logo

logo

logo

logo

logo

التداعي بفعل الجاذبية

تداعي بفعل جاذبيه

Gravitational collapse -

 التداعي بفعل الجاذبية

التداعي بفعل الجاذبية

نتائج التداعي بفعل الجاذبية

نماذج التداعي بفعل الجاذبية

آليّة التداعي بفعل الجاذبية

 

يصف التداعي بفعل الجاذبية (الانهيار الثقالي) gravitational collapse كيفيّة انكماش جسمٍ ما نحو الداخِل بفعل أثر ثقالته الجاذبة. يوازَن هذا الانكماش عادةً بفعل الضغط الداخليّ للجسم ذي الاتجاه المعاكِس لقوة الثقالة، فإذا ازدادت شدّةُ قوة الثقالة الجاذبة عن قيمة مجموع القوى المتّجهة للخارِج اختلّ التوازُن، وبدأ الانهيار والتداعي؛ ممّا يقتضي نموّاً في الضغط الداخلي حتى يبلغ قيمةً مساويةً لقوة الثقالة، فتنشأ حالة توازن جديدة، أمّا عندما لا يمكن مجاراة الثقالة فيتشكّل ثقبٌ أسود black hole.

نتائج التداعي بفعل الجاذبية

لما كانت قوة الثقالة ضعيفةٌ مقارنةً بالــقوى الأساسيّة الأخرى، فإن التداعي يحدث بفعل الجاذبية عادةً في الأجسام الثقيلة جداً مثل النجوم stars أو في مجموعاتها مثل المجرّات galaxies والتجمّعات العنقوديّة globular clusters. وتتضمّن ظواهِر التداعي الثقالي حوادثَ المستعرّات الحرارية الفائقة (النجوم المتجددة الفائقة، السوبرنوفا) supernova، والنجوم النترونيّة neutron stars (الشكل 1) والثقوب السوداء.

الشكل (1) صورة لنجم نيوتروني.

يُعَدّ التداعي بفعل الجاذبية ركناً أساسيّاً في تشكيل بنية الكون، حيث يتداعى أيّ توزيع أملس ابتدائي للمادّة ليشكِّل تراتبيّةً من البنى تتدرّج من الكواكب planets إلى تجمّعات المجرّات مروراً بـالنجوم وتجمّعاتها. ينشأ النجم نتيجة الانكماش الثقالي التدريجي لغمامةٍ من المادّة بين النجميّة interstellar matter، ويتسبب هذا الانضغاطُ الناجم عن الانكماش بارتفاع درجة الحرارة إلى قيمةٍ يشتعل معها الوقود النووي الموجود في قلب النجم، فيتوقّف التداعي والانكماش. يعدّل هنا تدرّجُ الضغط الحراري thermal pressure مع ما يقتضيه من تمدّد واتّساع من قوة الثقالة الجاذبة التي تقتضي انكماشاً وانضغاطاً، فيقال: إن النجم موجود في حالة توازن ديناميكيّة بين القوّتَين.

نماذج التداعي بفعل الجاذبية

يحدث تداعٍ بفعل الجاذبية للنجم عند نهاية حياتهِ، إذ إنه عندما تُستهلك كاملُ الطاقة النجميّة؛ فإن النجم يشرع في التداعي بتأثير ثقالته. وهكذا يمكن القول: إن أي نجم موجودٌ في أثناء حياته بحالة توازنٍ "مؤقّتة" بين حادثة التداعي بفعل الجاذبية عند ولادته وحادثة التداعي بفعل الجاذبية عند موته. ثمة ثلاثة أنواع من الحالات النجميّة النهائيّة المعروفة باسم النجوم المتراصّة compact stars، وهي:

1- الأقزام البيضاء white dwarfs: حيث تُعاكس الثقالة عبر ضغط التحلل (التردّي) الإلكتروني electron degeneracy pressure الذي يعبّر بحسب مبدأ الإقصاء exclusion principle عن مدى معارضة الإلكترونات للوجود ضمن حالاتٍ متماثلة، ومن ثمَّ معاكستها للتداعي والانهيار بعضها فوق بعض (الشكل 2- أ).

2- النجوم النترونيّة: حيث تُعاكس الثقالة عبر ضغط التحلل النترونيّ neutron degeneracy pressure، والتآثرات التنافريّة ذات المدى القصير بين النترونات الناجمة عن القوى الشديدة.

3- الثقوب السوداء: حيث لا يمكن موازنة الثقالة، ولا تُعرف إلى اليوم التفاصيل الدقيقة لما يحصل في قلبها (الشكل 2- ب).

الشكل (2)

يحدث التداعي نحو القزم الأبيض في النجوم الخفيفة ومتوسّطة الكتلة، حيث يستمرّ خلال عشرات آلاف السنين ينفث النجم في أثنائها طبقاتِه الخارجيّةَ لتُشكِّل سديماً كوكبيّاً planetary nebula. إذا كان للنجمِ نجمٌ مرافِقٌ companion star، فإن القزمَ الأبيضَ المتشكِّل يمكنه اكتسابُ مادّة كتليّة من النجم المُرافِق حتى تبلغ كتلتُه قيمةَ حدّ تشاندراسخار Chandrasekhar limit حيث يعود التداعي الثقالي والانكماش إلى الحدوث. وبدلاً من التداعي نحو نجمٍ نترونيّ فإن القزم الأبيض - في أغلب الأحيان - يتحطّم بفعل حادثة مستعرة حرارية فائقة من النوع الأوّل Type I supernova، في حين ينجم عن أنواع المستعرات الحرارية الفائقة الأخرى نجومٌ ذات كتلة كبيرة تفوق حدَّ تشاندراسخار ينجم عند تداعيها الثقالي نجوم نترونيّة، حيث تُوازن قوة الثقالة بوساطة القوى الشديدة التنافريّة وضغط التحلل النتروني الذي يمنع النترونات من الانهيار بعضها فوق بعض.

من أجل النجوم الكبيرة التي تفوق كتلتُها حدَّ تولمان-أوبنهايمر-فولكوف (توف) Tolman-Oppenheimer-Volkoff (TOV) limit فإنها لا تستطيع باستخدامِ أيٍّ من القوى المعروفة إيجادَ توازنٍ ديناميكيّ جديد مع قوى الثقالة، وسوف تنهار وتنكمش ليغدو نصفُ قطرها أصغر من نصف قطر شفارزتشيلد Schwarzschild radius الموافق، وعندها لن يكون بمقدور حتى الضوء الإفلات من قبضة النجم الذي أضحى ثقباً أسود. ويستمرّ النجم بعدها بالانهيار والتداعي حيث لا مناص أمام مجمل كتلته الموجودة ضمن أفق حدثه event horizon إلاّ أن تنكمش وتنضغط حتى تتشكّل شذوذة متفرّدة singularity في المركز بكثافة لا نهائيّة، وهنا تتوقّف صلاحيّة النظريّات المتوفّرة -وأهمّها نظرية النسبيّة العامّة general relativity- عن وصف الثقالة.

آليّة التداعي بفعل الجاذبية

يمثِّل حدّ تشاندراسخار الكتلةَ الأعظميّة لقزم أبيض مستقرّ، أي القيمة التي لا يقدر ضغط التحلل الإلكترونيّ في قلب القزم بدءاً منها مجاراة الثقالة ذات الجذب الذاتي. على خلاف نجوم المتتالية الرئيسة حيث تُعارض قوّة الثقالة الجاذبة بوساطة الضغط الحراري، فإن معاكسةَ الثقالة تجري بفعل ضغط التحلل الإلكتروني. ينجم الضغط الحراري هنا عن تفاعلات اندماج نوى خفيفة لتشكيل نوىً أثقل عبر مراحِل متعدّدة يغدو النجم معها أكثر كثافةً وأعلى حرارةً، حتى يتراكم الحديد الأكثر استقراراً من بين العناصر في قلب النجم. بما أن النجم أضحى عاجزاً عن توليد الطاقة بوساطة الاندماج النووي؛ فإن ضغط التحلل الإلكتروني هو ما سيؤدي دوراً في معارضة التداعي الثقالي.

إذا كانت كتلة نجم المتتالية الرئيسة أقلّ من 8 مرّات كتلة الشمس، فإنه في نهاية عمليّات الاندماج النووي سوف يغدو قزماً أبيضَ بكتلة أصغر من كتلة تشاندراسِخار. أمّا إذا كانت كتلةُ نجم المتتالية الرئيسة أكبر من 8 مرّات كتلة الشمس، فإن ضغط التحلل الإلكتروني لن يكون قادراً على منع التداعي بفعل الجاذبية للقلب الحديدي، وسوف يغدو القلبُ نجماً نترونيّاً أو ثقباً أسود. خلال التداعي هنا، تُنتج النترونات بوساطة أسر الإلكترونات من قبل البروتونات؛ ممّا يُصدِر نترينُوات neutrinos. يُحرِّر النقصانُ في الطاقة الكامنة الثقالية للقلب المتداعي مقداراً كبيراً من الطاقة من مرتبة جول تحمله النترينُوات على نحو رئيس ضمن إجرائيّة يُعتقَد أنها المسؤولة عن المستعرات الحراريّة الفائقة من النوع الثاني.

أمّا المستعرات الحرارية الفائقة من النوع الأول فتحدث عند نهاية حياة منظومة نجميّة ثنائيّة (إثنانية)binary star، يكتسب أحدُ عنصرَيها -عندما أضحى قزماً أبيض من الكربون والأكسجين- كتلةً من العنصر الآخر شريطةَ أن يكون هذا الأخير ذا كتلةٍ كبيرة. تندمج النوى داخل القزم الأبيض، ومع ازدياد الكتلة واقترابها من حدّ تشاندراسِخار، تزداد الكثافة المركزيّة، وترتفع درجة الحرارة، فتزداد سرعةُ تفاعلات الاندماج؛ ممّا يُطلق في النهاية لهباً حراريّاً نوويّاً يتفجّر الكربون من خلاله، وتحدث المستعرة الحرارية الفائقة من النوع الأوّل.

يتحدّد حدّ تشاندراسِخار بأخذ معادلة الحالة للقزم الأبيض - بوصفه مؤلَّفاً من إلكترونات ونوى غير متآثرة تخضع لإحصاء فيرمي-ديراك Fermi-Dirac statistics من الشكل حيث من أجل سرعات لا نسبويّة، أو من أجل سرعات نسبويّة، حيث P الضغط و الكثافة الكتليّة. بحلّ هذه المعادلة مع المعادلة الهدروستاتيّة لبلازما الإلكترونات والنوى يُتوصل إلى نموذجٍ عن القزم الأبيض يتناسب نصف قطره عكساً مع الكتلة لينعدم عند كتلةٍ تساوي حدّ تشاندراسِخار. من أجل غاز إلكتروني مثالي تكون العلاقة (1) محققة.

حيث ثابتة بلانك المُختزَلة، وc سرعة الضوء، وG ثابت التثاقل الشموليّ، و الوزن الجزيئي الوسطيّ من أجل إلكترون واحِد (مقدار يعتمد على التركيب الكيميائي للنجم)، و كتلة ذرّة الهدروجين،
و
.

يتبقّى نجم نترونيّ بعد انفجار المستعرة الحرارية الفائقة، وهو كائن متراصّ جداً تُعاكس الثقالة فيه أيضاً عبر ضغطٍ تحللي كمومي نتروني -لا إلكتروني- في هذه الحالة؛ لأن كتلةَ النجم النتروني وانضغاطَه كبيران لدرجة أن البروتونات والإلكترونات اتّحدت بعضها مع بعض لتشكيل نترونات، كما أن القوى النوويةَ الشديدةَ ذات المدى القصير بين النترونات تنافريّةٌ تمنع تداعي النترونات. تُعرَف الكتلة الأعظميّة للنجم النتروني التي لا يستطيع الضغط التحللي النتروني عندها مجاراة الثقالة بحدّ تولمان-أوبنهايمر-فولكوف (TOV)، فإذا تجاوزت كتلةُ النجم هذا الحدّ أضحى ثقباً أسود. يساوي هذا الحدّ تقريباً 1.5-3 مرّات كتلة الشمس موافقةً لكتلةٍ للنجم الأصلي من رتبة 15-20 مرّة كتلة الشمس.

نضال شمعون

مراجع للاستزادة:

- V. Faraoni, Cosmological and Black Hole Apparent Horizons, Springer, 2015.

- P. S. Joshi, Gravitational Collapse and Spacetime Singularities, Cambridge University Press, 2012.

- D. Prialnik, An Introduction to the Theory of Stellar Structure and Evolution, Cambridge University Press, 2000.

- S. Zade, Spherical Gravitational Collapse and Cosmic Censorship Hypothesis, Lambert Academic Publishing, 2012.

 


التصنيف : تقانات الفضاء والفلك
النوع : تقانات الفضاء والفلك
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 535
الكل : 31172882
اليوم : 74272