logo

logo

logo

logo

logo

تنفيذ الموازنة

تنفيذ موازنه

implementation of the budget - exécution du budget

 تنفيذ الموازنة

تنفيذ الموازنة

محمد العموري

مبدأ الفصل بين الوظائف الإدارية والوظائف التنفيذية

تنفيذ النفقات العامة

محاسب الإدارة ودوره في تنفيذ الموازنة

تنفيذ الإيرادات العامة

 

تعد مرحلة تنفيذ الموازنة من أدق المراحل التي تمر بها الموازنة وأكثرها أهميةً وتشعباً، فتنفيذ النفقات العامة وتنفيذ الإيرادات العامة يكاد يمس كل مواطن من خلال ما تنفقه الدولة من نفقات يكون أثرها في غاية الأهمية على المواطنين أو ما تجبيه الدولة من إيرادات تقتطع من أموال المكلفين، فلا بد إذاً من جهاز مالي بالغ التنظيم والدقة يتولى تنفيذ الموازنة سواء من حيث جباية وارداتها أم من حيث صرف نفقاتها أم من حيث ضبط القيود الحسابية للجباية والصرف على نحو يضمن حقوق الخزينة والموظفين.

كما أن تنفيذ الموازنة هو اتخاذ القرار المالي الذي يرتب التزاماً على الدولة أو حقوقاً لمصلحتها.

وتتألف عملية تنفيذ الموازنة سواء من ناحية النفقات أم من ناحية الإيرادات من مرحلتين أساسيتين:

> المرحلة الأولى: وهي مرحلة إدارية وتتمثل باتخاذ القرار اللازم لصرف الاعتمادات وجباية الإيرادات.

> المرحلة الثانية: وهي تنفيذية محاسبية، وهي تنفيذ القرار الإداري والقيام بتأدية النفقة أو جباية الإيراد. تتم عملية تنفيذ الموازنة بعد قيام مجلس الشعب بالتصديق عليها وإصدارها بقانون من قبل السيد رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية.

وكان لا بد من الفصل بين هاتين الوظيفتين أو المرحلتين (الإدارية والتنفيذية)؛ وذلك من أجل ضمان الحماية للمال العام وتحديد المسؤولية.

أولاً ـ مبدأ الفصل بين الوظائف الإدارية والوظائف التنفيذية:

إن مبدأ الفصل بين الوظائف الإدارية والوظائف التنفيذية هو من أهم المبادئ التي تساعد على تنفيذ الموازنة العامة للدولة على أكمل وجه نتيجة استقلال الموظف الإداري عن الموظف التنفيذي وعدم تبعية أي منهما للآخر، ولأن الهدف الأساسي من مبدأ الفصل هذا هو حماية المال العام.

وهو ما أخذ به المشرع السوري في المادة (14) من النظام المحاسبي والمالي للجهات العامة ذات الطابع الإداري الصادر بالمرسوم رقم /488/ لعام 2007 الذي جعل الموظف التنفيذي مستقلاً عن الموظف الإداري حيث يقوم الموظف الإداري (آمر الصرف) وهو أعلى سلطة في الوزارة أو الإدارة أو الهيئة العامة ـ وهذه السلطة يتولاها الوزير بالنسبة إلى وزارته والمدير بالنسبة إلى إدارته وله أن يفوض هذه الصلاحية إلى معاونيه، كما يقوم مقامه في الوحدات الإدارية المحلية صاحب أعلى سلطة وهو المحافظ ـ باتخاذ القرار الذي يشمل كلاً من النفقات والإيرادات.

فبالنسبة إلى تنفيذ النفقات العامة يعقد آمر الصرف (الموظف الإداري) النفقة ويخلق ديناً في ذمة الدولة المالية وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة، لكن عليه أن يقوّم القرار الذي يتخذه فيختار الوسيلة المالية الفضلى لسد حاجات الإدارات التي يشرف عليها، ثم يحدد حقوق أصحاب الاستحقاق بتصفية النفقة ويأمر أخيراً بصرف النفقة، أما بالنسبة إلى الإيرادات فيقوم الموظف الإداري بتحقيق الإيراد وترتيب الدين في ذمة المكلف تجاه الدولة، ولا أهمية هنا لعملية تقويم القرار الإداري وتقدير مدى الفائدة من تنفيذه إذ يتوجب عليه هنا أن يجبي الأموال التي قدرت في موازنة الدولة العامة حتى لو تجاوزت المبلغ المطلوب.

أما الموظف التنفيذي: (المحاسب) فهو دور مكمل لدور الموظف الإداري لكنه لا يعد خاضعاً في تسلسله الإداري له، فمهمته تنفيذ أوامر الجباية وتغطية الإيرادات العامة وكذلك صرف النفقات العامة بعد التأكد من الأوراق الثبوتية المطلوبة للإنفاق، ومن قانونية عملية الإنفاق. وبذلك يكون عمله مكملاً لعمل الموظف الإداري، فهو مستقل في عمله ويحق له عدم تنفيذ الأوامر الصادرة إليه عند عدم نظاميتها وقانونيتها، ويسميه وزير المالية أو يوافق على تسميته في مختلف وزارات الدولة وإداراتها. ويمثل المحاسب وزير المالية ويستمد سلطته من صلاحياته؛ لذلك فهو مستقل عن عمل الموظف الإداري ولا يتبع له وغير ملزم بالموافقة على قراراته عند عدم تقيده بالقوانين والأنظمة.

أما بالنسبة إلى وزارة المالية فإن موضوع الفصل بين السلطتين هو غير موجود وذلك لسبب رئيس وهو أن وزير المالية هو آمر الصرف في وزارته إضافة إلى أنه هو المسؤول عن محاسب الوزارة وبذلك تكون قد اجتمعت بين يديه السلطتان الإدارية والتنفيذية فلا مكان لتطبيق هذا المبدأ فيها.

ولقد ميز الفقه الفرنسي بين الموظفين الإداريين والفنيين والمحاسبين منذ عام 1822م وعده من النظام العام حيث يتمتع كل من هؤلاء الموظفين بصلاحيات مالية مختلفة، ويتبعون تسلسلاً إدارياً مختلفاً، ويتحملون مسؤوليات مختلفة.

ولمبدأ الفصل بين الوظيفة الإدارية والوظيفة المحاسبية أسباب عديدة ومهمة وهي:

1ـ الرقابة على الأموال العامة: لمنع التلاعب والاختلاس والتواطؤ حيث يمنع هذا المبدأ مَنْ يقوم بعقد النفقة وتصفيتها وصرفها أن يقوم بنفسه بدفعها.

الرقابة على حسن تنفيذ الموازنة: حيث يمسك كل من الموظف التنفيذي والإداري قيوداً مستقلة، ويمكن بسهولة اكتشاف مواطن الخطأ من خلال مطابقة هذه القيود بعضها مع بعض.

3ـ التنسيق في تمويل صناديق الدولة المختلفة والتوحيد في حسابات هذه الصناديق: فوزير المالية وبواسطة محاسبيه يشرف وحده على تطبيق مبدأ الفصل على جميع الأموال التي تدخل خزينة الدولة أو تخرج منها، ويتيح هذا التمركز في السلطة إطلاع الوزير على حالة مختلف صناديق الدولة ويعطيه سهولة في تحريك النقود من الصندوق المليء إلى الصندوق العاجز بحسب الحاجة.

4ـ التمييز في المسؤولية بين صاحب سلطة اتخاذ القرار والمحاسب: فلا يكون الموظف الإداري مسؤولاً سوى مسؤولية تأديبية، في حين تكون مسؤولية المحاسب كاملة أي تأديبية ومدنية ويلاحق المحاسب للتعويض عن الضرر بجميع أمواله الحالية والمستقبلية.

وبذلك يتبين أن أهم سببين لمبدأ الفصل هذا هما المحافظة على المال العام وتحديد مسؤولية كل من الموظف الإداري والموظف التنفيذي.

ثانياً ـ تنفيذ النفقات العامة:

إن عملية تنفيذ الموازنة العامة تتعلق بأمرين هما تنفيذ النفقات العامة وتنفيذ الإيرادات العامة، ولذلك فإن تطبيق مبدأ الفصل بين الوظيفة الإدارية والتنفيذية (المحاسبية) يجد مكاناً له في الجهتين معاً (تنفيذ النفقات وتنفيذ الإيرادات).

إن وجود الاعتماد في الموازنة لا يعني تنفيذ النفقات ذلك لأن هذا التنفيذ مقيد بقواعد عامة وتعليمات عدة تهدف إلى التأكد من قانونية النفقة وقمع التلاعب والإساءة إلى الأموال العامة وهذه القواعد العامة هي:

> وجود علاقة قانونية بين الدولة ودائنيها.

> أن تتأكد الدولة من قيام الدائن صاحب العلاقة بالعمل المطلوب منه.

> أن يقوم الموظف الإداري بإصدار الأمر إلى المحاسب لدفع قيمة النفقة المتوجبة.

> أن يتم دفع الدين من دين الخزينة بعد تأشيرة الموظف المختص.

 لذلك يمر تنفيذ النفقات بثلاث مراحل إدارية وهي (عقد النفقة ـ تصفيتها ـ الأمر بدفعها)، ومرحلة محاسبية وهي (دفع النفقة)، وهي كما ذكرها القانون المالي الأساسي الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /54/ لعام 2006.

أ ـ عقد النفقة: هي الواقعة التي تولد التزاماً في ذمة الدولة تجاه شخص ما. أما القانون المالي الأساسي فعرّفها بأنها: "الواقعة التي تنشئ الالتزام في ذمة الجهة العامة".

ـ أنواع عقد النفقات:

> عقود نفقة دائمة: كتعيين الموظفين تتجاوز السنة المالية التي أبرم العقد خلالها، فهي ذات صفة دائمة وثابتة تتحدد تلقائياً من دون حاجة إلى إبرام عقد جديد.

> عقود نفقة مؤقتة: هي التي ينتهي مفعولها بتنفيذ الغاية التي أبرمت من أجلها كعقد نفقة لتنفيذ مشروع معين أو شراء حاجة معينة.

> أعمال بمنزلة عقد نفقة: كقيام السلطة التشريعية بأعمال ذات صفة إدارية وإصدار القوانين الناظمة لشؤون الموظفين التابعين لها، مثل زيادة رواتب الموظفين أو التعويض عن الكوارث الطبيعية، فهي ترتب التزاماً على الدولة ولكنها ليست بحاجة إلى صدور قرار عن السلطة التنفيذية.

> أعمال بطبيعتها عقد نفقة: كما لو استدعت إحدى المحاكم شاهداً في قضية معروضة عليها وصرفت له بدل الانتقال وهو في واقع الحال عقد نفقة.

ـ وبالنسبة إلى شروط عقد النفقة فهي:

> أن تكون معقودة من الجهة صاحبة الاختصاص: ويعني ذلك أن يقوم بعقد النفقة الموظف صاحب الصلاحية للقيام بهذا العمل وهو عادة الوزير في وزارته والمدير في إدارته، وقد نصت المادة (10) من النظام المحاسبي والمالي للجهات العامة ذات الطابع الإداري أنه يتولى عقدَ النفقة:

ـ الوزيرُ بالنسبة إلى نفقات وزارته والجهات التابعة له.

ـ رئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون رئاسة الجمهورية كل بالنسبة إلى نفقات جهته.

ـ المحافظ بالنسبة لنفقات المحافظة بجميع إداراتها.

ـ رؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج.

ـ رؤساء البلديات بالنسبة إلى نفقاتها.

ـ مدراء الهيئات والإدارات العامة ذات الاستقلال المالي.

ـ كل من منحه القانون سلطة عقد النفقة وذلك بالنسبة لجميع الجهات الأخرى المشمولة بأحكام هذا النظام.

وقد أعطى هذا النظام لعاقد النفقة الحق بأن يفوّض اختصاصاته إلى الموظفين الخاضعين لإشرافه على أن يكونوا ممن يشغلون وظيفة من الفئة الأولى.

وهناك فرق بين حالة عقد النفقة من دون اعتماد أو تجاوز الاعتماد وحالة حدوث عقد النفقة من جهة غير مختصة.

في الحالة الأولى: يعد عقد النفقة صحيحاً ويترتب الدين في ذمة الدولة ويترتب عليه حق محاسبة الموظف.

أما في الحالة الثانية: فيعد عقد النفقة باطلاً ابتداءً ولا يرتب التزاماً معيناً في ذمة الدولة.

> أن يتقيد العاقد بالاعتماد المفتوح في الموازنة: فلا يجوز من حيث المبدأ أن تعقد نفقة بمبلغ يفوق الاعتماد المخصص لها في الموازنة، كما لا يجوز أن تعقد نفقة على اعتماد مخصص لنفقة غيرها، وعلى هذا لا يجوز لوزير من الوزراء أن يعقد نفقة استناداً إلى قبول لجنة الموازنة والحسابات قبل تصديقه من السلطة التشريعية.

ويرد على هذا المبدأ استثناءات: فاستناداً إلى نص المادة (5) من نظام المحاسبة تصرف بعض النفقات من دون اعتماد لها وهي: (الإعانات والهبات ـ المنح ـ النفقات الإلزامية).

ويجب أن يتقيد عاقد النفقة بالمبلغ المحدد له بالموازنة وتخرج عن هذا الشرط عادة اعتمادات التعهد لتنفيذ مشروع خلال سنوات عديدة، وفي هذه الحالة تعقد النفقة على كلفة المشروع كاملة على أن تبقى اعتمادات الدفع السنوية ضمن حدود المبالغ المخصصة في الموازنة.

وفي حال تجاوز عاقد النفقة الاعتمادات المخصصة أو إذا عقد نفقة من دون أن يكون لها اعتماد في الموازنة يظل عقد النفقة قائماً، ومن ثم تلتزم الدولة بالدفع إذا صدر العقد عن الجهة المختصة بعقده غير أن دفع النفقة إلى الدائن لا يمكن أن يتم إلا بعد فتح الاعتماد اللازم في الموازنة.

> في حال عقد النفقة من دون اعتماد أو في حال تجاوز الاعتماد فتكون هذه النفقة ذات قيمة قانونية بالنسبة إلى الأفراد ذوي النية الحسنة، إذ لا يفترض بمن يتعامل مع الدولة أن يكون على علم سابق بوضعية الاعتمادات لمعرفة وجودها أو عدمه، ويحق للإدارة محاسبة الموظف المسؤول عن ذلك.

> عدم صرف الاعتماد لغير الوجه الذي خصص له: فلا يمكن عقد نفقة لشراء أجهزة الحاسوب أو استئجار عقار على اعتماد مخصص لرواتب الموظفين، وحفاظاً على هذا الشرط أوجب القانون أن ترافق معاملة عقد النفقة حجز الاعتماد المخصص لها.

> ألا يترتب التزامٌ على السنوات القادمة: يجب أن يقتصر عقد النفقة من حيث آثاره على السنة المالية التي يجب أن تصرف خلالها النفقة باستثناء عقود تعيين الموظفين والعمال، وعقود العمل والإيجار والصيانة والتوريد وفق المادة (23) من القانون المالي الأساسي رقم (54) لعام 2006.

> أن يحمل تأشيرة المحاسب المختص: للتأكد من قانونيته وتوافر الشروط السابق ذكرها.

ب ـ تصفية النفقة:

وهو ثبوت ترتب الدين على الجهة الإدارية وتحديد مقداره واستحقاقه وعدم سقوطه بالتقادم أو بأي سبب آخر، ويتولى تلك العمليةَ الموظفُ الإداري المختص من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب من الدائن الذي يجب أن يقدم المستندات المؤيدة لحقه، ويجب التثبت من الدائن الذي طالب بالمبلغ بأنه صاحب الاستحقاق فعلاً وأنه قام بالواجبات والأعمال وأدى الالتزامات التي تعهد بها بحسب الأصول، وما إذا كان المبلغ المطلوب قد استحقه فعلاً، وأن يكون تنفيذاً لأحكام عقد نفقة سابق مبرم وفق الأحكام والقوانين النافذة، فلا يصفى راتب موظف إلا نتيجة لوجود قرار تعيين وبعد أدائه للعمل، كما لا يجوز تصفية نفقة شراء أدوات وأجهزة لهيئة عامة إلا بعد أن تستلم هذه الهيئة المعدات المطلوبة وفق المواصفات المذكورة بالعقد على سبيل المثال.

فتخضع تصفية النفقة إذاً لشروط ثلاثة رئيسة:

> إبرام عقد نفقة سابق: فتصفية النفقة هي نتيجة لرابطة قانونية سابقة ومنظمة في عقد النفقة، ويجب ألا تجري التصفية إلا بعد التثبت من وجود العقد.

> استحقاق النفقة: هو قيام الطرف المتعاقد مع الإدارة بتنفيذ أحكام العقد.

> تقديم الأوراق الثبوتية: وهذه الأوراق هي مستندات تثبت وجود العقد المبرم بالالتزامات المفروضة بموجبه.

ج ـ الأمر بصرف النفقة (الأمر بالدفع):

وهو أمر خطي يوجهه آمر الصرف إلى المحاسب بدفع مبلغ الدين المحدد ومقداره وماهيته من الاعتمادات المحددة في الموازنة إلى صاحب الحق، ويتوجب أن يحتوي الأمر بالدفع ـ الذي يتخذ شكل مذكرة دفع أو حوالة ـ على جميع الأوراق الثبوتية والوثائق التي تسمح للمحاسب بالتأكد من قانونية النفقة ونظاميتها، وأن يتضمن اسم الباب والقسم والفصل والمادة والفقرة التي تعود إليها هذه النفقة، ويخضع أمر الصرف إلى تأشيرة المحاسب التي تؤكد صحة المعلومات الواردة فيه ونظاميتها.

أما المرحلة التنفيذية للنفقة المتمثلة بمرحلة دفع النفقة (صرف النفقة): فيقصد بها الدفع الفعلي للمبلغ الصادر به أمر الصرف إلى صاحب الحق فيه، ويختص بصرف النفقة المحاسبون، ويجب عليهم قبل صرف النفقة التأكد من قانونية النفقة ونظاميتها وتدقيق كل الوثائق.

ويتمتع المحاسب بصفتين في أثناء صرف النفقة:

> فهو مراقب: لا يصرف النفقة إلا إذا تأكد وتحرى عن صحة عقد النفقة وتصفيتها وأمر صرفها.

> وأمين للصندوق: بدفع النفقة بعد التأكد من الأوراق الثبوتية، والتأكد أن المبلغ لا يطالب به شخص آخر.

ثالثاً ـ محاسب الإدارة ودوره في تنفيذ الموازنة:

يعد محاسب الإدارة أحد أهم أعمدة الرقابة الداخلية على أموال الدولة لكونه مندوباً لوزارة المالية وممثلاً لوزير المالية لدى الجهات العامة التي يعمل فيها، إن الدور الرقابي الذي يقوم به محاسب الإدارة هو دور مهم تتجلى فيه الرقابة المشروعية والمالية والاقتصادية بصورة واضحة، وهذا ما سيم عرضه في هذا البحث من خلال التقسيم التالي:

1ـ تعيين محاسب الإدارة واختصاصاته ودوره في عملية عقد النفقة العامة وصرفها:

إن محاسب الإدارة يمثل وزير المالية لدى الجهة التي يعمل فيها لذا إجراءات تعيينه تتم من قبل وزارة المالية خلافاً للأصول المتبعة في تعيين الموظفين العموميين، كما أنه بحكم وظيفته يمارس عدداً من الاختصاصات في مجال الرقابة على المال العام.

أ ـ تعيين محاسب الإدارة:

يعين محاسبو الإدارة في كلٍ من وزارات الدولة وإداراتها وهيئاتها العامة والبلديات وسائر جهات القطاع الإداري من قبل وزير المالية، حيث تتولى وزارة المالية إعداد صكوك تسمية محاسبي الإدارة في كل الجهات العامة في الدولة، وذلك بناءً على اقتراح مديرية الموازنة العامة.

ويجوز أن يكون لكل جهة إدارية محاسب إدارة أو أكثر، كما يجوز لوزير المالية أن يعهد بوظائف محاسب الإدارة ومعاونيه إلى موظفين من الجهة صاحبة العلاقة بالاتفاق معها.

إن محاسب الإدارة مسؤول أمام وزير المالية والجهاز المركزي للرقابة المالية عن جميع الأعمال الموكولة إليه، أما معاونو المحاسب ومساعدوه فهم مسؤولون أمامه عن الأعمال المالية التي يكلفهم بها.

وتعدّ مديرية الموازنة العامة في الإدارة المركزية المرجع المباشر لجميع محاسبي الإدارات ومعاونيهم.

أما المؤسسات العامة والشركات العامة والمنشآت العامة ذات الطابع الاقتصادي فإن مهمة محاسب الإدارة يتولاها المدير المالي الذي يسمى من قبل وزير المالية، ويكون المدير المالي مسؤولاً أمام المدير العام،أما في فروع هذه المؤسسات فإن المدير العام يسمي أحد العاملين في الفروع مسؤولاً مالياً بناءً على اقتراح المدير المالي ويكون مسؤولاً أمام مدير الفرع.

ب ـ اختصاصات محاسب الإدارة:

يتم تحديد اختصاصات محاسب الإدارة بموجب قرار من وزير المالية، وبكل الأحوال يمكن إيجاز مهام محاسب الإدارة واختصاصاته ضمن المجالات التالية:

> في مواضيع الموازنة العامة والنفقات العامة:

يساعد محاسب الإدارة الجهة التي يعمل لديها على إعداد مشروع موازنتها السنوية وإرسالها إلى مديرية الموازنة العامة في وزارة المالية لدراستها.

أما فيما يتعلق بتنفيذ الموازنة فإنه يقوم بالتأشير على مشروعات صكوك عقد النفقات قبل توقيعها من آمر الصرف.

وعند تصفية النفقة يقوم محاسب الإدارة بإعداد أوامر الصرف والتأشير عليها، ومسك حسابات اعتمادات الموازنة والنفقات المعقودة وأوامر الصرف الصادرة والمصروفة ودفاتر شطب الرواتب والتعهدات،ومهمة محاسب الإدارة في تصفية النفقة محددة بالتعليمات الصادرة عن وزير المالية.

> إدارة السلف ورقابة المستودعات:

 يدير محاسب الإدارة السلف الممنوحة للعاملين في الإدارة أو المتعاقدين معها، ويعمل على ملاحقة تسديدها أصولاً.

 كما يمارس المحاسب دوراً رقابياً على موجودات مستودعات الهيئات الإدارية، حيث تعدّ هذه الموجودات من الأموال العامة المادية، ولا تعني رقابة محاسب الإدارة على موجودات المستودعات إسقاط مسؤولية أمناء المستودعات، بل يبقى هؤلاء محتفظين بمسؤوليتهم الشخصية بحسب أحكام نظام مستودعات الجهة الإدارية.

> في مجال تحصيل الإيرادات العامة:

يقوم محاسبو الإدارة بتحقيق الإيرادات العامة الموكولة للإدارة التي يعملون بها وتحصيلها ومسك حساباتها وتوريد المتحصلات لخزينة الدولة أو صناديقها الفرعية.

> في مجال الكفالات:

 يدخل في مهام محاسبي الإدارة ملاحقة ومراقبة تقديم صكوك الكفالات المقدمة من قبل المتعهدين للجهة الإدارية، ويتأكد المحاسب من صلاحية تلك الكفالات وتسجيلها في السجلات المحاسبية المختصة وحفظها، كما يعمل على فحص الكفالات دورياً بغية التأكد من استمرار صلاحيتها.

وقد حددت المادة (33) من مرسوم ملاك الوزارة الصادر برقم 1684 لعام 1977 مهام محاسب الإدارة كما يلي:

ـ مساعدة الإدارة على إعداد مشروع موازنتها.

ـ التأشير على مشروعات صكوك عقد النفقات قبل توقيعها.

ـ القيام بمعاملات تصفية النفقات وإعداد أوامر صرفها، ومسك حسابات اعتمادات الموازنة والنفقات المعقودة، وأوامر الصرف الصادرة والمصروفة، ودفاتر شطب الرواتب والتعهدات.

ـ إدارة السلف الممنوحة إلى المحاسبين أو للعاملين في الإدارة المالية وملاحقة تسديدها.

ـ مراقبة مستودعات اللوازم والمواد مع الاحتفاظ بمسؤولية أمناء المستودعات.

ـ التحقق من تحصيل الإيرادات الموكولة للإدارة ومسك حساباتها.

ـ ملاحقة تقديم صكوك كفالات المتعهدين وفحصها وتسجيلها وحفظها، وإبراء ذمة العاملين المسؤولين أمام محاسب الإدارة بعد إجراء معاملة الاستلام والتسليم.

ـ وبصورة عامة ممارسة جميع الأعمال المالية المتعلقة بالإدارة.

ج ـ دور محاسب الإدارة في عملية عقد النفقة وصرفها:

يقوم محاسب الإدارة بدور رقابي أولي على التصرف بالنفقات العامة، حيث إن تأشيرته إشعار بتوافر شروط عقد النفقة المتجلية في:

> انعقاده من قبل السلطة المختصة.

> مطابقته شكلاً وموضوعاً للقوانين والأنظمة النافذة.

> أنه ضمن الاعتمادات المخصصة له في الموازنة العامة وبحدودها.

> أنه لا يرتب التزاماً على السنوات المالية المقبلة.

ويتابع المحاسب أمور تصفية النفقة من خلال تنظيم أوامر الصرف والتأشير عليها، وعليه فإن الوثائق والمستندات المؤيدة لصحة النفقة يجب أن ترسل إليه، حيث يقوم بالتحقق من اتفاق النفقة مع القوانين والأنظمة، وأنها عقدت على البند الخاص بها في الباب والفصل والمادة، وأنها ضمن حدود الاعتمادات المخصصة لها في الموازنة العامة، كما يتأكد من استحقاق النفقة المعقودة على الدولة من خلال التثبت أن الخدمة التي تقابلها قد تمت فعلاً، وأنه لا يوجد مانع من تأدية النفقة كلها أو بعضها كالحجز أو الحسم أو التقاص.

ونظراً لأهمية دور محاسب الإدارة في هذا المجال فإن جميع مشاريع صكوك عقد النفقة وصرفها يجب أن تعرض عليه أو على المسؤول المالي في الجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي للتأشير عليها بما يفيد توافر الاعتمادات اللازمة لها ومن قانونيتها.

 ويؤدي محاسب الإدارة دوراً مهماً في مجال العقود الإدارية، فهو عضو في لجنة المناقصة والشراء التي يتم تشكيلها من قبل آمر الصرف المختص(الوزير أو المدير العام).

2ـ مسؤولية محاسب الإدارة وآلية حل الخلافات بينه وبين آمر الصرف:

 يستمد محاسب الإدارة مسؤوليته من مجمل المهام الموكولة إليه، فهو مراقب أولي لعقد النفقات العامة، وأمين لصندوق الجهة الإدارية التي يعمل فيها، والمتصرف في الأموال العامة، وبهذا يقع على عاتقه حفظ الأموال العامة من الضياع والتبديد والإهمال والحيلولة دون سقوط ديون الدولة بالتقادم.

 كما أن تواصله المباشر مع آمر التصفية والصرف قد يؤدي إلى ظهور بعض الخلافات التي تحتاج إلى الفصل فيها من المرجع المختص وهو وزير المالية كما حدده القانون، مع بعض التفاصيل التي ستعرض تباعاً.

أ ـ مسؤولية محاسب الإدارة:

عدّ المشرع المحاسب مسؤولاً عن كل نفقة تمت إجازتها خلافاً لأحكام القانون، كما فرض على المكلفين بمتابعة تحصيل الديون والموارد الأخرى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيلها واستيفائها بمواعيدها تحت طائلة المسؤولية. وعليه فإن الأضرار أو الخسائر المالية أو المادية التي تنجم عن التصرف الذي يقوم به محاسب الإدارة تجعله معرضاً للعقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة.

ولما كان المحاسب يتبع مباشرة وزير المالية فإنه مسؤول أمامه عن جميع المخالفات المالية المرتكبة، وهذه المسؤولية مسلكية ومالية.

كما أن المحاسب مسؤول أمام الجهاز المركزي للرقابة المالية، حيث يحق لرئيس الجهاز وبقرار منه كف يد المحاسب المخالف والحجز على أمواله.

أما إذا ثبت وقوع جرم جزائي من جراء المخالفة المالية فإن المحاسب يحال إلى القضاء الجزائي المختص.

بهذا يتضح أن مسؤولية المحاسب كبيرة ومتشعبة، فهي مسؤولية مسلكية لكونه موظفاً عاماً، ومسؤولية مالية لكونه ضامناً وأميناً على المال العام بماله وما يملك، وقد ينجم عن ذلك كله مسؤولية جزائية بحسب الحال.

ب ـ آلية حل الخلافات بين المحاسب وآمر الصرف:

انتهج الفقه الحديث مبدأ الفصل بين الوظيفة الإدارية المتجلية بمهام آمر الصرف وبين الوظيفة التنفيذية التي تتجلى بمهام محاسب الإدارة، وقد سار المشرع السوري وفق هذا المبدأ، فمحاسب الإدارة ليس تابعاً لآمر الصرف بل إن عمله مكملٌ لعمل آمر الصرف ومستقلٌ عنه، ويحق له عدم تنفيذ الأوامر الصادرة إليه عند عدم نظاميتها وقانونيتها (إلا ما استثناه المشرع بنص قانوني خاص).

إن حق المحاسب بعدم تنفيذ الأوامر الصادرة إليه يؤدي إلى نشوء نزاع بينه وبين آمر الصرف، وقد عالجت المادة (11) من المرسوم 488 لعام 2007 حالة نشوء النزاع على الوجه التالي: "(1) إذا وقع خلاف بين المحاسب وعاقد النفقة على التأشير تعرض القضية على وزير المالية، فإذا ما استمر الخلاف يبت فيه الوزير المختص على مسؤوليته شريطة ألا يكون هذا الخلاف ناتجاً عن عدم توفر الاعتماد اللازم لعقد النفقة أو عن تجاوزه".

وفي جميع الأحوال إذا كان الصك المتضمن عقد النفقة خاضعاً للتأشير من سلطات معينة فلا تكون إجراءات تنفيذه قانونية إلا بعد اقترانه بتأشير تلك السلطات وضمن القواعد والحدود المنظمة لاختصاصاتها.

ويلاحظ هنا تقييد سلطة عاقد النفقة في الانفراد باتخاذ بعض القرارات التي تتضمن نفقة عامة، وهو ما يشاهد عند إبرام بعض أنواع العقود الإدارية المتعلقة بالإنفاق الاستثماري التي تزيد قيمتها على خمسين مليون ليرة سورية، وعقود الإنفاق الجاري التي تزيد قيمتها على خمسة وعشرين مليون ليرة سورية، حيث يكون قيام الرابطة العقدية موقوفاً على تصديق اللجنة الاقتصادية لدى رئاسة مجلس الوزراء.

وأيضاً اشترط المشرع لنفاذ إبرام عقود القرض العام موافقة السلطة التشريعية، وتعطى هذه الموافقة لمجلس الوزراء الذي يمارس اختصاصه في عقد القروض ومنحها.

"(2) يعد رأي وزير المالية ملزماً لمحاسب الإدارة ويرفع عنه المسؤولية المادية".

وقد نصت المادة (14) من المرسوم 488 لعام 2007 على أنه: "إذا وقع خلاف بين المحاسب وآمر التصفية والصرف يبت بالخلاف وفقاً للأصول المحددة في المادة (11) من هذا النظام".

وجاء في بلاغ رئيس مجلس الوزراء رقم 241/ ب ـ4019/15 لعام 1971 ما يلي:

* إن صاحب الصلاحية في الإيعاز بعقد النفقات على مسؤوليته هو الوزير المختص فقط، بمعنى أنه لا يجوز لعاقدي النفقة وآمري التصفية والصرف من غير الوزراء استعمال هذه الصلاحية.

وقد أكد المشرع هذا الأمر في المرسوم التشريعي رقم 489 لعام 2007 حيث أعطى للمديرين العامين في الجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي صلاحية أمر التصفية والصرف إلا أنه في حال قيام خلاف بينه وبين المدقق المختص في هذه الجهات حول مدى توافر شروط عقد النفقة أو عدمه يعرض الموضوع على الوزير المختص للبت فيه على مسؤوليته.

* يعد رفض محاسب الإدارة قطعياً ولا يجوز للوزير المختص الإيعاز بعقد النفقة وصرفها على مسؤوليته في الحالات التالية:

> إذا كان الرفض بسبب عدم توافر الاعتماد اللازم أو بسبب تجاوز هذا الاعتماد.

> إذا كان الرفض بسبب عدم ملاءمة عنوان الفقرة أو البند الذي ستعقد عليه النفقة أو ستصرف منه لعقد هذه النفقة وصرفها.

> إذا كان الرفض بسبب مخالفة صريحة للأحكام القانونية النافذة.

> إذا نشأ خلاف بين محاسب الإدارة وبين عاقد النفقة أو آمر التصفية والصرف حول قانونية عقد النفقة أو صرفها من الناحية الاجتهادية، أو مخالفته لأحكام التعليمات والبلاغات النافذة (التي لها صفة الإلزام) فإنه لا يجوز لمحاسب الإدارة أن يعقد أو يصرف نفقة أوعز الوزير المختص بعقدها أو صرفها على مسؤوليته، إلا إذا كان الخلاف معروضاً على وزير المالية وأبدى رأيه في هذا الخلاف.

ويلاحظ هنا أن عرض الخلاف على وزير المالية أمر إلزامي حتى لو تراجع المحاسب عن رأيه.

> يعد رأي وزير المالية الصادر وفقاً لإحكام المادة (11) من المرسوم 488 لعام 2007 ملزماً لمحاسب الإدارة ويرفع عنه المسؤولية المادية.

> في كل مرة يتم فيها استعمال الصلاحية في عقد بعض النفقات وصرفها على مسؤولية الوزير يجب على محاسب الإدارة المختص إعلام الجهاز المركزي للرقابة المالية بذلك على الفور بعد التنفيذ مع وجهات النظر المختلفة حول هذه النفقة.

مما تقدم يتبين أن محاسب الإدارة يتمتع بصلاحيات رقابية واسعة من خلال الاختصاصات الدقيقة التي منحها له المشرع، وذلك من خلال متابعته لجميع المراحل التي تمر بها النفقة العامة، إلا أنه يتحمل مقابل هذه الصلاحيات مسؤولية كبيرة ومتشعبة في حال ارتكابه لمخالفات تمس المال العام.

ولكن على الرغم من الدور الرقابي المهم لمحاسب الإدارة الذي يباشره على التصرفات التي من شأنها أن ترتب نفقة على الدولة يبقى مقيداً بالهرم التسلسلي للوظيفة العامة، ويظهر هذا القيد من خلال التزامه بتقديم تقارير دورية لوزير المالية والجهاز المركزي للرقابة المالية، وهذا ما يمنح عمله الدقة والشفافية في معرض دوره بالحفاظ على المال العام.

رابعا ًـ تنفيذ الإيرادات العامة:

تظهر الإيرادات غير الضريبية في الموازنة العامة برقم إجمالي ولا تجد الدولة صعوبة في تنفيذها؛ لذلك سيقتصر البحث فقط على تنفيذ الضرائب.

تتولى الجهات الحكومية عملية تحصيل الإيرادات العامة وفق القواعد التالية:

أ ـ لا تحصّل الضرائب إلا إذا تحققت الواقعة المنشئة للضريبة كتحقيق ربح بالنسبة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية (ضريبة الدخل)، وتوزيع الإيرادات على أصحاب الأسهم والمستندات فيما يتعلق بضريبة ريع رؤوس الأموال المنقولة، أو القيام بالعمل بالنسبة للضريبة على الرواتب والأجور.

ب ـ المنازعة في دين الضريبة لا يوقف دفعها، بل يجب الدفع أولاً ثم الاعتراض بعد ذلك.

ج ـ يجب مراعاة مواعيد التحصيل وطريقة الجباية في الأحوال التي تنص عليها القوانين النافذة.

تنفيذ الضرائب المباشرة:

يتطلب تحصيل الضرائب المباشرة القيام بعمليتين مختلفتين؛ الأولى إدارية وتتم على ثلاث مراحل، والثانية تنفيذية، ويوجد فصل هنا بين الوظيفة الإدارية والوظيفة التنفيذية المحاسبية.

ـ مراحل تحقق الضرائب المباشرة:

ويقوم بعملية تحقق الضريبة مديرية الإيرادات الضريبية ومديرية الدخل عن طريق عمليات أربع وهي: تحديد مطرح الضريبة، تصفيتها، إصدار جداول تحققها، وأخيراً جبايتها. وتؤلف العمليات الثلاث الأولى مرحلة تحقق الضريبة وهي من الوظائف الإدارية، أما المرحلة الأخيرة وهي جباية الضريبة فهي المرحلة التنفيذية، وهي تحصيل المال وإدخاله خزينة الدولة العامة، كما يقوم بمرحلة التحقق موظفون مغايرون للموظفين الذين يقومون بعملية التحصيل طبقاً لمبدأ الفصل بين الوظائف الإدارية والوظائف التنفيذية. وتقوم بواجباتها من خلال:

ـ تحديد المطرح الضريبي: وهو حساب المبلغ الذي يمثل دخل المكلف خلال فترة محددة من الزمن هي الخاضعة للضريبة.

ـ تصفية الضريبة: وهي تحديد المبلغ الذي يجب على المكلف دفعه بعد تنزيل الأعباء التي تنص القوانين، عليها وبعد الوصول إلى المبلغ الصافي الخاضع للضريبة يطبق عليه معدل الضريبة لمعرفة المبالغ المترتبة في ذمة المكلف تجاه الخزينة العامة.

ـ إصدار جداول التحقق: وتتم عملية التحقق وفق جداول يضعها موظفون مكلفون بهذا العمل يحدد بها مطرح الضريبة، معدلها، ومقدارها، والشخص المكلف بها، وفقاً للقوانين النافذة، وهذه الجداول سنوية، تفرض ضريبة سنوية وصالحة لمدة سنة.

ـ جباية الضريبة: هي المرحلة التنفيذية والأخيرة التي تحصّل بموجبها الضرائب، ويقوم بها المحاسب عن طريق أمين الصندوق أو الجباة، وهناك طرق عدة للجباية تنظمها قوانين كل دولة. فمديرية الجباية في وزارة المالية هي الجهة صاحبة العلاقة للقيام بجباية الضرائب. وتتم الجباية في أول السنة الميلادية لأن مطارحها ثابتة ومنظمة غير قابلة للانكماش، أما غير المباشرة فتدفع عند حدوث الواقعة.

وتتولى جباية الإيرادات العامة في سورية المصالح الحكومية المختصة بذلك، فتتولى على سبيل المثال وزارة العدل تحصيل الرسوم القضائية، والصحة تحصيل الرسوم الصحية وهكذا… أمَّا جباية الضرائب فتتولاها مديرية الجباية في المحافظات والمالية والجمارك والبلديات، ويتم تسديد الضرائب نقداً لأحد صناديق الخزينة أو الصناديق المعتمدة أو بموجب حوالة بريدية أو ما يماثلها، أو بموجب شيك أو تحويل مصرفي، أو بموجب إشعار الدين العام.

2ـ تنفيذ الضرائب غير المباشرة:

من حيث المبدأ لا يمكن تطبيق قاعدة الفصل بين الوظائف الإدارية والتنفيذية، كما لا يمكن تنظيم جداول تحقق مسبقة تعلن وتبلغ إلى المكلفين كما في الضرائب المباشرة؛ ذلك أن الضرائب غير المباشرة تحقق وتنفذ فور حدوث الواقعة كدفع الضرائب على الإنفاق عند شراء السلعة، ودفع الرسوم الجمركية عند دخول البضائع الحدود. ولكن لا يكون ذلك مطلقاً، فيمكن تطبيق الفصل في بعض الحالات خاصة في المدن والأماكن التي تكثر فيها المعاملات المتشابهة، مثل رسوم التسجيل فيمكن تنظيم القوائم والفواتير من قبل موظفين وقبضها من قبل أمناء الصناديق، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الضرائب الجمركية حيث يوجد مراقب للبضائع وموظف آخر لحساب الضريبة وأمين للصندوق. وبذلك ليمكن تطبيق مبدأ الفصل حتى في الضرائب الغير مباشرة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ سوزي عدلي ناشد، المالية العامة (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2003).

ـ عصام بشور، المالية العامة والتشريع المالي (جامعة دمشق، الطبعة الثامنة، 1999ـ2000).

ـ قحطان السيوفي، اقتصاديات المالية العامة (دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق 1989).

ـ يوسف شباط ومحمد خير العكام، المالية العامة (جامعة دمشق، قسم التعليم المفتوح 2006ـ 2007).

ـ محمد الحسين ومهند نوح، العقود الإدارية (جامعة دمشق، قسم التعليم المفتوح، 2006).

 ـ محمد رسول العموري، الرقابة المالية العليا ومدى حاجة القطر العربي السوري إلى هيئات رقابية ذات طابع قضائي (دمشق 2003).


التصنيف : القانون المالي
النوع : القانون المالي
المجلد: المجلد السابع: المحكمة الجنائية الدولية _ ولاية المظالم في الإسلام
رقم الصفحة ضمن المجلد : 279
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 482
الكل : 31728266
اليوم : 3727