logo

logo

logo

logo

logo

الرعاف

رعاف

epistaxis - épistaxis

الرعاف

عبد الرزاق اليوسفي

التروية الدموية
أسباب الرعاف
المعالجة
   

الرعاف epistaxis أحد أكثر الحالات الإسعافية - التي تراجع عيادة طب الأنف والأذن والحنجرة - شيوعاً مما يوجب على كل طبيب ممارس أن يكون على دراية بطريقة التعامل معه والقيام بالتدابير الأولية على الأقل. والرعاف ليس مرضاً بذاته وإنما هو عرض لحالة مرضية قد تكون ذات منشأ موضعي أو جهازي، وكثيراً ما يكون عرضاً عابراً لا يحتاج في تدبيره سوى إلى بعض الأدوات والمعدات البسيطة مع قليل من الخبرة السريرية، وقليلاً ما يتطور إلى حالة مربكةٍ صعبة التدبير تتطلب الاستشفاء وربما يضطر إلى تدبيره تحت التخدير العام.

الرعاف نزف دموي من داخل الأنف في جانب واحد أو في الجانبين، ذلك لأن أوعية الحاجز الأنفي septum تكون مستورة بغشاء مخاطي رقيق فقط فتكون لذلك عرضة للتمزق والنزف لأقل رض.

تتوضع 90% من حالات الرعاف في منطقة ليتل Little  أو ضفيرة كيسيلباخ Kiesselbach’s plexus التي تؤلف القسم الأمامي السفلي من الحاجز الغضروفي للأنف (الوتيرة)، وقد يحدث النزف من منطقة فوق المحارة (القرين) المتوسطة middle turbinate، أو من الناحية الخلفية للأنف وذلك من شعب الشريان الوتدي الحنكي sphenopalatine، والحالتان الأخيرتان تشاهدان غالباً في ارتفاع الضغط الشرياني.

التروية الدموية :blood supply

ينحصر الرعاف الأنفي بين الشريان السباتي الباطن internal carotid الذي يعطي الشريان العيني ophthalmic ويتفرع منه كل من الشريان الغربالي الأمامي anterior ethmoidal والشريان الغربالي الخلفي posterior ethmoidal، وهما أساس التروية الدموية للقسم العلوي للأنف أعلى الصماخ meatus المتوسط، وبين الشريان السباتي الظاهر external carotid وتفرعاته؛ وهي الفكي الباطن internal maxillary وفروعه وهو يتفرع إلى الوتدي الحنكي, والحنكي الكبير greater palatine التي تروي القسم السفلي للجدار الوحشي للجوف الأنفي والقسم الخلفي والأمامي السفلي للحاجز الأنفي الغضروفي، إضافة إلى الشريان الشفوي العلوي (فرع الشريان الوجهي)، إذ إنها متصلة بعضها ببعض بتفاغرات متعددة وتكوِّن الضفيرة الوعائية في القسم الأمامي السفلي للغضروف وتسمى باسم منطقة كيسيلباخ أو ليتل التي تكون معرضة للعوامل المختلفة التي تجعلها أكثر عرضة للنزف.

 
الشكل (2)   الشكل (1)

التشخيص التفريقي:

مع صعوبة التباس سبب خروج الدم عبر الأنف بحسب مسبباته المختلفة إلا أنه يجب تفريقه عن حالات النفث الدموي الذي رافقه سعال، وعن النزف الهضمي المنشأ كما في دوالي المريء وقرحة المعدة، علماً أن الرعاف الغزير قد يرافقه تقيؤ خثرات من الدم بسبب ابتلاع المريض الدم في أثناء الرعاف.

أسباب الرعاف:

تندرج معظم أسباب الرعاف تحت صنفين رئيسيين موضعية وجهازية.

1- الأسباب الموضعية:   

أ- أسباب رضية: تعدّ محاولة تنظيف الأنف بالأظفار وخاصة عند الأطفال أحد أكثر أسباب الرعاف التي تراجع العيادة الأذنية ويمكن رؤيتها في بعض كبار السن أحياناً.

- تأتي بالدرجة الثانية الرضوض الأنفية المباشرة (بسبب كسر عظام الأنف أو الحاجز الأنفي الغضروفي)، أو غير المباشرة بسبب كسور عظام الوجه، وقد يحدث الرعاف الرضي من دون حدوث كسر أحياناً بسبب حدوث سحجات على مخاطية الحاجز الأنفي الغضروفي، أما كسور قاعدة الجمجمة فقد تؤدي إلى نزف يختلط فيه الدم مع السائل الدماغي الشوكي cerebrospinal fluid (CSF).

- النزوف الأنفية التالية للجراحة (تقويم الحاجز الأنفي، خزع المحارات، التداخل على الجيوب الأنفية، التجميل…)، أو التالية لوجود جسم أجنبي في الأنف ولاسيما في الأطفال وتتميز بوجود رائحة كريهة وسيلان مخاطي مدمى من إحدى الفتحتين الأنفيتين.

- وتلحق بالمسببات الرضية للرعاف حالات قليلة المصادفة كالرعاف بعد نفخ الأنف بشدة أو العطاس أو السعال.

ب- أسباب التهابية: وتعد من الأسباب قليلة الحدوث نسبياً. قد يحدث الرعاف في سياق التهاب الأنف الحاد أو المزمن أو التهاب الأنف الضموري، إذ تحتقن المخاطية الأنفية وتنزف لأقل رض.

وقد تسبب الحميات رعافاً في حالات قليلة كالحمى التيفية والرثوية والإفرنجي والنزلة الوافدة.

ج- أسباب ورمية: كثيراً ما يكشف الرعاف وجود ورم سليم أو خبيث في الحفرتين الأنفيتين أو الجيوب أو البلعوم الأنفي وقد يكون العرض السريري الأول فيه.

د- أسباب بيئية: وتشمل الأسباب المؤدية إلى حدوث جفاف في مخاطية الأنف أو انخفاض في الضغط الجوي المحيط.

والأولى تتضمن التعرض للهواء البارد والجاف، والتدفئة المركزية، والتعرض لأشعة الشمس فترة طويلة، والوجود في وسط منخفض الرطوبة، وكلها تؤثر في هشاشية الأوعية الأنفية، علماً بوجود حالات قليلة من الرعاف بسبب جفاف مخاطية الأنف نتيجة وجود انحراف في الحاجز الغضروفي الأنفي.

أما الثانية فتشمل الارتفاع في الجو حين الطيران أو تسلق الجبال أو السكن في المرتفعات.

هـ- مجهولة السبب: إذ ترجع كثير من المراجع بعض حالات الرعاف إلى استعداد ذاتي أو تقول إنها مجهولة السبب.

2- الأسباب الجهازية:

أ- يعد ارتفاع الضغط الشرياني المسبب الأهم للرعاف بين البالغين، وليس من الضروري أن يكون هو السبب البدئي وإنما قد يكون محفزاً على إطالة زمن الرعاف إن حصل بسبب عامل آخر، وكذلك ارتفاع الضغط الوريدي بسبب قصور القلب الاحتقاني.

ب- الأمراض الدموية: التي يحدث فيها اضطراب التخثر: ابيضاض الدم والناعور والفرفريات الدموية ونقص     الصفيحات ونقص تنسج hypoplasia النقي وفقر الدم المنجلي والأهبة النزفية الخلقية (داء ڤون ويليبراند)                                 Von Willebrand’s disease.

ج- الأمراض الوعائية: وأبرزها مرض أوسلر ويبر :Osler Weber disease وهو اسم متلازمة التوسع الوعائي النزفي الوراثي الذي تتكون فيه أورام وعائية صغيرة في مختلف أنحاء الجسم، ومنها مخاطية الأنف، تضعف فيها الطبقة الوسطى للأوعية الشعرية وتنزف لأقل رض بسبب شذوذ في جُدُر هذه الأوعية؛ وكذلك أمراض التصلب الشرياني العصيدي.

د- أسباب غدِّية: كحدوث الرعاف في بعض حالات اضطراب الطمث في النساء، وبعض حالات القصور الدرقي.

هـ- أسباب دوائية: وتشمل الأدوية المميعة للدم كالإسبرين، ومضادات الالتهاب اللاستروئيدية وتيوريدازين والكلور بيدوغريل ومعالجة الأورام الكيميائية واستعمال مرذات الكورتيزون الأنفية لفترة طويلة.

و- أسباب استقلابية: كما في قصور الكلية وأمراض الكبد التي تؤثر في عوامل التخثر في الدم كنقص البروترومبين، وعوز الڤيتامين K-C، واضطراب تشكل الليفين.

ز- أسباب مناعية: الساركوئيد والتدرن وداء ڤيغنر Wegener disease.

المعالجة:

يجب أن تكون الغاية من تدبير الرعاف إيقاف النزف في البدء ثم معالجة السبب إن وجد.

من الضروري بداية تهدئة المريض وطمأنته ومرافقيه وهي تعدّ عاملاً أساسياً في السيطرة على الرعاف وتسهيل عمل الطبيب.

التدبير الفوري: المفتاح الأساسي لتدبير حالة الرعاف الفعال هو تطبيق الضغط على جناحي الأنف بالإبهام والسبابة أو بضغط الجهة النازفة بالإبهام مدة خمس إلى عشر دقائق والمريض جالس بوضعية الانحناء للأمام والتنفس عبر الفم، يفضل عدم البلع لكي لا يحدث قياء، ووضع ضماد مثلج على جبين المريض إن أمكن.

 
الشكل (4) دك أمامي مع قثطرة فولي بدل الدك الخلفي   الشكل (3) دك أمامي خلفي للحفرة الأنفية  

وبالإمكان استغلال هذه الفترة في تحري أسباب الرعاف عبر إجراء تقييم سريع للمريض وأخذ قصة سريرية سريعة للوقوف على سبب  الرعاف إن أمكن، وإذا كان النزف شديداً أو إذا ذكر المريض عن خسارة كمية كبيرة من الدم أو لاحظ الطبيب وجود أعراض صدمة نزفية كالشحوب والتعرق أو علاماتها كتسرع النبض وهبوط الضغط الشرياني، يفضل الإسراع بفتح وريد وإجراء التحاليل اللازمة مع التصالب وتحديد مدى ضرورة إجراء نقل الدم.

بعد التخفيف من حدة الرعاف ينظف الأنف وتستخرج الخثرات الدموية المتكونة بوساطة الممص، ويمكن الاستعانة بدكات قطنية مشبعة بمخدر موضعي مع مقبض وعائي تملأ جوف الأنف وتزال بعد عشر دقائق، وغالباً ما يتوقف الرعاف وخاصة الرعاف الأمامي بعد هذه الإجراءات.

بعد توقف الرعاف المؤقت هذا يفتش عن الوعاء النازف ضمن الأنف ويخثر بالكاوي الكيميائي (مثل حمض الخل المكثف أو حمض الكروم أو نترات الفضة أو بلوراتها) تطبق على المنطقة الصغيرة النازفة، أو يجرى التخثير الكهربائي أو التخثير بالليزر، بحسب تقدير الطبيب المعالج وعمر المريض. مع الانتباه لعدم رض الصفاق الغضروفي أو غضروف الحاجز الأنفي، كما يفضل عدم إجراء الكي بالطرفين في وقت واحد سواء كيميائياً أم كهربائياً كي لا يثقب مكان الكي. علماً أنه يفضل عدم اللجوء إلى التخثير في المصابين بالأمراض الدموية واضطرابات التخثر الدموية.

وفي حالات محددة قد لا يفيد إجراء الكي بسبب ارتفاع الضغط الشرياني وبعض حالات النزف الخلفي؛ فيلجأ إلى دك الأنف دكاً مؤقتاً.

تبقى نسبة قليلة من الحالات لا تتم فيها السيطرة على النزف بالإجراءات السابقة، ويستمر النزف عبر البلعوم الفموي، وذلك في حالة النزف الخلفي الذي يسببه أحد الفروع الخلفية للشريان الوتدي الحنكي، ويتم تدبير هذه الحالة باستعمال الدك الخلفي بعد قبول المريض في المستشفى والقيام بالإجراءات اللازمة لنقل الدم إذا لزم الأمر، وكذلك من الضروري إعاضة عوامل التخثر المفقودة في الأمراض النزفية وإعطاء المرقئات مثل ڤيتامين C-K والستيروئيدات.

ويمكن إجراء الدك الخلفي باستعمال قثطرة فولي Foley catheter يتم نفخها بالهواء بحسب حجم البلعوم الأنفي أو يُدك بقطعة من الشاش بطريقة خاصة.

والحالات النادرة التي تستعصى على الطرق السابقة ويستمر فيها النزف غزيراً متكرراً تستوجب فحص الأنف فحصاً دقيقاً تحت التخدير العام، وقد يكون بالإمكان تدبير نقاط النزف الواضحة بالتخثير الكهربائي مباشرة أو باستعمال التنظير الأنفي ليساعد على دقة التخثير.

وإلا فقد يُضطر إلى التداخل الجراحي وذلك بإحدى الطرائق التالية:

1- ربط الشرايين المسؤولة عن النزف (الشريان الفكي الباطن والشريان الغربالي الأمامي أو الخلفي).

2- إصمام embolization الأوعية النازفة بمادة خاصة تحت المراقبة الشعاعية، وهو إجراء يحتاج إلى خبرة شعاعية خاصة.

3- وقد يفيد استئصال قسم من الغشاء المخاطي في داء Osler ووضع طعم جلدي بدلاً عنه، وإضافة إلى ذلك يمكن علاجه بالتبريد أو باستعمال الليزر.

 

   

 


التصنيف : أذن أنف حنجرة
النوع : أذن أنف حنجرة
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 442
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1089
الكل : 40488087
اليوم : 17902