logo

logo

logo

logo

logo

النحول واضطرابات الأكل

نحول واضطرابات اكل

emaciation and eating disorders - émaciation et troubles du comportement alimentaire



النحول واضطرابات الأكل 

مازن طليمات

فيزيولوجية تنظيم الوزن

أهمية نقص الوزن

أسباب نقص الوزن

اضطرابات الأكل :eating disorders

 

 

 

غالباً ما ينذر نقص الوزن غير المقصود عند شخص صحيح الجسم سابقاً بوجود مرض مجموعي مستبطن. ويجب دائماً في أثناء الفحص الطبي المنوالي الاستفهام عن تبدلات الوزن إذ إن فقد 5% من وزن الجسم في فترة 6-12 شهراً يجب أن يستدعي مزيداً من التقييم.

فيزيولوجية تنظيم الوزن:

يحافظ الفرد السويّ على وزن الجسم على نحو ملحوظ عند "نقطة ضبط" مستقرة رغم الاختلاف الواسع في المتناول الحروري اليومي ومستوى النشاط. وبسبب الأهمية الفيزيولوجية للمحافظة على مخزونات الطاقة؛ يكون إنقاص الوزن الإرادي صعب الوصول والتثبيت.

تنتظم الشهية والاستقلاب بشبكة معقدة من العوامل العصبية والهرمونية [ر. البدانة].

يحدث نقص الوزن حين يتجاوز مصروف الطاقة الحريرات المتاحة لاستخدام الطاقة. وعند أغلب الأفراد، يستخدم نصف الطعام للعمليات الأساسية كالمحافظة على درجة حرارة الجسم. فعند شخص وزنه 70 كلغ، يستهلك النشاط الأساسي نحو 1800 كيلو حريرة/اليوم. ويستخدم نحو 40% من مدخول الكالوري للنشاط الجسدي. ويستخدم نحو 10% منه لتوليد الطاقة المصروفة للهضم والامتصاص واستقلاب الطعام.

تشمل آليات نقص الوزن نقص تناول الطعام، وسوء الامتصاص، وفقد السعرات الحرارية، وزيادة حاجات الطاقة (الشكل1). وقد تتضمن تبدلات الوزن فقد كتلة النسيج أو محتوى سوائل الجسم. يتوافق نقص 3500 كيلو حريرة مع فقد 0.45 كغ من شحم الجسم. ويعكس نقص الوزن الذي يستمر خلال أسابيع أو أشهر فقد كتلة النسيج.

الشكل (1) توازن الطاقة والفيزيولوجية المرضية لفقد الوزن

قد يتأثر مدخول الطعام بعدد من التنبيهات البصرية، والشمية، والذوقية إضافة إلى عوامل وراثية، ونفسية، واجتماعية. وقد يضعف الامتصاص بسبب قصور المعثكلة، والركودة الصفراوية، والداء البطني celiac disease، وأورام الأمعاء، والأذية الإشعاعية، وداء الأمعاء الالتهابي، والأخماج، أو  تأثير الأدوية. قد تتظاهر هذه الأحداث المرضية بتبدلات في تواتر البراز واتساقه. كما قد يتم فقد السعرات بسبب القياء أو الإسهال، أو البيلة الغلوكوزية في الداء السكري، أو نزح ناسوري. ينقص صرف الطاقة في أثناء الراحة مع تقدم العمر، وقد يتأثر بالحالة الدرقية. وبعد عمر 60 سنة، ينقص وزن الجسم بمعدل 0.5% سنوياً. كما يتأثر تركيب الجسم بتقدم العمر؛ إذ يزداد النسيج الشحمي وتتناقص كتلة العضل بتقدم العمر.

أهمية نقص الوزن:

نقص الوزن غير المقصود - ولاسيما عند المسنين - حدث شائع، يترافق وزيادة معدلات المراضة والوفيات. وتشير الدراسات الاستباقية prospective إلى أن أهمية نقص الوزن اللاإرادي يرافقها معدل وفيات 25% في أثناء الأشهر 18 التالية. أما الدراسات الاستعادية retrospective لنقص الوزن المهم عند المسنين؛ فإنها تبين معدلات وفيات 9-38% في فترة 2-3 سنوات.

يبدي مرضى السرطان المترافق ونقص الوزن حالة انخفاض الأداء، وضعف الاستجابات للمعالجة الكيميائية، ونقص وسطي البقيا. كما يعرض نقص الوزن الواضح للأخماج. أما المرضى الذين يخضعون لجراحة انتخابية، وفقدوا < 4.5كغ في 6 أشهر، فإنهم يتعرضون لمعدلات وفيات جراحية أعلى. كما يمكن لأعواز الڤيتامين والمغذيات أن ترافق نقص الوزن الشديد.

أسباب نقص الوزن:

قائمة الأسباب الممكنة لنقص الوزن (الجدول 1) كثيرة عند المسنين، أكثر أسباب نقص الوزن هي الاكتئاب، والسرطان، والأمراض المعدية المعوية الحميدة، وسرطان الرئة والسرطان المعدي المعوي. أما عند الأفراد الأصغر سناً، فيجب التفكير بالداء السكري، وفرط الدرقية، والاضطرابات النفسية بما فيها اضطرابات الأكل، والأخماج، ولاسيما بڤيروس عوز المناعة البشرية.

أسباب فقد الوزن

السرطان

غدي واستقلابي:

·         فرط الدرقية

·         الداء السكري

·         ورم القواتم

·         قصور الكظر

الاضطرابات المعدية المعوية:

·          سوء الامتصاص

·          الانسداد

·          فقر الدم الوبيل

الاضطرابات القلبية:

·          الإقفار المزمن

·          قصور القلب الاحتقاني المزمن

الاضطرابات التنفسية:

·         النفاخ

·         الداء الرئوي الالتهابي المزمن

القصور الكلوي

الداء الرثوي

الأخماج:

·         فيروس نقص المناعة البشري

·         السل (التدرن)

·         الخمج الطفيلي

·         التهاب الشغاف الجرثومي تحت الحاد

الأدوية:

·         الصادات الحيوية

·         الأدوية اللاستيروئيدية المضادة للالتهاب

·         مثبطات قبط السيروتونين

·         الميتفورمين

·         الليفودوبا

·         مثبطات الإنزيم القالب للأنجبوتنسين

·         أدوية أخرى

اضطرابات الفم والأسنان

العوامل المتعلقة بالعمر:

·         تبدلات فيزيولوجية

·         ضعف حاستي التذوق والشم

·         حالات العجز الجسدي

عصبية:

·         السكتة

·         داء بركنسون

·         اضطرابات عصبية عضلية

·         الخرف

اجتماعية:

·         الذاتوية (التوحد)

·         البؤس الاقتصادي

نفسية وسلوكية:

·         الاكتئاب

·         القلق

·         الحرمان

·         الكحولية

·         اضطرابات الأكل

·         زيادة النشاط أو التمارين

مجهولة السبب

الجدول (1)

 

نادراً ما يكون سبب نقص الوزن اللاإرادي خفياً، إذ يمكن بأخذ القصة والفحص الجسدي المتأنيين، مع الاختبارات التشخيصية المباشرة؛ معرفة سبب نقص الوزن عند 75% من المرضى. وقد لا يكتشف السبب عند المرضى الباقين على الرغم من الاختبارات الشاملة.

يبدي المرضى المصابون بالأسباب الطبية لنقص الوزن علامات أو أعراضاً تشير إلى إصابة جهاز معيّن.

ويمكن للأورام المعدية المعوية بما فيها أمراض المعثكلة والكبد أن تؤثر في تناول الطعام باكراً خلال سير المرض؛ مما يسبب نقص الوزن قبل ظهور الأعراض الأخرى.

 قد يتظاهر سرطان الرئة بالتهاب رئوي تالٍ للانسداد، أو ضيق نفس، أو سعال ونفث دموي؛ ولكنه قد يكون صامتاً، ويجب التفكير فيه حتى عند المرضى الذين لا يظهرون في قصتهم التدخين. وقد يسبب الاكتئاب والانعزال نقص الوزن الشديد ولاسيما عند المسنين. وقد يؤدي الداء الرئوي المزمن وقصور القلب الاحتقاني إلى القهم، وقد يزيدا مصروف الطاقة في أثناء الراحة.

قد يكون نقص الوزن أحد علامات الإصابة بأحد الأمراض الخمجية مثل عوز المناعة البشرية المكتسب AIDS، والسُّل، والتهاب الشغاف، والأخماج الفطرية والطفيلية.

يزيد فرط الدرقية أو ورم القواتم معدل الاستقلاب. فالمرضى المسنون المصابون بفرط الدرقية المُقنع قد يبدو فيهم نقص الوزن والضعف، مع ملامح قليلة أخرى للانسمام الدرقي.

 غالباً ما يترافق الداء السكري حديث البدء مع نقص الوزن الذي يعزى إلى البيلة الغلوكوزية وانعدام التأثيرات الابتنائية للإنسولين. ويمكن الاشتباه بقصور الكظر بزيادة التصبغ، ونقص صوديوم الدم، وفرط بوتاسيوم الدم.

مقاربة المريض:

نقص الوزن: قبل القيام بتقييم شامل، من المهم إثبات وجود نقص الوزن وتحديد الفترة الزمنية التي حدث في أثنائها. فنصف المرضى الذين يدعون حدوث نقص شديد في الوزن لا يظهرون أي تبدل في وزن الجسم عندما يقاس بطريقة صحيحة. وفي غياب أي توثيق، قد تكون تبدلات قياس ثقوب الحزام أو ملاءمة الثياب دليلاً أكيداً. وليس من النادر، أن يكون المرضى الذين أظهروا فعلياً نقص الوزن المستمر غير منتبهين لحدوثه. ولذلك فإن تسجيل الوزن المنوالي في أثناء مراجعات العيادة أمر مهم.

يجب أن تتركز دراسة أجهزة الجسم على العلامات والأعراض التي ترافقها اضطرابات تسبب عادة نقص الوزن. وهي تشمل الحمى والألم وضيق النفس والسعال والخفقان وتشمل دليلاً على مرض عصبي. يجب البحث عن أي اضطرابات معدية معوية، بما فيها صعوبة الأكل وعسر البلع والقهم والغثيان وتبدل عادات التغوط. كما يجب الاستفهام عن قصة السفر، والتدخين والكحول، وجميع الأدوية المستخدمة سابقاً، ويجب سؤال المرضى عن الأمراض أو الجراحات السابقة إضافة إلى أمراض أفراد العائلة الآخرين. ويجب النظر في علامات الاكتئاب، والأدلة على وجود الخرف، والعوامل الاجتماعية بما فيها القضايا المالية التي قد تؤثر في تناول الطعام.

يبدأ الفحص الجسدي بتسجيل الوزن والعلامات الحيوية. ويفحص الجلد بحثاً عن الشحوب، واليرقان، والتورم turgor، وندوب جراحة سابقة، وسمات المرض المجموعي. غالباً ما يؤدي البحث - عن سُلاق الفم أو مرض الأسنان، وضخامة الغدة الدرقية، وضخامة العقد اللمفاوية، والشذوذات التنفسية أو القلبية، والفحص المفصل للبطن - إلى ضرورة التوجه نحو مزيد من الدراسة. ويجب إجراء فحص المستقيم بما فيه فحص الموثة (البروستات) واختبار البراز بحثاً عن الدم الخفي عند الرجال؛ كما يجب عند جميع النساء فحص الحوض، حتى لو سبق لهن إجراء استئصال الرحم. ويجب أن يتضمن الفحص العصبي تقييم الحالة العقلية وتحري وجود الاكتئاب.

يجب أن تثبت الفحوص المخبرية التشخيصات الممكنة المستنبطة من القصة والفحص الجسدي أو تنفيها (الجدول2). يجب أن يشمل الطور الأولي للاختبارات إجراء تعداد الدم الكامل مع الصيغة، واختبارات كيمياء المصل بما فيها الغلوكوز والكهارل واختبارات الوظيفة الكلوية والكبدية والكلسيوم والهرمون المنبه للدرقية TSH ثم تحليل البول، وصورة الصدر الشعاعية. أما المرضى المعرضون لخطر الإصابة بڤيروس عوز المناعة البشري HIV فيجب أن تتحرى فيهم أضداد HIV. وفي جميع الحالات، تجرى الاختبارات المناسبة لتحري السرطان بحسب الجنس والمجموعة العمرية، وتصوير الثدي الشعاعي، وتنظير القولون. فإن وجدت علامات أو أعراض معدية معوية؛ يكون لإجراء التنظير الهضمي العلوي والسفلي وتصوير البطن بالتصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغنطيسي فائدة عالية، تنفق مع الانتشار العالي للاضطرابات المعدية المعوية عند المرضى الذين يظهرون نقص الوزن. فإذا لم يكشف سبب نقص الوزن؛ يكون من المنطقي إجراء متابعة سريرية دقيقة من دون الاستمرار باختبارات غير مباشرة.

اختبارات تقييم نقص الوزن غير الإرادي

الاختبارات الأولية

تعداد الدم الكامل

الكهارل، الكلسيوم، الغلوكوز

اختبارات الوظيفتين الكلوية والكبدية

تحليل البول

الهرمون المنبة للدرقية

صورة الصدر الشعاعية

التقصي المنصوح به للسرطان

اختبارات إضافية

اختبار فيروس العوز المناعي البشري

التنظير المعدي المعوي العلوي أو السفلي أو كلاهما

تصوير البطن المقطعي المحوسب أو بالرنين المغنطيسي

تصوير الصدر المقطعي المحوسب

الجدول (2)

 

اضطرابات الأكل :eating disorders

 تتميز متلازمتا القهم العصابي والنهام bulimia العصابي باضطرابات شديدة في سلوك الأكل. ويكون الملمح البارز في القهم العصابي رفض المحافظة على وزن سوي أدنى للجسم. أما النهام العصابي فيتميز بنوبات راجعة من الأكل السَّرَفي، يتلوه حالات من السلوك المُعاوض الشاذ، كتحريض القياء. والقهم العصابي والنهام العصابي متلازمتان سريريتان مختلفتان، رغم أنهما تشتركان ببعض الملامح. إذ يحدث الاضطرابان بصورة رئيسة عند الشابات صحيحات الجسم سابقاً واللاتي يبدين اهتماماً زائداً بشكل الجسم ووزنه. يبدي مرضى النهام العصبي في سوابقهم قصصاً للقهم العصابي، وتظهر كثيرات من مريضات القهم العصابي سرفاً في الأكل ترافقه إسهالات. يعتمد التفريق بين القهم العصابي والنهام العصابي على وزن الجسم: فالمصابات بالقهم العصابي هن بالتعريف ناقصات الوزن على نحو واضح، أما المصابات بالنهام العصابي؛ فيبدين وزناً ضمن المجال السوي أو أعلى من ذلك.

وقد وصفت حديثاً متلازمة اضطراب سرف الأكل binge eating disorder (BED) التي تتصف بنوب متكررة من سرف الأكل، مماثلة لما يحدث في النهام العصابي، مع غياب السلوك المعاوض كالقياء المفتعل. يكون المصابون بمتلازمة اضطراب سرف الأكل رجالاً أو نساءً متوسطي العمر مصابين بسمنة شديدة وبتواتر زائد من القلق والاكتئاب مقارنة بالبدينين الآخرين غير المصابين بمتلازمة اضطراب سرف الأكل. وليس من الثابت ما إذا كان مرضى متلازمة اضطراب سرف الأكل معرضين لزيادة المضاعفات الطبية أو يحتاجون إلى مداخلات علاجية نوعية.

1- القهم العصابي :anorexia nervosa 

الوبائيات: انتشار المتلازمة الكاملة للقهم العصابي طول عمر الإناث نحو 1%. وهي أقل شيوعاً بكثير عند الذكور. والمتلازمة أكثر شيوعاً في الأوساط التي يكون فيها الغذاء وافراً، وتترافق النحافة فيها مع الفتنة والإغراء. ويكون الأفراد الذين يركزون اهتماماتهم على أولوية النحافة، كراقصي الباليه وعارضي الأزياء أكثر تعرضاً. وقد ازداد شيوع القهم العصابي في العقود الأخيرة.

السببيات: أسباب القهم العصابي مجهولة، ولكن يبدو أنه ينجم عن مشاركة عوامل خطر نفسية وبيولوجية وثقافية. وتكون عوامل الخطر كالإيذاء الجنسي أو الجسدي، وقصة عائلية لاضطراب المزاج؛ هي أكثر ما ينظر إليه على أنه عوامل خطر لا نوعية تزيد التعرض لعدد من الاضطرابات النفسية، بما فيها القهم العصابي.

المريضات اللاتي يبدين القهم العصابي ميالات إلى أن يكن أكثر وسوسة ويتوخين الكمال أكثر من قريناتهن. غالباً ما يبدأ الاضطراب على شكل حمية (ريجيم) لا تختلف عن الحمية التي يتخذها كثير من المراهقات والشابات. ومع ترقي نقص الوزن، ينمو شعور بالخوف من زيادة الوزن ثانية؛ وتصبح الحمية أكثر صرامة؛ وتزداد الزيوغ aberration النفسية والسلوكية والطبية.

وقد وصفت في القهم العصابي اضطرابات فيزيولوجية كثيرة، منها شذوذات عدد من جمل النقل العصبي. ويصعب التمييز بين التبدلات الكيميائية العصبية والاستقلابية والهرمونية التي قد يكون لها شأن في بدء المتلازمة أو ديمومتها وتلك التبدلات التي تكون ناجمة عنها.

تشارك عوامل وراثية في خطر حدوث القهم العصابي، إذ يكثر الوقوع في العائلات التي يكون فيها عضو مصاب، ويكون التواؤم عند التوائم أحادية الزيجوت أعلى مما هو عليه عند ثنائية الزيجوت، ولكن لم يتم حتى الآن تحديد وجود جينات نوعية.

الملامح السريرية: يبدأ القهم العُصابي نمطياً في منتصف المراهقة حتى المراهقة المتأخرة مرافقاً حدثاً حياتياً مُكرباً كمغادرة المنزل إلى المدرسة. يحدث الاضطراب أحياناً في بداية البلوغ قبل الإحاضة، وقلما يبدأ بعد عمر الأربعين. ومع أن المريضات يكن دون الوزن السوي؛ فهن خائفات من زيادة الوزن. كما يبدين تشوه صورة الجسد، وهو ما يعبر عنه بعدة طرق. فعلى سبيل المثال، تعتقد المريضات المصابات بالقهم العصابي ورغم النحول البادي عليهن أن جسدهن كله، أو جزءاً منه؛ سمين جداً. وتنظر المريضة إلى المزيد من انخفاض الوزن على أنه إنجاز، في حين تنظر إلى زيادة الوزن على أنها إخفاق شخصي. نادراً ما تشكو المصابات بالقهم العصابي من جوع أو إعياء، وغالباً ما يقمن بتمارين قاسية. ورغم نكران الشعور بالجوع؛ فإن ربع المصابات بالقهم العصابي حتى نصفهن يشاركن في سرف الأكل. تميل المريضات إلى العزلة الاجتماعية وزيادة الالتزام بالعمل أو الدراسة والحمية والتمارين الجسدية. ومع ترقي نقص الوزن، تسيطر أفكار الطعام على الحياة العقلية، وتتطور قواعد ذاتية خاصة تتعلق بالطعام. قد تجمع المصابات بالقهم العصابي كتب الطبخ ووصفاته، وينجذبن إلى المهن المتعلقة بالطعام.

الملامح الجسدية: تظهر المصابات بالقهم العصابي قليلاً من الشكاوى الجسدية، ولكن قد يظهرن عدم تحمل البرد. تخف حركة المعدة والأمعاء؛ مما يؤدي إلى نقص الإفراغ المعدي والإمساك. وتذكر بعض النساء اللاتي أصبن بالقهم العصابي بعد الحيض أن الحيض قد توقف قبل حدوث نقص الوزن نقصاً شديداً. ويجب قياس الوزن والطول لحساب منسب كتلة الجسم. قد تُظهر من العلامات الحيوية: بطء القلب، وهبوط ضغط الدم، وانخفاض حرارة الجسم قليلاً. وقد ينمو أحياناً شعر أملس (زغب)، وقد تحدث ثعلبة alopecia. قد تؤدي ضخامة الغدد اللعابية - التي تترافقها المخمصة إضافة إلى سرف الطعام والقياء - إلى جعل الوجه يبدو ممتلئاً بشكل مدهش مما يتنافى مع الهزال العام الجلي، ويشيع زراق الأصابع، ولكن قد تشاهد الوذمة المحيطية مع غياب نقص ألبومين الدم؛ ولاسيما حين تبدأ المريضة كسب الوزن. قد يؤدي تناول كميات كبيرة من الخضار الحاوية الڤيتامين A إلى اصفرار الجلد (فرط كاروتين الدم)، وهو ما يشاهد بوضوح على الراحتين.

الشذوذات المختبرية: يشيع حدوث فقر دم خفيف سوي الصباغ، إضافة إلى نقص الكريات البيض نقصاً خفيفاً إلى متوسط، مع انخفاض لا متناسب في الكريات البيض كثيرات النوى. قد يؤدي التجفاف إلى زيادة مستويات نتروجين اليوريا الدموية والكرياتينين زيادة خفيفة. وقد تزداد مستويات ناقلات الأمين في المصل، ولاسيما في أثناء المراحل الباكرة من إعادة الأكل. يكون مستوى بروتين المصل سوياً عادة. وغالباً ما يكون سكر الدم منخفضاً، وقد يكون كولستيرول المصل مرتفعاً ارتفاعاً خفيفاً. يشير قلاء نقص بوتاسيوم الدم إلى القياء المُحرض أو استعمال المدرات. ويشيع حدوث نقص صوديوم الدم، وقد ينجم عن زيادة تناول السوائل واضطراب إفراز الهرمون المضاد للإدرار.

الشذوذات الصَّمَّاويّة: يتغير تنظيم كل الجُمل الصماوية تقريباً في القهم العصابي، لكن أبرز التبدلات تحدث في جهاز التوالد. يكون الضهى amenorrhea (انقطاع الحيض) من منشأ وطائي، وسببه نقص إنتاج الهرمون المطلق لموجهة القند GnRH. ويسبب عوز موجهة القند انخفاض إستروجين البلازما عند النساء ونقص التستوستيرون عند الرجال.

تنخفض مستويات ليبتين المصل leptin على نحو بارز في القهم العصابي نتيجة نقص التغذية ونقص كتلة دُهن الجسم. ويبدو أن نقص الليبتين هو العامل الأول المسؤول عن اضطرابات محور الوطاء - النخامى - القند، ووسيط مهم في الشذوذات العصبية الصماوية الأخرى المميزة للقهم العصابي.

الخواص الشائعة للقهم العصابي والنهام العصابي

 

القهم العصابي

النهام العصابي

الخواص السريرية

البدء

منتصف المراهقة

المراهقة المتأخرة/بداية البلوغ

الإناث : الذكور

10 : 1

10 : 1

انتشاره طوال حياة النساء

1-3٪

الوزن

منخفض بشكل بوضوح

سوي عادة

الطمث

غائب

سوي عادة

سرف الأكل

25-50٪

ضروري للتشخيص

الوفيات

~ 5٪ لكل عقد

منخفض

الموجودات الجسدية والمختبرية آ

الجلد/الأطراف

الزغب

 

 

زراق الأطراف

 

 

الوذمة

 

الجملة القلبية الوعائية

بطء القلب

 

 

انخفاض ضغط الدم

 

الجملة المعدية المعوية

ضخامة الغدد اللعابية

ضخامة الغدد اللعابية

 

بطء إفراغ المعدة

تآكل الأسنان

 

الإمساك

 

 

ارتفاع إنزيمات الكبد

 

الجملة المولدة للدم

فقر دم سوي الصباغ، سوي الكريات

 

 

قلة الكريات البيض

 

السائل/الكهرليات

زيادة نيتروجين اليوريا الدموية، الكرياتينين

نقص بوتاسيوم الدم

 

نقص بوتاسيوم الدم

نقص كلور الدم

 

 

قلاء

الغدد الصماوية

نقص سكر الدم

 

 

نقص الإستروجين أو التستوستيرون

 

 

انخفاض LH و FSH

 

 

التيروكسين منخفض – سوي

 

 

سواء الهرمون المنبة للدرقية TSH

 

 

زيادة الكورتيزول

 

العظم

قلة العظم osteopenia

 

الجدول (3)

 

يزداد هرمون النمو، لكن ينخفض عامل النمو 1 المشابه للإنسولين IGF-1، والذي ينتج بصورة رئيسية من الكبد، كما هي الحال في الحالات الأخرى للمخمصة. ومنوالياً، يلاحظ في القهم العصابي نقص كثافة العظم، وهو يعكس تأثير الأعواز التغذوية المتعددة. تتناسب درجة نقص الكثافة العظمية مع فترة المرض، وتتعرض المريضات لخطر حدوث كسور عرضية. وقد يؤدي القهم العصابي خلال المراهقة إلى توقف مبتسر (باكر) لنمو العظم الخطي وفشل الوصول إلى الطول المتوقع للبالغ.

الشذوذات القَلْبِيّة: يقل نتاج القلب، ويحدث فشل القلب الاحتقاني في حالات نادرة خلال إعادة التغذية السريعة. وفي العادة يبدي تخطيط كهربائية القلب بطء القلب الجيبي ونقص فولتاج مركب QRS، وشذوذات لا نوعية في موجة ST-T.

التشخيص: يقوم تشخيص القهم العصابي على وجود صفات مميزة سلوكية ونفسية وجسدية (الجدول 4). وقد ذكرت المعايير التشخيصية المقبولة على نطاق واسع في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية DSM-IV للجمعية النفسية الأمريكية. تشمل هذه المعايير وزن > 85% من المتوقع نسبة إلى العمر والطول، وهو ما يساوي تقريباً منسب كتلة الجسم 18.5/م2 للبالغات. يعدّ معيار الوزن هذا اعتباطياً نوعاً ما إذ إن المريضة التي تفي بجميع المعايير التشخيصية الأخرى - لكنها تزن بين 85-90% من الوزن المتوقع - تبقى ضمن تشخيص القهم العصابي. تتطلب المعايير التشخيصية الحالية انقطاع الحيض العفوي في المصابات بالقهم العصابي، لكن بعض المصابات بأعراض القهم العصابي ومُضاعفاته يبقى حيضهن منتظماً. وقد حدد للقهم العصابي نمطان فرعيان مُتبادلان استثنائيان في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية DSM-IV للجمعية النفسية الأمريكية. فالمريضات اللاتي تتم المحافظة عندهن على نقص الوزن بإنقاص المدخول الحروري يصبن بنمط ثانوي "مُقيّد" من القهم العصابي. أما نمط "شراهة الأكل binge eating" فيتميز بفرط الأكل وتحريض القياء الذاتي أو سرف استخدام المسهلات. المصابات بالنمط السرف/الإسهال منهن معرضات أيضاً للإصابة باضطرابات كهرلية، وهنّ أكثر تقلقلاً من الناحية الانفعالية، وأكثر ميلاً لإظهار مشاكل أكثر مع السيطرة على الاندفاع، مثل سرف المخدرات.

الملامح التشخيصية للقهم العصابي

رفض المحافظة على وزن الجسم عند الوزن السوي الأدنى نسبة للعمر والطول أو فوق هذا الوزن (ويشمل هذا الفشل في الوصول إلى كسب الوزن المتوقع خلال فترة النمو مما يؤدي إلى انخفاض وزن الجسم انخفاضاً شاذاً).

خوف شديد من كسب الوزن أو أن يصبح الشخص بديناً.

تشوه صورة الجسد (كالشعور بالسمنة رغم انخفاض الوزن عملياً أو تخفيف خطورة انخفاض الوزن).

الضهى.

الجدول (4)

 

يكون وضع تشخيص القهم العصابي موثوقاً في مريضة تحمل قصة نقص وزن يرافقه نظام غذائي مقيد وتمارين زائدة مع كره واضح لكسب الوزن. غالباً ما تنفي المصابات بالقهم العصابي إصابتهن بمشكلة خطيرة، وقد يؤتى بهن للعناية الصحية من أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء المهتمين. وفي التظاهرات اللانمطية، يجب التفكير بالأسباب الأخرى لنقص الوزن الواضح عند شباب كانوا أصحاء قبل ذلك، بما فيها داء الأمعاء الالتهابي، وانسداد مخرج المعدة، والداء السكري، وأورام الجملة العصبية المركزية، أو السرطانات.

الإنذار: يكون سير القهم العصابي ونتائج معالجته متفاوتاً كثيراً. فربع المريضات إلى نصفهن يشفين تماماً في النهاية، مع بعض العقابيل النفسية أو الجسدية. لكن تبدو في كثير من المريضات صعوبات مستمرة مع المحافظة على الوزن مثل الاكتئاب واضطرابات الأكل بما فيها النهام العصابي. نادراً ما تحدث السمنة بعد القهم العصابي. أما معدل الوفيات على المدى البعيد فيكون عالياً عند من يظهرن أي اضطراب نفسي. يموت نحو 5% من المريضات خلال كل عقد من المتابعة، وربما كان ذلك بسبب التأثيرات الجسدية للمخمصة المزمنة أو الانتحار.

عملياً، تتحسن جميع الشذوذات الفيزيولوجية المترافقة مع القهام العصابي على نحو ملحوظ أو تختفي مع كسب الوزن. والاستثناء المزعج هو نقص كتلة العظم الذي قد لا يشفى كاملاً، ولاسيما عندما يحدث القهم العصابي خلال المراهقة في الوقت الذي يتم فيه الوصول في الحالة السوية إلى ذُروة كتلة العظم.

مُعالجة القهم العصابي:

هناك إجماع واسع على أن استعادة الوزن إلى 90% على الأقل من الوزن المتوقع هو الهدف الأول في معالجة القهم العصابي. ولكن لسوء الحظ، يقاوم أغلب المرضى هذا الهدف. والعادة أن يبالغ المرضى بذكر ما يتناولون من الطعام، ويخففون أعراضهم. ويلجأ بعض المرضى للاحتيال كي تبدو أوزانهم أعلى، كشرب الماء بكثرة قبل وزنهم. قد يكون مفيداً للطبيب أن يستغل مخاوف المريض الجسدية (كتخلخل العظم، أو الضعف، أو العقم) ويقوم بتثقيفه حول أهمية إسواء الحالة التغذوية؛ كي تتم مواجهة هذه المخاوف. يجب أن يؤكد الطبيب للمريض أن كسب الوزن لن يصبح "خارج السيطرة"، ويؤكد في الوقت نفسه أن استعادة الوزن ضرورة طبية ونفسانية.

الشكل (2)
مخطط ترسيمي لقرارات المعالجة الأساسية للمرضى المصابين بالقهم العصابي أو النهام العصابي بحسب توصيات الرابطة النفسية الأمريكية لمعالجة المرضى المصابين باضطرابات الأكل. ورغم أنه قد يتم التفكير بتدبير المرضى الخارجيين المصابين بالقهم العصابي الذين يزنون أكثر من 75% من المتوقع، يجب أن تكون هناك عتبة منخفضة لاستخدام التداخلات الأشد إذا كان نقص الوزن سريعاً أو إذا كان الوزن الحالي <80% من المتوقع

يتوجب التفكير بالاستشفاء جدياً للمرضى الذين يقل وزنهم عن 75% من الوزن المتوقع، حتى لو كانت نتائج الدراسات الدموية المنوالية ضمن الحدود السوية. ويمكن غالباً الوصول إلى الاستعادة التغذوية بنجاح بالإطعام الفموي، ونادراً ما توجد ضرورة للمعالجة زرقاً. تجب مراقبة الوجبات، ويكون ذلك بصورة نموذجية من قبل أفراد صارمين فيما يتصل بأهمية تناول الطعام، ومتعاطفين فيما يتصل بالتحديات التي تتم مواجهتها، ويعيدون الطمأنينة فيما يتصل بالشفاء النهائي للمريض. يبدي المرضى صعوبات نفسانية شديدة في الاستجابة للحاجة إلى زيادة السعرات، وتكون مساعدة الأطباء النفسانيين واختصاصيي علم النفس على معالجة القهم العصابي أمراً ضرورياً عادة.

يمكن معالجة المرضى الأقل إصابة من حيث الشدة في برنامج استشفاء جزئي تتاح فيه المراقبة الطبية والنفسية، ويمكن مراقبة تقديم عدة وجبات كل يوم. تجب مراقبة الوزن بفواصل متقاربة، وتحديد أهداف واضحة فيما يتعلق بكسب الوزن، مع معرفة أن المعالجة الأكثف قد تكون ضرورية إذا كان مستوى الرعاية المستخدم في البداية غير ناجح. أما للمرضى الأصغر سناً، فتكون مشاركة الأسرة الفعالة في المعالجة أمراً ضرورياً بغض النظر عن موقع هذه المعالجة.

تركز المعالجة النفسية بصورة أولية على مسألتين: أولاً- يحتاج المرضى إلى كثير من الدعم العاطفي في أثناء فترة كسب الوزن. وغالباً ما يوافق المرضى من الناحية الفكرية على الحاجة إلى كسب الوزن، لكنهم يقاومون بصورة عنيفة زيادة تناول السعرات، وغالباً ما يتخلصون خلسة من الطعام المقدم لهم. ثانياً- يجب أن يتعلم المرضى ألا يرتكز تقديرهم لذاتهم على الوصول إلى وزن منخفض على نحو غير مناسب، بل على تطور علاقات شخصية مُرضية، وإحراز أهداف مهنية معقولة. وفي حين يكون هذا الأمر ممكناً غالباً؛ فإن بعض المرضى المصابين بالقهم العصابي يظهرون أعراضاً أخرى خطرة انفعالية وسلوكية كالاكتئاب وتشويه الذات وسلوك وسواسي - قهري، والتفكير بالانتحار. قد تتطلب هذه الأعراض مُداخلات علاجية إضافية على شكل معالجة نفسية ودوائية، أو استشفاء.

تحدث المُضاعفات الطبية أحياناً في أثناء إعادة الإطعام. ولاسيما في المراحل الباكرة من المعالجة، حين يبدي المصابون بسوء التغذية "متلازمة إعادة الإطعام" التي تتميز بنقص فسفات الدم، ونقص مغنيزيوم الدم، وعدم استقرار قلبي وعائي. وقد وصف حدوث تمدد المعدة الحاد عندما تكون إعادة الإطعام سريعة. يتوجب إعطاء الڤيتامينات العديدة، كما يجب إعطاء مقدار كافٍ من الُيتامين د (400 وحدة/يوم) والكلسيوم (1500 ملغ/يوم) لتخفيف ضياع العظم.

لا توجد قيمة مثبتة للأدوية نفسية التأثير في معالجة القهام العصابي؛ ويمنع استعمال مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات حين وجود تطاول فاصلة QTc في تخطيط كهربائية القلب. لا تحتاج تبدلات استقلاب الكورتيزول وهرمون الدرقية إلى معالجة نوعية، ويتم تصحيحها باكتساب الوزن.

2- النهام العصابي :bulimia nervosa

الوبائيات: تحدث المتلازمة الكاملة للنهام العُصابيّ عند النساء في أثناء العمر كله بنسبة 1-3%. تكون أنواع هذا الاضطراب - كسرف الأكل النوبي episodic أو الشراهة - أكثر شيوعاً بكثير، ويحدث عند 5-10% من الشابات. وقد ازداد انتشار النهام العصابي على نحو مفجع في بداية السبعينيات والثمانينيات، لكنه أصبح يتوازن أو ينخفض نوعاً ما في السنوات الأخيرة.

السببيات: كما في القَهَم العُصابِيّ، تميل سببيات النُّهام العَصَبِيّ إلى أن تكون متعددة العوامل. إذ يكون انتشار السمنة في طفولتهم أعلى من المتوقع وكذا عند الوالدين، مما يشير إلى أن أهبة السمنة تزيد التعرض لهذا الاضطراب الأكلي. وتشير الزيادة الواضحة في حالات النهام العصابي خلال السنوات 25 الأخيرة وندرة النهام العصابي في الدول غير المتحضرة إلى شأن العوامل الثقافية.

الملامح السريرية:  المريض النمطي الذي يتقدم للمعالجة من النهام العصابي امرأة سوية الوزن في منتصف العقد الثالث من العمر تذكر سرف الأكل والإسهال 5-10 مرات بالأسبوع لمدة 5-10 سنوات (الجدول 5). يبدأ الاضطراب في نهاية اليفع أو بداية البلوغ في أثناء الحمية أو بعدها؛ مترافقاً غالباً ومزاجاً اكتئابياً. يؤدي تقييد الكالوري المفروض على الذات إلى زيادة الجوع وفرط الأكل. وفي محاولة تجنب زيادة الوزن، يحرض المريض حدوث القياء، ويتناول الملينات أو المدرات، أو يندمج في شكل ما من السلوك المعاوض. خلال سرف الأكل binge، تميل مريضات هذا الاضطراب إلى استهلاك كميات كبيرة من السكريات مع محتوى عالٍ من الدهن، كالحلويات. وتكون أكثر السلوكيات المعاوضة شيوعاً القياء المحرض ذاتياً وسرف الملينات. قد يشعر المرضى في البداية بحس ارتياح اعتقاداً أن الطعام المشتهى قد يؤكل دون كسب الوزن. ولكن - مع تقدم الاضطراب - يدرك المرضى نقص السيطرة على الأكل. يزداد سرف الأكل حجماً وتواتراً، ويتحرض بعدد من المنبهات، كالاكتئاب العابر والقلق. وبين فترات سرف الأكل، يحد المرضى من تناول السعرات، وهو ما يزيد الجوع ويطلق مرحلة السرف التالية. يخجل المرضى المصابون بالنهام العصابي من سلوكهم، ويسعون إلى إبقاء اضطرابهم خافياً عن العائلة والأصدقاء. وكما هي الحال عند مرضى القهم العُصابي، يركز مرضى النهام العصابي على الوزن والشكل كأساس لتقديرهم لذاتهم. يبدي كثير من المريضات المصابات بالنهام العصابي أعراضاً خفيفة من الاكتئاب. وتبدي بعضهن اضطرابات خطرة مزاجية وسلوكية، كمحاولات الانتحار، أو اتصال جنسي لا شرعي، أو سرف العقاقير والكحول. ومع أن القياء قد يتحرض في البداية بالتنبيه اليدوي لمنعكس القياء؛ فإن أغلب المريضات المصابات بالنهام العصابي يبدين القدرة على تحريض القياء إرادياً. تلجأ المريضات كثيراً إلى تناول الملينات والمدرات بكميات كبيرة، 30 أو 60 قرصاً مليناً دفعة واحدة. يؤدي النقص الناتج في السائل إلى حدوث تجفاف وشعور بالجوع مع تأثير ضئيل في توازن الكالوري.

الملامح التشخيصية للنهام العصابي

نوب راجعة من سرف الأكل، تتميز باستهلاك كمية كبيرة من الطعام في أثناء فترة قصيرة من الزمن والشعور بأن الأكل خارج عن السيطرة.

سلوك راجع غير مناسب للتعويض عن سرف الأكل، كالقياء المحرض ذاتياً.

حدوث سرف الأكل مع سلوك التعويض غير المناسب على الأقل مرتين أسبوعياً، بشكل وسطي، لمدة 3 أشهر.

المغالاة في الاهتمام بشكل الجسم والوزن.

ملاحظة: إذا لوحظت المعايير التشخيصية للقهم العصابي في الوقت نفسه، يوضع فقط تشخيص القهم العصابي.

(الجدول رقم5)

 

تنجم الشذوذات الجسدية المترافقة والنهام العصابي بصورة أولية عن الإسهال. وقد تلاحظ ضخامة الغدد اللعابية غير المؤلمة في الجانبين (داء الغدد اللعابية). وقد تحدث ندب أو أثفان على ظهر اليد ناجمة عن الرضح المتكرر من الأسنان عند المرضى بسبب التنبيه اليدوي لمنعكس القياء. يؤدي القياء المتكرر وتعرض السطوح اللسانية للأسنان لحمض المعدة إلى فقد ميناء الأسنان، وفي النهاية إلى تشظي الأسنان الأمامية وتآكلها. ومما يثير الدهشة ندرة الشذوذات المختبرية، وأحياناً يلاحظ نقص بوتاسيوم الدم، ونقص كلور الدم، ونقص صوديوم الدم. قد يؤدي القياء المتكرر إلى القلاء، أما السرف المتكرر في الملينات فقد يؤدي إلى حماض استقلابي خفيف.

تندر المضاعفات الجسدية الخطيرة الناجمة عن النهام العصابي. إذ تكون ندرة الطموث والضهى أكثر شيوعاً مما هي عليه عند النساء غير المصابات بهذا الاضطراب. تحدث اضطرابات النظم أحياناً تالية لاضطرابات كهرلية (شاردية). وتبدو وذمة محيطية عابرة في بعض المرضى الذين يسرفون مدة طويلة في تناول الملينات والمدرات.

التشخيص: الملامح التشخيصية المهمة للنهام العصابي هي النوب المتكررة من الأكل السرَفِيّ يتلوه سلوك غير مناسب وشاذ يهدف لتجنب كسب الوزن (الجدول 5). يتطلب تشخيص النهام العصابي قصة صريحة يقدمها المريض يشرح فيها حدوث حوادث متكررة من السرف الشديد للأكل، يتلوها استعمال آليات غير مناسبة لتجنب زيادة الوزن. يكون أغلب المرضى المصابين بالنهام العصابي والذين يتقدمون للمعالجة حزينين لعدم قدرتهم على السيطرة على سلوكهم الأكلي.

وكما في القهم العُصابي، يوجد نمطان من النهام العصابي. فالمرضى من النمط الأول الإسهالي يستخدمون سلوكيات معاوضة تخلصهم مباشرة من سعرات الجسم أو سوائله (كالقياء المفتعل، أو استعمال الملينات، أو سرف المدرات)، أما مريضات النمط الثاني "غير الإسهالي" فيحاولن المعاوضة عن فترات السرف بالصيام أو كثرة التمارين الجسدية.

الإنذار: إنذار النهام العصابي أفضل بكثير من إنذار القهم العصابي. الوفيات منخفضة، ويحدث شفاء كامل عند نحو 50% من المرضى خلال 10 سنوات. يبدي نحو 25% من المرضى أعراضاً مستمرة للنهام العصابي خلال سنوات كثيرة. ويتطور قليل من المريضات من النهام العصابي إلى القهم العصابي.

معالجة النهام العصابي: يمكن معالجة النهام العصابي دون استشفاء. وتكون المعالجة المعرفية السلوكية معالجة نفسانية قصيرة الأمد (4-6 أشهر) تركز على اهتمام شديد بالشكل والوزن، ونظام غذائي مستمر، وسرف الأكل والمسهلات التي تميز هذا الاضطراب. يوجه المرضى نحو مراقبة الظروف والأفكار والمشاعر المرافقة لنوبات السرف/الإسهال، والأكل بانتظام، وتحدي تخيلاتهم التي تربط الوزن مع تقدير الذات. تؤدي المعالجة المعرفية السلوكية إلى هدأة الأعراض عند 25-50% من المرضى.

أثبتت تجارب كثيرة مزدوجة التعمية، أن الأدوية مضادة الاكتئاب تفيد في معالجة النهام العصابي مقارنة بالدواء الغفل، ولكنها ربما كانت أقل فعالية من المعالجة المعرفية السلوكية. وقد رخصت إدارة الأدوية والأغذية الأمريكية الفلوكسيتين fluoxetine (بروزاك) الذي يعيد قبط السيروتونين انتخابياً للاستعمال في النهام العصابي. تفيد الأدوية المضادة للاكتئاب حتى عند المرضى المصابين بالنهام العصابي غير المصابين باكتئاب، وتكون جرعة الفلوكسيتين المستطبة لمعالجة النهام العصابي (60 ملغ/يوم) أعلى مما هو مستخدم بصورة نمطية لمعالجة الاكتئاب. تشير هذه الملاحظات إلى أن آليات مختلفة قد تستبطن استخدام هذه الأدوية في النهام العصابي وفي الاكتئاب.

لا تستجيب فئة من المرضى للمعالجة المعرفية السلوكية، أو الدواء المضاد للاكتئاب، أو مشاركتهما. وقد تكون هناك حاجة إلى أشكال أكثف من المعالجة بما فيها الاستشفاء.

 

 

التصنيف : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
النوع : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 217
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 557
الكل : 31770897
اليوم : 46358