logo

logo

logo

logo

logo

القرابة

قرابه

kinship - parenté

 القرابة

القرابة

أسامة الحموي

تعريف القرابة

الألفاظ ذات الصلة

أنواع القرابة

أثر القرابة في الأحكام

مفهوم القرابة في القانون المدني السوري (1)

 

أولاً ـ تعريف القرابة:

1ـ تعريف القرابة لغة:

القرابة والقربة: القرب في الرحم، قال أبو البقاء الكفوي "القربى تستعمل في الأرحام". وقال المطرزي: والقرابة والقربة في الرحم.

فالقرب يستعمل في الرحم، وهو في الأصل مصدر، تقول: بينهما قرابة وقرب وقربى ومقربة، وهو قريبي وذو قرابتي، وهم أقربائي وأقاربي.

2ـ تعريف القرابة اصطلاحاً:

اختلف الفقهاء في تعريف القرابة ما بين مضيق وموسع في معناها على عدة آراء:

الرأي الأول: وهو رأي الإمام أبي حنيفة إذ وسع معنى القرابة لتشمل قرابة الأم وقرابة الأب من الرحم المحرم الأقرب فالأقرب ما عدا الوالدين والمولودين؛ لأن القرابة المطلقة هي قرابة الرحم المحرم، ولأن الاسم يتكامل بها، وأما غيرها من الرحم غير المحرم فمعنى القرابة فيها ناقص.

ولا يدخل فيها الآباء والأجداد والأولاد والأحفاد في رواية الحسن بن زياد عن أبي حنيفة. لأن الولد جزء من الوالدين والآباء والأجداد أصل. ولو قال الولد عن أبيه إنه قريبي عصى وأساء وكان عاقاً.

وذهب محمد بن الحسن وقول لأبي يوسـف إلى أن القرابة تشـمل كل ذي رحم وإن بعد إلا الأب والأم والابن والبنت من أولاد الصلب، ورجح هذا الرأي النووي في المنهاج.

الرأي الثاني: وهو للإمام مالك والشافعي، اللذين وسعا مفهوم القرابة فأطلقاها على كل قرابة وإن بعدت، ويدخل فيها الأب والأم وولد الصلب، ويدخل فيها الأجداد والأحفاد مطلقاً.

الرأي الثالث: وهو للإمام أحمد بن حنبل في الرواية الراجحة عنه، إذ قصر معنى القرابة على القرابة من جهة الأب دون ما كان من جهة الأم.

الرأي الرابع: إطلاق القرابة على كل ذي رحم وإن بعد، سواء كان محرماً أو غير محرم، ما عدا الأصول والفروع، ذكره الخطيب الشربيني في كتابه مغني المحتاج.

الرأي الخامس: وهو رأي بعض الفقهاء الحنفية والشافعية الذين وسعوا معنى القرابة لتشمل أي قرابة وإن بعدت من جهة الأب أو من جهة الأم، أو من جهة الأولاد، وحملوا عليها أيضاًَ الزوجية، والرضاع والولاء، وهذا الرأي أوسع الآراء.

ثانياً ـ الألفاظ ذات الصلة:

 (الرحم ـ النسب ـ الرضاع ـ المصاهرة).

أ ـ الرحم: مشتق من رحم الأنثى، وفي اللغة هو القرابة أيضاً. ومعناها شرعاً: استعمله الفقهاء بما يرادف معنى القرابة أحياناً، قال الخطيب الشربيني: القرابة وهي الرحم، وفي باب الإرث أطلقه الفقهاء على نوع من أنواع القرابة، وهم غير ذوي الفروض أو العصبات، وعلى هذا المعنى يكون الرحم أخص من القرابة.

ب ـ النسـب: النسـب فـي اللغة واحـد الأنساب، وانتسب إلى أبيـه أي اعتزى. وفلان يناسب فلاناً فهو نسيبه أي قريبه. وأما شرعاً: فقال الخطيب الشربيني بأنه القرابة. وقال عنه التُّمرتاشي والبُهُوتي بأنه الرحم. وقصره زكريا الأنصاري والبجيرمي على القرابة من غير ذوي الرحم. في حين حصره ابن الجلاب في البنوة والأبوة والأخوة والعمومة وما تناسل منهم.

ومما سبق يتبين أن بين معنى النسب والقرابة عموماً وخصوصاً مطلقاً، فهما يجتمعان في الاتصال بين إنسانين بالاشتراك في ولادة قريبة أو بعيدة، وينفرد الأعم في غير ذلك من أنواع القرابة.

ج ـ الرضاع: الرضاع لغة اسم لمص الثدي، وامرأة مرضع أي لها ولد ترضعه. وشرعاً هي اسم لوصول لبن امرأة إلى جوف طفل بشروط مخصوصة. وهو نوع من القرابة سببها الرضاع، لأن الفقهاء اتفقوا على أن الرضاع يجري مجرى الولادة لقول الرسولr: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". ولأن الرضاع يُنبت اللحم في جسم الطفل الرضيع. لذا فإن بين القرابة والرضاع عموماً وخصوصاً مطلقاً.

د ـ المصاهرة: المصاهرة لغة تطلق على الأصهار، وهم أهل بيت المرأة أي الزوجة. وأما شرعاً: فتطلق على قرابة سببها عقد الزواج. فالمصاهرة سببها قيام عقد نكاح بين رجل وامرأة. وعلى هذا يكون بين القرابة والمصاهرة عموم وخصوص مطلق.

ثالثاً ـ أنواع القرابة:

1ـ تنقسم القرابة باعتبارات شتى، فهي تنقسم باعتبار الولادة إلى أصول وفروع وأطراف وحواشٍ.

أما الأصول: فهم الأب والجد مهما علا، والأم والجدة أم الأم مهما علت. ويُسمى الجد أبو الأب بالجد العصبي، لأنه وارث. في حين سمى الفقهاء الجد أبا الأم بالجد الرحمي لأنه لا يرث. فهؤلاء هم أصول الشخص، بمعنى أنهم السبب والأصل في وجود الإنسان عن طريق الولادة.

وأما الفروع: فهم الابن وابن الابن، وبنت الابن مهما نزلوا. والبنت وبنت البنت أو ابن البنت مهما نزلن. فهؤلاء هم فروع الشخص، بمعنى أنهم متفرعون عنه بطريق الولادة.

وأما الأطراف: فهم الإخوة والأخوات، سـواء كانوا أشقاء أو كن شـقيقات أي من أب وأم واحدة، أو من أب أو من أم فقط. فهؤلاء كالأطراف للإنسان.

وأما الحواشي: فهم الأعمام والعمات، والأخوال والخالات وأبناؤهم، وكذلك أعمام وعمات الأب، وأخوال وخالات الأب، وأعمام وعمات الأم، وأخوال وخالات الأم.

2ـ أنواع القرابة باعتبار الإرث أو "القرابة الموجبة للتوارث" وتنقسم إلى ثلاثة أنواع هي:

أ ـ أصحاب الفروض.

ب ـ العصبات.

ج ـ ذوو الأرحام.

أما أصحاب الفروض: فهم الأقارب الوارثون الذين ذكر القرآن لهم نصيباً محدداً من الميراث ـ كالنصف أو الربع، والثلث أو الثلثين أو السدس، أو الثمن.

أمـا العصبـات: وهـم عصبـة بالنفـس، وعصبـة بالغيـر أو مـع الغيـر والعصبـات بالنفس: هم الذكور الوارثون الذين يدلون إلى الميت بغير أنثى، وهم بالترتيب في الأحق بالإرث كالآتي:

البنوة: الابن وابن الابن مهما نزلوا.

الأبوة: الأب والجد مهما علا.

الأخوة: الأخ الشقيق ثم الأخ لأب.

العمومة: العم الشقيق ثم العم لأب.

والقاعدة المتفق عليها في الإرث هي حديث النبيr: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأَوْلَى رجل ذكر".

وأما ذو الأرحام: فالمراد بهم كل قريب لا يرث لا بالفرض ولا بالتعصيب، وهم أربعة أصناف:

الأول: من ينتمي إلى الميت لكون الميت أصلاً له، وهم أولاد البنات وإن نزلوا كابن البنت وبنت البنت وأولاد بنات الابن وإن نزلوا. كذلك كابن بنت الابن وبنت بنت الابن.

الثاني: من ينتمي إلى الميت لكونهم أصولاً له وإن كانوا ممن لم يكن صاحب فرض ولا عصبة، وهم الأجداد والجدات غير مَنْ ذكروا من الوارثين، كالجد الرحمي وهو أبو الأم وأبوه وإن علا، والجدة الرحمية وهي أم أبي الأم وأمها وإن علت.

الثالث: من ينتمي إلى أبوي الميت لكونهما أصلاً جامعاً له وللميت وهم: أولاد الأخوات ذكوراً كانوا أم إناثاً، وسواء كان الأخوات شقيقات من أم وأب واحد، أو من أب فقط، أو من أم فقط كالأخوات لأم، وكل من يدلي إلى الميت بواحد من هؤلاء.

الرابع: من ينتمي إلى أجداد الميت وجداته، لكون هؤلاء الأجداد والجدات أصلاً جامعاً له وللميت وهم: الأعمام لأم، والعمات مطلقاً، وبنات الأعمام مطلقاً، والأخوال والخالات مطلقاً وإن تباعدوا، وأولادهم وإن نزلوا.

3ـ أنواع القرابة النسبية باعتبار المحرمية: وتنقسم إلى نوعين: المحارم وغير المحارم.

والمحارم من القرابة النسبية هم كل شخصين لا يصح عقد النكاح بينهما. واتفق العلماء على أن المحارم من القرابة النسبية من النساء اللاتي لا يجوز الزواج بهن بسـبب القرابة أو النسـب هـن أربعـة أصناف ذُكرن في القرآن الكريم في قول الله تعالى: ﴿حُرِّمَـتْ عَلَيْكُـمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَـاتُ الأُخْتِ﴾ [النساء 23] وهن على الترتيب:

أ ـ أصول الشخص من الإناث: لقول الله تعالى: ﴿حُرِّمَـتْ عَلَيْكُـمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ والأمهات تشمل الأم حقيقة والجدة مجازاً، من جهة الأب أو من جهة الأم مهما نزلن.

ب ـ فروع الشخص من الإناث: لقول الله تعالى: ﴿حُرِّمَـتْ عَلَيْكُـمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾ والبنات هن البنت وبنت الابن، وبنت البنت مهما نزلن.

ج ـ فروع الأبوين من الإناث: وهن الأخوات الشقيقات وبناتهن، والأخوات لأب أو لأم وبناتهن، لقوله تعالى: ﴿حُرِّمَـتْ عَلَيْكُـمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ﴾.

د ـ فروع الجد والجدة من الإناث لطبقـة واحدة دون بناتهـن: وهـن العمات والخالات لقوله تعالى: ﴿وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ﴾ ولا خلاف بين الفقهاء في أن النساء المحارم اللاتي يحرم الزواج بهن أن حرمتهن على التأبيد، وأما ما سوى هؤلاء من القرابة النسبية فيجوز الزواج بهن لأنهن غير محارم.

رابعاً ـ أثر القرابة في الأحكام:

1ـ التوارث: القرابة سبب من أسباب التوارث في الشريعة الإسلامية، وهي أقوى الأسباب الموجبة للتوارث، والأسباب الموجبة للتوارث هي القرابة والنكاح والولاء.

والقرابة الموجبة للتوارث بحسب الأولوية في الإرث على ثلاث درجات، وهي أصحاب الفروض أولاً ثم العصبات ثم ذوو الأرحام.

2ـ حرمة الزواج بسبب القرابة:

المحرمات من النساء اللاتي يحرم الزواج بهن بسبب القرابة أو النسب هن المذكورات آنفاً في أنواع القرابة من المحارم، "المحرمات بالنسب".

3ـ كما تشمل حرمة الزواج ـ على رأي من وسع في معنى القرابة ـ الرضاع والزوجية.

المحرمات بسبب الرضاع والمحرمات بسبب المصاهرة. والمحرمات بسبب الرضاع هن ثمانية أصناف وهـن باختصار: يحرم من الرضاع ما يحرم مـن النسـب، وهن أربعة أصناف لقوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَة﴾ [النساء 23] ولقولهr: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". كما يحرم من الرضاع ما يحرم من المصاهرة وهن أربعة أصناف. ودليل ذلك الإجماع.

4ـ القرابة سبب من الأسباب المانعة من القصاص:

اتفق العلماء على أنه من موانع القصاص التي تمنع من وجوبه على القاتل أن يكون القاتل أصلاً للمقتول، والمقتول فرعاً له، كالأب إذا قتل ولده. لقول الرسولr: "لا يقاد الوالد بولده".

فالأبوة مانعة من القصاص باتفاق، للحديث المذكور. ولأن غلبة الشفقة عند الأبوين تجعل إمكان وجود نية العمد في القلب مشكوكاً فيها. والأبوان كانا سبباً من أسباب وجود الابن، فلا يجوز للابن أن يكون سبباً في إعدامهما، لأن الله تعالى أمر بالإحسان إليهما. وأما ما عدا ذلك من أنواع القرابة فليست مانعة من موانع إقامة القصاص على القاتل، وكذلك وجود الزوجية بينهما.

5ـ وجوب الدية في مال القرابة:

ذهب جمهور العلماء ما عدا الحنفية إلى أن من يتحمل الدية في القتل الخطأ من القرابة هم العاقلة، وهم العصبة النسبية، وكذا في القتل شبه العمد عند الجمهور عدا المالكية، لأن المالكية أدخلوه في العمد. والدية عند سقوط القصاص في القتل العمد تجب في مال الجاني تغليظاً عليه. كما اتفقوا على أن الزوجين لا يتحملان شيئاً من الدية، لأنهما لا يدخلان في العاقلة.

والدية في القتل الخطأ تتحملها العاقلة مواساة للقاتل، ولأن القاتل يستنصر بعاقلته وقرابته أو عشـيرته، وكان ينبغي على العاقلة أن تأخذ على يديه وتنصحه؛ فوجبت الدية لذلك في مال العاقلة.

6ـ الوصية للأقرباء:

أجمع الفقهاء على جواز الوصية لغير الوارث من الأقارب، كما تجوز لغير الأقارب من باب أولى. أما الوصية للقريب الوارث فلا تجوز، وقد اختلف الفقهاء في جوازها للقريب إن أجازها بقية الورثة. ذلك لقول الرسولr: "إن الله أعطى كل ذي حقٍ حقه فلا وصية لوارث".

7ـ وجوب النفقة على الأقارب (نفقة الأقارب):

اتفق العلماء على أن أسباب وجوب النفقة ثلاثة: القرابة والزوجية والملك. واختلف العلماء في القرابة الموجبة للنفقة على أربعة آراء ما بين موسع ومضيق. وأضيق المذاهب في القرابة الموجبة للنفقة المالكية ثم الشافعية ثم الحنفية وأوسعهم الحنابلة.

وشرح ذلك فيما يأتي:

أ ـ المذهب المالكي: قالوا: إن النفقة الواجبة بالقرابة هي للأبوين والأبناء مباشرة فقط دون غيرهم. لقولـه تعالى: ﴿وَبِالْوَالِـدَيْـنِ إِحْسَانا﴾ [الإسراء 23]. وقوله سبحانه: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان 15].

واستدلوا على وجوب نفقة الولد على أبيه بقوله تعالى: ﴿وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة 233].

وقوله r لهند زوجة أبي سفيان: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".

ب ـ وذهب الحنفية إلى أن النفقة واجبة للقرابة المحرمة للزواج، يعني لكل ذي رحم محرم، ولا تجب للقريب غير المحـرم، لقولـه تعالـى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّه﴾ [الإسـراء 26] ولكن، قيد الحنفية القرابة بالمحرمية بقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِك﴾ [البقــرة 233].

فالنفقة الواجبة للقرابة المحرمية عند الحنفية للأصول والفروع والحواشي دون ذوي الأرحام.

ج ـ المذهب الشافعي: ذهب الشافعية إلى أن القرابة الموجبة للنفقة هي قرابة الوالدين وإن علوا، وقرابة الأولاد وإن سفلوا. فالنفقة عندهم واجبة للأصول والفروع فقط، للأب والأم والأجداد والجدات، وللأولاد مهما نزلوا.

د ـ وذهب الحنابلة إلى أن القرابـة الموجبـة للنفقـة هـي لكل قريـب وارث بالفـرض أو بالتعصيب، وكذلك لذوي الأرحام إذا كانوا من عمود النسب، كأب لأم، وابن البنت، سواء كانوا وارثين أم محجوبين. أما إن كانوا من غير عمود النسب كالخالة والعمة، فلا نفقة لهم، لأن قرابتهم ضعيفة، ثم لم يشترطوا المحرمية كما اشترطها الحنفية.

واشترط العلماء لوجوب النفقة على القريب حسب التفصيل والخلاف السابق فيما بينهم ما يلي:

أ ـ أن يكون القريب فقيراً، ولا قدرة له على الكسب، ويستثنى من ذلك الأبوان.

ب ـ أن يكون الملزم بالنفقة موسراً يملك نفقة تزيد على نفقة نفسه، ويستثنى من ذلك الأب فنفقة أولاده واجبة عليه ولو كانوا معسرين.

8ـ البر والصلة والإحسان:

من الحقوق التي يجب بذلها للقرابة البر للوالدين والإحسان إليهما، وصلة الأرحام والزيارة، وحسن الكلام وتحمل الجفاء، إضافة إلى حق المسلم على المسلم. لقوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا https://arab-ency.com.sy/law/details/25758/6# وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسـراء 23ـ24]. وقوله تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّه﴾ [الإسراء 26] وأعظم الحقوق للأقارب الصلة. وقال النبيr: "لا يدخل الجنة قاطع رحم". والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، وقد حكى ابن العربي اتفاق العلماء على أن صلة ذوي الأرحام واجبة، وأن قطيعتها محرمة.

9ـ حق الحضانة:

حق الحضانة هو من حقوق الطفل رعاية له في سن الصغر حتى يكبر، وقد جعل الشارع حق الحضانة يثبت للأقارب، بل لأشد الناس قرابة من الطفل وهي الأم ثم للنساء المحارم للطفل المحضون على ترتيب مذكور في باب الحضانة، وهذا الحق يثبت لهن أولاً لوفور الشفقة عندهن، ولأن الملاحظ في حق الحضانة مصلحة الطفل المحضون، وهو يحتاج في السنين الأولى من عمره إلى رعاية خاصة لا تتقنها إلا النساء. ثم ينتقل حق الحضانة للأب بعد انتهاء حضانة الأم أو النساء من بعدها، لوفور الشفقة عنده أيضاً ثم للعصبات من الطفل المحضون، ثم في انتقاله لذوي الأرحام خلاف.

10ـ الولاية على النفس:

وهو حق من حقوق الطفل، أوجبه الشارع على الأقارب من الطفل القاصر لرعاية شؤونه، من تعليم وتأديب وتوجيه وتربية وكل ما فيه مصلحة له في نفسه، وذلك بسبب عدم قدرة الطفل الصغير على إدارة شؤونه الخاصة والعامة، لعدم وجود العقل أو عدم كمال قدراته العقلية. والملاحظ في الولاية على النفس مصلحة القاصر.

وتثبت هذه الولاية للأقارب على خلاف بين الفقهاء في تحديد مَنْ هم الأولياء على النفس.

11ـ ما يقطع أحكام القرابة أو يؤثر فيها:

يؤثر في أحكام القرابة المذكورة الردة أو اختلاف الدين، ما عدا البر والصلة والإحسان في غير معصية. كما أن الحضانة لا يشترط فيها اتحاد الدين بين الأم والطفل المحضون.

كما يؤثر في أحكام القرابة القتل، فقتل الوارث للمورث مانع من موانع الإرث، لكن اختلف الفقهاء في نوع القتل المانع من الإرث. وكذلك قتل الزوجة زوجها عند جمهور الفقهاء مانع من موانع وجوب المهر على الزوج. والفسق مانع من موانع الولاية على نفس القاصر. كما هو مانع من موانع الحضانة ومسـقط لها. والفقر مانع من موانع وجوب الدية في مال أفراد العاقلة. وكذلك لا تجب الدية في مال الأصول والفروع للقاتل.

خامساً ـ مفهوم القرابة في القانون المدني السوري (1):

إن صلة الشخص بأسرته عن طريق القرابة يسمى قانوناً بالحالة المدنية، ولها تأثير في حقوقه وواجباته، ورابطة القرابة في القانون تنقسم إلى رابطة النسب أو المصاهرة أو الزوجية.

1ـ قرابة النسب: نصت (المادة 36/ف2) من القانون المدني السوري على ما يلي: "يعتبر من ذوي القربى كل من يجمعهم أصل مشترك".

وتدعى مثل هذه القرابة بقرابة النسب، وهي تنقسم بحسب القانون المدني إلى قرابة مباشرة وقرابة الحواشي.

والقرابة المباشرة: هي حسب ما نصت عليه الفقرة الأولى من (المادة 37) من القانون المدني السوري "الصلة ما بين الأصول والفروع"، كالصلة ما بين الآباء والأبناء والأجداد، سواء عن طريق الذكور أو الإناث؛ لأنهم ينحدرون من بعضهم بصورة مباشرة.

وأما القرابة غير المباشر أو قرابة الحواشي: فهي حسب ما نصت عليه الفقرة الثانية من (المادة 37) "الرابطة بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر". وهي القرابة التي تكون بين الإخوة والأخوات فيما بينهم، أو بين ذرية كل منهم وذرية الآخر. وقرابة النسب سواء كانت قرابة مباشرة أم غير مباشرة على نوعين: وهما:

1ـ قرابة العصبات: هي التي تكون عن طريق الأب، وقرابة الأرحام هي التي تكون عن طريق الأم.

2ـ قرابة المصاهرة: وهي القرابة التي سببها قيام عقد الزواج بين رجل وفتاة. وتقوم بين أحد الزوجين وقرابة الزوج الآخر. وقد نصت (المادة 29) من القانون المدني السوري على ما يلي: "أقارب أحد الزوجين يعتبرون في نفس الدرجة والقرابة بالنسبة إلى الزوج الآخر".

وبناءً عليه يعد أبو الزوجة قريباً للزوج من الدرجة الأولى وشقيق الزوجة قريباً لزوجها من الدرجة الثانية. وقد نصت (المادة 38) من القانون المدني السوري على درجات القرابة فيما يلي: "يراعى في حساب درجة القرابة المباشرة اعتبار كل فرع درجة عند الصعود للأصل بخروج هذا الأصل وعند حساب درجة الحواشي تعد الحواشي صعوداً من الفرع للأصل المشترك ثم نزولاً منه للفرع الآخر ، وكل فرع فيما عدا الأصل المشترك يعتبر درجة"، ومثاله: أبناء العم يعدون من أقارب الدرجة الرابعة.

2ـ رابطة الزوجية:  وهي التي تجمع بين الزوجين، وتعين مركز كل منهما بالنسبة إلى الآخر، وتحدد حقوقهما وواجباتهما المتبادلة.

ولا شك في أن كل ما نص عليه القانون فيما سبق مصدره الشريعة الإسلامية ومتفق مع أحكامها.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أبي البقاء الكفوي، الكليات (مؤسسة الرسالة ط 1، بيروت 1992م).

ـ المطرزي، المغرب في ترتيب المعرب (مكتبة أسامة بن زيد، حلب).

ـ الفيومي، المصباح المنير (المكتبة العلمية، بيروت).

ـ الرازي، مختار الصحاح (دار اليمامة، بيروت).

ـ الكاشاني، بدائع الصنائع (دار الكتاب العربي، ط 2، بيروت 1982م).

ـ المرغيناني، الهداية (المكتبة الإسلامية).

ـ الخطيب الشربيني، مغني المحتاج (دار الفكر).

ـ الإمام مالك، المدونة (دار صادر، بيروت).

ـ الشافعي، الأم (دار المعرفة، بيروت).

ـ ابن قدامة المقدسي، المغني (دار الكتاب العربي، بيروت 1983).

ـ الموسوعة الكويتية (وزارة الأوقاف في الكويت، ط1، الكويت 1995م).

ـ سبط المارديني، الرحبية في الفرائض (دار القلم، دمشــق).

ـ علي الخرشي، حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل (دار الكتب العلمية، ط 1، بيروت 1997م).

ـ ابن مفلح الحنبلي، المبدع (دار الكتب العلمية، ط 1، بيروت 1997م).

ـ  ابن جزيء، القوانين الفقهية (المكتبة الثقافية، بيروت).

ـ الشيرازي، المهذب (دار الفكر، بيروت).

ـ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ط 1 (دار الفكر).

ـ عبد الغني الميداني، اللباب في شرح الكتاب (دار الحديث، بيروت).

ـ رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين) (دار إحياء التراث العربي، بيروت).

ـ السرخسي، المبسوط (دار المعرفة، ط2، بيروت).

ـ ابن رشد، بداية المجتهد، تحقيق ودراسة الشيخ علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود (دار الكتب العلمية ـ بيروت).

ـ ابن العربي، أحكام القرآن تحقيق محمد عبد القادر عطا (دار الكتب العلمية، ط 1، بيروت 1988م).


التصنيف : العلوم الشرعية
النوع : العلوم الشرعية
المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان
رقم الصفحة ضمن المجلد : 298
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 560
الكل : 31760813
اليوم : 36274