم اللات مثل عويذ اللات، وزبد اللات وهذا الأمر مشابه لما كان سائداً في مدينة تدمر. أيضاً من الأمور الأخرى التي ثبت وجودها في الحضر فكرة التثليث، وقد عثر على ثلاث منحوتات وجدت في مكان واحد من المعبد الكبير تحمل تمثيلاً لرجل كهل حول رأسه هالة تشير إلى الشمس، والثانية بهيئة امرأة يظن بأنها مرتن إلهة القمر، والثالثة بهيئة شاب ( برمرين) يمثل ابن الشمس والقمر. أما بخصوص رجال الدين فقد أشارت الدراسات إلى وجود عدة مراتب لهم، عُرف أعلاهم باسم «الأفكل»، يليه كمرا أي الكاهن إلى جانب رتب أخرى صغيرة اقتصرت مهمتهم على تأدية الطقوس وخدمة المعبد والمحافظة على كتب الدين واستنساخها من قبل أشخاص عُرفوا بلقب السفرا أي الكاتب. ويعتقد أن بعض الجوانب من عبادات الحضر وعقائدها بقيت مستمرة في الديانة اليزيدية المنتشرة في بعض القرى المجاورة لمدينة الحضر.

همام سعد

مراجع للاستزادة:

- فؤاد سفر، محمد علي مصطفى:1974، الحضر مدينة الشمس (وزارة الأعلام، مديرية الآثار العامة، بغداد).

- B .Aggoula, L’institution Royale À Hatra, Syria, Vol. 71, Beyrouth 1994, Pp. 159-169.

- R . Bertolino, Manuel D’َepigraphie Hatrَeenne, Geuthner, Paris, 2008.

- H. Ingholt, Parthian Sculptures From Hatra: Orient And Hellas In Art And Religion, Paris1954.

-Ch .Jacquerel, Les Ruines De Hatra, Revue Archéologique, T.31, Paris, 1897. Pp. 343-352.

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1084
الكل : 45598033
اليوم : 143014