logo

logo

logo

logo

logo

عسر الهضم

عسر هضم

dyspepsia / indigestion - dyspepsie / indigestion



عسر الهضم

بشر دعبول

 التظاهرات السريرية لعسر الهضم

أصناف عسر الهضم

أسباب عسر الهضم العضوي

 

 

 

يعدّ عسر الهضم من أهم الشكاوى التي يتعامل معها الأطباء ومن أكثرها شيوعاً. تفيد الدراسات أن معظم هذه الحالات وظيفية حيث لا سبب عضوياً لها إلا عند فئة قليلة من المرضى. يجعل هذا الواقع التعامل مع هؤلاء المرضى تحدياً صعباً يفيد فيه وضع أسس منطقية واضحة قدر الإمكان لتفادي الخلط بين الحالات العضوية الواجب كشفها وعلاجها وبين الحالات الوظيفية التي تتطلب قدراً أكبر من الصبر والتعاطف والتطمين؛ لذا تعدّ أحياناً من السهل الممتنع.

التظاهرات السريرية لعسر الهضم

الأعراض:

يعرّف عسر الهضم أنه ألم أو انزعاج مستمر أو متكرر، يتمركز في أعلى البطن. تشمل كلمة الانزعاج: الشبع المبكر، والامتلاء عقب وجبة صغيرة، والنفخة والغثيان.

ولا يفترض في عسر الهضم أن تكون أعراضه مرتبطة بالوجبة الطعامية دائماً إذ إن الألم الشرسوفي قد يمتد حتى في الأوقات الخالية من الوجبات الطعامية. والجدير بالذكر أن عسر الهضم الذي يتناوله هذا البحث هو عسر الهضم المزمن أو المتكرر الذي يستمر فترة تزيد على 12 أسبوعاً.

تكون الاختبارات التشخيصية سلبية في 60% من مرضى عسر الهضم، ويسمى عسر الهضم حينئذ عسر الهضم الوظيفي. ويكشف الفحص النسيجي عند كثير من المصابين بعسر الهضم الوظيفي التهاب المعدة أو الاثني عشر، بيد أن الارتباط بين هذه الموجودات وبين الأعراض غير مؤكد حتى اليوم، وغياب هذا الارتباط لا يعني أبداً أن الأعراض التي يشكو منها المريض غير حقيقية.

أصناف عسر الهضم:

يمكن تصنيف عسر الهضم الوظيفي إلى عدة أصناف لتسهيل التعامل مع هذه المجموعة الواسعة من المرضى من ناحية الاستقصاءات والتدبير العلاجي. وهذه الأصناف هي: النموذج القرحي، ونموذج سوء الحركة dysmotility، والنموذج غير النوعي. يجب التعامل مع هذه النماذج آخذين بالحسبان وجود تداخل فيما بينها؛ لذا فهو ليس بالتصنيف الدقيق بقدر ما هو للتدبير العلاجي.

نسبة الانتشار والوقوعات:

هناك تباين كبير في نسب انتشار عسر الهضم المذكورة في الدراسات المختلفة، فهي تراوح بين 7-60%، ولعل سبب ذلك اختلاف طرق إجراء الدراسة، مع العلم أن النسبة تبقى نفسها في البلدان إذا اتبعت الطريقة نفسها في الدراسة.

أما نسبة الوقوع فتراوح بين 1-9% حسب المجتمع المدروس وطريقة الدراسة.

يراجع 50% من هؤلاء المرضى عيادات الأطباء، ويؤلفون 2-5% من مراجعي عيادات طب الأسرة في الولايات المتحدة الأمريكية. ويحول نحو ثلث هؤلاء إلى أطباء الهضم. ومن الملاحظ أيضاً أن هؤلاء المرضى يبدون مخاوف من وجود خباثات في جهازهم الهضمي. كما أن القدرات التكيفية لمراجعي العيادات من مرضى عسر الهضم هي أقل من غيرهم.

أسباب عسر الهضم العضوي

1- يأتي على رأس هذه الأسباب المتلازمة القرحية، إذ يصعب أحياناً التمييز بينها وبين عسر الهضم الوظيفي بالأعراض والعلامات فقط. ويساعد عدم استخدام مضادات الالتهاب غير السيتروئيدية، وغياب الملوية البوابية Helicobacter pylori - باستخدام الاستقصاءات غير الراضة مثل اختبار النَّفَس breath test  أو تحليل الدم أو البراز- على استبعاد هذا التشخيص، إنما لا يمكن نفيه تماماً. ولعل التنظير الهضمي العلوي هو الوسيلة المثلى لنفي هذا الاحتمال؛ ولاسيما إذا لم يكن المريض يتناول مثبطات مضخة البروتون - مثل الأوميبرازول Omeprazole- آنذاك.

2- قد يلتبس سرطان المعدة كذلك بعسر الهضم الوظيفي على الرغم من أن له علامات أخرى مرافقة توجه إلى التشخيص في معظم الأحيان. لا تتجاوز نسبة انتشار سرطان المعدة 1-2% في البلدان الغربية، وهو نادر في سن دون الـ 55 مما يجعل البحث عنه أقل أهمية. كما أن تأخير التشخيص يفقد المريض فرصة ذهبية لمعالجة الورم، كما أن نفيه يطمئن المريض عادة الذي غالباً ما يكون قلقاً بهذا الشأن خاصة.

3- أما المتلازمة المرارية فلها أعراضها المختلفة عادة عن عسر الهضم الوظيفي، فهي نوبية، وألمها شديد وشرسوفي أو في المراق الأيمن، والألم فيها ثابت، ويدوم عدة ساعات. ومن الجدير بالذكر أن الحصيات المرارية تشاهد عند 1-3% من مرضى عسر الهضم، إنما لا تكون عادة هي السبب في عسر الهضم، الأمر الذي يتم حسمه بالقصة السريرية عادة.

4- أما التهاب المعثكلة المزمن وسرطان المعثكلة فأعراضهما مبهمة عادة، تعقب الوجبات، وتبدأ على نحو تدريجي، بيد أنها تترافق مع نقص وزن، وتحدث بوجود عوامل خطورة خاصة عادة كالكحولية. يتم تشخيص هذين المرضين بتخطيط الصدى عبر البطن أو بتخطيط الصدى عبر التنظير endoscopic ultrasound أو بتصوير الأقنية الصفراوية والمعثكلية بالرنين المغنطيسي Magnetic resonance cholangiopancreatography (MRCP).

5- الجزر المعدي المريئي: يؤدي الجزر المعدي المريئي أحياناً إلى أعراض عسر الهضم (إحساس حارق في الشرسوف أو تجشؤات أو تطبل شرسوفي وغثيان) دون أن يترافق ذلك مع تغيرات تنظيرية تشير إلى وجود التهاب مريء قلسي، الأمر الذي يحدث بنسبة تصل إلى 40%.

كما لوحظ ترافق أعراض عسر الهضم مع نوبات الجزر المعدي المريئي في أثناء إجراء قياس حموضة المريء مدة 24 ساعة حتى لو كانت النتيجة الإجمالية للفحص طبيعية، الأمر الذي يسوغ اعتقاد وجود فرط حساسية مريئية للجزر المعدي المريئي حتى في المستويات الطبيعية غير المرضية له. لكل ذلك ينصح أحياناً بإجراء قياس حموضة المريء مدة 24 ساعة عند مرضى عسر الهضم عسيري التدبير لأن ذلك قد يفسر الأعراض، أو اللجوء إلى معالجة تجريبية بجرعة عالية من مثبطات مضخة البروتون، وإن كان هذا الأخير قد يؤدي إلى استجابة كاذبة بسبب طبيعة عسر الهضم التي تميل إلى التناوب بين الهجوع والاشتداد.

6- عسر الهضم الدوائي: هناك مجموعة أدوية تسبب أعراض عسر الهضم مع متلازمة قرحية أو دونها، ويأتي على رأس هذه القائمة مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية بما في ذلك مثبطات السيكلوأكسجيناز (Cox) cyclooxygenase، وإن كانت ألطف أثراً في المعدة من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية غير النوعية.

ومن الأدوية الأخرى المسببة لعسر الهضم: الصادات الحيوية الفموية، مثل الأمبيسلين ampicillin ومشتقات الإريثرومايسين erythromycin، والحديد والبوتاسيوم والديجوكسين digoxin والثيوفلّين theophylline.

يفيد في هذه الحالات إيقاف الدواء أو تخفيف جرعته، أو استخدام مثبطات مضخة البروتون معه.

7- الأسباب الأخرى: الداء السكري -ولاسيما سيِّئ الضبط والمترافق مع اعتلال الأعصاب الذاتية - قد يؤدي إلى شبع مبكر وغثيان وقياء وحس امتلاء سريع بعد الوجبة. كما أن اعتلال الأعصاب الجذري السكري على مستوى الفقرات الظهرية قد يؤدي إلى ألم شرسوفي يتضاعف بعسر الهضم.

نقص التروية القلبية يؤدي أحياناً إلى ألم شرسوفي عند الجهد، ولا يزول إلا بتحسين الوظيفة القلبية.

كما أن نقص التروية المعوية - والذي يحدث مع تقدم العمر - يؤدي إلى ألم بعد الطعام، مما يجعل المريض يخاف من تناول الطعام، وينقص وزنه.

من أندر الأسباب الأخرى: الداء الزلاقي وسرطان القولون المعترض ولمفوما المعدة وساركوما المعدة وسرطان المريء وسرطان المعثكلة وسرطان الحليمة والتهاب المعدة بالحمضات وداء كرون والساركوئيد والداء الإفرنجي والسل المعوي وداء منترير Menetrier. وأخيراً فإن الشد العضلي أعلى البطن قد يختلط أحياناً بعسر الهضم إلا أنه يكون موضعاً بقدر رأس الإصبع، ويزداد بالحركة وتوتير عضلات جدار البطن.

الآلية الإمراضية لعسر الهضم الوظيفي

الشكل (1) صورة للملوية البوابية بالمجهر الإلكتروني

هناك العديد من الآليات المرضية التي اقترحت  لتفسير عسر الهضم الوظيفي إلا أن أياً منها لم يثبت له دور مؤكد بعد، ويأتي من ضمن هذه الآليات:

1- اضطراب الوظيفة الحركية للمعدة، مثل الخزل المعدي وقصور حركة غار المعدة أو عسر استرخاء قاع المعدة.

2- اضطراب الوظيفة الحسية للمعدة والتي تترافق مع انخفاض عتبة الإحساس بالتمدد.

3- الجزر العفجي المعدي أو الصفراوي المعدي.

4- فرط إفراز الحموض في المعدة أو سوء تنظيم هذا الإفراز.

5- متلازمات ما بعد التهاب المعدة سواء كان الالتهاب فيروسياً أم جرثومياً، حاداً أم مزمناً.

وتخص الملوية البوابية Helicobacter pylori هنا بالذكر لما أجري عليها من أبحاث. لم تستطع هذه الأبحاث إثبات وجود علاقة سببية بين عسر الهضم الوظيفي والإصابة بالملوية البوابية. في الوقت نفسه لم يمكن نفي هذه العلاقة على نحو جازم. ويظن أنه قد يكون لها دور في تفعيل سلسلة من الاضطرابات التي تؤدي في النهاية إلى عسر الهضم، كما يظن في حالة تهيج القولون ما بعد التهاب الأمعاء.

6- الاضطرابات النفسية: تؤدي الاضطرابات النفسية إلى أعراض تشابه عسر الهضم إلا أنه يمكن تمييزها من القصة المرضية. فمثلاً يكون الألم مستمراً في الاضطرابات النفسية، ويترافق مع شكاوى متعددة في عدة أعضاء أو وجود أمراض نفسية أخرى واضحة. وإذا ترافقت مع نقص وزن فإنها قد تكون ناجمة عن اضطرابات تناول الطعام، مثل القهم العصبي. يستفيد هؤلاء المرضى من الاستشارات العصبية النفسية والعلاج بمضادات الاكتئاب المختلفة.

7- العوامل البيئية.

ويتضح من دراسة هذه العوامل أن عسر الهضم الوظيفي هو اضطراب متعدد الأسباب، وهناك العديد من العوامل التي لها دور - صغر أم كبر - في إحداثه. ويمكن افتراض التسلسل التالي لحدوث عسر الهضم الوظيفي: يظن أن بعض المرضى يشعرون بعسر الهضم بسبب الجزر المعدي المريئي، وبعضهم الآخر يصابون بالملوية البوابية التي تحدث التهاباً في مخاطية المعدة يحرض بعض المسارات العصبية الصادرة من المعدة تؤدي إلى استمرار أعراض عسر الهضم حتى بعد علاج الملوية البوابية والشفاء التام منها. وينطبق الأمر نفسه على الإصابة بالالتهابات المعدية الفيروسية أو الجرثومية الأخرى.

     ويظن كذلك أن هؤلاء المرضى مستعدون وراثياً لتظهر عندهم أعراض تهيج المعدة أو عسر الهضم. وللعوامل الخارجية دور في إحداث فرط الحساسية الحشوية أو اضطراب في الحركية تؤدي إلى إحداث الأعراض على نحو مباشر. أما الحالة النفسية والشدة والعوامل الثقافية والعائلية والموروث النفسي منذ الطفولة؛ فهي تؤثر كلها في طريقة ترجمة الأعراض وتحديد شدتها وأسلوب التعامل معها.

ويمكن تعديل هذا التسلسل الافتراضي حسب ما تقدم لنا البحوث القادمة من أدلة ترجح هذا الدليل أو ذاك.

المقاربة التشخيصية لمرضى عسر الهضم

لابد عند مقاربة مريض عسر الهضم من اتباع تسلسل منطقي في التفكير والقيام بالإجراءات التشخيصية اللازمة فقط، وإلا فإن تدبير هؤلاء المرضى سيكون فيه هدر كبير للمال والوقت والجهد، أو التأخر في كشف بعض الأمراض الخطيرة وضياع الفرصة المناسبة لتقديم علاج ٍ شافٍ لها.

1- القصة المرضية والفحص السريري: تمت دراسة عدة عوامل يمكن التنبؤ من خلالها بوجود أسباب بنيوية، وهي:

- العمر: يزداد احتمال الإصابة بالأمراض البنيوية في المعدة مع تقدم العمر. وقد تم افتراض العمر 45 سنة حداً فاصلاً، وينصح بإجراء تنظير للمعدة للمرضى الذين تجاوز سنهم 45 سنة المصابين بعسر هضم حديث العهد. وقد تم اختيار هذا الحد الفاصل بناء على دراسات أجريت، وأظهرت أن احتمال حصول سرطان المعدة نادر جداً في الأعمار دون الـ 45. وهناك دراسات أخرى اقترحت الخمسين أو الخامسة والخمسين حداً فاصلاً بديلاً.

- الأعراض: يعد نقص الوزن والنزف والقياء المتكرر وعسر البلع من الأعراض المنذرة بالخطورة والتي تستدعي الاستقصاء لنفي الأسباب البنيوية. في حين يعدّ إزمان الأعراض سنوات مطمئناً، ولا يمكن الاعتماد على نموذج الأعراض (أعراض مشابهة للقرحة أو لاضطراب الحركية أو اضطراب غير نوعي) في التنبؤ بوجود الأسباب العضوية أو غيابها.

- الملوية البوابية: لهذه الجرثومة دور واضح في إحداث المتلازمة القرحية، وتليها مضادات الالتهاب غير السيتروئيدية من حيث التواتر في إحداث القرحة. إن استقصاء هذين العاملين قد يفيد في نفي الأسباب البنيوية.

2- التنظير الهضمي: يأتي التنظير الهضمي العلوي على رأس قائمة الاستقصاءات المتاحة في دراسة عسر الهضم، وذلك لنفي الأسباب العضوية مثل المتلازمة القرحية والتهاب المريء الجزري والخباثات. وهو يفوق الصورة الباريتية الظليلة من حيث الحساسية والنوعية. ويفيد التنظير في كشف موجودات مرضية جديدة في 50% من مرضى عسر الهضم.

3- الاستقصاءات الأخرى: لا يفيد التصوير بالأمواج فوق الصوتية في عسر الهضم ولاينصح بإجرائه منوالياً. أما الإجراءات الأخرى - مثل قياس حموضة المريء وزمن إفراغ المعدة واختبار تحمل اللاكتوز لنفي عدم تحمله - فإنها نادراً ما تفيد. فعلى الرغم من أن هذه الاستقصاءات تشخص موجودات جديدة في 50% من المرضى الذين لم يكتشف عندهم تشخيص بالتنظير الهضمي، فإن أثر هذا في المعالجة ضعيف. ويمكن تلخيص الاستقصاءات المقترحة في عسر الهضم في (الجدول1).

 

 

1-    مفيدة:

 

- قصة مرضية وفحص سريري دقيق

- تنظير هضمي علوي أثناء وجود الأعراض وبدون معالجة بمثبطات مضخة البروتون.

- تحاليل مخبرية (تعداد دم، سرعة تثفل، سكر الدم، وظائف الكبد، الكرياتنين، الشوارد، وظائف الغدة الدرقية).

2-    اختيارية:

 

     - تحري المتحلزمة البوابية

     تخطيط صدى البطن

     - معايرة حموضة المري خلال 24 ساعة . 

 

 3- ذات قيمة سريرية غير مؤكدة:

 

- زمن إفراغ المعدة

- قياس ضغوط المعدة و الاثنى عشرGastroduodenal manometry 

- تخطيط المعدة Electrogastrography.

الجدول (1) الاستقصاءات التشخيصية المقترحة في مرضى عسر الهضم غير القرحي.

 

المعالجة الدوائية لعسر الهضم الوظيفي

عادة ما يقارن أي علاج مع أثر الدواء الغفل. في عسر الهضم الوظيفي أظهرت الدراسات أن 30-60% من المرضى يستجيبون للدواء الغفل. قد تكون هذه الاستجابة هي نتيجة لطبيعة عسر الهضم التي تتسم بالهجوع والاشتداد، لذلك لا يعدّ التحسن حقيقياً إلا إذا كان مستمراً فترة طويلة.

نادراً ما تفيد مضادات الحموضة إلا إذا كان سبب عسر الهضم الجزر المعدي المريئي. أما حاصرات مستقبلات الهستامين H2 فهي أجدى من مضادات الحموضة. ومثبطات مضخة البروتون أجدى من الاثنين إلا أن هامش الاستفادة من كل هذه الأدوية ليس عالياً. ولعل معظم المستفيدين كانوا من مرضى الجزر المعدي المريئي أو المصابين بالملوية البوابية. الدراسات المتعلقة بالسكرالفات sucralfate كانت نتائجها متضاربة، فبعضها أظهر فائدة، وبعضها الآخر كانت نتائجها مماثلة للعلاج الغفل.

نتائج الأدوية الحركية prokinetics كانت أفضل، وعلى الرغم من أن الانطباع الأولي أوحى أن المستفيدين هم من مرضى نموذج الخزل المعدي؛ فإن هذا لم يكن الواقع في الدراسات المتوافرة، كما أنه لا يوجد ما يثبت أن هذه الأدوية كان لها تأثير إيجابي في تحسين الإفراغ المعدي. العائق الرئيسي كان التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية .

فالميتوكلوبراميد metoclopramide يؤدي إلى أعراض جانبية خارج هرمية. والسيسبرايد Cisapride سحب من الأسواق بسبب تطاول فاصل الـ PT في تخطيط كهربائية القلب. والدومبيريدون domperidone يرفع نسبة البرولاكتين أحياناً، وبحالات نادرة قد يحرض لانظميات قلبية. وهناك عدد من الأدوية الحركية مثل التاغيسيرود tegaserod والإريثروماسين erythromycin إضافة إلى أدوية أخرى تجريبية بيد أن أياً من هذه الأدوية لم يثبت فعاليته في عسر الهضم الوظيفي.

- علاج الملوية البوابية: كما ذكر سابقاً فإن علاج الملوية البوابية لدى مرضى عسر الهضم الوظيفي لم يثبت جدواه على نحو  مؤكد حيث تفاوتت نتائج الدراسات، وليس هناك ما يثبت أو ينفي فائدة هذه المعالجة. لذلك كله يجب التفكير بهذا الخيار عند مرضى عسر الهضم الوظيفي المصابين بالملوية البوابية. مع العلم أن هذه المعالجة لها بعض التأثيرات الجانبية، وهي مكلفة وقد تؤدي إلى زيادة الجزر المعدي المريئي والتهاب المريء عند بعض المرضى.

- مضادات التشنج: لا تُجدي نفعاً مضادات التشنج في عسر الهضم الوظيفي، لأن تشنج الغار أو البواب لم يثبت علاقتهما مع عسر الهضم بداية. ولا ينصح بتجريب المضادات الكولينيرجية anticholinergic agents المرفقة مع البنزوديازبينات benzodiazepines لأنها قد تؤدي إلى التعود والإدمان.

- مضادات الغثيان: قد تفيد مضادات الغثيان المختلفة في علاج الغثيان المرافق لعسر الهضم، بما في ذلك الأدوية الحركية ومضادات الهستامين والفينوثيازين phenothiazines. لمضادات مستقبلات الهستامين H1 الديمنهيدرينيت dimenhydrinate والسيكليزين cyclizine دور في تنظيم اضطراب نظم المعدة مما يجعل تجربتها أمراً يستحق المحاولة.

- مضادات الاكتئاب: على الرغم من عدم وجود دراسات كافية تثبت فائدة مضادات الاكتئاب في عسر الهضم؛ فإنه من المفيد تجربتها؛ ولاسيما ثلاثية الحلقة ذات الجدوى الكبرى من مثبطات إعادة قبض السيروتونين النوعية selective .serotonin reuptake inhibiter (SSRI) ويبدو أن هذه الفائدة تتحقق حتى في غياب الخلفية النفسية المضطربة عند المريض، وبجرعة أقل من الجرعة النظامية لمضادات الاكتئاب. يلجأ عادة إلى مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة بعد إخفاق العلاج التقليدي.

الشكل (2) يبين خطة تدبير عسر الهضم الوظيفي

 

- العلاجات النفسية: تظهر الدراسات تحسناً لدى مرضى عسر الهضم الخاضعين للمعالجة النفسية. بيد أن هذا التحسن لم يكن كبيراً على أهميته. وليس هناك دراسة مقارنة مع المعالجات الدوائية لتقرير دورها.

- علاج التجشؤ: بما أن التجشؤات تنجم عادة عن ابتلاع الهواء في أثناء تناول الطعام فإن تغيير هذه العادة ضروري للتخلص من التجشؤات، بيد أن هذا ليس بالأمر السهل، وهو يتضمن:

1- تخفيف التوتر والضغط النفسي عن طريق الاسترخاء والمعالجة السلوكية - الإدراكية.

2- تغيير عادات الطعام بتجنب علك اللبان، والأكل ببطء، وتجنب المشروبات الغازية. لا يفيد السميثكون simethicone والفحم activated charcoal في حين قد تفيد المركنات tranquilizers أو الأدوية الحركية أحياناً.

تدبير المصاب بعسـر الهضم

1ــــ مرضى عسر الهضم غير المدروسين سابقاً: كما هي الحال دائماً فإن القصة المرضية ضرورية جداً لنفي الأسباب العضوية. أولاً يجب نفي الجزر، فإذا كانت القصة موجهة له فإنه يجب التوجه بالمعالجة نحو الجزر. وقد تفيد أحياناً المعالجة التجريبية ذات الأمد القصير بمثبطات مضخة البروتون - وبجرعة عالية - لتأكيد التشخيص أو نفيه. أما إذا كانت القصة موجهة لتهيج القولون، كأن تكون الأعراض مرتبطة بعادات التغوط؛ فإنه يجب التوجه بالعلاج نحو مضادات التشنج والحمية والتطمين وتدبير التوتر النفسي.

يلجأ المرضى الذين تجاوزوا الخامسة والأربعين والمصابين بأعراض منذرة مرافقة لعسر الهضم إلى التنظير أولاً، وترسم خطة العلاج وفقاً لنتائج التنظير.

أما مرضى عسر الهضم الآخرون فينصح اللجوء إلى اختبار تحري الملوية البوابية، وعلاج الحالات الإيجابية، بيد أنه قد يؤدي إلى علاج عدد من المرضى ممن تكون الأعراض عندهم غير مرتبطة بالجرثومة أو تؤدي إلى كشف أعراض الجزر المعدي المريئي عند بعض المرضى.

ليس هناك أي دواء موصوف خصوصاً لمرضى عسر الهضم، ولذلك فإن المرضى الذين يكون اختبار الملوية البوابية سلبياً عندهم  يمكن أن يعالجوا على نحو تجريبي بمثبطات مضخة البروتون أو حاصرات الهستامين مدة شهرين، ويلجأ إلى التنظير الهضمي عند إخفاق المعالجة أو إذا نكس المريض مباشرة بعد إيقاف الدواء. إذا ثبت تشخيص عسر الهضم الوظيفي فإن التطمين يصبح هو الإجراء الأساسي المطلوب.

2- عند إخفاق الاستجابة: إن إخفاق الاستجابة يطرح أحد احتمالين. الأول منهما أن يكون التشخيص خاطئاً، والثاني أن يكون العلاج الموصوف غير ملائم. ولتجنب الاحتمال الأول يجب التزام خطة التدبير الموصوفة في (الشكل2)، ولاسيما خاص إجراء التنظير الهضمي العلوي لقطع أي مجال للشك. وفي مواجهة الخيار الثاني يجب تجربة شكل آخر من العلاج أو مشاركة أكثر من زمرة دوائية كمضادات التشنج مع مثبطات مضخة البروتون أو السيميثكون أو السكرالفات أو مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة أو SSRI مع التأكد من فهم المريض للتأثيرات الجانبية المحتملة لأي دواء موصوف.

3- المرضى ذوو الأعراض الناكسة أو المتكررة: إن نكس الأعراض أو تكررها أمر شائع في عسر الهضم الوظيفي؛ لأن هذه هي طبيعة المرض. في هذه الحالة فإنه يمكن إعادة التدبير الدوائي نفسه أو المشاركة الدوائية التي أجدت في السابق. ويمكن أن ينصح المريض باستخدام هذه الأدوية حسب الحاجة على أن يراجع الطبيب فيما بعد إذا تغيرت طبيعة الأعراض أو ظهرت علامات جديدة قد توحي بتطور مرض جديد أو مضاعفة لم تكن سابقاً.

4- عسر الهضم المعند: يحدث هذا عند نسبة ضئيلة من المرضى. غالباً ما يتعرض هؤلاء المرضى لاختبارات متعددة، ويتم دراستهم من قبل العديد من الأطباء والمراكز التخصصية. هذه الزمرة يجب أن تحول إلى المراكز التخصصية عادة لنفي الأسباب النادرة. عند القيام بهذا فإنه يجب التوقف عن تكرار الاستقصاءات؛ لأن ذلك يستهلك الوقت والمال والجهد من جهة، ويضعف ثقة المريض بالنظام الطبي من جهة أخرى.

قد يستفيد هؤلاء المرضى من إقامة علاقة ثابتة مع أحد الأطباء، ويشرك المريض في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإجراءات التشخيصية والعلاجية. ولا مانع من الاستفادة من الاستشارة النفسية والمعالجة السلوكية. وعلى الرغم من أن مرضى عسر الهضم قد يشفون تلقائياً ودون سبب واضح فإن هذا احتماله ضعيف، والغالب أن معظم المرضى يتحسنون فترة تطول أو تقصر إلا أن الأعراض لا تلبث أن تعاودهم مستقبلاً.

 

 

علينا أن نتذكر

يعدّ عسر الهضم من أشيع الشكاوى الهضمية. وتكون من منشأ وظيفي في معظم الأحيان، وليس هناك سبب عضوي إلا عند فئة قليلة من المرضى.

يتم التمييز بين هذين النوعين بنفي استخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ونفي وجود الملوية البوابية عن طريق الاختبارات المختلفة المتاحة (مثل اختبار التنفس أو كشف المستضد في البراز أو تحري الأضداد في المصل)؛ ولعل التنظير هو الوسيلة المثلى لدقته وإمكانية نفي الأسباب الأخرى النادرة مثل سرطان المعدة؛ ولاسيما عند وجود أعراض وعلامات منذرة كنقص الوزن وتقدم العمر.

عند وجود الملوية البوابية فإنه يمكن البدء بمعالجتها. في حال عدم استجابة المريض فإنه يمكن اللجوء إلى الأدوية الحركية أو مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة إضافة إلى المعالجة السلوكية النفسية.

قد يضطر الطبيب المعالج إلى اللجوء إلى الاستقصاءات الأخرى، مثل الأمواج فوق الصوتية أو التصوير الطبقي المحوري عند تعنيد الأعراض، وذلك لنفي الأسباب الأخرى.   

 

 


التصنيف : أعراض المرض الهضمي
النوع : أعراض المرض الهضمي
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 55
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1106
الكل : 40581070
اليوم : 110885