الموسوعة العربية

أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي

بيما

Bema -

البيما Bema كلمة يونانية الأصل“Bῆμα” تعني المنصة المرتفعة في صحن الكنيسة (المجاز المركزي). واصطلاحاً هي مصطلح أثري يشير إلى عنصر معماري يظهر في الكنائس خاصة، ويعبر عن منصة مرتفعة ذات شكل حدوي (أكثر من نصف الدائرة) في منتصف صحن الكنيسة مقابل قدس الأقداس. وقد انتشر استخدامها في منطقة جغرافية محددة هي شمال غربي سورية ومنطقة بلاد الرافدين ومنطقة طور عابدين جنوب شرقي تركيا، ولا توجد أدلة على استخدامها خارج هذه المنطقة. وشاع وجودها خلال الفترة بين القرنين الرابع والسابع الميلاديين.

وينبغي أولاً التمييز بين مصطلح البيما “bema” ومصطلح الأمبون “ ambon” أو ”ambo” الذي يعني منصة بيضوية الشكل، ويستخدم منبراً للوعظ شاع وجوده في منطقة آسيا الصغرى والقسطنطينية وبعض مناطق سورية. ولكن الأمبون يتسع فقط لشخصين ولا يأتي دائماً في وسط صحن الكنيسة، كما في الكنيسة المؤرخة عام 392م في بعودة Ba’uda في شمالي سورية.

تقع البيما في منتصف المجاز المركزي في الكنيسة مرتفعة عمّا حولها لأداء الخطب والمواعظ الدينية، وتكون مزينة أحياناً بأعمدة وصلبان وشعارات دينية كنسية. ويرتبط وجود البيما في الكنيسة بطقوس دينية (ليتورجية) تقام في الكنيسة وهي قراءة التراتيل والترنيمات الدينية وإلقاء المواعظ، ويمكن أحياناً ملاحظة وجود أكثر من كنيسة في موقع واحد إحداها فقط تحوي بيما، وربما يعود ذلك إلى بعض الشعائر التي كانت مرتبطة بوجودها حيث تمارس فيها طقوس دينية أو مدنية من إلقاء المواعظ والإرشاد وتوجيه الناس من قبل رجال الدين المسيحي (الإكليروس). ولا تشير المصادر الكتابية إلى وظيفة البيما وشكلها وفترة استخدامها؛ ولكن من الجانب الأثري عُرف استخدمها منذ القرن الرابع الميلادي في الكنائس المسيحية، حيث يتم بناء البيما في أثناء التخطيط لبناء الكنيسة، أو يأتي بناؤها مستقلاً بعد الانتهاء من بناء الكنيسة، وتتألف البيما من عدة عناصر بعضها مستخدم على نحو دائم؛ وبعضها الآخر يكون وجوده مرتبطاً بوظيفة البيما.

عناصر البيما
1- القاعدة ٢- البهو ٣- الجدار ٤- درجة حجرية ٥ - المقعد ٦- الكرسي ٧- الخزانة ٨- صف الأعمدة ٩- المنصة ١٠- الطاولة ١١- النصب ١٢- دعامة مثمنة ١٣- فوهة الخزان ١٤- الحاجز ١٥- مسند القدمين ١٦- ظلة (قواعد أعمدة الظلة)

أولاً: العناصر الدائمة:

- القاعدة أو المصطبة :La podiumهي المنصة الحجرية التي تقوم عليها عناصر البيما الأخرى، وتكون مرتفعة عن أرضية الكنيسة، ويمكن أن ترصف ببلاطات حجرية متنوعة الأحجام.

- البهو أو الردهة :vestibule هي بلاطات حجرية تسبق القاعدة Podium من جهة الشرق وبشكل منخفض عنها، حيث يتم الربط بينهما عن طريق درجة واحدة أو أكثر.

- الحاجز أو الواجهة الشرقية للبيماchancel : هو جدار حجري على جانبي مدخل البيما، حيث يفصل ما هو داخل البيما عن خارجها، وقد يكون محيطاً بالبهو من ثلاث جهات: الشرقية والشمالية والجنوبية.

- درجات السلالم الحجريmarches d’accès : هي مصاطب حجرية ممتدة أمام مدخل البيما وعلى امتداده، ومعظم الأحيان تكون في الجهة الشرقية من البيما، ومن خلالها يتم الصعود إلى داخل البيما، ولكن قد تأتي في الجهة الجنوبية كما في بيما كنيسة فافرتين.

- الدكة أو المقعد banquette: هي أماكن جلوس رجال الأكليروس (رجال الدين المسيحي)، وغالباً ما تكون في الجهتين الشمالية والجنوبية للبيما ومرتكزة على جداري البيما الشمالي والجنوبي، حيث تغطي الوجه الداخلي للبيما. وهي إما أن تكون من الحجر فتكون مساند الظهر هي جداري البيما الشمالي والجنوبي؛ وإما من الخشب فتكون مساند الظهر خشبية ولا يوجد جدران للبيما من جهتي الشمال والجنوب، وأحياناً يلحق بها مساند للقدمين marchepied، على شكل مصاطب حجرية مرتفعة عن قاعدة البيما وعلى امتداد المقاعد.

- الكرسي أو العرش trône: هو المكان الذي يجلس عليه أعلى الشخصيات الدينية منزلة بين الحاضرين في الكنيسة، ويشغل المكان الأبرز في البيما من حيث ارتفاعه عن المقاعد المحيطة به؛ وزخرفته التي غالباً ما تكون أشكالاً من الصلبان أو مشاهد من الكتاب المقدس أو نقوشاً ذات دلالات ليتورجية. ويلحق به في معظم الأحيان مسند للقدمين على شكل مصطبة حجرية مرتفعة عن قاعدة البيما، و يكون مصنوعاً من الخشب أو من الحجر (صخرة واحدة في أغلب الأحيان).

- الخزنة أو الخزانة placard liturgique: هي كوة صغيرة ذات أشكال مختلفة (بشكل حنية صغيرة غالباً) في داخل جدار البيما الجنوبي مفتوحة إلى داخل البيما، حيث تشغل مكان المقعد الأول وتكون مرتفعة عن قاعدة البيما، وتستخدم موضعاً للذخيرة الدينية كالكتاب المقدس والأدوات اللازمة في الطقوس، وقد توجد داخل جداري البيما الشمالي والجنوبي وتأخذ حيز مقعدين متقابلين، وقد يصل عددها داخل البيما إلى ثلاث خزنات متقابلة؛ كما في بيما كنيسة سرجيوس في الرصافة، وأحياناً تأتي خارج قاعدة البيما كما في كنيسة القرن السادس في شنشراح.

أشكال البيما

ثانياً: العناصر غير الدائمة:

صف الأعمدة colonnettes: هو سلسلة من الأعمدة التي تحيط بقاعدة البيما من الخارج في الجهات الأربع، وغالباً تكون أعمدة صغيرة الحجم ذات تيجان؛ كما في بيما كنيسة سرجيوس في الرصافة.

- المنصة ciborium: هي قاعدة أو مصطبة ذات شكل مربع أو مستطيل تنتصب فوقها أربعة أعمدة صغيرة من دون تيجان تحمل لوحاً حجرياً أو خشبياً، وتقع في وسط البيما وأحياناً تعلوها مظلة أو ظلة حجرية ذات قبة هرمية، وهذه المظلة قائمة على أربعة أعمدة ذات تيجان؛ كما في كنيسة البيما في كفر نبو.

- الطاولة أو المنضدةtable : وهي لوح خشبي أو حجري مرتفع على أعمدة أو دعامات صغيرة فوق قاعدة البيما وفي وسطها، كما في كنيسة القرن الخامس في سرجيلا.

- النصبCippe : هو دعامة مربعة الشكل تقع في منتصف الجزء النصف الدائري في البيما كما في بيما كنيسة سرجيوس في الرصافة.

- القاعدة المثمنة base octogonale profilée: هي دعامة تقع خارج الباب بالقرب من المدخل إلى الجهة الشمالية منه، وقد وجدت في نموذج واحد فقط في بيما الكنيسة الشمالية في كيمار.

- خزان المياه citerne: يظهر في أعلاه فتحة يتم أخذ المياه منها، ويكون إما خارج قاعدة البيما كما في كنيسة القرن السادس في كفر دارة عزة؛ حيث يقع إلى الجنوب من درجات السلالم، وإما داخل قاعدة البيما كما في كنيسة القرن الخامس في كفر نبو.

- الحاجزbarrières: هو ألواح حجرية مستعرضة تصل بين رواقي الكنيسة من الجهتين الشمالية والجنوبية وجدران البيما بحيث تفصل بين المنطقة الغربية خلف البيما والمنطقة الشرقية أمام البيما ومقابل الحنية، كما في كنيسة القرن الخامس في برج حيدر. وقد يكون الحاجز ستارة محمولة على عارضة أفقية كما في كنيسة القرن السادس في فافرتين، وكنيسة القرن الخامس في جرادة.

وقد تعددت أشكال البيما من كنيسة إلى أخرى، وعليه يمكن تصنيفها بحسب شكلها في ثلاثة أنواع:

الأول: النوع الأكثر شيوعاً ذو الشكل المستطيل المنتهي بقوس نصف دائرية في جهة الغرب.

والثاني: ذو الشكل الرباعي، وقاعدته الكبرى من جهة الشرق والصغرى المنتهية بقوس نصف دائرية من جهة الغرب.

والثالث: ذو الشكل المربع تقريباً، المنتهي من جهة الغرب بقوس نصف دائرية صغيرة في منتصف الضلع.

أشكال البيما في سورية

أما من حيث انتشارها في سورية فقد تم إحصاء نحو 50 كنيسة في منطقة سورية الشمالية (القرى الأثرية) وجوارها احتوت على هذا العنصر ضمن الكنائس. وقد تم تصنيف البيما المكتشفة بحسب مكان وجودها في الكنيسة وارتباطها بأرضية صحن الكنيسة؛ وبحسب مواد بنائها في أشكال أساسية، وهي:

- بيما على مستوى أرضية صحن الكنيسة: حيث تكون قاعدة البيما خشبية أو حجرية، وقد وجدت في كنيسة جوليانوس في براد [ر]، وكنيسة ريان، وكنيسة القرن السادس الميلادي في الرويحة [ر]، وكنيسة القرن السادس الميلادي في قلب اللوزة [ر].

- بيما مجهزة قبل إنجاز أرضية الصحن: حيث تكون قاعدة البيما خشبية قائمة على دعامات حجرية قاعدتها تحت أرضية الصحن، وقد وجدت في كنيسة درقيتا، وكنيسة بابسقا، وكنيسة القرن السادس في براد.

- بيما مجهزة بعد إنجاز أرضية الصحن: حيث تكون قاعدة البيما خشبية أو حجرية فوق أرضية الصحن، وقد وجدت في كنيسة القرن الخامس في برج حيدر، وكنيسة القرن الخامس في كفر دارة عزة، و كنيسة القرن الخامس في كفر نبو [ر]، وكنيسة القرن الخامس في فافرتين [ر]، و كنيسة القرن السادس في بريش الشمالية، وكنيسة القرن الخامس في كيمار.

- بيما مختلطة خشبية وحجرية: وقد وجدت في كنيسة القرن الخامس في سرجيلا [ر]، وكنيسة القرن الخامس في جرادة [ر]، والكنيسة الجنوبية في الرويحة، و كنيسة القرن الخامس في سرفود، وكنيسة القرن السادس في كفر نبو، وكنيسة القرن السادس في كفر دارة عزة، وكنيسة القرن الخامس في باقرحا [ر]، وكنيسة بنوى، وكنيسة القرن السادس في بافيتين.

- بيما كانت مبنية من الخشب ثم أعيد بناؤها من الحجر: وقد وجدت في كنيسة القرن السادس في كيمار، وكنيسة القرن السادس في فافرتين.

- بيما مبنية من الحجر على نحو كامل: وقد وجدت في كنيسة القرن الخامس في داحس [ر]، وفي كنيستي القرن الخامس في بحيو [ر]، وكنيسة القرن الخامس في قرقبيزة، وكنيسة القرن الخامس في قلب اللوزة، وكنيسة القرن الخامس في كفير، وكنيسة القرن الخامس في بتير، وكنيسة القرن الخامس في كالوتة، وكنيسة القرن السادس في شيخ سليمان، وكنيسة القرن السادس في شنشراح [ر]، وكنيسة القرن السادس في باطوطة، وكنيسة القرن السادس في خراب شمس، وكنيسة القرن الخامس في كفر حوار، وكنيسة سرجيوس في الرصافة [ر].

مصطفى السكاف

مراجع للاستزادة:

- E. Loosely, The Architecture And Liturgy Of The Bema In Fourth- To- Sixth- Century – Syrian Churches (Liban, 2003).

- G. Tchalenko, Églises Syriennes À Bêma, (Paris, 1990).

- J. Lassus, Sanctuaires Chrétiens De Syrie (Paris, 1947).