logo

logo

logo

logo

logo

الرَنَح

رنح

ataxia - ataxie



الرنح

ضياء الدين جراد

الفحص العصبي الرنح المخيخي
الأسباب الرئيسية للرنح المخيخي الرنح الحسي  sensory ataxia
الدراسة الاستقصائية للرنح الرنح الدهليزي  vestibular ataxia

 

 

يُطلق مصطلح الَرَنح  ataxia لوصف متلازمات من عدم التناسق والاتزان في الحركة، غير ناجمة عن الضعف العضلي، وتُعزى لاضطراب وظيفة الدهليز أو المُخَيخ أو لاضطراب حسّي في مستقبلات الحسّ العميق.

وقد تصاب بالرنح: الحركات العينيّة، والكلام، والأطراف، والجذع، والوقفة، والمشية.

أولاً- الرنح المخيخي:

 ينجم عن الآفات التي تصيب المخيخ، أو إحدى اتصالاته الصادرة، أو الواردة ضمن السويقات المخيخية؛ إلى النوى الحمراء أو الجسر أو النخاع الشوكي.

وقد تقلد الآفات الجبهية وحيدة الجانب ما يشاهد في آفات نصف الكرة المخيخية المقابلة بسبب  تقاطع الاتصالات بين القشرة المخية الجبهية والمخيخ.

وتعزى التظاهرات السريرية للرنح المخيخي إلى عدم انتظام سرعة الحركات الإرادية وإيقاعها وسعتها وعزمها.

مركبات الرنح المخيخي:

-1 نقص المقوية  :hypotonia   يؤدي إلى اضطراب المحافظة على الوضعة  بصورة  تزداد معها سعة تأرجح الذراعين في أثناء المشي، وتأخذ المنعكسات الوترية طبيعة نوَاسية pendular. وتفشل العضلات المجابهة  في تصحيح الحركة واستعادة حالة التوازن العضلي عند تقلص العضل المواجه ضد مقاومة ثم تركها أو انفلاتها،  مما يؤدي إلى  حركة ارتدادية للطرف.

-2 عدم التناسق :incoordination  في الحركات الإرادية إذ تتباطأ الحركات  البسيطة في البداية مع نقص معدل تسارعها وتباطئها، ويجعل التموج في سرعة  هذه الحركات ونظمها وسعتها وعزمها تبدو اهتزازية. ويبدو عدم الانتظام هذا أكثر وضوحاً في بداية الحركة وفي أثنائها ونهايتها عند توجه الطرف إلى الهدف وهذا ما يسمى خلل القياس الطرفي terminal dysmetria، ويدعى الرعاش القصدي الطرفي terminal intention tremor إذا اقتصر ظهور عدم الانتظام حين اقتراب الطرف من الهدف. وتكون الحركات الأشدّ تعقيداً كما في الحركات المركّبة  أو المتوالية مفكّكة  وهو ما يدعى فقد التآزر (اللاتآزر)  asynergia.

-3 الاضطرابات العينيّة المرافقة: شائعة في أمراض المخيخ  بسبب الدور الأساسي الذي يقوم به المخيخ في التحكّم بحركات العينين وتتضمّن (الرأرأة وخزل الحملقة وخلل حركات الرمش saccadc، والملاحقة (pursuit.

-4 العلامات  السريريّة بحسب التشريح الوظيفيّ:

أ- أذيّات الخطّ الناصف (الدودة vermis cerebelli والفصّ الندفيّ العقيديّ والنوى تحت القشرة المخيخيّة المرتبطة بها) وهو مسؤول عن التحكّم بالوظائف المحوريّة بما فيها حركات العينين والرأس ووضعة الجذع والوقفة والمشية.

تتظاهر المتلازمات السريرية الناجمة عن أذيات الخط المتوسط للمخيخ بالرأرأة والاضطرابات الحركية العينية الأخرى وتأرجح الرأس والجذع أو ترنحها  titubation وعدم استقرار الوقفة والمشية.

ب- أذيات نصف الكرة المخيخية الذي يعمل على تناسق الحركات والمحافظة على المقوية في الأطراف في الجهة نفسها وله شأن في انتظام التحديق للجانب نفسه.

تؤدي الاضطرابات التي تصيب نصف الكرة المخيخية إلى الرنح الشقي ونقص المقوية في الأطراف في جهة الإصابة والرأرأة مع خزل حملقة عابر وحيد الجانب للجانب نفسه.

وقد تحدث الرتة المخيخية cerebellar dysarthria مع أذيات جنيب الخط الناصف لنصف الكرة المخيخية الأيسر.

ج- تكون الصورة السريرية في الأذيات الشاملة التي تصيب المخيخ - مثل الاضطرابات الاستقلابية والسمية والتنكسية - على هيئة مشاركة  بين أذيات الخط الناصف ونصفي الكرتين المخيخيتين.

ثانياً- الرنح الحسي :sensory ataxia

ينجم عن الاضطرابات التي تصيب سبل مستقبلات الحس العميق في الأعصاب المحيطية، أو الجذور الحسية، أو الحبل الخلفي للنخاع الشوكي، أو الفتيل الإنسي lemniscus medialis، ونادراً ما تكون أذيات الفص الجداري سبباً في الرنح الحسي الشقي المقابل.

وقد يكون الرنح الحسي الناجم عن الآفات التي تصيب الحبل الخلفي أو في اعتلال الأعصاب المحيطية وصفياً في نمط التناظر في الطرفين السفليّين مما يؤدي إلى اضطراب المشية، ويكون تأثر الذراعين أقل أو لا يصابان أبداً.

يبدي الفحص أذية في الإحساس بوضعة المفاصل وحركة الطرف المصاب مع اضطراب يرافقه حس الاهتزاز، وتغيب الرأرأة والرتة على نحو مميز.

ثالثاً- الرنح الدهليزي vestibular ataxia

ينجم عن الأذيات المركزية والمحيطية نفسها التي تسبب الدوار، ومن الشائع وجود الرأرأة التي يتم تحريضها على نحو وصفي بالنظر بعيداً عن جهة الدهليز المصاب، ولا تشاهد الرتة أبداً.

يعتمد الرنح الدهليزي على الجاذبية بحِيث لا يبدو عدم التناسق في حركة الأطراف عند فحص المريض مستلقياً، لكنه يظهر حين محاولة المريض الوقوف أو المشي.

الأعراض والعلامات: لا بد في البداية من تمييز الدوار من الرنح، وتمييز الدوار الحقيقي من خفة الرأس، أو الشعور ما قبل الغشية.

غالباً ما يوصف الدوار بالدوام أو الدوران، لكن مع الوصف المبهم من المفيد سؤال المريض إن كانت الأعراض مرتبطة بالحركة، والظروف المرافقة، إذ غالباً ما يتحرض الدوار بتغيير وضعية الرأس، أما الأعراض المرتبطة بالقيام بعد الاضطجاع الطويل الأمد فهي شائعة في هبوط الضغط الانتصابي، وتتحسن باستلقاء المريض أو جلوسه.

وقد تتظاهر بعض حالات نقص الإرواء باضطراب الوعي الذي نادراً ما يرافقه دوار حقيقي، وقد تساعد الأعراض المرافقة على معرفة توضع الإصابة فمثلاً:

- الشكوى من نقص السمع أو الطنين أو كليهما توجه بشدة إلى أذية الجهاز الدهليزي المحيطي (الأذن الباطنة أو العصب السمعي).

- وتوجه الرتة أو عسرة البلع، أو الشفع، أو الضعف الوجهي، أو نقص الحس في الوجه أو الأطراف نحو أذية مركزية في جذع الدماغ.

- ويوجه الرنح المترافق والدوار نحو اضطراب دهليزي.

- والشواش الحسي في الطرفين السفليين شائع في المصابين برنح حسي.

 

الرنح الدهليزي

الرنح المخيخي

الرنح الحسي

الدوار

موجود

قد يوجد

غائب

الرأرأة

موجودة

غالبا موجودة

غائبة

الرتة

غائبة

قد توجد

غائبة

رنح الأطراف

غائب

غالبا موجود وحيد الطرف أو شقي أو في الطرفين السفليين فقط أو في كل الأطراف

موجود وعلى نحو وصفي في الطرفين السفليين

الوقفة

قد يكون المريض قادراً على الوقوف والقدمان متقاربتان يتفاقم على نحو وصفي مع إغماض العينين

المريض غير قادر على الوقوف والقدمان متقاربتان سواء أكانت العينان مفتوحتين أم لا

غالباً قادر على الوقوف والقدمان متقاربتان والعينيان مفتوحتان لكن ليس قادراً على الوقوف والعينان مغمضتان (علامة رومبرغ).

حس الوضعة والاهتزاز

طبيعي

طبيعي

مفقود

المنعكس الدابري

طبيعي

طبيعي

ضعيف أو غائب

(الجدول رقم1) يبين الصفات المميزة لأنواع الرنح: الدهليزي والمخيخي والحسي

شدة الإعاقة وأثرها الوظيفي في العليل: يميل المصابون بالرنح المخيخي إلى الوقوف والمشي على قاعدة واسعة، ويخشى هؤلاء المشي من دون دعم أو استناد مع محاولة الإمساك بالأشياء من حولهم مثل السرير أو الكرسي والتحرك بحذر بين تلك الأشياء، وفي الحالات الشديدة لا يمكن الوقوف من دون مباعدة القدمين والجلوس من دون دعم خلفي. ويحاول المريض تصحيح الرنح بتقصير خطواته وجرها، ويتفاقم الرنح حين محاولة المريض القيام من الكرسي والدوران أو الالتفاف المفاجئ في أثناء المشي ثم التوقف والجلوس من جديد، والجنوح نحو جهة الإصابة بحيث يصبح من الضروري الإمساك بالأشياء لتجنب السقوط.

ويبدي بعض المصابين بالرنح الحسي في البدء صعوبات بالمشي والاندفاع إلى الأمام، ويبقي هؤلاء المرضى أيديهم أمام الجسم مع انحناء الرأس والجسم للأمام، وتكون المشية على قاعدة واسعة وغير منتظمة والخطوات غير متناسقة، ويذكر المريض أن توازنه يتحسن عندما ينظر إلى قدميه في أثناء المشي، أو باستخدام العصا أو الاستناد باليدين، وقد تكون هناك صعوبات في نزول السلالم، ويميل المريض إلى السقوط مباشرة عند إغلاق العينين مع تفاقم عدم الاستقرار في أثناء المشي في الظلام، وفي الحالات الشديدة لا يستطيع المريض النهوض من دون مساعدة أو حتى الاستناد على القوائم الأربع أو الزحف.

أما في المصابين بالرنح الدهليزي فيكون عدم الثبات في أثناء الوقوف والمشي دون اتساع قاعدة الوقفة، مع عدم القدرة على نزول السلالم من  دون الإمساك بعمود الدرابزين، والدوران أو الالتفاف السريع أشد تأثراً، ويحدث الجنوح لكافة الاتجاهات. ويجد المريض صعوبات في تثبيت الرؤية على هدف متحرك، أو على هدف ثابت عند تحرّك المريض، لذا يصبح من الصعب أو المستحيل قيادة المركبات أو القراءة في القطار مثلاً، حتى في أثناء المشي يجبر المريض على التوقف لقراءة الشارة.

أخيراً قد تكون المشية الرنحية تظاهرة للاضطراب التحويلي المرافق لأعراض حركية أو عجز، أو تكون تظاهرة للتََمارض، وقد يكون من الصعب تمييز هذه الحالات بعضها من بعض على الرغم من أن الشكوى من مشية رنحية من دون رنح طرفي يمكن مشاهدته أيضاً في الأذيات التي تصيب أعلى الدودة المخيخية. ومن السمات المميزة لكشف رنح المشية المصطنع لدى هؤلاء المرضى أنهم غالباً ما يبدون حركات دورانية وتأرجحية مفرطة مع الحفاظ على السلامة من دون السقوط.

بدء الأعراض وسيرها: قد يوجه كشف بدء العلة وسيرها إلى معرفة السبب. فالبدء الحاد لاضطراب التوازن قد يشاهد في احتشاءات جذع الدماغ أو المخيخ ونزوفها مثل (متلازمة وحشي البصلة، أو احتشاءات المخيخ ونزوفه). أما اضطراب التوازن العرضي ذو البدء الحاد فيوجه نحو هجمات من نقص التروية العابرة في منطقة توزع الشريان القاعدي، أو دوار االوضعة السليم، أو داء منيير، لكن غالباً ما يرافق اضطراب التوازن الناجم عن نقص التروية العابر أذيات في الأعصاب القحفية أو علامة توضع عصبي في الأطراف أو كليهما. أما داء منيير فغالبا ما يرافقه صمم مترق وطنين عدا الدوار.

ويوجه اضطراب التوازن المزمن المترقي خلال أسابيع إلى أشهر نحو اضطراب سمي أو عوزي مثل عوز ڤيتامين ب12 أو عوز ڤيتامين E أو التسمم بالأوكسيد النتري (الغاز المضحك). أما اضطراب التوازن المزمن المترقي خلال أشهر إلى سنوات فيوجه نحو الأدواء التنكسية الشوكية المخيخية الوراثية.

في القصة المرضية: من المفيد السؤال عن أي موجودات أو دلائل لأمراض السبيل الحسي (مثل عوز ڤيتامين ب12 أو الإفرنجي)، أو موجودات لأمراض قد تصيب المخيخ (مثل قصور الدرقية، والمتلازمات نظيرة الورمية، أو الأورام)، أو الأدوية المؤذية للدهليز والوظيفة المخيخية (مثل الكحول، والمركنات والفينيتوئيين والأمينوغليكوزيدات والكينين والساليسيلات).

في القصة العائلية: ولاسيما في الرنح المزمن المترقي تُتحرَى الأمراض التنكسية الوراثية كما في التنكس الشوكي المخيخي، ورنح فريدرايخ Friedreich’s ataxia، ورنح توسع الشعريات ataxia telangiectasia، وداء ويلسون Wilson’s disease.

من المفيد أيضاً تقصِي أي ألم أو ضعف قد يسبب اضطراب المشية لأن معظم الأشخاص قد يعانون بين الحين والآخر عرجاً أو اضطراباً بالمشية ناجماً عن رض أو ألم في الطرف السفلي، وليس من الضروري أن يرافق هذه الإصابات - المفصلية أو العظمية أو بالنسيج الضام - ضعف عضلي، أو تبدلات حسية أو بالمنعكسات، لكن قد يؤدي تحدد سعة الحركة في الورك أو الركبة أو الكاحل إلى المشي بخطى قصيرة مع وضعية انعطافية في الطرف السفلي.

أما في الضعف العضلي - ولاسيما ضعف العضل الداني في الزنار الحوضي، إذ تفشل العضلات الدانية في تثبيت الوركين على الجذع على نحو مناسب في أثناء المشي - فتصبح حركات الجذع مبالغاً فيها ومنها المشية المتهادية waddling  gait  ومشية ترند لنبورغ (المشية الأَلَوية). ويؤدي الضعف في بسط الفخذ إلى عدم القدرة على الوقوف من وضعية الاضطجاع، وقد يستخدم المريض ذراعيه لدفع جسمه إلى الأعلى ومنه علامة غوَر Gower’s sign.

الفحص السريري: تستطيع المقومات المتعددة للفحص السريري العام وضع مفتاح تشخيص الاضطراب البدئي لدى المريض، فعلى سبيل المثال:

ترافق هبوط الضغط الإنتصابي اضطراباتٌ حسية عديدة تتظاهر بالرنح في: التابس الظهري، واعتلال الأعصاب العديد، وبعض حالات التنكس الشوكي المخيخي.

يمكن بفحص الجلد ملاحظة توسع الشعيرات الجلدي والعيني في رنح توسع الشعريات، أو ملاحظة جفاف الجلد مع تقصُف الشعر في قصور الدرقية، أو اصطباغ الجلد بالأصفر الشاحب في عوز ڤيتامين ب12، كما تشاهد التصبغات الحلقية في القرنية (حلقة كايزر- فليشر (Kayser- Fleischer في داء ويلسون.

قد تشاهد التشوهات الهيكلية مثل الجنف الحدابي kyphoscoliosis على نحو مميز في رنح فريدرايخ، أو تشاهد تبدلات ضخامية وفرط تمطط الأربطة والمفاصل في التابس الظهري، ومن الشائع وجود القدم المقعَرة صفة مميَزة  في كثير من اعتلالات الأعصاب الوراثية، وقد  ترافق التشوهات في الموصل القحفي الرقبي تشوهات أخرى كآرنولد - كياري Arnold- Chiari أو الشذوذات الجنينية الأخرى التي تصيب الحفرة الخلفية.

الفحص العصبي:

-1 فحص الحالة العقلية:

الرنح في حالات التخليط الذهني الحاد مميز  للتسمم بالكحول أو الأدوية  المركنة، أو اعتلال الدماغ لفيرنكه Wernicke’s encephalopathy.

وتشاهد العتاهة مع الرنح المخيخي في داء ويلسون، وداء كرويزفيلد- جاكوب Creutzfeldt-Jakob  وقصور الدرقية والمتلازمات نظيرة الورمية وبعض حالات التنكس الشوكي المخيخي.

أما العتاهة مع االرنح الحسي فتوجه نحو التابس الشللي الإفرنجي، أو عوز ڤيتامين ب12.

وترتبط متلازمة النساوة  لكورساكوف بالرنح المخيخي بالكحولية المزمنة.

- 2فحص الوقفة والمشية

قد يساعد نمط الوقفة والمشية على تمييز الرنح المخيخي من الرنح الحسي والرنح الدهليزي، وعلى نحو عام تكون الوقفة والمشية في المريض المترنح على قاعدة واسعة وغير متزنة، وغالباً ما ترافقها حركات تأرجحية أو دورانية.

أ- فحص الوقفة: من الصعب لدى المترنح الوقوف والقدمان متقاربتان مع انتصاب الرأس، وإذا طلب إليه فعل ذلك فإنه يتباطأ في تقريب القدمين تدريجياً إحداهما من الأخرى مع ترك بعض الفسحة بينهما، وفي النهاية يستطيع المصاب بالرنح الحسي وبعض المصابين بالرنح الدهليزي الوقوف والقدمان متقاربتان بسبب معاوضة فقد التلقيم الراجع الحسي لمستقبلات الحس العميق أو التيه بأخرى مثل الرؤية. ويمكن كشف هذه المعاوضة بسؤال المريض إغلاق عينيه، والذي يفاقم عدم الثبات وقد يؤدي إلى السقوط، وهي علامة رومبرغ ويكون الموجه إلى الاضطرابات الدهليزية.

أما المصابون بالرنح المخيخي فغير قادرين على المعاوضة ويبقى عدم الثبات بالقدمين موجوداً سواء أكانت العينان مفتوحتين أم مغمضتين.

ب- فحص المشية

- (1) المشية في الرنح المخيخي: على قاعدة واسعة، ترنحية، تشبه مشية السُكارى، مع تمايل وتأرجح الرأس والجذع، والخطى مفككة أقصر أو أطول من الخطى الطبيعية، ويكون الميل إلى الجنوح باتجاه الآفة في إصابات نصف الكرة المخيخية حين محاولة المريض المشي على خط مستقيم أو حول دائرة أو في ساحة والعينان مغلقتان.

وفي الحالات الخفيفة أو المعتدلة للرنح المخيخي يمكن تحريض الرنح بأن يطلب إلى المريض المشي بشكل عقب - أبخس على خط مستقيم (المشية الترادُفيَّة (tandem gait التي تتطلب المشي في قاعدة ضيِقة، أو فحص قدرة المريض على القيام والمشي مسرعاً، ثم التوقف والالتفاف فجأة، ثم الجلوس من جديد على الكرسي.

- (2) والمشية في الرنح الحسي: تكون أيضاً على قاعدة واسعة، والمشية الترادفية هي أيضاً مضطربة، وتمتاز بإفراط في طول الخطوة وسعتها، مع الإفراط في رفع القدمين إلى الأعلى ثم ضربهما بقوة بالأرض، ومنها مشية الخَبب (مشية الوجيف) steppage gait. وقد يتحسن الثبات وعلى نحو مميز في المصابين بالرنح الحسي باستخدام العصا كدليل وللاستناد، أو دعم ثبات المريض بإسناد يده على كتف الفاحص، يظهر جل الاضطراب بالمشية في هؤلاء المرضى في حالة المشي مع إغلاق العينين، أو المشي في الظلام.

-3 تحري صحة الجمل الوظيفية المختلفة المشاركة في الحفاظ على الوضعة المنتصبة والمشية:

أ- تحري صحة الجهاز الحركي: كشف إصابات مرافقة - هرمية كانت أو خارج هرمية أو في الأعصاب المحيطية - قد تكون سبباً في اضطراب التوازن لدى المريض:

- (1) في آفات العصبون المحرك السفلي يحدث اضطراب التناسق والتوازن بسبب الضعف العضلي الرخو الذي قد يرافقه رنح حسي. يبدو بالفحص ضعف عضلي وضمور العضلات المصابة، مع ظهور الارتجافات الحُزْمية، وتكون المقوية العضلية ناقصة منذ البداية، والمنعكسات الوتريَة ضعيفة أو غائبة، والاستجابة الأخمصية بالانعطاف.

- (2) أما أذيات العصبون المحرك العلوي أو الآفات االهرمية فتتظاهر بضعف عضلي تشنجي، ومقوية تشنجية مزدادة مسيطرة في العضلات الباسطة في الطرفين السفليّين، وفي العضلات العاطفة في الطرفين العلويين. والمنعكسات الوترية مفرطة النشاط، والاستجابة الأخمصية بالانبساط.

يحدث اضطراب التناسق الحركي بسبب الضعف التشنجي ويتظاهر سريرياً بخزل الطرفين السفليّين الذي قد يرافقه الرنح كما في عوز ڤيتامين ب12، والتصلب المتعدد، وآفات الثقبة الكبرى، وأورام النخاع الشوكي. أما الخزل الرباعي الرنحي، أو الرنح الشقي مع خزل شقي مقابل، أو الخزل الشقي الرنحي، فيوجه نحو أذية في جذع الدماغ.

ب- تحري صحة الجهاز خارج الهرمي: النوى القاعدية (الجهاز خارج الهرمي) في الشخص الطبيعي مسؤولة عن تلطيف أداء الأجهزة المحركة للسبيلين القشري الشوكي والقشري البصلي وتجويدها.

اضطرابات المشية

تتجلى التظاهرات السريرية لإصابات الجهاز خارج الهرمي في:

- (1) تعذر الحركة akinesia ومنها بطء الحركة bradykinesia وتعود إلى التأخر في بدء الحركات الإرادية، وبطء تنفيذ الأوامر وإنجازها، وأشد من ذلك عدم القدرة على أداء النشاطات الحركية السريعة والرشيقة.

- (2) الصمل : rigidityويعني ازدياد مقوية العضلات من النمط اللدن (البلاستيكي) بحيث تسود المقاومة في العضل العاطف والباسط من بداية الحركة الفاعلة أو المنفعلة حتى كامل سعة الحركة.

- (3) الرعاش وهو منتظم، بتواتر يراوح بين 3-5 /ثانية في أثناء الراحة، ويشاهد خاصة في الأصابع والذراعين والذقن.

تؤدي هذه الاضطرابات إلى اتخاذ وضعية انعطاف الجسم مع دوران المنكبين وثني الذراعين والركبتين ثنياً معتدلاً، وضعف القدرة على تثبيت الوضعة والوقوف المنتصب، كما تؤدي إلى اضطراب المشية والتوازن بسبب فقد منعكسات الوضعة.

 وقد تكون الحركات اللاإرادية مثل: الرقَص: والذفن، والكنع، وسوء الوتار من الأعراض الشائعة الأخرى لأمراض الجهاز خارج الهرمي.

ج- تحري صحة الجهاز الحسي:

- (1) فحص حس الوضعة وذلك بسؤال المريض تحديد حركة المفاصل المنفعلة أو تمييزها، كل على حدة، ابتداءً من القاصي إلى الداني، والعينان مغمضتان، ويمكن استقصاؤه أيضاً باتخاذ المريض وضعية محددة لأحد أطرافه، ويطلب منه وضع الطرف المقابل بالوضعية نفسها والعينان مغلقتان.

يتأذى حس الوضعة بالطرفين السفليين في المصابين بالرنح الحسي، وقد تشمل الإصابة الذراعين.

- (2) فحص حس الاهتزاز: غالباً ما يتأذى حس الاهتزاز بتأذي مستقبلات الحس العميق في المصابين بالرنح الحسي، يطلب من المريض إدراك الاهتزاز لرنانة تواترها 128هرتزاً، توضع على النواتئ العظمية وعلى التوالي. يتم الفحص من القاصي حتى المستويات الأكثر دنوَا لتحديد المستوى الأعلى للأذية في كل طرف على حدة أو على مسير الجذع. وتقارن عتبة المريض للاهتزاز مع نظيرتها لدى الفاحص.

د-  فحص المنعكسات الوترية: تكون المنعكسات الوترية وعلى نحو وصفي ناقصة النشاط في المصابين بالرنح المخيخي، وذات نمط نوَاسي.

تؤدي آفات نصف الكرة المخيخية إلى نقص نشاط المنعكسات الوترَية في جهة الإصابة، ويكون ضعف المنعكسات الوترية من العلامات المسيطرة في رنح فريدرايخ والتابس الظهري واعتلال الأعصاب العديد، وقد يرافق كلاً منها في المريض رنح حسي.

أما فرط نشاط المنعكسات الوترية والاستجابة الأخمصية بالانبساط التي قد ترافق الرنح، فتوجه نحو الإصابة  بالتصلب المتعدد، أو عوز ڤيتامين ب12، أو الآفات الموَضعة في جذع الدماغ، أو بعض التنكسات الشوكية المخيخية أو التنكس الزيتوني الجسري المخيخي.

هـ- تحري الوظيفة القشرية للفصّين الجبهيّين: يختص الفصان الجبهيان بوظيفة تخطيط الوظائف الحركية والسلوكية وصياغتها، وسمات الشخصية، والتحكم الانفعالي، واللغة، إضافة إلى وظيفة التحكم بالمصرة البولية.

تؤدي الآفات الجبهية الإنسية إلى انسحاب withdrawn المريض مع فقد الاستجابة والإرادة abulia ويرافق ذلك غالباً السلس البولي ولا أدائية (تعذر أداء) المشي gait apraxia بحيث يصبح من الشائع تشابك القدمين في أثناء المشي،  وتحريكهما على نحو غير مناسب لمركز ثقل المريض، ونمط من فرط المقوية يدعى المقاومة للتحريكgegenhalten  التي تبدو وكأنها إرادية المنشأ.

أما الآفات في القسم الظهري الوحشي للقشر الجبهي فتؤدي إلى صعوبات الكلام، والتخطيط والتنظيم الحركي أو متلازمة خلل التنفيذ dysexecutive syndrome ويصبح المريض غير مكبوح disinhibited إلى درجة هوس العظمة أحياناً في الآفات الجبهية الحجاجية. وقد تقود الآفات الأوسع انتشاراً في الفص الجبهي إلى اضطراب السلوك.

معظم المصابين بأذيات الفصّين الجبهيّين غير قادرين على القيام أو الوقوف أو المشي. حتى إن بعضهم غير قادر على الجلوس من دون دعم أو مساعدة. ويشيع حدوث الميلان والسقوط إلى الخلف حين محاولة القيام من وضعية الجلوس.

الفحص السريري غالباً ما يكشف وجود عتاهة أو علامات فيزيائية بؤرية في اضطرابات الفص الجبهي مثل: منعكس القبض، والمنعكس الراحي الذقني ومنعكس التقطيب. أو موجودات حركية، واستجابة أخمصية بالبسط، أو شلل بصلي كاذب.

و- تحري صحة جهاز التوازن الدهليزي:  تتظاهر أذيات الوظيفة الدهليزية باضطراب التوازن في الوقوف والمشي، لكن ليس على قاعدة واسعة. ويتميز بعدم استقرار الوضعة المرتبط غالباً بحركة الرأس أو الجسم، ويكون أكثر وضوحاً في  أثناء الهرولة أو الالتفاف المفاجئ، والجنوح يكون لكافة الاتجاهات. وتعتمد العلامات المرافقة على نوعية الأذية: ففي حالة الاعتلال الدهليزي المحيطي مثلاً تشاهد في المريض رأرأة طورها السريع عكس جهة الدهليز المصاب. ويميل المريض إلى السقوط باتجاه الأذن المصابة في اختبار رومبرغ. أما في حالات المنشأ المركزي للدوار فغالباً ما ترافقه علامات أخرى لأذيات في الجهاز العصبي المركزي، وتكون الرأرأة فيها لكافة الاتجاهات، وقد يرافقها ضعف وجهي أو علامات أذيات في الأعصاب القحفية الأخرى، أو رنح، أو نقص حس شقي أو حتى شلول حركية.

 

المخيخ

العصبون المحرك العلوي

العصبون المحرك السفلي

الجهاز خارج الهرمي

القوى العضلية

طبيعية

ناقصة

ناقصة

طبيعية

المقوية العضلية

ناقصة

زائدة (تشنجيه)

طبيعية

زائدة (صملية) أو ناقصة

المنعكسات الوترية

طبيعية

زائدة

ناقصة

طبيعية

الاستجابة الأخمصية

عطف

بسط

عطف

عطف

الضمور

غائب

غائب

موجود أو غائب

غائب

التقلصات الحزمية

غائبة

غائبة

موجودة أو غائبة

غائبة

الرعاش

رجفان قصدي أو غائب

غائب

غائب

رعاش راحة أو غائب

الرقص أو الكنع

غائب

غائب

غائب

موجود أو غائب

تعذر الحركة

غائب

غائب

غائب

موجود أو غائب

الرنح

موجود

غائب

غائب

غائب

(الجدول رقم2) المظاهر السريرية المميزة بين اضطرابات المخيخ والأجهزة المحركة الأخرى

الأسباب الرئيسية للرنح المخيخي:

تقسم أسباب الرنح المخيخي إلى أسباب مكتسبة وأسباب خلقية وراثية.

-1 الاضطرابات المكتسبة للرنح وتقسم بدورها إلى:

أ- ولادية: الشلل الدماغي الرنحي، والأذيات المبكرة الأخرى ما حول الولادة.

ب- وعائية: نشبات نقص التروية والنشبات النزفية، أو النزوف، أو التشوهات الشريانية الوريدية.

ج- التهابية: التهاب المخيخ الحاد، التهاب الدماغ والنخاع التالي للخمج، خراجات المخيخ، متلازمة عوز المناعة المكتسبHIV ، داء كروتزفيلد جاكوب.

د- سمية: التسمم بالكحول، مضادات الصرع، الزئبق، 5 فلورويوراسيل، السيتوزين آرابنيوزيد.

هـ- ورمية: الأورام الدبقية، أورام البطانة العصبية، الأورام السحائية، الارتشاح السرطاني للسحايا القاعدية.

و- مناعية: التصلب المتعدد، المتلازمات نظيرة الورمية، أضداد غلوتامات ديكاربوكسيلاز، رنح الغلوتين.

ز- عوزية: قصور الدرقية، عوز ڤيتامين ب12 عوز فيتامين ب1.

-2 الأسباب الخلقية الوراثية للرنح وتصنف إلى:

أ- الأنماط الموروثة بصفة جسمية متنحية: مثل رنح فريدرايخ، رنح توسع الشعريات، الرنوح الناجمة عن الأخطاء الاستقلابية.

  ب- الأنماط الموروثة بصفة جسدية سائدة: مثل الرنوح الشوكية المخيخية من النمط1 حتى النمط23، والرنوح العرضية.

ج- الأنماط المرتبطة بالجنس: وتشمل أدواء المتقدرات كما في متلازمة (الرنح واعتلال الأعصاب مع التصبغات الشبكية) أو ما يعرف بمتلازمة NARP، ومتلازمة MERRF (الصرع الرمعي العضلي مع الألياف الحمر الممزقة)، واضطرابات أخرى تتضمن متلازمة كيرن - ساير «Kearns-Sayre»، ومتلازمة ميلاس MELAS (داء المتقدرات مع اعتلال الدماغ والحماض اللبني والنشبة).

الدراسة الاستقصائية للرنح:

-1 في دراسة الدمويات:

> يمكن كشف الاضطرابات المرتبطة بعوز ڤيتامين ب12، أو نقص مستوى هرمون الدرقية في قصور الدرقية.

> ارتفاع الإنزيمات الكبدية وانخفاض مستويات السيرولوبلاسمين وتركيز النحاس في داء ويلسون.

> عوز الغلوبيولينات المناعية وارتفاع مستوى ألفا فيتوبروتئين aα- fetoprotein في رنح توسع الشعريات.

> أضداد مستضد خلايا بوركنجي Purkinje في التنكسات المخيخية نظيرة الورمية.

-2 دراسة السائل الدماغي الشوكي:

> يبدي السائل الدماغي الشوكي ارتفاعاً في البروتين في أورام الزاوية الجسرية المخيخية كما في ورم العصب السمعي، وأورام جذع الدماغ والنخاع الشوكي، وقصور الدرقية، وبعض اعتلالات الأعصاب العديدة.

> وجود الكريات البيض مع ارتفاع البروتين في السائل الدماغي الشوكي شائع في أخماج الجملة العصبية المركزية، حتى في الأخماج المجاورة للسحايا، والتنكسات المخيخية نظيرة الورمية، والإفرنجي العصبي.

> البزل القطني مضاد استطباب في حالة الشك بوجود نزف مخيخي، على الرغم من ارتفاع ضغط السائل الدماغي الشوكي وتدميه في تلك الحالة.

> في التابس الظهري قد يكون تفاعل VDRL في السائل الدماغي الشوكي مفعَلاً وإيجابياً.

> وقد توجد الغلوبيولينات المناعية وحيدة النسيلة IgG في السائل الدماغي الشوكي في التصلب المتعدد وبعض الأمراض الالتهابية الأخرى في الجهاز العصبي المركزي.

- 3الدراسة الشعاعية:

يستخدم التصوير المقطعي المحوسب لإظهار أورام الحفرة الخلفية، وتشوهات المخيخ، ونزوفه واحتشاءاته، أو ضمور المخيخ المرافق للأدواء التنكسية، ولكن التصوير بالرنين المغنطيسي أدق لآفات الحفرة الخلفية بما فيها أورام الزاوية الجسرية المخيخية، ويتفوق على التصوير المقطعي في تحديد الآفات في التصلب المتعدد.

اختبارات الكمونات المحرضة وبخاصة للسبيل البصري (الكمونات المحرضة البصرية) الذي قد يفيد في تقييم المرضى المشتبه بإصابتهم بالتصلب المتعدد. أما الكمونات المحرضة السمعية لجذع الدماغ فقد تكون مضطربة في المصابين بأورام الزاوية الجسرية المخيخية حتى حين يكون التصوير المقطعي المحوسب سلبياً.

قد تفضي صورة الصدر البسيطة وتخطيط القلب الكهربائي إلى دلالات على اعتلال العضلة القلبية المرافق لرنح فريدرايخ، وقد يشاهد ورم الرئة في صورة الصدر البسيطة كما في التنكس المخيخي نظير الورمي.

 

 

 


التصنيف : الجهاز العصبي
النوع : الجهاز العصبي
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 120
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1103
الكل : 40558322
اليوم : 88137