logo

logo

logo

logo

logo

الكلاء (النفروز)

كلاء (نفروز)

nephrosis - néphrose



الكلاء (النفروز)

بسام سعيد

 

 

المتلازمة الكلائية

المتلازمة الكلائية الخلقية

معالجة المتلازمة الكلائية

مضاعفات الكلاء

 

 

المتلازمة الكلائية nephrotic syndrome واحدة من الأمراض الكلوية الشائعة في الأطفال. كان رولانز أول من وصّف الكلاء في نهاية القرن الخامس عشر، ومن بعده جاء زوينغر ليقدم توصيفاً مفصلاً لسير هذا المرض السريري ولأهميته بوصفه أحد مسببات القصور الكلوي المزمن في الحقبة الزمنية التي سبقت استخدام الستيروئيدات.

يتميز الكلاء بوجود بيلة بروتينية غزيرة ونقص ألبومين الدم إضافة إلى الوذمة وفرط شحوم الدم. ويتظاهر سريرياً في الأطفال الصغار بتورم حول العينين ووذمات معممة أو من دون هذه الوذمات. ينجم الكلاء عن عيوب بنيوية ووظيفية في الحاجز الكبيبي الراشح مما يؤدي إلى فقدان هذا الحاجز مقدرته على منع البروتينات من التسرب مع البول. يحاول الكبد فيزيولوجياً التعويض عن ضياع البروتين المفرط في البول بزيادة تصنيعه للبروتين وللبروتينات الشحمية (الليبوبروتينات).

تحدث المتلازمة الكلائية حين يتجاوز الضائع البولي من البروتين مقدرة الكبد على إنتاج الألبومين؛ مما يسبب نقص ألبومين الدم وحدوث الوذمة. أما في الأطفال فتعدّ المتلازمة الكلائية مجهولة السبب idiopathic nephrotic syndrome إلى حد بعيد أهم سبب من أسباب الكلاء. كانت نسب الوفيات الناجمة عن الكلاء مرتفعة جداً في مطلع القرن الماضي، وتصل حتى 67% من الإصابات؛ وذلك لعدم توافر الصادات والستيروئيدات ومثبطات المناعة الأخرى، وغالباً ما كانت تنجم الوفيات عن الأخماج. ولكن هذه النسب انخفضت كثيراً حين دخلت مركّبات السلفوناميد عام 1939 ومن بعدها البنسلين حيِّز الاستعمال. وفي الخمسينيات حين بُدئ باستعمال الكورتيزون انخفضت نسب الوفيات إلى 9%، واختفت البيلة البروتينية على نحو مذهل.

تعاريف:

يتميز سير الكلاء السريري بحدوث الهجوع الكامل remission؛ أي اختفاء البيلة البرويتنية والوذمة ثم عودتها للظهور من جديد، وهذا ما يسمى النكس relapse.

يستجيب نحو 80% من الأطفال المصابين بالمتلازمة الكلائية مجهولة السبب للمعالجة بالستيروئيدات القشرية مع هجوع كامل للبيلة البروتينية وزوال الوذمة. ويختلف السير السريري لهذه الفئة من الأطفال المستجيبين للمعالجة بالكورتيزون؛ إذ يتعرض نحو 60% منهم لنكس متكرر، أو يصبحون معتمدين على المعالجة بالكورتيزون للحفاظ على حالة الهجوع. ومن المهم وضع تعاريف محددة يتم الاستناد إليها في تشخيص الكلاء وتصنيف المرضى تبعاً لنمط الاستجابة وللسير السريري.

المتلازمة الكلائية: يتطَّلب تشخيص المتلازمة الكلائية وجود الوذمة ونقص ألبومين الدم إلى أقل من 2.5غ/دل والبيلة البروتينية الغزيرة التي تُعرَّف بارتفاع تركيز البروتين في البول إلى أكثر من خمسين ملغ/كغ من وزن الطفل في بول 42 ساعة.

الهجوع: انخفاض تركيز بروتين البول إلى ما دون 4ملغ/م2/ساعة أو أن يصبح ألبومين البول باختبار الغميسة dipstick متراوحاً بين سلبي إلى أَثَر، وذلك لثلاثة أيام متتالية، على أن يرافق ذلك زوال الوذمة وعودة مستوى ألبومين المصل إلى القيمة الطبيعية التي يجب ألا تقل عن 3.5غ/دل.

النكس: عودة ظهور البيلة البروتينية الغزيرة أو أن يصبح اختبار ألبومين البول بالغميسة إيجابياً بما يعادل +2 أو يتجاوزه، وذلك لثلاثة أيام متتالية، ويترافق النكس عادة وعودة ظهور الوذمات.

المتلازمة الكلائية المستجيبة للستيروئيدات: يوصف المرضى الذين يدخلون حالة الهجوع حين معالجتهم بالستيروئيدات بأنهم مصابون بالكلاء المستجيب للستيروئيدات sensitive steroid nephrosis syndrome (SSNS).

المتلازمة الكلائية المعنِّدة على الستيروئيدات: يُطلق على مرضى الكلاء الذين لا يصلون إلى حالة الهجوع بعد مرور ثمانية أسابيع على المعالجة بالستيروئيدات أنهم مصابون بالكلاء المعنِّد على الستيروئيدات steroid resistant nephrosis syndrome (SRNS). وفي الأدب الطبي العديد من التعاريف المتعلقة بالكلاء المعنِّد على الستيروئيدات، وهي شديدة التباين فيما بينها، ففي حين يعرِّف بعضهم حالة العنود هذه بالفشل في إحداث الهجوع بعد أربعة أسابيع من المعالجة بالبردنيزولون بجرعة 60ملغ/م2/ في اليوم، يعرِّفها آخرون بالفشل في إحداث الهجوع بعد المعالجة بالبردنيزولون بجرعة 60ملغ/م2/ في اليوم لمدة أربعة أسابيع يتلوها تطبيق البردنيزولون لأربعة أسابيع أخرى بجرعة 40ملغ/م2/ كل يومين (حين يعطى الدواء مرّة واحدة كل 48 ساعة). ومن التعاريف الأخرى لحالة العنود على الكورتيزون الفشل في إحداث الهجوع بعد تطبيق البردنيزولون مدة أربعة أسابيع بجرعة 60ملغ/م2/ يومياً يتلوها تطبيق ثلاثة أشواط من الميثيل بردنيزولون بالطريق الوريدي بجرعة 1000ملغ/1.73م2/ بالجرعة الواحدة. ويؤدي هذا التباين في التعريف إلى صعوبة إجراء دراسة مقارِنة لتأثير الأدوية الحديثة المختلفة المثبطة للمناعة المستخدمة في علاج الكلاء. إن أهم ما يميِّز الأطفال المصابين بالكلاء المعنِّد على الكورتيزون هو أنهم أكثر عرضة لمضاعفات الكلاء وكذلك لاحتمال تطور حالتهم نحو القصور الكلوي المزمن أو حتى الفشل الكلوي النهائي.

المتلازمة الكلائية المعتمدة على الستيروئيدات: يستجيب معظم مرضى الكلاء للمعالجة بالستيروئيدات؛ إذ يدخلون في حالة الهجوع، وتختفي البيلة البروتينية، غير أن بعضهم سرعان ما ينكس إما في أثناء تخفيض جرعة البردنيزولون؛ وإما في فترة أسبوعين من إيقافه، وتُسمى حالة هؤلاء المرضى بالكلاء المعتمد على الستيروئيدات  steroid dependant nephrosis syndrome (SDNS)، ويتم علاج هؤلاء المرضى بالاستمرار في تطبيق جرعة صغيرة من الستيروئيدات فترة طويلة من الزمن بغية حمايتهم من التعرض للنكس.

المتلازمة الكلائية كثيرة النكس: تستجيب هذه الفئة من مرضى الكلاء على نحو كامل للمعالجة بالستيروئيدات، ويحافظ المرضى على حالة الهجوع عدة أسابيع من بعد إيقاف المعالجة، لكنهم يتعرضون لاحقاً لنكسات متعددة مما يستدعي العلاج مجدداً. ويُطلق على الكلاء الذي ينكس أربع مرات أو أكثر في فترة 12 شهراً الكلاء كثير النكس (FRNS) frequently relapsing nephrosis syndrome.

يكون مرضى الكلاء المعتمد على الستيروئيدات أو الكلاء كثير النكس أشد تعرضاً لمضاعفات الكلاء أو لمضاعفات الأدوية المستعملة في علاجه؛ ولاسيما الستيروئيدات نظراً لكثرة استعمالها فيهم، يكون المرضى من هاتين المجموعتين أكثر تعرضاً لحدوث القصور الكلوي المزمن والفشل الكلوي النهائي، بيد أن الدلائل المتوافرة هنا أقل قوة من تلك المتعلقة بمستقبل مرضى الكلاء المعنِّد على الكورتيزون، ولذلك يمكن تصنيف درجة خطورة حدوث القصور الكلوي في المصابين بالكلاء المعتمد أو كثير النكس في منتصف الطريق بين الخطورة بحدودها الدنيا في المرضى المستجيبين وغير المعتمدين وقليلي النكس من جهة وبين الخطورة بحدودها العليا في المرضى المعنِّدين على الستيروئيدات من جهة أخرى.

الوبائيات:

يقدر معدل الوقوع السنوي للكلاء في الدول الغربية بـ 2-7 حالات لكل 100.000 طفل  كما يقدر انتشار الكلاء بنحو 16 حالة لكل 100.000 طفل. يصاب الذكور أكثر من الإناث بمعدل 1:2 في الأطفال الصغار، أما في الأطفال الأكبر سناً فيميل هذا الفارق إلى التناقص إلى أن يزول كلياً في المراهقين والكهول؛ إذ يتساوى معدل الحدوث تقريباً في الجنسين.

بقي معدل الحدوث السنوي للكلاء ثابتاً دون تغير واضح في العقود الثلاثة الماضية غير أن الأنماط التشريحية المرضية هي التي يعتقد أنها قد تغيرت، والدليل على ذلك التقارير العديدة الواردة من جهات مختلفة من العالم، وتشير كلها إلى ازدياد حدوث التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري focal segmental glomerulosclerosis، وهو ما يُرمز له اختصاراً بـ (FSGS). لا تعود هذه الزيادة فقط إلى اتساع استطبابات خزعة الكلية في الكلاء في الأطفال، بل تعود أيضاً إلى الافتراض السابق بأن كل حالات الكلاء التي لم يجرَ لها خزعة كلية هي متلازمة الكلاء قليل التبدلات minimal change nephrotic syndrome أو ما يسمى (MCNS)، وهو افتراض في غير محله، ودفع في السابق إلى المبالغة في تقدير نسبة حدوث الداء قليل التبدلات كأحد أنماط الكلاء في الأطفال.

تتأثر نسب حدوث الكلاء وأنماطه التشريحية المرضية بالمكان الجغرافي والأصل العرقي للمريض. وقد يكون للتفاعل بين العوامل المورثية والبيئية دور مهم في تفسير الآلية المرضية.

وهنالك علاقة واضحة بين الكلاء والعمر تتجلى في كل من نسبة حدوث الكلاء وأنماطه التشريحية المرضية التي تختلف نسب مصادفتها تبعاً للعمر. إن عمر السنتين هو العمر الأكثر شيوعاً في تشخيص الكلاء كما أن 70-80% من حالات الكلاء في الأطفال تُشخَّص دون سن ست سنوات. ويسمح عمر الطفل إلى حدٍّ ما بالتنبؤ بالنمط التشريحي المرضي للكلاء؛ إذ إن 08% من مجمل حالات الكلاء قليل التبدلات (MCNS) ترى في الأطفال الذين شخص لهم الكلاء دون سن السادسة في حين ترى في هذا العمر 50%  من حالات التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري (FSGS) و 2.6% فقط من حالات التهاب الكبب والكلية الغشائي التكاثري (membranoproliferative glomerulonephritis (MPGN. وبتحليل هذه البيانات استناداً إلى النمط التشريحي المرضي يبدو أن العمر المتوسط حين تشخيص الكلاء قليل التبدلات هو 3 سنوات، وهو 6 سنوات في التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري، و10 سنوات في التهاب الكبب والكلية الغشائي التكاثري. ويمكن القول: إنه كلما كبر سن الطفل حين تشخيص الكلاء تناقص احتمال تشخيص النمط قليل التبدلات، وازداد احتمال تشخيص كل من التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري والتهاب الكبب والكلية الغشائي التكاثري.

تعود أهمية معرفة النمط التشريحي المرضي للكلاء إلى ما تحمله من قيمة للتنبُّؤ عن مدى احتمال الاستجابة للمعالجة بالستيروئيدات. فبينما تصل الاستجابة إلى 93% في الكلاء قليل التبدلات لا تتجاوز 30% في التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري و7% فقط في التهاب الكبب والكلية الغشائي التكاثري.

وعدا أهمية النمط النسيجي للكلاء في التنبؤ بالإستجابة للستيروئيدات يضاف كلٌّ من المنطقة الجغرافية والعِرْق، ففي الدول الغربية يستجيب نحو 80% من الأطفال المصابين بالكلاء للمعالجة بالستيروئيدات، في حين لا تتجاوز هذه النسبة في كل من جنوب إفريقيا ونيجيريا ومؤخراً في غانا 9-50%.

ولحالة التَّعنيد على المعالجة بالستيروئيدات قيمة تنبؤية مهمة حول احتمالات تطور الكلاء نحو الفشل الكلوي في مراحل لاحقة من الحياة، فقد تبين من إحدى الدراسات أنه حين يوضع تشخيص التهاب كبب وكلية مصلب قطعي بؤري في طفل مصاب بالكلاء فإن احتمال إصابته بالقصور الكلوي المزمن أو بالفشل الكلوي النهائي في فترة خمس سنوات من زمن التشخيص يعادل نحو 50%.

أسباب الكلاء:

تكون معظم حالات الكلاء في الأطفال بدئية المنشأ، وتسمى الكلاء الأولي أو المجهول السبب، أما الكلاء الثانوي فيصيب فئة صغيرة من الأطفال المصابين بالكلاء، وينجم عن بعض الأمراض الخمجية أو عن الأمراض الكبية الأخرى أو الجهازية. يتعلق سبب الكلاء بالعمر؛ إذ تسمى معظم حالات الكلاء التي تتظاهر في الأشهر الثلاثة الأولى من العمر بمتلازمة الكلاء الخلقي أو (CNS) congenital nephrosis syndrome، وهي تنجم عن أمراض جينية أو وراثية genetic diseases. وتشير بعض الدراسات إلى أن الأمراض الوراثية قد تكون أيضاً مسؤولة عن نحو 40% من أسباب الكلاء الذي يتظاهر في الأشهر التسعة التالية من عمر الرضيع. وابتداءً من السنة الثانية حتى نهاية العقد الأول من العمر تكون معظم حالات الكلاء من النوع المجهول السبب، ومن بعد سن عشر سنوات تبدأ نسبة حدوث الكلاء الثانوي بالازدياد.

المتلازمة الكلائية الخلقية:

يعرَّف الكلاء الخلقي بأنه الكلاء الذي يبدأ ظهوره في الأشهر الثلاثة الأولى من العمر، وتنجم معظم حالاته عن أمراض وراثية ينجم معظمها عن طفرة في مورثة النفرين nephrin، وهو البروتين الكامن في فلعات حجاب الخلايا القدمية podocyte slit diaphragm. تم توصيف هذه الطفرات للمرة الأولى في فنلندا، ومن هنا جاءت تسميته بالكلاء من النمط الفنلندي Finnish type nephrotic syndrome. قد تحدث المتلازمة الكلائية الخلقية نتيجة لطفرات أخرى تتعلق بمورثات البروتينات الأخرى المكونة لحجاب الخلايا القدمية كبروتين البودوسين Podocin.

قد تكون المتلازمة الكلائية التي تبدأ في الأشهر الثلاثة الأولى من العمر جزءاً من متلازمات متعددة الأجهزة كما في متلازمة بيرسون Pierson syndrome ومتلازمة الظفر والرضفة nail-patella syndrome ومتلازمة دنيس دراش Denys-Drash syndrome وغيرها، أو نتيجة للأخماج الولادية مثل الزهري syphilis أو الخمج بالڤيروس المضخم للخلايا (CMV).

المتلازمة الكلائية بعد مرحلة الرضيع:

يشكل الكلاء الأولي أو المجهول السبب معظم حالات الكلاء التي تتظاهر بعد عمر السنة، ويكون الكلاء قليل التبدلات مسؤولاً وحده عن أكثر من 80% من هذه الحالات، أما الأنماط التشريحية المرضية الأخرى التي تصادف على نحو أقل شيوعاً في هذه المرحلة من العمر؛ فتضم التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري والتهاب الكبب والكلية الغشائي التكاثري والتهاب كبيبات الكلى المسراقي الكببي المنمِّي mesangial proliferative GN، كما يمكن مصادفة بعض الأمراض الوراثية المسببة للكلاء في هذه الفئة العمرية. وقد أظهرت إحدى الدراسات وجود طفرات NPHS2 المتوارثة بشكل جسمي مقهور في 10-25% من مجمل حالات الكلاء المعنِّد على الكورتيزون. يتظاهر الكلاء الناجم عن طفرات NPHS2 بالبدء المبكر في الحياة وبالتَّعنيد على المعالجة بالستيروئيدات وبأن التصلب القطعي البؤري هو التظاهرة التشريحية المرضية المسيطرة في خزعة الكلية، وبتطوره نحو الفشل الكلوي النهائي في خمس سنوات من التشخيص.

هنالك طفرات أخرى يتم توارثها بشكل جسمي قاهر إلا أن معظم هذه الطفرات تميل إلى التظاهر في سن الكهولة.

قد يتلو الكلاء كذلك عدداً من الأمراض الجهازية في الأطفال كالذئبة الحمامية الجهازية وفرفرية هينوخ شونلاين  Henoch-Schönlein purpura والداء السكري والساركوئيد التي قد تتظاهر جميعها بالكلاء في الأطفال.

قد تكون الأخماج أيضاً - سواء أكانت ڤيروسية أم جرثومية أم طفيلية - سبباً في حدوث الكلاء، ولا يعرف بشكل كامل كيف يتم ذلك، ويغلب أن يكون ناجماً في معظم الحالات عن استجابة مناعية ضالّة أو زائغة تجاه هذه العوامل الخمجية الممرضة؛ مما يؤدي إلى تشكل  المعقدات المناعية وترسبها في الكبب الكلوية. فمثلاً يعدّ كل من التهاب الكبد B وC سبباً مهماً من أسباب الكلاء، وكذلك الأمر في البرداء (الملاريا) ولاسيما الرباعية  quadrant malaria، التي تعدّ سبباً مهماً للكلاء في المناطق التي تتوطن فيها البرداء، كما يمكن لڤيروس نقص المناعة المكتسب (HIV) أن يكون سبباً للكلاء، وليس من الواضح تماماً ما إذا كان علاج هذه الأخماج سوف يغيِّرُ فعلياً من سير الإصابة الكلوية؛ إلا أن بعض الدراسات تشير إلى فائدة تطبيق علاج التهاب الكبد B في تدبير المتلازمة الكلائية المرافقة له.

هنالك بعض الأسباب الأخرى الأقل شيوعاً للكلاء تشمل بعض الأدوية كأملاح الذهب والبنسيلامين ومثبطات الإنزيم القالب للأنجيوتنسين (ACEIs) ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs)، وبعض الأمراض كالداء المنجلي وابيضاض الدم، إضافة إلى أشكال مختلفة من التحسسات الغذائية. ولوحظ مؤخراً ازدياد مصادفة الكلاء في الأطفال البدينين.

الآلية المرضية للكلاء:

تعدّ البيلة البروتينية الغزيرة الاضطراب الرئيسي المميِّز للكلاء، وعلى الرغم من أن المعلومات الأساسية التي تفسر حدوثها ما تزال إلى الآن مبنية على افتراضات وتكهنات؛ فإن الأدب الطبي يحتوي بعض الأدلة التي تشير إلى أن المتلازمة الكلائية قد تكون نتيجة لعيب بدئي في الكبيبات الكلوية أو لعوامل جائلة في الدوران أو لاضطراب مناعي.

الشكل (1)
مكونات الحاجز الكبي الراشح كما تشاهد بالمجهر اللإلكتروني حيث ×: لمعة الوعاء الشعري الكبي، رؤوس السهم: الخلايا البطانية، الأسهم الصغيرة: فلعات الحجاب، الأسهم الكبيرة: النواتئ القدمية للخلايا القدمية. × : محفظة بومان حيث البول.

1- العيوب الكبيبية البدئية: تقوم الكبة الكلوية من خلال رشح الدم الوارد إليها بواحدة من أهم الوظائف الكلوية؛ إذ يقوم هذا الرشح بطرح السوائل والفضلات، ويحجز غالبية بروتينات الدم وخلاياه لتبقى ضمن السرير الوعائي، ويتم كل ذلك بفضل الحاجز الكبيبي الراشح المكوَّن من خلايا بطانية متخصصة - تفصل بينها ثقوب صغيرة fenestration تعبر من خلالها الرشاحة الكبية - ومن غشاء قاعدي كبيبي ومن خلايا ظهارية كبيبية تسمى الخلايا القدمية التي ترتبط نواتئها القدمية البعيدة foot processes بالغشاء القاعدي الكبيبي (الشكل1)، تتصل هذه النواتئ القدمية المتجاورة بعضها ببعض بوساطة شبكات متخصصة للوصل بين كل خلية وخلية تدعى فلعات الحجاب، كما يحتوي الغشاء القاعدي الكبي كميات وافرة من البروتين السكري سلفات الهيبارين heparin sulphate proteoglycan ذي الشحنة الكهربائية السالبة؛ مما يعوق نسبياً مرور الجزيئات سلبية الشحنة مقارنة بالجزيئات إيجابية الشحنة ذات الحجم نفسه.

لا تتمكن الجزيئات التي يتجاوز قطرها 42 Å أو يتجاوز وزنها الجزيئي 200 كيلو دالتون في الأحوال الطبيعية من عبور الحاجز الراشح. يتوقف قيام هذا الحاجز الراشح بعمله في منع عبور بعض الجزيئات على سلامة بنية مكوناته من النواتئ القدمية للخلايا القدمية وفلعات الحجاب وشحنة الغشاء القاعدي الكبي واكتمالها. أما في المتلازمة الكلائية فتختفي الشحنة السالبة للغشاء القاعدي إضافة الى جملة من التغيرات المورفولوجية للخلايا القدمية التي تحدث في تطور المتلازمة الكلائية.

أشارت الدراسات الحديثة التي أجريت على الإنسان والحيوان أن الطفرات التي تصيب المورثات المسؤولة عن بعض بروتينات فلعات الحجاب قد تسبب حدوث متلازمة كلائية معنِّدة على الستيروئيدات أو التهاب كبب وكلية مصلب قطعي بؤري أو كليهما معاً. فطفرات NPHS1 التي تصيب المورثة المسؤولة عن بروتين النفرين الموجود في فلعات حجاب الخلايا القدمية تؤدي إلى حدوث المتلازمة الكلائية من النمط الفنلندي في الرضع، وطفرات NPHS2 مسؤولة عما يصل إلى 25% من حالات الكلاء المعنِّد على الستيروئيدات في الأطفال سواء العائلية منه أم الفُرادية sporadic، وتسبب طفرات WT1 متلازمة دنيس دراش أو متلازمة فرازييه Frazier في الأطفال؛ لكنها قد تسبب أيضاً حالات معزولة من التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري والتصلب الميزانشيمي المنتشر.

2- العوامل الجائلة: دعَّمت بعض التجارب فكرة وجود عوامل وسيطة قابلة للانحلال وقادرة على تغيير نفوذية جدر الأغشية الشعرية في المتلازمة الكلائية، ومن هذه الأدلة:

أ- حدوث الكلاء في ولدان الأمَّهات المصابات بالكلاء مما يحتمل معه انتقال بعض العوامل القابلة للانحلال والجائلة في دوران الأم الحامل إلى جنينها.

ب- تراجع كمية البيلة البروتينية تراجعاً ملحوظاً عقب معالجة أنماط مختلفة من المتلازمة الكلائية بالامتزاز المناعي immunoadsorption بالبروتين A حيث يُفترض أن تنجم هذه الاستجابة عن قيام الامتزاز المناعي بإزالة العوامل الجائلة.

ج- نكس التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري بعد زرع الكلية للمرضى المصابين بالنوع البدئي من FSGS، وقد يستجيب هذا النكس، ويهجع الكلاء الناجم عنه نتيجة معالجته بالامتزاز المناعي بالبروتين A.

د- اضطراب النفوذية الكبية في حيوانات التجربة إثر حقنها بمصل مرضى يحملون كلية مزروعة، وتعرَّضوا لنكس التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري.

3- الاضطرابات المناعية: مضى أكثر من ثلاثين عاماً على النظرية التي تعزو أسباب الكلاء لاضطراب في الجهاز المناعي. وقد تتالت الدلائل على ذلك، وهي:

أ- استجابة معظم أشكال الكلاء الأولي للستيروئيدات القشرية والمواد المؤلكلة alkylating agents ومثبطات الكالسينورين calcineurin والمايكوفينولات موفتيل (MPM) mycophenolate mofetil، وهي كلها مثبطات لعمل الخلايا التائية.

ب- هجوع الكلاء عقب الإصابة ببعض الأخماج كالحصبة والبرداء، وهي أمراض يُعرف عنها تثبيطها للمناعة الخلوية.

ج- حدوث الكلاء قليل التبدلات على نحو مرافق لبعض الأورام الخبيثة مثل داء هودجكن أو غيره من السرطانات اللمفاوية الشبكية.

الفيزيولوجيا المرضية:

العرض الرئيسي للكلاء في الأطفال هو تراكم السوائل في المسافة الخلالية الذي يتظاهر  بشكل وذمة في الوجه أو بشكل وذمة معمَّمة. تحتوي أجسام كل الأطفال الكلائيين المتوذِّمين كمياتٍ زائدة من كلّ من الماء والصوديوم الكليَّين. وعموماً يُفترض أن تنجُم الوذمة في الكلاء عن البيلة البروتينية الغزيرة التي تؤدي إلى نقص تركيز ألبومين الدم واحتباس كل من الماء والصوديوم في محاولة من العضوية للتعويض عن النضوب الحاصل في الحجم داخل الوعائي.

لا يتعرض الأشخاص الأصحَّاء لحدوث الوذمة؛ وذلك نتيجة التوازن القائم بين القوى التي تدفع إلى حدوث الوذمة، وهي الضغط السكوني hydrostatic pressure ضمن الأوعية الشعرية والقوى التي تحول دون ذلك، وهي الضغط الجرمي oncotic pressure ضمن الأوعية الشعرية. ينخفض مستوى ألبومين المصل حين يتجاوز معدل الضائع من الألبومين بالبول مقدرة الكبد على تصنيعه؛ الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الضغط الجرمي ضمن الأوعية الشعرية مما يفسح المجال أمام الضغط السكوني بالدفع نحو تشكُّل الوذمة؛ وبالتالي حدوث نضوب نسبي في الحجم داخل الوعائي الأمر الذي يحرض جملة من آليات الدفاع العصبية الخلطية التي ترمي إلى إعادة ملء الحجم داخل الوعائي، وتكون المحصلة النهائية لعمل هذه الآليات حبس الكلية لكل من الصوديوم والماء.

التظاهرات السريرية والتشخيص:

1- القصة المرضية والفحص السريري: من السهل وضع التشخيص السريري للكلاء الأولي في الأطفال. فكل طفل يشكو من وذمة حول العينين أو من وذمات معممة؛ يضع طبيب مركز الرعاية الأولية حين يراه تشخيص الكلاء بعد أن يتأكَّد من وجود بيلة بروتينية مهمة من خلال إيجابية ألبومين البول لأكثر من +2 باستعمال الغميسة، أو أن تتجاوز نسبة البروتين على الكرياتينين في عيِّنة بول عشوائية مقدار 2ملغ بروتين/ملغ كرياتينين مع انخفاض مستوى ألبومين المصل لأقل من 2.5غ/دل. من الضروري أن تؤخذ القصة السريرية بدقة من أجل نفي كل المضاعفات المحتملة ومن أجل تعرُّف بعض الأطفال الكلائيين الذين يبدو الكلاء فيهم على نحو غير وصفي وتمييزهم من باقي حالات الكلاء العادية حيث يرجَّح أن يكون الكلاء ذو التظاهرات غير الوصفية جزءاً من مرض جهازي خطير. على الطبيب الفاحص أن يهتم بتقييم حالة البطن لنفي الحبن أو الوذمة في جدار البطن الأمامي. يؤدي تمدد البطن الشديد إلى الشعور بالألم أو بعدم الارتياح غير أن استمرار ألم البطن في سياق الكلاء قد يكون ناجماً عن التهاب صفاق (بريتوان) جرثومي بدئي، وهو مضاعفة ممكنة ومهددة للحياة، أو عن وذمة في العرى المعوية أو عن نقص تروية نسبي للعرى المعوية نتيجة نضوب الحجم داخل الوعائي. وكذلك يجب نفي أسباب البطن الحاد. والأعراض التنفسية كالسعال أو صعوبة التنفس قد تدل على وجود انصباب في الجنب، ومن النادر مصادفة وذمة الرئة الحادة في الكلاء الأولي، وهي إن وجدت فغالباً ما تدل على المَنشأ الثانوي للكلاء الذي يترافق واحتباس السوائل داخل السرير الوعائي احتباساً كبيراً.

تصادف البيلة الدموية المجهرية في الكلاء بنسب مختلفة تبعاً للنمط التشريحي المرضي بحيث يكون أقلها في الكلاء قليل التبدلات الذي تبلغ النسبة فيه 23% من الحالات، وتكون النسب أعلى في الأنماط الأخرى، أما البيلة الدموية العيانية فليس من المعتاد حدوثها. قد يتظاهر الكلاء أيضاً بقصور كلوي حاد نتيجة نضوب الحجم داخل الأوعية بشدة مع ما يؤدي إليه من شح البول أو انقطاعه، وهنا ينبغي إعادة ملء السرير الوعائي بالسرعة الممكنة قبل أن تتطور الحالة إذا تأخر التدبير المناسب إلى النخر الأنبوبي الحاد.

تتضمن الأعراض الجهازية التي يجب السؤال عنها في الاستجواب الحمى ونقص الوزن والتعرُّق الليلي والبوال والسُّهاف وتساقط الشعر وقرحات الفم والطفح الجلدي والألم البطني وآلام المفاصل وتورمها. إن أيّاً من هذه الأعراض الجهازية قد يكون عرضاً لمرضٍ جهازي كالذئبة الحمامية الجهازية أو فرفرية هينوخ شونلاين أو الداء السكري، وهي كلها قد تسبب الكلاء. ومن الضروري أيضا الاستجواب عن سوابق المريض الدوائية ولاسيما مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية وأملاح الذهب والبنسيلامين، وهي كلها قد تكون سبباً للكلاء. وأخيراً لابد في أثناء الاستجواب من نفي الأسباب غير الكلوية للوذمات المعممة كالقصور الكبدي المزمن وقصور القلب وسوء التغذية، ومن المهم جداً كذلك معرفة القصة العائلية المفصَّلة؛ لأن بعض حالات الكلاء تكون عائلية المنشأ.

يعدّ قياس الضغط الشرياني جزءاً أساسياً من فحص المصابين بالكلاء فحصاً سريرياً، فقد يكون الضغط منخفضاً بسبب نضوب الحجم داخل الأوعية، أو على العكس قد يكون مرتفعاً نتيجة للاستجابة العصبية الخلطية لنقص الحجم الدوراني أو لأسباب كلوية داخلية أو لخثار الوريد الكلوي في بعض الحالات النادرة. ويجب أن يتركَّز فحص البطن على نفي وجود إيلام أو دفاع قد يدلان على وجود التهاب صفاق جرثومي. يجب فحص النهايات بحثاً عن الحرارة الموضعية والإيلام أو الألم، وهي أعراض الخثار الوريدي.

2- التقييم المخبري: يتحقَّق تشخيص المتلازمة الكلائية حين وجود الثالوث الآتي:

أ- وذمة معممة.

ب- بيلة بروتينية تعرَّف بإيجابية ألبومين البول لأكثر من +2 باستعمال الغميسة أو بتجاوز نسبة البروتين على الكرياتينين في البول في عيِّنة بول عشوائية مقدار 2ملغ بروتين/ملغ كرياتينين.

ج- انخفاض مستوى ألبومين المصل لأقل من 2.5غ/دل، وغالباً ما يترافق ذلك وفرط كوليستيرول المصل. من الضروري في كل حالة كلاء فحص البول مجهرياً للبحث عن البيلة الدموية وعن احتمال وجود أسطوانات الكريات الحمر. أما التحاليل المصلية الواجب إجراؤها في كل حالة كلاء وصفية فهي تعداد دموي شامل، وعيار الشوارد، وآزوت البولة الدموية (BUN)، والكرياتينين، والألبومين. أما المرضى الأكبر سناً أو الذين لا تكون تظاهرات الكلاء فيهم وصفية؛ فيجب نفي احتمال المنشأ الثانوي للكلاء بتوسيع الاستقصاءات؛ لتضم مستويات المتمِّمة بالمصل C3 وC4 وأضداد النوى (ANA) وقد تضم أضداد الحمض النووي anti-double-stranded DNA وأضداد ڤيروس نقص المناعة المكتسب (HIV) والتحاليل المصلية الخاصة بالتهاب الكبد الڤيروسي A وB وC.

يوصي الكثير من أطباء الكلية في الأطفال بإجراء تفاعل السلين على نحو منوالي للمصابين بالكلاء للتأكد من عدم إصابتهم بتدرُّن خفي أو تحت سريري قبل البدء بأي معالجة مثبطة للمناعة، ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة في بعض المناطق الجغرافية من العالم حيث يتوطن التدرن؛ وكذلك الأمر في المهاجرين الجدد القادمين من هذه المناطق. كما أن العديد من أطباء الكلية في الأطفال يفضلون عيار أضداد الحماق من نوع IgG قبل البدء بمعالجة الأطفال المصابين بالكلاء بمثبطات المناعة بغية تصنيف هؤلاء المرضى كمحصَّنين في حال إيجابية الأضداد أو غير محصَّنين في حال سلبيتها، وهو أمر على غاية الأهمية إذا ما تعرّض أحدهم مستقبلاً لحالة حماق وهو قيد المعالجة بمثبطات المناعة حيث يُستطب هنا تطبيق المعالجة الوقائية لغير المحصَّنين منهم بالغلوبولينات المناعية الموجهة ضد ڤيروس الحماق وداء المنطقة (VZIG) وذلك في 96 ساعة من التعرض للحماق. ويمكن لهذا التمنيع المنفعل أن يكون بالفعل منقذاً لحياة الطفل نظراً للخطورة الشديدة التي قد تنجم عن الخمج الأولي بالحماق في المريض المثبط مناعياً.

من غير المستطب في الكلاء تصوير الكليتين بالأمواج فوق الصوتية، لكن ثمة ما يدعو لذلك في بعض الحالات كوجود بيلة دموية عيانية مع نقص الصفيحات وارتفاع الضغط الشرياني ارتفاعاً مستمراً وغير مفسَّر؛ إذ يفيد الصدى هنا في نفي خثار الوريد الكلوي.

3- خزعة الكلية: لما كانت المعالجة بالستيروئيدات تنجح في إحداث الهجوع في أكثر من 80% من الأطفال المصابين بالكلاء الأولي؛ كان من المعتاد علاج من هم دون سن العاشرة بجرعة عالية من الستيروئيدات مدة تراوح بين 4 و 8 أسابيع قبل النظر بضرورة إجراء خزعة الكلية. وتجرى خزعة الكلية حين وجود أحد المظاهر اللانمطية التالية للكلاء:

أ- السن حين تشخيص الكلاء (أقل من سنة أو أكثر من عشر سنوات).

ب- كلاء معتمد على الستيروئيدات (SDNS) أو معنِّد على الستيروئيدات (SRNS).

ج- بيلة دموية عيانية أو بيلة دموية مجهرية مستمرة أو وجود أسطوانات الكريات الحمر.

د- تحاليل مصلية غير طبيعية.

هـ- قصور كلوي شديد ومستمر.

يضاف إلى ذلك استطباب آخر هو فترة ما قبل وضع الأطفال المصابين على المعالجة بالسيكلوسبورين أو بالتاكروليموس tacrolimus، وكلاهما من مثبطات الكالسينورين؛ وذلك نظراً لسميِّتهما الكلوية المعروفة التي قد تؤدي إلى حدوث التليُّف الخلالي، وحين الاستمرار بتطبيق هذه الأدوية لفترات طويلة من الزمن فإنه يوصى بمراقبة موجودات الخزعة الكلوية بمعدل مرّة كل سنتين مادام استعمال هذه الأدوية مستمراً.

معالجة المتلازمة الكلائية:

المعالجة الخاصة: يشمل العلاج البدئي لهجمة المتلازمة الكلائية الأولى البردنيزولون بجرعة 60ملغ للمتر المربع من سطح الجسم في اليوم (الحد الأقصى 80ملغ يومياً) مدة 4 إلى 8 أسابيع، يتلوها تخفيض الجرعة لتصل إلى 40ملغ للمتر المربع كل يومين مدة 4 إلى 8 أسابيع، ثم يتلو ذلك تخفيض الجرعة تدريجياً إلى أن يوقف الدواء كلياً. وقد تبيَّن أن مدة الهجوع المحدث بالعلاج تطول مع طول مدة المعالجة بالستيروئيدات، ويقل كذلك معدل تواتر النكس. وهنالك أدوية بديلة يمكن استعمالها في الكلاء كثير النكس أو المعتمد على الستيروئيدات من أجل إحداث الهجوع والحفاظ عليه من دون أن تستعمل الستيروئيدات لتجنيب المريض تأثيراتها الجانبية، وتضم هذه الأدوية السيكلوفوسفاميد، وليفاميزول، وسيكلوسبورين، وتاكروليموس، ومايكوفينولات موفتيل. أما الأدوية الأكثر استعمالاً في الكلاء المعنِّد على الكورتيزون؛ فتضم السيكلوسبورين والتاكروليموس والجرعات العالية الوريدية من المثيل بردنيزولون والمايكوفينولات موفتيل، بيد أن فعالية هذه الأدوية نفسها في حالة الكلاء المعنِّد تكون أقل مقارنة بفعاليتها في الكلاء كثير النكس أو المعتمد على الستيروئيدات.

التدبير العام:

الوذمة: تحتوي أجسام الأطفال المكلوئين المتوذِّمين كمياتٍ زائدة من كلٍّ من الماء والصوديوم الكليَّين، لذلك كان لابد من تحديد الوارد من الملح ومن السوائل على نحو معتدل إضافة إلى استعمال المدرَّات استعمالاً حكيماً. أما الحمية الغذائية فيجب أن تأتي بوارد بروتيني يعادل 130-140% من الوارد الموصى به للأطفال الأصحاء من العمر نفسه إضافة إلى تجنُّب الدسم المشبعة لتلافي تفاقم فرط شحوم الدم.

يكون الحجم داخل الوعائي عادة منخفضاً، لذلك يجب حصر استعمال المدرات بالحالات التي يتم  فيها التأكُّد من عدم وجود نضوب مهم في الحجم داخل الوعائي، أو أن تستعمل المدرات بعد إصلاح هذا النضوب بتسريب الألبومين وريدياً باستمرار بجرعة 1-2غ/كغ/باليوم موزعة على ثلاث مرات أو أربع. أما المدرات فيجب تأخير استعمالها إلى ما بعد انقضاء فترة 3 إلى 4 ساعات على البدء بتسريب الألبومين للإقلال من خطر تفاقم نضوب الحجم داخل الوعائي الذي قد يكون موجوداً من قبل. يُفضَّل أن يُرفع تركيز الألبومين في الدم ببطء حتى الوصول بتركيزه إلى 2.8غ/دل، وهو المستوى الكافي لإعادة الحجم والضغط الجرمي داخل الوعائي إلى الوضع المناسب، ومن غير المفيد من الناحية السريرية الإصرار على رفع تركيز ألبومين الدم إلى القيم الطبيعية.

تعد مدرات العروة - ولاسيما الفيروزومايد- الأكثر استعمالاً في سياق الكلاء، هنالك العديد من العوامل التي تسيء إلى فعالية الفيروزومايد في الكلاء. ومن أجل التغلُّب على ذلك يمكن رفع الجرعة أو تطبيقه على نحو متزامن مع الألبومين أو مع مدرات الأنبوب البعيد مثل المدرات التيازيدية أو الميتولازون metolazone. يطبق الفيروزومايد بجرعة تزيد على جرعته المعتادة بما نسبته 200-300% من أجل الوصول إلى التأثير المُبتغى منه.

ويجب الانتباه حين استعمال هذه المدرات الثلاثة إلى احتمال حدوث تأثيراتها الجانبية الشائعة والخطرة، وهي الخثار والاضطرابات الشاردية - كنقص بوتاسيوم المصل والقلاء الاستقلابي وفرط كالسيوم البول والكلاس الكلوي - والسمِّية السمعية.

لقد أثبتت التدابير غير الدوائية في علاج الوذمة فائدتها أيضاً، ومنها رفع الأطراف - أو رفع الصفن عند توذمه بشدة - إلى أعلى من مستوى القلب مما يؤدي إلى زيادة الضغط السكوني في الأنسجة؛ الأمر الذي يساعد على إعادة توزيع سائل الوذمة نحو الفضاء داخل الوعائي.

فرط شحوم الدم: من الشائع ارتفاع شحوم الدم في مرضى الكلاء كارتفاع كل من كوليستيرول البلاسما الكلي وكوليستيرول LDL وVLDL والشحوم الثلاثية والليبوبروتين A. أما كوليستيرول HDL فيكون عادة منخفضاً.

يكون فرط شحوم الدم في مرضى الكلاء المستجيبين للمعالجة بالستيروئيدات عابراً على الأغلب، فسرعان ما تعود مستويات الشحوم في البلاسما إلى القيم الطبيعية مع دخول الطفل بحالة الهجوع. أما المصابون بالكلاء المعنِّد على الستيروئيدات؛ فغالباً ما يستمر فرط شحوم الدم لديهم ما بقيت البيلة البروتينية. وقد بيَّنت الدراسات أن معالجة فرط شحوم الدم دوائياً في الأطفال المكلوئين المعنِّدين على المعالجة قد تؤدي إلى الإقلال من الخطورة المستقبلية لكلٍّ من المضاعفات القلبية الوعائية وترقي الإصابة الكلوية.

تناولت بعض الدراسات فعل الستاتين statins وأمانه في خفض شحوم الدم في الأطفال، وبيَّنت أن هذه المجموعة الدوائية آمنة الاستعمال، وهي أيضاً فعَّالة في خفض الكوليستيرول الكلي بنسبة 40% والشحوم الثلاثية بنسبة 33-44% في فترة 2-6 أشهر. وعلى الرغم من ذلك لابد من دراسات أوسع و متابعة طويلة الأمد لفعاليتها وأمانها.

الأدوية المضادة للبيلة البروتينية: يتزايد يوماً بعد يوم استعمال الأدوية المثبطة للإنزيم القالب للأنجيوتنسين (ACEIs) في تدبير البيلة البروتينية المستمرة وفي السيطرة على ارتفاع الضغط الشرياني في الأطفال المصابين بالكلاء المعنِّد أو المعتمد على الستيروئيدات. وقد تبيَّن أن تأثير ACEIs المضاد للبيلة البروتينية antiproteinuric effect متعلِّق بالجرعة؛ إذ إن الجرعات العالية كانت أكثر فعالية. أما الأدوية الحاصرة لمستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs) فقد تبيَّن أن لها أيضاً الخصائص نفسها المضادة للبيلة البروتينية.

مضاعفات الكلاء:

1- الأخماج: تعدّ الأخماج الطارئة من أخطر مضاعفات الكلاء، وعوامل الخطورة المؤهبة للأخماج عديدة؛ أهمها انخفاض مستويات IgG في المصل نتيجة ضياعه في البول، واضطراب وظيفة اللمفاويات التائية، وانخفاض مستويات العامل B (الطليعة المفعلة للمتمِّمة C3) والعامل D؛ مما يؤدي إلى تناقص المقدرة على طهي الجراثيم ذات المحفظة، ومثال ذلك المكورات الرئوية. يضاف إلى ما سبق استعمال الستيروئيدات وغيرها من مثبطات المناعة في أثناء النكس؛ الأمر الذي يزيد من التأهُّب لحدوث الخمج.

يعدّ التهاب الصفاق الجرثومي الأولي أكثر المضاعفات شيوعاً وخطورةً، ونسبة حدوثه نحو 5% من الأطفال المصابين بالكلاء. من الأخماج الأخرى يذكر التهاب النسيج الخلوي، وإنتان الدم، والتهاب السحايا، وذات الرئة. تنجم معظم هذه الأخماج عن المكورات الرئوية ولاسيما في التهاب الصفاق الأولي أو عن المكورات العنقودية في التهاب النسيج الخلوي، وقد تصادف أيضاً العضويات سلبية الغرام مثل الإيشريكية القولونية E. coli والمستدمية النزلية H. influenzae.

يتظاهر التهاب الصفاق الأولي في الطفل المصاب بالكلاء بحمى مع إيلام البطن وارتفاع تعداد الكريات البيض في الدم ضمن سياق عام يضم أيضاً الوذمات والحبن. وقد يصعب أحياناً وضع التشخيص الصحيح لالتهاب الصفاق في الوقت المناسب؛ لذلك يجب بزل البطن حين الشك بالتشخيص من أجل إجراء الفحص المجهري وزرع السائل الصفاقي. يتأكّد التشخيص حين اجتماع الموجودات السريرية السابقة مع ارتفاع تعداد الكريات البيض في سائل الصفاق لأكثر من 250 كرية/مم3. والمكورات الرئوية والإيشريكية القولونية هي أكثر العضويات مصادفة. أما التغطية التخبُّرية (التجريبية) empiric  بالصادات فيجب أن تكون واسعة الطيف بانتظار نتائج الزرع وتعديل الصادات المستعملة وفقاً للتحسس الجرثومي إن دعت الضرورة لذلك. من الضروري اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة في مريض الكلاء لوقايته من التهاب الصفاق بتحصينه ضد العضويات الممرضة المحتملة أو تطبيق الصادات وقائياً. ويوصى بإعطاء لقاح المكورات الرئوية الذي يكون أكثر فعالية في الأطفال المعتمدين على الستيروئيدات مقارنة بالمعنِّدين عليها وكذلك في الذين لا يتلقَّون العلاج بالستيروئيدات بالمقارنة مع الذين يتلقَّونها لحظة إعطاء اللقاح. وتشير الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال إلى ضرورة استعمال لقاح الرئويات من النوع المقترن سباعي التكافؤ heptavalent conjugated pneumococcal vaccine لجميع الأطفال حتى سن 23 شهراً. أما الأطفال في سن 24-59 شهراً بمن فيهم المصابون بالكلاء؛ فتوصي هذه الأكاديمية بحصر إعطاء لقاح الرئويات على الذين يعتقد أنهم على درجة متوسطة أو شديدة من الخطورة.

قد تكون الأخماج الڤيروسية ولاسيما الحماق مهددة لحياة الأطفال المصابين بالكلاء، لذلك كان لابد من استقصاء الحالة المناعية المتعلقة بالحماق لمرضى الكلاء؛ ليلقح غير الممنَّعين منهم ضد الحماق حين انتقالهم إلى مرحلة العلاج المتناوب بالستيروئيدات، وهي المرحلة التي يطبق فيها البردنيزولون بجرعة كل 48 ساعة. وإذا تعرّض الطفل غير الممنَّع ضد الحماق إلى حالة حماق وهو قيد العلاج بمثبطات المناعة يجب عندها تحصين المريض مباشرة وسريعاً بالتمنيع المنفعل بتسريب الغلوبولينات المناعية الخاصة بالحماق وداء المنطقة (VZIG) على أن يتم ذلك في 96 ساعة من لحظة التعرض بغية الإقلال من خطر حدوث الخمج الجهازي بالحماق.

أما استعمال الصادات وقائياً للمصابين بالكلاء فما زال موضع جدل لم يحسم بعد.

2- الانصمام الخثاري: يحدث الانصمام الخثاري thromboembolism في 1.8-5% من الأطفال المصابين بالكلاء، ونسب حدوثه أعلى في المعنِّدين على المعالجة بالستيروئيدات بالمقارنة مع المستجيبين لها. يعود سبب التأهُّب لحدوث الخثار في الكلاء إلى مجموعة من العوامل المتعلقة باضطرابات شلال تخثر الدم، ومنها زيادة التصنيع الكبدي لعوامل تخثر الدم (العواملI, II, V, VII, VIII, X, XIII ) وضياع مثبطات التخثر في البول، ومنها مضاد الثرومبين III. ومن العوامل الأخرى المؤهِّبة للخُثار: الميل نحو تكدُّس الصفيحات وتجمُّعها، وازدياد عدد الصفيحات، وزيادة لزوجة الدم نتيجة ارتفاع تركيز الفيبرينوجين، وفرط شحوم الدم، وانعدام الحركة لفترات طويلة، واستعمال المدرات التي عدّت تبعاً لأحد الدراسات واحدة من عوامل الخطورة الأساسية المُحدثة بالعلاج. تكون غالبية الحوادث الخثارية وريدية المنشأ ولاسيما الأوردة العميقة للساق والأوردة الحرقفية الفخذية والوريد الأجوف السفلي. يساهم أيضاً استعمال القثاطر الوريدية المركزية في زيادة فرص تشكل الخثار الوريدي. وقد يشاهد خثار الوريد الكلوي الذي يتظاهر بشكل بيلة دموية عيانية مع قصور كلوي حاد أو من دون ذلك، وعند الشك بهذا التشخيص يجب دراسة الأوعية الكلوية بالأمواج فوق الصوتية باستخدام الدوبلر، أو بالرنين المغنطيسي من أجل نفي التشخيص أو تأكيده.

أما الصمة الرئوية فهي من المضاعفات الهامة التي قد تكون قاتلة إن لم تشخص باكراً. ومن النادر مصادفة خثار الأوردة الدماغية، وغالباً ما يصيب الجيب السهمي. ينبغي في كل حالة خثار أن تتوجه الاستقصاءات نحو نفي احتمال وجود أحد الحالات الوراثية التي تؤهب للخثار. يتألف التدبير الحاد للخثار الوريدي - بعد أن يتم التأكد من تشخيصه بالوسائل الشعاعية سالفة الذكر - من تسريب الهيبارين أو الهيبارين ذي الوزن الجزيئي المنخفض في المرحلة الأولى على أن يستبدل به بعد ذلك الوارفارين warfarin الذي يستمر تطبيقه مدة ستة أشهر. وإذا تعرض هؤلاء الأطفال للنكس مجددا؛ وجب وضعهم على المعالجة الوقائية ضد تخثر الدم في أثناء فترة النكس.

الإنذار:

تعدّ استجابة الكلاء البدئية معالجة بالستيروئيدات أهم مشعر على حسن الإنذار المتعلق أساساً ببقاء الوظيفة الكلوية ضمن الحدود الطبيعية في المستقبل. يكون إنذار الكلاء ممتازاً في الأطفال الذين يدخلون في حالة الهجوع الكامل بعد فترة ثمانية أسابيع من المعالجة بالستيروئيدات. ويكون الإنذار محتفظاً به عند الذين يفشلون في الدخول بالهجوع. وعموماً ينجح 80% من الأطفال المصابين بالكلاء المشخص حديثاً في الوصول إلى الهجوع الكامل حين معالجتهم بالستيروئيدات.

يختلف معدل الاستجابة للمعالجة بالستيروئيدات تبعاً للنمط التشريحي المرضي للكلاء، ويكون المعدل الأعلى في الكلاء قليل التبدلات؛ إذ يصل إلى 93% من المرضى مقارنة مع 56% في التهاب الكبب والكلية الميزانشيمي المنمي و30% في التهاب الكبب والكلية المصلب القطعي البؤري و7% في التهاب الكبب والكلية الغشائي التكاثري و0% في الاعتلال الكبي الغشائي. وعموماً يمكن القول: إن معدل الاستجابة للمعالجة بالستيروئيدات ينخفض مع تقدم عمر الطفل عند تشخيص الكلاء.

ينكس الكلاء مرَّة أو أكثر في 70% من الأطفال المستجيبين للمعالجة بالستيروئيدات، ويقلُّ تواتر النكس مع تقدمهم بالعمر. أما عوامل الخطورة التي قد تُنْبِئ باحتمال تعرض الطفل للنكس المتكرر أو للاعتماد على الستيروئيدات فهي لم تُدرس بالشكل الكافي غير أن هنالك ما يشير في الأدب الطبي إلى اثنين من عوامل الخطورة هذه وهما: 1) سن الطفل دون الخمس سنوات حين التشخيص و2) طول أمد الفترة اللازمة لإحداث الهجوع البدئي.

يتعرف الطبيب في أثناء معالجة الكلاء الحالات التي تعتمد على المعالجة بالستيروئيدات، وهي تحمل خطورة عالية للإصابة الكلوية المترقية؛ إذ يقدر بأن 40-50% منها سوف يصاب حاملوها بالقصور الكلوي المزمن أو الفشل الكلوي النهائي في فترة خمس سنوات على الرغم من المعالجة المكثفة بمثبطات المناعة. وتعرض - في الأطفال المصابين بالتهاب الكبب والكلية المصلِّب القطعي البؤري الذين تتطور آفتهم نحو الفشل الكلوي النهائي- مشكلة تتعلق بزرع الكلية؛ إذ يحتمل أن يتعرض 30% منهم إلى نكس الإصابة في الكلية المزروعة؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان وظيفة الطعم في 50% منهم.

لقد مكَّن استعمال كل من الصادات والستيروئيدات في علاج الكلاء من خفض نسب الوفيات من 60-70% إلى ما دون 5%، ويعدّ الخمج وما يزال سبباً مهماً من أسباب هذه الوفيات.

ومع أن الكلاء يعدّ واحداً من أكثر الأمراض الكلوية شيوعاً في الأطفال فإن الغموض ما يزال يلف بعض جوانبه ولاسيما المتعلقة بآليات عمل مثبطات المناعة التي كثيراً ما توصف في علاجه. وعلى الرغم من ذلك فالإنذار المتعلق بالحفاظ على الوظيفة الكلوية الطبيعية في المدى البعيد يكون ممتازاً باستثناء الحالات التي لا تستجيب منذ البدء على نحو كلي للمعالجة بالستيروئيدات.

 

 

التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 159
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 545
الكل : 31755243
اليوم : 30704