logo

logo

logo

logo

logo

الانصمام الخثاري الوريدي

انصمام خثاري وريدي

venous thromboembolism - thromboembolie veineuse



الانصمام الخثاري الوريدي

 

نعيم شحرور

 الخثار الوريدي العميق

الصمة الرئوية

 

 

الخثار الوريدي العميق deep vein thrombosis (DVT) والصمة الرئوية pulmonary embolism (PE) (الشكل1و2) تظاهران لمرض واحد هو: الانصمام الخثاري الوريدي venous  thromboembolism (VTE). ويدعم هذه الفكرة أن أكثر من 90% من حالات الصمة الرئوية الحادة ناتجة من صمات انطلقت من الأوردة الدانية للطرفين السفليين، كما أن مضادات التخثر تمثل العلاج الشديد الفعل في الحالتين، ونتيجة لذلك تعد الاختبارات المعدة لتشخيص الخثار الوريدي العميق مهمة لتشخيص الصمة الرئوية الحادة.

الشكل (1 و2) التهاب وريد خثري عميق

أولاً- الخثار الوريدي العميق:

يقسم الخثار الوريدي العميق للطرفين السفليين إلى:

1- الخثار الوريدي الداني :proximal vein thrombosis وهو أكثر أهمية من الوجهة السريرية؛ لأنه يترافق كثيراً والحالات الأشد والأخطر.

2- الخثار الوريدي القاصي أو خثار وريد الربلة calf vein thrombosis: وهو أقل أهمية، فقد أظهرت إحدى الدراسات النتائج التالية:

أ- لم تظهر في أي من المصابين به دلائل على وجود صمة رئوية.

ب- حين كان الخثار موجوداً في الأوردة القريبة (الفخذي) وأوردة الربلة كان هناك دليل على وجود صمة رئوية في 50% من المرضى.

يمكن تعرّف عوامل الخطر للانصمام الخثاري الوريدي - سواء أكانت وراثية أم مكتسبة - في نحو 80% من المرضى. يضاف إلى ذلك أن هناك غالباً أكثر من عامل خطر واحد في كل مريض.

الوبائيات:

من الصعب تقدير الانتشار الحقيقي للانصمام الخثاري الوريدي لأن الدراسات تعتمد على الحالات العرضية فقط.

قامت دراسة الاستقصاء الطولاني لسببيات الانصمام الخثاري the longitudinal investigation of thromboembolism etiology (LITE) التي تمثل جمع المعلومات من دراستين مستقبليتين هما: خطر التصلب العصيدي في المجتمعات the atherosclerosis risk in communities (ARIC)، ودراسة الصحة القلبية الوعائية the cardiovascular health study (CHS) - بتحديد معدل حدوث الخثار الوريدي العميق العرَضي والصمة الرئوية في 21680 متطوعاً ممن تجاوزت أعمارهم 45 سنة توبعوا لمدة سبع سنوات ونصف وخلصت إلى الملاحظات التالية:

1- كان معدل حدوث الانصمام الخثاري الوريدي للمرة الأولى 1.92 لكل 1000 مريض/سنة، ولوحظ أن المعدلات كانت أعلى في الرجال مما في النساء مع ازدياد النسبة بازدياد العمر في الجنسين.

2- من 366 حالة انصمام خثاري وريدي كانت 191 منها حالة انصمام خثاري وريدي ثانوي مترافقة وأكثر من سبب مستبطن، وتتضمن هذه الأسباب: السرطان 48%، والاستشفاء 52%، والجراحة 42%، ورض كبير 6%، وبالمقابل لم تكن هناك قصة رض سابق أو جراحة أو انعدام الحركة أو تشخيص سرطان في 48% من الحالات.

الإمراضية:

يوضح ثالوث ڤيركوڤ Virchow’s triad أن الانصمام الخثاري الوريدي يحدث نتيجة لـ:

أ - تبدلات في جريان الدم (الركودة).

ب- أذية البطانة الوعائية.

ج- تبدلات في العناصر الأساسية المكونة للدم (حالة فرط الخثار الوراثية أو المكتسبة).

أسباب الخثار الوريدي:

يمكن تقسيم أسباب الخثار الوريدي إلى مجموعتين: وراثية ومكتسبة.

1- أهبة التخثر الوراثية :inherited thrombophilia:

أ- طفرة العامل الخامس لايدن factor V Leiden mutation.

ب- طفرة جين البروترومبين prothrombin gene mutation.

ج- عوز البروتين S.

د- عوز البروتين C .

هـ- عوز الأنتي ترومبين antithrombin (AT) deficiency.

و- اضطرابات نادرة: خلل فيبرينوجين الدم dysfibrinogenemia.

2- الاضطرابات المكتسبة:

أ- الخباثة.

ب- وجود قثطرة وريدية مركزية.

ج- الجراحة وخاصة جراحة تقويم العظام.

د- الرض.

هـ- الحمل.

و- مانعات الحمل الفموية.

ز- المعالجة الهرمونية المعيضة hormone replacement therapy.

ح- أدوية مثل: tamoxifen, bevacizumab, thalidomide, lenalidomide.

ط- انعدام الحركة.

ي- قصور القلب الاحتقاني.

ك- متلازمة أضداد الفوسفوليبيد.

ل- الاضطرابات التكاثرية النقوية: كثرة الكريات الحمر الأولي، فرط الصفيحات الأساسي.

م- بيلة الخضاب الليلية الانتيابية.

ن- الداء المعوي الالتهابي.

س- المتلازمة الكلائية (النفروزية).

ع- فرط اللزوجة: الورم النقوي العديد، وجود الغلوبولين الكبري macroglobulin في الدم (داء فالدنشتروم).

ف- كثرة الكريات البيض في الابيضاضات الحادة.

ص- فقر الدم المنجلي.

ق- ڤيروس عوز المناعة البشري HIV ومتلازمة عوز المناعة المكتسب AIDS.

تشخيص الخثار الوريدي العميق:

1- المقاربة البدئية: إن قلة من المرضى المشكوك بإصابتهم بالخثار الوريدي العميق هم فعلاً مصابون به، وهم يتطلبون لذلك معالجة بمضادات التخثر. يجب استخدام معايير دقيقة لتقييم المرضى المشكوك بإصابتهم إضافة إلى استخدام الاختبارات الموضوعية لتأكيد التشخيص؛ إذ إن تشخيص الآفة الدقيق أمر أساسي؛ حين مقارنة الخطر المتعلق بعدم علاج مريض مصاب بالخثار الوريدي العميق (والذي قد ينجم عنه صمة رئوية قاتلة) بالخطر المتعلق بإعطاء مضادات التخثر لمريض ليس لديه خثار وريدي عميق (والذي قد يؤدي إلى نزف مميت). ومن الضروري كذلك البحث عن عوامل الخطر لهذه الآفة في كل المرضى.

2- القصة السريرية: تتضمن الأعراض السريرية المدرسية للخثار الوريدي العميق كلاً من: التورم والألم وتبدل لون الطرف المصاب، وليس من المؤكد وجود علاقة بين مكان توضع الأعراض ومكان الخثار، فقد تبدو الأعراض في الربلة وحدها وغالباً ما تكون تظاهرة لخثار مهم في الأوردة الدانية، وعلى العكس لوحظ في بعض المرضى الذين يشكون من أعراض تشمل كامل الساق أن الخثار كان معزولاً في أوردة الربلة فقط.

3- الفحص السريري: قد يظهر الفحص السريري حبلاً مجسوساً (يشير إلى وريد متخثر)، وألماً في الربلة، ووذمة وحيدة الجانب أو تورماً مع اختلاف في أقطار الربلتين، وسخونة موضعية، وإيلام الربلة ببسط القدم (علامة هومان)، وحمامى مع توسع الأوردة السطحية أو من دون ذلك. وكل هذه الأعراض والعلامات المذكورة غير نوعية، وليست دقيقة  لتشخيص الخثار الوريدي العميق.

4- الفحوص المخبرية: تتضمن كلاً من تعداد عناصر الدم الكامل، ودراسات التخثر، إضافة إلى الاختبارات الكيميائية المصلية (المتضمنة اختبارات وظائف الكبد والكلية) وفحص البول واللطاخة المحيطية.

5- التشخيص التفريقي: يضم مجموعة من الاضطرابات التي منها الأذيات العضلية الهيكلية، والقصور الوريدي، والأمراض التي قد تقلد الخثار هي:

أ- التهاب النسيج الخلوي.

ب- التهاب الوريد الخثاري السطحي.

ج- قصور الدسامات الوريدية.

د- الوذمة اللمفية.

هـ- الكيسة المأبضية (كيسة بيكر).

و- الاختلال الداخلي للركبة Internal derangement of the knee.

ز- الوذمة المحدثة بالأدوية.

ح- الجر أو تمزق عضلات الربلة.

6- الاختبارات الموضوعية objective testing: هي مجموعة من الوسائل الغازية وغير الغازية يُذكر منها تصوير الأوردة الظليل contrast venography (الشكل3)، وتخطيط التحجم بالمعاوقة impedance plethysmography، وتخطيط الصدى مع تطبيق الضغط compression ultrasonography، واختبار D-dimer. وفي معظم الحالات يبدو أن تخطيط الصدى مع تطبيق الضغط هو الوسيلة المفضلة لتشخيص الآفة في المرضى العرضيين الذين يشك بإصابتهم بالخثار الوريدي العميق لأول مرة. ومن الإجراءات الحديثة تصوير الأوردة بالرنين المغنطيسي؛ لكن تكلفته المرتفعة تبعده عن الانتشار مع أنه أفضل إجراء اختباري للتشخيص، وكذلك التصوير المقطعي المحوسب الذي يستخدم حالياً في الأبحاث فقط.

الشكل (3) تصوير الأوردة الظليل

7- التحري عن حالة فرط الخثار hypercoagulable state: لم تجمع الكلمة حتى الآن على تحديد المرضى الذين يجب إجراء الاختبارات لديهم لتحري أهبة التخثر الوراثية فيهم؛ لكن من المفضل إجراؤه في المرضى الذين لديهم حالة أو أكثر مما يلي:

أ- حدوث خثار وريدي عميق لأول مرة في مريض قبل الخمسين من عمره ومن دون عامل خطر محدد (خثار وريدي مجهول السبب غير محرض).

ب- وجود قصة عائلية لانصمام خثاري وريدي.

ج- خثار وريدي ناكس.

د- خثار في مكان غير اعتيادي مثل الأوردة الدماغية أو الكبدية أو المساريقية أو وريد الباب.

هـ- وجود قصة إيجابية لتنخر الجلد المحرض بالوارفارين الذي يدل على عوز البروتين C.

علاج الخثار الوريدي العميق:

الهدف الأساسي من علاج الخثار الوريدي العميق هو الوقاية من المضاعفات المتأخرة أو علاجها أو الأمران معاً مثل: المتلازمة التالية لالتهاب الوريد the postphlebitic syndrome، والقصور الوريدي المزمن، وارتفاع الضغط الرئوي الناجم عن الانصمام الخثاري المزمن.

يستطب علاج المرضى المصابين بخثار وريدي عميق داني عرضي بمضادات التخثر، وذلك لأن الصمة الرئوية من المتوقع حدوثها في 50% تقريباً من المرضى غير المعالجين، وغالباً خلال أيام أو أسابيع من الحادث الخثاري.

1- المعالجة البدئية:

فيما يلي التوصيات المتعلقة بعلاج الداء الانصمامي الخثاري الوريدي، وهي مستندة إلى إرشادات مؤسسات علمية أمريكية وبريطانية عالية المستوى وتوصياتها.

أ- يجب أن يعالج المرضى المصابون بالخثار الوريدي العميق أو الصمة الرئوية الحادة باستخدام الهيبارينات منخفضة الوزن الجزيئي LMW heparin أو الفوندابارينوكس fondaparinux أو الهيبارين الوريدي غير المجزأ standard heparin أو الهيبارين تحت الجلد مضبوط الجرعة.

ب- الجرعة المطلوبة من الهيبارينات منخفضة الوزن الجزيئي مختلفة حسب المنتج.

ج- حين استخدام الهيبارين غير المجزأ يجب أن تكون الجرعة كافية بحيث تؤدي إلى تطاول زمن الترومبوبلاستين الجزئي المفعل aPTT إلى 1.5-2.5 ضعف الشاهد.

د- يجب أن يستمر العلاج بالهيبارين منخفض الوزن الجزيئي أو الفوندابارينوكس أو الهيبارين غير المجزأ مدة خمسة أيام على الأقل، على أن يتم البدء بمضادات التخثر الفموية بشكل مرافق للأدوية السابقة ومدة 4-5 أيام على الأقل.

في معظم المرضى يجب البدء بالوارفارين في وقت واحد مع الهيبارين، وبجرعة فموية بدئية 5 ملغ/يوم تنقص في المرضى المسنين، والمرضى ذوي الخطورة العالية للنزف، وناقصي التغذية، والمضعفين، والمصابين بقصور القلب أو بمرض كبدي.

يمكن إيقاف الهيبارين في اليوم الخامس أو السادس إذا كان international normalized ratio (INR) ضمن المستوى العلاجي ولمدة يومين متتالين.

2- مدة العلاج:

تختلف مدة العلاج بمضادات التخثر حسب المواضع السريرية.

أ- المرضى المصابون بحادث انصمامي خثاري لأول مرة في سياق عامل خطر عكوس أو محدد بالوقت (كالرض أو الجراحة) يجب أن يعالجوا بمضادات التخثر مدة ثلاثة أشهر على الأقل.

ب- المرضى المصابون أول مرة بحادث انصمامي خثاري مجهول السبب يجب أن يعالجوا بمضادات التخثر مدة ثلاثة أشهر كحد أدنى وتُقَيَّم بعدها نسبة الخطر/الفائدة من أجل العلاج الطويل الأمد.

ج- المرضى المصابون لأول مرة بخثار وريدي عميق داني غير محرض والمهددون بحدوث خثار وريدي ناكس يفضل علاجهم مدة غير محدودة.

د- المرضى المصابون لأول مرة بخثار وريدي عميق قاصي غير محرض يكفي علاجهم مدة ثلاثة أشهر.

هـ- المرضى المصابون بخباثة متقدمة يعالج معظمهم إلى أجل غير مسمى أو حتى شفاء السرطان.

3- إجراءات طبية عامة:

ينصح المريض بالمشي الباكر ما إن يتم البدء بمضادات التخثر وتصبح أعراض المرض (مثل الألم، أو التورم) تحت السيطرة. وينصح باستخدام الجوارب الضاغطة المرنة compression stocking في أثناء فترة المشي الباكرة ولمدة سنتين بعد حدوث الانصمام الخثاري الوريدي، وذلك للوقاية من المتلازمة التالية لالتهاب الوريد.

الوقاية من الانصمام الخثاري الوريدي:

هناك عدة محاولات لتنظيم عوامل الخطر المؤهبة للانصمام الخثاري الوريدي ضمن ما يسمى مخطط تقييم الخطر risk assessment model (RAM)، والهدف من ذلك تعرف المرضى الذين لديهم عوامل خطر مهمة للـ VTE، وتحديد الحاجة إلى استخدام التمييع الوقائي في مرضى محددين.

وفيما يلي عوامل الخطر المؤهبة لحدوث الانصمام الخثاري الوريدي، بحسب إصابة المرضى بأمراض جراحية أو بأمراض باطنية.

1- المرضى الجراحيون: حددت مجموعات الخطورة بثلاث درجات:

أ- مجموعة الخطورة المنخفضة: تضم حالات الجراحة الصغرى في مرضى قادرين على الحركة.

ب- مجموعة الخطورة المتوسطة: تضم معظم مرضى الجراحة العامة، والجراحة البولية، والجراحة النسائية.

 ج- مجموعة الخطورة العالية: وفيها رأب مفصل الركبة أو الورك، وجراحة كسور الفخذ، وأذيات النخاع الشوكي.

2- المرضى المصابون بأمراض باطنية:

هناك العديد من العوامل المعرِّضة exposing والعوامل المؤهبة predisposing المترافقة وزيادة نسبة حدوث VTE في المرضى المصابين بأمراض باطنية، ولا يوجد حتى الآن دلائل إرشادية مثبتة توضح درجة أهمية كل عامل ودوره في إحداث VTE.

ويمكن الاعتماد على مخطط مفيد لتقييم الخطر مقتبس من مخطط تقييم الخطر في المرضى الجراحيين، ويضم ما يلي:

أ- مجموعة الخطورة المنخفضة: المرضى الذين تقل أعمارهم عن أربعين سنة  من دون عوامل خطر للـ VTE، أو المرضى المصابون بأمراض باطنية ولديهم القدرة على الحركة بشكل كامل.

ب- مجموعة الخطورة المتوسطة: المرضى الذين تراوح أعمارهم بين 40 و 60 سنة، أو حين وجود عامل خطر للـ VTE، أو المرضى المصابون بأمراض باطنية الملازمون الفراش.

ج- مجموعة الخطورة العالية: المرضى الذين تراوح أعمارهم بين 40 و60 سنة مع وجود عامل خطر للـ VTE، أو المرضى الذين تزيد أعمارهم على60 سنة.

وعموماً يبرر تطبيق المعالجة الوقائية للخثار في المرضى المصابين بأمراض باطنية ممن تتجاوز أعمارهم الأربعين سنة وغير القادرين على الحركة لمدة أكثر من 3 أيام ولديهم على الأقل عامل خطر واحد للخثار.

وأما الطرق المتبعة للوقاية من الانصمام الخثاري الوريدي فهي الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي والهيبارين غير المجزأ منخفض الجرعة والفوندابارينوكس fondaparinux ومضادات التخثر الفموية وتطبيق الضغط الهوائي المتقطعIntermittent pneumatic compression (IPC) . ويجب أن يباشر بالوقاية المثالية قبل الجراحة بفترة قصيرة ويستمر بها حتى يصبح المريض قادراً على الحركة.

إن الوقاية أكثر فعالية من العلاج لمنع المراضة والوفيات الناجمة عن VTE. وبالرغم من التقدم المهم في الوقاية والعلاج من الانصمام الخثاري الوريدي تبقى الصمة الرئوية السبب الأكثر شيوعاً المسؤول عن وفيات المستشفيات، وذلك لأن إجراءات الوقاية الآمنة والفعالة والمتوافرة حالياً لمعظم المرضى عالي الخطورة لا تطبق في كثير منها. ويبدو أن السبب الأهم هو التقصير في تصنيف المرضى منذ دخولهم المستشفيات بحسب تأهبهم للخثار لعدم توافر آلية سهلة وعملية للقيام بهذه المهمة.

وقد تم حل هذه المشكلة بالاعتماد على التوصيات المذكورة ووضعها في قالب سهل يسمى نموذج تقدير الخطورة Risk Assessment Model (RAM) مهمته تذكير الطبيب بمستوى خطورة الخثار عند المريض.

ونظراً للأهمية القصوى لهذا الموضوع فقد أُجريت دراسة عالمية شملت العديد من الدول العربية والأجنبية تسمى «مراقبة تدبير الانصمام الوريدي الخثاري في مستشفيات الشرق الأوسط». وتبين فيها أن خطر الخثار شائع بين مرضى المستشفيات ويصل إلى 92% منهم، لكن تطبيق الوقاية لهم غير كاف (56% في المرضى الجراحيين و42% في المرضى الداخليين) مع بعض الاختلافات بين الدول (الجدول1).

الجدول (1) تطبيق الوقاية في المستشفيات

كما أُجريت دراسة أخرى في الشعب الداخلية في مستشفيي جامعة دمشق التعليميين: الأسد والمواساة. وكانت الدراسة من نموذج المقطع المستعرض cross-sectional study، وهدفت إلى زيادة الوعي بانتشار خطر الانصمام الخثاري الوريدي في المرضى المصابين بأمراض باطنية؛ ومستوى تعامل الأطباء معه باستخدام الوقاية فيهم.

وقد اعتمد نموذج تقييم الخطر (RAM) لـ كابريني Caprini الذي يضم عوامل الخطر للانصمام الخثاري الوريدي، ويعطى فيه لكل عامل خطر عدد معين من النقاط يراوح بين نقطة واحدة وخمس نقاط حسب شدة الخطورة لديهم. وتمت الدراسة في عامي 2007 و 2008، درس فيها نحو 780 مريضاً في المستشفيين المذكورين، ثم استبعد منهم 320 مريضاً قبلوا لإجراء اختبارات تشخيصية ولم يكن لديهم مرض طبي جدي أو دخلوا بسبب الخثار أوعلاجه.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للقبول هو الأخماج اللاتنفسية (25.85%)، يليها الأخماج التنفسية (22.44%)، ثم الأمراض التنفسية الحادة غير الخمجية (18.36%) ثم قصور القلب (17%) كما هو موضح في (الجدول2).

الجدول (2)

أما عوامل الخطورة فكان أكثرها شيوعاً في المرحلة قبل الاستشفاء هو البدانة بنسبة (22.78%)، يليها بدرجة متساوية كل من المرض الرئوي المزمن وقصور القلب المزمن بنسبة (18.36%) لكل منهما، في حين يعدّ عامل الخطر المتمثل بعدم قدرة المريض على الحركة بشكل كامل أكثر عامل خطر شيوعاً في أثناء الاستشفاء بنسبة (24.14%)، يليه وجود قثطرة وريدية مركزية بنسبة (14.28%) (الجدول3).

الجدول (3)

وبلغ عدد المرضى الذين يحققون معايير الخطر للانصمام الخثاري الوريدي من دون وجود مضاد استطباب لاستخدام مضادات التخثر 247 مريضاً (141 مريضاً في مستشفى الأسد الجامعي، و106 مرضى في مستشفى المواساة الجامعي)، لكن التمييع الوقائي كان مطبقاً لدى أقل من نصفهم (119 مريضاً أو 48.17%)، ويتماشى ذلك مع الدراسات العالمية الأخرى.

ثانياً- الصمة الرئوية:

تعدّ الصمة الرئوية في المرتبة الثالثة من الأمراض الوعائية التي تسبب الموت بعد احتشاء القلب والسكتة الدماغية. وهي حين حدوثها تسبب الموت في 10% من الحالات، ربعها على نحو مفاجئ. والعلاج الناجح للصمة يخفف نسبة الوفاة من 30% إذا لم تعالج إلى 2-8% إذا عولجت. وقد لوحظ أن معظم الوفيات تحدث في المرضى المصابين بأمراض داخلية وليس بعد الجراحة، ويعتقد أن السبب يعود إلى اعتياد الجراحين استعمال التمييع الوقائي للمرضى عالي الخطورة، في حين لا يزال الوعي لمدى خطورة الأمراض الداخلية متأخراً نسبياً في كل أنحاء العالم.

تتم الوقاية من الصمة ومضاعفاتها على مراحل، وكلما كان ذلك مبكراً كانت النتائج أفضل. فالوقاية من حدوث خثار الوريد العميق يجب أن يكون الأساس، فإن حدث فعلاجه المبكر يقي من الصمة وإلا فإن حدوثها محتم في نحو نصف حالات التهاب الوريد العميق العرضي وثلث حالات التهاب الوريد اللاعرضي، يضاف إلى ذلك احتمال تطور متلازمة ما بعد التهاب الوريد الخثري في 40% من الحالات.

   

الأعراض والعلامات السريرية:

تختلف المشاهد السريرية التي يراجع بها المريض بحسب حجم الصمة والتأثيرات الرئوية وحراك السوائل (الهيمودينميكية) الناجمة. ترافق الحالات الأكثر شيوعاً - وهي الحالات النموذجية - زلة تنفسية مفاجئة مع ألم صدري وتسرع تنفس ونفث دم أو من دون ذلك، وتكثر هذه الأعراض في الصمة متوسطة الحجم. وقد وجدت إحدى الدراسات الكبرى وتسمى بيوبيد PIOPED أن الأعراض والعلامات الثلاث الأولى (الزلة وتسرع النفس والألم الصدري) موجودة بنسبة 97% في المصابين بالصمة المثبتة بتصوير الأوعية الظليل، ولذلك فإن غياب هذا الثالوث يقلل بشدة من احتمال وجود صمة. وأما الصمات الصغيرة فقد تكون لاعرضية. وأما الصمات الكبيرة والكتلية فيكثر فيها عدم الاستقرار الهمودينميكي.

وعموماً تشاهد الأعراض التالية بحسب تواترها:

1- الزلة التنفسية (73%)

2- الألم الصدري (66%).

3- السعال (37%).

4- نفث الدم (13%).

أما العلامات الشائعة التي يجب البحث عنها فهي:

1- تسرع التنفس (70%).

2- الخراخر (51%).

3- تسرع القلب (30%).

4- الصوت الرابع في القلب (24%).

5- احتداد المركبة الرئوية للصوت الثاني (23%).

وشعاعياً ترى العلامات التالية:

1- الانخماصات الخطية وهي أكثرها شيوعاً وتشاهد في أكثر من نصف الحالات.

2- انصباب الجنب (50%).

3- والعلامات الأقل شيوعاً:

أ- علامة وستمارك Westmark وهي نقص التوعية الموضعي في مكان الصمة على الصورة الشعاعية.

ب- علامة سنام هامبتون Hampton hump وهي تكثف مثلثي الشكل في مكان الاحتشاء الرئوي.

ج- علامة بالا Pala’s sign  وهي ضخامة حجم الشريان الرئوي النازل الأيمن بسبب ارتفاع الضغط الرئوي التالي للصمة.

التشخيص:

إذا استبعد الفحص السريري الإصابة بالصمة أمكن التأكد من عدم الإصابة بها باختبار دي - ديمر D- dimer؛ الذي يقيس مواد التدرك الناجمة عن حل الفيبرين الموجود في الأوعية نتيجة تشكل الصمات، والقيمة التوقعية السلبية negative predictive value لهذا الاختبار نحو 99%. أي إن سلبيته تنفي الصمة نفياً مؤكداً.

أما إذا دل الفحص السريري على احتمال الإصابة بالصمة أو كان الشك عالياً بالإصابة بها وجب إجراء تصوير الأوعية الرئوية بالتصوير المقطعي المحوسب الإهليلجي إن كانت وظائف الكلية طبيعية؛ أو بومضان الرئة للتهوية والتروية V/Q Scan إن كانت وظائف الكلية مضطربة. أما تصوير الأوعية الظليل الذي كان يعد المعيار الذهبي للتشخيص فقد قل استخدامه بشدة في الآونة الأخيرة نتيجة التطور الهائل الذي رفع من حساسية الأجيال الجديدة من التصوير المقطعي المحوسب ونوعيتها.

وإذا لم يتأكد التشخيص بالفحصين المذكورين CT) أو (V/Q يجرى الفحص بالصدى دوبلر لأوردة الأطراف السفلية وتبلغ حساسيته أكثر من 90% في الحالات العرضية، لكنها تقل إلى 36% في الحالات اللاعرضية. ويؤخر التصوير بالمواد الظليلة إلى النهاية إذا بقي التشخيص محتملاً بالرغم من سلبية كل الفحوص الأخرى.

وأما الفحوص المساعدة الأخرى فتتضمن تخطيط القلب الكهربائي ويظهر فيه إحدى العلامات التالية غير النوعية: تسرع جيبي، رجفان أذيني، S1 Q3، انقلاب T في III، أو في V1-V4. ويساعد تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية على تحديد الصمات الكبيرة وتأثيراتها الهمودينمكية؛ إذ تظهر في الصمات الكبيرة علامات الشدة على البطين الأيمن كحركة الحجاب العجائبية وسوء حركية الجدار الحر للبطين الأيمن (علامة مك أونيل McConnell).

العلاج:

وهو مشابه تماماً لعلاج التهاب الوريد الخثري ولكنه يختلف عنه ببعض النقاط:

1- مدة العلاج أطول وأغلبها 6 أشهر على الأقل.

2- في الصمات الكتلية والكبيرة التي تؤدي إلى اضطراب همودينميكي أو شدة كبيرة على البطين الأيمن فإنه من المفضل استعمال حالاّت الخثرة thrombolytic therapy.

3- حين وجود مضاد استطباب للتمييع أو حين تكرر الصمات بالرغم من التمييع الجيد أو الخوف من صمة قاتلة في المرضى الذين ليس لديهم احتياط تنفسي أو قلبي كاف؛ فإن وضع مظلة الأجوف السفلي مستطب حتماً.

4- حين حدوث نقص الصفيحات بعد العلاج بالهيبارينات يمكن استخدام مثبطات الخثرين المباشرة direct thrombin inhibitors

 

 

التصنيف : جهاز التنفس
النوع : جهاز التنفس
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 127
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1108
الكل : 40576959
اليوم : 106774