logo

logo

logo

logo

logo

مخاصمة القضاة

مخاصمه قضاه

proceedings against judges - action contre les juges

 مخاصمة القضاة

مخاصمة القضاة

محمد واصل

مفهوم دعوى مخاصمة القضاة وطبيعتها

حالات المخاصمة

إجراءات دعوى المخاصمة والحكم فيها

 

أقام المشرع المسؤولية المسلكية والجزائية للقاضي على أساس السلوك الشخصي أو العمل الشخصي حماية للوظيفة من جهة، وحماية للقاضي من جهة أخرى، بيد أنه أقام المسؤولية المدنية للقاضي على عمله القضائي في حالات ضيقة ومحددة في القانون على سبيل الحصر. لذلك ميَّز المشرع بين بعض الأنشطة الزراعية أو التجارية، وإبرام العقود التي يباشرها القاضي بوصفه شخصاً عادياً وقد يرتكب الأخطاء، أو يخل بالالتزامات، وبالتالي فإنه يخضع لما يخضع له الأفراد الآخرون؛ وبين خطأ القاضي أو إخلاله في عمله القضائي الذي قد يلحق ضرراً بأحد الخصوم. فقد أخضع المشرع عمل القاضي في حالة الأخطاء الشخصية للقواعد العامة التي يخضع لها سائر الأشخاص من حيث ترتيب المسؤولية أو المنازعة القضائية، في حين أخضع خطأه أو إخلاله بعمله القضائي للمساءلة عن طريق دعوى المخاصمة من أجل الحصول على التعويض عن الضرر الذي لحق بالخصم المتضرر؛ بيد أنه لم يفتح الباب على مصراعيه في هذا المجال، بل جعله مفتوحاً في حالات محددة حصرياً، ووفقاً لشروط محددة أيضاً؛ لأنه أقام مسؤولية القاضي فيها خلافاً للقاعدة الأصلية في عمل القضاة التي تقضي بعدم المسؤولية عن أعمال السلطة القضائية.

أولاً ـ مفهوم دعوى مخاصمة القضاة وطبيعتها:

يتم اللجوء إلى دعوى المخاصمة على نطاق واسع، وقد أسيء استعمالها إلى حدٍّ غدت معه طريقاً معتاداً من طرق الطعن في الأحكام المبرمة خلافاً لحجيتها وقطعيتها في كونها عنوان الحقيقة، فتعثرت العدالة وأصبح المناخ العام يشير إلى أنه يمكن أن تُفتتح أي خصومة من أجل اقتضاء حق أو حمايته بيد أنه لا يعرف متى ستنتهي، وكأن القاضي أصبح يأخذ بالحسبان أن كل حكم يصدره ولو كان مبرماً محل للطعن عن طريق دعوى المخاصمة التي أجاز القانون رفعها ضد جميع القضاة سواء كانوا قضاة حكم أم قضاة نيابة عامة، ومن أي درجة كانوا باستثناء قضاة الهيئة العامة لمحكمة النقض لعدم وجود هيئة قضائية تعلوها، وإن كان لا يوجد ما يمنع من قبول الدعوى بشأن أعمال أحد قضاة الهيئة العامة أو بعضهم في حال الخداع أو الغش أو الرشوة التي تصدر عن هؤلاء بالذات؛ بيد أن هذه الدعوى لا ترفع بمواجهة قضاة مجلس الدولة، أو قضاة القضاء العسكري، أو قضاة محكمة أمن الدولة العليا لأنهم يخرجون عن دائرة القضاء العادي، كما لا تسمع الدعوى بمواجهة المحكمين في القضايا التحكيمية، أو بمواجهة أعضاء اللجان ذات الاختصاص القضائي.

1ـ تعريف دعوى المخاصمة:

تعد دعوى مخاصمة القضاة من الدعاوى التي أقرها المشرع خلافاً للأصل الذي يقول بعدم مسؤولية القاضي عن أعماله القضائية، بيد أن المشرع لم يترك إقامتها متوقفة على مشيئة المتضررين من أي عمل قضائي، لأن فتح مثل هذا الباب سوف يؤدي بالقاضي إلى الإحجام عن العمل والتهيب من أداء وظيفته بما يمليه عليه ضميره ووجدانه خوفاً من المسؤولية التي قد يتعرض لها، وبالتالي سوف يقضي نصف وقته في أداء واجبات الوظيفة، والنصف الآخر في الدفاع عن نفسه في دعاوى المخاصمة التي تقام عليه. وهذا ما أكدته غرفة المخاصمة في محكمة النقض السورية بالقول: "إن المشرع لم يشأ أن يجعل القاضي عرضة للمسؤولية عن جميع الأخطاء التي يرتكبها أثناء قيامه بمهام رسالته، إنما أجاز مخاصمته في حالات عددها على سبيل الحصر ومنها الخطأ المهني الجسيم على الوجه المحدد في المادة (486) أصول محاكمات" (قرار رقم 150 تاريخ 25/9/1990 القضية 157 أساس لعام 1990). لذا فإن دعوى المخاصمة هي التي سمح المشرع بإقامتها على القاضي في حالات محددة حصراً، وتهدف إلى إقامة مسؤولية القاضي المدنية عن خطأ جسيم نص عليه القانون ارتكبه في الحكم بمطالبته بالتعويض عن الضرر الذي لحق به من جراء ذلك الخطأ، ويترتب على صحتها بطلان الحكم محل الدعوى. فدعوى المخاصمة هي دعوى خاصة جداً أفرد لها القانون أحكاماً خاصة وإجراءات معينة ترفع على جميع القضاة سواء أكانوا قضاة حكم أم قضاة نيابة عامة، وفي مواجهة جميع الأحكام القطعية باستثناء أحكام قضاة الهيئة العامة لمحكمة النقض لعدم تعيين مرجع للنظر في مثل هذه الدعوى، لأنه يجب دائماً أن ينظر في دعوى المخاصمة قضاة أقدم من القضاة المخاصمين في الدعوى.

2ـ طبيعة دعوى المخاصمة:

اختلف الفقه والاجتهاد في تحديد طبيعة دعوى مخاصمة القضاة، فذهبت بعض الآراء إلى عدِّها طريقاً من طرق الطعن غير العادية في الأحكام؛ لأن الغاية الأساس منها إلغاء الحكم محل دعوى المخاصمة، وليس الحصول على تعويض من القاضي، ولاسيما أنه يتم تحديد مبلغ رمزي في طلب التعويض، وعلى فرض الحكم به فإن من حصل عليه لا يطالب بتنفيذ الحكم الصادر به، وفقاً لما ذهبت إليه محكمة النقض "الاجتهاد مستقر على أن المراد الحقيقي من دعوى المخاصمة هو الطعن الاستثنائي بالأحكام المبرمة بالإضافة إلى مساءلة القضاة" (قرار رقم 204/72 تاريخ 15/4/1996، وقرار رقم 253/122 تاريخ 22/7/199، وقرار رقم 59/27 تاريخ 22/9/1987) وذهبت آراءٌ أخرى إلى عدِّ دعوى المخاصمة من دعاوى المسؤولية المدنية التي تقوم على أساس الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما، وترتب على ثبوتها إلغاء الحكم محل المخاصمة. وعلى الرغم من وجاهة الرأي الأول الذي يتفق والواقع الراهن؛ فإن الرأي السائد في الفقه والاجتهاد هو أن دعوى المخاصمة هي دعوى مسؤولية مدنية وليست طريقاً من طرق الطعن غير العادية. وقد ذهبت الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية إلى القول: "إن دعوى المخاصمة ليست طريقاً من طرق الطعن، وإنما هي دعوى مبتدئة تستهدف مسؤولية القاضي في عمله الموكل إليه ارتكازاً على أحكام المسؤولية التقصيرية والعمل غير المشروع" (نقض سوري هيئة عامة، أساس 709، قرار 658 تاريخ 22/11/2004م)، والواقع الراهن لا يغير من طبيعتها على أنها دعوى من دعاوى المسؤولية المدنية التي تقوم على أساس الخطأ الشخصي واجب الإثبات.

ثانياً ـ حالات المخاصمة:

لا يسأل القاضي مدنياً عما يصدر منه في أثناء تأدية وظيفته بالاستناد إلى السلطة القضائية الممنوحة له بقوة القانون إلا بطريق المخاصمة، أما المسؤولية المدنية عن تصرفاته الشخصية غير الوظيفية فتقع تحت أحكام المسؤولية المدنية التي يخضع لها الأشخاص كافة وفقاً للقواعد العامة، وقد حدد المشرع الحالات التي يجوز فيها مخاصمة القاضي على سبيل الحصر في التالي:

1ـ المخاصمة بناءً على الغش أو التدليس أو الغدر:

استعمل المشرع ثلاثة مصطلحات تكاد تكون بمعنى واحد أو بمدلول واحد؛ لأن الغش هو التدليس، والغدر هو الغش؛ إذ يقال في اللغة: إن الغش ضد النصيحة، وإن الغَدْرَ هو عدم الوفاء والترك، والتدليس هو كتمان البائع العيب في المبيع عن المشتري. وفي الاصطلاح القانوني يرى بعض الفقهاء أن كل غش هو تدليس، ويعني انحراف القاضي في أعماله عما يتطلبه القانون بقصد تحقيق مصلحة شخصية له أو لأحد الخصوم أو نكاية لأحد، وأن الغش أكثر جسامة من التدليس، وأن التدليس هو الانحراف عن الحكم بالعدل باستعمال طرق احتيالية. ومن الأمثلة على هذه المصطلحات قيام القاضي بإتلاف المستندات أو إخفائها من ملف الدعوى، أو إحداث تغيير فيها، أو تحوير أقوال أحد الخصوم أو الشهود، أو وصف المستندات على غير ما هي عليه، أو التغيير في مسودة الحكم بعد إعلانه. أما الغدر فيعني انحراف القاضي عن العدالة عن طريق الرشوة، وذلك بطلب منفعة مادية أو معنوية له أو لغيره أو قبولها إضراراً بالخزينة العامة أو بأحد الخصوم مستعيناً بما له من سلطة أو نفوذ؛ كإرهاقه بنفقات خبرة مرتفعة، ويندر أن تؤسس دعوى مخاصمة القضاة على هذه الحالة لصعوبة إثباتها؛ لأن النية عنصر جوهري في مثل هذه المصطلحات، وإن إثبات الحقيقة في مواجهة القاضي ليس بالأمر السهل، ولاسيما أن ثبوت مثل هذه الحالة يعدّ جرماً جزائياً يوجب إحالة القاضي إلى المساءَلة المسلكية والجزائية. وفي الأحوال جميعها فإن تقدير الغش من عدمه من المسائل التي يعود تقديرها إلى المحكمة التي تنظر في دعوى المخاصمة.

2ـ المخاصمة بناءً على إنكار العدالة:

يُعَدُّ القاضي منكراً للعدالة إذا امتنع عن الإجابة عن استدعاء قدم له؛ أو عن الفصل في قضية جاهزة للحكم، ويكون ذلك سبباً مبرراً لمخاصمته، ومطالبته بالتعويض عن الضرر تبعاً لذلك، وليس ثمة أي عذر له في عدم فصل الدعاوى والرد على الطلبات وفقاً لأحكام القانون والقواعد المكملة له في الشريعة الإسلامية أو العرف أو قواعد العدالة، وعليه دائماً أن يسعى إلى فهم النصوص وتفسير ما غمض فيها؛ وإكمال النقص إن وجد، وعليه أن يبحث دائماً عن القاعدة الواجبة التطبيق على ما هو مطروح عليه وفقاً للأصول، ولا يعد مجرد تأجيل الفصل في الدعوى أو إطالة أمد التقاضي أمامه بسبب الإجراءات أو الدفاع امتناعاً عن الفصل؛ لأن الامتناع عن الفصل لا يكون إلا إذا كانت الدعوى مهيأة للحكم في الموضوع، وإن رفع الدعوى للتدقيق أو قفل باب المرافعة لا يعني دائماً أنها مهيأة للحكم أو للفصل، وإن الامتناع الذي يعد إنكاراً للعدالة هو الامتناع الصريح؛ أو باتخاذ موقف سلبي بعدم الإجابة عن الطلبات المقدمة إليه؛ وبغض النظر عن القصد في الامتناع عن الفصل في الدعوى على الرغم من توافر كل الظروف والأسباب التي تتيح للقاضي الفصل فيها. كما أن المشرع لم يخضع مسألة إثبات امتناع القاضي عن الرد على طلب مقدم إليه؛ أو الفصل في دعوى منظورة مهيأة للحكم للقواعد العامة في الإثبات منعاً من الكيدية أو الإساءة، بل حدد طريقاً قانونياً للإثبات هو ضرورة توجيه إعذار للقاضي من صاحب الصفة والمصلحة عن طريق الكاتب بالعدل، يطلب فيه من القاضي البت في طلبه أو الفصل في دعواه في أول جلسة محددة لها تأتي بعد الإعذار تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية، وإذا تحقق الفصل في الدعوى أو الإجابة عن الطلب بعد رفع دعوى المخاصمة وقبل الفصل فيها تصبح دعوى المخاصمة غير ذات موضوع لانتفاء المصلحة في إقامتها.

3ـ المخاصمة بناءً على الخطأ المهني الجسيم:

تُقامُ أكثر دعاوى مخاصمة القضاة على أساس الخطأ المهني الجسيم، ومعظم الاجتهاد القضائي مكرس في هذا الاتجاه؛ لأن المشرع لم يشترط في إثبات الخطأ المهني الجسيم إثبات توافر سوء النية، وإن كان ثبوت الخطأ المهني الجسيم قريباً من الغش، ويعرَّفُ الخطأ المهني الجسيم أنه الخطأ الذي لا يقع من القاضي الذي يهتم بواجباته اهتماماً عادياً، أو هو الخطأ الذي لا يرتكبه قاضٍ متبصر حريص في عمله، وقد عرفته محكمة النقض المصرية أنه "الخطأ الذي يرتكبه القاضي في عمله وما كان ليتم لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي؛ أو لإهماله في عمله اهمالاً مفرطاً، ويستوي أن يتعلق بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في ملف الدعوى" (نقض مصري، جلسة 19/6/1980). كما عرَّفت محكمة النقض السورية الخطأ المهني الجسيم بأنه: "الانحراف عن الحد الأدنى للمبادئ القانونية، أو الإهمال المتعمد للوقائع الثابتة المنتجة بالنـزاع" (نقض، مخاصمة، قرار رقم /307/ لعام 1997 أساس رقم /451/)، وقالت عنه الهيئة العامة إنه: "الخطأ الفاحش الذي لا يقع فيه من يهتم بعمله اهتماماً عادياً" (أساس مخاصمة 9/ قرار 47 تاريخ 30/12/1992). فالخطأ المهني الجسيم الذي يصلح سبباً لرفع دعوى المخاصمة على القاضي هو إهمال أو عدم تبصر أو سوء تقدير أو سوء تفسير يؤدي إلى خلل في العدالة فيلحق ضرراً بالغير، وإن تقدير ما نسب إلى القاضي من خطأ على أنه جسيم أو غير جسيم هو مسألة موضوعية يعود تقديرها إلى المحكمة المختصة بالفصل في دعوى المخاصمة متى كان تقديرها سائغاً وله أصله الثابت في ملف الدعوى، وبعد الأخذ بالحسبان الظروف التي يعمل من خلالها القاضي، ويتم هذا عادة بأن يضع قاضي الحكم في دعوى المخاصمة نفسه مكان القاضي المخاصم ويسأل نفسه عما إذا كان سيفعل ما فعله القاضي، وإن عبء إثبات الخطأ الجسيم يقع على عاتق المدعي بدعوى المخاصمة. ومن التطبيقات القضائية على الخطأ المهني الجسيم: تصدي المحكمة للنظر في الطعن الواقع على حكم مبرم والفصل فيه، ومخالفة قرار المخاصمة السابق؛ ولما استقر عليه الفقه والاجتهاد، وحرمان مدعي المخاصمة من إثبات ما يدعيه، ومخالفة اجتهاد الهيئة العامة، وتجاهل الوقائع الثابتة في الدعوى و تجاهل حكمة القانون وأسبابه عن عمد و إصرار، وعدم الالتفات إلى الاختصاص القيمي والوثائق المبرزة التي تحدد القيمة مما يشكل تجاهلاً لوقائع ثابتة في الدعوى وانحرافاً عن الحد الأدنى للمبادئ الأساسية في القانون، ومخالفة قواعد الاختصاص، ورد الاستئناف شكلاً في الوقت الذي كان يقبل فيه شكلاً، وتجاوز القضاء المستعجل عن البحث بالطلب المستعجل إلى البحث بالموضوع والحكم بأصل النزاع، وعدم اتباع المحكمة مصدرة الحكم المنقوض من حيث أن حكم النقض يلزم المحكمة الأدنى في القضية نفسها حتى ولو كان هذا الحكم يتناقض مع اجتهاد سابق، وإهمال المحكمة وثيقة مبرزة وعدم مناقشتها على الرغم من أنها قد تكون ذات تأثير في نتيجة الحكم.

4ـ المخاصمة بناء على حكم القانون:

أجاز المشرِّعُ السوري في المادة (486/ج) أصول محاكمات رفع دعوى المخاصمة على القاضي في الأحوال الأخرى التي يقضي فيها القانون بمسؤولية القاضي والحكم عليه بالتضمينات، وهذه الحالة مرتبطة بوجود النصوص القانونية التي تعده مسؤولاًً، ومن مراجعة نصوص قانون أصول المحاكمات لم يلاحظ نص صريح على مسؤولية القاضي المدنية مباشرة عن أعماله القضائية، لكن يلاحظ مجموعة من الواجبات التي يترتب عليها بطلان الحكم عن طريق الطعن، ولم ترفع دعاوى مخاصمة أمام القضاء السوري تستند إلى القانون باعتباره المصدر المباشر للمسؤولية المدنية.

ثالثاً ـ إجراءات دعوى المخاصمة والحكم فيها:

خَصَّ المشرِّعُ دعوى مخاصمة القضاة بضمانات محددة من خلال رفعها إلى محكمة معينة وفقاً لشروط شكلية وأخرى موضوعية، ووضع إجراءات واضحة من أجل الحكم فيها، ورتب آثاراً قانونية على كل من الحالتين.

1ـ المحكمة المختصة بنظر دعوى المخاصمة:

حدد المشرع المحكمة المختصة بنظر دعوى المخاصمة تحديداً نوعياً مرتبطاً بمرتبة القاضي ودرجته بحيث لم يسمح بمحاكمته عن أعماله القضائية من قبل قاض أقل مرتبة أو درجة منه، لذلك فإن دعوى المخاصمة وفقاً لأحكام المادة (490) أصول محاكمات تنظر على أساس درجات المحاكم التي أصدرت الأحكام محل المخاصمة بغض النظر عن درجة القاضي الوظيفية من قبل المحاكم المختصة وفق التالي:

أ ـ محكمة الاستئناف: تختص محكمة الاستئناف المدنية من دون غيرها في النظر بدعاوى مخاصمة قضاة محكمتي الصلح والبداية، وممثلي النيابة العامة في غير محاكم الاستئناف، واختصاصها يشمل قضاة المحاكم المدنية والجزائية والشرعية والمذهبية والروحية وقضاة التحقيق وممثلي النيابة العامة في الدرجة ذاتها.

ب ـ الغرفة المدنية في محكمة النقض: تختص الغرفة المدنية في محكمة النقض أو الغرفة المخصصة وفق توزيع الأعمال في محكمة النقض (دائرة رد القضاة ومخاصمتهم) بالدعاوى المرفوعة على قضاة محكمة الاستئناف سواء أكانوا في المحكمة المذكورة بصفة أصلية أم كانوا منتدبين إليها، وسواء أكانوا من قضاة محكمة الاستئناف المدنية أم محكمة استئناف الجنح، أم من قضاة محكمة الجنايات، أم من قضاة الإحالة، أم قضاة في محكمة الأحداث الجماعية، أم من المستشارين فيها على الرغم من كونهم ليسوا قضاة بالمعنى الفني لأنه يطبق عليهم ما يطبق على القضاة فيها، كما تختص في دعاوى مخاصمة النائب العام الاستئنافي (المحامي العام).

ج ـ الهيئة العامة لمحكمة النقض: تنظر الهيئة العامة (المدنية) لمحكمة النقض في جميع دعاوى المخاصمة المرفوعة على قضاة محكمة النقض في جميع دوائرها أو غرفها سواء منها المدنية أم الجزائية أم الشرعية أم التجارية أم العقارية، وكذلك تنظر في الدعاوى المرفوعة على ممثلي النيابة العامة أمامها سواء كانوا بمرتبة محامٍ عام أم دون ذلك، بيد أنها لا تختص بمخاصمة قضاة المحكمة التي نظرت في دعوى المخاصمة؛ لأن دعوى المخاصمة تنظر على درجة واحدة ككل الدعاوى المتعلقة بشؤون القضاة، وهي ليست طريقاً من طرق الطعن ولا امتداداً لخصومة قائمة "أحكام غرفة المخاصمة لا تصلح لمخاصمة الهيئة التي أصدرتها، وعلى هذا استقر الاجتهاد"، وجاء في قرار آخر: "إن الحكم الصادر في دعوى المخاصمة عن محكمة النقض لا يقبل أي طريق من طرق الطعن، ولا رفع دعوى مخاصمة مبتدئة على قضاة الغرفة المدنية لمحكمة النقض التي حكمت في دعوى المخاصمة المرفوعة على قضاة محكمة الاستئناف" (هيئة عامة، أساس 58، قرار رقم (1) تاريخ 2/4/1986، قرارات الهيئة العامة لمحكمة النقض)، وقد أكدت الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية أنه لا تصح المخاصمة على المخاصمة، بيد أن دعوى المخاصمة المنظورة من قبل محكمة الاستئناف يجوز الطعن فيها أمام محكمة النقض فقط، وقرار محكمة النقض يكون نهائياً لا يقبل أي طريق من طرق الطعن أو المخاصمة (هيئة عامة، أساس 81 قرار 28 قرارات الهيئة العامة لمحكمة النقض)، وجاء في قرار آخر: "إن الحكم الصادر في دعوى المخاصمة عن محكمة النقض تتوافر فيه الضمانات التي تحيط دعوى المخاصمة وتغني عن الالتجاء إلى أي طريق آخر من طرق الطعن، أو رفع دعوى مخاصمة مبتدئة، وحكمت الهيئة العامة لمحكمة النقض بالعدول عن كل حكم سابق للهيئة العامة لمحكمة النقض بجواز قبول سماع دعوى مخاصمة على مخاصمة" (نقض هيئة عامة رقم 2 أساس 58 تاريخ 2/4/1986). كما أنه من غير الممكن مخاصمة قضاة الهيئة العامة؛ لأن هذا يفترض وجود محكمة أخرى تنظر بدعوى المخاصمة وهذا غير وارد.

2ـ الشروط الشكلية لدعوى المخاصمة:

أحاط المشرع دعوى المخاصمة بمجموعة من الضمانات والشروط كي لا يصار إلى الشطط في استعمالها وتحويلها إلى طريق عادي من طرق الطعن وجعلها حقاً من حقوق المتقاضين، وعلى هذا وضع مجموعة من الشروط تتعلق برفع الدعوى.

تقام دعوى المخاصمة باستدعاء مكتوب موقع من محامٍ أستاذ بموجب سند توكيل خاص، وأن تتضمن عبارات الوكالة نصاً خاصاً يتضمن مخاصمة القضاة والقضاة المطلوب مخاصمتهم فيها (نقض مخاصمة، هيئة عامة رقم 27 أساس 59 تاريخ 22/9/1987) "إقامة دعوى المخاصمة ضد حكم صادر بالإجماع عن قضاء الجماعة يستدعي مخاصمة كامل الهيئة على اعتبار أنه لا يمكن تجزئة دعوى المخاصمة، ولأن إبطال الحكم يجب أن يكون بمواجهة كل القضاة الذين أصدروه" (سجلات محكمة النقض، قاعدة 2228، أصـول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية 450). وجاء في قرار آخر للهيئة العامة أنه "في دعوى المخاصمة لا داعي لاختصام القاضي المخالف الذي لا ينسب إليه ما يستدعي المخاصمة ويكفي في مثل هذه الحالة اختصام الأكثرية التي يعزو إليها طالب المخاصمة الخطأ الجسيم أو السبب الموجب للمخاصمة" (قرار هيئة عامة 29، تاريخ 28/6/981، قرارات الهيئة العامة لمحكمة النقض). وجاء في قرار أيضاً للهيئة العامة أن "دعوى المخاصمة ضد حكم صدر بالإجماع عن قضاء الجماعة تستدعي مخاصمة كامل الهيئة لأنه لا يمكن عملياً تجزئة دعوى المخاصمة، وإن إبطال الحكم يكون بمواجهة القضاة الذين أصدروه" (القضية 1536، قرار 531، تاريخ 15/10/2002م).

يتعين أن يشتمل استدعاء المخاصمة على أسباب المخاصمة، وأن ترفق به الأوراق والوثائق المؤيدة مصدقة حسب الأصول ومذيلة بشرح يفيد سبق طرحها على الهيئة المخاصمة، ولا يلتفت إلى الوثائق التي ترد بعد تقديم دعوى المخاصمة قبل أن تقرر المحكمة قبولها شكلياً، ولا يجوز أن تقتصر المطالبة في دعوى المخاصمة على إلغاء الحكم محلها، بل يتعين أن تتضمن مطالبة القاضي المخاصم بالتعويض؛ لأن أساسها هو المسؤولية التقصيرية التي تقوم على ثبوت الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما، وإن عدم المطالبة بالتعويض يجعلها مردودة شكلاً. جاء في قرار للهيئة العامة إنه: "من واجب مدعي المخاصمة أن يرفق استدعاءه بكل الوثائق والدفوع التي تؤيد دعواه والتي بني عليها الحكم المشكو منه، فإن خلت منها وثيقة أو أكثر منتجة في النزاع اقتضى رد هذه الدعوى شكلاً" (هيئة عامة، أساس 863 قرار 264 تاريخ 23/6/2002). وجاء في قرار آخر للهيئة العامة أنه "من المبادئ القانونية المقررة والاجتهاد والمستقر لدى هذه المحكمة أنه يجب أن يشتمل استدعاء المخاصمة على بيان أوجه المخاصمة وأدلتها، وأن تربط به الأوراق المؤيدة لها تحت طائلة رد دعوى المخاصمة شكلاً" (هيئة عامة، أساس مخاصمة 80، قرار 12، تاريخ 11/5/1983، قرارات الهيئة العامة لمحكمة النقض). وقد جاء في قرار للهيئة العامة أنه "من المتفق عليه فقهاً واجتهاداً أن دعوى مخاصمة القضاة التي ورد النص عليها في المادة (486) أصول محاكمات إنما هي في واقعها دعوى مساءلة القاضي عن الخطأ المهني الجسيم الذي يصدر عنه في معرض ممارسته لعمله القضائي، حتى إذا ثبتت المساءلة فإن القاضي يكون عرضة للمسؤولية ويحكم عليه بالتضمينات. وبما أن هذا يفيد قطعاً أن الدعوى تحكمها في الأساس قواعد المسؤولية التقصيرية التي من أركانها الأساسية الخطأ والضرر والصلة السببية بين الخطأ والضرر. وعلى ذلك اعتبر الفقه وقوع الضرر والمطالبة بالتعويض شرطاً من شروط قبول دعوى المخاصمة بدليل أن النص في المادة (487) أصول ورد صريحاً على أن الدولة هي متبوع القاضي تسأل عما يحكم به من التضمينات بسبب الفعل الضار الذي يكون قد صدر عن أي منهما، وهذا يفيد بأن دعوى المخاصمة التي يستهدف طالب المخاصمة فيها بطلان الحكم فقط دون مطالبة القاضي الذي وقع منه الخطأ بالتعويض تعتبر في حقيقتها وكأنها سلوك للطعن في الأحكام غير مقرر بالقانون مما يوجب رفضها قطعاً" (القضية 981، قرار 488، تاريخ 18/11/2002م). وجاء في قرار لها أيضاً: "إن دعوى المخاصمة دعوى تعويضية تقوم على أساس المسؤولية التقصيرية وهي ليست طريقاً من طرق الطعن بالقرار موضوع المخاصمة ولذلك فإن عدم طلب التعويض يجعلها مردودة شكلاً" (القضية: أساس 733، قرار 481 تاريخ 18/11/2002م).

يجب أن يكون الحكم محل دعوى المخاصمة قطعياً باستنفاد طرق الطعن، أما إذا كان الحكم لم يكتسب الدرجة القطعية، أو كان الخصم قد فوت على نفسه بإهماله طريقاً من طرق الطعن فلا تقبل منه دعوى المخاصمة. (نقض: قرار رقم 614 لعام 1999، أساس رقم 841) والذي جاء فيه أنه: " لا يجوز سلوك طريق المخاصمة إلا بعد استنفاد طرق الطعن، تأسيساً على أنه لا يجوز إقامة دعوى المخاصمة إلا بالنسبة للأحكام المبرمة وإذا انقضت مهلة الطعن دون اللجوء إلى الطعن؛ يكون الطاعن قد فوت على نفسه الفرصة فلا تقبل منه دعوى المخاصمة". وجاء في قرار آخر: "إن دعوى المخاصمة ترفع ضد الأحكام التي حازت قوة القضية المقضية وأصبحت مبرمة إذا ما توافرت شرائط المادة (486) أصول محاكمات، فإذا كان أمام مدعي المخاصمة طريق آخر لتقويم الخلل في الحكم فليس له أن يرفع دعوى المخاصمة" (مخاصمة: قرار رقم 313 لعام 1998 أساس رقم 525). وجاء في قرار آخر أنه "لا تسمع دعوى المخاصمة في حالة ما إذا تنازل طالب المخاصمة عن طرق الطعن العادية بالحكم المشكو منه، ولا يجوز إبداء أوجه دفاع جديدة أمام محكمة مخاصمة القضاة" (مخاصمة: قرار رقم 307 لعام 1997 أساس رقم 451، وجاء في غيره (لا تسمع دعوى المخاصمة إلا ضد عمل يتصف بالإبرام و لا يجوز الطعن فيه بالطرق العادية، وعلى هذا فإن القرار الإعدادي بإجراء خبرة فنية لا يتصف بالإبرام و يمكن الرجوع عنه مما يجعل دعوى المخاصمة بشأنه مردودة شكلا" (نقض مخاصمة رقم 90 أساس 109 12/5/1990 سجلات النقض، قاعدة 2201، أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية) وقد ذهبت الهيئة العامة إلى القول: "إن دعوى المخاصمة لا تسمع إلا ضد عمل يتصف بالانبرام، وعلى هذا فإن القرارات الإعدادية التي يتخذها القاضي تمهيداً لإصدار حكمه لا تصلح للمخاصمة؛ لأنه لا حجية لها ويجوز للقاضي العدول عنها، وهي لا تقبل الطعن أصلاً إلا مع القرار النهائي فهي من باب أولى لا تقبل طريق المخاصمة" (هيئة عامة: قرار رقم 349 لعام 1998، أساس رقم 520).

يجب أن ترفع دعوى المخاصمة بمواجهة الخصم الأصلي في الحكم محل المخاصمة وفي مواجهة وزير العدل؛ إذ إن الدولة مسؤولة عما يحكم به على القاضي من تضمينات وإن كان لها حق الرجوع عليه (محكمة النقض، غرفة المخاصمة ورد القضاء قرار رقم 373 لعام 1995 أساس 499 لعام 1995) وقد جاء فيه: "إن اجتهاد هذه المحكمة استقر على أن عدم اختصام الخصم الأصلي الذي صدر الحكم المشكو منه لصالحه يجعل دعوى المخاصمة مستوجبة الرد شكلاً"، وجاء أيضاً في قرار للهيئة العامة: "إن دعوى المخاصمة لا تقبل شكلاً إذا لم تقم بمواجهة الخصم الذي صدر الحكم محل المخاصمة لصالحه إذا كانت الدعوى المذكورة تهدف إلى إبطال الحكم على ما هو عليه قضاء النقض" (هيئة عامة، أساس 57، قرار 18 لعام 1990، قرارات الهيئة العامة لمحكمة النقض).

يجب ألا يكون الحكم محل المخاصمة قد صدر في طعن نفعاً للقانون (مخاصمة هيئة عامة، قرار رقم 82 لعام 1997 أساس رقم 184) وقد جاء فيه: "إن الحكم الصادر عن محكمة النقض نفعاً للقانون لا تقبل بشأنه دعوى مخاصمة القضاة".

أن يرفق المدعي مع الدعوى إيصالاً يتضمن دفع تأمين خاص بدعوى المخاصمة (هيئة عامة، أساس 59، قرار 27، تاريخ 22/9/1987) وقد جاء فيه: "إن التأمين المتعين على طالب المخاصمة إيداعه عند طلب المخاصمة هو خمسون ليرة دون النظر إلى عدد القضاة المخاصمين" (قرارات الهيئة العامة لمحكمة النقض).

وجوب قيد الدعوى أمام المحكمة المختصة بدعوى المخاصمة من دون أي مرجع آخر (هيئة عامة رقم 5، أساس 15، تاريخ 28/2/1988)، وقد جاء فيه "أن دعوى مخاصمة قضاة محكمة النقض ترى من قبل الهيئة العامة لمحكمة النقض، وعلى هذا يجب تسجيل الدعوى في ديوان الهيئة العامة لمحكمة النقض ولا تسجل في أي ديوان آخر غير مختص" (سجلات محكمة النقض، قاعدة 2226، أصـول المحاكمـات في المواد المدنية والتجارية). وجاء في قرار آخر: "حيث إن المدعي أقام دعواه أمام الهيئة العامة لمحكمة النقض بدلاً من إقامتها أمام الغرفة المدنية فيها خلافاً لما توجبه المادة 490/2 أصول محاكمات، فتغدو الدعوى مقامة أمام مرجع غير مختص ويتعين ردها" (قرار 52، تاريخ 23/10/1990 القضية 111، أساس لعام 1990).

ألا تكون قد سقطت دعوى المخاصمة بالتقادم.

وجوب توجيه إنذار للقاضي في حالة استناد المخاصمة إلى حالة إنكار العدالة وانقضاء ثمانية أيام على تبليغ الإنذار.

3ـ إجراءات الحكم في دعوى المخاصمة:

يتم النظر في دعوى المخاصمة على مرحلتين حيث تعرض على المحكمة المختصة بعد تبليغها القاضي أو ممثل النيابة المخاصمين فيها، ودون أن تنتظر جواباً منهما، وقبل إعلام الخصم بها تنظر الهيئة الحاكمة في ملف دعوى المخاصمة في غرفة المذاكرة أو المداولة على وجه السرعة لتدقق في توافر شروط رفع الدعوى السابق بيانها في الفقرة السابقة، وفي ضوء هذا التدقيق يمكن أن تحكم برفض الدعوى شكلاً لعدم تحقق شروط النظر فيها، أو تحكم بقبولها شكلاً. فإذا حكمت محكمة المخاصمة بقبول الدعوى شكلاً قامت بتحديد جلسة علنية للنظر فيها بمواجهة الخصوم جميعاً بمن فيهم الخصوم في الحكم محل المخاصمة، وتقوم بإبلاغهم استدعاء الدعوى وصور المستندات المرفقة بها، وتقوم بالتحقيق فيها وفقاً للقواعد العامة في نظر الدعاوى، ويترتب على قبول دعوى المخاصمة شكلاً وقف تنفيذ الحكم محل المخاصمة (نقض سوري هيئة عامة، قرار رقم 22، تاريخ 02/04/95، أساس رقم 206 لعام 1995) وقد جاء فيه أنه: "في دعاوى المخاصمة يتم وقف تنفيذ الحكم المخاصم فيه حين قبول الدعوى شكلاً، والعدول عن كل اجتهاد مخالف"، ويمتنع على القاضي المخاصم النظر في الدعوى المقامة أمامه إذا كان سبب دعوى المخاصمة هو الامتناع عن الفصل فيها. لذلك وبعد انتهاء المرحلة الأولى وقبول دعوى المخاصمة شكلاً، ومن خلال إجراءات المحاكمة في الجلسات العلنية التي تنظر فيها الدعوى، وسماع طلبات الطرفين ودفوعهم وأدلتهم؛ تفصل المحكمة في الدعوى موضوعاً في ضوء ما يرد في ملف دعوى المخاصمة عند قبولها شكلاً، لأنه ليس لطالب المخاصمة أن يقدم في المرحلة الثانية أوراقاً أو مستندات غير التي أودعها في المرحلة الأولى؛ أو إثارة أسباب جديدة لم يسبق له إثارتها أمام الهيئة المخاصمة. أمَّا القاضي المخاصم فيجوز له تقديم المستندات التي تؤيد دفاعه (نقض مصري، جلسة 11/4/1993)، وقد جاء في قرار لمحكمة النقض السورية أنه: "لا يجوز إثارة أسباب جديدة أمام محكمة المخاصمة، وعلى مدعي المخاصمة أن يثبت أنه أثار أمام الهيئة التي يخاصمها النواحي التي يشكو منها" (محكمة النقض، غرفة المخاصمة ورد القضاء، قرار رقم 340، لعام 1995 أساس 336، لعام 1995)، وجاء في قرار آخر: "إن الفصل في دعوى المخاصمة، و جواز قبولها لا يكون إلا على أساس ما يرد في طلب المخاصمة و الأوراق المودعة معه، فلا يجوز في هذه المرحلة تقديم أو قبول أوراق أو مستندات غير التي أودعت مع طلب المخاصمة" (نقض مخاصمة رقم 1، أساس 1216 تاريخ 8/1/1983)، وجاء في قرار للهيئة العامة: "لا يجوز قبول إبداء أوجه دفاع جديدة أمام المحكمة الناظرة في دعوى المخاصمة لم يسبق إبداؤها أمام محكمة الموضوع على ما هو يد قضاء هذه المحكمة" (هيئة عامة، أساس 33، قرار 15 لعام 1990 تاريخ 27/2/1990، قرارات الهيئة العامة لمحكمة النقض).

فإذا رأت المحكمة المختصة في النظر بدعوى المخاصمة عدم ثبوت الوجه المشكو منه (الخطأ المهني الجسيم أو الغش، أو إنكار العدالة) تحكم إضافة إلى ذلك برفض الدعوى، وفي حالتي الحكم برفض الدعوى شكلاً أو موضوعاً تحكم أيضاً على مدعي المخاصمة بغرامة لا تقل عن مئة ليرة سورية ولا تزيد على ألف ليرة مع التضمينات والمصاريف، ويكون حكمها قابلاً للطعن أمام محكمة النقض إذا كان صادراً عن محكمة الاستئناف، وقطعياً لا يقبل أي طريق من طرق الطعن إذا كان صادراً عن محكمة النقض. أمَّا إذا انتهت المحكمة إلى قبول دعوى المخاصمة شكلاً وموضوعاً حكمت على القاضي المخاصم بالتعويضات والمصاريف وببطلان الحكم محل المخاصمة الذي وقع فيه الغش أو التدليس أو الغدر أو الخطأ المهني الجسيم، وبطلان كل الآثار التي ترتبت عليه وذلك بإعادة الحال إلى ما كان عليه الأمر قبل صدور الحكم (نقض مدنية ثالثة، قرار رقم 973 لعام 1996، أساس رقم 2151) وقد جاء فيه: "إن إبطال القرار القضائي من قبل محكمة المخاصمة يعود بالدعوى إلى الوضع القانوني قبل النقض"، ومع ذلك فإنه يجوز لها الحكم في الدعوى الأصلية إذا كانت مهيأة أو صالحة للحكم فيها، أما إذا كانت غير صالحة للحكم فإنها تكتفي بتقرير البطلان، ويكون للخصم صاحب المصلحة إقامة الدعوى مجدداً أمام المرجع المختص قبل صدور حكم المخاصمة وفق القواعد العامة في الإجراءات، ولا يجوز للقاضي الذي أبطل حكمه أن يعود وينظر في الدعوى. قرار للهيئة العامة لمحكمة النقض السورية أنه: "يمتنع على القاضي النظر بالدعوى بعد مخاصمة القرار الذي أصدره فيها و تقرر إبطاله و العدول عن كل اجتهاد يخالف" (قرار رقم 236 لعام 1997).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إبراهيم نجيب سعد، القانون القضائي الخاص، ج1 (منشأة المعارف، ط1، الإسكندرية 1973).

ـ أحمد أبو الوفا، التعليق على قانون المرافعات المصري، ج1 (منشأة المعارف، الطبعة الثالثة، الإسكندرية 1979).

ـ أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار النهضة العربية، القاهرة 1990).

ـ أحمد الهندي، كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، أصول قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية 2002م).

ـ رزق الله إنطاكي، أصول المحاكمات المدنية والتجارية (مطبعة الإنشاء، الطبعة الرابعة، دمشق 1961).

ـ رمزي سيف، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية (دار النهضة العربية، الطبعة 8، القاهرة 1965).

ـ فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني (ج1) (دار النهضة العربية، القاهرة 1992).

ـ محمد وعبد الوهاب عشماوي، قانون المرافعات في التشريع المصري والمقارن، ج1، ص 4 (مكتبة الأدب، القاهرة 1957).


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد السابع: المحكمة الجنائية الدولية _ ولاية المظالم في الإسلام
رقم الصفحة ضمن المجلد : 38
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 590
الكل : 31772111
اليوم : 47572