logo

logo

logo

logo

logo

محكمة أمن الدولة العليا

محكمه امن دوله عليا

supreme state security court - cour suprême de sécurité de l'Etat

 محكمة أمن الدولة العليا

محكمة أمن الدولة العليا

عادل ميني

إحداث محكمة أمن الدولة العليا في سورية إصدار الأحكام
تشكيل المحكمة إبرام الأحكام
 اختصاص محكمة أمن الدولة العليا إعادة المحاكمة
النيابة العامة لدى محكمة أمن الدولة العليا تنفيذ الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا
أصول المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة العليا وقف الحكم النافذ
البينات إعادة الاعتبار
الادعاء الشخصي و الإلزامات المدنية قانون حالة الطوارئ رقم (51) وتاريخ22/12/1962
 

كانت المجتمعات البشرية منذ القدم تعاقب على كل اعتداء يمس مصالحها، وكانت جرائم الاعتداء على الدستور وعلى شخص ولي الأمر في جميع الأزمنة معدودة في المرتبة الأولى من الجنايات، وظلت ردحاً طويلاً من الزمن غير خاضعة لقواعد أو ضوابط معقولة.

وقد استمر هذا النهج في العصر الحديث لجهة فرض العقاب الصارم على كل من يقوم بفعل يمس مصالح هذه المجتمعات، وقد تم وضع قواعد وأسس لهذه الأفعال وتجريمها بتخصيص فصل خاص من قوانين العقوبات لهذه الجرائم تحت عنوان: (الجرائم الواقعة على أمن الدولة) وتقسيمها إلى فئتين، الأولى: الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي، والثانية: الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي.

وقد تضمن قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /148/ وتاريخ 22/6/1949 في الباب الأول من الكتاب الثاني منه الجرائم الواقعة على أمن الدولة، ووردت في الفصل الأول من هذا الباب (الجنايات الواقعة على أمن الدولة الخارجي) المواد من (263حتى 290)، وهذه الجنايات على حسب ما وردت في الفصل المذكور هي:

الخيانة، التجسس، الصلات غير المشروعة بالعدو، الجرائم الماسة بالقانون الدولي، النيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي، جرائم المتعهدين.

وتضمن الباب الثاني منه (الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي) المواد من (291 حتى 311) وهي:

الجنايات الواقعة على الدستور، اغتصاب سلطة سياسية أو مدنية أو قيادة عسكرية، الفتنة، الإرهاب، الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية أو تعكر الصفاء بين عناصر الأمة، النيل من مكانة الدولة المالية.

ونظراً لما للجرائم التي تمس أمن الدولة من تأثير في المجتمع، وفي كيان الدولة ونظامها الأمني والسياسي والاقتصادي؛ فقد دأبت الحكومات والدول في مختلف الأزمنة على إيلاء هذه الجرائم الاهتمام الكبير، واتباع كل الوسائل لقمعها ومنع استمرارها أو توسعها، ثم أخذت تشكل محاكم خاصة لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم وإنزال العقوبات الرادعة بهم.

أولاً ـ إحداث محكمة أمن الدولة العليا في سورية

لقد تم إحداث محكمة أمن الدولة العليا في سورية بموجب المرسوم التشريعي رقم /47/ وتاريخ 28/3/1968، وجاء في لائحة الأسباب الموجبة لهذا المرسوم التشريعي أن الأحكام المتعلقة بالمحاكم الاستثنائية مبعثرة بين قانون إعلان حالة الطوارئ رقم 51 الصادر بتاريخ 22/12/1963، وبين قانون محاكم الأمن القومي الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 21 وتاريخ 24/4/1963 والمرسوم التشريعي رقم 6 وتاريخ 7/1/1965 والتعديلات الطارئة على هذه التشريعات.

وإن المصلحة العامة اقتضت الاستعاضة عن هذه المحاكم الاستثنائية بمحكمة أمن دولة عليا، وحددت اختصاصاتها في ضوء ظروف الحرب التي تمر بها البلاد العربية بما يكفل الانسجام بين التشريعات السابقة ويجمع بينها، وأنه روعي في تشكيلها تكونها من عناصر قضائية مدنية وعسكرية، كما روعي فيها الاحتفاظ بحق الدفاع المنصوص عليه في القوانين النافذة.

وإن الثورة هدفت من هذا القانون إلى حماية المصلحة العليا لهذا القطر وللبلاد العربية كافة.

ثانياً ـ تشكيل المحكمة:

كانت محكمة أمن الدولة العليا في بداية إحداثها تشكل بمرسوم ـ بناءً على اقتراح الحاكم العرفي ـ من رئيس وقاضيين؛ أحدهما مدني والآخر عسكري (الفقرة أ من المادة 2) من المرسوم التشريعي المذكور آنفاً.

وأجازت الفقرة /ب/ من المادة نفسها إضافة عضوين آخرين إلى هيئة المحكمة في الحالات المهمة التي يعود تقديرها للحاكم العرفي.

ونصت المادة الثالثة على أن يمثل الحقَّ العام لدى محكمة أمن الدولة العليا نيابةٌ عامة يُسمى رئيسها وأعضاؤها بمرسوم بناءً على اقتراح الحاكم العرفي.

إلا أنه تم إلغاء المادتين الثانية والثالثة المذكورتين بموجب المرسوم التشريعي رقم /79/ وتاريخ 2/10/1971، وتعديل تشكيل المحكمة والنيابة العامة لديها بحيث أصبحت تُشكَّل بموجب المادة الثانية ـ من هذا المرسوم التشريعي بقرار من رئيس الجمهورية ـ من رئيس وأعضاء يُحدد عددهم وصفتهم المدنية أو العسكرية بقرار تشكيلها.

ونصت المادة الثالثة على أن يمثل الحقَّ العام لدى محكمة أمن الدولة نيابةٌ عامة يُسمى رئيسها وأعضاؤها على النحو المبين في المادة السابقة.

وأجازت المادة الرابعة إحداث أكثر من محكمة أمن دولة عند الضرورة.

ثالثاً ـ اختصاص محكمة أمن الدولة العليا:

تم تحديد اختصاص المحكمة بموجب المادة الخامسة التي جاء فيها:

«تحل محكمة أمن الدولة العليا المحدثة بموجب هذا المرسوم التشريعي محل المحكمة العسكرية الاستثنائية، وتتمتع بسائر اختصاصاتها وصلاحياتها المحددة بالمرسوم التشريعي رقم /6/ الصادر بتاريخ 7/1/1965 وتعديلاته، وذلك إذا أُحيلت إليها بأمر من الحاكم العرفي، في أي مرحلة من مراحل القضية».

وهذه الجرائم كما هي معددة في المادة الثالثة من المرسوم التشريعي رقم /6/ هي:

أ ـ الأفعال التي تعد مخالفة لتطبيق النظام الاشتراكي في الدولة سواء أوقعت بالفعل أم بالقول أم بالكتابة أم بأي وسيلة من وسائل التعبير أو النشر.

ب ـ الجرائم الواقعة خلافاً لأحكام المراسيم التشريعية رقم (1و2) وتاريخ 2/1/1965، ورقم (5) وتاريخ 4/1/1965، وجميع المراسيم التشريعية التي صدرت أو ستصدر ولها علاقة بالتحويل الاشتراكي.

(وهذه المراسيم التشريعية تتضمن تأميم عدد من الشركات، وإعفاء رؤساء مجالس الإدارة وأعضائها والمديرين العامين في الشركات المؤممة من مهامهم).

ج ـ الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والمعاقب عليها بالمواد (291 إلى 311) من قانون العقوبات .

د ـ مخالفة أوامر الحاكم العرفي.

هـ ـ مناهضة تحقيق الوحدة بين الأقطار العربية، أو مناهضة أي هدف من أهداف الثورة أو عرقلتها سواء أكان ذلك عن طريق القيام بالتظاهرات أم بالتجمعات أم بأعمال الشغب أم التحريض عليها، أم بنشر الأخبار الكاذبة بقصد البلبلة وزعزعة ثقة الجماهير بأهداف الثورة.

و ـ قبض المال أو أي عطاء آخر، أو الحصول على أي وعد أو أي منفعة أخرى من دولة أجنبية أو هيئة أو أفراد سوريين أو غير سوريين، أو أي اتصال بجهة أجنبية بقصد القيام بأي تصرف قولي أو فعلي معادٍ لأهداف ثورة 8/3/1963.

ز ـ الهجوم أو الاعتداء على الأماكن المخصصة للعبادة أو لممارسة الطقوس الدينية، أو على مراكز القيادة والمؤسسات العسكرية والدوائر والمؤسسات الحكومية الأخرى والمؤسسات العامة والخاصة بما فيها المعامل والمصانع والمحلات التجارية ودور السكن، أو إثارة النعرات أو الفتن الدينية أو الطائفية أو العنصرية، وكذلك استغلال هياج الجماهير والمظاهرات للإحراق والنهب.

ح ـ احتكار التجار والباعة للمواد الغذائية، أو رفع أسعارها بصورة فاحشة. 

ط ـ إخراج الأموال النقدية ووسائل الدفع الأخرى من الجمهورية العربية السورية خلافاً للأنظمة النافذة.

علماً أن هذه المحكمة كانت تختص أيضاً في كل قضية يحيلها إليها الحاكم العرفي وذلك بموجب المقطع الأخير من المادة الخامسة من المرسوم التشريعي رقم /47/ المذكور.

إلا أن هذا المقطع أُلغي بموجب القانون رقم /19/ وتاريخ 2/4/1984، ومنذ ذلك التاريخ أصبح اختصاص محكمة أمن الدولة العليا مقتصراً على الجرائم المذكورة آنفاً على سبيل الحصر.

حتى هذه الجرائم يتوقف انعقاد اختصاص المحكمة للنظر فيها على شرط لابد منه وهو صدور أمر عرفي من الحاكم العرفي بإحالتها إليها، أما إذا لم يصدر مثل هذا الأمر فيبقى الاختصاص للجهة القضائية المختصة وفق القواعد العامة للاختصاص.

ومن ذلك يتضح أنه يُشترط لكي يكون لمحكمة أمن الدولة العليا اختصاص النظر في قضية ما توافر شرطين لابد منهما، وهما: 

أ ـ أن تكون الجريمة موضوع الملاحقة من الجرائم المعددة على سبيل الحصر في المرسوم التشريعي رقم /6 / لعام 1965 المذكور آنفاً.

ب ـ وأن يصدر أمر عرفي من الحاكم العرفي بإحالتها إليها.

وفي حال فقدان أحد هذين الشرطين تكون المحكمة غير مختصة ويقتضي أن تتخلى عن الدعوى تلقائياً لعدم الاختصاص؛ لأن الاختصاص الموضوعي من النظام العام وتثيره المحكمة تلقائياً في أي مرحلة من مراحل التقاضي.

هذا وإن صدور أمر من الحاكم العرفي بإحالة قضية ما إلى محكمة أمن الدولة العليا لا يُلزم المحكمة الواضعة يدها عليها بالتخلي عنها وإحالتها إلى المحكمة المذكورة إذا لم تكن الجريمة موضوع هذه القضية من الجرائم المنصوص عليها في المادة (3) من المرسوم التشريعي رقم /6/ المار ذكره على ما هو اجتهاد محكمة النقض في قرارات لها، منها القرار رقم 949 وتاريخ 27/10/1982 صادر عن الغرفة العسكرية، والقرار 742 وتاريخ 29/8/1988 صادر عن الغرفة الجنائية، وهو منشور في مجلة «المحامون» العدد الصادر في عام 1990 صفحة /318/، وقد جاء في هذا القرار الأخير ما يلي:

وحيث إن صلاحية نائب الحاكم العرفي بنقل الدعوى إلى محكمة أمن الدولة العليا محصورة في الجرائم المذكورة في المادة /3/ من المرسوم التشريعي رقم /6/ لعام 1965.

وحيث إن الجرم المسند للمدعى عليهما الطاعنين ليس من بين هذه الجرائم فيكون الأمر العرفي القاضي بنقل الدعوى إلى محكمة أمن الدولة العليا قد تناول جرماً خارجاً عن صلاحية هذه المحكمة، ويكون السيد نائب الحاكم العرفي قد تجاوز حدود الصلاحيات المعطاة له بموجب المرسوم التشريعي رقم /47/لعام 1968 ويغدو الأمر العرفي المشار إليه بحكم المعدوم.

ومن الجدير بالذكر أن المشرع أضفى في المرسوم التشريعي رقم /6/ لعام 1965 الصفة الجرمية على أفعال لم تكن مجرمة في السابق، وحدد عقوبة صارمة لكل من هذه الأفعال وهي عقوبة الإعدام على قبض المال أو الاتصال بجهة أجنبية بقصد القيام بتصرف قولي أو فعلي معادٍ لأهداف ثورة الثامن من آذار، والهجوم على الأماكن المخصصة للعبادة أو مراكز القيادة أو المؤسسات العسكرية أو الحكومية أو المصانع… إلخ.

وفرض عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وأجاز الحكم بالإعدام تشديداً على الأفعال التي تعدّ مخالفة لتطبيق النظام الاشتراكي، وكذلك على الأفعال الواقعة خلافاً لأحكام المراسيم التشريعية ذوات الأرقام /1و2و5/ لعام 1965 المتضمنة تأميم بعض الشركات المساهمة والمؤسسات الصناعية التجارية.

وتنص المادة (6) من المرسوم التشريعي رقم /47/ المار ذكره على أن «يشمل اختصاص محكمة أمن الدولة العليا جميع الأشخاص من مدنيين وعسكريين مهما كانت صفتهم أو حصانتهم».

ويتضح من هذا النص أنه لاتوجد حصانة على أي شخص على الإطلاق مهما علا شأنه من سياسيين ووزراء ونواب وقضاة وموظفين من أي فئة كانوا وعسكريين من مختلف الرتب. فجميع هؤلاء تختص محكمة أمن الدولة العليا بمحاكمتهم إذا كانت الجريمة المُسندة إلى أحدهم من الجرائم المذكورة آنفاً، وصدر أمر عرفي بإحالته إليها.

رابعا ًـ النيابة العامة لدى محكمة أمن الدولة العليا:

تنص المادة الثالثة من المرسوم التشريعي رقم /47/ المار ذكره على ما يلي:

«يُمثل الحق العام لدى محكمة أمن الدولة العليا نيابة عامة يُسمى رئيسها وأعضاؤها بمرسوم بناءً على اقتراح الحاكم العرفي».

وتنص الفقرة /ب/ من المادة (7) على ما يلي:

«يكون للنيابة العامة عند التحقيق جميع الصلاحيات المخولة لها ولقاضي التحقيق ولقاضي الإحالة بمقتضى القوانين النافذة».

وهذا النص جاء خلافاً للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تفصل بين سلطة الادعاء والتحقيق والاتهام. وذلك بإعطائه النيابة العامة هذه السلطات الثلاث، بحيث تقيم الدعوى العامة وتُجري التحقيق في القضية، وتُصدر المذكرات القضائية اللازمة من دعوة وإحضار وتوقيف، وتقوم بوظائف قاضي التحقيق وقاضي الإحالة، فتقرر منع المحاكمة أو الإحالة إلى المحكمة بجرم جنحي الوصف، إذا وجدت أن الفعل يُشكل جنحة، وتتهم بالجناية إذا وجدت أن الفعل يُشكل جناية. وفي هذه الحالة الأخيرة تُصدر مذكرتي قبض ونقل وذلك تنفيذاً للفقرة /ب/ من المادة (7) المذكورة.

هذا وإن ما تُصدره النيابة العامة لدى محكمة أمن الدولة العليا من قرارات توقيف وإخلاء سبيل وإحالة إلى المحكمة بجنحة، واتهام بجناية، ومنع محاكمة لا تخضع لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن أو التصديق عليها من أي جهة كانت، لذلك فإن جميع القرارات التي تُصدرها النيابة العامة في القضايا التي تُنظر فيها تكون مبرمة، سواء كانت تتعلق بإخلاء السبيل أم عدمه، أو بمنع المحاكمة أم الإحالة إلى المحكمة بجرم جنحي الوصف أو الاتهام بجناية. لذلك فإن جميع القرارات التي تصدرها تُنفذ على الفور.

خامساً ـ أصول المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة العليا:

تنص الفقرة الأولى من المادة السابعة من قانون إحداث المحكمة على أن محاكم أمن الدولة لا تتقيد بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة في جميع أدوار الملاحقة والتحقيق والمحاكمة وإجراءاتها. وذلك مع الاحتفاظ بحق الدفاع المنصوص عليه في القوانين النافذة.

هذا النص أعفى المحكمة كما أعفى النيابة العامة لديها من التقيد بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة في جميع أدوار الملاحقة والتحقيق والمحاكمة وإجراءاتها، باستثناء حق الدفاع المنصوص عليه في القوانين النافذة.

وعليه فإن الملاحقة أي إقامة الدعوى العامة وما يلي ذلك من إجراءات التحقيق تتم من دون حاجة إلى صدور أمر ملاحقة أو أذن أو إحالة من مجلس انضباطي أو مجلس تأديب أو من أي جهة أخرى، وذلك في الأحوال التي يعلق فيها القانون الملاحقة على أذن أو إحالة أو صدور أمر ملاحقة؛ لأن الملاحقة تتم بمجرد صدور الأمر العرفي بإحالة القضية إلى المحكمة. إنما لابد من التقيد بحق الدفاع المنصوص عليه في القوانين النافذة.

وحق الدفاع هذا الذي حرص المشرع على عدم تجاوزه يوجب على النيابة العامة وعلى المحكمة أن تتيحا للمدعى عليه فرصة الدفاع عن نفسه وفق ما توجبه القوانين النافذة، فعلى قاضي النيابة العامة عند استجوابه المدعى عليه أن يطلعه على الأفعال المنسوبة إليه، وأن ينبهه إلى أن من حقه ألا يجيب إلا بحضور محامٍ. وأن يعين له محامياً إذا تعذر عليه في دعاوى الجناية إقامة محامٍ وطلب إليه أن يقوم بذلك (المادة 69) من ق.أ.م. الجزائية.

والمتهم بجناية بموجب قرار اتهام صادر عن قاضي النيابة العامة ـ بوصفه يملك صلاحيات قاضي الإحالة واختصاصه ـ يتعين استجوابه وفق أحكام المادة (273) أصول جزائية من قبل رئيس المحكمة أو القاضي المستناب بعد ورود الأوراق إلى قلم المحكمة ووصول المتهم إلى محل التوقيف الكائن لديها وسؤاله فيما إذا كان قد اختار محامياً للدفاع عنه، فإن لم يكن قد فعل يعين له رئيس المحكمة أو نائبه محامياً. ويجب إتاحة الفرصة لوكيله لنسخ الأوراق التي يرى من ورائها فائدة للدفاع (المادتان 274 و275 أ.م.ج)، والسماح له أو لوكيله بمناقشة شهود الحق العام والادعاء إن وجدوا، والاستماع إلى شهود دفاعه ( المادة 291)، والاستجابة لكل طلب قانوني من شأنه أن يوضح القضية ويظهر براءته وأن يُعطى المتهم أو وكيله الكلام الأخير (المادة 308 أصول).

وفيما عدا ذلك فإن النيابة العامة والمحكمة غير مقيدتين بأي إجراء من الإجراءات الأصولية المنصوص عليها في القوانين النافذة، إذ إنه من الممكن إجراء المحاكمة في أي مكان وزمان ودعوة الشهود بالهاتف، وضرب الصفح عن إعطاء المتهم الفار المهل المنصوص عليها في الفصل الخاص بمحاكمة المتهم الفار، إلى غير ذلك من الإجراءات.

هذا ومع وجود هذا النص الذي يتيح عدم التقيد بالإجراءات الأصولية المشار إليها آنفاً فليس هنالك ما يمنع المحكمة من التقيد بها إذا كان ذلك لا يعرقل إجراءات المحاكمة أو يؤخر الفصل في القضية، وهذا الأمر تقدره هيئة المحكمة.

سادساً ـ البينات:

إذا كان قانون إحداث محكمة أمن الدولة قد أعفاها من التقيد بالإجراءات الأصولية في جميع أدوار الملاحقة والتحقيق والمحاكمة وإجراءاتها فإن ذلك لا يشمل البينات، لذلك لا بد للنيابة العامة من إثبات الجرم على من يحاكم أمام محكمة أمن الدولة العليا بوسائل الإثبات المقبولة قانوناً والمنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون أصول المحاكمات الجزائية (المواد 175ـ 182). وعلى المحكمة التقيد بقواعد الإثبات الواردة في المواد المشار إليها، فلا يجوز للمحكمة أن تعتمد إلا البينات التي قدمت في أثناء المحاكمة وتناقش فيها الخصوم بصورة علنية (المادة 176)، وإذا كان وجود الجريمة مرتبطاً بوجود حق شخصي وجب عليها اتباع قواعد الإثبات الخاصة به. وعليها ألا تأخذ بضبوط الضابطة العدلية ومساعدي النائب العام في الجنايات إلا بوصفها معلومات عادية، وألا تأخذ بها في الجنح ما لم تكن قد نُظمت ضمن حدود اختصاص الموظف في أثناء قيامه بمهام وظيفته وأن يكون الموظف قد شهد الواقعة بنفسه أو سمعها شخصياً، وأن يكون الضبط صحيحاً في الشكل (المواد 177و178 و179 و180). 

سابعاً ـ الادعاء الشخصي و الإلزامات المدنية:

خلافاً لباقي المحاكم الاستثنائية، كالقضاء العسكري، والمحكمة الميدانية فإن قانون إحداث محكمة أمن الدولة العليا أعطى لهذه المحكمة صلاحية الحكم بالإلزامات المدنية في الدعاوى التي تنظر فيها وذلك كما هو مبين في الفقرة (ج) من المادة (7) من القانون المذكور، التي تنص على أنه «يمكن للمحكمة أن تحكم بالحقوق الشخصية أو التعويضات المدنية عن الأضرار الناتجة عن الجرائم في الدعاوى التي تفصل فيها».

ويلاحظ أنه بموجب هذا النص يمكن للمحكمة أن ترفض قبول المدعي الشخصي في الدعوى القائمة لديها لأسباب يعود تقديرها إليها، وذلك كما لو وجدت أن دخول المدعي الشخصي طرفاً في الدعوى يؤثر في سير المحاكمات أو يؤخر الفصل في القضية، أو إذا كانت طبيعة الدعوى وظروفها لا تسمح بإدخال أطراف أخرى فيها.

وإذا اختار المتضرر إقامة دعواه الشخصية أمام محكمة أمن الدولة فإن الشق المدني من الحكم يبقى مرتبطاً بالشق الجزائي.

ثامناً ـ إصدار الأحكام:

لم ينص قانون إحداث المحكمة على كيفية صدور الأحكام عنها، إلا أنه لما كان عدم تقيدها بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة يقتصر فقط على إجراءات الملاحقة والتحقيق والمحاكمة، وكان صدور الأحكام خارجاً عن هذا النطاق لذلك لابد من مراعاة الأصول المنصوص عليها في القوانين النافذة من هذه الجهة. فيتعين أن تصدر الأحكام باسم الشعب العربي في سورية (المادة 134 من الدستور) وأن يشتمل الحكم النهائي على العلل والأسباب الموجبة له، وأن تذكر فيه المادة القانونية المنطبق عليها الفعل (المادة 203 أصول جزائية)، وأن يتضمن اسم المحكمة التي أصدرته، وإذا كان الجرم جنائياً فيجب أن يشتمل على ملخص الوقائع الواردة في قرار الاتهام والمحاكمة وعلى ملخص لمطالب النائب العام ودفاع المتهم، والأسباب الموجبة للتجريم أو عدمه، وعلى المادة القانونية المنطبق عليها الفعل في حالة التجريم، وأن يوقع من القضاة قبل تفهيمه (المادة 310 أصول جزائية)، وأن يتضمن اسم المحكمة التي أصدرته وتاريخ إصداره وأسماء القضاة الذين اشتركوا في إصداره، وأن يتلى في جلسة علنية.

تاسعاً ـ إبرام الأحكام:

تصدر الأحكام عن محكمة أمن الدولة العليا غير خاضعة لأي طريق من طرق الطعن، إلا أنها لاتكون نافذة إلا بعد التصديق عليها بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه بذلك (المادة 8) المعدلة من المرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1968، وكان تصديق هذه الأحكام يتم سابقاً بقرار من رئيس الدولة حصراً، إلا أن تعديلاً طرأ على المادة الثامنة المذكورة بموجب المرسوم التشريعي رقم (57) وتاريخ 1/10/1979، وهذا التعديل أعطى الحق لرئيس الجمهورية أن يفوِّض غيره بالتصديق على الأحكام المذكورة. ثم أصدر السيد رئيس الجمهورية القرار رقم /117/ وتاريخ 14/10/1979 القاضي بتفويض وزير الداخلية بذلك.

 وقد أعطت المادة (8) المذكورة لرئيس الجمهورية أو من يفوضه بذلك حق إلغاء الحكم مع الأمر بإعادة المحاكمة، أوإلغائه مع حفظ الدعوى أو تخفيف العقوبة أو الاستبدال بها عقوبة أقل منها، ويكون لحفظ الدعوى مفعول العفو العام، كما أن قرار رئيس الجمهورية أو من يفوضه بذلك في هذا الشأن مبرم غير قابل لأي طريق من طرق الطعن أو المراجعة.

ومن هذا النص يتضح أن رئيس الجمهورية أو المفوض من قبله بالتصديق على الأحكام وإن كان يستطيع أن يخفف العقوبة أو أن يستبدل بها عقوبة أقل منها، وأن يقرر إلغاء الحكم وحفظ الدعوى فليس من حقه أن يزيد مقدار العقوبة، أو أن يستبدل بها أشد منها، أو أن يفرض عقوبة بحق من برَّأته المحكمة من الجرم المسند إليه في حال ما إذا وجد أن حكم البراءة في غير محله أو وجد العقوبة المحكوم بها غير كافية أو لا تلاءم الفعل المرتكب، إنما بإمكانه في هذه الحالة أن يقرر إلغاء الحكم مع الأمر بإعادة المحاكمة.

ولابد من الإشارة إلى أن صلاحية إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى المعطاة لرئيس الجمهورية أو المفوض من قبله بذلك لاتنتهي بعد البت بهذا الأمر، إنما تستمر هذه الصلاحية، ويستطيع أن يمارس حقه بإلغاء الحكم مع حفظ الدعوى حتى لو سبق له أن صدّق هذا الحكم عند رفع الدعوى له للتصديق وفق أحكام المادة (8) من قانون إحداث المحكمة؛ ذلك لأن الجرائم التي تحال إلى محكمة أمن الدولة العليا ذات طابع خاص، والسيد رئيس الجمهورية أو المفوض من قبله يتمتع بحق تقدير هذا الطابع والوقت الذي يقرر فيه حفظ الدعوى وطي القضية، فقد يكون الوقت غير ملائم عندما نظر في أمر التصديق، وغدا ملائماً بعده وفق الظروف الأمنية والسياسية.  

ومن جهة ثانية فإن مَن مَلك الأمر ابتداءً مَلَكهُ انتهاءً، على ألا يُخل ذلك بالحقوق المكتسبة كأن يقرر مثلاً إلغاء الحكم القاضي بالبراءة مع الأمر بإعادة المحاكمة بعد سبق التصديق عليه.

هذا وإن إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى الذي له مفعول العفو العام لايشمل الإلزامات المدنية المحكوم بها؛ لأن حق الإلغاء والحفظ يقتصر على دعوى الحق العام والعقوبة فقط؛ ولأن العفو العام يُسقط دعوى الحق العام، وتبقى دعوى التعويض عن الضرر والالتزامات المدنية من اختصاص المحكمة الواضعة يدها على دعوى الحق العام حين صدور العفو العام (المادة 436 أصول جزائية).

عاشراً ـ إعادة المحاكمة:

إعادة المحاكمة المقصودة في هذا البحث هي إعادة المحاكمة بالنسبة للأحكام  الغيابية، وما دامت أن الأحكام تصدر غير خاضعة لأي طريق من طرق الطعن فهي بالتالي غير قابلة للاعتراض في قضايا الجنح في حال صدورها بالصورة الغيابية، إنما التساؤل هو حول الأحكام الجنائية الغيابية وفيما إذا كانت تُعدّ مُلغاة حُكماً وتعاد المحاكمة في حال القبض على المحكوم عليه أو تسليم نفسه تنفيذاً لأحكام المادة (333) أصول جزائية.

ولما كان ليس في قانون إحداث محكمة أمن الدولة العليا نص يجيز إعادة المحاكمة في الأحكام الجنائية الغيابية كما كان ينص قانون إحداث المحكمة العسكرية الاستثنائية التي حلت محكمة أمن الدولة العليا محلها  فقد اجتهدت الغرفة الثانية لما عُرضت عليها هذه المسألة، واستقر اجتهادها في قرارات عديدة لها، منها: القرار رقم /62/ وتاريخ 10/5/1977 والقرار رقم /85/ وتاريخ 19/9/1977، على أن الأحكام الجنائية الصادرة عنها بالصورة الغيابية غير قابلة لإعادة المحاكمة بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية في حال القبض على المحكوم عليه أو تسليم نفسه، بتعليل مفاده أن غاية المشرع من عدم قابلية أحكام محكمة أمن الدولة العليا لأي طريق من طرق الطعن، وقابليتها للتنفيذ بعد التصديق عليها بقرار غير قابل لأي طريق من طرق الطعن أو المراجعة هي وضع حد على نحو سريع وفعال لمرتكبي الجرائم المشار إليها، وأن الأمر بإعادة المحاكمة هو فقط من صلاحية رئيس الجمهورية أو من يفوضه بذلك وفق أحكام المادة (8) من قانون إحداث المحكمة كما هو مبين آنفاً. 

حادي عشر ـ تنفيذ الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا:

تبين سابقاً أن محكمة أمن الدولة العليا لا تتقيد بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة في جميع أدوار الملاحقة والتحقيق والمحاكمة وإجراءاتها.

ولما كان تنفيذ الأحكام يأتي لاحقاً بعد انتهاء إجراءات المحاكمة وصدور الحكم وإبرامه، لذلك فإن المحكمة ملزمة بالتقيد بالإجراءات الأصولية لدى تنفيذ الأحكام الصادرة عنها، لهذا وبعد تصديق الحكم يصبح قابلاً للتنفيذ، وتتولى النيابة العامة لدى المحكمة تنفيذه وفق الأصول المنصوص عليها في الباب الخامس من الكتاب الرابع من أصول المحاكمات الجزائية المتضمن إنفاذ الأحكام الجزائية. 

وكذلك الأمر بالنسبة إلى المحكمة عندما تقضي بالبراءة أو بعدم المسؤولية فإنه يجب الإفراج على الفور عن المدعى عليه أو عن المتهم مالم يكن موقوفاً لداعٍ آخر عملاً بأحكام المادة (215) أصول جزائية بالنسبة للمدعى عليه بجنحة، والمادة (312) بالنسبة إلى المتهم بجناية، ولا يجوز الانتظار ريثما يُصدق الحكم. كما أنه يُفرج عن المحكوم عليه بعقوبة حجز الحرية، كالحبس أو الاعتقال أو الأشغال الشاقة فور إكمال المدة المحكوم بها من دون انتظار تصديق الحكم.

ثاني عشر ـ وقف الحكم النافذ:

يجري تطبيق أحكام وقف الحكم النافذ المنصوص عليها في المواد (172) وما يليها من قانون العقوبات من قبل محكمة أمن الدولة وفق ماتنص عليه هذه الأحكام.

ثالث عشر ـ إعادة الاعتبار:

تجري إعادة الاعتبار للمحكوم عليه بعقوبة جنائية أو جنحية بقرار قضائي  وفق الأصول المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية (المواد 426ـ 433)، لكن يقوم قاضي النيابة بدور قاضي الإحالة باعتباره يملك جميع الصلاحيات المخولة له ولقاضي التحقيق وقاضي الإحالة.

وأخيراً وإكمالاً للبحث ولأن محكمة أمن الدولة العليا لا تضع يدها على أي دعوى من اختصاصها ما لم يصدر أمر عرفي بإحالتها إليها، ولأنه من الجرائم التي تختص بها مخالفة أوامر الحاكم العرفي، لا بد من التحدث موجزاً عن الحاكم العرفي وعن الأوامر العرفية التي يصدرها.

وبما أن قانون حالة الطوارئ هو الذي نص على الحاكم العرفي وصلاحياته، لهذا سيدرس القانون المذكور.

رابع عشر ـ قانون حالة الطوارئ رقم (51) وتاريخ22/12/1962

تنص المادة الأولى من هذا القانون على ما يلي:

أ ـ يجوز إعلان حالة الطوارئ في حالة الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها، أو في حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في جزء منها للخطر بسبب حدوث اضطرابات داخلية أو وقوع كوارث عامة.

ب ـ يمكن أن تتناول حالة الطوارئ مجموع الأراضي السورية أو جزءاً منها.

وتنص المادة الثانية على أن حالة الطوارئ تُعلن بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية وبأكثرية ثلثي أعضائه، على أن يُعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له.

وبموجب الفقرة (أ) من المادة (3) عند إعلان حالة الطوارئ يُسمى رئيس مجلس الوزراء حاكماً عُرفياً وتوضع تحت تصرفه جميع قوى الأمن الداخلي والخارجي.

وأجازت الفقرة (ب) من هذه المادة للحاكم العرفي تعيين نائب أو أكثر له مرتبطين به وذلك بمرسوم.

وتنص المادة (4) على أن للحاكم العرفي أو نائبه أن يُصدر أوامر عرفية باتخاذ قيود وتدابير عديدة على حرية الأشخاص في الاجتماع والإقامة والتنقل والمرور في أماكن وأوقات معينة، وتوقيف المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام توقيفاً احتياطياً، والإجازة في تحري الأشخاص والأماكن في أي وقت، وتكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال ومراقبة الرسائل والمخابرات والصحف والنشرات والمؤلفات والرسوم والمطبوعات والإذاعات وجميع وسائل التعبير والدعاية قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإلغاء امتيازها وإغلاق أماكن طبعها.

 

مراجع للاستزادة:

ـ محمد الفاضل، الجرائم الواقعة على أمن الدولة (المطبعة الجديدة، دمشق 1977ـ1978).

ـ  جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثالث (دار إحياء التراث العربي، بيروت).

ـ مجموعة من الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا الثانية ـ مأخوذة من سجلات المحكمة وهي:

أ ـ القرار رقم /10/ وتاريخ 3/4/1973 المتضمن عدم اختصاص المحكمة للنظر في القضايا المدنية.

ب ـ القرار رقم /21/ وتاريخ 8/6/1975 وهو قرار مماثل للقرار السابق.

ج ـ القرار رقم /58/ تاريخ 19/9/7791 المتضمن أن الحكم الصادر عن محكمة أمن الدولة غير قابل لإعادة المحاكمة بعد تصديقه من المرجع المختص، وذلك القرار رقم /62/ تاريخ 10/5/1977.


التصنيف : القانون الجزائي
النوع : القانون الجزائي
المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان
رقم الصفحة ضمن المجلد : 588
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 516
الكل : 31753636
اليوم : 29097