logo

logo

logo

logo

logo

أورام الجهاز التناسلي عند المرأة

اورام جهاز تناسلي عند مراه

tumors of the genital system in woman - tumeurs du système génital chez la femme



أورام الجهاز التناسلي عند المرأة

 

صادق فرعون

سرطان الفرج
أورام المهبل الخبيثة
أورام الرحم الخبيثة
أورام المبيض الخبيثة
 

 

أولاً- سرطان الفرج:

سرطان الفرج نادر نسبياً فهو يمثّل 4% فقط من سرطانات الجهاز التناسلي عند المرأة. غالباً ما تسبقه إصابة بطلوان الفرج leucoplakia vulvae أو حكة فرجية مزمنة أو إصابة بالثآليل التناسلية (إصابة بڤيروس الورم الحُليمي البشري human papilloma virus) التي تعد من أسلاف هذا السرطان، كذلك يتهم التدخين والسمنة والإفرنجي وبقية الأمراض المنتقلة بالجنس بالتأهيب للإصابة به. 

الباثولوجيا:

مكان النشأة: غالباً ما يبتدئ في الشفر الكبير أو الشفر الصغير أو على البظر clitoris أو العجان، وأحياناً أول ما يوجه إليه ظهور عقدة لمفية أربية كبيرة.

تظاهراته المبكرة: أول ما يتظاهر:

1- بشكل عُقيدة أو كتلة مرتفعة من الخلايا على موضعٍ فيه طلوان.

2- أو بشكل شقٍ جاسٍ indurated fissure.

3- ونادراً بشكل جسمٍ حليمي: كثؤلولٍ wart عادي على سطح مخاطي. 

خواصه العيانية:

1- سرعة تقرّح العُقيدة: تكون القرحة ذات حوافٍ صلبة ومُلتفّة كما تكون قاعدتها متخشّرةsloughy   وسرعان ما تتقيّح على نحو ملحوظ.

2- وله شكل آخر هو الشكل الضخامي hypertrophic أو المتفاطر fungating أو النمط المتقرّح وهو أقلّها مشاهدة. بعد فترة من ظهوره قد يتضخم وينتشر إلى كامل الفرج كما قد ينتقل إلى العجان والفخذين.

ملامحه المجهرية: هو سرطان خلايا حرشفية squamous cell وصفي تماماً كما في أي أجزاء أخرى من الجسم. وهناك أورام كشمية anaplastic ولكنها أقلّ مشاهدة من الأورام المتمايزة differentiated.

انتشاره وتوضّعاته الثانوية:

1- غالباً ما يمتدّ بالانتشار المباشر إلى مجاوراته: المهبل والإحليل والشرج. يحدث تغلغله اللمفاوي على نحوٍ مبكر في العقد الأُربية في كلا الطرفين وفي العقد الأُربية العميقة. وفي مرحلة تالية تصاب العقد الحرقفية والفخذية. وتحدث هذه الاكتنافات في قرابة 30 بالمئة من الحالات.

2- كما لوحظ هذا الامتداد إلى الإحليل.

3- كذلك لوحظت نقائل غرسية implantation metastases في المناطق الأخرى من الفرج التي كانت بتماسٍ مع التقرح.

مظاهره السريرية: يشاهد عادة عند النساء المُسنّات؛ إذ تكون معظم حالاته فيمن عمرهن ما بين الـ 60 و70 عاماً.

يكون التقرح جاسياً (صلباً) ومؤلماً حتى في مراحله المبكرة، وتكون المفرزات مصلية في البدء وقيحية في المراحل المتقدمة. سرعان ما تتقرح الآفة البدئية وتنتشر إلى كامل الفرج، كما تتضخم العقد اللمفاوية الأربية حتى في المراحل المبكرة. يصبح التبول مؤلماً وعسيراً ثم انسدادياً عندما يبلغ التقرح صماخ البول. كذلك يغدو تخريش الطلوان أكثر إيلاماً بعدما يبدأ التحوّل الخبيث ويتقدّم سيره. أما النزف فهو إما زهيد وإما غائب. سرعان ما يظهر الدنف في وقت مبكر بسبب الألم والخمج الشديدين. أما الموت فهو غالباً نتيجة الإنهاك والدنف.

التشخيص: ليس صعباً إلا في مراحله المبكرة، وعندها يُفرّق عن:

1- القرحة الدرنية tuberculous ulcer.

2- القرح chancre.

3- الشقوق الطلوانية: من السهل أن يَغفل الفاحص عن التشخيص الحقيقي للمراحل المبكرة من التحول السرطاني في الطلوان؛ لذا فإن أسلم ما يفعله الطبيب إزاء أي شقٍ جاسٍ تأخر شفاؤه أن يلجأ إلى عملية استئصال الشق وإجراء الفحص المجهري.

4- قد يتضح أن أي ثؤلولٍ بسيطٍ في مظهره هو في الحقيقة سرطان في بدايته.

تصنيف المراحل  :staging

تبنّى الاتحاد الدولي للتوليد وأمراض النساء (FIGO) في عام 1969 تصنيفاً سريرياً لأورام الفرج دعاه بـ (TNM) الذي يرمز إلى درجة انتشار الورم tumour والعقد اللمفية nodes والانتشار البعيد metastasis، وهو مقسّم إلى خمس مراحل: الصفر (0) وهي السرطانة اللابدة carcinoma in situ ومن ثم المرحلة الأولى حتى الرابعة.

المعالجة: إن أي عقدة جاسية (متصلبةٍ) أو قرحة ولاسيما إذا ترافقت مع طلوان يجب استئصالها مع حواف كافية وإرسالها إلى الفحص النسيجي. كذلك إن أي أورام حليمية وحيدة يجب استئصالها مع قدرٍ كافٍ من حواف الجلد ومن القاعدة وإرسالها للفحص. فقد يتضح أن واحداً من أكثرها براءة في مظهره ما هو إلا سرطان بعد فحصه النسيجي. أما السرطانة اللابدة فهناك دراسات حديثة تدل على فائدة المعالجة الموضعية المديدة بمحّور الاستجابة المناعية  (imiquimod) immunoresponse modulator في تراجع الآفة وشفائها.

الأورام القابلة للبضع (أي التي لا تكون متثبتة أو التي لا يكون فيها الإحليل مصاباً إصابة واسعة) تعالج جراحياً:

- العمل الجراحي: يجب تحديد موقع الإحليل وبعدها استئصال الورم مع كامل الفرج استئصالا واسعاً مع حوافَ عريضة من الجلد ومن النسج العميقة. كما يجب استئصال العقد اللمفية الأربية كتلة واحدة واستئصال العقد الأربية العميقة. بعدها تخاط حواف الشقوق مع الإحليل وفوهة المهبل السفلية. وتعالج الحالات المبكرة جداً معالجة جراحية أقل اتساعاً وتستأصل العقد اللمفية في طرف الإصابة فقط؛ إذ يندر انتشار الورم إلى الجهة المقابلة في الحالات المبكرة.

- مصاعب العمل ومخاطره:

1- إذا كانت إصابة الإحليل واسعة فقد تجعل المحافظة عليه أمراً عسيراً ومضاد استطباب.

2- قد يكون النزف شديد الغزارة.

3- غالباً ما يحدث خمج تالٍ للعمل الجراحي.

4- قد يؤدي العمل الجراحي إلى صدمة عند النساء الهزيلات وقد يتلو ذلك ظهور هَبَلٍ شيخوخيsenile amentia .

الطريقة البديلة: تكون باستعمال مشرط الإنفاذ الحراري diathermy لنزع الفرج والعقد الأربية وترك هذه المناطق المسلوخة مفتوحة لتندمل بالتحبّب. من فوائد هذه الطريقة عند النساء المسنات والمنهكات قِصَر مدة المداخلة الجراحية وقلّة النزف وإنقاص احتمال حدوث الخمج. تندمل هذه السطوح المسلوخة والمعرّاة وتشفى على نحوٍ جيد. تُترك هذه العمليةُ المحدودة - التي قد تقتصر على استئصال الفرج وحده - للمريضات المسنات والمنهكات وعندما لا تكون هناك عقد لمفية مجسوسة.

الحالات غير القابلة للجراحة: يقتصر الأمر على تنظيفها بالجراحة أو بالمعالجة الكيميائية واستعمال الأشعة السينية. أما المعالجة بالراديوم فيتزايد اللجوء إليها مرفقة بالمعالجة الكيميائية ولاسيما في الحالات المتقدمة قبل العمل الجراحي وبعده إذا كانت العقد اللمفية مصابة.

الإنذار: سرطان الفرج ورم عالي الخبث، وقد يكون السبب غنى تروية الفرج الوعائية واللمفية، لذا تشتمل معالجته الجراحية على استئصال الفرج الواسع والجذري مع استئصال العقد الأربية والفخذية والحرقفية. أما النكس بعد استئصال الفرج البسيط فأمر مؤكد ما عدا في الحالات المبكرة جداً وفي النساء المسنات، كذلك فإن النكس شائع وسريع الظهور إن اقتصر الأمر على استئصال العقد اللمفية السطحية فقط.

يبلغ معدل البقيا لمدة خمس سنوات ما بين الحالات القابلة للبضع 70%، ويزداد الإنذار سوءاً كلما ازداد عدد العقد اللمفية المصابة حتى يبلغ 11% فقط فيمن ظهرت عندهن إصابة العقد اللمفية الحوضية. كذلك لوحظ أن الإنذار والبقيا أفضل ما بين النساء اللواتي عمرهن تحت الخمسين مقارنة بمن تجاوزنها.

ومن أورام الفرج:

1- الورم الميلانيني  :melanoma

ورم نادر في الفرج ولكنه يأتي في الوفرة بعد سرطانة الفرج. يبدأ من جديد de novo أو أنه يظهر على وحمة موصلية junctional nevus سابقة. يتظاهر كعقيدة مصطبغة وعميقة تنمو سريعاً وترتشح في العمق، تنشأ من بطانة الأوعية اللمفية المصطبغة للجلد. وهو عالي الخباثة وسرعان ما يسبب أوراماً نقيلية. يعالج باستئصال الورم الواسع مع العقد اللمفية الأربية. البقيا لمدة خمس سنوات تراوح ما بين الـ 21% و54% بحسب عمق الإصابة.

2- السرطانة الغدية (الأدينوكارسينوما):

ورم نادر ينشأ عادة من غدة بارتولان. يبدأ بشكل كتلة صلبة في الثلث الخلفي للشفر الكبير. سرعان ما ينتشر ويتقرّح. معالجته بالاستئصال الواسع للفرج مع العقد اللمفية الأربية في كلا الجانبين.

3- الساركومة:

عالية الندرة (1-2%) من بين أورام الفرج وهي متعددة الأشكال النسيجية.

ملامحها السريرية: تظهر في النساء ما حول الأربعين من العمر ولكنها قد تحدث أيضاً في أي عمر كما في الساركومة العنقودية عند الأطفال. تشبه في بداياتها الورم الليفي (فيبروما) ولكنها سرعان ما تتقرح وترتشح. معالجتها باستئصال الفرج الواسع وتليها المعالجة بالأشعة السينية العميقة. إنذارها سيئ جداً.

ثانياً- أورام المهبل الخبيثة:

1- سرطانة (كارسينوما) المهبل:

أورام المهبل الخبيثة الأولية نادرة جداً، وغالباً ما تأخذ شكل تقرحات صلبة وسرعان ما تنتشر إلى الإحليل أو المستقيم. أما الانتشارات الثانوية من سرطانة عنق الرحم الأولية فكثيرة المشاهدة في القسم العلوي من المهبل وهي تصنف ضمن سرطانة عنق الرحم. كذلك فإن الأورام التي تشمل الفرج والمهبل تصنّف ضمن سرطانة الفرج.

الشكل (1) سرطان المهبل

ملامحها السريرية: قد تحدث في أي عمر ولكنها تندر قبل الضهي. وتشاهد عادة ما بين سن الـ 60 و70. سببياتها غير واضحة وليست لها علاقة باستعمال الفرازج المهبلية pessary ولا بالتهاب المهبل الشيخوخي ولا برضوض المهبل في أثناء المخاض والولادة، ولكن يلاحظ تشاركها مع الإصابات السابقة بڤيروس الورم الحُليمي البشري (HPV). كما يبدو أن هناك حالات سابقة للسرطان تحدث في ظهارة المهبل vaginal  intraepithelial neoplasia (VAIN) وتشبه ما يحدث في عنق الرحم. كذلك شوهدت في 7.4% من المريضات اللواتي عولجن سابقاً باستئصال الرحم.

الباثولوجيا: معظمها (80%) من نوع السرطانة حرشفية الخلايا squamous cell carcinoma والأقلّ مشاهدة هي السرطانة الغدّية (9%) فالميلانوم فالساركومة.

الأعراض والتشخيص: تتوضع السرطانة في أي موضع من المهبل وعادة في الثلث العلوي من أحد الجدارين الأمامي أو الخلفي. تقتصر الأعراض على نجيج discharge مدمّى مدة عدة أشهر تتلوها آلام مسببة عن الانتقالات إلى المستقيم أو الإحليل مع ما يرافقها من زحير مستقيمي أو عُسر التبول. سرطانة المهبل نادرة الحدوث (0.6 في المئة ألف امرأة). يتم التشخيص بالمس المهبلي وبتنظير المهبل colposcopy وملاحظة التقرحات المتصلبة وأخذ خزعة منها وفحصها نسيجياً. أغلب الحالات التي شخصت في البدء على أنها سرطانة بدئية تبين فيما بعد أنها ثانوية لسرطانة رحمية أو عنق رحمية لم ينتبه لها، لذلك كان من الضروري مراقبة كل النساء المعالجات لسرطانة عنق الرحم أو الفرج بإجراء لطاخة بابانيكولاو دورياً ومستمراً. قام الاتحاد الدولي للتوليد وأمراض النساء بتقسيمها إلى أربع مراحل: في الأولى يتحدد الانتشار في جدار المهبل وفي الرابعة ينتشر الورم إلى ما وراء الحوض الحقيقي أو يصيب مخاطية المثانة أو المستقيم.

المعالجة: تعتمد على الفحص السريري والتفرّس المقطعي المُحوسب CT scan وصورة الصدر الشعاعية والعمر وحالة المريضة العامة. يندر أن يتمكن الطبيب من استئصالها إلا في المرحلة الأولى التي يجرى فيها استئصال مهبل جذري، والأغلب في الحالات المتقدمة أن تقتصر المعالجة على الإشعاع أو الراديوم علماً أن المقادير الكبيرة من كليهما قد تكون سبباً في حدوث تموت وتخشّرٍ في جداري المهبل والمستقيم.

المعالجة الجراحية: في سرطانة الجدار الخلفي يجب أن تشمل اجتثاث الأحشاء الخلفي (استئصال جدار المهبل الخلفي والرحم والمهبل والمستقيم (posterior exenteration)). أما في الإصابات الأمامية فتشمل اجتثاث الرحم والمهبل والمثانة والإحليل مع زرع الحالبين على القولون anterior exenteration (اجتثاث الأحشاء الأمامي).

الإنذار والمضاعفات: سيئ جداً على العموم إذ لا تتعدى البقيا لمدة خمس سنوات الـ 42%. كما أن احتمال حدوث نواسير مثانية أو مستقيمية في كلا الطريقتين قد يبلغ 10-15%.

وهناك شكل نادر من سرطانات المهبل هو سرطانة المهبل الغدية رائقة الخلايا clear- cell adenocarcinoma الناجمة عن استعمال دواء الدي إيثيل ستيلبيسترول DES في أثناء الحمل exposure in utero للوقاية من التهديد بالإسقاط، وسرعان ما تبين أن البنات اللواتي استعملت أمهاتهن هذا الدواء في أثناء الحمل بهنّ قد أصبن بهذا السرطان في سنٍ مبكرة. سجل الأدب الطبي أكثر من خمسمئة حالة قبل أن يسحب هذا الدواء المُسرطِن من الأسواق.

2- سرطانة المهبل المشيمائية:choriocarcinoma

هي دوماً ثانوية لورم الأرومة الغاذية gestational trophoblastic tumour  في جسم الرحم أو البوق أو المبيض وتشاهد في قرابة 30% من هذه الأورام. تتظاهر بشكل عقيدة أرجوانية اللون مُزرقّة وداكنة مثل حبة الخوخ أو مثل ورم دموي أو دوالٍ مخثورة، وقد تكون العقيدة متعددة. إذا ما شوهدت مثل هذه العقيدة بعد إسقاط أو ولادة أو حمل برحى عدارية وَجَبَ فحصها نسيجياً لتأكيد التشخيص. وتكون معايرة موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية human chorionic gonadotropin (hCG) عالية جداً (> 100.000 وحدة دولية). يجب دراسة هذه الحالات بإجراء صورة شعاعية للصدر وبإجراء تفرّس مقطعي محوسب للبطن والحوض والرأس. تعد هذه السرطانة المهبلية المرحلةَ الثانية من تقسيم مراحل أورام الأرومة الغاذية وتعالج معالجة كيميائية بعامل واحد (الأكتينومايسين د actinomycin D أو الميثوتريكسات methotrexate) أو معالجة مشتركة بالدوائين السابقين سوية أو مع السيكلوفوسفاميد cyclophosphamide وغيرها مثل الإيتوبوزيد etoposide. تعود الوظيفة الإنجابية إلى طبيعتها عند النساء اللواتي عولجن معالجة ناجحة كيميائية.

ثالثاً- أورام الرحم الخبيثة:

1- سرطانة عنق الرحم:

الحدوث والسببيات: هي ثاني أكثر سرطانات الجهاز التناسلي شيوعاً عند المرأة بعد سرطان الثدي. نادرة عند العذراوات وتزداد مشاهدتها عند النساء في نهاية العقد الثالث وفي بداية العقد السادس من العمر. تتعلق وفرتها بسلوك المرأة الجنسي وبعدد الشركاء الجنسيين وبنوعيتهم، وقد أمكن إنقاص نسبة الحدوث بالتشخيص المبكر في المراحل قبل الغازية ويعتقد حالياً أن هذه السرطانة من الحالات القابلة للوقاية بفعل مراقبة النساء المُعرّضات المستمرة بوساطة لطاخة بابانيكولاو وبتنظير عنق الرحم المكبر. ظهر مفهوم السرطان اللابد in situ  أو السرطان ضمن الظهارة cervical intraepithelial neoplasia (CIN) في عام 1968 عندما أعلن ريتشارت أن هذه الآفات المحدودة في الظهارة قد تتحول إلى سرطان غازٍ إن تُركت من دون معالجة، كما تبين أيضاً أن بعض هذه الآفات المبكرة قد تتراجع تلقائياً ومن دون أي معالجة. لذا كان من المهم كشف هذه الحالات السابقة للغزو  preinvasive  ومعالجتها معالجة فعالة لوقاية المريضات من الإصابة بالسرطانة الغازية.

الأعراض والتشخيص: العرض الأكثر شيوعاً هو النزف التناسلي وهو غالباً تالٍ للجماع postcoital وقد يكون غير منتظم (خارج أوقات الدورة) أو بعد الضهي postmenopausal، أما الحالات المهملة والمتقدمة فغالباً ما يترافق النزف فيها وضائعات مهبلية كريهة الرائحة ونقص الوزن، ويرافقه أحياناً اعتلال بولي احتباسي. يتم التشخيص في المراحل المبكرة واللابدة بفحص عنق الرحم عيانياً وبالتنظير المكبر وبأخذ لطاخة عنقية لدى أي اشتباهٍ مهما كان بسيطاً، وقد تناقصت حالات سرطان عنق الرحم المتقدّم في بلدان العالم المتطور وإن لم يمكن حتى الآن إزالتها. أما الحالات المتقدمة نسبياً فيضاف إلى ما سبق  إجراء مس مهبلي يفيد في كشف قوام العنق وحجمه وحركته والشعور بأي ارتشاحات سرطانية في الرتوج المهبلية الجانبية وتقدير مدى امتدادها إلى جدر الحوض الجانبية. عندما تكون الآفة واضحة للعيان من الضروري أخذ خزعة لتأكيد التشخيص ويفيد تنظير عنق الرحم المكبر في الإصابات المبكرة لتوجيه مكان أخذ الخزعة. لهذه السرطانة أنماط عديدة: منها ما يتظاهر بشكل عقيدة أو عقيدات صلبة وهشة تنزف بالمس، ومنها ما يتظاهر بشكل تقرح مُحتفر أو ورم مُتفطر، أما سرطانة باطن عنق الرحم فقد يبدو العنق فيها طبيعياً في البدء أو صلباً وبرميلي الشكل ولا يبدأ بالتقرح إلا بعدما ينتشر إلى ظاهر العنق.

صنفت منظمة الصحة العالمية سرطانة عنق الرحم كالتالي:

- المرحلة صفر: هي السرطانة اللابدة Stage 0.

- المرحلة الأولى: السرطانة محدودة ضمن عنق الرحم Stage I.

- المرحلة الثانية: انتشار السرطانة إلى قبة المهبل وإلى مجاورات الرحم parametrium Stage II.

- المرحلة الثالثة: يبلغ الانتشار جدر الحوض ويتثبت العنق أو يبلغ جدر الحوض أو أسفل المهبل Stage III.

 - المرحلة الرابعة: تنتشر الآفة إلى المثانة أو إلى المستقيم أو إلى خارج الحوضStage IV.

الشكل (2) سرطان عنق الرحم

 

الباثولوجيا: أكثر أنواع هذه السرطانة مشاهدة السرطانة الحرشفية الخلايا squamous cell ca، وأبكرها الإصابة الغزوية المكروية microinvasive carcinoma. هذه الإصابة المبكرة والتي لا تتجاوز فيها الإصابة 1-2ملم تندرج في تصنيف المراحل الدولي تحت مرحلة Ia1، أما إذا بلغت الإصابة  3-5ملم فتعد في المرحلة Ia2. يوضع تشخيص هذه الحالات المبكرة جداً بعد أخذ مخروط من عنق الرحم يشمل الآفة المِكروية مع حواف كافية في محيطها وعمقها. وتحديد عمق الإصابة مهم جداً في معرفة احتمال إصابة العقد اللمفية.

نسيجياً لها ثلاثة أنماط: كبيرة الخلايا المتقرنة large cell keratinized، وكبيرة الخلايا غير المتقرنة large cell non-keratinized، وصغيرة الخلايا small cellوالإنذار في النمطين الأولين أفضل من الثالث الكشمي والقليل التمايز. يسوء إنذار الحالة إذا ظهر في المقاطع النسيجية غزو الأوعية اللمفية أو غزو عميق للسدى stromal invasion أو ارتشاح في النسيج المجاور للرحم أو نقائل في العقد اللمفية الحوضية.

الشكل (3)
سرطان عنق الرحم التنبتي

 أ- السرطانة الغدية adenocarcinoma: أقل مشاهدة ولكن كثرت مشاهدة هذه السرطانة في السنين الأخيرة ما بين نساء شابات في العشرينات والثلاثينات من العمر، وقد تشترك وإصابة مواقتة بالسرطانة الحرشفية الخلايا في 30-50% من الحالات، ولها أنماط خلوية متعددة ومتباينة بحسب أشكال الخلايا ومدى تمايزها، والنمط كبير الخلايا أفضل إنذاراً من النمط صغير الخلايا. تتباين أنماطها من قليل الخبث مثل الورم الغدي الخبيث adenoma malignum إلى قليل التمايز وشديد الخبث وقليل التأثر بالمعالجة الإشعاعية مثل السرطانة زجاجية الخلايا glassy cell carcinoma. تميل  السرطانة الغدية إلى الارتشاح في كامل ثخن عنق الرحم حتى في مراحلها المبكرة، وعندما يبلغ الورم الفوهة الظاهرة يبدأ بالتقرح ويظهر النزف. نسيجياً هي سرطانة عمودية (أسطوانية) الخلايا وتنشأ من الظِهارة الغدية.

ب- الساركومة :sarcoma  أهمها الساركومة العضلية المخططة الجنينية embryonal rhabdomyosarcoma وتحدث في الأطفال والنساء الشابات. شكلها يشبه عقيدة سليلية عنقودية الشكل botryoid sarcoma، وهذا النوع من السرطانات قد يكون أولياً أو ثانوياً لأورام في جسم الرحم.

الانتشار: تنتشر سرطانة عنق الرحم بارتشاح استطالاتها المباشر ما بين حزم النسيج الضام والعضلات وتخريبها لشفتي عنق الرحم وبعدها لجدر المهبل، وفي مرحلة متقدمة تنتشر إلى المثانة في الأمام وإلى الرباطين الرحميين العجزيين ورتج دوغلاس في الخلف وإلى قاعدتي الرباطين العريضين في الطرفين. كذلك تنتشر بالنقائل اللمفية وعن طريق الأوعية الدموية والانزراع على سطوح الصفاق. وانتشارها نحو  جسم الرحم لا يحدث إلا متأخراً.

المعالجة: من المهم التأكد من المرحلة التي وصلت إليها الإصابة، ففي الحالات اللابدة In situ يجوز للطبيب الانتظار مع المراقبة عند النساء الشابات الراغبات في الإنجاب، كما يمكن معالجتها بالإنفاذ الحراري أو بالليزر أو بأخذ مخروط عنقي وفحصه نسيجياً للتأكد من اشتمال الآفة كلها ضمن المخروط. أما فيمن لا ترغب في الحمل فالمعالجة بالمخروط الواسع أو باستئصال الرحم. أما في حالات السرطان الغازي فالمعالجة تكون بالجراحة  الواسعة أو بالمعالجة الإشعاعية أو بكلتيهما. والجراحة مستطبّة فقط في المرحلتين I وIIa، أما المعالجة الإشعاعية فيمكن استعمالها في المراحل كلها. لذا كان من المهم التأكد من المرحلة التي بلغها الورم ومن قابليته للجراحة الواسعة أم لا، ويختلف هذا التقدير بين جراح وآخر بحسب حجم الخبرة التي حازها كل من الجراح ومركز المعالجة الجراحية. من فوائد الجراحة - ولاسيما عند المريضات الشابات  نسبياً- التخلص من كامل الآفة مع كل العقد اللمفية الحوضية وعدم الحاجة إلى المعالجة الإشعاعية مع ما قد تسببه من شكايات مثانية ومعوية مزمنة. أما إجراء عمليات جراحية محدودة وأقل سعة من عمليات الاستئصال الواسع (ڤرتهايم Wertheim أو ميغز Meigs ) فينجم عنها كثرة حالات النكس المبكر مع ما يتلوه من اللجوء إلى المعالجة بالراديوم بعد اتساع رقعة الإصابة والانتشار. أسس المعالجة الجراحية هي استئصال الرحم مع مجاورات الرحم parametrium لمسافة لا تقلّ عن نصف طول الأربطة أو لتشملها كلها حتى جداري الحوض الجانبيين؛ مع استئصال ما لا يقلّ عن 5سم من قبة المهبل واستئصال كل العقد اللمفية الحرقفية الظاهرة والباطنة وربما جانب الأبهرية بحسب الحالة.

أخذت المعالجة الإشعاعية تدريجياً مكان الجراحة الواسعة (عملية ڤرتهايم - ميغز) ولكن مكان الجراحة عاد بالتدريج وأعطى نتائج مماثلة للمعالجة الإشعاعية ولاسيما حين تكون الجراحة قد أجريت على أوسع ما يمكن.

تستطيع المعالجة الإشعاعية أن تخرّب بعض الأورام بأشعة غاما أو بالأشعة السينية من دون أن تسبب أضراراً شديدة للنسج الطبيعية، ولكن المشكلة في هذه المعالجة أن المقدار القاتل للورم قريبٌ من أعلى مقدار تستطيع أن تحتمله النسج الطبيعية؛ وتقدير هذه المسافة البسيطة أمر بالغ الأهمية في محاولة تحاشي حدوث أي أذى لهذه النسج. كذلك فأورام عنق الرحم تتباين في درجة استجابتها للتشعيع، فسرطانة العنق الغدية لا تستجيب على نحو أكيد مثل استجابة سرطانة الخلايا الحرشفية. كما أن السرطانة الحرشفية الخلايا وحسنة التمايز غالباً ما تستجيب للتشعيع أكثر من غير المتمايزة الكشمية. ويمكن متابعة التحقق من مدى استجابة هذه المعالجة الشعاعية بأخذ خزعات دورية في أثناء المعالجة وبعد انتهائها لمعرفة مدى استجابة الورم للتشعيع.

معدل وفيات عملية ڤرتهايم ومخاطرها: تبلغ المواتة حالياً في هذه العمليات الواسعة 2% وتتباين هذه المواتة بحسب مدى اتساع الآفة وانتشارها وحالة المريضة العامة ومدى تحملها للعمل الجراحي الواسع. أهم المخاطر الخمج والنزف وقد تناقص خطرهما بفعل التقدم الذي أحرزه التخدير والإنعاش ونقل الدم ومعالجة الصدمة الجراحية. ومن مخاطر العمل الجراحي أذية المثانة والمستقيم والحالبين مع احتمال ظهور ناسور بولي مثاني أو حالبي، وأهم المضاعفات الصدمة الجراحية الرضية أو النزفية واحتباس البول بعد الأيام الأولى للجراحة وخذل الأمعاء أو انسدادها وقد تناقصت كلها بتحسن ظروف العمل في المستشفيات. تتقارب نتائج المعالجة الجراحية والشعاعية في المرحلتين الأولى والثانية إذ تبلغ نسب البقيا حرة من الورم لمدة خمس سنوات 65% و39% في الأولى و 61% و 48% في الثانية.

ج- سرطانة جذمور عنق الرحم: كانت بعض المدارس الطبية تقوم باستئصال الرحم الناقص أي بترك عنق الرحم، وكانت تشاهد بعض حالات سرطانة جذمور عنق الرحم المتبقي، وحين تظهر هذه السرطانة في وقت مبكر بعد الاستئصال الناقص - أي في أقلّ من سنتين - يميل الاشتباه إلى أن السرطانة كانت موجودة في مرحلة مبكرة قبيل العمل الجراحي ولم يتنبه لها. لهذا فإن أفضل وقاية هي في اللجوء إلى استئصال الرحم التام إلا في بعض الحالات القليلة التي يتعذر فيها إتمام العملية التامة بسبب وجود التصاقات شديدة في الحوض أو حالة «انتباذ بطاني رحمي (أندومتريوز)» شديدة. وقد قلّت مشاهدة هذه السرطانات الجذمورية في العقود الأخيرة بسبب قلّة إجراء استئصال الرحم الناقص. كلتا المعالجتين: الجراحية بهدف استئصال الجذمور مع مجاورات الرحم أو التشعيع بالراديوم، نتائجها سيئة.

2- سرطانة جسم الرحم:

من أكثر سرطانات الجهاز التناسلي مشاهدة عند المرأة بعد سرطانتي الثدي وعنق الرحم. غالباً ما تشاهد في الأعوام الـ 55-65 من العمر أي بعد سن الضهي، وفي رُبع الحالات قد تشاهد مبكرة أي قبل الضهي وبعد بداية الثلاثين من العمر. من أسبابها الضهي المتأخر، وانتشار الاستعمال المديد للإستروجينات من دون البروجستينات (عدة أشهر أو سنوات)، وتأخر سن الضهي إلى 50-52 عاماً، والوراثة إذ تكثر مشاهدة هذه السرطانة في بعض العائلات، وعدم الولادة nulliparity، والنمط الثاني من الداء السكري والسمنة وفرط تصنع بطانة الرحم بعد الخمسين من العمر ولاسيما إذا ترافقت مع السرطانة الحبيبية  للمبيض granulosa cell tumours أو الأورام المؤنثة (المستأنثة) للمبيض feminizing tumours. كذلك تترافق هذه السرطانة والأورام الليفية في ثُلث الحالات.

السببيات: غالباً ما تكشف في أرضية المصابات بسرطانة جسم الرحم زيادة في إفراز الإستراديول والإسترون نتيجة أرمتتهما aromatization من الأندروستينديون في الدهن المحيطي بالرغم من عدم ملاحظة ارتفاع هذه الهرمونات في الدوران المحيطي مقارنة بغير المصابات.

التشريح المرضي المجهري: أغلبها سرطانة غدّية أسطوانية (عمودية) الخلايا ونادراً ما يحدث حؤول metaplasia وتتحول إلى سرطانة حرشفية الخلايا وتدعى عندها ورم شائكي غدي adenoacanthoma. يبدأ التطور الخبيث في البدء من باحة من فرط التنسج اللانموذجي atypical hyperplasia ويتزايد اللاتمايز حتى يبلغ مرحلة تشبه السرطانة اللابدة in-situ، ويستمر هذا التحول مدة طويلة قد تبلغ عشر سنوات حتى يبلغ مرحلة السرطانة. وليس من المؤكد إذا كانت هذه المراحل اللابدة قد تتراجع عفوياً أم لا.

التشريح المرضي العياني: غالباً ما تبدأ السرطانة بشكل موضّع في أي منطقة من جوف الرحم وعادة في قعر الرحم ثم تنتشر ببطء، والأندر أن تشمل كامل بطانة الرحم منذ البداية. وإذا ابتدأت الإصابة قريبة من المضيق فإن الانتشار يكون أكثر سرعة.

الشكل (4) تصنيف سرطان بطانة الرحم

 

من أشكاله العيانية: الشكل التشكيلي المتفاطر formative fungating، والارتشاحي، والقرحي الصرف، وهو نادر.

كيفية الانتشار: انتشار هذه السرطانة إلى خارج الرحم أبطأ بكثير من انتشار سرطانة عنق الرحم.

أ- هناك الانتشار المباشر لعضلة الرحم.

ب- أو الانتشار اللمفي عبر الرباط العريض والرباط القمعي الحوضي وعلى مسير أوعية المبيض إلى العقد اللمفية الأبهرية.

ج- الانتشار عبر الأوعية اللمفية البوقية مما يؤدي إلى ارتشاحها وتضخمها.

د- عبر الأوعية اللمفية للرباط المدور مع تضخم العقد الأربية.

هـ- إذا كان توضع الورم واطئاً فالانتشار يشبه انتشار سرطانة عنق الرحم، أما الانتشار نحو عنق الرحم فنادر.

في عام 1970 أوصى الاتحاد الدولي للتوليد وأمراض النساء تقسيم هذه السرطانة إلى ثلاث درجات بحسب درجة تمايزها أو لا تمايزها، والدرجة الأولى هي الأعلى تمايزاً والأبطأ سيراً والأفضل إنذاراً والثالثة هي الأسوأ.

تقيح الرحم :pyometra  إذا انفصلت قطعة من الورم فقد تسدّ الفوهة الباطنة لعنق الرحم مؤدية إلى انحباس القيح في داخل الرحم وبالتالي تمددها وازدياد حجمها بسبب تجمع القيح، كما تغدو الرحم لينة ورقيقة الجدران، وقد يحدث هذا التقيح نتيجة ضمور عنق الرحم وقناته.

الأعراض: قد لا تظهر أي أعراض في البداية حتى لو تضخمت الرحم، وقد تقتصر الأعراض على مفرزات مائية (ضائعات) تصبح مدماة في مرحلة لاحقة عند بلوغ الضهي أو بعده. أما النزف فيظهر في وقت متأخر ولا يكون غزيراً وأقلّ مما يشاهد في سرطانة عنق الرحم. بعد حدوث تموتٍ وخمج في الورم تشكو المريضة من ضائعات مدماة وكريهة الرائحة. غالباً ما تشكو المريضات من دعثٍ (توعك) عام ونقص الوزن ووهن في حالات تقيح الرحم. 

العلامات: قد لا يُظهِر المس المهبلي أي علامات أو تضخم الرحم، وقد يشعر أحياناً بتوسع عنق الرحم أو بمرجل متبارز من خلال العنق المتسع، أو يلاحظ خروج قيح مدمى من العنق. وكشف أي تضخم في العقد اللمفية الأربية هو دليل على انتشار الورم.

التشخيص التفريقي: يفرّق عن:

أ- سرطانة باطن عنق الرحم التي تكشف بجرف القناة بمجرفة صغيرة.

ب- التهاب باطن الرحم الشيخي، فكلتا الحالتين تؤديان إلى ظهور ضائعات قيحية ومدماة، ويتم التفريق بينهما بالصدى عن طريق المهبل وبتجريف الرحم الاستقصائي.

ج- الورم الليفي تحت المخاطية المتخشّر: يكون عنق الرحم متسعاً ويمكن أن تشعر الإصبع من خلاله بالكتلة المتموتة والمهترئة وقد تشخص خطأً كسرطانة جسم الرحم ويتأكد التشخيص بفحص أجزاء منها مجهرياً.

د- فرط تنسج بطانة الرحم: قد يلتبس النمط الغدي منه بالسرطان ويتمّ التمييز بينهما بارتفاع عدد الأشكال التفتلية mitotic figures وبترصّف الخلايا بشكل فوضوي وبتعدد أشكال النوى. كذلك يفيد اكتشاف خلايا خبيثة في اللطاخة المهبلية في كشف بعض الحالات غير المؤكدة.

المعالجة: من المهم تحديد مرحلة الورم وقد تبنى الاتحاد الدولي للتوليد وأمراض النساء أربع مراحل تسبقها مرحلة (0) صفر. في المرحلة الأولى يبقى الورم ضمن جسم الرحم ويكون طول جوف الرحم أقلّ من 8سم (Ia) أو أن يزيد طوله على 8سم (Ib)، وفي المرحلة الثانية يبلغ الورم جسم الرحم وعنقه. تُشخص قرابة 75% من الحالات في المرحلة الأولى  وتفضل الجراحة فيها.

أ- المعالجة الجراحية: تختلف سعة العمل الجراحي بحسب موضع الورم، ففي الأورام القعرية يكتفى باستئصال الرحم التام مع الملحقات (المبيضين والبوقين) واستئصال العقد اللمفية الحرقفية أو من دون ذلك، ويفيد تجريف الرحم الاستقصائي المجزأ وكذلك التصوير بالصدى عبر المهبل في تحديد موضع الورم. من الضروري حماية الصفاق الحوضي من أي تلوث وسيلان لمفرزات الرحم الغنية بالخلايا السرطانية ومن انزراعها فيه. أما الأورام التي تتوضع في أسفل جسم الرحم أو في المضيق isthmus فيجب معالجتها جراحياً بعملية «ڤرتهايم» أي بالاستئصال الواسع والجذري مع استئصال العقد اللمفية الحوضية. إذا زاد انتشار الورم على نصف ثخن جدار الرحم فالإنذار سيئ وتفضل متابعة المعالجة بالإشعاع ، ويعطى ما مجموعه 4000 راد خلال 7-10 أيام بعد العملية. هناك من يفضّل المعالجة الإشعاعية بعد الجراحة وهناك من يتحاشاها.

ب- إشعاعية: الجراحة غير مستطبّة في المرحلتين III وIV والأفضل الآن اللجوء إلى المعالجة الهرمونية.

ج- المعالجة الهرمونية: تبدّل الجِستينات gestagens  والبروجستيرونُ استقلابَ الخلية وتُنقص من سرعة انقسامها. تستجيب نحو 40 بالمئة من المريضات المصابات بالسرطانة غير القابلة للبضع أو بالنكس لهذه المعالجة الهرمونية وتَظهر الاستجابة خلال 6 إلى 8 أسابيع. يعطى عادة مستحضر medroxyprogesterone acetate (Depo-Provera) حقناً عضلياً بمقدار 500ملغ مرتين أسبوعياً مع المراقبة.

الإنذار: يختلف بحسب المرحلة والدرجة النسيجية ووجود تقيح رحم أو لا… إلخ. تراوح البقيا لمدة 5 سنوات من 80 بالمئة في المرحلة الأولى إلى 10 بالمئة في المرحلة الرابعة.

ضمن أورام الرحم الخبيثة يذكر ورم الأرومة الغاذية trophoblastic neoplasm (أو الورم الظِهاري المشيمائي chorioncarcinoma). تشاهد هذه السرطانة بمعدل حالة من بين كل عشر حالات ورم أرومة غاذية سليم، أو ما يعرف بالرحى العدارية hydatidiform mole، أو بعد 1 من 5000 إجهاض أو بعد 1 من 50000 ولادة بجنين حي، وتتباين نسبة مشاهدتها ما بين البلدان والأقوام المختلفة، فهي أكثر مصادفة بأربعة أضعاف في جنوب شرقي آسيا (1 من كل 600 حمل) منها في أوربا وأمريكا (1 من كل 2000 حمل)، وهي أكثر مشاهدة في الخروسات وبين النساء اللواتي تجاوزن الـ 35 عاماً، كما أن تحولها إلى الخباثة قد يحصل بعد أشهر أو بعد سنواتٍ من الحمل . ينجم هذا الورم عن اضطراب في العلاقة المناعية ما بين الأم والطُعم الخيفي (الأسوي) allograft؛ أي المضغة، مما يؤدي إلى مهاجمة خلايا المشيماء chorion بطبقتيها: الأرومة الغاذية المخلوية syncytiotrophoblast والأرومة الغاذية الخلوية cytotrophoblast لعضلة الرحم ولانتشارها على شكل صِماتٍ إلى الرئة والدماغ وأجزاء أخرى من جسم الأم. قد تظهر هذه الخباثة بعد إسقاط أو حمل أو رحى عدارية. 

رابعاً- أورام المبيض الخبيثة:

المبيض عضو عالي الحركية (الديناميكية) ففي كل شهر ما بين البلوغ والضهي تنطلق موجهات  الغدد التناسلية gonadotrophins  من الفص الأمامي للغدة النخامية لتحرّض  المبيض فينمو قرابة عشرين جُريباً ابتدائياً تفرز الإستروجين من خلايا الطبقة الحبيبية granulosa cells فيتضخم واحد من الجريبات وينضج وتحدث الإباضة ثم يتشكل الجسم الأصفر إلى أن تتم الدورة المعروفة. قد تنمو أي من هذه العناصر النشِطة بشكل شاذ ومفرط مؤدية إلى ظهور أنماط متباينة من الأورام، السليمة أو الخبيثة.

الشكل (5)
السرطانة الغدية الكيسية المصلية الحليمية (في الأعلى)
والسرطانة الغدية الكيسية المخاطية الحليمية (في الأسفل)

تتألف خلايا المبيض من: خلايا ظهارية مشتقة من ظهارة الجوف العام coelomic epithelium multipotential المتعدد القدرات، وخلايا بيضية oocytes تميزت من الخلايا الجنسية البدائية primitive germ cells، وعناصر لبّية من اللحمة المتوسطة mesenchymal medullary elements

من الأولى تنشأ الأورام الغدية الكيسية الموسينية أو المصليةmucinous or serous cystadenoma tumours، ومن الثانية تنشأ الأورام العجائبية teratomata، ومن الثالثة الأورام الليفية وورم برينر Brenner وكذلك الأورام المذكرة androblastoma  إذا كانت الخلايا ذات توجّه مذكر.

يبدو حين معالجة الأورام المبيضية جراحياً أن 5-6% خبيثة، والنساء اللواتي لم يسبق أن حملن وولدن معرضات ثلاثة أضعاف غيرهن ممن ولدن للإصابة بالأورام المبيضية الخبيثة. مسار الأورام المبيضية - سواء منها السليمة أم الخبيثة – لا عرضي وتصبح عرضية إذا بلغت حجماً كبيراً مؤدية إلى أعراض انضغاط أو إذا انفتلت. وينطبق هذا المسار الصامت على الأورام الخبيثة مثل السليمة وهو ما يجعل الأولى عالية الخطورة والإماتة، وغالباً حينما تكشف هذه الأورام الخبيثة وتشخّص تكون غير قابلة للشفاء فيما لا يقلّ عن 75% منها. ما قد يحسّن الإنذار هو المراقبة المنتظمة والدورية للنساء بالجس البطني والمس المهبلي والصدى عبر البطن والمهبل. ومن الأعراض السريرية المبكرة التي توحي بوجود سرطانة مبيضية حسّ التطبّل bloating، أو الامتلاء وحس الشبع المبكّر، وحينما تُكشف يجب أن تتم المعالجة الجراحية في مراكز مجهزة ومتدربة على هذه الجراحة التي تهدف إلى إزالة أكثر ما يمكن من الانتشارات والانتقالات الورمية الموجودة في كامل جوف البطن أو كلها؛ إذ تبين أن إنذار البقيا يتعلق - وبقدر كبير- بمدى تنظيف البطن من كل النقائل الورمية حتى لو اقتضى الأمر استئصال جزء من الأمعاء، ويتحسّن إنذار البقيا إذا سبقت الجراحةُ المعالجةَ الكيميائية. تدرس حديثاً العديد من الواصمات الحيوية biomarkers في الكشف المبكر لسرطان المبيض مثل البروستاسين prostasin وهو بروتين إفرازي يوجد في الموثة وترتفع مقاديره في سرطانات المبيض الظِهارية، وكذلك هناك دراسات كثيرة تبحث في غيرها من الواصمات الحيوية الجُزيئية مثل الأوستيوبونتين osteopontin وهو واصم حيوي آخر لكشف سرطانات المبيض من أي نمط كان، وما تزال هذه العوامل قيد البحث والدرس، مع العلم أن هذه الكواشف باهظة التكاليف ومن العسير تعميمها على أعداد هائلة من النساء المؤهبات للإصابة. قد تبدأ الخباثة في المبيض منذ البداية أو أن تكون ثانوية لورم كيسي سليم وهو غالباً ما يحدث بعد الضهي.

تؤلف سرطانات المبيض نحو 20% من مجموع السرطانات النسائية، ولكن في معظمها (قرابة 60-75%) يكون السرطان قد تجاوز المبيضين حين وضع التشخيص وهذا ما يجعلها شديدة الفتك بالنساء ولا تزيد البقيا لمدة خمس سنوات على 10-20% من الحالات. معالجة سرطان المبيض الأولية جراحية ويجب أن تكون واسعة تهدف إلى تنظيف البطن من كل النقائل بدءاً من الحوض الصغير حتى كامل الوجه السفلي للحجاب الحاجز. في معظم الحالات تفيد المعالجة الكيميائية في تحسين البقيا. تعتمد هذه المعالجة على ثلاثة عوامل مؤلكلة alkylating agents هي:  الكلورامبوسيل والسيكلوفوسفاميد وخردل الفينيل آلانين Phenylalanine mustard، وتستمر المعالجة من 3 حتى ستة أشهر، كما أن هناك عوامل كيميائية أخرى مثل الكاربوبلاتين والسيس بلاتين dichlorodiamine platinum, DDP، والدوكسوروبيسين doxorubicin (Adriamycin)  ولاسيما للأورام المتحسسة للبلاتينوم أو التوبوتيكان topotecan  لمعالجة الحالات المقاومة للبلاتينوم وللحالات الناكسة على المعالجة البدئية الجراحية الكيميائية، والمعالجة الكيميائية في حالات السرطانات المتقدمة هي مُلطّفة أكثر منها شافية ولكنها تحسّن نوعية الحياة للمصابات وتجعلهن يعشن مدة أطول.

الشكل (6) الورم العجائبي (المسخي). الشكل (7) ورم مذكر.

أخيراً: تعد سرطانات الجهاز التناسلي من أهم عوامل المراضة والإماتة fatality للمرأة، وتتلاحق الجهود والبحوث العلمية لإيجاد طرائق سهلة وموثوقة للكشف المبكر عنها؛ لأن البقيا الطويلة بعد الإصابة تتعلق بالتشخيص المبكر وقبل ظهور أي انتشار للورم خارج نطاق بؤرته الأولية، وقد أحرز الطب تقدماً ملموساً في سرطانة عنق الرحم، أما سرطانة المبيض فما تزال عَصيّة على الكشف المبكر وهذا ما يجعل إنذارها شديد السوء، والأمل كبير في تقدم الطب في تَعَرُّف الواصمات الحيوية التي تكتشف هذه السرطانة قبل تخطيها حدود المبيض. يبقى للوقاية دور مهم في تحاشي الإصابة وذلك بحسب كل عضو فعنق الرحم يصاب بالورم نتيجة الإصابات بالڤيروس المسرطن وتعدد الشركاء الجنسيين، والتعفف هو سبيل الوقاية، وجسم الرحم يحميه الحمل والإرضاع وتحاشي السُمنة، والمبيض أيضاً يقيه الإرضاع الوالدي لفترات طويلة وانقطاع الطمث الذي يرافقه. وهكذا تستمر الحياة.

 

 

 


التصنيف : الأورام
النوع : الأورام
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 437
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1095
الكل : 40589875
اليوم : 119690