logo

logo

logo

logo

logo

الذبحة الحنجرية (الخانوق)

ذبحه حنجريه (خانوق)

angina laryngea (croup) - angine laryngée (croup)



الذبحة الحنجرية (الخانوق)

برنار خازم

الذبحة الحنجرية أو الخانوق

 

 

تتناسب مقاومة الطرق التنفسية عكساً مع القوة الرابعة لقطرها، لذلك فإن صغر قطر هذه الطرق التهابياً كان أم وذمياً يؤدي إلى ارتفاع المقاومة، ويؤدي بالتالي إلى زيادة العبء على العمل التنفسي. يطلق على الالتهاب الذي يصيب الحبال الصوتية وما تحتها من أنسجة اسم التهاب الحنجرة أو التهاب الحنجرة والرغامي أو التهاب الحنجرة والرغامى والقصبات، أما ما يصيب فوق الحبال الصوتية فيطلق عليه اسم التهاب ما فوق المزمار supraglottitis.

الذبحة الحنجرية أو الخانوق Croup:

تطلق على مجموعة من الأخماج الحادة يجمع بينها إصابة الحنجرة، وتتجلى بسعال نباحي مميز وبحة وصرير شهيقي في أغلب الحالات (وقد يكون شهيقياً زفيرياً) تدل كلها على الانسداد العلوي. ويصيب الخانوق الحنجرة والرغامى والقصبات عموماً؛ ولكن حين تتغلب الإصابة الحنجرية تطغى على الصفحة السريرية تماماً، والاختلافات في التسميات تعبر عن الطيف السريري المتعدد لمرض واحد.

الأسباب الخمجية:

إذا استثنينا الإصابات الجرثومية (الدفتريا والتهاب لسان المزمار الحاد) فإن كل الإصابات ڤيروسية، تؤلف الحمّات نظيرة الإنفلونزا 1-2-3 نحو 75% من الحالات، تليها الإنفلونزا B-A والڤيروس الغدي adenovirus والڤيروس المخلوي التنفسي respiratory syncytial virus (RSV) والحصبة، وتترافق الأنفلونزا A والعديد من إصابات الحنجرة الشديدة، ونادراً ما تعزل المفطورات الرئوية Mycoplasma pneumoniae التي غالباً ما تكون ضعيفة التأثير. وتحدث الإصابات غالباً في الطقس البارد من السنة.

تراوح أعمار المصابين بين 3 أشهر و5 سنوات مع ذروة حدوث في السنة الثانية من العمر، تتكرر الإصابة بين 3 و6 سنوات، وتخف بعدها كلما ازداد نمو الطرق التنفسية، وهناك استعداد عائلي للإصابة بالخانوق بنسبة 15%.

كانت المستدمية النزلية في الماضي مسؤولة عن معظم حالات التهاب لسان المزمار الحاد؛ وتغير الأمر بعد انتشار لقاح Hib، فقد انخفضت نسبة الإصابة بها بمقدار 80-90% وأصبحت العقديات والعنقوديات والرئويات السببَ الأعظم في حالات التهاب لسان المزمار في الملقحين.

وقبل انتشار اللقاح كانت المستدمية النزلية تصيب الأطفال بين 2-4 سنوات (مع إمكان حدوثها بعمر سنة حتى 7 سنوات)، أما الآن فأصبحت تصيب البالغين بألم بلعومي حاد، كما تصيب ضعيفي المناعة ومن لم يستجب للقاح.

التظاهرات السريرية:

1- الخانوق: (التهاب الحنجرة والرغامى والقصبات) أكثر انسدادات الطرق العلوية شيوعاً، تسببه الڤيروسات السابقة الذكر، يبدأ المرض بسيلان أنفي والتهاب بلعوم وسعال خفيف وحرارة خفيفة في 1-3 أيام تظهر بعدها أعراض الانسداد العلوي وعلاماته فيظهر السعال النباحي المميز ويصبح الصوت أجش مبحوحاً مع الصرير stridor الشهيقي (في بعض الحالات تكون الحرارة عالية). تسوء الأعراض في الليل كما تشتد العلامات والأعراض سوءاً بالبكاء والهيجان، يفضل الطفل الجلوس والبقاء منتصباً حسب شدة الأعراض. تعاود الأعراض على درجة أخف في الليالي التالية وتزول في مدة أسبوع. ويتحمل معظم المرضى مرضهم ويشفون بسرعة.

يشاهد بالفحص سيلان أنفي، وصوت أجش، والتهاب بلعوم مختلف الشدة، وتسرع تنفس نسبي، وحين تطور الحالة يشاهد تحرك خنابتي الأنف والسحب فوق القص وتحته وبين الأضلاع مع صرير مستمر، وفي الحالات الأشد تظهر الزرقة ونقص الأكسجة، فالطفل المنهك الأزرق مع زلة شديدة يستدعي التدخل السريع على المجرى الهوائي، وعندها قد تختلط الصفحة السريرية بصفحة التهاب لسان المزمار.

يشخص الخانوق سريرياً ولا يستدعي أخذ صورة للعنق، ولكن إذا ما أخذت صورة خلفية أمامية فإنها تظهر التضيق النموذجي في منطقة تحت المزمار (steeple sign أو علامة برج الكنيسة) وهذه العلامة لا نوعية ولا تتناسب مع الزلة السريرية، ويجب ألا تؤخر الصورة معالجة المريض المستعجلة.

2- التهاب لسان المزمار الحاد (supraglottitis) acute epiglottitis: هو حادثة خطرة تتجلى بسير صاعق من الحرارة العالية وعسر البلع وغياب الصوت الواضح والزلة وانسداد الطرق العليا السريع السير، وقد تخدع هذه الحالة الطبيب غير الخبير لعدم وجود زلة في البدء، ولكن غالباً ما يتطور في ساعات لتظهر حالة المريض السمية مع عسر بلع وإلعاب واضح وزلة تنفسية قوية، الرقبة بوضعية البسط كمحاولة لإبقاء الطرق التنفسية مفتوحة، يجلس المريض مستنداً بيديه ويميل بصدره إلى الأمام رافعاً ذقنه وفاتحاً فمه. ومع استمرار الزلة يمر الطفل بمرحلة تململ وجوع للهواء ينتقل بعدها إلى الزرقة والسبات.

يتأخر ظهور الصرير الحنجري ويدل على قرب اكتمال الانسداد، ويموت المريض إذا لم يسعف.

يعتمد التشخيص على رؤية لسان المزمار الكرزي المتوذم cherry red بالمنظار مع إصابة الأنسجة المجاورة بالتورم والالتهاب، ويجب التأكيد أن استعمال المنظار يجب أن يكون حصراً في مكان مجهز (العناية المشددة أو غرفة العمليات)، كما يجب الابتعاد عما يزعج المريض كفتح الفم بالقوة وفتح الوريد ووضعية الاستلقاء الظهري، وكلها تؤجل إلى ما بعد فتح المجرى الهوائي.

وإذا لم يكن التشخيص واضحاً تؤخذ صورة شعاعية جانبية للعنق بوضع البسط فيظهر فيها لسان المزمار متسمكاً كالإبهام (thumb sign)، وإذا كانت الصورة مائلة ظهر مدوراً، ويجب أن يرافق الطفل إلى الأشعة خبير باستخدام المنظار.

ومتى تأكد التشخيص يجب إجراء التنبيب الأنفي الرغامى وأحياناً خزع الرغامى، بغض النظر عن الزلة الموجودة؛ لأن 6% من هؤلاء يموتون من دون فتح طريق هوائي مقارنةً بـ 1% مع فتح الطريق الهوائي ، أما مدة التنبيب فتعمتد على تطور حالة المريض واستمرار تورم لسان المزمار، ويبقى عادةً 2-3 أيام؛ لأن استجابة المريض للصادات تكون جيدة، كما تعتمد على وجود مضاعفات أخرى.

3- التهاب الحنجرة الحاد acute infectious laryngitis: هو التهاب ڤيروسي غير شديد يتجلى بالتهاب بلعوم وصوت أجش ولا تحدث فيه زلة تنفسية ولا علامات عامة، ولكن تشاهد بالتنظير وذمة الحبال الصوتية وما تحت المزمار؛ لأن الانسداد يصطفى المنطقة تحت المزمارية.

4- الخانوق التشنجي spasmodic croup: يحدث بعمر سنة إلى ثلاث سنوات ويشبه الخانوق العادي سريرياً، ولكن من دون قصة خمج أو قصة عائلية، السبب غالباً أليرجيائي ونفسي. تشاهد بالمنظار وذمة شاحبة مائية من دون تخرب المخاطية (خلاقاً للخانوق الخمجي)، يبدأ في الليل فجأةً بسعال جاف نباحي خشن مع صرير شهيقي، المريض خائف وهائج، ولكن الأعراض تزول في ساعات لتعاود على درجة أخف في الليلة التالية، وتعود بأوقات أخرى أيضاًَ لتدل غالباً على أليرجيا لبروتين الڤيروس.

التشخيص التفريقي:

1- التهاب الرغامى الجرثومي الذي يأتي على رأس القائمة.

2- الخناق الدفتريائي وهو نادر بسبب اللقاحات: يتجلى بحرارة خفيفة وألم بلعوم ودعث ونقص شهية، وفي غضون 2-3 أيام تظهر النتحة البيضاء الرمادية على اللوزتين وسقف الحلق؛ وهي ثابتة تنزف عند محاولة نزعها، سير المرض مخاتل؛ إذ قد يحدث الانسداد فجأةً.

3- الحصبة التي يبدو فيها الخناق في أوج تظاهراتها السريرية.

4- استنشاق الجسم الأجنبي وهو حاد مفاجئ من دون سوابق.

5- خراج خلف البلعوم أو حول اللوزتين الذي يقلد الانسداد العلوي وكذلك الإصابات الضاغطة.

6- الوذمة العرقية العصبية في التآق والارتكاس التحسسي الحاد.

7- أسباب نادرة مثل التكزز بنقص الكلس، وحروق أنسجة البلعوم والحنجرة بشراب حار.

المعالجة:

1- معالجة الخانوق:

التدبير الأساسي هو إبقاء الطريق التنفسي مفتوحاً باستعمال الأدرنالين والستيروئيدات، ولم تثبت فائدة البخار في هذا.

أ- الأدرنالين الراسيمي racemic adrenaline: يعطى إرذاذاً؛ إذ أنه يقبض الشرينيات ما قبل الشعريات عن طريق مستقبلات بيتا الأدرنرجية؛ مؤدياً إلى امتصاص السوائل من المسافات الخلالية محققاً تراجع الوذمة في بطانة الحنجرة.

الأدرنالين الراسيمي مزيج 1:1 من الأدرنالين الميمن والميسر، ويعطى تقليدياً بمقدار 0.25- 0.75 مل من محلول 2.25% في 3 مل سائل ملحي نظامي، ويمكن تكراره كل 20 دقيقة.

استعمل الأدرنالين الراسيمي في البدء للإقلال من العوارض الجانبية للأدرنالين الميسر (تسرع نبض وفرط الضغط الشرياني) ولكنه غير متوافر خارج الولايات المتحدة، إضافة إلى أن التجارب أثبتت فائدة الأدرنالين الميسر (المتوافر تجارياً) بمقدار 5 مل من محلول 1/1000 من دون أي عوارض إضافية.

يستطب إعطاء الأدرنالين إرذاذاً حين وجود صرير متوسط إلى شديد في أثناء الراحة، كما يعطى حين الحاجة إلى التنبيب لنقص الأكسجة والزلة.

يدوم تأثير الإرذاذ أقل من ساعتين، لذلك يراقب المريض في هذه المدة لئلا تعاوده الأعراض (علماً أن استعمال الأدرنالين نفسه لا يسبب ارتداد الوذمة)؛ حتى إذا لم تعاوده الأعراض أرسل إلى المنزل. ويجب التحفظ من استعماله في المصابين بتسرع قلب أو رباعي فاللو أو انسداد مخرج البطين.

ب- الستيروئيدات: تفيد جداً في الخانوق الڤيروسي، فهي تخفف وذمة بطانة الحنجرة. وتشير معظم الدراسات إلى فائدة الدكساميتازون بمقدار 0.6 ملغ/كغ جرعة وحيدة، علماً أن التأثير متساو بين الاستعمال الفموي والعضلي، كما يتساوى بالتأثير الدكساميتازون العضلي والبدسونايد إرذاذاً.

يرسل المريض إلى المستشفى في حالات الصرير في أثناء الراحة والصرير المترقي؛ وحين تثبط القدرات الدماغية؛ وحين عدم أخذ السوائل عن طريق الفم.

2- معالجة التهاب لسان المزمار:

هو حالة إسعافية طبية تستدعي التدخل السريع بتنبيب المريض في العناية المشددة أو غرفة العمليات. لا يفيد فيه الأدرنالين ولا الستيروئيدات، كما يجب بعد إجراء التنبيب أخذ زرع الدم ومفرزات الحنجرة وأحياناً بزل السائل الدماغي الشوكي.

تعطى الصادات: سيفوتاكسيم أو سفترياكسون أو الأمبسلين مع السلباكتام بالوريد، يزول الالتهاب بعد عدة أيام من استعمال الصادات ولكن يجب الاستمرار باستعمالها بين 7-10 أيام.

يعطى الريفامبين وقائياً 20ملغ/كغ مرة يومياً (وجرعة أعظمية 600ملغ) مدة 4 أيام حين وجود أي مخالط تحت 48 شهراً لقاحاته غير كافية؛ أو أي مخالط تحت 12 شهراً ممن لم يتم لقاحاته، وفي المخالطين الضعيفي المناعة.

3- تورم الحنجرة الحاد الأليرجيائي:

يعالج بالأدرنالين الألفي 1/1000 بمقدار 0.01 مل/كغ تحت الجلد وبحد أعلاه 0.5مل، أو يعطى الأدرنالين إرذاذاً، وتدعم المعالجة بإعطاء الستيروئيدات 2-4 مغ بريدنيزون/كغ/اليوم. وبعد التحسن يزود المريض بحقنة أدرنالين مهيئة سابقاً في محقنة جاهزة للاستعمال حين الضرورة.

4- الخانوق التالي للتنبيب الرغامي في التخدير العام:

يعطى الأدرنالين والستيروئيدات.

وأخيراً: يستعمل التنبيب في كل حالات التهاب لسان المزمار وفي القليل من حالات الخانوق الڤيروسي التي غالباً ما ترافق الحصبة الشديدة والإصابة بالإنفلونزا A.

 

 

التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 80
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 512
الكل : 31746438
اليوم : 21899