logo

logo

logo

logo

logo

تربية النبات

تربيه نبات

Plant breeding -

 تربية النبات

تربية النبات

تطور علم تربية النبات طرائق التربية الحديثة
طرائق تربية النبات مراحل تربية النبات
طرائق التربية التقليدية دور تربية النبات في التحورات الوراثية
 

تربية النبات plant breeding أحد فروع العلوم الزراعية الذي يبحث في تحسين الصفات الوراثية لطرز المحاصيل وأصنافها، وإنتاج أصناف جديدة محسّنة تتفوق في صفاتها الاقتصادية، ولاسيما فيما يتعلق بكمية الإنتاج ونوعيته، والمقاومة للإجهادات الأحيائية واللاأحيائية، والقابلية للحصاد الآلي، وتحمُّل عمليات التداول والتصنيع، ما يفيد في تلبية احتياجات الإنسان المتزايدة وتضييق الفجوة الغذائية في العالم.

تطور علم تربية النبات

تمكن الإنسان مع مرور الزمن من تحويل بعض النباتات البرية المفيدة إلى نباتات مستأنسة لسد احتياجاته المعيشية. وقد بقيت تربية النبات ممزوجة بين العلم والفن في ممارسة عملية الاصطفاء لإنتاج أصناف أو سلالات جديدة، بيد أنَّها صارت علماً قائماً بمفاهيمه وقواعده الخاصة بعد معرفة الإنسان بعلم الوراثة والعلوم الأخرى؛ مثل: علوم النبات بفروعه والخلية والإحصاء وأمراض النبات والبيولوجيا الجزيئية والاكتشافات العلمية مثل: اكتشاف الجنس في النبات، والتلقيح والتهجين لإنتاج أصناف جديدة محسنة لكثير من النباتات الاقتصادية، وتتبع عملية الإخصاب ومعرفة النواة المذكرة والمؤنثة، وسلوك الصبغيات في ثبات عددها لأنواع النباتات المختلفة، وتوضيح العلاقة بين الأعراس gametes ومعرفة الانقسام الاختزالي للنواة والإخصاب المزدوج، والتصنيف الوراثي ذو القدرة العالية على التنافس، واكتشاف الوراثة المنزلية، والنشاطات الواسعة في بحوث تربية النبات وتبادل المعلومات إقليمياً وعالمياً وغيرها.

طرائق تربية النبات

1- طرائق التربية التقليدية:

أ- الإدخال introduction: من أسهل طرائق التربية والتحسين الوراثي في النباتات؛ إذ تُجرى عملية تقييم أولي للمدخلات في حقول المشاهدة مدة سنة إلى سنتين مقارنة بالأصناف المحلية وذلك للصفات الاقتصادية ودرجة المقاومة للأمراض، ثُمّ تقيّم المُدخلات الوراثية التي أثبتت أنها مُبشِّرة في الخطوة السابقة بدراستها ثلاث إلى ست سنوات؛ وتُجرى عليها اختبارات المقاومة للأمراض والحشرات ودراسة إنتاجيتها مع الأصناف المعتمدة، وأخيراً تُدخل المدخلات الوراثية المتفوقة على الأصناف الزراعية المعتمدة في تجارب مقارنة الإنتاجية في عدة مناطق بيئية، وإذا ثبت تفوقها يتم إكثارها وتوزيعها صنفاً جديداً معتمداً.

ب- الاصطفاء selection: استعملت طريقة الاصطفاء في تربية النباتات ذاتية الإلقاح من قديم الزمان، وهي أساسية في تربية المحاصيل إذا وُجدت التباينات الوراثية اللازمة. وسواء كان الاصطفاء طبيعياً أم صنعياً فهو يُمكِّن من عزل نباتات فردية أو مجموعات من النباتات من مجموع مكوَّن من خليط من الأفراد أو المجموعات النباتية المختلفة في صفاتها الوراثية.

تجري عملية الاصطفاء بطريقتين:

1- الاصطفاء الإجمالـي mass selection: هو اصطفاء لعدد كبير من النباتات المتشابهة مظهرياً، وتُحصد معاً ثم تخلط بذورها لتستعمل بذوراً في الجيل التالي، وتكرر العملية ذاتها جيلاً بعد آخر حتى الحصول على صنف يكون أقرب ما يمكن إلى صفات النموذج المطلوب، وتستعمل هذه الطريقة في الوقت الحاضر في تنقية بذار الأصناف الرئيسة الموجودة فعلاً والمحافظة عليها من التدهور والخلط، ويُعد هذا الاستعمال بالغ الأهمية للحصول على أصناف جديدة.

2- اصطفاء السلالة النقية pure line selection: تُعرف باسم طريقة اصطفاء النباتات الفردية single plant selection؛ أو اصطفاء النَسب pedigree selection، وتُستعمل وسيلة مهمة لتربية أصناف محسًنة من المحاصيل ذاتية التأبير self pollination (القمح، الشعير، الأرز..إلخ)، وتتلخص في الخطوات التالية:

  • اصطفاء مظهري لعدة مئات من النباتات ذات الصفات الممتازة.
  • زراعة البذور الناتجة من كل نبات منتخب في الأجيال المتتالية.
  • مقارنة دقيقة للسلالات النقية الناتجة من حيث صفاتها الاقتصادية ولاسيما الكمية.
  • اختيار أفضل السلالات لتوزيعها على المزارعين.

    ج- التهجين hybridization: هو التلقيح بين نباتات غير متماثلة وراثياً؛ يُلجأ إليه بعد عجز الاصطفاء في تحقيق رغبات المربَّي للحصول على إنتاج أعلى ونوعية أفضل، ويعني عملياً أنه خصي النبات الأم ونقل غبار الطلع إليه من نبات آخر لتنفيذ الإخصاب، بغية انتاج تراكيب وراثية جديدة، وجمع الصفات الجيدة لأبوين في نبات جديد يحمل صفاتهما، وكذلك إنتاج أصناف هجينة (F1) تحمل قوة الهجين heterosis (hybrid vigor) لعددٍ من الصفات الإنتاجية والنوعية؛ وتحسين الأصناف المحلية المعتمدة في الزراعة الواسعة ونقل جينات مسؤولة عن صفةٍ ما من أصناف أخرى. تمر عملية التهجين بالمراحل الثلاث التالية:

  • اختيار الآباء selection of parents.
  • الخصي والتهجين الصنعي emasculation and artificial crossing.
  • الاصطفاء بعد التهجين selection after crossing.

    د- التهجين الرجعي back crossing: يعني استعادة التركيب الوراثي للأب المحلي أو المعتمد المعروف بتأقلمه مع الظروف البيئية وإنتاجيته العالية؛ وذلك بعد نقل العوامل الوراثية المسؤولة عن صفةٍ ما مرغوبة من صنفٍ آخر وجعله يتصف بها (صفة مقاومة لمرض أو لحشرة..إلخ)، ويهدف إلى تحسين الأصناف المحلية المعتمدة محلياً؛ وذلك بتهجينها مع أصناف تحمل عوامـل وراثية مسـؤولة عن صفات مرغوبة لا تتوفر فيها.

    هـ- التربية بالطفرات mutation breeding: الطفرات هي تبدلات وتغيرات فجائية في المادة الوراثية تُسبب تغيراً في خصائص الكائن الحي وصفاته، وتُستخدم وسيلة فعّالة وسريعة لزيادة التباين الوراثي داخل صنف واحد متجانس، خصوصاً في المحاصيل ذاتية التلقيح. وإما أن تكون الطفرات طبيعية، نسبتها ضئيلة وتُورث عبر الأجيال، أو صنعية باستخدام الأشعة (السينية وألفا وبتا وغاما) أو المركبات الكيميائية؛ إذ يَلجأ مربو النبات إليها بعد استنفاد الوسائل الأخرى الممكنة للتحسين. ويمر برنامج التربية باستحداث الطفرات بمراحل اختيار المادة النباتية والمُطفِّر الصنعي، ومعاملة المادة النباتية بالمطفِّر، وأخيراً تداول الأجيال المُطفَّرة.

    2- طرائق التربية الحديثة:

    آ- زراعة الأنسجة النباتية plant tissue culture: هي من الطرائق الحديثة المهمة لمربي النبات، تستخدم أساساً في الإكثار السريع للحصول على أكبر عددٍ ممكن من النباتات في أقل حيز ووقت وفي أي موعد من السنة، كما تُستخدم لإنتاج نباتات خالية من الأمراض؛ ولاسيما الفيروسية، من خلال زراعة القمة الميرستيمية واستخدام الحرارة أو الكيميائيات، وقد قام علماء تربية النبات باستنباط سلالاتٍ عالية الإنتاج مقاومة للأمراض، وأخرى تتحمل الملوحة والحرارة العالية والجفاف وذلك باستخدام تقانة زراعة الكالوس callus، وتُعد مزارع الأنسجة والخلايا والبروتوبلاست المرحلة الأولى الضرورية لتطبيق تقنية نقل المورِّثات (الهندسة الوراثية) المرغوبة إلى المحاصيل الاقتصادية المهمة. تُتبَع في زراعة الأنسجة النباتية طريقتان:

    الأولى: الزراعة في أوعية In vitro: يقصد بها زراعة الأعضاء النباتية (الخلية، أو القمة المرستيمية، أو جزء من الساق أو الورقة، أو من الجذر..إلخ) في أوعية زجاجية أو لدائنية (بلاستيكية)، حيث تنمو تحت ظروف بيئية صِنعية محكمة (حرارة، كثافة ضوئية، فترة ضوئية، رطوبة....) خاصة؛ لأقلمتها ونقلها إلى البيوت الزجاجية أو البلاستيكية (الصوبا) أو الحقل (الشكل 1).

    الشكل (1) مراحل إكثار النباتات بطريقة زراعة النسج.

    الثانية: الزراعة في الحقل In vivo: هي زراعة الأعضاء النباتية أو النباتات الكاملة تحت الظروف الطبيعية مثل الحقل أو الصوبات والبيوت البلاستيكية.

    ب- استخدام الواسمات الجزيئية molecular markers: تُعد الواسِمات الجزيئية أدوات مهمة لتحسين المحاصيل الحقلية والبستانية والنباتات الرعوية وغيرها، وتؤدي دوراً حيوياً في زيادة إنتاج الغذاء العالمي بتحسين كفاءة برامج التربية التقليدية، ويمكن استخدامها لاصطفاء السلالات على نحو غير مباشر من دون الحاجة إلى اختبارها في الحقل؛ ما يوفر الوقت والزمن والتكاليف في إنتاج أصناف مقاومة للجفاف، وقد فتح استخدامها حقلاً جديداً في الزراعة يدعى التربية الجزيئية molecular breeding حيث تُستخدم مؤشرات مساعدة في إسراع عمليات الاصطفاء؛ إذ تبين وجود العديد من الصفات الكمية المهمّة زراعياً كالغلة الحبية والجودة ومقاومة الأمراض والإجهادات اللاأحيائية يتحكم فيها العديد من الجينات وكذلك العوامل البيئية، وتسمى المناطق في الجينوم النباتي التي تحتوي على المورثات المرتبطة بصفة كمية معينة بمواقع الصفات الكمية Quantitative Trait Loci (QTLs) التي يصعب تعرِّفها بالاعتماد على التقييم الشكلي التقليدي. وقد أسهم التوصيف الجزيئي للصفات الكمية بالاعتماد على واسمات الحمض الريبي النووي المنقوص الأكسجين الدنا (DNA) منذ عام 1980 في إعطاء الفرصة الكبيرة للاصطفاء غير المباشر لتلك الصفات المهمة.

    تُعد عملية بناء خرائط الارتباط linkage maps لأنواع المحاصيل النباتية المتنوعة إحدى أهم استخدامات واسِمات الـدنا في الأبحاث الزراعية، حيث تستخدم لتحديد المواقع الصبغية التي تضم الجينات المتحكمة في الصفات البسيطة (جين واحد) والصفات الكمية (عدة جينات) باستخدام تحليل مواقع الصفات الكمية، وتسمى عملية بناء خرائط الارتباط وإجراء تحليل QTL لتحديد المواقع الوراثية المرتبطة بالصفات رسم خريطة مواقع الصفات الكمية QTL mapping، ويمكن لهذا النوع من الواسِمات أن يستخدم أداةً لاصطفاء النباتات المرغوبة Marker-Assisted Selection (MAS) في برامج التربية. يتضمن الاصطفاء بمساعدة الواسِمات الجزيئية الاستفادة من وجود مجموعات الـدنا أو غيابها بديلاً من أجل المساعدة في الاصطفاء المظهري، وهي الطريقة التي تجعله أكثر فعالية وتأثيراً وأقل تكلفة مقارنة بطرائق تربية النبات التقليدية، وهناك ثلاثة أنماط رئيسة للواسمات الوراثية هي:

    1- الواسِمات الشكلية التي تكون بحد بذاتها صفات ظاهرية.

    2- الواسِمات الكيميا-حيوية التي تضم الأليلات المختلفة للإنزيمات.

    3- الواسِمات الجزيئية التي تظهر مواقع الاختلاف في الـدنا.

    تُمثل الواسِـمات الشـكلية الصفـات المورفولوجية الموصّفة مرئياً (بالعين) مثل لون الأزهار وشكل البذور والتصبغات وطبيعة النمو، أما الواسِمات الكيميا-حيوية فتمثل الاختلاف في الإنزيمات التي يمكن الكشف عنها بجهاز الرحلان الكهربائي وأصبغة خاصة، ولكن من مساوئ هذين النمطين من الواسِمات محدودية العدد وتأثرهما بالظروف البيئية وأطوار نمو النبات، وعلى الرغم من ذلك فإن استخدامها كان مفيداً جداً لمربي النبات. أما الواسِمات التي تُظهر مواقع الاختلاف في الدنا فتُعد الأكثر انتشاراً واستخداماً، وتعتمد على الاختلاف أو التباين الظاهر على مستوى قطع الدنا الصغيرة. وقد توفرت لدى الباحثين خلال الفترة من 1980- 2010 أعدادٌ كبيرة من الواسِمات الجزيئية، ويُعد الشرط الأساسي لفعاليتها أن تكون متباينة؛ حيث إنَّ الصبغي الذي يحمل الجين الطافر يمكن تمييزه من الصبغي الذي يحمل الجين الطبيعي بوساطة الواسِم المرتبط به، وتعدّ الواسِمات الجزيئية مرغوبة في برامج التربية لميزات عديدة أهمها: تزود بالتمثيل الحقيقي للتركيب المورثي على مستوى الـدنا، تُعد ثابتة ولا تتأثر بالظروف البيئية، إمكان كشفها في مراحل النمو الأولى للنبات، وإمكان زيادة عددها بحسب الحاجة.

    وباستخدام هذه التقانة توصل الكثير من الباحثين إلى تحديد واسِمات جزيئية من نوع Random Amplified Polymorphic DNA (RAPD)، مرتبطة بصفات شكلية وفيزيولوجية مهمة؛ كصفة الغلة الحبية وطول الجذر ومقاومة الإجهادات الأحيائية واللاأحيائية.

    التربية العكوسة reverse breeding وتعدد الصيغة الصبغية polyploidy: تتميز الخلايا الجسمية لفرد ما وكذلك الأفراد المختلفة للنوع الواحد باحتوائها على أعداد متطابقة من الصبغيات، ويُعد العدد الصبغي في النوع الواحد ثابتاً بصورة عامة؛ إذ تشتمل نواة الخلية الجسمية على صبغيين، والعروس على صبغي واحد من كل زوج من أزواج المجموعة الصبغية المميزة للنوع النباتي. تُعد المجموعة الصبغية الثنائية (2n) الحالة الطبيعية في النباتات الزهرية المزروعة، ومنها نشأت المجموعات المتضاعفة الأخرى، ويُعتقد أنّ 30-35% من النباتات مغلفة البذور angiosperms تمتلك مجموعات صبغية متضاعفة، وتصل نسبة التضاعف في نباتات الحبوب التابعة للفصيلة النجيلية إلى أكثر من 70%.

    تُعرف جميع النباتات التي تحتوي على عدد من الصبغيات يختلف عن العدد الأساسي بأنها متعددة الصيغة الصبغية polyploidy، ويمكن إحداث التضاعف الصبغي في النباتات بعدة طرائق أهمها:

    - إنتاج نباتات متضاعفة من نسيج الكالوس: يُعامل فرعٌ نباتي مقطوع بمنظم النمو إندول حمض الخل (IAA) في اللانولين، وتؤدي هذه المعاملة إلى تكون كتلةٍ من نسيج الكالوس على السطح المقطوع. قد تنمو منه فروع جديدة، تكون بعضها رباعية التضاعف، وتُنتج لدى إكثارها خضرياً نباتات كاملة رباعية الصيغة الصبغية، وقد استخدمت هذه الطريقة في البندورة والتبغ.

    - إنتاج نباتات متضاعفة باستخدام المركبات الكيميائية: استخدم العديد من المركبات الكيميائية، مثل: الإتر والكلورفورم وكلورال هيدريت وإيتل كلوريد الزئبق وغيرها في مضاعفة عدد صبغيات الأنواع النباتية، وأكثرها استعمالاً وأهمها في مضاعفة الصبغيات هوالكولشيسين colchicine؛ وهو مادةٌ قلوية توجد في كورمة نبات اللحلاح colchicum autumnale الذي يحتويه بنسبة 0.4% من وزنه الجاف. يتجلى فعل هذه المادة في منع تكوين خيوط المِغزل في أثناء انقسام الخلية، ما يمنع هجرة الصبغيات إلى قطبي الخلية وبالتالي تكوين نواة جديدة تحتوي على ضعف العدد الأصلي من الصبغيات. يرى بعض العلماء أن للتضاعف دوراً ثانوياً في عملية التطور وتحسين النبات، في حين يتوقع آخرون أن يؤدي التضاعف -مستقبلاً - دوراً أكثر أهمية؛ وذلك اعتماداً على النتائج المشجعة التي حصلوا عليها حتى وقت قريب.

    مراحل تربية النبات: تتلخص الخطوات الأساسية في برنامج التربية في إحداث الاختلافات بين النباتات ثم اصطفاء النباتات ذات الصفات المرغوبة، وتقييم النباتات المنتخبة، وإكثارها ونشر زراعتها صنفاً جديداً (الشكل 2).

    الشكل (2) أهم النشاطات في برامج تربية النبات.

    يعد التخطيط العلمي الصحيح والمسبق لبرامج تربية النبات الأساس في تحقيق الأهداف المرجوة منها، وتتضمن التربية برامج مختلفة أهمها: برنامج التهجين وإنتاج بذار الهجن، وبرنامج إنتاج بذار المربي، وبرامج التلقيح الذاتي والحفاظ على نقاوة البذار، وكذلك برنامج جمع الطرز الوراثية والمحافظة عليها وتقييمها، وبرامج غربلة المجاميع الانعزالية لمقاومة الإجهادات الأحيائية واللاأحيائية، وبرامج تقييم الجودة والاختبار في مواقع محددة والاصطفاء والتلقيح الرجعي، وبرامج التربية بوساطة الطفرات.

    أهمية تغيرات الأعداد الصبغية ودورها في تربية النبات:

    1- إنتاج النباتات أحادية الصيغة الصبغية haploids: تتميز النباتات الأحادية بامتلاكها لعدد صبغي مختزل ينطبق على العدد الصبغي الموجود في الطور العروسي من دورة حياة النباتات مغلفة البذور ذات التكاثر الجنسي، وتبين أنه يمكن معاملتها بالكولشيسين فتعطي نباتات ثنائية الصيغة الصبغية diploid ذات تركيب وراثي متماثل اللواقح homozygous بنسبة (100%)، وبهذا الأسلوب يمكن نظرياً الحصول على السلالة النقية من تلك النباتات خلال فترة قصيرة من الزمن، وتوفير الجهد اللازم من أجل الحصول على السلالات النقية الذي قد تدوم 8-10 أجيال، كما أنه يحول دون تدهور الصفات والخواص الناتجة من تربية الأقارب والتلقيح الذاتي المستمر في المحاصيل خلطية التلقيح cross pollinated crops.

    2- تضاعف العدد الأساسي من الصبغيات (تعدد الصيغة الصبغية الحقيقي eupolyploidy): يحدث ذلك نتيجة تضاعفات العدد الأساسي من الصبغيات بما يزيد على تضاعفين (2n) فتنشأ التضاعفات الثلاثية والرباعية والخماسية.. إلخ، وعند حدوث مثل هذه التضاعفات يمكن لمجموعات الصبغيات الزائدة أن تقترن وتزدوج مع الصبغيات التي يتضمنها العدد الصبغي الأساسي. تتوزع نباتات المحاصيل طبيعياً ومن دون تدخل المربين على نحو غير متساو بين نباتات ثنائية الصيغة الصبغية كثيرة العدد (كالذرة الصفراء والأرز والشعير والشوندر السكري وفول الصويا وغالبية البقوليات الحبية) ونباتات متضاعفة تضاعفاً متغايراً allopolyploids (كالقمح والشوفان والتبغ وقصب السكر والقطن والقهوة العربية) ونباتات متضاعفة تضاعفاً ذاتياً autopolyploids؛ وهي أقل وجوداً بالقياس على غيرها من التضاعفات (مثل البطاطا والفصّة). يتضمن الكثير من المحاصيل تضاعفات ثنائية وتضاعفات متعددة معاً في نوع المحصول نفسه (كالبطاطا والقطن والقهوة والقمح والشوفان).

    أ - النباتات المتضاعفة ذاتياً:

    1- النباتات ثلاثية التضاعف الذاتي autotriploids: تتضمن الخلايا الجسمية لهذه النباتات ثلاث مجموعات صبغية متشابهة، وتنشأ هذه النباتات طبيعياً، ففي بعض الأنواع النباتية- ونتيجة للانقسام الاختزالي- يمكن أن تتشكل خلية عروسية متضاعفة (2n)، فعند إخصابها بخلية عروسية مختزلة أحادية (1n) تابعة للنوع نفسه تتشكل بيضة ملقحة ثلاثية الصيغة الصبغية (3n) كما حصل في صنف الإجَّاص Beurre badford. أما صنعياً فيمكن إنتاج ثلاثية التضاعف الذاتي عن طريق تلقيح نبات رباعي التضاعف بصنف ثنائي التضاعف، كما حصل في البطيخ والشوندر السكري. وقد حقق التضاعف الثلاثي الذاتي نجاحاً على مستوى الإنتاج والنوعية في بعض الأنواع النباتية؛ كالموز والتفاح والإجاص والشوندر السكري والبطيخ الأحمر عديم البذور.. وغيرها.

    2- النباتات رباعية التضاعف الذاتي: تتميز النباتات رباعية التضاعف الذاتي بكبر حجمها وقوة نموها وضخامتها مقارنة بالنباتات ثنائية التضاعف، وتكثر في الفصة والبطاطا والفول السوداني والموز والبندورة والذرة وغيرها، وإن قلة خصوبة بذور النباتات رباعية التضاعف الذاتي يجعل زراعتها محصورة من أجل الاستفادة من نموها الخضري، فقد حلت نباتات البرسيم الأحمر red clover ذات التضاعف الرباعي الذاتي محل النباتات ثنائية التضاعف كليَّاً، فهي قوية النمو الخضري، ولها مذاق جيد، وقابلية هضم ممتازة من قبل الماشية. وربما كان أعظم تقدم منجز بعد سنوات متعددة من العمل هو إنتاج أصناف رباعية التضاعف الذاتي من الشيلم والشعير والذرة البيضاء بهدف الحصول على حبوب كبيرة ذات محتوى عالٍ من البروتين، وإنتاج جيد من الحبوب.

    ب- النباتات المتضاعفة تضاعفاً متغايراً allopolypoidy: يمكن الحصول على التضاعف المتغاير بمضاعفة العدد الصبغي للهجين الناتج من التصالب بين نوعين، ويطلق على مثل هذا التضاعف اسم التضاعف المتغاير؛ لأن الصبغيات المتضاعفة تكون ناتجة أصلاً من التهجين بين نوعين مختلفين. وتُبين النتائج أن هناك بعض الأنواع المتضاعفة تكون ناشئة من التهجين بين الأنواع المتقاربة قد يصل إلى ثلاثة أنواع، ومن أمثلة تلك التضاعفات القمح الطري Triticum aestivum، وهو قمح سداسي التضاعف المتغاير. تضم المحاصيل أنواعاً كثيرة متضاعفة تضاعفاً متغايراً، انحدرت غالبيتها العظمى من أجداد برية متضاعفة تضاعفاً متغايراً، وانحدر بعضها الآخر من التهجين بين الأنواع المزروعة، وتعطي هذه التضاعفات الهجينية الطبيعية لمربي النبات فرصاً واسعة لتقليد ما حدث في الطبيعة من أجل إنتاج محاصيل جديدة متضاعفة تضاعفات متغايرة صناعياً، وقد تم عمل مئات التضاعفات المتغايرة صناعياً كمراحل في برامج إدخال المورثات ولم يصل منها إلى مرتبة نوع جديد حتى الآن إلا محصول واحد وهو الترتيكال Triticale (أو القمحيلم (قمح- شيلم))، والذي ظهر في الزراعة التطبيقية العملية في كندا خلال العقدين الأخيرين محصولاً جديداً يشتمل على صفات المقدرة على التحمل البيئي المميزة للشيلم rye، وصفات الغلة والنوعية الغذائية المميزة للقمح wheat.

    3- التضاعف الجسمي أو تعدد الصيغة الصبغية غير الحقيقي aneupolyploidy: يتصف التضاعف الجسمي بزيادة صبغي واحد أو نقصانه أو أكثر من المجموعة الصبغية الموجودة في نوع ما، وهنالك نباتات يزداد بها أربعة صبغيات متشابهة أو خمسة على المجموعة الصبغية الثنائية. قد تنشأ هذه التضاعفات في النباتات طبيعياً، ففي التبغ Nicotiana tabacum
    -حيث العدد الصبغي الثنائي يساوي
    (2n = 48)- وجد بعض العلماء 24 طرازاً من أحاديات الصبغي مناظرة لأربعة وعشرين زوجاً من الصبغيات في هذا النبات، ويمكن تمييز كل منها من مظهر النبات، ويمكن الحصول على هذه التضاعفات صنعياً، فقد حصل العلماء في القمح الطري (2n=42) -الذي يحتوي على واحد وعشرين زوجاً من الصبغيات- على 17 طرازاً من أصل 21 طرازاً محتملاً من عديمات الصبغي nullisomics، وتسبب هذه التضاعفات للنباتات خللاً فيزيولوجياً نتيجة عدم التوازن في عدد الصبغيات، فقد وجد أن النقص في عدد الصبغيات يؤدي إلى قلة في النمو، وتكون النباتات عقيمة كلياً أو جزئياً بحسب نوع التضاعف، في حين أنه عند الزيادة في عدد الصبغيات تكون النباتات أكثر استقراراً.

    دور تربية النبات في التحورات الوراثية

    التحورات الوراثية genetic transformation: تُمكّن تقنية إنتاج النباتات المحوَّرة وراثياً من تجميع العديد من الصفات المرغوبة في نبات واحد، حيث تؤخذ تلك الصفات من نباتات متنوعة، وتتميز هذه الطريقة بالوصول إلى الهدف المرغوب في وقت قصير مع الحصول على أصناف نباتية عالية الجودة، إضافة إلى زيادة إنتاجية المحصول بدرجة تفوق ما كان يتمناه مربي النباتات. ومن أهم تطبيقاتها إنتاج نباتات مقاومة للأمراض الفيروسية ( نقل الجين المسؤول عن إنتاج الغلاف البروتيني لفيروس موزاييك التبغ Tobacco Mosaic Virus (TMV) في نبات البندورة)، وإنتاج نباتات مقاومة للحشرات والمُمرضات، ومقاومة لمبيدات الأعشاب، وذات خصائص غذائية فائقة، وإنتاج نباتات رباعية الكربون مهندسة وراثياً لزيادة كفاءة التمثيل الضوئي. وكذلك أمكن الاستفادة من هذه التقنية في الزراعة العضوية organic farming للمحاصيل التي تستبعد استخدام المواد الكيميائية وخاصة المبيدات والأسمدة.

    محمود صبوح

    مراجع للاستزادة:

    - حسن عزام، مخلص شاهرلي، سلام لاوند، تربية النبات والهندسة الوراثية، جامعة دمشق، 2009.

    - عدنان قنبر، أحمد دبو، رؤى الشيخ علي، تربية النبات والهندسة الوراثية، جامعة دمشق، 2009.

    - M. S. Kang, Quantitative Genetics, Genomics and Plant Breeding, United Kingdom, CABI, 2020.

    - R. H. J. Schlegel, Dictionary of Plant Breeding. United Kingdom, CRC Press, 2020.

    - S. H. Wani, Disease Resistance in Crop Plants: Molecular, Genetic and Genomic Perspectives. Germany, Springer International Publishing, 2019.

     


التصنيف : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية
النوع : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1090
الكل : 40584852
اليوم : 114667