logo

logo

logo

logo

logo

ابن وردان (قصر-)

ابن وردان (قصر)

Ibn Wardân (Kasr-) - Ibn Wardân (Qasr-)



ابن وردان (قصر-)

 

الثكنة

القصر أو الدير

الكنيسة

 

يقع قصر ابن وردان (دير الأقواس) على بعد ستين كم تقريباً إلى الشمال الشرقي من حماة، وتسمية هذا المجمع محدثة، إذ لم يتطرق الجغرافيون العرب لذكره ولم يكشف عن اسمه القديم، ويعتقد أن هذا القصر دعي بهذا الاسم نسبة إلى أحد شيوخ قبائل البادية الذين سكنوه في مراحل متأخرة فنسب إليه، ويؤيد ذلك ما ذكره عالم الآثار بتلر Butler مدير البعثة الأثرية الأمريكية من جامعة برنستون، التي عملت في سورية في الأعوام (1889-1890م) (1904-1905م) (1909)م.

ويعد هذا المجمع من أهم المباني في بلاد الشام من حيث طراز بنائه وتداخل ألوان حجارته البركانية (البازلتية السودا ) مع الآجر الأصفر، والأقسام الداخلية بأحجار جيرية بيضا وأعمدة رخامية. ويرقى إلى عهد "جستنيانوس"[ر] Justinianus (527- 565م). وهو يشبه في نمطه المباني الملوكية في القسطنطينية في عهد هذا الامبراطور الذي كان عهداً عمرانياً ساد فيه تزيين واجهات المبنى الخارجية التي تعتمد اعتماداً كبيراً على ترتيب الآجر الموجود في الواجهة الذي لم يوضع بشكل أفقي، ولكن أحياناً بشكل مائل أو على شكل نقش متعرج، وأحياناً  أخرى على شكل نموذج شعارات أو نموذج شعار الرنك.

ويشبهه الآثاري "دوسو" R. Dussaud بقصر المشتى في شرقي الأردن.

ويتألف المجمع من  ثكنة عسكرية وقصر أو دير وكنيسة.

-1  الثكنة:

تعد أقدم بنا في المجمع، وتقع جنوب شرقي القصر والكنيسة، وقد خربت معظم أقسامها. وهي مربعة الشكل تقريباً، ويتجه المدخل للشمال مدعوماً ببرجين، عرضه 275سم، وساكفه بطول 4م. وفوقه قوس بازلتية نافرة (مخربة). وتحتوي الثكنة على باحة داخلية مكشوفة مربعة الشكل تقريباً (36× 38م)، وعلى مجموعة بنا بطابقين وأقواس عريضة وعقود مختلفة تسقف كثيراً من غرفها، ولا زال شطرها الشرقي يشير إليها. وترتفع من البنا كتلة وسطية لطابقيه بقنطرة وسطية وفتحات ضيقة وزوايا عقود متصالبة ونفقية، وعلى ساكف مدخلها كتابة باليونانية مؤلفة من سطر واحد ، ترجمتها:

"وضعت هذه النجفة الحالية في سنة 873 (بحسب التقويم السلوقي). في 20 من شهر زيوس بالأنذقتي" 01(873-312=561م) (الأنذقتي: وحدة زمنية مؤلفة من خمس عشرة سنة اصطلح عليها الرومان لتأريخ الأحداث وفقاً لنظامهم الضريبي).

وهناك تغييرات إنشائية بزيادة عدد الأقواس؛ لأن طول الأقواس العرضانية كبير قد يصل إلى عشرة أمتار، شيدت بصفين من الأحجار فنجم عن ذلك قوس مزدوجة بسبب طبيعة الحجر الرملية والكلسية التي تتعرض للتلف بسهولة (خاصة في الكنائس والأبنية التي يدخل في عمارتها الآجر المشوي)، ويظهر أن المعماريين لم يتمكنوا من تعزيز الأقواس الطولانية بسبب وضعها الإنشائي الضعيف، لذلك قاموا بإضافة أجنحة مساعدة إلى الركائز الأساسية لتخفيف الضغط على الأقواس الطولانية. ويبدو أن بعض الكنائس تعرضت لهزات أرضية عديدة بعد إكمال بنائها، مما أدى إلى ظهور شوائب إنشائية جديدة في الأقواس الطولانية، فقرر هؤلا تعزيز تلك الأقواس بشكل نهائي عن طريق تقصير مسارها وذلك بوضع ثلاثة أعمدة بين ركيزتين مصلبتي الشكل، وتحمل هذه الأعمدة أقواساً أصغر. ومن المحتمل أن هذا التغيير جرى في النصف الثاني من القرن السادس لأن طراز الأعمدة الكورنثي هذا كان معروفاً في المنطقة الشمالية- الشرقية من سورية في تلك الحقبة الزمنية (مثال ذلك تيجان القصر (الدير) المؤرخ عام 564م)، وكانت هذه الأقواس كثيرة في قصر ابن وردان؛ ولذا سمّي بـ:"دير الأقواس".

 القصر أو الدير:

يقع إلى الزاوية الشمالية الغربية من الثكنة، وهو البنا الأكبر والأجمل والأوسع، ويشغل أكثر من دونمين بشكل مربع تتوسطه باحة سماوية مربعة طول ضلعها 25.5م. تطل عليها غرف أقسامه الأربعة؛ القسم الجنوبي وهو المدخل، وفيه الباب الرئيسي، وساكفه مؤلّف من حجرين كبيرين؛ الحجر العلوي (365× 165سم). عليه كتابة يونانية من سطرين، يتوسط السطرَ الأولَ صليبٌ ضمن مربع فيه حرفا ألفا وأوميغا A vϖ (وهما الحرفان الأول والأخير من الأبجدية اليونانية)، وتشير إلى قول المسيحu: أنا الأول والآخر. وفيه نقاط أربع ترمز إلى أضلع الصليب وإلى الجهات الأربع وإلى عناصر الحياة الأربعة، والسطر الأسفل وسطه دائرة فيها صليب، وترجمة السطر الأول:

"في شهر تشرين الثاني من الأنذقتي 13 من عام 876 (876- 312= 564م.) كل شي لمجد  الله". وترجمة السطر الثاني: "إذا كان الله لنا فمن يكون ضدنا". وعلى جانبي المدخل أيضاً زخارف رمزية.

وهذا القسم الجنوبي يتألف من طابقين: الأرضي وفيه غرفة على اليمين تطل على الباحة وتنفتح على القاعة الوسطى، وتحتوي الدرج المنكسر المؤدي لولبياً إلى الطابق العلوي فالسطح. وهذا المدخل الرئيسي ينفتح على إيوان كبير يفضي إلى الباحة الداخلية، له جناحان محدثانً تصليباً بالبنا في الوسط ومربع متصالب من الشمال ونصف دائري من الجنوب.

منظر عام لقصر ابن وردان

فالجناح الشرقي من الأدنى يتألف من ست غرف مربعة ومستطيلة، في إحداها شمالاً سلم القصر، وفي غرفة مقابلة برج مربع يبرز عن واجهة القصر الرئيسة نحو مترين، في حين يبرز من الغرفة التي تليها من الشرق برج مستطيل. ولكل من البرجين فتحة مائلة بأدناه ينحدر منها الما إلى ساقية مختفية تحت الأرض تمتد للغرب موازية للجهة الرئيسة للقصر.

وتنفتح جميع الغرف بمداخل ونوافذ كبيرة ذات أقواس مفتوحة من فوقها على القاعة المقببة المتوسطة الكبرى لتكوَّن هذه إحدى أضلاع الصليب، وفي الطرف الشرقي تضم غرفتين كبيرتين تشكلان مع الغرفتين المتناظرتين في الجناح الغربي من هذا القسم شكلاً مستطيلاً بضلعين أبعادهما (40× 15.5م).

يقابل جناح البرج البارز عن الواجهة الرئيسة غرفة تنفتح على الباحة الداخلية بمدخل ونافذة كبيرة وأقواس مفتوحة من فوقها، ولكل من الغرفتين الوسطيين ثلاث نوافذ وقناطر من فوقها مفتوحة عليها إلا غرفتي البرجين فإنهما بنافذة مفردة.

قصر ابن وردان من الداخل
 
قصر ابن وردان من الداخل
 
قصر ابن وردان من الداخل

 أما القسم الشرقي وهو بمنزلة رواق يمتد إلى الشمال بصف غرف معقودة السقف ونفقية، وتنفتح على الباحة الداخلية فقط بمدخل واحد يقوم بالوسط، وتحتوي على المرافق أيضاً. وبحذا المدخل من الجنوب هناك بئر ما أثرية، عليها ثلاث قطع مع جرنين بازلت. والقسم الشمالي فيه صف غرف مع برجين صغيرين.

أما القسم الغربي فيتألف من ثماني غرف، على كل صف أربع غرف تمتد للشمال، ومن فوقها طابق آخر، وما تزال دعائمه الوسطية المربعة قائمة، وكل دعامة تحمل على طابقين ثماني أقواس.

وقد فرشت أرض القاعة الشرقية والغرفتين الغربيتين في هذا الجناح بفسيفسا حجرية، في حين رصفت أرض الإيوان والباحة الداخلية ببلاط بازلتي ما عدا غرفة واحدة شمال الإيوان.

أما الطابق العلوي فوق القسم الجنوبي فيوصل إليه عبر درج حاوٍ اثنتين وثلاثين درجة، ويأخذ الضيا من نوافذ كبيرة مفتوحة القوس من فوقها، ويختلف عن السفلي، وهناك أوسع قاعة صليبية الشكل، تنتهي بأنصاف دوائر؛ حنيات شرقية تعلوها أنصاف قباب. وترتفع قبة إهليليجية تقريباً تتوضع على عنق مثمن ذي ثماني شمسيات كبيرة الضيا .

وزوايا الصليب امتلأت بغرف صغيرة كما في الأدنى، مع فارق نسبي؛ إذ إن الغرفة الوسطى مقابل غرفة الدرج من الجنوب ومثلها في الجناح الغربي مكشوفتا الواجهة للخارج، وكان لكل منهما عمود في الوسط ذو تاج وقاعدة وقوسين من فوقه ودرابزين بطرفيه. وجميع غرف هذا الطابق تنفتح على القاعة الصليبية الشكل بمداخل ونوافذ كبيرة الأطر بحجارة كلسية كبيرة من قطعة واحدة.

  -3 الكنيسة:

تقع في الغرب من القصر، شكلها مستطيل، وأبعادها (18.5× 15م). ومن شمالها الغربي برج بارز عنها ويؤدي للأعلى، وإذا ضم إليها يصبح الشكل مربعاً. وتضم صحناً مستطيلاً في الداخل أبعاده (10.5× 6.65م)، ينتهي من الشرق بحنية الهيكل الدائرية، ومن حول الصحن ينتصب رواق محمول على أعمدة مستديرة متوجة. وينفتح الرواقان الجانبيان على الصحن المركزي من خلال الأعمدة.

  وقد أقيمت على مستطيل الصحن قبة بوساطة أقواس كقناطر عميقة هي من الشرق والغرب تحملها أعمدة وجدران للرواقين، إذ إنها امتدت نحو نقطة الوسط بين الحنية والنارتكس (الجز الواقع بين مدخل الكنيسة الرئيسي في جهة الغرب وباب المجاز المركزي)، لتجعل من المستطيل مربعاً تنتصب عليه القبة الكبرى بعنقها المثمن. وللواجهات أربع نوافد  بقناطر آجرية.

والواجهة الشرقية تحتوي على صفين من النوافذ، ثلاث من الأدنى بأطر كلسية ومقوسة، وخمس من الأعلى بقناطر آجرية ومثلها بالواجهات الأخرى. والأقواس ليست كلها نصف دائرية؛ فقد تبدو في الطابق العلوي مدبّبة.

وفي الجدار الغربي مدخل آخر للكنيسة: هو الباب الغربي، وبأعلاه ساكف عليه فقط رموز لقناطر وأبواب ترمز إلى قول السيد المسيحu: "ادخلوا من الباب الضيق". وفي وسطه صليب رباعي الأضلع في أسفله حرفان: ألفا - أوميغا. وضمنه أيضاً أربع نقاط.

أما ساكف باب مدخلها الجنوبي (قياسه 309× 79سم) فيتوسطه قرص يحوي صليباً مثمن الأذرع بقطر 68سم. عليه  كتابة باليونانية مؤلفة من سطرين، ترجمتها:

"هذا هو الباب الذي صنعه الرب، يدخله الأبرار" ويذكرنا بالآية 24 من المزمور عينه: "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب".

وفي هذا الباب الرموز التالية:

>  اللبلاب: (شجرة معرشة، وتدعى الكرميّة)، وهي رمز الإله "ديونيسوس" = "باخوس" إله الخمر قبل أن يكون رمزه شجرة الكرمة والعنب، وترمز إلى الخلود.

>  الجدلة: وهي مزدوجة، ثنائية الخط البارز، وترمز إلى الطبيعة المزدوجة للمسيح: الإلهية والبشرية

>  القرص الشمس: ويرمز إلى إله الشمس "هليوس"، كما يرمز إلى السيد المسيح الذي يقول: "أنا شمس البر".

>  الدائرة: وهي خط متصل يشير إلى قول المسيح: "أنا البداية والنهاية".

>  الكأس: ويرمز إلى العشا السري (كأس القربانخ).

>  الجرَّة: وترمز إلى الما الحي. ولقول المسيح: "أنا الما الحي، أنا ينبوع الحياة". وترمز أيضاً إلى السيدة العذرا الممتلئة بنعمة الله.

ورمز الصليب بالأذرع الثماني يشير إلى المكعب بسطوحه الثمانية، وإلى النجمة الثمانية التي كانت رمزاً لعشتار، ثم تحولت  للسيدة العذرا .

>  الخط المنكسر: ويرمز إلى الأرض والجبال التي ستسود فيها المسيحية.

 

جورج نحاس

 

 

مراجع للاستزادة:

 - متري هاجي اثناسيو، سورية المسيحية في الألف الأول الميلادي، مجلد 3 القسم الأول محافظة حمص- حماة (دمشق: 1997) ص ص 193، 195.

 - أحمد وصفي زكريا، جولة أثرية (دار الفكر، دمشق 1984).

 - كامل شحادة، قصر ابن وردان (مديرية الآثار، دمشق 1982).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
النوع : مباني
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 70
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1092
الكل : 40486841
اليوم : 16656