logo

logo

logo

logo

logo

المناعة المتواسطة بالخلايا التائية

مناعه متواسطه بخلايا تاييه

-

 المناعة المتواسطة بالخلايا التائ

المناعة المتواسطة بالخلايا التائية T Cell-Mediated Immunity

تفعيل اللمفاويات التائية بوساطة المستضدات المرتبطة بالخلية السبل الكيميائية الحيوية لتفعيل الخلية التائية
أطوار استجابات الخلايا التائية التوسع النسيلي
المستقبلات المثبطة للخلايا التائية انتهاء الاستجابة المناعية
 

تفعيل اللمفاويات التائية بوساطة المستضدات المرتبطة بالخلية:

تقوم اللمفاويات التائية بالعديد من الوظائف للدفاع ضد الأخماج التي تحدثها أنواع المِكروبات المختلفة. إن الدور الرئيسي للخلايا التائية يحدث في المناعة المتواسطة بالخلايا، التي تؤمن عملية الدفاع ضد الأخماج بالمِكروبات داخل الخلويةK إذ ربما تجد بعض المِكروبات ملجأً داخل الخلايا في العديد من الأخماج، ويكون دور استجابات المناعة الخلوية هو إزالتها من هذه الخلايا.

٭ تلتقم ingest البلاعم العديد من المِكروبات، ويعد هذا جزءاً من آليات الدفاع الأولى للمناعة الخلقية، لكن بعضاً من هذه المِكروبات قد تطورت لتقاوم النشاطات التي تقوم بها البلاعم (البلعميات) للقضاء عليها، إذ إنَّ العديد من المِكروبات الممرضة والأوالي داخل الخلوية تستطيع النجاة وربما التضاعف داخل حويصلات البلاعم. في مثل هذه الأخماج تقوم الخلايا التائية بتنشيط قدرة البلاعم الكبيرة على قتل هذه المِكروبات المبتلعة.

٭ تستطيع بعض المِكروبات وخصوصاً الفيروسات أن تخمج وتتضاعف داخل أنواع كثيرة من الخلايا، حيث تحصل أجزاء من دورة حياة الفيروسات داخل العصارة الخلوية. لا تملك هذه الخلايا المخموجة غالباً آليات داخلية لتدمير المِكروبات ولاسيما في العصارة الخلوية (الشكل١). حتى إنّ بعض المِكروبات الملتقمة في البلاعم الكبيرة يمكن أن تهرب إلى العصارة الخلوية وتتحاشى الآليات القاتلة للمِكروبات الموجودة في الحيز الحويصلي للبلاعم. وتقتل الخلايا التائية الخلايا المخموجة، وبالتالي تتخلص من مستودع الخمج.

الشكل (١): أنواع المِكروبات داخل الخلوية التي تقتل عن طريق المناعة الخلوية المتواسطة بالخلايا التائية. أ– عندما تلتقم البلاعم المِكروبات فإنها قد تبقى على قيد الحياة داخل الحويصلات (الجسيم الحال البلعمي)، أو تهرب إلى العصارة الخلوية حيث لا تتأثر بآليات البلاعم القاتلة للبكتريا. ب- قد تخمج الفيروسات العديد من أنواع الخلايا، بما فيها الخلايا غير البلعمية، وتتضاعف في النواة والعصارة الخلوية للخلايا المخموجة. الريكتيسيا وبعض الأوالي هي طفيليات داخل خلوية مجبرة، وتستقر داخل الخلايا غير البلعمية.

إضافة إلى دورها في المناعة الخلوية تؤدي اللمفاويات التائية أيضاً أدواراً مهمة في الدفاع ضد المِكروبات التي تتضاعف خارج الخلايا، ويتضمن ذلك عدة أنواع من الجراثيم والفطور والديدان الطفيلية، حيث تحفّز بعض الخلايا التائية استجابات التهابية غنية بالكريات البيض المُنشَّطة (الفعالة) خصوصاً في قتل المِكروبات خارج الخلوية.

إنَّ معظم وظائف الخلايا التائية – مثل تفعيل البلاعم، وقتل الخلايا المخموجة،  ومساعدة الخلايا البائية - يتطلب منها أن تتفاعل مع خلايا أخرى، كالبلاعم وخلايا المضيف المخموجة واللمفاويات البائية.

من ناحية أخرى، يتطلب بدء استجابة الخلايا التائية منها أن تتعرف المستضدات المعروضة من قبل الخلايا المتغصنة التي تلتقط العامل الممرض وتركزه في الأعضاء اللمفية. وهكذا تمارس الخلايا التائية عملها من خلال التواصل مع خلايا أخرى. ومن الجدير بالذكر أن نوعية specificity الخلايا التائية للببتيدات المعروضة على جزيئات معقد التوافق النسيجي الكبيرMHC تَضْمن أن الخلايا التائية ترى وتستجيب فقط للمستضدات المرتبطة بخلايا أخرى.

أطوار استجابات الخلايا التائية:

تتعرف اللمفاويات التائية البكرnaïve T cells المستضدات في الأعضاء اللمفية المحيطية (الثانوية)، وتبدأ بالتكاثر والتمايز إلى خلايا تائية فاعلة (فعالة) وخلايا ذاكرة. تقوم الخلايا الفعالة بوظائفها عندما يتم تفعيلها بالمستضدات نفسها في النسج المحيطية والأعضاء اللمفاوية (الشكل ٢). 

(الشكل ٢): تحريض المناعة الخلوية وأطوارها الفعالة.

تحريض الاستجابة: تتعرف الخلايا التائية البكر CD4+ وCD8+  الببتيدات المشتقة من المستضدات البروتينية والمقدمة من الخلايا التغصنية (DCs) في الأعضاء اللمفية المحيطية. يتم تنبيه الخلايا التائية؛ فتتكاثر وتتمايز إلى خلايا فعالة يدخل العديد منها إلى الدوران. تبقى بعض الخلايا CD4+ المفعلة في العقدة اللمفية، حيث تهاجر إلى الجريبات وتساعد الخلايا البائية على إنتاج الأضداد.

هجرة الخلايا التائية الفعالة والكريات البيض الأخرى إلى موقع المستضد: الخلايا التائية؛ الفعالة والكريات البيض الأخرى تهاجر عبر الأوعية الدموية إلى الأنسجة المحيطية عن طريق الارتباط بالخلايا البطانية التي تم تنشيطها بالسيتوكينات المنتجة استجابة للخمج في تلك الأنسجة. وظائف الخلايا التائية الفعالة: الخلايا التائية CD4+ تقوم بحشد البلعميات وتفعيلها لتدمر المِكروبات، أما الخلايا التائية القاتلة السامة CD8+ (CTLs) فتقوم بقتل الخلايا المخموجة.

تبدي الخلايا التائية البكر مستقبلات للمستضدات نفسها ومستقبلات مشاركة Co-receptors، وظيفتها تعرف الخلايا المستضيفة للمِكروبات، لكن هذه الخلايا عاجزة عن القيام بالوظائف الفعالة المطلوبة للقضاء على المِكروبات. أما الخلايا  الفعالة المتمايزة فهي قادرة على القيام بهذه الوظائف، فهي تقوم بها في الأعضاء اللمفاوية وفي الأنسجة المحيطية غير اللمفية.

إن استجابات اللمفاويات التائية البكر للمستضدات المكروبية المرتبطة بالخلايا تتألف من خطواتٍ متتابعة، ينجم عنها زيادة أعداد الخلايا التائية النوعية للمستضد، وتحوّل الخلايا التائية البكر إلى خلايا ذاكرة وخلايا فعالة (الشكل٣).

(الشكل ٣): مراحل تفعيل الخلايا اللمفاوية التائية: تتعرف اللمفاويات التائية البكر المستضدات الببتيدية المرتبطة بمعقد التوافق النسيجي الكبير MHC والمعروضة على الخلايا المقدمة للمستضد. تستجيب اللمفاويات التائية عن طريق إنتاج السيتوكينات كالإنترلوكين-٢ (IL-2)، كما تبدي مستقبلات لهذه السيتوكينات فيتشكل سبيل هرموني ذاتي autocrine  لتكاثر الخلية. النتيجة هي توسع نسيلة اللمفاوية التائية النوعية للمستضد. تتمايز بعض خلايا هذه النسيلة إلى خلايا فاعلة تؤدي وظائف متنوعة في المناعة الخلوية، أو خلايا ذاكرة تعيش مدة طويلة. :APC الخلية المقدمة للمستضد. CTL: اللمفاويات التائية السامة. IL-2R: مستقبل الإنترلوكين -٢. 

٭ إحدى أولى الاستجابات التي تحدث هي إفراز السيتوكينات، وزيادة التعبير express (الكشف) عن مستقبلات السيتوكينات المختلفة.

٭ تنشط بعض السيتوكينات تكاثر اللمفاويات التائية المُفعَلة بالمستضد مما ينجم عنه زيادة سريعة في أعداد الخلايا اللمفاوية النوعية للمستضد، تعرف هذه العملية بـالتوسع النسيليclonal expansion ..

٭ تخضع اللمفاويات المُفعَلة لعملية تمايز ينجم عنها تحول الخلايا التائية البكر إلى أعداد كبيرة من الخلايا التائية  الفعالة وظيفتها القضاء على المِكروبات.

٭ تغادر العديد من الخلايا التائية الفعالة الأعضاء اللمفاوية وتدخل إلى الدوران، وتهاجر إلى أي موقع فيه خمج حيث تستطيع القضاء عليه. ربما تبقى بعض الخلايا التائية الفعالة في العقدة اللمفاوية حيث تعمل على استئصال الخلايا المخموجة في تللك المواقع، أو ترسل الإشارات إلى الخلايا البائية وتحرضها على إنتاج الأضداد ضد المِكروبات.

٭ تتطور بعض سلالات الخلايا التائية التي تكاثرت استجابة للمستضدات إلى خلايا ذاكرة تائية تعيش طويلاً وتكون خاملة وظيفياً، حيث تستمر بالدوران في الدم لأشهر أو لسنوات، وتكون جاهزة للاستجابة سريعاً عند التعرض مرة أخرى للمكروب نفسه.

٭ وعندما تقضي الخلايا التائية الفعالة على العامل الممرض، يتم التخلص من المنبهات التي أثارت سابقاً عملية تكاثر الخلايا التائية وتمايزها، ونتيجة لذلك تموت معظم الخلايا اللمفاوية النوعية للمستضد التي نجمت عن التوسع النسيلي، ويعود الجهاز المناعي لحالة الراحة، مع بقاء خلايا الذاكرة فقط من عملية الاستجابة المناعية التي حصلت.

يحدث تسلسل الأحداث هذا في كل من اللمفاويات التائية من النوع CD4+ و CD8+، على الرغم من وجود اختلافات مهمة في خصائص الخلايا الفاعلة ووظائفها لـCD4+  و CD8+.

تمتلك الخلايا التائية البكر والفاعلة نماذج مختلفة من الدوران والهجرة عبر الأنسجة، وهذه النماذج مهمة جداً بسبب أدوارها المختلفة في الاستجابات المناعية. وتقوم اللمفاويات التائية البكر بالدوران باستمرار في الأعضاء اللمفية المحيطية للبحث عن مستضد بروتيني أجنبي. وتنتقل مستضدات المِكروبات من مكان دخول المِكروبات إلى الأعضاء اللمفية المحيطية في المنطقة نفسها التي تجول فيها الخلايا اللمفاوية التائية البكر، وفي هذه الأعضاء تتم معالجة المستضدات وعرضها بوساطة جزيئات معقد التوافق النسيجي الكبير MHC في الخلايا التغصنية، وهي الخلايا المقدمة للمستضد  (APCs) التي تعد أكثر فعالية في تحفيز استجابة الخلايا التائية البكر. وعندما تتعرف اللمفاوية التائية المستضد يتم حجزها مؤقتاً على الخلية التغصنية، ويبدأ برنامج التفعيل. بعد عمليات التفعيل والتمايز من الممكن أن تقوم الخلايا بمغادرة الأعضاء اللمفاوية والهجرة إلى النسيج المصاب خاصة، وهو المصدر الرئيسي للمستضد، وستشرح عملية التحكم بهذه الهجرة المحددة تباعاً خلال هذا الفصل.

تعرُّف المستضدات والتنبيه (التحفيز) المشارك:

يتطلب بدء استجابة الخلايا التائية امتلاكها لعدة مستقبلات قادرة على تعرف الروابط Ligands الموجودة على الخلايا المقدمة للمستضد.

• تتعرف مستقبلات الخلايا التائية (TCR)  جزيئات المستضدات الببتيدية المرتبطة بمعقدات التوافق النسيجي MHC.

٭ المستقبلات المشاركة coreceptor CD4 و CD8 الموجودة على الخلايا التائية تتعرف جزيئات معقد التوافق النسيجي الموجودة على الخلايا المقدمة للمستضد، فتساعد مستقبلات الخلايا التائية TCR على إيصال إشارات التفعيل.

٭ تقوم جزيئات الالتصاق adhesion molecules بتعزيز الاتصال بين الخلايا التائية والخلايا المقدمة للمستضد.

٭ توجد جزيئات تُعرَف بالمحفزات (المنبهات) المشاركة costimulatorp، تظهر على الخلايا المقدمة للمستضد بعد تعرضها للمكروبات، ترتبط هذه الجزيئات بالمستقبلات المشاركة الموجودة على الخلايا التائية البكر، وتحفزها للاستجابة ضد العامل الممرض الخمجي.

٭ تقوم السيتوكينات بتضخيم استجابة الخلايا التائية، وتوجهها للدخول في مسارات تمايزية مختلفة.

تعرف الببتيدات المرتبطة بمعقدات التوافق النسيجي الكبير:

تتعرف كل من مستقبلات الخلايا التائية للمستضد (TCR)، والمستقبلات المشاركة (CD4 وCD8) سويةً المعقدات المكونة من المستضدات الببتيدية وجزيئات معقد التوافق النسيجي الكبير MHC الموجودة على الخلايا المقدمة للمستضد، ويسمح هذا التعرف بإرسال الإشارات، ومن ثَمّ بدء تفعيل الخلايا التائية.

تتألف مستقبلات الخلايا التائية TCRs الموجودة على جميع الخلايا التائية CD4 وCD8 من سلسلة α وسلسلة β ، وتشارك كلتا السلسلتين في تعرف المستضد. يتعرف مستقبل الخلية التائية TCR  النوعي لببتيد أجنبي معيّن -مثال: مكروب ما-، على ذلك الببتيد، وفي الوقت ذاته يتعرف ثمالات جزيء معقد التوافق النسيجي المتوضعة حول الشق الرابط للببتيد.

تبدي كل خلية تائية ناضجة مقيدة بـ MHC (MHC-restricted) إما CD4 وإما CD8، وكلاهما يسميان بالمستقبلات المشاركة لأنهما يرتبطان بجزيئات معقدات التوافق النسيجي نفسها التي ارتبط بها مستقبل الخلية التائية TCR، والمستقبلات المشاركة ضرورية من أجل بدء عملية إرسال الإشارات من معقد مستقبل الخلية التائية TCR. في الوقت الذي يتعرف فيه مستقبل الخلية التائية TCR معقد التوافق النسيجي الكبير المرتبط بالجزيء الببتيدي، ويقوم كل من CD4 أوCD8 بتعرف معقد التوافق من النمط II و I على التوالي، ولكن في موقع مختلف عن شق الترابط بالجزيء الببتيدي.

وعندما تلتقم الخلايا المقدمة للمستضد المستضدات البروتينية من الوسط خارج الخلوي وتضعها داخل الحويصلات تجري معالجة هذه المستضدات وتحويلها إلى ببتيدات يتم عرضها بوساطة جزيئات معقد التوافق النسيجي من النمط الثاني II. وفي المقابل يتم معالجة المستضدات البروتينية الموجودة في العصارة الخلوية بوساطة الجسيمات الحالة للبروتينات وتحويلها إلى ببتيدات ترتبط بمعقد التوافق النسيجي الكبير من النمط الأول I. وبهذه الطريقة تتعرف الخلايا التائية CD4+ وCD8+  المستضدات القادمة من الحجرات الخلوية المختلفة.  وغالباً يتطلب بدء برنامج تفعيل الخلية التائية تنبيه عدة مستقبلات من مستقبلات الخلية التائية.

تنطلق الإشارات الكيميائية الحيوية التي تقود إلى تفعيل الخلايا التائية بوساطة مجموعة من البروتينات المرتبطة بمستقبلة الخلية التائيةTCR والتي هي جزء من معقد مستقبل الخلية التائية، وبوساطة المستقبلات المشاركة CD4 و CD8.

 تتعرف مستقبلة الخلية التائية المستضدات، ولكنها تكون غير قادرة على نقل الإشارات الكيميائية الحيوية إلى داخل الخلية. وترتبط مستقبلات الخلايا التائية بمعقدات الجزيئات الناقلة للإشارة والعابرة للغشاء، والتي تتضمن بروتيناتCD3  الثلاثة، وبروتيناً يدعى بالسلسلة ZETA .ζ يشكل كل من مستقبلة الخلية التائية TCR، وبروتينات CD3، والسلسة ζ ما يسمى «معقد مستقبل الخلية التائية». 

دور جزيئات الالتصاق في استجابة الخلايا التائية:

تتعرف جزيئات الالتصاق adhesion molecules الموجودة على الخلايا التائية روابطها (لجائنها) ligands الموجودة على الخلايا المقدمة للمستضد، وتعمل على تثبيت الارتباط بين الخلايا التائية والخلايا المقدمة للمستضد.

ترتبط معظم مستقبلات الخلايا التائية بمعقدات Peptide-MHC، حيث تكون نوعية لها، ولكن مع ألفة منخفضة. وللحث على حدوث الاستجابة يجب أن يتم تثبيت ارتباط الخلايا التائية بالخلايا المقدمة للمستضد مدة زمنية طويلة كافيةً للوصول إلى العتبة اللازمة لنقل الإشارة، ويتم تثبيت هذا الارتباط بوساطة جزيئات الالتصاق الموجودة على الخلايا التائية، والتي ترتبط بروابطها الموجودة على الخلايا المقدمة للمستضد. وأهم جزيئات الالتصاق هذه هي عائلة من البروتينات تدعى بالإنتغرينات Integrins. ويدعى الإنتغرين الأساسي للخلايا التائية المشارك في الربط بالخلايا المقدمة للمستضد (LFA-1)، والذي يرتبط برابطته الموجودة على الخلية المقدمة للمستضد.

يكون الإنتغرين LFA-1 على سطح الخلايا التائية البكر الخاملة في حالة ألفة منخفضة، ويزيد تعرف الخلية التائية المستضد من ألفة الإنتغرين(LFA-1)، ولذلك عندما تشاهد الخلية التائية المستضد فإنها تزيد من قوة ارتباطها بالخلية المقدمة للمستضد.

وهكذا يكون الالتصاق المتواسط بالإنتغرين ضرورياً لتستطيع الخلايا التائية الارتباط بالخلايا المقدمة للمستضد التي تعرض الجزيئات المكروبية. وتؤدي الإنتغرينات أيضاً دوراً مهماً في توجيه هجرة الخلايا التائية الفعالة وغيرها من أنواع الكريات البيض من الدوران إلى مواقع الخمج.

دور المنبهات (المحفزات) المشاركة costimulators في تفعيل الخلايا التائية:

يعتمد التفعيل التام للخلايا التائية على تعرف المحفزات المشاركة الموجودة على الخلايا المقدمة للمستضد، إضافة إلى تعرف على المستضد (الشكل ٤). في الواقع سميت المحفزات المشاركة لأنها جزيئات تنبه الخلايا التائية تنبيهاً مرافقاً للتفعيل الذي يسببه تعرف المستضد.

(الشكل ٤): دور التحفيز المشارك في تنشيط الخلايا التائية.

الخلايا المقدمة للمستضد الخاملة (APCs)، والتي لم تتعرض للمكروبات أو المواد المساعدة يمكنها أن تقدم مستضدات ببتيدية، لكنها لا تبدي محفزات مشاركة، لذا هي غير قادرة على تنشيط الخلايا التائية البكر. قد تصبح الخلايا التائية التي تتعرف المستضد من دون تحفيز مشارك غير مستجيبة (متحملة) عندما تتعرض لاحقاً للمستضد. إن كلاً من المِكروبات، وكذلك السيتوكينات المنتجة خلال الاستجابات المناعية الخلقية للمكروبات يحفزان التعبير عن المحفزات المشاركة، مثل جزيئات B7 على APCs. يتم تعرف المحفزات المشاركة B7 من قبل المستقبل CD28 الموجود على الخلايا التائية البكر، فيؤمن الإشارة٢. وإن هذا التعرف بالتزامن مع تعرف المستضد (الإشارة ١) يطلق استجابات الخلية التائية.

المحفزان المشاركان المعروفان للخلايا التائية هما بروتينان يسميانB7-1  (CD80)  و (CD86) B7-2 ، ويوجد كلاهما على سطح الخلايا المقدمة للمستضد، ويزداد التعبير express عنهما عندما تقابل الخلية المقدمة للمستضد المِكروبات. وهناك مستقبلات خاصة تعرف بـCD28 التي تتعرف البروتينات  B7، وهذه الجزيئات ((CD28 موجودة على معظم الخلايا التائية، وإن الأنواع المختلفة من عائلات B7 وCD28 تقوم بتنبيه الاستجابة المناعية أو تثبيطها.

إن ارتباط CD28 الموجود على الخلايا التائية ببروتين B7 الموجود على الخلايا المقدمة للمستضد يولد إشارات في الخلايا التائية، تعمل هذه الإشارات سويةً مع الإشارات المتولدة من تعرّف TCRs على المستضد المقدم من قبلMHC. تعد الإشارة المتواسطة بـ CD28 ضروريةً حتى تستجيب الخلايا التائية البكر، ففي حال غياب تفاعلاتCD28 معB7  يبقى تعرف TCRs  المستضد غير كافٍ لتفعيل الخلايا التائية. إن الحاجة إلى وجود المحفزات المشاركة تضمن أن تفعيل الخلايا اللمفاوية البكر يحدث كلياً بوساطة المستضدات المكروبية، وليس بوساطة المواد الأجنبية غير المؤذية، ولا بوساطة المستضدات الذاتية.

إن دور التحفيز (التنبيه) المشارك في تفعيل الخلايا التائية يفسر الملاحظة التالية: المستضدات البروتينية- كتلك المستخدمة باللقاحات- تخفق في الحصول على الاستجابات المناعية المعتمدة على الخلايا التائية ما لم يتم إعطاء هذه المستضدات مع المواد التي تنشط الـ APCs، وخاصة الخلايا التغصنية. وتسمى هذه المواد بالمواد المساعدة Adjuvants، وهي تعمل أساساً على تحفيز الـ APCs على إفراز السيتوكينات التي تنشط الخلايا التائية. معظم المواد المساعدة هي منتجات لمكروبات (على سبيل المثال: المتفطرات المقتولة، التي غالباً ما تستخدم بالدراسات التجريبية) أو مواد تحاكي المِكروبات. وهكذا تخدع المواد المساعدة جهاز المناعة فتجعله يستجيب للمستضدات البروتينية المُنقاة في اللقاح كما لو كانت هذه البروتينات أجزاء من المِكروبات الخمجية.

أدى الفهم المتزايد للمحفزات المشاركة إلى ظهور استراتيجيات جديدة لتثبيط الاستجابات المناعية الضارة، حيث يتم استخدام العوامل التي تحصر تفاعلات B7 مع CD28 في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي، والأمراض الالتهابية الأخرى، ورفض الطّعوم.

المستقبِلات المثبطة للخلايا التائية:

تعد المستقبلات المثبطة حاسمة للحد من الاستجابات المناعية وانهائها. وهناك مستقبِلان مثبطان مهمّان وقريبَان بنيوياً من CD28، هما: CTLA-4 و PD-1.تتعرف المستقبلة CTLA-4 -كمثيلتها CD28- B7-1 وB7-2 الكائنين في الخلايا المقدمة للمستضد، ويتعرفPD-1  روابط مختلفة، ولكنها قريبة من حيث البنية موجودة على العديد من أنواع الخلايا.  ويتم تحفيز كل من CTLA-4 و  PD-1في الخلايا التائية المنشطة، وتعملان على إنهاء استجابات هذه الخلايا. تؤدي CTLA-4 أيضاً دوراً مهماً في الوظيفة المثبطة للخلايا التائية المنظمة.

تطورت هذه المستقبلات المثبطة لتقوم بمنع الاستجابات المناعية ضد المستضدات الذاتية، فالحذفdeletion الجيني، أو إحصار هذه الجزيئات في الفئران والبشر يؤدي إلى ظهور مرض مناعي ذاتي جهازي. كما تشارك هذه المستقبلات في تثبيط الاستجابات لبعض الأورام والأخماج الفيروسية المزمنة. وهذه الاكتشافات هي الأساس لاستخدام الأضداد التي تحصر Block هذه المستقبلات لتعزيز الاستجابات المناعية ضد الأورام عند مرضى السرطان.

 منبهات (محفزات) تفعيل الخلايا التائيةCD8+:

يتم تفعيل الخلايا التائية CD8+ بتعرف الببتيدات المرتبطة بالـ MHC I، كما يتطلب ذلك وجود التحفيز المشارك والخلايا التائية المساعدة Helper T cell. قد تختلف استجابات الخلايا التائيةCD8+  بعدة طرق عن استجابات الخلايا اللمفاوية التائية CD4+:

• إن بدء تفعيل الخلايا التائية  CD8+ يتطلب غالباً مستضداً عصارياً (يوجد في الهيولى الخلوية)، (على سبيل المثال: خلايا مصابة بفيروس أو خلايا ورمية) ليتم عرضه بشكل متصالب Cross-presented من قبل الخلايا التغصنية.

• إن تمايز الخلايا التائية البكر  CD8+ إلى لمفاويات تائية سامة للخلايا (CTLs)، أو إلى خلايا الذاكرة، قد يتطلب وجود تفعيل مرافق للخلايا التائية المساعدة  CD4+ (الشكل ٥). عندما يتم التقام الخلايا المصابة بالفيروس بوساطة الخلايا التغصنية فإن الخلايا APC تقدم المستضدات الفيروسية من العصارة الخلوية في معقد مع جزيئات MHC 1، ومن الحويصلات في معقد مع جزيئات II MHC. وهكذا يتم تفعيل كل من الخلايا التائية CD8+  والخلايا التائية CD4+  الخاصة بالمستضدات الفيروسية قرب بعضهما. وقد تنتج الخلايا التائية CD4+ سيتوكينات أو جزيئات غشائية تساعد على تنشيط الخلايا التائية CD8+. وهذه الحاجة إلى الخلايا التائية المساعدة في استجابات خلايا CD8+ هي التفسير المحتمل لاستجابات اللمفاويات التائية السامة  المعيبة للعديد من الفيروسات في المرضى المصابين بفيروس عوز المناعة المكتسب (HIV)، الذي يقتل الخلايا CD4+، وليس الخلايا CD8+،  لكن تبين أن استجابات CTL لبعض الفيروسات لا تتطلب مساعدة من خلاياCD4 + T.

(الشكل ٥): تفعيل الخلايا التائية CD8+.

الخلايا المقدمة للمستضد (APCs) ولا سيما الخلايا التغصنية تلتقم الخلايا المصابة وتقدم المستضدات المكروبية إلى الخلايا التائية CD8+ (تقديم متصالب)، وإلى الخلايا التائية المساعدة helper T cell CD4+. تنتج الخلايا التائية المساعدة بعد ذك السيتوكينات التي تحفز نمو الخلايا التائية CD8+ وتمايزها. وقد تفعِّل الخلايا المساعدة الـ APCs لجعلها محفزات قوية للخلايا التائية CD8+.

السبل الكيميائية الحيوية لتفعيل الخلية التائية:

بعد تعرّف المستضدات والمحفّزات المشاركة تبدي الخلايا التائية بروتينات  لها دور في تكاثرها وتمايزها ووظائفها الفاعلة. والخلايا التائية البكر التي لم تواجه أي مستضد تكون قدرتها على إنشاء هذه البروتينات منخفضة. وخلال دقائق من التعرف إلى المستضد يحدث في الخلايا التائية المفعلة تعبير عن جينات جديدة وتركيب للبروتينات، وهذه البروتينات الجديدة ستتواسط العديد من استجابات الخلايا التائية لاحقاً.

يفعِّل تعرف المستضد عدة آليات كيميائية حيوية تؤدي إلى استجابة اللمفاويات، ومنها تفعيل الإنزيمات، مثل الكينازات Kinase وبعض البروتينات، وإنتاج عوامل استنساخ فعّالة تقود الى استجابات الخلية التائية. تنطلق هذه السبل عندما يتم الجمع بين معقدات الـ TCR والمستقبلات المساعدة المناسبة معاً، وذلك بالارتباط بالمعقّدات المكونة من الـ MHC والببتيدات الموجودة على سطح الخلايا المقدمة للمستضد. إضافة إلى ذلك هناك حركة منتظمة للبروتينات في غشاء كل من الخلايا المقدمة للمستضد والخلايا التائية في مكان اتصالهما. إعادة التوزع لجزيئات الإشارة والالتصاق في الغشاء ضروري من أجل التكون الأمثل لإشارات التفعيل في الخلية التائية. منطقة الاتصال بين الخلية التائية والخلية المقدمة للمستضد تدعى المشبك المناعي immune synapse، وعلى الرغم من أن هذه المشابك وصفت في البداية بأنها موقع توصيل إشارات التفعيل من مستقبلات الغشاء إلى داخل الخلية، فإنها قد تقوم بوظائف أخرى.

 وقد يتم إفراز بعض الجزيئات الفعالة والسيتوكينات عبر هذه المنطقة مما يضمن توجيهها إلى الخلية المقدمة للمستضد من دون أن تنتشر بعيداً. والإنزيمات المسؤولة عن تثبيط جزيئات الإشارة أو تدركها يتم حشدها أيضاً في هذا المشبك؛ لتتمكن من المشاركة في إنهاء تفعيل الخلايا اللمفاوية.

أما المستقبلات المشاركة coreceptor CD4 وCD8 فإنها تيسر نقل الإشارة عبر كيناز تيروزين البروتين يدعى LcK. وهناك عدة بروتينات إشارة عابرة للغشاء ترافق الـ TCR، منها سلاسل ζ (زيتا) وCD3. ويضم كل من CD3 وسلاسل ζ  قطعاً تدعى دوافع Motifs، وهي ضرورية في إرسال الإشارات. ويتم تقريب LcK من الـ TCR بوساطة  CD4وCD8، فيقوم البروتين LcK بفسفرة ثمالات التيروزين في بروتيناتCD3 والسلسلة زيتا ζ. يلي ذلك سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي أغلبها تفاعلات فسفرة للعديد من الإنزيمات والبروتينات المُلئمة التي تتجمع قرب مستقبلات الخلايا التائية TCR لتتواسط إحداث إشارات إضافية.

٭ العامل النووي للخلايا التائية المفعلة (NFAT) Nuclerr Factar of Activated T-Cell:

هو عامل انتساخ، يوجد بشكله المفسفر غير الفعال في هيولى الخلايا التائية الخاملة. تفعيل NFAT ونقله إلى النواة يعتمد على تركيز شوارد الكلسيوم Ca+2 في العصارة الخلوية. ويتم إطلاق هذا السبيل بوساطة الفسفرة المتواسطة بـ ZAP-70، فتحدث سلسلة من التفاعلات الإنزيمية تنتهي بارتفاع تركيز شوارد الكلسيوم في العصارة الخلوية. وتفتح قناة للكلسيوم في الغشاء البلاسمي استجابة لفقدان الكلسيوم من المخازن الداخلية للخلية، فتتدفق شوارد الكلسيوم من خارج الخلية إلى داخلها؛ مما يرفع كذلك من تركيز شوارد الكلسيوم داخل الخلوي، ويستمر ذلك ساعات. وارتفاع التركيز السيتوبلازمي لشوارد الكلسيوم يؤدي إلى تفعيل إنزيم يدعى الكالسينورين Calcineurin. يقوم الكالسينورين بنزع الفوسفات من الـ NFAT السيتوبلازمي، وبالتالي يصبح الـ NFAT قادراً على الهجرة إلى النواة، حيث يرتبط هناك بمعززات للعديد من الجينات، ومن بينها الجينات المرمزة لعامل نمو الخلايا التائية IL-2 (الإنترلوكين٢)، وكذلك مكونات مستقبل الـ IL-2. 

هناك دواء يدعى السايكلوسبورين Cyclosporine يثبط نشاط الكالسينورين فوسفاتاز، وبالتالي يكبح الخلايا التائية عن إنتاج السيتوكينات المعتمدة على NFAT،  لذلك يستعمل هذا الدواء استعمالاً واسعاً مثبطاً مناعياً لمنع رفض الطعوم أو الأعضاء المزروعة، إذ عد هذا المركب عاملاً مهماً في نجاح عمليات زرع الأعضاء.

٭ سبل Ras/Rac-MAP Kinase:

تتضمن هذه السبل بروتينات Rac  وRas، والعديد من البروتينات الملئمة adaptor، وشلالاً من الإنزيمات التي تفعّل في النهاية أحد كينازات عائلة البروتين المفعّل للانقسام Mitogen-activated protein (MAP). يتم إطلاق هذه السبل بالفسفرة المعتمدة على ZAP-70، وبتراكم البروتينات الملئمة في الغشاء البلازمي؛ مما يؤدي إلى تفعيل بروتينات Ras و Rac حيث تقوم الأشكال المفعلة منهما بإطلاق شلالات إنزيمية تؤدي إلى تشكيل البروتين المفعل لعامل الانتساخ الذي يحفز انتساخ العديد من جينات الخلايا التائية.

٭ سبيل كيناز الفوسفاتيديل إينوزيتول-٣ (IP-3 Kinase):

هو كيناز شحمي، يقوم بفسفرة الشحميات الفوسفورية (PIP2) في الغشاء لينتج (PIP3).PIP3  المطلوب من أجل تفعيل عدد من الأجهزة، وتحفيز التعبير عن البروتينات المضادة للاستماتة التي تقوم بتحريض بقاء الخلايا التائية المنبّهة بالمستضد. وهذا السبيل يتم إطلاقه ليس فقط عن طريق الـ TCR، ولكن أيضاً عن طريق مستقبلاتCD28  وIL-2. 

عوامل النسخ المتنوعة التي يتم تحفيزها في الخلايا التائيّة تحفّز انتساخ السيتوكينات وإنتاجها، ومستقبلات السيتوكين، ومحرضات الدورة الخلوية، والجزيئات الفعالة مثل CD40L. وكل هذه الإشارات تبدأ عند تعرف المستضد لأن ارتباط الـ TCR والمستقبلات المشاركة بمعقد MHC-Peptide ضروري لبدء التأشير signaling في الخلايا التائية.

يرافق تفعيلَ اللمفاويات أيضاً تغير عميق في السبل الاستقلابية، ففي الخلايا التائية البكر الخاملة يتم قبط مستويات منخفضة من الغلوكوز. أما بعد التفعيل فيزداد قبط الغلوكوز ازدياداً كبيراً، وتتحول الخلية إلى التحلل الهوائي. هذه العملية تسهل تركيب المزيد من الحموض الأمينة والشحوم والجزيئات الأخرى التي تؤمن وحدات بناء العضيات وإنتاج خلايا جديدة. ونتيجة لذلك يصبح بإمكان الخلية التائية المفعلة تركيب المكونات الخلوية التي تلزمها لتلبية نموها السريع، وإنتاج الخلايا البنات إنتاجاً أكثر فعالية.

استجابات اللمفاويات التائية الوظيفية للمستضدات والمنبهات المشاركة:

تعّرف المستضد والتنبيه المشارك من قبل الخلايا التائية يطلق مجموعة منسقة من الاستجابات التي تبلغ ذروتها عند توسّع نسائل اللمفاويات النوعية للمستضد، وتمايز الخلايا التائية البكر إلى خلايا فاعلة وخلايا ذاكرة (انظر الشكل٣). والعديد من استجابات الخلايا التائية متواسطة من قبل السيتوكينات التي يتم إفرازها من قبل الخلايا التائية، والتي تؤثر في الخلايا التائية نفسها، وفي العديد من الخلايا التي تساهم في المقاومة المناعية.

٭ إفراز السيتوكينات والتعبير عن مستقبلات السيتوكين:

السيتوكينات هي مجموعة كبيرة من البروتينات تعمل وسائط في المناعة والالتهاب، وتقوم بأدوار عديدة في مناعة المضيف تنتجها في استجابات المناعة الخلقية الخلايا التغصنية والبلاعم الكبيرة. أما في المناعة التلاؤمية فتُفرز معظم السيتوكينات من الخلايا التائية ولا سيما خلايا +CD4.

في الاستجابة للمستضدات والمنبهات المشاركة تفرز اللمفاويات التائية وخاصة الخلايا التائيّة  +CD4 بسرعة السيتوكين IL-2 (الإنترلوكين ٢). وينتج السيتوكين IL-2 خلال ١-٢ ساعة بعد تفعيل الخلايا التائية +CD4. ويزيد التفعيل أيضاً التعبير عن مستقبلات IL-2 عالية الألفة، وهذا يعزز بسرعة قدرة الخلايا التائية للارتباط وللاستجابة لـ IL-2 (الشكل ٦). مستقبلة الـ IL-2  هي جزيء مكون من ثلاث سلاسل. الخلايا التائية البكر تبدي اثنتين من سلاسل الإشارة، ولكن لا تبدي السلسلة ألفا (CD25) التي تعطي القدرة للمستقبل على الارتباط بـIL-2  بألفة عالية. خلال ساعات بعد التفعيل عن طريق المستضد والمنبهات المشاركة تنتج الخلايا التائية السلسلة الثالثة للمستقبل، وحينئذٍ تصبح مستقبلة IL-2 المكتملة قادرة على الارتباط بـ IL-2  بقوة. وهكذا  يرتبط IL-2  المنتج من الخلايا التائية المنبّهة بالمستضد ارتباطاً تفضيلياً بالخلايا التائية ذاتها ويعمل عليها، وهذا مثال على فعل السيتوكين الهرموني الذاتي Autocrine.

 

(الشكل ٦): دور الإنترلوكين-٢ ومستقبلات IL-2  في تكاثر الخلايا التائية.

تبدي الخلايا التائية البكر مستقبلة IL-2 قليلة الألفة IL-2R، لكن عندما تتفعل بتعرف المستضد وبالتحفيز المشارك فإن الخلية تبدأ بإنتاج مستقبل IL-2  ذات الألفة العالية. يؤدي ربط IL-2  بمستقبلته إلى بدء تكاثر الخلايا التائية التي تعرفت المستضد.

 

الوظائف الأساسية للـ IL-2 هي تحفيز بقيا وتكاثر الخلايا التائية، والنتيجة زيادة في عدد الخلايا التائية النوعية للمستضد، لذا كان IL-2 يدعى عامل نمو الخلايا التائية. السيتوكين IL-2 ضروري أيضاً للحفاظ على الخلايا التائية المُنظِّمة، والتحكم بالاستجابة المناعية. الخلايا اللمفاوية التائيّة +CD8 التي تتعرف المستضد والمحفزات المشاركة لا يبدو أنها تفرز كميات كبيرة من IL-2، لكن هذه اللمفاويات تتكاثر تكاثراً عادياً خلال الاستجابة المناعية؛ مما يدل على أن تعرف المستضدات والتحفيز المشارك قد يكون قادراً على دفع الخلايا التائية +CD8 على التكاثر. كما أنه قد يتم التزود بالـ IL-٢ عن طريق الخلايا التائية المساعدة +CD4.

التوسع النسيلي:

الخلايا اللمفاوية التائية المفعّلة من خلال المستضدات والمحفزات المشاركة تبدأ بالتكاثر خلال يوم أو يومين، وبالنتيجة يحصل توسع بالنسائل النوعية للمستضد. ويزود هذا التوسع السريع بتجمعٍ كبيرٍ من اللمفاويات النوعية للمستضد والتي تكوّن خلايا فاعلة تستطيع مواجهة الخمج. التضخم الناجم عن التوسع النسيلي هو تضخم مثير للاستغراب، وخصوصاً للخلايا التائية +CD8؛ فقبل حدوث الالتهاب تكون نسبة الخلايا التائية +CD8 النوعية لأي مستضد بروتيني نحو ١ من كل ١٠ ٥ أو ١ من كل ١٠ ٦ من لمفاويات الجسم، في قمة بعض الأخماج الفيروسية يمكن أن تصبح نسبة الخلايا النوعية للفيروس خلال أسبوع بعد العدوى نحو ١٠٪ أو ٢٠٪ من كل اللمفاويات في الأعضاء اللمفية. وهذا يعني أن عدد الخلايا  النوعية للمستضد  في النسائل ازداد أكثر من ١٠.٠٠٠ ضعف، مع زمن مضاعفة مقدر بنحو ٦ ساعات.

هناك العديد من الميزات المفاجئة لهذا التوسع النسيلي:

أولاً: هذا التوسع الضخم للخلايا التائية النوعية لمكروب لا يرافقه ازدياد ملحوظ للخلايا التي لم تتعرف هذا المكروب. ثانياً: حتى خلال العدوى بمكروبات معقدة (تحتوي العديد من المستضدات البروتينية)، معظم النسائل المتوسعة تكون نوعية فقط لعدد قليل من الببتيدات السائدة مناعيّاً لهذا المكروب (غالباً أقل من خمسة).

إن التوسع في الخلايا التائية CD4+ أقل بنحو ١٠٠ ضعف إلى ١٠٠٠ ضعف من التوسع الذي يحصل في الخلايا CD8+، هذا الاختلاف قد يظهر اختلافاً في الوظيفة بين نوعي الخلايا التائية، فالخلايا CD8+ هي خلايا فاعلة تقتل الخلايا المصابة بالاتصال المباشر، ولقتل عدد كبير من الخلايا المصابة ثمة حاجة إلى الكثير منها، وعلى العكس وتفرز كل خلية CD4+ فاعلة السيتوكينات التي تؤدي إلى تفعيل العديد من الخلايا الفعالة الأخرى؛ لذلك كان عدد قليل نسبياً منها كافياً للقيام بهذا العمل.

 تمايز الخلايا التائية البكر إلى خلايا فاعلة:

تتمايز بعض ذراري الخلايا التائية المحفزة بالمستضد والمتكاثرة إلى خلايا فاعلة وظيفتها القضاء على الأخماج. وعملية التمايز هذه تكون نتيجة تغيّر في التعبير الجيني، مثل تفعيل جينات مرمّزة للسيتوكينات (في الخلايا التائيّة +CD4)، أو البروتينات السامّة للخلايا (في الخلايا التائيّة +CD8  CTLS). وتبدأ عملية التمايز بالتزامن مع التوسع النسيلي، وتظهر الخلايا المتمايزة الفعالة خلال ٣-٤ أيام بعد التعرّض للمكروبات. الخلايا الفعالة من نسل الـ+ CD4 تكتسب القدرة على إنتاج عدة مجموعات من السيتوكينات. وتصنف الزمر الفرعية من الخلايا التائية  بناءً على السيتوكينات المميزة لها، وتسمى: Th1،Th2 وTh17 (الشكل٧). والعديد من هذه الخلايا تغادر الأعضاء اللمفاوية المحيطية وتهاجر إلى مواقع الخمج، حيث تقوم السيتوكينات الخاصة بها بحشد كريات بيض أخرى تدمر العوامل الخامجة.

 

(الشكل ٧): تطور الخلايا التائية الفاعلة CD4+ .

عندما يتم تفعيل الخلايا التائية البكر CD4+ في الأعضاء اللمفاوية الثانوية فإنها تتكاثر وتتمايز إلى خلايا فاعلة. بعض هذه الخلايا (Th1, Th2, Th17) تخرج غالباً من العضو اللمفاوي وتعمل على القضاء على المِكروبات في النسج المحيطية. خلايا متمايزة أخرى تدعى الخلايا التائية المساعدة الجريبية Tfh تبقى في الأعضاء اللمفاوية، وتساعد الخلايا البائية على إنتاج أضداد قوية.

بقية الخلايا التائية +CD4 المتمايزة تبقى في الأعضاء اللمفاوية، وتهاجر إلى الجريبات اللمفية، حيث تقوم بمساعدة الخلايا اللمفية البائية لإنتاج الأضداد. أما الخلايا الفعالة من نسل CD8+ فتكتسب القدرة على قتل الخلايا المخموجة.

تُفعِّل الخلايا التائية المساعدة helper T cell +CD4 البلاعم واللمفاويات البائية من خلال عمل بروتينات الغشاء السيتوبلازمي وعبر السيتوكينات المفرزة (الشكل٨). البروتين السطحي الأكثر أهمية في الخلية الذي يشارك في عمل الخلايا التائية +CD4 هو: الرابط ligand CD40 L، وهو ينتمي إلى عائلة كبيرة من البروتينات ذات الصلة بنيوياً مع السيتوكين عامل النخر الورمي (TNF). و يتم التعبير عن CD40L في الخلايا التائية +CD4 استجابة لتعرف المستضد والمنبهات المشاركة. وإن التآثر بين CD40L الموجود على الخلايا التائية المساعدة  والـCD40  الموجود على الخلايا التغصنية يزيد التعبير عن المحفزات المشاركة على الخلايا المقدمة للمستضد، كما يزيد إنتاج السيتوكينات المفعلة للخلايا التائية، وهكذا تصبح هناك آلية تلقيم راجع إيجابي (تضخيم) لتفعيل الخلايا التائية المحفز بالخلايا المقدمة للمستضد APCs.

 

الشكل (٨): أدوار CD40L والسيتوكينات في الوظائف الفعالة للخلايا التائية المساعدة CD4+.

الخلايا التائية CD4+ التي تمايزت إلى خلايا فاعلة تملك CD40L وتفرز سيتوكينات. v يرتبط بـ CD40 الموجود على الخلايا البائية أو البلاعم الكبيرة، في حين ترتبط السيتوكينات بمستقبلاتها الموجودة على الخلايا نفسها. إن مجموع الإشارات المنقولة بوساطة CD40 ومستقبلات السيتوكينات (الأسهم) يقوم بتفعيل البلاعم الكبيرة في المناعة المتواسطة بالخلايا (A)، ويقوم بتفعيل الخلايا البائية وإنتاج أضداد عالية الألفة ومتبدلة نمطياً Isotope-switched وذلك في الاستجابات المناعية الخلطية (B).

تطور لمفاويات الذاكرة التائية

يتمايز جزء من الخلايا التائية المفعلة بالمستضد إلى خلايا ذاكرة تائية تعيش مدة طويلة. تُشكّل هذه الخلايا تجمعات من الخلايا اللمفاوية التي تم تحفيزها من قبل المِكروبات والتي تنتظر عودة الخمج. لا يعلم ما هي العوامل التي تحدد فيما إذا كانت سلالة الخلايا اللمفاوية المحفزة بالمستضد سوف تتمايز إلى خلايا فعالة أو إلى خلايا ذاكرة. تملك خلايا الذاكرة التائية العديد من الميزات المهمة:

٭ يمكن لخلايا الذاكرة البقاء على قيد الحياة حتى بعد القضاء على الخمج وعدم وجود المستضد بعدها. تؤدي سيتوكينات معينة تفرز من الخلايا السدوية stromal في النسج منها « IL-7و ١٥-IL» دوراً مهماً في إبقاء خلايا الذاكرة التائية على قيد الحياة لتدور ببطء في الدم.

٭ قد يتم تحريض خلايا الذاكرة بسرعة لتقوم بإنتاج السيتوكينات أو قتل الخلايا المخموجة عندما تواجه المستضد الذي تعرفت إليه. هذه الخلايا لا تقوم بأي وظائف فاعلة  إلى أن تواجه المستضد، لكن عندما يتم تفعيلها فإنها تستجيب استجابة أكثر سرعةً ونشاطاً من الخلايا اللمفاوية البكر.

٭ يمكن أن توجد هذه الخلايا في الأعضاء اللمفاوية وبمختلف الأنسجة المحيطية وخاصّة في الجلد والأغشية المخاطية والدوران. ويمكن تمييز هذه الخلايا من الخلايا البكر والخلايا الفعالة بعدّة معايير. ويوجد مجموعة فرعية من خلايا الذاكرة التائية تُسمَّى خلايا الذاكرة المركزية،  توجد في الأعضاء اللمفاوية، وتكون مسؤولة عن التوسّع النسيلي السريع بعد إعادة التعرض للمستضد. وتوجد زمرة فرعيّة أخرى تُسمَّى خلايا الذاكرة الفعالة effector memory cell تتوضَّع في الأغشية المخاطية والأنسجة المحيطيّة الأخرى، تتواسط هذه المجموعة الوظائف الفعالة السريعة ومنع إعادة إدخال المستضد لتلك المواقع.

 هجرة اللمفاويات التائية في الارتكاسات المناعية المتواسطة بالخلايا

تبدأ استجابات الخلية التائية في المقام الأول ضمن الأعضاء اللمفية الثانويّة، وتحدث مرحلة الاستجابة  الفعالة في النسج المحيطية المخموجة؛ لذا يجب على الخلايا التائية أن تهاجر في اتجاهات مختلفة خلال مراحل حياتها:

٭ تهاجر الخلايا التائية البكر ما بين الدم والأعضاء اللمفاويّة الثانويّة إلى أن تقابل داخل الأعضاء اللمفاويّة الثانويّة خلية تغصنية تعرض المستضدات التي تتعرفها الخلايا التائيّة.

٭ بعد أن تتفعل الخلية التائيّة البكر وتتمايز إلى خلايا فاعلة يجب عليها أن تهاجر مجدداً إلى موقع الخمج حيث ستقوم بوظيفتها ألا وهي قتل المِكروبات. ويتم التحكم بهجرة الخلايا التائية البكر والفعالة بوساطة ثلاث عائلات بروتينيّة، وهي: السلكتينات selectins، الإنتغرينات، الكيموكينات، حيث تنظم هذه البروتينات هجرة جميع الخلايا البيض. وتختلف طرق هجرة الكريات البكر والفعالة اختلافاً ملحوظاً، وذلك بسبب اختلاف التعبير الانتقائي لجزيئات الالتصاق المختلفة ومستقبلات الكيموكينات Chemokines على الخلايا التائية البكر مقارنةً بالخلايا التائية الفعالة، إضافة إلى التعبير الانتقائي لجزيئات الالتصاق البطانية والكيموكينات في النسج اللمفية ومواقع الالتهاب.

تملك الخلايا التائية البكر جزيئات التصاق تدعى السلكتين-ل ((CD62L، ومستقبلة الكيموكين CCR7، التي تتواسط الهجرة الانتقائية للخلايا البكر إلى العقد اللمفاوية من خلال أوعية متخصصة تدعى «الوريدات ذات البطانة الرقيقة High endothelial venules (HEVs)».

تتوضع هذه الوريدات في مناطق الخلايا التائية من النسج اللمفاوية، وتكون مبطنة بخلايا بطانية متخصصة، تملك روابط سكرية ترتبط بالسلكتين - ل. تبدي الوريدات ذات البطانة الرقيقة  أيضاً كيموكينات يتم تصنيعها فقط في الأنسجة اللمفاوية، ويتم تعرفها خاصة من قبل CCR7.

هجرة الخلايا التائية البكر وتتم في سلسلة متعددة الخطوات كما في هجرة جميع الكريات البيض عبر الأوعية الدموية:

٭ تتآثَر الخلايا التائية البكر في الدم مع بطانة الوريدات الرقيقة؛ مما يسمح للكيموكين بالارتباط بـ CCR7 الموجود على الخلية التائية.

٭ يقوم الـ CCR7 بنقل الإشارات داخل الخلايا مما يزيد ألفة ارتباط الإنتغرين.

٭ ينجم عن زيادة الألفة بين الأنتغرين والرابط (اللجين) الخاص به في الوريدات الرقيقة (جزيء الالتصاق بين الخلوي ١ على الوريدات ذات البطانة الرقيقة) التصاق ثابت، وإيقاف الخلايا التائية المتدحرجة عن الحركة.

٭ تخرج الخلايا التائية بعد ذلك من الأوعية من خلال الوصلات البطانية، ويتم احتجازها في منطقة الخلية التائية من العقد اللمفية استجابةً للكيموكينات التي تُنتج هناك.

وهكذا، يدخل العديد من الخلايا التائية البكر التي تُحمل في الدم إلى الوريدات الرقيقة،  ومنها إلى منطقة الخلايا التائية داخل سدى العقدة اللمفاوية،  تحدث هذه العملية باستمرار في جميع العقد اللمفية والأنسجة اللمفاوية المخاطياتية في الجسم. أما الخلايا التائية الفعالة فإنها لا تبدي  CCR7 أو L-selectin، وبالتالي لا يتم سحبها إلى داخل العقد اللمفاوية.

الفسفوليبيد سفينغوزين sphingosine1-phosphate (S1P):

يقوم SIP بدور رئيسي في عملية  عبور اللمفاويات العقد اللمفية. إذا لم تتعرف الخلية التائية البكر بعد دخولها إلى العقدة أي مستضد فإنها تغادر العقدة عبر الأوعية اللمفاوية الصادرة. أما إذا صادفت الخلية التائية مستضداً نوعياً، وتمّ تفعيلها فإنها تُحجز في العقدة اللمفية مدة كافية، تخضع خلالها للتوسع والتمايز النسيلي، ومن ثم تُسحب الخلايا المفعلة خارج العقدة باتجاه التصريف اللمفاوي، وتنتقل بعد ذلك إلى الدوران الدموي. ويؤدي SIP دوراً رئيسياً في المراحل المختلفة لمسار اللمفاويات البكر المفعلة في العقدة اللمفية. وقد برزت أهمية مسار S1P  من خلال تطوير دواء (fingolimod) الذي (يرتبط بمستقبل S1P) ويمنع خروج الخلايا التائية من العقد اللمفية. وقد تمت الموافقة على هذا الدواء لعلاج مرض التهابي هو التصلب المتعدد.

 وتهاجر الخلايا التائية الفعالة إلى مواقع الخمج؛ لأنها تحمل express جزيئات الالتصاق ومستقبلات الكيموكين التي ترتبط باللجائن Ligands المعروضة على بطانة الأوعية الدموية وذلك في الاستجابات المناعية الخلقية ضد المِكروبات. وعملية تمايز الخلايا اللمفية التائية البكر إلى الخلايا الفعالة ترافقها تغييرات في أنواع جزيئات الالتصاق ومستقبلات الكيموكينات المعبر عنها على هذه الخلايا. ويتم التحكم بهجرة الخلايا التائية الفعالة إلى الأنسجة المحيطية بوساطة  أنواع التفاعلات نفسها التي تعتمد عليها هجرة الكريات البيض الأخرى إلى الأنسجة:

• الخلايا التائية الفعالة تحمل مستويات عالية من الروابط البروتينية glycoproteins لكل من E و P سلكتين وبعض الإنتغرينات. إن السيتوكينات المناعية الخلقية المنتجة في موقع الخمج، مثل TNF و IL-1 تعمل على الخلايا البطانية، وذلك لزيادة التعبير عن سلكتين E و P، إضافة إلى روابط الإنتغرين، وجزيء الالتصاق الخلوي الوعائي١ (VCAM-1)، وهو اللجين (الرابط) للأنتغرين ـVLA-4.

• الخلايا التائية الفعالة التي تمر عبر الأوعية الدموية في موقع الخمج ترتبط أولاً بالسلكتينات البطانية؛ مما يؤدي إلى تفاعلات التدحرج rolling.

• تُظهر الخلايا التائية الفعالة أيضاً مستقبلات الكيموكينات التي تنتجها البلاعم الكبيرة والخلايا البطانية في مواقع الالتهاب، ويتم عرضها على سطح البطانة. وتتعرف الخلايا  التائية الدوارة هذه الكيموكينات؛ مما يؤدي إلى زيادة ألفة ارتباط الإنتغرينات بروابطها، وثبوت التصاق الخلايا التائية بالبطانة.

• بعد أن يتم احتجاز الخلايا اللمفاوية  التائية الفعالة على الخلايا البطانية تتسلل عبر المواصل junctions بين الخلايا البطانية وتصل إلى داخل النسيج، كما تحفز الكيموكينات التي  أنتجتها البلاعم الكبيرة  والخلايا الأخرى في النسج حركية النقل العبوري للخلايا التائية.

النتيجة الواضحة لهذه التفاعلات الجزيئية بين الخلايا التائية والخلايا البطانية هي هجرة الخلايا التائية من الأوعية الدموية إلى موقع الخمج. الخلايا التائية البكر لا تحمل روابط لأي من السلكتين  E أوP ،  ولا تحمل مستقبلات للكيموكينات المنتجة في  مواقع الالتهاب؛ لذلك  لا تهاجر الخلايا التائية البكر إلى مواقع الخمج أو النسيج المصاب.

• لا يعتمد توجه الخلايا التائية الفعالة إلى موقع الخمج على تعرف المستضد، لكن الخلايا اللمفاوية التي تتعرف المستضد يتم احتجازها بشكل تفضيلي وتفعيلها في ذلك الموقع.

• يعتمد توجه homing الخلايا التائية الفعالة لمواقع الخمج اعتماداً رئيسياً على جزيئات الالتصاق والكيموكينات؛ لذلك أي خلية تائية موجودة في الدم -بغض النظر عن نوعية المستضد-  يمكن أن تدخل إلى موقع أي خمج. وهذه الهجرة غير الانتقائية يحتمل أنها تزيد من فرص دخول الخلايا اللمفاوية الفعالة إلى الأنسجة حيث قد تصادف المِكروبات التي تتعرفها.

• الخلايا التائية الفعالة التي تغادر الدوران الدموي، والتي تتعرف نوعياً مستضدات المِكروبات المقدمة لها من قبل الخلايا المقدمة للمستضد في الأنسجة المحلية يعاد تنشيطها، وإحدى نتائج هذا التنشيط زيادة الإنتغرينات VLA، وبعض هذه الإنتغريات ترتبط ارتباطاً نوعياً بالجزيئات الموجودة في المطرس خارج الخلوي، كالحمض الهيالوريني والفيبرونيكتين fibronectin. لذلك تلتصق اللمفاويات المفعلة بالمستضد بإحكام ببروتينات المطرس النسيجي بالقرب من المستضد، مما يعمل على إبقاء هذه الخلايا في موقع الالتهاب. هذا الحجز الانتقائي يساهم في تجمع المزيد من الخلايا التائية النوعية للمستضدات المكروبية في موقع الخمج.

نتيجة لهذه السلسلة من أحداث هجرة الخلية التائية فإن مرحلة التفعيل في الاستجابات المناعية المتواسطة بالخلايا التائية قد تحدث في أي موقع للخمج. وعلى النقيض من تفعيل الخلايا التائية البكر الذي يحتاج إلى تقديم للمستضد وتحفيز مساعد من قبل الخلايا التغصنية، تكون الخلايا الفعالة المتمايزة أقل اعتماداً على التحفيز المشارك، لذلك يقتصر تكاثر الخلايا التائية البكر وتمايزها على الأعضاء اللمفية حيث الخلايا التغصنية التي تقدم المستضدات وتبدي المحفزات المشاركة بوفرة، في حين يمكن أن يعاد تفعيل الخلايا التائية الفعالة من قبل أي خلية مضيفة تقوم بعرض الببتيدات الجرثومية المرتبطة بجزيئات معقد التوافق النسيجي الكبير MHC، وليس فقط الخلايا التغصنية.

 إن معرفة التفاعلات الجزيئية الحاصلة في هجرة الخلايا دعا إلى العديد من المحاولات لتطوير عامل يوقف عملية هجرة الخلايا إلى النسج. فالأضداد ضد الإنتغرين فعالة في الأمراض الالتهابية، كأمراض التصلب المتعدد وداء الأمعاء الالتهابي، ولكن الاستخدام السريري لهذه الأدوية محدود، لأن إنقاص دخول الكريات البيض إلى الأنسجة- ولا سيما الجهاز العصبي المركزي- يسمح بإعادة تنشيط الفيروسات الكامنة في بعض الأحيان لدى المرضى المعالجين بهذه الأدوية. كما تم تطوير جزيئات صغيرة ترتبط بمستقبلات الجاذبات الكيميائية وتثبطها، وأظهر بعضها فعالية في داء الأمعاء الالتهابي.

انتهاء الاستجابة المناعية:

بسبب التوسع الملحوظ في الخلايا اللمفية النوعية لمستضد معيّن في ذروة الاستجابة المناعيّة يُتوقع عند انتهاء هذه الاستجابة أن يعود النظام المناعي إلى حالة مستقرّة  تسمى الاستتباب، ليكون مستعداً للاستجابة للعامل الممرض الخامج التالي.

خلال الاستجابة المناعية يتم الإبقاء على الخلايا التائية واستمرار تكاثرها عبر إشارات من: المستضد، وإشارات مشاركة من مستقبلات CD28، والسيتوكينات مثل IL-2. عندما ينتهي الخمج ويختفي المنبه الذي فعل الخلايا التائية، فإن العديد من الخلايا التائية التي تكاثرت استجابة للمستضد يتم حرمانها من إشارات البقاء السابقة، وبالتالي تموت تلك الخلايا بالاستماتة (الموت الخلوي المبرمج).

تنحسر الاستجابة المناعية بعد أسبوع أو أسبوعين من القضاء على الخمج، وبعد انحسار هذه الاستجابة لا يبقى إلّا علامة واحدة تدل أنه قد حصل استجابة مناعية متواسطة بالخلايا التائية، وهي وجود تجمّع لخلايا الذاكرة التائية الناجية.

تطوّرت العديد من الآليات للتغلّب على التحديات التي تواجهها الخلايا التائية في توليد استجابة مناعية متواسطة بالخلايا، منها:

• إنَّ الخلايا التائية البكر تحتاج أن تجد المستضد، تمَّ حل هذه المشكلة بوساطة الخلايا المقدّمة للمستضد APCs، حيث تلتقط هذه الخلايا المستضد وتقوم بتركيزه في أعضاء لمفاوية متخصصة في المناطق التي تجول الخلايا التائية البكر خلالها.

•  النمط الملائم من الخلايا التائية (مثال: الخلية التائية المساعدة CD4+ أو القاتلة CD8+ CTLs) يجب أن يستجيب للمستضدات القادمة إما من العصارة الخلوية وإما من الجسيمات الداخلية endosome. هذه الانتقائية محددة بفضل نوعية المستقبلات المشاركة  CD4 وCD8 لمعقدات التواغق النسيجي MHC من النمط الأول أو الثاني، وفصل (إستغراد) segregation المستضدات البروتينية خارج الخلوية (الحويصلية) وداخل الخلوية (العصارية) لكي يتم عرضها من قبل النمط الأول والثاني على الترتيب من جزيئات معقد التوافق النسيجي الكبير MHC.

• يجب أن تستجيب الخلايا التائية لـلمستضدات المكروبية ولكن ليس للبروتينات غير المؤذية، هذا التمييز للمستضد المكروبي يتم ضبطه بأنَّ تفعيل الخلايا التائية يتطلب منبهات مشاركة تظهر على الخلايا المقدمة للمستضد بتحريض من المِكروبات.

• تعرّف المستضد من قبل عدد صغير من الخلايا التائية يقود إلى استجابة كبيرة بما فيه الكفاية لتكون فعالة، يتم تحقيق ذلك بوساطة التوسع النسيلي النشيط بعد التحفيز (التنبيه)، وكذلك بوساطة عدة آليات تضخيم بوساطة المِكروبات والخلايا التائية ذاتها مما يعزز الاستجابة.

• هذه الاستجابة يجب أن يتم تحسينها لتحارب أنواعاً مختلفة من المِكروبات، يتم ذلك بوساطة تطور أنواع فرعية متخصصة من الخلايا التائية الفعالة.

الخلاصة:

• اللمفاويات التائية هي الخلايا التي تقوم بالمناعة المتواسطة بالخلايا، وهي سلاح جهاز المناعة التلاؤمية الذي يحارب المِكروبات داخل الخلوية، التي قد تكون ملتقمة من قبل البلاعم وتعيش ضمنها، أو قد تكون خامجة للخلايا غير البلعمية، وتتواسط اللمفاويات التائية الدفاع ضد بعض المِكروبات خارج الخلوية، كما أنها تساعد اللمفاويات البائية على إنتاج الأضداد.

 تتألف استجابات الخلايا التائية من أطوار متتابعة:

تعرف الخلايا التائية البكر المِكروبات المرتبطة associated بالخلية، وتوسع النسائل النوعية للمستضد عن طريق التكاثر، و تمايز قسم من النسيلة إلى خلايا فاعلة وخلايا ذاكرة.

• تستخدم الخلايا التائية مستقبلاتها لتعرف المستضد الببتيدي المعروض عن طريق جزيئات MHC  على سطح الخلايا المقدمة للمستضد (APCs)، وهو المسؤول عن تحديد نوع الاستجابة الحاصلة، كما تتعرف الثمالات المتعددة الشكل لجزيئات الـ MHC، المسؤولة عن الاستجابات المناعية التائية  المقيدة  بـ MHC.

• إنَّ تعرف المستضد عن طريق مستقبل الخلايا التائية TCR يطلق إشارات تصل إلى داخل الخلايا عن طريق جزيئات مرتبطة بمستقبل الخلايا التائية TCR ( CD3 و السلسلة ZETA)، وعن طريق مستقبلات مشاركة CD4 و CD8 التي تتعرف الصنف الأول والثاني من جزيئات معقد التوافق النسيجي الكبير MHC على التوالي.

• تتقوى الرابطة بين الخلايا التائية والخلايا المقدمة للمستضد APCs عن طريق جزيئات الالتصاق ولا سيما الإنتغرينات التي تزداد ألفتها تجاه روابطها (لجيناتها) عندما تتعرف الخلايا التائية المستضد.

• الخلايا المقدمة للمستضد المعرّضة للمكروبات أو السيتوكينات التي تنتج من تفاعلات المناعة الخلقية تجاه المِكروبات، تبدي محفزات مشاركة ترتبط بمستقبلات على الخلايا التائية، وترسل إشارات ضرورية لتفعيل الخلايا التائية.

• يؤدي إطلاق الإشارات الحيوية الكيميائية في الخلايا التائية- عن طريق تعرف المستضد والتحفيز المشارك- إلى تفعيل عوامل انتساخ متنوعة تحفز تعبير الجينات المرمزة للسيتوكينات ومستقبلات السيتوكينات وجزيئات أخرى تشارك في استجابات الخلايا التائية.

• استجابة لتعرف المستضد والتحفيز المشارك تقوم الخلايا التائية بإفراز السيتوكينات التي تحفز تكاثر الخلايا التائية المحفزة بالمستضد، وتتواسط الوظائف الفعالة للخلايا التائية.

• تتكاثر الخلايا التائية بعد التفعيل من قبل المستضد والمحفزات المشاركة؛ مما يؤدي إلى توسع النسائل النوعية للمستضد، إن بقاء الخلايا التائية المُفَعَّلة وتكاثرها يتم توجيهما من قبل عامل النمو الإنترلوكين ٢.

• تتمايز بعض الخلايا التائية إلى خلايا فاعلة مسؤولة عن التخلص من الخمج. الخلايا CD4+ الفعالة تنتج جزيئات سطحية (خاصة CD40L)، وتفرز العديد من السيتوكينات التي تفعل الكريات البيض الأخرى لتدمر المِكروبات. أما الخلايا CD8+ الفعالة فهي قادرة على قتل الخلايا المخموجة.

• تتمايز بعض الخلايا التائية المُفعّلة إلى خلايا ذاكرة تعيش حتى بعد إزالة المستضد، وهي قادرة على الاستجابة السريعة عند مواجهة المستضد مرة أخرى.

• تهاجر الخلايا التائية البكر إلى الأعضاء اللمفية المحيطية ولا سيما العقد اللمفية التي تنزح اللمف في مكان دخول المِكروبات، في حين أن العديد من الخلايا التائية الفاعلة التي تتشكل في الأعضاء اللمفية قادرة على الهجرة إلى أي مكان مخموج.

• يتم التحكم  بمسارات هجرة الخلايا البكر والخلايا التائية الفاعلة من قبل جزيئات الالتصاق والكيموكينات. إنّ هجرة الخلايا التائية غير معتمدة على المستضد، لكن الخلايا التي تتعرف المستضدات المكروبية في النسج تبقى محتجزة في هذه الأماكن.

فيحاء أبو فخر

 

التصنيف : علم المناعة
النوع : الجهاز المناعي
المجلد: كتاب علم المناعة
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 595
الكل : 31795833
اليوم : 71294