logo

logo

logo

logo

logo

أمفورة

امفوره

Amphora - Amphore



أمفورة

 

الأمفورات التي تم إنتاجها في ورش الفخار في المشرق العربي القديم

الأمفورات التي تم استيرادها إلى بلاد الشام

 

 

أمفورة Amphora - وجمعها أمفورات - آنية فخارية ذات حجم كبير نسبياً، تمتلك مقبضين يتوضعان على كتفها (أو على الرقبة والكتف معاً) بشكل مائل أو عمودي، عادة ما تكون رقبتها ضيقة بالنسبة إلى حجمها؛ وذلك لمنع انسكاب المواد السائلة منها في أثنا نقلها من مكان لآخر، وتتميز ببدن واسع نسبياً، أما قاعدتها فتختلف من أمفورة إلى أخرى، فقد تكون مدببة أو محدبة أو منبسطة أو دائرية.

أما بالنسبة إلى أصل التسمية Amphora؛ فهي ذات أصل لاتيني مشتق من الإغريقية، وهي تعني التي تُحمل من الجانبين "أو الإنا الذي يُحمل بمقبضين"؛ ومن هذا المعنى تتبين الوظيفة الأساسية لهذا النوع من الأواني، ألا وهو النقل والتنقل بما تحويه بداخلها. وقد عثر على هذه الكلمة لأول مرّة مكتوبة على رقيم مسيني من الفترة الإغريقية، وما يميزها هو رسم مرافق لهذه الكلمة على شكل رمز أو إيديوغرام يمثل إنا ً  ذا مقبضين. وفي الفترة الرومانية اكتسبت هذه الكلمة معنى إضافياً، وذلك كوحدة وزن للسوائل تسمى بالـ amphorae (والتي كانت تعادل 6 غالونات إنكليزية = 22.71 لتر، أو 2 urnae، 8 congii، 48 sextarii، 96 heminae (بحسب وحدات الوزن الرومانية) أو كوحدة قياس للطول أو كوحدة وزن كانت تستخدم لوزن حمولة السفن، ولكن تبقى وظيفة الأمفورة الأساسية هي حفظ البضائع والسلع ونقلها. أما عند العرب فقد أطلقوا على هذا النوع من الأواني العديد من التسميات، أهمها الحافظة والدن والخابية.

مخطط يبين نماذج الأمفورات التي استخدمت في المشرق العربي القديم

وبدأت فكرة الأمفورة بالظهور مع بد عمليات التجارة الأولى التي اعتمدت على مبدأ المقايضة في البيع والشرا منذ عصور ما قبل التاريخ، وأقدم أمفورة مكتشفة إلى هذا اليوم أمفورة عثر عليها في بانبو Banpo في الصين، وتؤرخ بـ 4800 ق.م، أما في الشرق الأوسط وأوربا؛ فإن أقدم أمفورة عثر عليها في الساحل السوري- التركي وتعود إلى 3500 ق.م. ومع توسع الإنسان في تجارته لأصقاع أبعد مما كان عليه سابقاً؛ فقد كان حرياً عليه أن يزيد من إنتاجه وأن يتخصص في صنع أمفوراته، حيث خصص أشكالاً معيّنة من الأمفورات لأنواع معيّنة من الأغذية يحفظها وينقلها من مكان إلى آخر، حيث كانت الأمفورات تستخدم لنقل العديد من البضائع، ويأتي في مقدمتها الخمر والزيت والحبوب وصلصة السمك وغيرها من المواد الغذائية، التي كان أصحابها يحددون المواد التي كانت تنقل ضمن الأمفورة بكتابة محتواها على السطح الخارجي للأمفورة إما بالطلا وإما باستخدام أداة حادة للكتابة.

أما في الساحل السوري- اللبناني فقد ظهرت الأمفورة لأول مرّة في القرن الخامس عشر ق.م، ثم  انتشرت إلى جميع أنحا العالم القديم آنذاك، وحينما قام الإغريق والرومان باستخدامها؛ أدخلوا عليها العديد من التعديلات التي أصبحت فيما بعد مقاييس معيارية لتصنيع الأمفورات في ورش صنع الفخار.

أمفورة من صنع سكان الساحل السوري في العصر الحديدي

ويمكن تقسيم الأمفورات عموماً حسب الشكل إلى نوعين رئيسين: الأول الأمفورة ذات الرقبة الطويلة، والثاني الأمفورة ذات الرقبة القصيرة أو تلك التي تشكل فيها الرقبة استمراراً لانحنا ة بدن الأمفورة. وقد كانت الأمفورة ذات الرقبة الطويلة الأكثر صنعاً وانتشاراً في العصور الإغريقية الأولى، استبدل بها تدريجياً مع التقادم الزمني الأمفورة ذات الرقبة القصيرة. أما ما كان يميزها عامة فهي قواعدها التي كانت - على الغالب - تأخذ الشكل المدبب؛ وذلك لكي تسمح بنصبها في أثنا التخزين أو التنقل بشكل عمودي إما بغرزها في الأرض (التراب) وإما بربطها جنباً إلى جنب بوساطة حبال تتخلل مقابضها. أما بالنسبة إلى ارتفاعاتها؛ فقد تراوحت ارتفاعات الأمفورات عموماً ما بين 30 و150 سم؛ ولكن متوسط ارتفاعها كان نحو 45سم.

 ويعزى التنوع الكبير لأشكال الأمفورات إلى الزمن الطويل الذي تطورت فيه الأمفورة، فهو يعدّ مظهراً لعهود التطور التكنولوجي والتجاري؛ إضافة إلى تباينها من حيث المحتوى ومكان تصنيعها والتقاليد الفخارية المحلية لكل منطقة.

وهناك بعض الأمفورات التي كانت تتميز بجودتها العالية في التصنيع، كأن تكون مطلية بطبقة من الطلا اللامع أو أن تكون مزينة ببعض الرسوم التي ترسم على السطح  الخارجي لها، وكانت تختلف زخرفة هذه الأمفورات تبعاً للوظائف التي كانت توظف لها، ولكنها كانت تشترك عموماً بفوهة واسعة نسبياً وبقاعدة دائرية. وكان هذا النوع من الأمفورات يستخدم كهدايا أو لأغراض جنائزية كحفظ رماد الموتى.

ولم تكن الأمفورات التي يتم إفراغ ما فيها تُرد إلى مكان إرسالها، بل كان لها وظائف أخرى ثانوية تُشغل بها، كأن تستخدم لبنا السراديب أو المدافن، أو لصنع قنوات مياه للتصريف الصحي، أو في بنا الجدران العازلة، أو أن تدخل في بنا صوامع الحبوب وحجرات المؤن.

أما بالنسبة إلى الدراسات العلمية التي اختصت بالأمفورة، فقد حظيت بأهمية كبيرة من قبل العديد من الباحثين، ومرت بعدة مراحل علمية، بد اً من الدراسات الوصفية ومروراً بالدراسات المقارنة وانتها ً بالأبحاث العلمية التحليلية، ولدى دراسة أي نوع من الأمفورات لا بد من الرجوع إلى هذه الدراسات التي أصبحت أساساً لكل دراسة تختص بالأمفورات.

وبالنسبة إلى أشكال أو أنواع الأمفورات التي كانت سائدة في العصر الكلاسيكي، فيمكن تقسيمها إلى قسمين: القسم الأول الأمفورات التي تم إنتاجها في ورش الفخار في بلاد الشام، أي التي تم إنتاجها محلياً إضافة إلى تصديرها إلى بلدان حوض المتوسط وغيرها، أما القسم الثاني فهو الأمفورات التي تم إنتاجها خارج بلاد الشام، ولكن تم العثور عليها في المواقع الأثرية في المشرق العربي القديم نتيجة عمليات التجارة التي كانت قائمة مع بلدان حوض المتوسط. وفيما يلي دراسة تصنيفية لهذين القسمين.

أولاً- الأمفورات التي تم إنتاجها في ورش الفخار في المشرق العربي القديم:

-1 أمفورات العصر الهلنستي - الروماني: وهي الأمفورات التي كانت تُنتَج في نهاية العصر الهلنستي، واستمر إنتاجها في العصر الروماني. أي إن هذه الأمفورات هي ذات شكل هلنستي؛ ولكنها صُنّعت في الفترة الرومانية مع دخول بعض التعديلات البسيطة عليها. وهذه الأمفورات هي:

أ- بيروت  :(1) Beirut 1 وهي تؤرّخ بين القرن الأول ق.م والقرن الأول الميلادي. وكانت تُنتَج في بيروت، وبقي انتشارها محلياً عدا أنها صُدّرت إلى جزيرة قبرص في النصف الأول من القرن الأول الميلادي، واستخدمت وظيفياً لنقل الخمر.

أمفورة فينيقية كانت تستخدم لنقل الزيوت والخمور في الملاحة البحرية (المتحف البريطاني)

ب - أوبيت :Opait E4  وهي تؤرّخ بين القرن الأول ق.م والقرن الرابع الميلادي. وكانت تُنتَج في بيروت وتل عنفة، وانتشرت محلياً إضافة إلى تصديرها إلى بلدان حوض المتوسط، وقد عثر عليها أيضاً في حوض البحر الأسود وفي سينا ، أما وظيفياً فقد استخدمت لحفظ زيت الزيتون ونقله.

- 2أمفورات العصر الروماني: وهي الأمفورات التي أُنتجت في بلاد الشام خلال العصر الروماني. وهي:

أ- بيروت   :(2)Beirut 2  وهي تعود إلى القرن الأول الميلادي. وكانت تُنتَج في بيروت وفي جيّا Jiya شمالي صيدا، وقد انتشرت محلياً، وصُدّرت إلى قبرص. واستخدمت وظيفياً لنقل الخمر.

ب- وليامز 66 والطاووس :(Peacock & Williams 66) وتسمى أيضاً  أمفورة على شكل السيجار (Cigar-shaped Amphora)، وهي تؤرخ بين منتصف القرن الأول ونهاية القرن الثاني الميلاديين، وتنقسم من حيث الشكل إلى نموذجين، وكان النموذج الأول يُنتج في بيروت، والنموذج الثاني في شمالي فلسطين. أما من حيث الانتشار فكانت  تُستعمل محلياً وكذلك تُصدّر إلى بلدان حوض المتوسط مثل إيطاليا وغيرها مثل بريطانيا، وكانت تُستخدم وظيفياً على الأغلب لنقل الخمر.

ج- بومبيي   :(5)Pompeii 5 وهي تؤرخ بين منتصف القرن الأول ومنتصف القرن الثاني الميلاديين. كانت تُنتج في شمال غربي سورية في كيليكيا الشرقية، وكان لها انتشار واسع في حوض المتوسط حيث وصلت إلى قبرص واليونان وإيطاليا وشمالي إفريقيا حتى غرب المتوسط. أمّا من حيث الوظيفة فمن المفترض أنها كانت تُستعمل لنقل الخمور.

أمفورة في موقع حطام سفينة فينيقية قرب مالطة يعود تاريخها إلى 2700 سنة خلت

د- بيروت  :(3)Beirut 3  وهي تؤرخ بين نهاية القرن الأول ومنتصف القرن الثاني الميلاديين، وهي مشابهة من حيث الشكل لأمفورة بيروت الأولى ولكنها أقل انتفاخاً منها، وقد أنتجت في بيروت وخَلْده Khalde جنوبي بيروت، وهي تشبه مثيلاتها البيروتية من حيث الانتشار في حوض المتوسط حيث انتشرت محلياً، وصُدّرت إلى قبرص وقرطاجة حتى غرب المتوسط، واستُخدمت لنقل الخمر.

هـ- الأمفورة  72 :(AM72) وهي تؤرخ بين نهاية القرن الأول ومنتصف القرن الثالث الميلاديين. وهي من إنتاج بيروت، ولم يعثر عليها خارجها. وقد استُخدمت وظيفياً لنقل صلصة السمك.

و- الأمفورة الرومانية المتأخرة  5 :(Late Roman Amphora 5) وتدعى أيضاً الأمفورة ذات الشكل العريض  Bag-Shaped Amphora، وهي تؤرخ بين نهاية القرن الأول والقرن الثامن الميلاديين، وبقي الشكل العام للأمفورة مستمراً في الفترة العباسية أيضاً. وقد تم إنتاجها في كل من فلسطين والأردن وشمالي مصر، وتعدّ هذه الأمفورة أكثر انتشاراً في حوض المتوسط من بين جميع أنواع الأمفورات، حيث وصلت إلى كل الدول المحيطة بحوض المتوسط وفي الشرق الأوسط. واستخدمت على نحو رئيسي لنقل الخمور.

ز- أمفورة عمريت  :(Amrit Amphora) وتسمى أيضاً أمفورة طرطوس Tartus Amphora، وهي تؤرخ بين منتصف القرن الثاني ونهاية القرن الرابع الميلاديين. وكانت تُنتج في عمريت Marathus وطرطوس Antaradus، واستُعملت محلياً، وصُدّرت إلى لبنان وقبرص، واستُخدمت لنقل الخمر.

ح- الأمفورة الرومانية المتأخرة  :(4)Late Roman Amphora 4 وتصنّف أيضاً بـ الماغرو 54 (Almagro 54)، وهي تؤرخ بين القرنين الثاني والسابع الميلاديين. وكانت تنتج في فلسطين، ومن أشهر مواقع إنتاجها قيسارية Caesarea، وعسقلان   Ashqelon وأشدود Ashdod وغزة Gaza، وكانت تنتشر محلياً، وتُصدّر إلى كل دول حوض المتوسط وحوض البحر الأسود، وتُستخدم على نحو رئيسي لنقل خمور غزة وعسقلان المعروفة، إضافة إلى نقل زيت الزيتون وزيت السمسم.

ط- وليامز 65 والطاووس :(Peacock & Williams 65)  وتؤرخ بالقرن الثالث الميلادي. وكانت تُنتج في شمالي فلسطين، وانتشرت محلياً، وصُدّرت إلى فرنسا وألمانيا وألبانيا وبريطانيا، واستُعملت لنقل التمور.

ي- الأمفورة الرومانية المتأخرة   :(1)Late Roman Amphora 1 وهي تؤرخ بين منتصف القرن الثالث ومنتصف القرن السابع الميلاديين، وكانت تُنتج في الساحل السوري- التركي (كيليكيا) وفي قبرص، وانتشرت محلياً، وصُدّرت إلى كل دول حوض المتوسط ووصلت حتى البلقان والبحر الأسود وبريطانيا، واستُعملت على نحو رئيس لنقل الخمر وأحياناً لنقل الزيت.

ك- الأمفورة الرومانية المتأخرة  :(6)Late Roman Amphora 6 وهي تؤرخ بين القرنين الثالث والثامن الميلاديين، ومشابهة من حيث الشكل لأمفورة Late Roman Amphora 5. وكانت تُنتج في فلسطين في بيسان Scythopolis، وانتشرت محلياً، وصُدّرت إلى دول المتوسط الأوروبية وتركيا، واستُخدمت لنقل الخمر.

-3 أمفورات العصر البيزنطي: وهي الأمفورات التي أُنتجت في المشرق العربي القديم خلال العصر البيزنطي. وهي:

أ- كوزمانوف  :(9) Kuzmanov  وهي تؤرخ بين القرنين الرابع والخامس الميلاديين. وربما كانت تُنتج في الساحل السوري-التركي (في سلوقيا Seleucia) أو في حوض البحر الأسود، وقد عثر عليها في حوض البحر الأسود وفي تركيا ومصر وشمالي إفريقيا، وقد تكون لنقل الخمر.

ب- الأمفورة الرومانية المتأخرة  :(9)Late Roman Amphora 9 وتسمى أيضاً أغورا Agora M334، وهي تؤرخ بين القرن الرابع والقرن السابع الميلاديين، وكانت تُنتج في فلسطين في عكّا Ptolemais وفي لبنان في صور Tyre، وانتشرت محلياً، وصُدرت إلى قبرص وتركيا وإيطاليا وفرنسا، وكانت تنقل الخمور على الأغلب.

ج- العقبة :Ayla/ Axum وتسمى أيضاً أمفورة العقبة Aqaba Amphora، وتؤرخ بين القرن الرابع والقرن السابع الميلاديين، وكانت تُنتج فقط في الأردن في موقع العقبة، وتُصدّر إلى دول البحر الأحمر (إريتيريا وإثيوبيا) والمحيط الهندي وتركيا، ولا يعرف بالضبط محتوى نقلها، وربما تكون الخمور.

مجموعة من الأمفورات الرومانية التي كانت تستخدم في عمليات النقل البري والبحري (المتحف البريطاني)

د- بيروت  :(8)Beirut 8 وهي تؤرخ بين القرن الخامس والقرن السابع الميلاديين، وكانت تُنتج في بيروت، وتُستخدم محلياً، وتُصدّر إلى فلسطين وقبرص وتركيا، واستُخدمت لنقل الخمر.

هـ- الأمفورة السورية الشمالية:(North Syrian Amphora)  وهي تؤرخ بين القرنين الخامس والسابع الميلاديين، وكانت تُنتج في الجزيرة السورية، وتنتشر محلياً أيضاً في الجزيرة وشمالي سورية، وذلك لنقل الخمور أو الزيوت.

ثانياً- الأمفورات التي تم استيرادها إلى بلاد الشام:

 كما تم استيراد العديد من أنواع الأمفورات إلى بلاد الشام في العصور الكلاسيكية، وذلك بنتيجة عمليات التجارة بين دول حوض المتوسط آنذاك، والتي عثر عليها في المواقع الأثرية في بلاد الشام، ولها أنماط محددة معروفة في تصنيفات الفخار المستورد.

 

مصطفى أحمد

 

 

مراجع للاستزادة:

-  Timothy DARVILL, “Amphora“  The Concise Oxford Dictionary of Archaeology (Oxford University, Press, 2002).

- W. HAUTUM,  Studien zu Amphoren der spatromischen und fruhbyzantinischen Zeit, (Fulda, 1981).

- David P. S. PEACOCK, & David F. WILLIAMS,  : Amphorae and the Roman Economy: An introductory guide (London, 1986).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1109
الكل : 40570182
اليوم : 99997