logo

logo

logo

logo

logo

قصور القلب الاحتقاني

قصور قلب احتقاني

congestive heart failure - insuffisance cardiaque congestive



قصور القلب الاحتقاني

 

محمد أسامة هاشم

الأسباب والفيزيولوجيا الإمراضية

أنماط قصور القلب

أسباب قصور القلب

الدراسة التشخيصية

المعالجة

 

 

قصور القلب الاحتقاني congestive heart failure، ويدعى اختصاراً قصور القلب أو استرخاء القلب، هو خلل في وظيفة العضلة القلبية، يجعلها عاجزة عن تأمين إرواء دموي كافٍ لتلبية الاحتياجات الاستقلابية للنسج وللأعضاء المختلفة، وهو النتيجة النهائية لجميع أمراض القلب وينجم عن تأذي ألياف العضلة القلبية وتلاحظ مظاهره بعد نفاد قدرة الآليات المعاوضة الحركية الدموية والخلطية العصبية، وسببه عادةً فقدان مقدار حرج من وظيفة العضلة القلبية عقب احتشاء قلبي حاد أو نقص تروية قلبية مزمن نتيجة إصابة الشرايين الإكليلية أو بعد إجهاد قلبي وعائي مديد كما في ارتفاع الضغط الشرياني أو الأمراض الصمامية أو بعد التسممات كما في الإدمان الكحولي أو بعد الأخماج أو بسبب آفة قلبية ولادية، وقد لا يكون السبب واضحاً فيدعى اعتلال العضلة القلبية مجهول السبب.

يتعلق الإرواء الدموي للنسج وللأعضاء المختلفة بالنتاج القلبي الذي يعرف بأنه يساوي حجم الدم المقذوف بالضربة الواحدة * عدد ضربات القلب بالدقيقة، وهو يرتبط بأربعة عوامل أساسية هي:

1- سلامة الحالة التقلصية للعضلة القلبية.

2- الحمل القبلي للبطين الأيسر preload وهذا يتعلق بحجم الدم ضمن جوف البطين الأيسر في نهاية الانبساط وما ينجم عن ذلك من تطاول الألياف العضلة القلبية قبل الانقباض.

هناك رابط بين العاملين السابقين هو قانون فرانك- ستارلنغ الذي يقول: يتناسب نتاج القلب السليم طرداً مع ضغط البطين الأيسر في نهاية الانبساط، وهذا يعني أنه كلما ازداد تمدد ألياف البطين الأيسر في نهاية الانبساط ازدادت قوة التقلصة القلبية وازداد النتاج، إذا كان القلب سليماً.

3- الحمل التِّلْوي afterload المطبق على الأجواف البطينية القلبية وهذا يدل على شدة الممانعة تجاه القذف البطيني.

4- سرعة القلب، علماً أن حجم الدم المقذوف في الضربة الواحدة ينقص في حالات التسرع الشديد بسبب نقص زمن الانبساط. يموت حوالي ثلث إلى نصف مرضى قصور القلب بسبب ترقي حالة القصور لديهم وما يرافق ذلك من نقص في تروية النسج والأعضاء المختلفة وتأذيها، ويموت الباقون بسبب الموت القلبي المفاجئ الناجم عن عدم الاستقرار الكهربائي القلبي أو اضطرابات النظم البطينية المرافقة لقصور القلب أو بسبب أمراض إكليلية مرافقة أو لأسباب مرضية أخرى غير قلبية.

يصنف قصور القلب من الناحية الوظيفية في أربع درجات حسب تصنيف رابطة نيويورك للقلب (NYHA).

- الدرجة :I يوجد مرض قلبي دون أن يسبب تحديداً لفعالية المريض، ولا يسبب الجهد اليومي العادي أعراضاً قلبية (كالخفقان والزلة).

- الدرجة II: يوجد مرض قلبي ويسبب تحديداً طفيفاً لفعالية المريض. فالمريض غير عرضي في أثناء الراحة ولكن الجهد اليومي العادي يسبب له أعراضاً قلبية (كالخفقان والزلة). ويقصد بالجهد العادي صعود طابق واحد أو حمل الأغراض المنزلية اليومية العادية.

- الدرجة III: يوجد مرض قلبي ويسبب تحديداً ملحوظاً لفعالية المريض، فهو لا عرضي دون جهد ويشكو أعراضاً قلبية (كالخفقان والزلة) لدى قيامه بجهد خفيف، ويقصد بالجهد الخفيف المشي العادي على أرض أفقية، ولا يستطيع المريض القيام بأي جهد يومي عادي كالتسوق أو الأعمال المنزلية.

- الدرجة IV: يوجد مرض قلبي ولا يستطيع المريض القيام بأي جهد عضلي مهما قل دون شكوى قلبية. وقد يشكو المريض الخفقان والزلة أثناء الراحة، ويكاد المريض يكون قعيد الفراش أو الكرسي المتحرك.

إن قصور القلب مرض مترق عادة وتتراوح نسبة الوفاة فيه من 40-60% بعد 5 سنوات من تشخيصه وذلك حسب الدرجة التي صنف بها عند تشخيصه، أما عندما يصنف من الدرجة IV فنسبة الوفاة 40-50% سنوياً.

الأسباب والفيزيولوجيا الإمراضية

عندما يتعرض القلب لإجهاد سواء كان ناجماً عن زيادة الحمل القبلي أو التِّلْوي أو عن أذية في بعض خلايا العضلة القلبية فإن ألياف العضلة القلبية السليمة تتضخم بهدف تقوية القدرة التقلصية لها لتعويض القدرة التقلصية المفقودة بسبب الأذية القلبية، أو للتغلب على زيادة الحمل القبلي أو التِّلْوي، ولكن بعد فترة من المعاوضة القلبية الناجمة عن التضخم تبدأ الأجواف القلبية بالتوسع، وهذا يؤدي إلى تراجع في نتاج القلب بسبب ضعف القوة التقلصية القلبية الناجم عن توسع الأجواف البطينية ولا يبقى قانون فرانك - ستارلنغ مطبقاً في هذه الحالة. يعبر عن نتاج القلب بتعبير: الجزء المقذوف (EF) ejection fraction، ويتم حسابه كما يأتي:

الجزء المقذوف = حجم جوف البطين الأيسر في نهاية الانبساط - حجمه في نهاية الانقباض × 100
حجمه في نهاية الانبساط

ويعبر عنه بنسبة مئوية، ويساوي الجزء المقذوف الطبيعي 50-70%.  وإن تراجع الجزء المقذوف دليل على تراجع نتاج القلب وبالتالي تراجع إرواء النسج والأعضاء. يؤدي تراجع الجزء المقذوف إلى زيادة سرعة القلب لتأمين نتاج أكبر للتعويض عن نقص النتاج الحاصل بسبب هذا التراجع، ولكن مع مرور الوقت وزيادة توسع الأجواف القلبية تضعف الاستجابة التقلصية للعضلة القلبية تجاه زيادة الحجم في نهاية الانبساط، أي تنعدم علاقة الزيادة الطردية بين قوة التقلص القلبي وحجم نهاية الانبساط (قانون فرانك - ستارلنغ) مما يؤدي إلى تفعيل الآليات المعاوضة غير القلبية وهي الآليات الخلطية العصبية، وهذا يعني زيادة السيطرة الودية وتفعيل جملة رينين - أنجيوتنسين، فيحدث تقبض وعائي محيطي، مما يزيد المقاومة الوعائية الشريانية المحيطية ويحد من زيادة النتاج القلبي في أثناء الجهد. يفسر كل ما ذكر أعراض وعلامات قصور القلب التي سيرد ذكرها لاحقاً.

قد تترقى حالة قصور القلب وتتدهور الوظيفة القلبية بشكل مهم دون أن يشعر المريض بذلك وخاصة إذا كانت طبيعة حياته لا تستدعي ممارسة جهد عضلي، ولا تظهر أعراضه إلا بعد تراجع الجزء المقذوف إلى درجة مهمة.

قد تترقى الأعراض بسرعة وخلال عدة أسابيع أو شهور، أو تترقى ببطء خلال عدة سنوات وذلك حسب الحالة المسببة لقصور القلب. يمكن أن يحدث قصور بالصمام التاجي نتيجة توسع حلقته التالي لتوسع أجواف القلب وليس نتيجة إصابة وريقاته، ويمكن أن يحدث نقص تروية قلبية تحت الشغاف بسبب ارتفاع الضغط ضمن جوف البطين الأيسر في نهاية الانبساط، وهذا يؤدي إلى إقفار قلبي وخاصة إذا كان لدى المريض إصابة إكليلية.

قد تفاقم ضخامة العضلة القلبية من تأثير مرض إكليلي موجود لأنها تتطلب قدراً أكبر من الإرواء الدموي وهذا يزيد من خطر الإصابة بالإقفار القلبي ومضاعفاته.

تؤدي زيادة فاعلية جملة رينين - أنجيوتنسين إلى زيادة السيطرة العصبية الودية وما يتلو ذلك من اضطرابات نظم قلبية قد تكون مميتة.

أنماط قصور القلب

يقسم قصور القلب إلى عدة أنماط حسب المنظور الذي يتم تصنيفها به وهي: قصور القلب الحاد والمزمن، وقصور القلب الأيمن والأيسر، وقصور القلب عالي النتاج ومنخفض النتاج، وقصور القلب الانقباضي والانبساطي، وقصور القلب بسبب زيادة الحمل القبلي أو التِّلْوي.

1- قصور القلب الحاد والمزمن:

تعتمد المظاهر السريرية لقصور القلب على سرعة تردي الحالة القلبية وعلى سبب القصور. وبشكل عام، إذا تطور المرض القلبي المسبب للقصور على نحو بطيء (كما في الآفات الصمامية القلسية مثلاً) فإن ذلك يفسح المجال لتفعيل آليات المعاوضة ولتأقلم المريض تدريجياً مع أعراضه. أما إذا تطور قصور القلب بشكل حاد وسريع كما هو الحال في القصور التاجي الحاد التالي لاحتشاء العضلة القلبية فلا يكون هناك متسع من الوقت لتفعيل آليات المعاوضة ويظهر قصور القلب بأعراضه المفاجئة، ومثاله الوصفي هو وذمة الرئة الحادة، وهي تنجم عن ارتفاع الضغط المفاجئ والحاد في الأجواف القلبية في نهاية الانبساط.

2- قصور القلب الأيمن والأيسر:

يكون قصور القلب في جانب واحد عادةً (أيمن أو أيسر) إذا كان السبب مفاجئاً (كاحتشاء العضلة القلبية الحاد أو الصمة الرئوية الحادة). وعلى الرغم من أن الإصابة تقتصر على جهة واحدة في البداية فهي سرعان ما تشمل الجهتين بعد مدة قصيرة فيصاب البطينان (الأيمن والأيسر) بالقصور وخاصة إذا كان البطين الأيسر هو المصاب أولاً، وهذا هو الغالب. أما إذا أصيب البطين الأيمن أولاً كما في قصور القلب التالي للفتحة بين الأذينتين فإن إصابة البطين الأيسر أقل عادةً ما لم تكن هناك إصابة أخرى مشاركة كالإقفار القلبي مثلاً. تتحسن عادةً أعراض قصور البطين الأيسر إذا تلاه قصور بطين أيمن تحسناً كاذباً، فتتحسن جزئياً الزلة الجهدية والاضطجاعية والليلية وذلك بسبب نقص تناج القلب الأيمن الذي يخفف من احتقان الرئتين. إن العرض المسيطر في قصور القلب الأيسر هو الزلة، وفي القلب الأيمن هو الوذمات والحبن.

3- قصور القلب عالي النتاج ومنخفض النتاج:

يكون نتاج القلب منخفضاً في معظم حالات قصور القلب وهذا يسبب تقبضاً وعائياً محيطياً وما يرافق ذلك من برودة الأطراف ورطوبتها وشح في البول وضعف الضغط النبضي (نبض ضعيف أو خيطي). يترافق قصور القلب عالي النتاج، وهو أقل شيوعاً من القصور منخفض النتاج، بدوران مفرط الحركية، كما في فقر الدم والبري بري (الهزال الرزي) وفرط نشاط الدرق والحمل ومرض باجيت العظمي والنواسير الشريانية الوريدية، وتسبب هذه الحالات قصوراً في القلب إذا ترافقت بمرض قلبي مؤهب. وخلافاً للتقبض الوعائي المشاهد في قصور القلب منخفض النتاج، يترافق قصور القلب عالي النتاج بتوسع وعائي فتكون الأطراف دافئة ويكون النبض ممتلئاً. وعلى الرغم من أن نتاج القلب يكون عالياً في هذه الحالة، فهو أقل مما كان عليه قبل حدوث القصور، ولا يلبي المتطلبات الزائدة من الأكسجين الناجمة عن المرض الأصلي المرافق للقصور بسبب زيادة المتطلبات الاستقلابية.

4- قصور القلب الانقباضي والانبساطي:

قد ينجم قصور القلب عن سوء في الوظيفة الانقباضية لألياف العضلة القلبية وما يتلو ذلك من نقص في حجم الدم المقذوف وهذا يدعى قصور القلب الانقباضي، وفي هذه الحالة يرتفع الضغط الامتلائي للبطين الأيسر ويسبب احتقاناً رئوياً وتكون الزلة هي العرض المسيطر ومثاله الوصفي قصور القلب الناتج عن الآفات الصمامية القلسية. وقد يكون قصور القلب ناجماً عن سوء في الوظيفة الانبساطية مع وظيفة انقباضية طبيعية مما يؤدي إلى نقص الامتلاء البطيني في طور الانبساط فينقص حجم الدم في الضربة الواحدة القلبية، ومثال ذلك اعتلال القلب الضخامي وسوء المطاوعة البطينية في الإقفار القلبي أو أمراض التأمور الحاصرة أو آفات العضلة القلبية الاندخالية، ويكون العرض الأساسي سرعة التعب بسبب نقص النتاج، إضافة إلى الأعراض الخناقية في حال وجود إصابة إكليلية.

يصعب أحياناً الفصل بين قصور القلب الانقباضي والانبساطي وخاصة بعد مرور زمن طويل على بدء الإصابة، فيتشارك الشكلان معاً، وأوضح مثال على ذلك هو قصور القلب التالي لإصابة إقفارية إكليلية.

5- قصور القلب بسبب زيادة الحمل القبلي أو التِّلْوي:

يدعى قصور القلب تِلْوياً إذا كان سببه إعاقة لقذف الدم من البطين الأيسر في أثناء الانقباض كتضيق الصمام الأبهري وارتفاع الضغط الشرياني، وهذا يسبب تضخم العضلة القلبية مع سوء في وظيفتها الانبساطية.

ويدعى قصور القلب قبلياً إذا كان سببه زيادة في الحمل البطيني كالقصور الأبهري أو التاجي، وهذا يفضي إلى توسع في أجواف القلب مع سوء وظيفتها الانقباضية.

إن معظم حالات قصور القلب مزيج من الأنماط السابقة جميعاً ولا يمكن تصنيفها ضمن نمط واحد.

أسباب قصور القلب

إن أمراض القلب الإكليلية هي السبب الأول لقصور القلب في الدول الصناعية، وأمراض القلب الصمامية وخاصة القلسية هي السبب الأول في البلدان النامية، يضاف إلى ذلك ارتفاع الضغط الشرياني واعتلال القلب التوسعي البدئي اللاإقفاري، والداء السكري كسبب غير مباشر، وهناك أسباب لقصور القلب أقل شيوعاً. يلخص الجدول (1) أسباب قصور القلب.

1- اضطرابات ميكانيكية:

أ- زيادة الحمل التِّلْوي (زيادة الحمل الضغطي):

- تضيق الصمام الأبهري.

- ارتفاع الضغط الشرياني.

- ارتفاع الضغط الرئوي.

- تضيق برزخ الأبهر.

- تضيق الصمام الرئوي.

ب- زيادة الحمل القبلي (زيادة الحمل الحجمي).

- الآفات الصمامية القلسية.

- فقر الدم.

- الانسمام الدرقي.

- التحويلة shunt الشريانية الوريدية (بقاء القناة الشريانية مفتوحة، النواسير الشريانية الوريدية، الفتحة بين الأذينتين، الفتحة بين البطينين).

- أم الدم البطينية.

2- تحدد الامتلاء البطيني:

- تضيق الصمام التاجي.

- آفات التأمور الحاصرة، الاندحاس التأموري.

- ضخامة  البطين الأيسر مهما كان سببها.

- تليف بطانة العضلة القلبية.

3- أمراض العضلة القلبية:

- اعتلال القلب الضخامي.

- اعتلال القلب الحاصر.

- اعتلال القلب التوسعي البدئي مجهول السبب.

- أمراض القلب الإقفارية والاحتشاء القلبي.

- اعتلال القلب الكحولي.

- فقر الدم المزمن.

- الأدوية (أمفيتامين، دوكسوروبيسين، كوكائين).

- التسمم بالمعادن: رصاص، كوبالت، فرط حمل الحديد.

- الحمى الرثوية الحادة.

- أمراض الغراء والنسج الضامة.

(الجدول1) أسباب قصور القلب

 

يمكن أن يكون قصور القلب ناجماً عن اجتماع سببين أو أكثر، كما قد يشاهد في سياق أمراض متعددة أخرى، ولكن تكون الصورة السريرية للمرض الأصلي هي المسيطرة عادة، ولا يظهر قصور القلب إلا في المراحل الانتهائية للمرض.

إن أكثر الأسباب شيوعاً لانكسار المعاوضة القلبية في قصور القلب المزمن المنضبط والمستقر هي:

1- الأخماج عموماً وخاصة التنفسية الرئوية.

2- إهمال المريض علاجه القلبي والتوصيات الغذائية (كتناوله وجبة مفرطة الملح) أو ممارسة الفعالية الفيزيائية بإفراط.

3- النوب الإقفارية الإكليلية الحادة.

4- اضطرابات النظم الحادة المفاجئة كالتسرعات فوق البطينية والبطينية ونوب الرجفان الأذيني وخاصة إذا رافقتها آفة إكليلية.

5- بطء القلب الشديد إذا ترافق بضعف في القوة التقلصية القلبية أو إحصار أذيني بطيني إذ يصبح النتاج القلبي ناقصاً جداً بسبب بطء النبض.

6- الصمة الرئوية الحادة.

7- الشدة النفسية والإفراط في تناول الكحول واستعمال الأدوية الحابسة للصوديوم مثل مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية المستعملة بشكل واسع في الأمراض المفصلية.

الموجودات السريرية

1- الأعراض:

أ- الزلة dyspnea، وهي شعور المريض الشخصي بحركات الشهيق والزفير، إذ في الحالة الطبيعية لا يشعر الإنسان السليم بحركات تنفسه، وهذا هو العرض الأول والأكثر شيوعاً في قصور القلب الأيسر. تبدأ شكوى المريض من الزلة بعد أدائه جهداً معيناً تعوَّد أن يؤديه دون زلة وتسمى زلة جهدية، ومع مرور الوقت يتناقص الجهد المسبب للزلة إلى أن يشكو المريض الزلة في أثناء الاستلقاء، وتسمى زلة اضطجاعية، أو تكون الزلة ليلية انتيابية (اشتدادية) توقظ المريض من نومه. ومع تطور الحالة المرضية تصبح الزلة مستمرة حتى في أثناء الراحة التامة. يتناقص شعور المريض بالزلة وتقل سيطرة هذا العرض في قصور البطين الأيسر بعد أن يصاب البطين الأيمن بالقصور.

يشكو المريض الزلة الليلية الانتيابية بعد نومه بعدة ساعات فيستيقظ على شعوره بالاختناق وضيق النفس الشديد فيأخذ وضعية الجلوس، والحركة الوصفية التي يقوم بها هي فتح نافذة غرفته أو خروجه إلى الهواء الطلق لتخفيف شدة أعراضه. عندما تتطور الحالة يشكو المريض الزلة الانتيابية عند استلقائه مع شعوره بالوزيز وهذا ما يدعى: الربو القلبي، ويمكن أن تلتبس هذه الحالة مع الربو القصبي وخاصة إذا كان المريض مصاباً بآفة تنفسية سادة مزمنة، إذ يمكن أن تتشارك الآفتان القلبية والرئوية عند مريض واحد فيصعب التفريق بينهما. تستمر نوبة الزلة الليلية الانتيابية 30 دقيقة أو أكثر بعد أن يجلس المريض. إن آلية هذه الزلة هي عودة السوائل الخلالية إلى داخل الأوعية في أثناء الاستلقاء فيزداد حجم السوائل (الدم) الجائلة ضمن السرير الوعائي مما يزيد الاحتقان الوعائي والضغط الرئوي، وهذا يفسر شعور المريض بالراحة عندما يجلس أو يقف فتنعكس هذه الآلية.

تعرف الزلة الاضطجاعية بأنها شعور المريض بالزلة بعد اضطجاعه بعدة دقائق وتتحسن عندما يجلس أو يقف، وتتناقص فترة الاضطجاع المحدثة للزلة كلما تقدمت الحالة المرضية إلى أن تصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها المريض الاضطجاع مطلقاًَ وينام بوضعية الجلوس أو الانحناء للأمام على كرسيه. تتشابه الآليتان في الزلة الليلية الانتيابية والزلة الاضطجاعية ولكن تدل الأخيرة على حالة قلبية أكثر سوءاً.

ب- يشكو المريض أحياناً سعالاً جافاً وسببه الاحتقان الرئوي، وهو يتحسن عادةً بالمعالجة الفعالة لاسترخاء القلب علماً أن مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين، وهي من الأدوية المستعملة في معالجة قصور القلب، قد تسبب سعالاً جافاً.

ج- إن سرعة التعب والوهن العام عرضان شائعان في قصور القلب، وسببهما نقص النتاج القلبي، وهما يزدادان وضوحاً بعد تناول الطعام بسبب زيادة احتياجات الأوعية المساريقية للإرواء، مما يزيد من نقص الإرواء الدموي للأنسجة المحيطية.

د- إن التبول الليلي عرض باكر وشائع في قصور القلب؛ إذ تنقص التصفية الكلوية للماء والصوديوم في حالة ضعف وظيفة البطين الأيسر بسبب توزع السوائل بعيداً عن الكليتين عندما يكون المريض بوضعية الوقوف والحركة خلال النهار، إضافة إلى حدوث تقبض وعائي مرافق، وعندما يستلقي المريض ليلاً تنزح السوائل إلى داخل الأوعية ويزول التقبض الوعائي، فيزداد الإرواء الكلوي، وهذا يفسر زيادة الإدرار البولي الليلي. قد يصاب المريض بشح البول بسبب النقص الشديد في نتاج القلب، وهذا يدل على سوء الإنذار وبلوغ المراحل الانتهائية من قصور القلب. يشكو المصابون بقصور القلب ولاسيّما المسنون منهم أعراضاً عصبية دماغية، كاضطراب الذاكرة والتخليط الذهني والأرق والأهلاس والصداع، وكلها أعراض ناجمة عن نقص النتاج القلبي وما يتلوه من نقص في تروية الدماغ والنسج العصبية.

هـ- إن الألم الشرسوفي عرض شائع في قصور القلب، وسببه الاحتقان الكبدي وتمدد محفظة الكبد، كما ينتج الألم البطني المعمم في هذه الحالة عن الاحتقان الوعائي المساريقي وما يرافق ذلك من حبن ووذمة الأعضاء الحشوية البطنية، إضافة إلى شعور المريض بالتخمة وحس الامتلاء البطني وتطبل البطن ونقص الشهية والغثيان والإمساك. كثيراً ما تفسر الأعراض الهضمية لدى مريض القلب وخاصة الألم الشرسوفي بشكل خاطئ، إذ تعالج كشكوى هضمية وليست قلبية.

2- الفحص السريري:

يبدو مريض قصور القلب واهناً متعباً بسبب نقص الأكسجة من جهة، وبسبب نقص الشهية والغثيان وما يتلوهما من نقص الوارد الغذائي من جهة أخرى، علماً أن هذه الأعراض قد تنجم عن الانسمام بالديجوكسين المستخدم في معالجة قصور القلب.

يجب التحري عن الزلة الاضطجاعية كعلامة مرضية فضلاً عن أن المريض يشكوها كعرض. ويلاحظ هنا أن المريض لا يستطيع أن يستلقي على طاولة الفحص لأكثر من عدة دقائق ما لم يكن جذعه مرفوعاً، وكذلك بالنسبة إلى الزلة الجهدية التي يمكن ملاحظتها كعلامة عندما ينتقل المريض من غرفة الانتظار إلى غرفة الفحص.

يجب ملاحظة مظاهر فرط الفاعلية الودية وهي شائعة عند مرضى قصور القلب، وتشمل شحوب الأطراف وبرودتها وزرقة الأصابع وذلك بسبب التقبض الوعائي. يكون النبض سريعاً وضعيفاً (خيطياً) وقد يلاحظ تنفس شاين- ستوكس (التنفس الدوري) وهو تناوب دوري بين زيادة حركات التنفس وبين توقفها، ويدل على تبدل السيطرة العصبية المركزية على حركات التنفس بسبب نقص الأكسجة الدماغية في قصور القلب.

تسمع خراخر ناعمة رطبة في قاعدتي الرئتين وسببها نزوح السوائل من الأوعية إلى الأسناخ الرئوية والقصيبات الشعرية. أما في الحالات الحادة والتي تتظاهر بوذمة الرئة الحادة فتسمع خراخر مالئة للساحتين الرئويتين، وقد تترافق بوزيز بسبب التشنج القصبي المرافق أو بقشع رغوي مدمى أحياناً. قد يشاهد انصباب جنبي في جانب واحد أو في جانبين، وهذا يفاقم من شدة الزلة التنفسية بسبب إنقاصه السعة الحيوية للرئتين ويمكن كشفه سريرياً بضعف أو غياب الأصوات التنفسية من جهة الانصباب مع أصمية بالقرع على جدار الصدر المصاب. ويرتشف الانصباب الجنبي ببطء عندما يتحسن قصور القلب ولكن قد يستمر وجوده عدة أيام أو أسابيع بعد زوال أعراض المريض وتحسنه سريرياً.

يدل ظهور الوذمات الانطباعية على قصور البطين الأيمن، ويجب أن يتراكم حوالي 5 لترات من السائل في الحيز خارج الخلوي قبل أن تظهر الوذمة المحيطية في الأطراف. تكون الوذمة انطباعية ومتناظرة وتبدأ من الكاحلين في الطرفين السفليين وتتجه صعوداً كلما ساءت حالة المريض وذلك عند المرضى الجوالين (المتحركين)، أما عند المرضى طريحي الفراش فهي تبدأ من العجز. وبعد تقدم الحالة تصبح الوذمة معممة وشديدة وتشمل الأطراف العلوية وجدار البطن والصدر والمنطقة التناسلية، وقد تنزّ السوائل إلى خارج الجلد إذا كانت الوذمة شديدة أو بعد رض خفيف على الجلد. تسبب الوذمة المزمنة زيادة في التصبغات واحمراراً وتصلباً في جلد الطرفين السفليين.

يمكن الشعور بانزياح صدمة قمة القلب المتضخم نحو الوحشي لدى جس الصدر براحة اليد، ولكن هذه العلامة ليست نوعية وقد تكون غائبة وخاصة في حالات القصور الحاد أو لدى البدينين أو إذا ترافقت الآفة القلبية بآفة رئوية سادة مزمنة.

يلاحظ بالتسمع وجود صوت رابع يسبق الصوت الأول وسببه نقص مطاوعة البطين الأيسر في طور الامتلاء الناجم عن انقباض الأذينتين. وقد يسمع صوت ثالث يتلو الصوت الثاني إذا تقدمت الحالة أكثر وسببه بطء الامتلاء البطيني الباكر في بداية زمن الانبساط. يدعى كل من الصوت الثالث أو الرابع خبباً gallop، وإذا سمع الصوتان سمي خبباً جمعياً.

من الشائع سماع نفخات انقباضية قد تكون ناجمة عن المرض الصمامي الأصلي المؤدي إلى قصور القلب، إضافة إلى أن نفخة القصور التاجي قد تنجم عن توسع حلقة الصمام التاجي بسبب توسع أجواف القلب نتيجة قصوره. يمكن أن تغيب هذه النفخات أو تخفت بعد العلاج الفعال، ويمكن سماع نفخات انبساطية كنفخة قصور الأبهر أو التضيق التاجي.

يلاحظ انتباج في الأوردة الوداجية ناجم عن ارتفاع الضغط الوريدي الجهازي، علماً أن الحد الأعلى للضغط الوريدي الوداجي هو 4سم فوق الزاوية القصية وذلك عندما يكون المريض مستلقياً وجذعه مرتفع بزاوية 45ْ في الحالة الطبيعية.

يعدّ ارتفاع الضغط الوريدي الوداجي المستمر من العلامات الباكرة والموثوقة لتشخيص قصور القلب الأيمن، كما يعدّ الجَزْر الكبدي الوداجي علامة مهمة أيضاً، ويتحرى عنه بالضغط أكثر من 30 ثانية على ناحية المراق الأيمن فيزداد انتباج الوريدين الوداجيين، وسببه عدم قدرة البطين الأيمن على استيعاب الزيادة العابرة في العود الوريدي. قد يجس نبض كبدي متوافق مع انقباض القلب في قصور ثلاثي الشرف. تعدّ ضخامة الكبد الماضة دلالة على الاحتقان الكبدي في قصور القلب، ويمكن التحري عنها بجس الكبد وبقرعه.

يمكن أن تستمر العلامات الاحتقانية الكبدية على الرغم من المعالجة الفعالة لقصور القلب وغياب كثير من العلامات الأخرى. وفي بعض الأحيان لا يزول التضخم الكبدي مطلقاً بسبب التغيرات البنيوية الحادثة بعد مضي وقت طويل على الإصابة.

يعدّ النبض المتناوب علامة شائعة في قصور القلب وسببه اختلاف حجم الدم المقذوف بين ضربة قلبية وأخرى ويمكن التحري عنه بجس النبض المحيطي وخاصة الفخذي حيث يلاحظ تبدل دوري في قوة النبض. وقد تبلغ التقلصة القلبية درجة من الضعف لا تمكنها من فتح الصمام الأبهري وعندها يمكن جس صدمة القمة دون جس النبض السباتي أو الفخذي.

الدراسة التشخيصية

الشكل (1) انقالب الإرواء الدموي للفصوص الرئوية
(العلوية أكثر من السفلية)

1- تخطيط كهربائية القلب:

إن التبدلات المشاهدة على مخطط كهربائية القلب في حالة قصور القلب غير نوعية، ويعدّ التسرع الجيبي أكثر الموجودات التخطيطية مشاهدة. من الشائع ظهور خوارج انقباض بطينية متفرقة وقد تلاحظ اضطرابات نظم بطينية مختلفة عندما يتم تخطيط القلب 24 ساعة بمرقاب هولتر.

قد تلاحظ أحياناً العلامات التخطيطية للمرض الأصلي المسبب لقصور القلب، كضخامة البطين الأيسر في تضيق الصمام الأبهري أو قصور الصمام التاجي، أو الرجفان الأذيني أو ضخامة الأذينة اليسرى في تضيق أو قصور الصمام التاجي. ومن الشائع ملاحظة اضطرابات النقل في الجملة الناقلة كحصار الغصن الأيسر، وقد تشاهد علامة احتشاء قلبي قديم أو إقفار قلبي مزمن.

يفيد تخطيط كهربائية القلب بالجهد في تقييم الحالة الوظيفية للمريض (وهو تخطيط مبرمج)، وخاصة عندما يكون في المراحل الأولى للمرض (الدرجة الأولى في تصنيف NYHA) وكذلك في تقييم درجة التحسن بعد المعالجة.

2- صورة الصدر الشعاعية:

وتعد متممة للفحص السريري، ويلاحظ فيها ضخامة العضلة القلبية فتصبح النسبة القلبية الصدرية أكبر من 50%.

يكون الإرواء الدموي للفصوص السفلية في الحالة الطبيعية أكثر من إرواء الفصوص العلوية، أما في قصور القلب فتنعكس هذه الصورة (الشكل 1). تعدّ خطوط كيرلي ب علامة شعاعية لقصور القلب، وهي خطوط صغيرة ظليلة شعاعياً مغزلية الشكل أفقية، وتشاهد في قاعدتي الرئتين بالمراحل المتقدمة وسببها الوذمة الخلالية وتزول بعد العلاج الفعال (الشكل2). قد يشاهد انصباب جنبي بطرف واحد أو بطرفين، وقد تتراوح كميته بين إغلاق الزاويتين الضلعيتين الحجابيتين وبين أن يشمل معظم الساحة الرئوية، وهو يتحسن بعد العلاج الفعال (الشكل3).

إن وذمة الرئة الحادة (الشكل4) هي الشكل الحاد لقصور القلب ويشاهد على صورة الصدر الشعاعية منظر الفراشة ويدل على الوذمة الخلالية في سرتي الرئتين وسببها ارتفاع الضغط في الشعريات الرئوية. قد يتأخر التحسن الشعاعي المشاهد على الصورة الشعاعية عن التحسن السريري بعد العلاج الفعال 24-48 ساعة.

الشكل (2) خطوط كيرلي ب الشكل (3) انصباب الجنب في قصور القلب الاحتقاني وهو في الأيمن أشد من الأيسر الشكل (4) وذمة الرئة الحادة

3- مخطط صدى القلب (الإيكو):

وهذا هو الاستقصاء  الأكثر أهمية في تقييم قصور القلب، وهو يحدد نمط القصور (توسعي، ضخامي، حاصر) وتقييم السبب المحتمل له (آفة صمامية، أم دم بطينية، فتحة بين البطينين، آفة قلبية ولادية)، كما يعين الجزء المقذوف للتقييم عند تشخيص المرض ولمعرفة التحسن الحاصل بعد العلاج.

4- تصوير البطينات القلبية بالنظائر المشعة:

وهو يسهم في تقييم شدة قصور البطين الأيسر، وتعيين هل سوء حركية البطين الأيسر ناجم عن إصابة محدودة في جدار البطين أو عن إصابة معممة.

5- القثطرة الإكليلية وقثطرة أجواف القلب:

يفيد تصوير الشرايين الإكليلية الظليل في كشف إقفار إكليلي كان سبباً لقصور القلب، وتفيد قثطرة أجواف القلب في تأكيد إصابة قلبية ولادية محتملة لقصور القلب.

6- التحاليل الدموية المخبرية:

تؤدي آليات المعاوضة الخلطية العصبية في قصور القلب إلى نقص في الصوديوم مع اضطرابات بقية الشوارد حتى لو لم تستعمل المدرات البولية التي يمكن أن يزيد استعمالها من تدبير قصور القلب من الاضطرابات الشاردية. من الشائع ظهور نقص البوتاسيوم بعد استعمال المدرات المزمن، ولكن تلاحظ زيادة البوتاسيوم برغم استعمال المدرات إذا كان النتاج القلبي منخفضاً جداً أو في حالة القصور الكلوي المزمن أو إذا أعطي البوتاسيوم بكمية مفرطة لتعويض نقصه أو عند إعطاء مدرات حافظة للبوتاسيوم مثل السبيرونولاكتون أو عند إعطاء مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين مثل الكابتوبريل. يؤدي نقص الجريان الدموي الكلوي إلى ارتفاع البولة الدموية والكرياتين، ويؤدي الاحتقان الكبدي إلى ارتفاع معتدل في الإنزيمات الكبدية وخاصة (SGPT) ALT وقد ترتفع الفسفاتاز القلوية المصلية والبيليروبين بشكل معتدل ويتطاول زمن البروثرومبين، ويجب الانتباه في هذه الحالة عند إعطاء الوارفارين للمريض كأحد العلاجات المستعملة في قصور القلب. يجب التحري عن فقر الدم وفرط نشاط الدرق في سياق التحاليل المخبرية في قصور القلب.

التشخيص التفريقي

إن كثيراً من المصابين بقصور القلب مصابون أيضاً بآفة رئوية والأعراض متشابهة في الحالتين، وهذا يجعل التفريق بين الزلة الجهدية القلبية المنشأ والرئوية المنشأ صعباً. قد يشكو المصابون بالآفات القصبية، كالتوسع القصبي والربو القصبي والتهاب القصبات الحاد الشديد، وفي الحالات المتقدمة من الآفات الرئوية، من زلة اضطجاعية أو ليلية اشتدادية بسبب تراكم المفرزات القصبية، وتتحسن هذه الشكوى حالما يتم سحب المفرزات المتراكمة، وتنظيف الطرق الهوائية. يتصف تسرع التنفس المشاهد في قصور القلب بكونه سطحياً في الشهيق والزفير بسبب نقص السعة الحيوية إذ تستبدل بالهواء السنخي مفرزات مدماة وسوائل خلالية (متلازمة الرئة المتصلبة) ويلاحظ تطاولُ الزفير والوزيزُ المشاهدان في الآفات الرئوية السادة المزمنة. يتميز تطاول الزفير في الربو القلبي بسماع خراخر رطبة فقاعية مع قشع رغوي بسبب الاحتقان الرئوي وبجلد رطب بارد داكن بسبب التقبض الوعائي المعمم. يجب البحث عن جميع أسباب الزلة وخاصة عندما يكون بدؤها حاداً إذ يجب التحري عن الصمة الرئوية والتهاب القصبات الحاد وهجمة الربو الحادة وذات الرئة واسترواح الصدر إضافة إلى البحث عن جميع الأسباب المحرضة لانكسار المعاوضة القلبية كالانقطاع عن العلاج واضطرابات النظم القلبية والإفراط في تناول الملح والسوائل أو الإفراط في بذل الجهد العضلي والأخماج الحادة.

يسبب كل من فقر الدم والبدانة المفرطة ونقص  النشاط الفيزيائي وسوء التغذية زلة تنفسية قد تكون شديدة على الرغم من عدم وجود أي مرض قلبي رئوي. قد تكون الزلة نفسية المنشأ وسببها حالة عصابية لدى المريض وفيها تكون جميع الاستقصاءات سليمة.

يجب تفريق الوذمات المشاهدة في قصور القلب عن الوذمة الكلوية أو الكبدية أو الوعائية الدموية أو اللمفاوية أو الناجمة عن نقص الألبومين، ويكون ذلك بالاستقصاءات الخاصة لكل منها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحبن؛ إذ يجب استعراض جميع أسباب الحبن قبل وصفه حبناً قلبياً.

يجب تمييز أسباب الشعور بالخفقان الجهدي لدى مريض قصور القلب من جميع أسباب الخفقان الأخرى الناجمة عن اضطراب النظم القلبي أو فقر الدم أو البدانة الشديدة أو نقص النشاط الفيزيائي أو عن مرض قلبي يسبب الخفقان دون وجود قصور قلب بالضرورة.

المعالجة

تشمل المعالجة أربعة محاور هي: تصحيح العوامل المؤهبة، وتعديل نمط الحياة والحمية، والعلاج الدوائي، والعلاج غير الدوائي.

أولاً- تصحيح العوامل المؤهبة:

هناك العديد من العوامل المهمة العكوسة التي يؤدي تصحيحها  إلى الوقاية من قصور القلب، وتشمل الاضطرابات الغدية كفرط الدرق، والإصابات الصمامية والاتصال الشرياني - الوريدي الشاذ بما فيه الفتحة بين الأذينتين أو الفتحة بين البطينين وفقر الدم والبري بري وارتفاع الضغط الشرياني واضطرابات النظم القلبية والإقفار القلبي والآفات التأمورية والأخماج الحادة. تشكل معالجة كل ما ذكر من الأمراض السابقة في الوقت المناسب وقاية فعالة من التطور نحو قصور القلب قبل أن تصبح الحالة غير عكوسة، وقبل أن يتأسس قصور القلب، وعندها تنقص فائدة معالجة السبب الأساسي للقصور. يجب منع أو تخفيف استعمال مضادات الالتهاب المفصلية اللاستيروئيدية إلى أقصى درجة ممكنة لأنها تفاقم من شدة أعراض قصور القلب.

ثانياً- تعديل نمط الحياة والحمية:

يفيد التعديل الدائم في نمط الحياة - ولو كان بسيطاً- في تأمين وقاية فعالة من أعراض قصور القلب وفي إنقاص عدد الأدوية اللازمة لمعالجته.

ففي حالات قصور القلب المعتدلة إلى الشديدة يفيد كل من إنقاص النشاط الفيزيائي الحركي والراحة المؤقتة في السرير في تحسين الحالة السريرية ريثما تستقر الحالة المرضية ويعاود المريض بعدها فعاليته بشكل يتناسب مع قدراته القلبية. لا يوجد ما يشير إلى أن الراحة المديدة في السرير أفضل إنذاراً من الراحة المؤقتة اللازمة الكافية لتحسين الأعراض.

من الضروري تحديد كمية الحريرات المتناولة وخاصة لدى المرضى زائدي الوزن إذ يساعد إنقاص الوزن على إنقاص المتطلبات القلبية لإرواء النسج المحيطة وهذا يحسن الأعراض.

يجب تحديد كمية الصوديوم المتناول مما يؤدي إلى إنقاص حبس الماء وما يتلوه من إنقاص الحمل القلبي، ويجب أن لا تتجاوز كمية الصوديوم 1.5-2 غ/يومياً للحصول على نتائج جيدة للعلاج، وليس ضرورياً التشدد في تخفيف الصوديوم أقل من ذلك.

يجب طمأنة المريض وتهدئة روعه بسبب ما يعانيه من القلق والخوف المستمرين سواء من العجز الوظيفي المرتقب أو من الموت المبكر بسبب مرضه القلبي.

ثالثاً- العلاج الدوائي:

1- المدرات:

تخفف المدرات بشكل سريع الأعراض الناجمة عن الاحتقان الرئوي وخاصة الزلة في الحالات المتوسطة الشدة إلى الشديدة وهي تعزز طرح الماء والصوديوم وتساعد على إنقاص حجم المصورة (البلازما) وتخفيف الاحتقان الوعائي الرئوي والجهازي فيرتاح المريض وتتحسن قدرته الوظيفية.

يؤمن الاستعمال الحكيم للمدرات ضغط امتلاء بطيني يحافظ على نتاج قلبي جيد ويخفف الاحتقان الرئوي دون أن يسبب هبوط ضغط انتصابياً (قيامياً).

يؤدي الاستعمال الطائش للمدرات إلى اضطرابات شاردية وإلى نقص حجم الدم في السرير الوعائي بشكل ملحوظ فينقص النتاج القلبي وهذا يسبب نقص إرواء الأعضاء والأنسجة المحيطية، ويجب في هذه الحالة تصحيح الاضطرابات الشاردية وإعاضة السوائل المفقودة للمحافظة على الحجم المثالي داخل الأوعية مع مراقبة المعايير الحركية الدموية لاجتناب فرط الحمل الحجمي. يفضل إعطاء المدرات عن طريق الفم في الحالات الخفيفة، بينما يفضل إعطاؤها عن طريق الوريد في الحالات المتوسطة أو الشديدة أو المعندة. يجب أن يبدأ علاج قصور القلب بإشراك المدرات البولية مع مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين وذلك للحصول على نتائج سريعة.

هناك ثلاثة أشكال للمدرات هي: المدرات الثيازيدية ومشتقاتها ومدرات العروة والمدرات الحافظة للبوتاسيوم.

إن المدرات الثيازيدية حموض عضوية يقع تأثيرها على الجزء القريب من الأنابيب الكلوية وهي تثبط النقل الفعال للكلور وما يتلوه من حركة منفعلة للصوديوم، إضافة إلى أن بعض مشتقاتها (مثل ميتولازون) يحصر إعادة امتصاص الصوديوم أيضاً وهذا يؤدي إلى زيادة إطراحه ويرافق ذلك زيادة في إطراح البوتاسيوم.

يمكن إشراك المدرات الثيازيدية بمدرات العروة في الحالات المعندة. توجد المدرات الثيازيدية بشكل فموي فقط، ويبدأ تأثيرها بعد إعطائها بساعة أو ساعتين، وهي ليست فعالة عادة في حالات القصور الكلوي إذا كانت التصفية الكبية أقل من 30مل/دقيقة وهو ما يشاهد عادةً في قصور القلب الشديد، وإن أقل تصفية كبية مقبولة لتكون المدرات الثيازيدية فعالة هي 10مل/دقيقة.

تشمل التأثيرات الجانبية غير المرغوبة للمدرات الثيازيدية نقص البوتاسيوم ونضوب الحجم داخل الأوعية مع فرط آزوت الدم ونقص الصوديوم والمغنزيوم وارتفاع سكر الدم وحمض البول. قد يلاحظ نقص في العدلات أو في الصفيحات وقد تضطرب الوظيفة الكبدية. تعطى المدرات الثيازيدية بجرعة فموية تبلغ 25-50ملغ/ يومياً من الهيدروكلورثيازيد، أو بجرعة 2.5-5ملغ/ يومياً من الميتولازون أو بجرعة 25-50ملغ/يومياً من الكلورثاليدون. ويمكن إعطاء هذه الجرعات الإجمالية اليومية مقسمة على دفعات.

إن مدرات العروة حموض عضوية يقع تأثيرها على الجزء الصاعد من عروة هنلي Henle’s loop  وهي تشمل: الفوروسيمايد والبوميتانيد وحمض الإيتاكرين. يفضل استعمال هذه المدرات على بقية المدرات في الحالات الشديدة (درجة III وIV من تصنيف NYHA). إن إعطاء جرعة كبيرة من هذه المدرات بتكرار قليل أكثر فاعلية من إعطائها بجرعة صغيرة بتكرار كثير وذلك في الحالات الشديدة الحادة. يظهر التأثير المدر لهذه الزمرة بعد 30 دقيقة عادةً من إعطائها ويصل ذروته بعد ساعة أو ساعتين، وإن ميزتها الكبرى هي توافرها بشكل وريدي. إن آلية تأثير مدرات العروة هي تثبيط عودة الامتصاص الفعال للكلور من الأجزاء اللبية والقشرية من عروة هنلي، ويرافق ذلك نقص في عودة امتصاص الصوديوم والبوتاسيوم. تعطى مدرات العروة بجرعة 20-320ملغ يومياً للفوروسيمايد، و1-8ملغ يومياً للبوميتانيد و20-200ملغ يومياً للتورسيمايد، وبجرعة 25-100ملغ يومياً من حمض الإيتاكرين. يمكن تقسيم الجرعات الإجمالية اليومية المذكورة إلى عدة مرات يومياً. يجب إعطاء هذه المدرات بشكلها الوريدي عندما تكون الحالة شديدة أو عندما يكون امتصاصها من الجهاز الهضمي موضع شك؛ إذ قد تؤدي وذمة جدار الأمعاء الناجمة عن قصور القلب إلى عدم امتصاص هذه الأدوية فيصبح إعطاؤها فموياً غير مجدٍ. تتميز هذه المدرات بفعاليتها حتى بوجود قصور كلوي شديد، ويشترط في هذه الحالة إعطاؤها بجرعة كبيرة تصل إلى 500ملغ يومياً من الفوروسيمايد. إن أهم تأثير جانبي لهذه المدرات هو إنقاصها الشديد للحجم داخل الأوعية وزيادة آزوت الدم وهبوط ضغط الدم. يعدّ نقص البوتاسيوم أثراً جانبياً غير مرغوب فيه أيضاً، ويصبح مشكلة كبرى إذا ترافق مع المعالجة بالديجيتال.

تشمل المدرات الحافظة للبوتاسيوم: السبيرونولاكتون والتريامتيرين والأميلورايد، وإن فعاليتها كمدرات ضعيفة ولكنها تعطى عادةً بالمشاركة مع المدرات الثيازيدية أو مدرات العروة لتعديل نقص البوتاسيوم الناجم عن إعطاء تلك المدرات. يقع تأثير هذه المدرات على الأنابيب الكلوية البعيدة، وهي تنقص عودة امتصاص الصوديوم وتنقص إطراح البوتاسيوم. يعدّ السبيرونولاكتون مثبطاً نوعياً للألدوستيرون لارتباطه التنافسي مع مستقبلات الألدوستيرون وبذلك يعمل كحاصر لمستقبلات الألدوستيرون ويتلو ذلك نقص إطراح البوتاسيوم. إن أهم تأثير جانبي لهذه المركبات هو زيادة بوتاسيوم الدم الشديدة وما ينجم عنها من اضطرابات نظم قلبي، ويندر هذا التأثير إذا أشركت هذه المدرات بمدرات العروة. يبدأ التأثير المدر للتريامتيرين والأميلورايد بعد 2-4 ساعات من إعطاء أي منهما، ويستمر 24 ساعة، بينما يبدأ تأثير السبيرونولاكتون بشكل تدريجي ليبلغ ذروته بعد ثلاثة أيام ويفسر ذلك بتراكم الدواء ووصول تركيزه إلى المستوى الفعال، ويستمر تأثيره بعد قطع الدواء 2-3 أيام بسبب طول نصف عمره. إن الأثر الجانبي الذي يتميز به الألدوستيرون هو ضخامة الثديين (التثدي). يجب اجتناب إشراك مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين بالمدرات الحافظة للبوتاسيوم ما لم يكن لدى المريض نقص شديد فيه. إن الجرعة اليومية الإجمالية من الأميلورايد هي 5-10ملغ ومن السبيرونولاكتون 25-100ملغ ومن التريامتيرين هي 50-150ملغ، ويمكن تقسيمها إلى جرعات متعددة.

     يمكن أن يحدث نقص في البوتاسيوم إذا أعطيت المدرات بشكل مكثف أو إذا لم يمكن إعطاء المدرات الحافظة للبوتاسيوم لأي سبب كان. وفي هذه الحالة يجب تعويض البوتاسيوم الناقص على شكل محلول وريدي ممدد بحذر شديد، وقد يعطي البوتاسيوم عن طريق الفم مع الأخذ بعين الاعتبار أن مركبات البوتاسيوم الفموية قد تسبب تقرحات في مخاطية الجهاز الهضمي. يجب مراقبة مستوى المغنزيوم وخاصة لدى استعمال المدرات الثيازيدية وتعويضه إن لزم لاجتناب حدوث اضطرابات نظم قلبية خطيرة.

2- مثبطات جملة رينين - أنجيوتنسين - ألدوستيرون:

تتفعّل جملة رينين - أنجيوتنسين - ألدوستيرون باكراً في سياق تطور قصور القلب، ولها دور هام في تفاقمه، ولذلك يعدّ تثبيطها أو إحصار مستقبلاتها جزءاً أساسياً في علاج قصور القلب، لما له من أثر إيجابي في تحسين الإنذار.

أ- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين: تحصر هذه المثبطات جملة رينين - أنجيوتنسين - ألدوستيرون عن طريق تثبيط تحول أنجيوتنسين I إلى أنجيوتنسين II، وهذا يؤدي إلى توسع وعائي بسبب لجم التقبض الوعائي المحدث بأنجيوتنسين II، كما أنها تنقص حبس الصوديوم عن طريق إنقاص إفراز الألدوستيرون.

توجد مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين بأشكال متعددة ومعظمها فعال في معالجة قصور القلب أو سوء وظيفة البطين الأيسر التالي للاحتشاء إضافة إلى فاعليتها كأدوية خافضة للضغط الشرياني، مثال: كابتوبريل، إينالابريل، ليسينوبريل، بيريندوبريل، رامبيريل.

تنقص هذه المثبطات الوفيات الناجمة عن قصور القلب العرضي بنسبة 20% ، وتقلل نسبة لزوم العلاج في المستشفى وتزيد من تحمل المريض للجهد وتخفيف أعراض قصور القلب، وبالتالي فهذا يقضي اعتبارها ضمن الخط الأول في علاج قصور القلب الناجم عن سوء الوظيفة الانقباضية، وعادةً ما يتم إشراكها بالمدرات.

يكون قصور القلب لاعرضياً أحياناً، وحتى في هذه الحالة، يجب إعطاء هذه المثبطات لأن لها دوراً في تأخير تطور الحالة نحو ظهور الأعراض.

يهبط الضغط الشرياني أحياناً بشكل ملحوظ لدى البدء باستعمال مثبطات هذا الإنزيم، ولذلك يجب البدء بإعطائها بحذر وبجرعات صغيرة، وعادةً ما يهبط الضغط الشرياني بعد استعمالها عند المرضى الذين لديهم بالأصل ضغط شرياني انقباضي مائل للهبوط (الضغط الانقباضي أقل من 100 مل زئبق) أو يتناولون المدرات. تكون الجرعة البدئية من الكابتوربريل 6.25ملغ 2-3 مرات يومياً أو الإينالابريل 2..5 ملغ يومياً أو ما يعادل ذلك من بقية هذه المثبطات إذا كان الضغط الشرياني منخفضاً منذ البداية، ولكن يمكن إعطاء ضعف تلك الجرعات إذا كان الضغط طبيعياً أو مرتفعاً (الجدول 2).

الاسم

الجرعة البدئية

الجرعة اليومية الإجمالي

الآثار الجانبية

كابتوبريل

25 ملغ يومياً

50-300 ملغ مقسمة إلى 2-3 جرعات

سعال، هبوط ضغط شرياني، فرط بوتاسيوم الدم، عدم توازن، اضطراب وظيفة الكلية، وذمة وعائية، اندفاعات تحسسية، يعدّ الحمل مضاد استطباب.

إينالابريل

25 ملغ مرة واحدة يومياً

5-40 ملغ بجرعة وحيدة أو جرعتين

ليسينوبريل

5-10 ملغ مرة واحد يومياً

5-40 ملغ مرة واحدة يومياً

بينازيبريل

10 ملغ مرة واحدة يومياً

5-40 ملغ بجرعة وحيدة أو جرعتين

فوسينوبريل

10 ملغ مرة واحدة يومياً

10-80 ملغ بجرعة وحيدة أو جرعتين

بيريندوبريل

4 ملغ مرة واحدة يومياً

4-16 ملغ بجرعة وحيدة أو جرعتين

راميبريل

2.5 ملغ مرة واحدة يومياً

2.5-20 ملغ بجرعة وحيدة أو جرعتين

(الجدول 2) جرعة مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين (ACEI)

 

يجب مراقبة المريض بشكل دوري (كل أسبوع أو أسبوعين) وخاصة في بداية العلاج للتحري عن هبوط الضغط والوظيفة الكلوية ومستوى البوتاسيوم المصلي.

يجب تعديل جرعة مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين للوصول إلى مستواها الفعال سريرياً مع اجتناب هبوط الضغط الشرياني الناجم عنها، ويمكن الوصول إلى جرعات عاليـة - حسب الجدول- خلال 1-3 أشهر إذا تحملها المريض.

لا يمثل هبوط الضغط الشرياني اللاعرضي مضاد استطباب لاستعمال هذه المثبطات ولا لخفض كمية الجرعة طالما تحمل المريض ذلك. قد يرتفع كرياتنين المصل أو البوتاسيوم المصلي وهذا لا يقتضي إيقاف الدواء ما دام الكرياتنين أقل من 3 ملغ/100مل والبوتاسيوم أقل من 5.5 مل/ لتر. يجب مراقبة الوظيفة الكلوية بحذر أشد لدى السكريين والمسنين وذوي الضغط الانقباضي المنخفض. إن أكثر الآثار الجانبية إزعاجاً ومدعاة لإيقاف العلاج بمثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين هي السعال الجاف وحس عدم التوازن - بغض النظر عن رقم الضغط الشرياني - وحس عدم الارتياح البلعومي الذي يتظاهر بحس حكة بلعومية مزعج.

ب- محصرات مستقبل أنجيوتنسين II: يمكن مقارنة جملة رينين -أنجيوتنسين - ألدوستيرون بطريقة أخرى هي إحصار مستقبلاتها مما يبطل فاعليتها، وهناك عدة أشكال لهذه المحصرات مثال: لوزارتان - كانديزارتان - تيلميزارتان - فالسارتان.

لا يوجد ما يثبت حتى الآن أن مشاركة مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين بمحصرات مستقبل أنجيوتنسين II تطيل البقيا أو تحسن الإنذار أكثر مما لو أعطي أحدهما بمفرده.

يمكن إعطاء محصرات أنجيوتنسين II بمفردها أو مشركة مع مدرّ ثيازيدي، وهي تعطى عادةً كبديل لمثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين عندما يشكو المريض من آثارها الجانبية ولا يستطيع تحملها وخاصة السعال (الجدول 3).

الاسم

الجرعة البدئية

الجرعة اليومية الإجمالي

الآثار الجانبية

كانديسارتان

16 ملغ مرة واحدة يومياً

8-32 ملغ مرة واحدة يومياً

زيادة بوتاسيوم المصل،

اضطراب الوظيفة الكلوية،

يعدّ الحمل مضاد استطباب،

وذمة وعائية بشكل نادر.

لوزارتان

50 ملغ مرة واحدة يومياً

25-100 ملغ بجرعة وحيدة أو جرعتين

إيبروسارتان

600 ملغ مرة واحدة يومياً

400-800 ملغ بجرعة وحيدة أو جرعتين

إيربيسارتان

150 ملغ مرة واحدة يومياً

150-300 ملغ بجرعة واحدة يومياً

تيلميسارتان

40 ملغ مرة واحدة يومياً

20-80 ملغ بجرعة واحدة يومياً

فالسارتان

80 ملغ مرة واحدة يومياً

80-320 ملغ بجرعة واحدة يومياً

(الجدول 3) جرعة محصرات مستقبل أنجيوتنسين II

 

ج- السبيرونولاكتون: هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن للألدوستيرون دوراً مهماً في عمل جملة رينين -أنجيوتنسين - ألدوستيرون، ويتجلّى ذلك عادةً بإعادة هيكلة العضلة القلبية وبحبس الصوديوم وطرح البوتاسيوم في الأنابيب البعيدة. ولذلك يجب النظر إلى السبيرونولاكتون كمضاد عصبي خلطي إضافة إلى دوره كمدر حافظ للبوتاسيوم.

يجب إعطاء السبيرونولاكتون بالمشاركة مع أحد المدرات البولية الأخرى، ويجب مراقبة مستوى البوتاسيوم المصلي كل 2-3 أسابيع وخاصة إذا كانت مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين ضمن الأدوية المستعملة. يعطى السبيرونولاكتون بجرعة 25-100ملغ يومياً.

3- محصرات بيتا:

لقد ساد اعتقاد تقليدي يعدّ استعمال محصرات بيتا في قصور القلب مضاد استطباب لأنها تحصر آليات المعاوضة للجملة العصبية الودية. ولكن هناك توجه حديث قوي نحو استعمالها، ومدعوم ببراهين قوية على فائدتها في هذه الحالة، غير أن آلية هذه الفائدة لا تزال غير واضحة تماماً. ومع ذلك يبدو أن الارتفاع المزمن للكاتيكولامينات، والزيادة المزمنة لفاعلية الجملة العصبية الودية يسببان أذية قلبية مترقية، وهذا يؤدي بدوره إلى الإساءة إلى وظيفة البطين الأيسر وتوسعه. وإن الدليل على هذه الفرضية هو أن محصرات بيتا تزيد الجزء المقذوف بحوالي 10% بعد 3-6 أشهر من استعمالها وتنقص حجم البطين الأيسر وكتلته. إن الكارفيدولول، وهو محصر بيتا -1 وبيتا -2 لا انتقائي وله فاعلية ضعيفة في إحصار ألفا، هو أول محصر بيتا معترف عليه في علاج قصور القلب بعد أن ثبت أنه ينقص نسبة لزوم الدخول إلى المستشفى ونسبة الوفيات حوالي 35%، وتلا ذلك إثبات فاعلية البيزوبرولول والميتوبرولول مديد التأثير. لقد تبين أيضاً أن استعمال محصرات بيتا ينقص حوادث الموت المفاجئ والموت بسبب تدهور قصور القلب وخاصة إذا ترافقت الحالة مع آفة إكليلية كانت سبباً لقصور القلب، أو إذا كان قصور القلب بدئياً. لقد كان تحمل المرضى جيداً لاستعمال محصرات بيتا.

يستنتج من كل ما سبق أن استعمال محصرات بيتا أمر واجب في جميع حالات قصور القلب ما لم يكن هناك مضاد استطباب غير قلبي لاستعمالها. لا يوجد ما يدل على أفضلية كبيرة لمحصر بيتا على آخر ولكن يبدو أن الكارفيدولول هو المرجح بأفضليته. يجب البدء بإعطاء محصرات بيتا بجرعة صغيرة وبحذر شديد، ثم تزاد الجرعة تدريجياً وببطء. يعطى الكارفيدولول بجرعة بدئية 3.125ملغ مرتين يومياً ثم ترفع إلى 6.25ملغ ثم 12.5ملغ والجرعة القصوى هي 25ملغ مرتين يومياً، ويتم الرفع بفاصلة أسبوعين تقريباً بين كل زيادة وأخرى. يعطى الميتوبرولول مديد التأثير بجرعة 12.5ملغ أو 25ملغ يومياً وتضاعف الجرعة كل أسبوعين إن لزم للوصول إلى الجرعة القصوى 200ملغ يومياً.

يعطى البيزوبرولول بجرعة 1.25ملغ أو 2.5ملغ أو 3.75ملغ أو 5ملغ أو 7.5ملغ أو 10ملغ مرة واحدة يومياً على أن يتم البدء بالجرعة الصغرى، وتزاد الجرعة بفاصلة 1-4 أسابيع للوصول إلى الجرعة العظمى. يجب تنبيه المرضى لوزن أنفسهم في المنزل يومياً أو كل عدة أيام لاكتشاف أية زيادة في الوزن لأن هذا مشير إلى احتباس السوائل، ولملاحظة أي تغير أو زيادة في أعراضهم، وإعلام طبيبهم فوراً. ويجب أخذ هذه الملاحظات باهتمام كبير قبل زيادة أو تعديل جرعة محصر بيتا. وإذا ظهر تدهور في أعراض قصور القلب فيجب زيادة جرعة المدرات وتأجيل زيادة جرعة محصر بيتا، وقد يلزم تخفيف جرعة محصر بينتا أو إلغاؤه تماماً في بعض الحالات. ويجب مراقبة التأثيرات الجانبية الجهازية لمحصرات بيتا وتعديل الجرعة لتقليل هذه التأثيرات إلى أقل درجة ممكنة.

4- غليكوزيدات الديجيتال:

وهي من الأدوية المقوية لتقلصية العضلة القلبية ومثالها الأشهر هو الديجوكسين. ولهذه المركبات أهمية خاصة لأنها الوحيدة المتوافرة بشكل فموي من بين الأدوية المقوية للتقلصية القلبية. وآلية عملها هي تثبيط مضخة الصوديوم فيرتفع مستواه داخل الخلية مما يسهل تبادله مع الكلسيوم فتكون النتيجة النهائية ارتفاع مستوى تركيز الكلسيوم في الهيولى، وهذا يزيد من القوة التقلصية العضلية القلبية مما يزيد النتاج القلبي. إن للمركبات الديجيتالية تأثيرات فيزيولوجية كهربائية أيضاً، ويتجلى ذلك بتقويتها للفاعلية نظيرة الودية القلبية مما يؤدي إلى تأخر النقل الأذيني البطيني ونقص التنبيه الحركي الذاتي للعقدة الجيبية، وهذا يفضي إلى إنقاص الاستجابة البطينية في الرجفان الأذيني ويبطئ سرعة القلب في حالات النظم الجيبي. ولكن من جهة أخرى، تؤدي زيادة الكلسيوم والصوديوم داخل الخلايا القلبية إلى زيادة استثارتها وهذا يؤهب لحدوث اضطرابات نظم بطينية وخاصة بوجود نقص في البوتاسيوم أو بوجود إقفار قلبي.

إن المركبات الديجيتالية دواء أساسي في معالجة قصور القلب الاحتقاني، وخاصة بوجود رجفان أذيني، وفائدتها مثبتة في تحسين الأعراض والعلامات. كما أن تأثير قطعها عن المريض وما يؤدي إليه من انتكاس الحالة وتفاقم الأعراض الوظيفية والعلامات السريرية مثبت أيضاً. وإضافة إلى ذلك، يزيد قطعها من احتمال دخول المريض المستشفى بسبب انكسار المعاوضة القلبية وينقص من قدرته على تحمل الجهد.

يوصى بإعطاء الديجوكسين للمرضى الذين لم تتحسن أعراضهم باستعمال المدرات ومثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين وحدها، وكذلك لمرضى قصور القلب المترافق برجفان أذيني مع استجابة بطينية سريعة وذلك لضبط سرعة الاستجابة البطينية.

إن نصف عمر الديجوكسين - وهو أوسع المركبات الديجيتالية استعمالاً - هو 24-36 ساعة، ويتم إطراحه كله تقريباً عن طريق الكليتين، وهو متوفر دوائياً بشكل وريدي وفموي. يستعمل الشكل الوريدي عادة لمعالجة التسرعات فوق البطينية أو في الرجفان الأذيني مع استجابة بطينية سريعة، أما في قصور القلب فهو يعطى فموياً عادةً.

إن الجرعة البدئية للديجوكسين هي 0.5ملغ تعطى وريدياً ببطء خلال 10-20 دقيقة، ويمكن إعطاء جرعة وريدية إضافية عند اللزوم بمقدار 0.125- 0.250ملغ بعد 4 ساعات، ويمكن أن يصل مجموع الجرعات الإجمالي إلى 1ملغ عند المرضى الشباب وذوي الوظيفة الكلوية الجيدة للوصول إلى المستوى الفعال للديجوكسين، تلزم جرعة أقل عند المسنين أو ذوي الوزن القليل (كتلة الجسم الإجمالي صغيرة) وفي حالات القصور الكلوي.

 يبدأ تأثير الديجوكسين بعد 30 دقيقة من إعطائه الوريدي ويبلغ ذروته بعد 2-3 ساعات، أما إذا أعطي فموياً فيلزم انقضاء عدة أيام للوصول إلى مستوى التركيز المصلي الفعال.

يعطى الديجوكسين فموياً في حالات قصور القلب بجرعة 1-1.25ملغ فموياً كجرعة تحميل بدئية لتسريع الوصول إلى المستوى الفعال، ثم يعطى بعدها جرعة داعمة يومية 0.125-0.25ملغ ويجب تعديل هذه الجرعة حسب الوظيفة الكلوية بسبب إطراحه الكلوي وحسب مستوى الديجوكسين المصلي المعاير مخبرياً.

يبلغ مستوى الديجوكسين المصلي العلاجي 0.8-2 نانوغرام/مل، وهناك أدوية ترفع من مستواه المصلي أهمها: الأميودارون والفيراباميل والكينيدين، وأدوية تنقص من مستواه المصلي مثل بعض الصادات والكولسترامين، ولذلك يجب معايرة مستوى الديجوكسين المصلي بشكل دوري كل 4-8 أسابيع إضافة إلى معايرته في كل حالة يتم فيها تعديل النظام الدوائي الكامل للمريض كإضافة أو إنقاص أدوية تتداخل في المستوى المصلي للديجوكسين. يجب سحب الدم لمعايرة الديجوكسين بعد 6 ساعات على الأقل من تناول آخر جرعة.

قد يترك استعمال الديجوكسين علامات تخطيطية على مخطط كهربائية القلب تدعى التأثير الديجيتالي، وهي تتجلى بتزحّل وصلة ST للأسفل مع انقلاب موجة T على شكل الملعقة وخاصة على الاتجاهات الأمامية الجانبية. وليس لهذه العلامة التخطيطية علاقة مع مستوى الديجوكسين المصلي. إن أعراض التسمم بالديجوكسين هي الغثيان والقياء ونقص الشهية والدعث والنعاس والصداع واضطراب رؤية الألوان (الرؤية الصفراء) واضطرابات النظم القلبية، ويمكن أن يسبب التسمم بالديجوكسين أي نوع من اضطرابات النظم القلبي أو اضطراب كهربائية القلب وخاصة إذا تشارك التسمم الديجيتالي مع نقص البوتاسيوم المصلي الناجم عن استعمال المدرات. ولكن أكثر العلامات التخطيطية الكهربائية القلبية شيوعاً في هذه الحالة هي تطاول مسافة PR وخوارج الانقباض البطينية، وقد يتطور الأمر لظهور إحصار أذيني بطيني من الدرجة الثانية أو إحصار تام، وقد يظهر تسرع فوق بطيني مع إحصار أذيني بطيني (وهذه علامة تخطيطية نوعية للتسمم بالديجوكسين). ويتأكد تشخيص التسمم بالديجوكسين بمعايرته مصلياً وتجاوز مستواه المستوى المصلي العلاجي. وتتراجع علامات وأعراض التسمم بالديجوكسين بعد إيقافه مدة 48 ساعة ما لم يكن هناك قصور كلوي حيث تستغرق مدة أطول في هذه الحالة.

يفيد الليدوكائين والفينيتوئين في معالجة اضطرابات النظم البطينية الناجمة عن التسمم بالديجوكسين. ويجب عدم تطبيق الصدمة الكهربائية في هذه الحالة لأنها قد تسبب رجفاناً بطينياً معنداً أو توقفاً بالقلب. قد يلزم زرع  ناظم (صانع) خطا مؤقت إذا كان المريض مصاباً بإحصار قلبي تام أو بطء شديد في القلب (سرعة القلب أقل من 40/دقيقة ) ريثما يتم طرح الديجوكسين وينخفض مستواه المصلي.

يفيد استعمال الأضداد المناعية لجزيئات الديجوكسين لمعالجة التسمم بالديجوكسين المهدد للحياة، ولكن يجب الانتباه إلى أن نصف عمرها أقصر من نصف عمر الديجوكسين ولذلك قد يلزم تكرار جرعتها.

5- الموسعات الوعائية:

ينقص الحمل التِّلْوي للبطين الأيسر باستعمال الأدوية الموسعة للشرينات والمنقصة للمقاومة الوعائية المحيطية، وينقص الحمل القبلي للبطينين باستعمال الأدوية المخفضة لتوتر جدر الأوردة والموسعة للسرير الوعائي الوريدي. وبما أن معظم مرضى قصور القلب المتوسط الشدة أو الشديد لديهم زيادة في كل من الحملين القبلي والبعدي، إضافة إلى نقص النتاج القلبي عندهم، فإنهم يستفيدون من الأدوية الموسعة الوعائية، سواء كانت وريدية أو شريانية.

يضاف إلى ذلك، أن كثيراً من مرضى قصور القلب لديهم قصور بالصمام التاجي أو قصور بالصمام ثلاثي الشرف، وإن استعمال الأدوية المنقصة للمقاومة تجاه القذف البطيني، يعيد توجيه التيار الدموي نحو الاتجاه الصحيح ويخفف وظيفياً من شدة القصور.

تحسن الموسعات الوعائية التي تعمل بآلية خلطية عصبية (وخاصة مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين) الإنذار أكثر من الموسعات الوعائية التي تعمل بشكل مباشر على الجدار الوعائي (مثل: النترات والهيدرالازين).

أ- النترات: تستعمل الموسعات الوعائية، ومثالها نتروبروسايد الصوديوم أو النتروغليسرين، وريدياً بشكل أساسي لمعالجة قصور القلب الحاد أو المزمن الشديد غير المعاوض، وخاصة إذا ترافق مع ارتفاع ضغط شرياني أو إقفار قلبي. إن الجرعة البدئية لكلا المركبين هي 10-20مكغ/كغ/دقيقة، تزاد تدريجياً بمقدار 10مكغ/كغ/دقيقة بفاصلة 5-10 دقائق اعتماداً على مقدار الضغط الشرياني وبقائه مرتفعاً أو انخفاضه. وفي غالب الأحيان، لا يلزم تجاوز جرعة 200 مكغ/كغ/دقيقة.

لقد أثبتت جرعة 20-80 ملغ فموياً 3 مرات يومياً من الإيزوسوربايد ثنائي النترات فاعليتها في معالجة قصور القلب. كما أن إعطاء النتروغليسرين على شكل مرهم يوضع منه 1-4 بوصات أي ما يعادل 12.5-50ملغ من المادة الدوائية على ورقة مدرجة خاصة به ثم توضع على الجلد كل 6-8 ساعات مفيد أيضاً. تخفف النترات من شعور المريض بضيق التنفس في الحالات الخفيفة أو المتوسط الشدة. ولكن يبدو أن فاعليتها أقل في الحالات الشديدة، لأنها لا تحسن النتاج القلبي بشكل مرضٍ. يتحمل المرضى عادةً العلاج بالنترات ولكن الأثرين الجانبين المهمين وهما: الصداع وهبوط الضغط الشرياني يحدان من استعمالها وقد يضطر المريض إلى إيقاف الدواء.

إن ظهور حالة التحمل (المقاومة) tolerance، وهي نقص الاستجابة للنترات، في حالة استعمالها المزمن أمر مثبت ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، ويمكن تخفيف هذا الأمر بتناولها على نحو متقطع، ولكن يبدو أن التحمل واقع لا محالة بعد فترة من ذلك. لا يفيد استعمال اللصاقات patches المطلية بالنتروغليسرين العابر للجلد في علاج قصور القلب، ولذلك ليس لها استطباب في هذه الحالة.

ب- الهيدرالازين: يتميز الهيدرالازين المعطى عن طريق الفم بقدرة موسعة للشرينات، وهو يحسن النتاج القلبي لدى مرضى قصور القلب الاحتقاني، ولكن يبدو أنه إذا أعطي كدواء مفرد لا يحسن الأعراض أو القدرة على بذل الجهد خلال المعالجة الدائمة (المزمنة) لقصور القلب. تزيد المشاركة بين الهيدرالازين فموياً والنترات من الفاعلية الحركية الدموية للموسعات الوعائية. تحد التأثيرات الجانبية للهيدرالازين من استعماله عادةً، إذا لا يتحملها حوالي 30% من المرضى وخاصة عندما يعطى بجرعاته الفعالة (200-400ملغ يومياً مقسمة على عدة جرعات). إن أهم تأثير جانبي هو الانزعاج الهضمي منه، إضافة إلى الصداع وتسرع القلب وهبوط الضغط الشرياني. لقد حلت مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين بشكل واسع محل الهيدرالازين والنترات، وفي حال عدم تحملها تعطى محصرات مستقبلات الأنجيوتنسين.

ج- محصرات مستقبلات ألفا: توسع هذه المركبات الأوعية عن طريق إحصارها لمستقبلات ألفا بعد المشابك العصبية. تحسن هذه المركبات بشكل سريع ولأمد قصير الحالة الحركية الدموية ولكن يحد من فاعليتها واستعمالها حدوث تحمل (مقاومة) سريع لها. ويمثل هذه المركبات الدوكسازوسين.

6- العوامل المقوية القلبية:

إن المركبات الديجيتالية هي الأدوية الوحيدة المقوية للتقلصية القلبية والمتوفرة لإعطائها عن طريق الفم. يمكن استعمال أدوية وريدية مثل دوبيوتامين وهو شاد لبيتا -1 ومليرينون وهو مثبط للفسفودايستراز، استعمالاً مديداً أو متقطعاً. ومن الناحية العملية، يقتصر استعمال العوامل المقوية القلبية على معالجة أعراض وعلامات نقص النتاج في قصور القلب وخاصة ما يتعلق منها بنقص الإرواء النسيجي وتدهور الوظيفة الكلوية، وفي حال فشل الاستجابة للمدرات، إضافة إلى فائدة هذه العوامل في دعم مرضى قصور القلب الذين ينتظرون دورهم لزرع القلب.

7- محصرات قنيات الكلسيوم:

قد يسبب استعمال الجيل الأول من محصرات قنيات الكلسيوم (نيفيديبين) تدهوراً في الوظيفة القلبية، ولكن يبدو أن الأجيال التالية (أملوديبين) لها دور في تحسين وظيفة العضلة القلبية في حالة القصور الشديد. وعملياً، يفضل حصر استعمال الأملوديبين في حالات قصور القلب المترافق بارتفاع ضغط شرياني أو إقفار قلبي.

8- مضادات التخثر:

إن مرضى قصور القلب الأيسر والذين لديهم نقص في نتاج القلب، معرضون لتشكل خثار  ضمن الأجواف القلبية وما يتلو ذلك من احتمال حدوث صمات شريانية جهازية. ومن الناحية العملية، يبدو أن هذا الخطر محصور في المرضى الذين لديهم قصور قلبي مترافق برجفان أذيني أو كان لديهم احتشاء عضلة قلبية واسع في الأشهر الستة الماضية، ولذلك يجب استعمال المميعات عند هذه الزمرة من المرضى. أما بالنسبة إلى مرضى قصور القلب الذين لا تنطبق عليهم الشروط السابقة، فليس تمييع دمهم ضرورياً لأن نسبة خطورة تعرضهم للصمات الجهازية مساوية لنسبة تعرضهم للنزف بسبب المميعات، ويستثنى من ذلك وجود إصابة صمية سابقة. يكون التمييع بالوارفارين مع المحافظة على INR حوالي 2-2.5.

9- الأدوية المضادة لاضطرابات النظم:

 إن مرضى قصور القلب معرضون للإصابة باضطرابات نظم عرضية أو غير عرضية، ويمكن كشفها بتخطيط كهربائية القلب 24 ساعة (مرقاب هولتر)، الذي سجل رشات من التسرع البطيني في مرضى قصور القلب بنسبة 70% تقريباً على الرغم من أن أقل من 10% من هؤلاء المرضى شكوا أعراضاً ناجمة عن هذا التسرع (غشي أو ما قبل الغشي). يدل حدوث التسرع البطيني على إنذار سيء بغض النظر عن وظيفة البطين الأيسر. تستعمل محصرات بيتا بسبب تأثيرها المحسن للإنذار وتخفيفها لنسبة الوفيات المفاجئة. يمكن أن يكون الأميودارون ذا فاعلية في الوقاية من اضطرابات النظم البطينية وفي تحسين الإنذار وخاصة في المرضى الذين لديهم خوارج انقباض بطينية متعددة.

رابعاً- العلاج غير الدوائي:

1- إعادة التوعية والإرواء القلبي:

تتحسن وظيفة العضلة القلبية في قصور القلب التالي لسوء الوظيفة الانقباضية إذا كان نقص التروية القلبية هو سبب القصور القلبي، وتكون إعادة التوعية القلبية بإجراء جراحة المجازات الإكليلية أو بزرع دعامة stent داخل الشرايين الإكليلية المتضيقة.

2- قطع أم الدم البطينية:

إن وجود أم الدم البطينية أمر وارد في حالات قصور القلب الناجم عن الإقفار القلبي أو التالي لاحتشاء العضلة القلبية. ويساعد قطع أم الدم - إضافة إلى المجازات الإكليلية - على تحسين وظيفة العضلة القلبية.

3- الإنظام القلبي:

يترافق قصور القلب الشديد عادة بتأخر النقل الكهربائي أو بحصار الغصن الأيسر.  وتؤهب هذه الاضطرابات بالناقلية الكهربائية داخل القلبية إلى حدوث خلل في توافق التزامن الميكانيكي للتقلص البطيني مما يؤثر سلباً في الأداء القلبي والوظيفة القلبية. يحسن الإنظام القلبي وإعادة التوافق التزامني الميكانيكي للتقلصية البطينية أداء القلب في حالات قصور القلب، ويتم هذا بزرع ناظم يعيد هذا التزامن cardiac resynchronization treatment (CRT)  عن طريق إعادة التوافق بين تقلصية الأذينتين والبطينين وتحسين نموذج التفعيل الكهربائي للبطينين. لقد أظهر المرضى الذين تم تطبيق هذا الإنظام القلبي لديهم تحسناً في الأعراض الوظيفية لقصور القلب وفي قدرتهم على تحمل الجهد وتحسين نوعية حياتهم. وقد انتقل تصنيفهم الوظيفي حسب تصنيف NYHA من درجة إلى درجة أفضل منها وظيفياً.

4- زرع مزيل الرجفان implantable cardiac defibrillator (ICD):

يتعرض مرضى قصور القلب للوفاة بسبب اضطرابات النظم البطينية وخاصة التسرع البطيني والرجفان البطيني الناجمين عن اضطراب الحالة الكهربائية للبطينين إذا كان الجزء المقذوف أقل من 40% أو كان المريض مصاباً باحتشاء قلبي سابق.

يقلل زرع مزيل الرجفان القلبي داخل القلب نسبة الوفيات ونسبة لزوم دخول المستشفى.

5- زرع القلب:

يعدّ مرضى قصور القلب مرشحين لزرع القلب إذا توافرت فيهم جميع الشروط التالية:

أ - مراحل انتهائية من قصور القلب مع توقع حياة أقل من سنة مع عناد الحالة على العلاج الدوائي المكثف والجراحي.

ب- تصنيف وظيفي درجة III أو IV حسب تصنيف NYHA.

جـ- العمر أقل من 65 سنة.

د- المقاومة الوعائية الرئوية أقل من 3 وحدات مقاومة أو أقل من 2.5 وحدة مقاومة بعد حقن النتروبروسايد وريدياً.

هـ- توافر دعم نفسي اجتماعي وحركي ذاتي للمريض.

و- عدم وجود مرض خبيث أو خمج فعال أو تقرح هضمي فعال أو احتشاء رئة خلال الأسابيع الستة الأخيرة أو سكري متقدم معتمد على الأنسولين مع مضاعفات سكرية جهازية متعددة أو قصور كلوي أو كبدي بدرجة أشد مما هو لدى مريض قصور القلب أو مرض وعائي محيطي متقدم أو مرض وعائي غرائي أو كحولية متقدمة أو أي نوع من الإدمان.

يحسن زرع القلب الأداء الوظيفي للمريض وينقله من درجة إلى درجة أفضل منها وظيفياً حسب تصنيف NYHA.

وذمة الرئة الحادة

لا يكتمل بحث قصور القلب ما لم يتم التطرق إلى وذمة الرئة الحادة، وهي تعدُّ شكلاً من أشكاله الحادة أو فوق الحادة، وتتصف بالتطور السريع والشديد للإحساس بالزلة لدرجة يشعر معها المريض بالاختناق وكأنه سيموت.

تنجم وذمة الرئة الحادة عن احتشاء العضلة القلبية الحاد، أو نوبة إقفار قلبي حاد، أو تفاقم حالة قصور قلب مزمن، أو زيادة حادة في الحمل الحجمي للبطين الأيسر إما بسبب تناول وجبة طعامية ثقيلة أو مفرطة الملح أو بسبب قطع المدرات أو استعمال أدوية مضادة للالتهاب غير ستيروئيدية، أو نتيجة نوبة ارتفاع ضغط شرياني حادة، أو في سياق خمج تنفسي حاد أو لانظميات سريعة؛ مما يؤدي إلى انكسار المعاوضة القلبية.

تتصف وذمة الرئة الحادة بصورة سريرية وصفية يشكو فيها المريض زلة شديدة مع قشع رغوي ذي لون زهري وزراق وتعرق بارد، وبالفحص السريري يمكن تسمع خراخر ناعمة رطبة منتشرة بالساحتين مع وزيز أحياناً.

قد تحدث وذمة الرئة بشكل مفاجئ ولأول مرة لدى مريض لا عرضي سابقاً ودون سابق إنذار، أو تحدث لدى مريض قصور قلبي سابق وأصيب بحالة مرضية أدت إلى كسر معاوضته القلبية.

تتميز وذمة الرئة الحادة بصور شعاعية وصفية تظهر فيها إعادة التوزع الوعائي الرئوي مع العلامة الشعاعية الوصفية لوذمة الحادة، وهي منظر الفراشة الناجم عن الاحتقان الوعائي الرئوي الشديد. يمكن أن يكون القلب متضخماً إذا كان قصور القلب مزمناً، وقد يكون حجمه طبيعياً إذا كانت الحالة حادة ولم يكن في سوابق المريض قصة لقصور القلب.

تعالج وذمة الرئة بوضع المريض بوضعية الجلوس وساقاه مدلاتان إلى جانب السرير لأن هذه الوضعية تخفف من العود الوريدي وتساعد المريض على التنفس. يعطى الأكسجين بالقناع لتأمين إشباع أكسجيني شرياني كافٍ. قد يلزم في سياق المعالجة إجراء خزع للرغامى أو وضع المريض على التهوية الآلية.

إن المورفين ذو فاعلية كبيرة في وذمة الرئة وهو يعطى بجرعة بدئية مقدارها 4-8 ملغ وريدياً، ويمكن أن يفيد الحقن تحت الجلد في الحالات المعتدلة الشدة.

تعاد جرعة المورفين بعد 2-4 ساعات إذا لزم. وتكون آلية تأثيره بزيادة السعة الوريدية وإنقاص ضغط الأذينة اليسرى، إضافة إلى تأثيره المهدئ للمريض وإزالته للقلق مما يزيد من فاعلية التهوية.

لا يعطى المورفين إذا كان سبب وذمة الرئة التناول المفرط للمنومات أو المخدرات، بل يعطى المضاد النوعي للمخدر.

يجب إعطاء المدرات وريدياً بجرعة 40ملغ فوروسيمايد أو 1ملغ بوميتانيد، ويمكن إعادة الجرعة أو إعطاء جرعة أكبر إذا لم يتحسن المريض أو كان يتناول مدرات سابقاً وبشكل مزمن. تفيد المدرات في إحداث توسع وعائي وريدي قبل بدء تأثيرها المدر. تفيد مركبات النتروغليسرين في إنقاص الحمل القبلي للبطين الأيسر سواء أعطيت تحت اللسان أو أعطيت وريدياً، كما تفيد فصادة 400-500 مل. قد يحدث تشنج قصبي في سياق وذمة الرئة الحادة، وهذا يزيد من نقص الأكسجة والزلة، ولذلك فإن إعطاء مقويات بيتا الأدرينيرجية إنشاقاً (تبخيراً) أو الأمينوفيلين وريدياً يكون مفيداً، ولكن قد يؤدي استعمال أي منها إلى تسرع شديد في القلب أو يحرض اضطراب نظم فوق بطيني. يفيد استعمال الموسعات الوعائية مثل النتروبروسايد وريدياً إذا كان سبب الوذمة الرئة هو ارتفاع ضغط شرياني. يستطب إعطاء العوامل المقوية للتقلصية القلبية مثل الدوبيوتامين إذا حدث هبوط ضغط شرياني في سياق العلاج أو في حالات نقص النتاج القلبي.

ويمكن تلخيص أهم النقاط الواردة في هذا البحث بما يلي:

- قصور القلب هو عجزه عن تأمين إرواء دموي كافٍ للنسج والأجهزة المختلفة وينجم عن تأذٍ شديد بألياف العضلة القلبية.

- يصنف وظيفياً في أربع درجات حسب شدة القصور، ويعتمد التصنيف على أعراض المريض وحالة الزلة ويسمى تصنيف NYHA.

- يعبر عن وظيفة القلب بتعبير »الجزء المقذوف« وهو نسبة مئوية تساوي في الحالة الطبيعية 50-70%.

- هناك أنماط مختلفة لقصور القلب (حاد، مزمن، عالي النتاج، منخفض النتاج، أيمن، أيسر، انقباضي، انبساطي)، ومن الناحية العملية، تكون الحالة المرضية مزيجاً مما سبق.

- إن الأسباب الأكثر شيوعاً لقصور القلب هي آفات القلب الصمامية وخاصة القلسية وأمراض القلب الإكليلية (الإقفارية) واحتشاء العضلة القلبية وأمراض القلب الولادية وارتفاع الضغط الشرياني.

- إن الزلة هي العرض المسيطر في قصور القلب، إضافة إلى الوذمات والسعال وسرعة التعب.

- تسمع خراخر بالقاعدتين الرئويتين مع خبب ونفخات قلبية وخاصة نفخة قصور التاجي، كما يلاحظ انتباج الأوردة الوداجية.

- إن أهم وسيلة تشخيصية لقصور القلب هي دراسته بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو) حيث يحدد بدقة قيمة الجزء المقذوف؛ كما أن صورة الصدر الشعاعية مهمة أيضاً وتبدي ضخامة قلبية أو احتقاناً رئوياً شديداً، وتظهر علامة الفراشة وهي وصفية لوذمة الرئة الحادة التي هي أشد أشكال قصور القلب.

- يجب التمييز بين الزلة الناجمة عن قصور القلب والزلة الناجمة عن الربو أو البدانة الشديدة أو فقر الدم أو أي سبب غير قلبي.

- يجب تمييز الوذمات القلبية من الوذمة الكلوية أو الكبدية أو وذمة نقص الألبومين أو الوذمة الوريدية.

- تشمل معالجة قصور القلب تعديل نمط حياة المريض والحمية وتصحيح العوامل المؤهبة والعلاج الدوائي والعلاج غير الدوائي.

- إن حجر الأساس في العلاج الدوائي هو المدرات، إضافة إلى مثبطات جملة رينين أنجيوتنسين والمركبات الديجيتالية والموسعات الوعائية ومضادات التخثر ومضادات اضطراب النظم.

- يشمل العلاج غير الدوائي إعادة التروية القلبية وقطع أم الدم البطينية وتحسين التزامن القلبي وزرع مزيل الرجفان ضمن البطين.

- إن وذمة الرئة الحادة هي الشكل الحاد من قصور القلب وتعدّ حالة إسعافية مهددة للحياة يجب تدبيرها سريعاً.

 

التصنيف : قلبية
النوع : قلبية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 140
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1073
الكل : 40582955
اليوم : 112770