logo

logo

logo

logo

logo

الإنتحاء

انتحاء

Tropism - Tropisme

الانْتِحاء

عبد الجبار الضحاك

 الانتحاء الضوئي Phototropism

 الانتحاء الأرضي

 الانتحاء المائي

 الانتحاء اللمسي thigmotropism

 

الانتحاء tropism هو إحدى حركات النبات اللاإرادية involuntary الموجَّهة استجابة لمصدر تنبيه stimulation خارجي غير متناظر.

إن النباتات غير قادرة بطبيعتها على تغيير مكانها إلا ما ندر؛ الأمر الذي يفرض عليها عندما تنمو في شروط غير ملائمة أن تغيّر اتجاه نموها بحيث تصل إلى أماكن ذات شروط أفضل للنمو من حيث توفر الضوء والماء والحرارة والأكسجين وغير ذلك. ولكي تفعل ذلك لا بد لها أن تتمتع بالمقدرة على تحري مواضع الشروط الفضلى كي توجه نموها في الاتجاه المناسب «أي إنها تتحرك». ولعل الملاحظة المهمة على هذا النوع من الحركات إنما يتعلق بما يعرف بالانتحاء الضوئي حيث تنمو سوق النباتات باتجاه الضوء لدى وضعها بالقرب من نافذة يدخل منها الضوء، ولاسيما حين تكون شدة الإضاءة أكبر من تلك السائدة في جو الغرفة.

هناك عمليات انتحاء أخرى، مثل الانتحاء الأرضي geotropism الذي يمكن أن يكون موجباً، حيث تتجه الأعضاء النباتية باتجاه مركز الأرض كما في جذور النباتات؛ أو سالباً أي عكس اتجاه الجاذبية الأرضية كما في السوق التي تنمو نحو الأعلى، وهناك الانتحاء المائي hydrotropism. وتتم جميع تلك الحركات نتيجة التباين في النمو بين أجزاء العضو الواحد في النبات، وفيما يلي شرح لكل نمط من أنماط الانتحاء.

الانتحاء الضوئي Phototropism:

هو حركة مرتبطة بالنمو يثيرها ويوجهها مصدر ضوئي غير متناظر، ويرتبط هذا النمط من الانتحاء بالضوء الأزرق، ويتم التحكم في تلك العملية من خلال مستقبلات ضوئية photoreceptors تتأثر ببعض أطوال موجات الضوء الأزرق (400-500 نانومتر) والمدعوة فوتوتروبين phototropins، وهي مادة من طبيعة فلافوبروتينية flavoprotein غير أنها لم تُعزل بعد، كما لم يتم التعرف إلى تركيبها الكيميائي بدقة نظراً لوجودها بتراكيز قليلة جداً داخل الخلية. وقد تم عام 1993م عزل الجينات المسؤولة عن ترميز coding تلك الأصبغة، علماً أن أغلب سوق النباتات وجميع كوليوبتيلات coleoptiles الفصيلة الكلئية Poaceae تأخذ اتجاهاً موجباً، أي إنها تنحني باتجاه مصدر الضوء، على حين يكون اتجاه بعض الأعضاء سالباً، أي إنها تبتعد عن مصدر الضوء كما في أغلب الجذور والأعضاء تحت الترابية subterranean.

كان تشارلز داروين صاحب نظرية التطور - وابنه فرنسيس- أول من أشار إلى عملية الانتحاء الضوئي لدى دراسة بادرات عشب كناري canary grass seedling أو Phalaris canariensis التي توضح أن البادرة تُظهر في أولى مراحل نموها غمداً صغيراً يحيط بالأوراق الأولى ويعرف بالكوليوبتيل أو غمد السويق، وقد وجد داروين أن تعريض هذا الغمد للضوء من جانب واحد يؤدي إلى حدوث الانتحاء باتجاهه (الشكل 1).

 

الشكل (1-أ): تجربة تشارلز وفرنسيس داروين على كوليوبتيل عشب الكناري.: بادرات لم يغطَّ الكوليوبتيل أو تمت تغطيته بقبعة عازلةللضوء، أو تم قطع الكوليوبتيل، أو تغطية الجزء السفلي منه.

الشكل (1- ب): نتيجة التجربة بعد تعريض الكوليوبتيل للضوء وحدوث الانتحاء في البادرات التي لم تغط أو تمت تغطية الجزء السفلي منها.

قام داروين وابنه بدارسة هذه الظاهرة حيث قاما بتغطية قمة الكوليوبتيل بجسم لا يسمح بمرور الضوء فلم تحدث أي استجابة للضوء الجانبي، على حين حصلا على استجابة لدى تغطية القسم السفلي من الكوليوبتيل وترك القمة معرضة للضوء، ومن الواضح أن إزالة القمة تجعل الكوليوبتيل عاجزاً عن القيام بعملية الانتحاء الضوئي.

وفي عام 1920 تمكن العالم الألماني ﭬنت Went من عزل الهرمون المسبب للانتحاء من قمة كوليوبتيل الشوفان، الموضوعة على مكعب من الآغار- آغار، فترة من الزمن بحيث يتشرب مكعب الآغار الهرمون. ولدى وضعه على الطرف الجانبي للكوليوبتيل نزعت قمته فإنه يعود للانحناء حتى في غياب الضوء (الشكل2)، الأمر الذي يؤكد أن المادة المنتثرة من قمة الكوليوبتيل إلى مكعب الآغار قد أدت إلى حدوث الانتحاء، وأطلق ﭬنت على هذه المادة اسم الأكسين auxin (من الإغريقية: AUX = اتساع). ولدى تنقية هذه المادة تبين أنها حمض الإندول الخلّي indoleacetic acid أو اختصاراً (IAA). وتتمتع هذه المادة بحركة قطبية، أي إنها تنتقل من مكان تصنيعها نحو الأسفل كما هو موضح في الشكل (3). وهذا الأكسين هو الذي يحدد استطالة الخلايا على نحو أكبر في المنطقة الظليلة من الكوليوبتيل مما يجعل هذا الأخير ينحني باتجاه مصدر الضوء.

 

الشكل (2): عزل الأكسين من قمة كوليوبتيل الشوفان

الشكل (3): الانتحاء الضوئي نتيجة التوزع غير المتساوي للأكسين حيث يزداد الأكسين في خلايا الكوليوبتيل البعيدة عن مصدر الضوء.

الانتحاء الأرضي:

تنمو قمم السوق النباتية shoot tips غالباً بعكس الجاذبية الأرضية gravity، أي إنها تنمو بالاتجاه المعاكس لمركز الأرض نظراً لأن انتحاء السوق يكون سالباً في أغلب الأحيان، على حين تنمو قمم الجذور باتجاه مركز الأرض، أي إنها تأخذ منحىً إيجابياً باتجاه الجاذبية الأرضية. ويرى العديد من الباحثين أن قلنسوة الجذر cap roots هي التي تحدد اتجاهه نحو مركز الأرض؛ ولهذا يطلق على الانتحاء الأرضي مصطلح انتحاء الجاذبية gravitropism، حيث إن هناك خلايا داخل القلنسوة تحوي حبات كبيرة من النشاء starchs تعرف باسم غبرة التوازن (الستاتوليت) statoliths لأنها تتجمع في الجانب السفلي من الخلية نتيجة لاستجابتها لقوانين الجاذبية الأرضية (الشكل 4).

 

الشكل (4): قلنسوة الجذر، وتجمع حبات النشاء داخل خلاياها

إذا تحرك الجذر أو وُضع أفقياً فإن الستاتوليت تغير موقعها من جديد باتجاه الجاذبية الأرضية، بحيث تتطاول خلايا الجذر المقابلة لمكان توضع الستاتوليت ببطء مما يعيد اتجاه الجذر من جديد باتجاه مركز الأرض. ولإظهار دور الجاذبية قام العالم نايت Knight بربط بادرات نبات الفول Vicia faba الفتية بدولاب موضوع بشكل أفقي أو شاقولي، وبتحريك الدولاب بسرعات مختلفة لاحظ مايلي:

1 - عندما يكون الدولاب شاقولياً ويدور ببطء فإن تأثير الجاذبية الأرضية يتوقف، ونظراً لأن القوى النابذة محدودة في هذه الحالة فإن البادرات تحافظ على اتجاهها الأصلي.

2 - عندما يكون الدولاب شاقولياً ويدور بسرعة كبيرة فإن الجذور تأخذ اتجاه القوى النابذة، وتأخذ الساق اتجاهاً معاكساً.

3 - وعندما يكون الدولاب أفقياً فإن الجاذبية الأرضية تقوم بدور فعال، الأمر الذي يؤدي إلى جعل الجذور تأخذ اتجاهاً يوافق محصلة القوة النابذة وقوة الجاذبية، وتأخذ السوق اتجاهاً معاكساً وباتجاه محصلة القوتين السابقتين.

وقد لوحظ أن الانحناء يتم في منطقة الاستطالة الخلوية الواقعة مباشرةً قبل القمة الجذرية. ويتطلب إنجاز الانتحاء الأرضي ثلاثة أزمنة، هي: زمن العرض presentation time، وزمن الكمون، وزمن الاستجابة. ويقدر زمن العرض لبادرة نبات الفول لتنحني بمقدار 30ْ بنحو 5 ثوانٍ لكل قوة نابذة مقدارها 55 غراماً ثقلياً، وبنحو 100 ثانية لكل قوة نابذة مقدارها 3 غرامات ثقلية، أما زمن الكمون اللازم لظهور الانتحاء فيراوح مابين 15-50 دقيقة في كوليوبتيل الشوفان. كما يتفاوت زمن الاستجابة الذي يرتبط بسلامة منطقة القمة للأعضاء النباتية المدروسة، غير أن دراسة الأكسين وتوزعه المتباين على الجذر والكوليوبتيل يوضح سبب الانتحاء السلبي للكوليوبتيل والموجب للجذر نظراً للتباين في حساسية الخلايا الجذرية من جهة وخلايا الساق من جهة أخرى للأكسين: إذ إن التراكيز العالية نسبياً تزيد استطالة خلايا الكوليوبتيل وتثبط استطالة خلايا الجذر التي تستطيل في تراكيز أقل بكثير من تلك المطبقة على الساق.

الانتحاء المائي:

يلاحظ الانتحاء المائي بسهولة لدى زراعة بادرات فتية في غربال مائل مفروش بنشارة خشب رطبة حيث تبدأ الجذور بالنمو باتجاه الجاذبية الأرضية في بادئ الأمر، غير أنها لا تلبث أن تغير اتجاهها لتعود باتجاه ثقوب الغربال منجذبة نحو الرطوبة. ويفسر بعض العلماء هذه العملية بأنها نوع من الانجذابات الكيميائية chemotropism لعلاقته بالمواد المنحلة في الماء، إذ تبين أن خيوط الفطريات إيجابية الانتحاء نحو السكروز والغلوكوز وخلاصة مرق اللحم، إلا أنها سلبية الانتحاء نحو الحموض العضوية واللاعضوية.

الانتحاء اللمسي thigmotropism:

تبدي بعض الأعضاء النباتية استجابة لمحرض ميكانيكي كما هي الحال لدى ملامسة العضو النباتي لجسم صلب مما يؤدي إلى التفاف أو انجدال twining وانثناءات لولبية curling لبعض الأعضاء المتحورة مشكلة ما يعرف بالمحاليق tendrils، وهي التي تساعد على ارتباط نبات الكرمة على بعض الحوامل (الشكل 5).

الشكل (5): تحور بعض أوراق الكرمة لإعطاء المحاليق الضرورية لارتباط النبات على حامل.

ولا بد أخيراً من الإشارة إلى وجود نماذج أخرى من الانتحاءات المرتبطة بالمنبهات الكهربائية electrotropism أو الحرارية thermotropism أو غيرها من الحركات التي ربما لا تبدو واضحة نظراً للبطء الذي تتم فيه، غير أن اللجوء إلى عملية التصوير السينمائي لجميع مراحل الحركة وإعادة عرضها بسرعة مناسبة تبين مدى أهمية تلك الأنواع من الحركة المرتبطة بالنمو سواء تعلق الأمر بالنبات كله أم ببعض أجزائه. وتختلف هذه الانتحاءات عن حركات النبات المرتبطة بالانتباج turgor وتبدلاته لتلك التي تتم في نبات المستحية Mimosa pudica، وتلك التي تتم في النباتات اللاحمة، وعمليات تفتح الأزهار وانغلاقها بحسب نوع النبات وساعات النهار، وهذه لا علاقة لها بالنمو؛ الأمر الذي يميزها من الانتحاءات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنمو.

مراجع للاستزادة:

- A. H. Raven, G. B. L. Johnson, J. B. Losos and S.R. Singer, Biology, McGraw-Hill Higher Education. 1996.

- E. P. Solomon, L. R. Berg, D. W. Martin and C. Villee, Biology, Saunders College Publishing. 1996.

  


التصنيف : الفيزيولوجيا
النوع : الفيزيولوجيا
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 569
الكل : 31764864
اليوم : 40325