logo

logo

logo

logo

logo

اضطرابات العمود الفقري

اضطرابات عمود فقري

disorders of the vertebral column - troubles de la colonne vertébrale



اضطرابات العمود الفقري

 

سمير كومو 

التشريح الوظيفي

مقاربة ألم الظهر

داء الفقرات التنكسي spondylosis  

في بعض حالات ألم أسفل الظهر

ألم العنق

 

 

يعد ألم الظهر من أكثر أسباب مراجعة الطبيب شيوعاً؛ إذ تقدر نسبة الإصابة بألم قطني حاد في مرحلة ما من العمر بـ 60-90% من الناس، أما نسبة الإصابة بألم رقبي فهي أقل من ذلك بقليل (40-70%). ومع شيوعهما يجد الكثير من الأطباء صعوبة في إتباع نهج صحيح في مقاربة هذه الشكايات.  

ينجم الألم، إما عن تنبيه مستقبلات الألم في النسيج المؤوف، وهو ما يدعى "الألم نسيجي المنشأ" nociceptive pain (وقد يكون المصطلح الأفضل هو "ألم مستقبلات الألم" أو "ألم مستقبلات الوجع" (وهذه هي الترجمة الحرفية) أو "الألم جسدي المنشأ")، وإما عن علة في الألياف العصبية الناقلة لحس الألم في الأعصاب المحيطية أو في السبل الممتدة في الجملة العصبية المركزية، وهذا هو "الألم عصبي المنشأ neurogenic pain". ويشعر بالألم نسيجي المنشأ موضعياً غالباً أو أنه قد ينتشر في توزع جذري بعيداً عن النسيج المؤوف، وهذا هو الألم المحوّل referred pain.    

أولاً- التشريح الوظيفي:

تظهر الأشكال (1-3) العلاقة بين كل من العناصر التي تشكل مجتمعةً العمود الفقري، وهي: الحبل الشوكي والجذور الشوكية والأقراص الفقرية والمفاصل الوجيهية والنسج الرخوة الداعمة للعمود الفقري. ولفهم المتلازمات السريرية المختلفة لا بد للطبيب من إدراك العلاقات التشريحية بينها. فلا غرو أن يؤثر عمل إحداها في وظائف العناصر الأخرى (الأشكال 1-4). فقد يؤدي فتق نواة لبية قرصية إلى أذية نخاعية أو جذرية على سبيل المثال. هناك ثمانية جذور رقبية (وسبع فقرات رقبية؛ فالجذر الأول يعبر إلى القناة الشوكية بين الفقرة الأولى والقحف)، و12 جذراً صدرياً أو ظهرياً (و12 فقرة وقرصاً فقرياً أيضاً)، وخمسة جذور قطنية وخمسة جذور عجزية. وتعصب الجذور العجزية السفلية المصرتين البولية والشرجية، لا أخمص القدمين كما قد يظن خطأ

الشكل (1) رسم لمقطع عرضاني لفقرة رقبية لبيان عناصرها التشريحية. لاحظ أن الجذور هي على مستوى القطعة النخاعية المماثلة تقريباً.

 

الشكل (2) منظر جانبي للعمود القطني. لاحظ قرب الجذور من المفاصل الوجيهية facet joints والأقراص discs. تعرف المفاصل الوجيهية بالمفاصل النواتئية Z-joints = apophyseal = zygapophyseal أيضاً.

 

الشكل (3) منظر خلفي للناحية القطنية العجزية بعد إزالة النواتئ المستعرضة والشوكية للعمود الفقري لإظهار ذيل الفرس وعلاقة الجذور المختلفة بالأقراص.

 

الشكل (4) منظر لفقرة قطنية على مستوى ذيل الفرس.

ثانياً- مقاربة ألم الظهر:

يطلق مصطلح ألم أسفل الظهر low back pain على الألم الذي يشعر به في الخلف بين الحدود السفلية للقوصرة وأسفل الأليتين، في حين يعرف الألم البادي في توزع الجذور القطنية السفلية والعجزية بأسماء كثيرة "كعِرق النَسا وألم النَسا وألم العصب الوَركي sciatica". أما العرج المتقطع عصبي المنشأ فينجم عن تضيق في القناة الفقرية القطنية. ويشعر بالألم والتوخز tingling في أسفل الظهر وطرف سفلي واحد أو في كليهما، يثار بالمشي أو الوقوف، ويزول بالانحناء للأمام أو بالجلوس. ويعتقد أنه ينجم عن نقص في تروية ذيل الفرس أو النخاع المخروطي حين المشي.

قد يكون ألم الظهر حاداً أو تحت الحاد أو مزمناً. فالألم الحاد هو ما يستمر أقل من أربعة أسابيع، أما الألم تحت الحاد فهو الذي يبقى ما بين 8-12 أسبوعاً، ويطلق "المزمن" على ما يدوم أكثر من ثلاثة أشهر.

لألم الظهر أسباب كثيرة، تشمل اختصاصات مختلفة. فمنها ما هو سليم، ومنها ما هو غير ذلك. تستهل المقاربة غالباً بتحري دلائل الخطورة في الحالة وهو ما يدعى بـ "الأعلام الحمر red flags" أو المظاهر المنذرة warning features  ومن ثم، يوجه الاستجواب والفحص والاستقصاءات بحسب ما تقتضيه الحالة (الجدول  1).

1- تحري دلائل الخطورة في الشكوى للتفريق بين ما هو حسن الإنذار وما هو غير ذلك.

2- القصة السريرية والفحص الموجهين، للتفريق بين الألم الموضعي، والألم المترافق باعتلال جذر (أو جذور)، أو باعتلال نخاعي أو بكليهما معاً.

3- انتقاء الاستقصاءات المناسبة وتقدير درجة إلحاحها.  

4- إعطاء العلاج المناسب، ومراقبة تطور الحالة.

(الجدول رقم1) مقاربة الشكاية من ألم الظهر

في الجداول (2 و 3 و 4) ما يُسأل عنه العليل (الجدول 2)، وما يجب تحريه في الفحص الفيزيائي (الجدول 3)، والتشخيص التفريقي لهذا الألم (الجدول 4).

1- وجود قصة رض سابق.

2- نمط البدء والتطور.

3- مقر الألم وانتشاره.

4- أثر تغير الوضعة في شدة الألم.

5- الأعراض العصبية المرافقة (كالضعف وشواش الحس، واضطراب عمل المصرة البولية).

6- سوابق جراحية للعمود الفقري.

7- سوابق الإصابة بالخباثة، أو خمج (كالتدرن أو داء البروسيلات brucellosis)، أو بؤرة تقيحية في مكان أخر من الجسم (كدمل الجلد، على سبيل المثال).

8- علل خلف الصفاق: كأم الدم الأبهرية، وتسلخ الأبهر، وأدواء الكلية والمعثكلة والحوض.

9- عرج متقطع intermittent claudication عصبي المنشأ، يؤدي إلى ألم وشواش الحس وضعف أحياناً، يثار بالمشي والوقوف المديد.

10- خمج حديث، وبخاصة بالبروسيلا والتدرن، أو بالتهاب حوضي.

11- داء استقلابي أو المعالجة المديدة بالستيروئيدات (تسبب تخلخل العظام، وقد تؤدي لانهدام فقري).

(الجدول رقم2) القصة المرضية الموجهة في ألم الظهر

يوجَه الفحص السريري للكشف عما يلي (الجدول 3):

1- معاينة الظهر inspection:

أ - تشنج العضل جانب الفقرات paraspinous .

ب- الارتصاف alignment (الجنف scoliosis ؛ زوال القعس lordosis السوي في الناحيتين الرقبية أو القطنية).

ج - وجود نُقيرة (رصعة) dimple أو ناسور sinus = fistula أو لَمّة شعر hair patch في الباحة القطنية (قد تشير إلى علة خفية تحتها كالشوك المشقوق مع ورم ضمن الحبل الشوكي أو من دونه).

1.      2- الجس لتحري تشنج عضلي أو مضض.

2.      3- قرع السناسن spinous processes (بلطف، لأن قرع فقرة مؤوفة قد يثير ألماً شديداً).

3.      4- تحري حركات العمود الفقري في الاتجاهات الأربعة والدوران أيضاً. لاحظ إثارة الألم وحدوث تشنج. 

4.      5- تقييم حالة الحبل الشوكي وتحري علامات أذية الجذور.

6- مناورات تقييم ألم أسفل الظهر:

أ- مناورة باترك Patrick’s maneuver: يستلقي العليل على ظهره، مع ثني الطرف وتبعيده (ودوران الفخذ نحو الوحشي) قدر المستطاع، بهدف أن يلامس الجانب الوحشي للركبة السرير (وضعة الضفدع). تؤدي هذه الحركة إلى تخفيف حدة الألم الجذري المنشأ، في حين تثير ألم المفصل الوركي .

ب- رفع الساق الممدودة straight leg raising: يستلقي المريض على ظهره، ويضع الفاحص كفه تحت أحد العقبين، ويرفع الطرف الممدود ببطء. يظهر تحدد مؤلم أو نمل، عند وصول الطرف إلى وضعة 30-70 درجة. ويستدل منه على وجود تخريش الجذر. ويتفاقم الألم بالثني الظهري للقدم والطرف بهذه الوضعة. وتدعى هذه المناورة اختبار تمديد العصب الوركي.

تبلغ حساسية هذا الاختبار sensitivity 80٪، ومناوعته (نوعيته) specificity 40٪. أما إثارة الألم في الجانب السليم عند إجراء الاختبار على الجانب المؤوف فلها حساسية 25٪ ومناوعه 75٪.

قد يستدل من الألم المثار في الظهر فقط على فتق قرصي مركزي، غالباً (وليس دائماً). في حين يدل الألم في الطرف على فتق جانبي. ويشعر بالألم في الساق (أي ما دون الركبة) في أذية جذور العصب الوركي.

ج- تمديد العصب الفخذي femoral stretch test: يستلقي المريض بوضعة الكب (الاستلقاء البطني) والطرفان السفليان ممدودان. ثم يطلب منه ثني كل ساق على الفخذ بالتوالي. يسبب هذا ألما في الناحية الأمامية للفخذ في الجانب المؤوف (كما يتفاقم الألم بعد ذلك، ببسط الفخذ على الورك). 

د- متلازمة العضلة كمثرية الشكل pyriformis syndrome: قد تتشنج العضلة فتضغط العصب الوركي المار تحتها، مما يسبب ألماً في الظهر والطرف السفلي. ولتحري هذه المتلازمة، يستلقي المريض على ظهره، مع ثني الركبة. ثم يقوم الطبيب بتقريب الركبة نحو الخط الناصف فوق الفخذ الأخرى، مما يثير ألم العصب الوركي الناجم عن هذه المتلازمة.

هـ- تحري المضض بالجس العميق في الثلمة الوركية sciatic notch  .

5.      7- تحري مَيْل الحوض pelvic tilt: قد يميل الحوض قليلاً، فيرتفع عالياً في الجانب المؤوف، ليخفف من حمل ثقل البدن عليه.  

6.      8- اختبار تحري تضـَيّق ثقوب الانضمام في أذية جذر رقبي:  يقوم العليل بحركة بسط العنق مع إمالته إلى أحد الجانبين. وتؤدي هذه المناورة إلي تضيق ثقوب الانضمام، ومنها، إثارة الألم وشواش الحس في توزع الجذر المؤوف. ويركن إليها في علل الجذور الرقبية.

7.      9- اختبار تمديد العصب الوركي، لتحري انضغاط الجذر ق5 أو ع1(انظر أعلاه)، وتمديد العصب الفخذي  (بالاستلقاء البطني (الكب)، ومن ثم ثني الساق على الفخذ) لتحرى أذية الجذرين ق3 و ق4 المذكورين أعلاه.

8.      10- المس الشرجي والحوضي (في حالات ألم أسفل الظهر).

9.      11- فحص البطن.

12- فحص النبض المحيطي.

(الجدول رقم3) الفحص الفيزيائي لألم الظهر

 

1- شذوذات العمود الفقري الخلقية:

أ- التحام الفقراتfusion of vertebrae :  يصادف هذا النموذج من التشوه في فقرات العنق خاصة، ويشمل عدة فقرات غالباً، ويعرف بـ "تشوه كليبل – فايل" Klippel-Feil deformity: ويؤدي إلى قصر العنق وتحدد مؤلم أو غير مؤلم في حركته. وقد يرافق هذا الشذوذ تشوهات أخرى كوجود فقرة نصفيةhemiverebra   وجنف  scoliosis .

ب- فقرات نصفية: قد يؤدي التحام جزء من الفقرة القطنية الخامسة بعظم العجز (تعجز ق5  (sacralization  إلى ميل العمود الفقري مع حدوث ألم وجنف معاوض. 

ج- انزلاق الفقرات (للأمام) spondylolesthesis : وينجم عن علة خلقية  (أو مكتسبة) في الاستطالة بين وجهي التمفصل interarticular process العلويين للفقرة ق5، مما يؤدي إلى انزلاقها نحو الأمام فوق ع1. وتتجلى الحالة في النصف الثاني من العقد الثاني من العمر، فتتظاهر بألم في أسفل الظهر، وتشنج عضلي، ولاسيما في العضل المأبضي عند المشي بخطى قصيرة غالباً. وقد تتأذى الجذور العجزية، مما قد يستوجب الجراحة.

د- غياب الناتئ سني الشكل odontoid process، مما يؤدي إلى عدم ثبات المفصل الفهقي القذالي. وينجم عن ذلك، ألم في العنق ومظاهر عصبية إذا ما حدث خلع جزئي subluxation .

هـ- انطباع القاعدة basilar impression: تتسطح قاعدة الجمجمة، ويـُدفع بالعمود الرقبي نحو الأعلى، مما يسبب ألماً في العنق وانضغاط الحبل الشوكي مع تأذي الأزواج القحفية السفلية.

و- الجنف scoliosis: يصادف بوجود شذوذ في العمود الفقري كتشوه إحدى الفقرات أو انهدامها؛ أو ورم فقري ولاسيما في سياق الورام الليفي العصبي neurofibromatosis أو التنكسات الشوكية المخيخية spinocerebellar degenerations؛ أو تجوف النخاع (تكهف) syringomyelia؛ أو أحد الأدواء العصبية العضلية. ويشاهد الجنف بوصفه علة مترقية غامضة السبب غالباً. وتشاهد هذه العلة في الإناث خاصة، ولاسيما في الأطفال واليفعان. وتصيب العمود الظهري. وقد تكون شديدة، تستوجب الجراحة.  

2- بعض الأدواء العامة، كـ:

أ- نقص ارتواء الجدار الخلفي للقلب أو احتشائه.

ب- تسليخ الأبهر الصدري أو البطني.

ج- قرحة في الجدار الخلفي للمعدة، وقد تسبب ألماً يشعر به في الظهر في الجانب الأيمن من الصدر. 

د- أدواء المرارة والطرق الصفراوية والمعثكلة (البنكرياس).

هـ- كتل أو نزف خلف الصفاق: وتسبب أعراضاً جذرية بمستوي الآفة أيضاً.

و- أدواء الحوض كالأورام والكتل الأخرى والأخماج. أما انقلاب الرحم للخلف، فلا يسبب ألماً غالباً.

3- تخلخل العظام osteoporosis: تصادف هذه العلة بخاصة في المسنين المعالجين بالستيروئيدات أو المصابين بأدواء غدية أو خباثة تسبب خللاً بين امتصاص الكلسيوم من العظم وإعادة ترسيبه في العظام. ويكون الألم فجائياً، وينجم عن انهدام فقرة أو كسر دقيق فيها. وقد تسبب ألماً مزمناً لحدوث إجهاد في النسج الداعمة، لسوء ارتصاف الفقرات تلو الانهدام.  

4- أدواء خمجية (عدوائية) infectious disease: التهاب العظم والنقي الفقري قليل المصادفة، ويصيب السكريين خاصة. العرض الرئيسي فيه هو ألم متواصل في الظهر يشتد ليلاً ويزداد بالحركة، ويترافق بتشنج العضل جانب الفقري وتيبس حركة العمود الفقري. يتفاقم الألم بقرع السناسن. كما قد ينتشر نحو الأمام، نحو البطن، إذا ما أدى الخمج إلى انهدام فقري وانضغاط الجذرين المتوافقين بخلع جزئيsubluxation. يزداد عدد الكريات البيض في الدم، وترتفع سرعة التثفل. وقد لا يترافق ذلك بالحمى.

يصاب جسم الفقرة في التهاب العظم والنقي بالجراثيم المقيحة pyogenic . في حين يصاب القرص الفقري أولاً (التهاب قرصي)، ثم ينتشر إلى الفقرتين المجاورتين بخمج درني (داء بوت Pott’s disease ) أو بالبروسيللا. كما قد يحث خراج شوكي فوق الجافية إثر الإصابة بخمج حوضي غالباً. ويكون سوء الحالة العامة مظهراً باكراً. تعالج النماذج المختلفة لالتهاب العمود الفقري الخمجية المنشأ بالصادات الملائمة فترة طويلة.

5- الأورام neoplasms: يكون الألم فيها عرضاً رئيسياً، ويشتد باضطراد. وقد يتفاقم فجأة بحدوث انهدام فقري. كما أنه قد يسبب جنفاً. لذا يجب تحري وجود ورم لدى أي شاب، عندما يرافق الألم الجنف. وغالباً ما تكون الأورام في الشباب حميدة.

أ- الورم النقوي المتعدد multiple myeloma أو ورم البلازميات plasmacytoma: وهو من أورام الفقرات الشائعة. يصادف في الذكور ممن تجاوزوا الخمسين من العمر غالباً، وترافقه أعراض عامة كالدعث malaise ونقص الوزن. وترتفع سرعة التثفل ارتفاعاً كبيراً. وقد يرتفع الكلسيوم في الدم دون زيادة  في الفوسفاتاز القلوية. يظهر بروتين بنس جونز Bence Jones (السلاسل الخفيفة) في البول. ويظهر بروتين M في الرحلان الكهربائي لبروتينات الدم. ويبدو في الرحلان المناعي للمصل زيادة في السلسلة الخفيفة للغلوبينات المناعية. 

ب- الأورام النقيلية metastatic: العمود الفقري هو المكان المصطفى للنقائل العظمية. ولا تبين الصور الشعاعية الاعتيادية النقائل إلا في مراحل متقدمة، حين يفقد العظم ما لا يقل عن 30٪ من كتلته. في حين تبدو تلك النقائل جلية باكراً بالومضان العظمي أو بالرنين المغنطيسي. قد تكون النقائل العظمية إما حالّة للعظم (من ورم كلوي كظراني hypernephroma؛ أو ورم الدرقية أو الأمعاء الغليظة أو الرئة) أو بانية للعظم أحياناً من الموثة (البروستاتة) والثدي.

ج- أورام داخل الجافية خارج النخاع intradural extramedullary ، كالورم السحائي الذي ينتقي الناحية الظهرية في الإناث خاصة، أو الورم الليفي العصبي الذي يصيب الناحية الرقبية للذكور.

6- أدواء الكولاجين collagen diseases:

أ- يسبب كل من التهاب الفقرات المقسط ankylosing spondylitis والتهاب المفاصل الروماتوئيدي (الرثياني rheumatoid arthritis  آلاماً شديدة. يصيب الأول منهما الذكور خاصة، فيصيب المفصلين الحرقفيين العجزيين sacroiliac joints  أول الأمر، مسبباً ألماً شديداً في أسفل الظهر. أما الداء الرثياني فإنه أكثر مشاهدة في الإناث، وينتقي أعلى العمود الرقبي، فيؤدي إلى خلع التمفصل الفهقي المحوري atlantoaxial . وقد يتشكل سَبَل التهابي inflammatory pannus  في الناحية الأمامية للحبل الشوكي، فيؤدي إلى انضغاط النخاع.

ب- الداء القرصي التنكسي والتهاب المفاصل الوجيهية degenerative disc disease & arthritis of facet joints: هو من أكثر آلام الظهر مصادفة، يصيب الفقرات الرقبية والقطنية. وينجم عن أذيات رضية متكررة. وقد لا يشعر بالألم على الخط الناصف أو جانب الفقرات فقط، بل أنه قد يحول إلى الناحيتين الأنسية أو الوحشية للورك hip أو إلى الوجه الأمامي للفخذ بإصابة المفاصل الصغيرة القطنية. 

7- ألم المفصل الوركي وألم الجراب الإسكي ischial bursa والجراب المدوري trochanteric: قد ينتشر الألم من هذه المصادر إلى الفخذ والربلة. يزداد ألم المفصل الحرقفي الفخذي بالمشي. في حين يتفاقم ألم التهاب الجراب الحدبي بالاستلقاء على الجانب المؤوف، وبالجلوس في التهاب الجراب الإسكي. لذلك، يجب فحص الورك في حالات ألم أسفل الظهر.

8- الألم النفساني المنشأ: وفيه يكون فحص الظهر سوياً مع غياب علامات تأذي الجذور أو النخاع. وقد تثار الحالة من رض سابق أو من الكآبة.

(الجدول رقم4) التشخيص التفريقي لألم الظهر لا رضي المنشأ

> حالة العمود الفقري وفحص حركاته.

> تحري العلامات الجذرية (الضعف في توزع جذري؛ زوال منعكس الشد الملائم؛ اضطرابات حسية).

> تحري علامات تأذي الحبل الشوكي أو ذيل الفرس.

ثالثاً- داء الفقرات التنكسي spondylosis (= تغيرات العمود الفقري التنكسية degenerative changes of the spine = أو داء الأقراص التنكسي

لألم الظهر أسباب كثيرة (الجدول4)، لا مجال للتفصيل فيها كلها. وسيكتفى بالتعرض لداء الفقرات التنكسي الأكثر شيوعاً. وهو مجموعة من التغيرات تشاهد في أقراص العمود الفقري بتقدم العمر أو لسوء الاستخدام التي تؤدي إلى رضوض بسيطة متكررة. يكون الكثير من هذه الحالات لا عرضياً، يُكشف اتفاقاً عند التصوير لسبب آخر. تشمل التغيرات التنكسية ما يلي:

-1 تنكس الأقراص الفقرية :disc degeneration

إذ تنقص إماهة المادة الهلامية gelatinous في النواة اللبية للأقراص، كما تضعف الحلقة الليفية  annulus fibrosus  المحيطة بها. وتشاهد هذه التغيرات بين 35-70 عاماً من العمر خاصة. فتؤثر تأثيرات سيئة في الصفات الفيزيائية للأقراص، وعملها بوصفها ماصة للصدمات  shock absorber. وتنقص ثخانة القرص لفقد الإماهة، مما يؤدي إلى خلل في علاقة السطوح المفصلية الوجيهية facet joints المتقابلة للمفصل بعضها ببعض، فيؤهب لـ:

-2 اعتلال مفصلي عظمي osteoarthropathy  في سطوح المفصل الوجيهية، ومنها الألم الموضعي أو الألم الجذري أو كلاهما معاً. يتوضع الألم الموضعي في الرقبة أو القطن مع تحدد مؤلم في حركة العمود الفقري وتيبس. كما قد تُضغط الأعصاب الشوكية المارة في الثقوب الفقرية vertebral foramina، ومنها اعتلال الجذور  radiculopathy.

-3 انفتاقات قرصية disc herniation بأشكالها المختلفة:

والفتق هو خروج القرص أو جزء منه (النواة اللبية) من مكانه التشريحي السوي إلى النسج المجاورة. وقد تتمزق الحلقة الليفية أو تبقى سليمة. وللفتق ثلاثة أشكال، تشاهد في صور الرنين المغنطيسي للعمود الفقري: وهي انتفاخ القرص (وهو غير مؤلم)، والتبارز protrusion والانبثاق  extrusion:

أ- انتفاخ القرص :bulge disc هو بروز قرصي مطوق (كفافي)  circumferential ومنتظم، يتجاوز الحدود العظمية لجسم فقرتين متجاورتين (أي للصفيحتين الانتهائيتين end plates العلوية لإحدهما، والسفلية للأخرى).

ب- تبارز قرصي:protrusion disc  هو امتداد قرصي بؤري focal أو لا متناظر asymmetric، يتجاوز حدود الفقرتين المتجاورتين، قاعدته على القرص أعرض من أي بعد آخر للفتق. ويشاهد في الناحية الخلفية الجانبية للقرص غالباً. ولا يسبب ألماً ما لم يضغط النسج العصبية، لكنه يساهم في تضيق القناة الفقرية spinal stenosis.

ج- انبثاق قرصي :disc extrusion ويطلق على التبارز القرصي الشديد، ولكن قاعدته على القرص أقل من أي بعد آخر للفتق؛ أو أن بعضاً من المادة القرصية قد انفصل عن القرص ذاته.

يشعر بالألم الجذري root pain في القطاع الجلدي للجذر المؤوف غالباً، أو في القطاع العضلي أحياناً، أو القطاع الصقلي، نادرا وتؤهب الانفتاقات القرصية المختلفة لتشكل نوابت عظمية.

-4 النوابت العظمية :osteophytes

وهي غير مؤلمة غالباً، ما لم تضغط الجذور العصبية nerve roots أو العصب الشوكي spinal nerve. وقد تساهم في تضيق القناة الفقرية أو الردب الجانبي lateral recess، أو الثقوب الفقرية. وتؤدي إلى مظاهر سريرية إذا ضُغِط النسيج العصبي

قد تضيق النواتئ العظمية الرقبية ثقوبَ النواتئ الشوكية foramen transversarium في الفقرات الرقبية التي يمر فيها الشريانان الفقريان في طريقهما إلى الدماغ. وقد يسبب هذا نقص ارتواء في توزع الدوران الخلفي للدماغ، وخاصة في أثناء حركة بسط العنق. كما قد تسبب النوابت العظمية الضخمة على الحواف الأمامية لأجسام الفقرات الرقبية عسر بلع للمواد الصلبة خاصة

-5 تضخم الرباط الأصفر :ligamentum flavum

وترهله وتكلسه أحياناً؛ تساهم هذه التغيرات في تضيق القناة الفقرية. وتفقد الأربطة الأخرى (الشكل5) مرونتها؛ مما يؤدي إلى خلل في وظيفتها.

الشكل (5) أربطة العمود الفقري.

-6 تضيق القناة المركزية central canal stenosis أو الردب الجانبي :lateral recess stenosis

ويُعرف بأنه زوال اتساع القناة الفقرية، مما يؤدي إلى تعويق حركة الحبل الشوكي أو الجذور ضمن الفقرات فتُضغط. تتضيق القناة نتيجة تضافر عدة تغيرات تنكسية مزمنة تشمل: الانفتاقات القرصية المختلفة ولاسيما الانتفاخ القرصي، وتضخم العنصرين الخلفيين (المفصل الوجيهي والرباط الأصفر)، وتكلس الرباط الأصفر أحياناً، وصغراً نسبياً خلقياً في القناة الفقرية.     

يشاهد تضيق القناة في أي مكان من العمود الفقري ولاسيما في الناحيتين القطنية والرقبية. وعلى نحو عام يوصف التضيق بـ "الشديد" إذا كانت المساحة المستعرضة للكيس السحائي في المكان المؤوف أقل من 0.7سم2، و"متوسط الشدة" بين 0.7- 1سم2، ومن الناحية العملية، يقاس القطر الأمامي الخلفي للقناة لتقدير شدة التضيق (الجدول 5).

تضيق قناة (عرضي)

تضيق قناة نسبي (قد يسبب أعراضاً)

القطر الأمامي الخلفي السوي

المستوى

أقل من 10 مم

10-13مم

17-18 مم

(في ر3-ر5)

 

12-14 مم

(في الفقرات السفلية)

الفقرات الرقبية

أقل من 10 مم

10-13

12-14 مم

الفقرات الظهرية

أقل من 10 مم

(المساحة: أقل من 0.7 سم2)

13-10

(المساحة: 1-0.7 سم2)

15-27 مم

(المساحة: 1.45 سم2)

الفقرات القطنية

(الجدول رقم5) أقطار القناة الفقرية 

يتظاهر تضيق القناة الفقرية القطنية بألم في أسفل الظهر مع ضعف وخدر وألم وبطلان الحس في الطرفين السفليين غالباً، أو في أحدهما. تزول الأعراض بالجلوس أو الانحناء نحو الأمام. ويُثار الألم بالمشي، ويمتد في الطرفين السفليين بمتابعة السير؛ فيضطر العليل إلى التوقف والانحناء إلى الأمام، أو الجلوس. ويجد بعضهم الراحة بالمشي منحنياً أو بالمشي مستنداً إلى مُمَشٍّ (قفص المشي) walker أو إلى عربة التسوق على سبيل المثال. فالانحناء نحو الأمام يزيد القطر الأمامي الخلفي للقناة الفقرية والثقوب الفقرية، وينقصه: الوقوف السوي والانحناء نحو الخلف. ويرافق معظمَ حالات تضيق القناة الفقرية تضيقُ الثقوب الفقرية أو الردب الجانبي أو الاثنان معاً.

تتفاقم الأعراض تدريجياً، لتفاقم التغيرات التنكسية بمرور الزمن،  فيتزايد ضعف الطرفين السفليين، وتبطل منعكسات الشد، وتضعف السيطرة على المصرتين، وتضطرب الوظيفة الجنسية (بسبب تأذي ذيل الفرس المزمن والمطرد) ما لم يعالج تضيق القناة جراحياً.   

أما تضيق القناة الفقرية الرقبية فيؤدي إلى اعتلال النخاع الرقبي cervical myelopathy، وسيأتي ذكره لاحقاً

-7 الجنف التنكسي :degenerative scoliosis ينجم عن تنكس لا متناظر في البنى التشريحية  الشوكية، يسببه تخلخل العظام، أو تنكس الأقراص، أو كسر انضغاطي في أجسام الفقرات، أو اجتماع أكثر من سبب ولاسيما في الناحية القطنية. يقاس الجنف بالدرجات degrees. يوصف بـ "الخفيف" إذا لم تتجاوز شدته 30 درجة؛ وبـ "الشديد" إذا تجاوز 60 درجة، ويؤدي إلى تشوه شكل العمود الفقري، وتغير العلاقات التشريحية بعضها ببعض ومنها الألم. ويعالج الجنف باستعمال مشد ملائم أو بالجراحة بحسب شدته.   

-8 الانزلاق الفقري تنكسي المنشأ :degenerative spondylolisthesis للانزلاق أسباب متعددة (الجدول 6)، ويشاهد خاصة في أسفل العمود القطني، وفي العمود الرقبي أحياناً

1- ولادي المنشأ congenital .

2- تنكسي المنشأ في الأقراص.

3- كسر برزخي isthmic رضي المنشأ وغير ملتئم. يشاهد في الشباب،  نتيجة ممارسة رياضات عنيفة.

4- كسر بسبب علة مرضية في العظم (كتخلخل العظام، أو خمج، أو ورم).

5- تلو الجراحة.

(الجدول رقم6) أسباب الانزلاق الفقري

وأكثرها مصادفة الانزلاق الفقري التنكسي، وهو ينجم عن خلل في وظيفة القرص المؤوف، إذ ينزلق العمود الفقري فوقه إلى الأمام على فقرة تحته، ويسبب هذا شداً للأربطة الفقرية، ومنه الألم الذي ينتشر إلى إحدى الفخذين أو إلى كلتيهما، ولكن من دون أن تتحدد حركة العمود الفقري، أو حركة رفع الساق الممدودة. وقد يضغط الانزلاق جذراً ويؤدي إلى ألم العصب الوركي الصريح على سبيل المثال

يعالج الانزلاق الفقري عرضياً بالمسكنات المضادة للالتهاب والوذمة، وبتمنطق مشد قطني عجزي فترة قصيرة الأمد (لحين زوال الألم)، وبالتمارين الرياضية بعد زوال الألم لتقوية عضل الظهر. ويراقب الانزلاق بالصور الشعاعية البسيطة للكشف عن التفاقم. ولا يركن إلى العلاج الجراحي غالباً، إلا إذا كان الانزلاق شديداً يصل إلى 50% أو يفوقها.

رابعاً- في بعض حالات ألم أسفل الظهر:

لألم أسفل الظهر والعنق نماذج مختلفة. ويقسم إلى النماذج التالية:

- 1الألم الموضعي في الفقرات أو جانب الفقرات، البسيط منه أو المعقد.

-2 الألم الذي يرافقه ألم جذري (ألم عصبي المنشأ neurogenic pain أو ألم محول من نسج أخرى referred pain).

-3 الألم الذي يرافقه أذية نخاعية أو متلازمة تضيق القناة (القطنية أو الرقبية).

ونكتفي بالبحث في النموذج الأول من ألم الظهر والعنق.

-1 ألم الظهر اللانوعي، الحاد :acute nonspecific back pain

معظم حالات ألم العمود الفقري غير نوعية (في 93% من الحالات)، ولا شأن مرضياً لها على الرغم مما قد تسببه من مراضة؛ وتتصف بما هو في الجدول (7).

1- عمر المريض 50 عاماً أو أقل.

2- لا ترافقه أعراض جهازية.

3- لا يوجد سوابق إصابة بالسرطان.

4- لا ترافقه نقيصة عصبية بالفحص السريري.

(الجدول رقم7) الصفات السريرية لألم الظهر اللانوعي (غير المترافق بألم العصب الوركي، أو بتضيق القناة الشوكية).

ومما يعرّض للإصابة بها: الإجهاد المتكرر، والوضعات الخاطئة في الوقوف والجلوس، شأن ما يشاهد في الحِرَف التي تتطلب من صاحبها رفع أثقال وهو بوضعة الانحناء للأمام مع الالتواء. كما يؤهب لها التعرض طويل الأمد للاهتزازات المتكررة، شأن الحال في قيادة الآليات ولاسيما الثقيلة منها. ويحدث الكثير منهامن  دون سبب أو علة مؤهبة وهو ما يطلق عليه المصطلح الغامض "ألم اللفافات العضلية myofascial pain "، ويعتقد أنه ينجم عن إجهاد الأربطة والعضل الصغير في الظهر على سبيل المثال. وقد يكون هناك تغيرات خفيفة في الأقراص أو المفاصل الوجيهية. ويعاني 4% من المرضى ألماً قطنياً مع انتشار جذري؛ ويصاب 3% منهم بمظاهر لتضيق القناة الفقرية.

لا تتطلب حالات الآلام الظهرية اللانوعية البسيطة (الجدول7) إجراء استقصاءات طبية خاصة، إذ يزول الألم في 80-90% منها في أيام قليلة، قد تمتد في القلة إلى 4-6 أسابيع مهما كانت الطريقة المتبعة في المعالجة. وهي تقليدياً: المسكنات والراحة عدة أيام. ولم تثبت فائدة الاستلقاء المديد على فراش قاسٍ، ولا المعالجة بالستيروئيدات في تسريع الشفاء؛ وهذا ما دعا كثيراً من الأطباء إلى نصح الكثير من مرضاهم بالاستمرار في نشاطهم اليومي الاعتيادي قدر المستطاع مع تجنب الحركات التي تفاقم الألم، وبتناول المسكنات بانتظام عدة أيام (لا بحسب الحاجة)، ومن دون اللجوء إلى الراحة المطلقة.

أما إذا استمرت الأعراض أكثر من 4-6 أسابيع، أو ظهرت أعراض أخرى فيجب التعامل مع الحالة على أنها ألم ظهري معقد، أو ألم ظهري لا نوعي كما سيرد. وبعد الشفاء ينصح العليل بالتمارين الرياضية الصحية المنتظمة، وبتجنب حركة لي الظهر اتقاءً للنكس.

-2 ألم الظهر المعقد

أما إذا كان ألم الظهر معقداً  complicated (الجدول 8) - أي عرضاً لعلة ذات شأن سريري - فيجب حينئذٍ إجراء الاستقصاءات اللازمة في مرحلة باكرة (الجدول 9).

1- الألم خلسي البدء، ويتفاقم في أيام أو أسابيع.

2- الألم مستمر لا تخف شدته بالاستلقاء أو بالراحة.

3- ألم أسفل الظهر الذي ينتشر إلى الناحية الخلفية للصدر.

4- ضعف عضلي في الطرف السفلي.

5- خدر أو وخز في السرج أو في الطرف السفلي.

6- المعالجة طويلة الأمد بالستيروئيدات.

7- وجود مظاهر لالتهاب مفاصل فقرية (كالتهاب الفقرات المقسط):

أ- ألم يشتد في النصف الثاني من الليل أو عند الاستيقاظ.

ب- تيبس صباحي (إضافة إلى الألم) عند الاستيقاظ، يستمر أكثر من نصف ساعة.

ج- يخف الألم بالنشاط الجسدي (أي لا يتفاقم، كما يحدث في سواها من الحالات).

8- وجود مظاهر قد تدل على متلازمة ذيل الفرس (إضافة إلى ألم الظهر):

أ- ألم ينتشر إلى الطرفين السفليين (على نحو غير متناظر غالباً).

ب- خدر في منطقة العجان وحول الشرج.

ج- أعراض بولية: كزوال حس امتلاء المثانة، والسلس البولي، وبطلان حس اندفاع البول في أثناء تفريغ  المثانة.

د- عدم استمساك المصرة الشرجية.

9- دلائل قد تشير إلى انهدام فقري:

أ- ألم ظهري تلو سقوط أو حادث سير.

ب- ألم ظهري تلو رض خفيف لدى من يعاني تخلخل العظام.

10- دلائل قد تشير إلى وجود خمج أو نقائل ورم في العظم:

أ- البدء بعد الخمسين عاماً من العمر، أو قبل العشرين.

ب- ألألم الذي يستمر بالاستلقاء ويحول دون النوم، أو يوقظ المريض من النوم.

ج- وجود مظاهر جسدية أو سوابق مرضية أخرى:

·         سوابق لإصابة بخباثة.

·         أعراض جهازية كالحمى، ونقص وزن غير معلل، وتعرق ليلي غزير.

·         إدمان المخدرات.

·      نقص مناعة مكتسب (بما فيها الأيدز وHIV؛ أو نقص مناعة علاجي المنشأ iatrogenic (بما فيها المعالجة طويلة الأمد بالستيروئيدات) ؛ أو الإصابة بالسكري.

(الجدول رقم8) ألم الظهر المعقد

 

1- صور شعاعيه بسيطة.

2- ومضان عظام، ولاسيما للألم غير الرضي المنشأ، المضطرد السير. 

3- سرعة التثفل مع تعداد عام؛ تقييم لأدواء الغراء؛ كالسيوم الدم والفسفتاز القلوية؛ PSA والفسفتاز الحامضة موثية المنشأ (في الذكور)؛ سكر الدم؛ حمض اليوريك  uric acid؛ الرحلان الكهربائي للبروتبنات في المصل؛ الرحلان المناعي إن لزم.

4- فحص البول العام، رحلان مناعي للبول (للمتقدمين في العمر).

5- دراسة قلبية أو هضمية أو حوضية لحالات خاصة.

6- CT أو MRI  للعمود الفقري.

(الجدول رقم9) ما قد يجرى من فحوص واستقصاءات لحالات ألم الظهر

-3 ألم الظهر اللانوعي المزمن (أو الثابت (persistent:

يطلق مصطلح "المزمن" على الألم اللانوعي الذي يستمر أكثر من ستة أسابيع. ويكون في معظم الحالات خفيفاً أو متوسط الشدة، تتخلله سورات غير منتظمة التواتر من الألم الشديد.

تجرى الاستقصاءات اللازمة المذكورة أعلاه لهذه الحالات، وتعالج عرضياً بوصفها ألماً حاداً. ويفيد فيها مضادات الكآبة ثلاثية الحلقة (التي لها فعل مسكن للألم عصبي المنشأ، إضافة إلى فعلها في تحسين المزاج)، والمعالجة الفزيائية (من تمارين، ومعالجة يدوية، والوخز بالإبر) ومعالجة سلوكية. وحين الإخفاق، قد يحتاج الأمر إلى مشورة اختصاصي في طب الألم أو في الجراحة.  

-4 التهاب القرص :discitis

التهاب القرص حالة التهابية خمجية غالباً، تصيب الأطفال خاصة، بين الأعمار 2-7 سنوات، كما تصيب الشباب والكهول. ولكن يندر مشاهدتها في المسنين، وقد يكون ذلك بسبب تغير في خصائص الأقراص الفيزيائية والكيميائية، وبسبب الإنتان sepsis، أو إدخال عقاقير إلى الحيز خارج الجافية، أو الجراحة في العمود الفقري أو في الحوض أو في الأمعاء. وقد تحدث تلو رض الظهر أو من دون سبب ظاهر نادراً. ومما يؤهب لها وجود التثبيط المناعي (بما في ذلك الداء السكري والسرطان).

قد ينتشر الالتهاب من القرص إلى الجانب الموافق لكل من الفقرتين الملاصقتين، ثم يمتد إلى الحيز خارج الجافية، وإلى النسج الرخوة جانب الفقرات مشكلاً خراجاً، ومظاهر عصبية شاذة. ومن الجراثيم المسببة، المكورات العنقودية staphylococci، والسالمونيلا salmonella، وعصيات التدرن، والبروسيلا brucella.

يتجلى التهاب القرص بألم شديد في الظهر مع الحمى، وعلامات لأذية عصبية مرافقة قد تكون جذرية أو سحائية أو نخاعية. وترتفع سرعة تثفل الدم والبروتين المتفاعل c/CRP. ويظهر بالتصوير بالرنين المغنطيسي - وهو التصوير المفضل لهذه الحالات - أذية القرص وجزء مما يجاوره من كل من الفقرتين الملاصقتين. وقد يحتاج الأمر إلى إجراء خزعة موجهة عبر الجلد للوصول إلى تحديد الجرثومة المسببة وانتقاء ما يناسبها من صادات، تعطى فترة طويلة. وقد يتطلب حدوث خراجٍ الجراحة. الإنذار جيد غالباً.

خامساً- ألم العنق:

-1 مقاربة العنق وتدبيره:

تنطبق مقاربة ألم أسفل الظهر سالفة الذكر على ألم العنق غالباً، مع بعض التعديلات: يفرز المرضى إلى خمس زمر بحسب المظاهر السريرية (الجدول10):

1- ألم مع تحدد في حركة العمود الرقبي الجانبية خاصة: ألم لا نوعي؛ ينجم عن:

أ- اضطرب لا نوعي في الأربطة أو المفاصل الصغيرة أو العضل غالباً. ويتصف بـ :

·         عمر المريض أقل من 50 سنة.

·         أمد الألم أقل من 12 أسبوعاً.

·         تحدد في حركة العمود الفقري الرقبي.

·         حركة العنق تفاقم الألم.

·         غياب مظاهر جهازية أو خباثة أو رض.

ب- وثي العنق neck sprain، بما في ذلك أذية فرط الثني والبسط في حوادث السيارات التي تعرف بمصع الرقبة whiplash injury.

2- ألم بدون تحدد في حركة العنق، وحركة العنق لا تفاقم الألم. ينجم عن:

أ- ألم محول.

ب- غير عضوي المنشأ.

3- ألم مع انتشار جذري إلى الطرف العلوي؛ وينجم عن:

أ- تضيق في الثقوب (قد يزمن).

ب- فتق قرصي. (ألم حاد غالباً).

ويتصف بـ :

·         ألم على شكل شريط ضيق في الطرف العلوي، يتفاقم بحركة العنق، وبمناورة فالسلفا.

·         تحدد مؤلم في حركة الرقبة.

·         قد يكون هناك ألم في الكتف، لكن حركة الكتف غير مؤلمة.

·         قد يكون هناك وخز أو خدر أو ضعف في الطرف العلوي  الموافق.

·         تظهر الصور الطبية تضيقاً في الثقوب أو فتقاً قرصياً.

4- ألم مع صداع. يكون الألم في أعلى العنق غالباً؛ ويشاهد في:

أ- الشقيقة.

ب- الصداع التوتري.

ج- علة فقرية رقبية موضعية.

5- ألم مع حركات لا إرادية:

أ- خلل التوتر (سوء الوتار) الرقبي cervical dystonia  أو الإجل التشنجي = الصَعَر spasmodic torticollis). ويتصف بـ :

·           البدء الخلسي في العقد الخامس من العمر، ويتفاقم لمدة تصل إلى خمس سنوات.

·           يستقر بعد ذلك، فيتوقف عن التفاقم،  أو أنه قد يشمل قطعاً أخرى من الجسم في ثلث الحالات.

·           يصيب الإناث أكثر من الذكور.

·           يتظاهر بدوران الرأس في المحور الأفقي (الإجل التشنجي) في 80٪ من الحالات أو حول محاور أخرى.

·           ينجم الإجل عن فرط نشاط العضلة الخشائية الترقوية المقابلة، والعضلة الطاحلة الرأسية (= العُصابة) الرأسية الموافقة splenius capitis.

·           قد يخفف تواتر الإجل، لمسُ مؤخر الرأس أو الخد أو الصدغ.

·           يرافقه ألم حين ضغط الأعصاب الشوكية.

·           قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تنكس فقري، أو اعتلال النخاع الرقبي أحياناً.

ب- العرة tic: وهي حركات شبه لا إرادية:

·           تشاهد في 1-10٪ من الأطفال، ولاسيما في عمر 6 سنوات وما بعده.

·           تتفاوت في الشدة والتواتر.

·           قد تترافق بعرات أخرى.

·           لا تستمر بعد الثلاثين غالباً.

·           تتصف بثلاثة صفات تميزها من كافة الحركات اللاإرادية الأخرى (بما فيها الرمع العضلي myoclonus ):

o           سهولة التأثر بالإيحاء (كالكلام مع المريض عنها، أو نهره).

o           قابليتها للكبح المؤقت إرادياً.

o        يسبق حدوثها مباشرة، شعورٌ ملح غير مريح بوجوب إثارتها للحصول على الراحة. ولا تترافق بألم صريح إلا بحدوث تغيرات تنكسية فقرية، بالإزمان.  

(الجدول رقم10) ألم العنق وما قد يرافقه من مظاهر أخرى

أ- ألم مع تحدد في حركة العمود الرقبي الجانبية خاصة.

ب- ألم من دون تحدد في حركة العنق.

ج- ألم مع انتشار جذري إلى الطرف العلوي.

د- ألم مع صداع.

هـ- ألم مع حركات لا إرادية في العنق.

أما أكثر أسباب ألم العنق مصادفة فتبدو مبينة في الجدول (11):

1- إجهاد عضل الرقبة  muscle strain أو التوتر tension  بسبب سوء العادات الجلوسية طويلة الأمد.

2- رضوض العنق، مع أذية فقرية و نخاعية أو من دونها.

3- التشوهات الفقرية الخلقية.

4- فتق نواة لبية.

5- التهاب العظم والمفاصل osteoarthritis.

6- التهاب المفاصل: كالتهاب المفاصل الروماتوئيدي (الرثياني) والتهاب الفقرات المقسط ankylosing spondylitis.

(الجدول رقم11) أكثر أسباب ألم العنق مصادفة

المعالجة التقليدية لألم الرقبة هي بوجه عام: الراحة، والتثبيت المؤقت temporary immobilization، والعلاج الدوائي العرضي والمعالجة الفزيائية. وقد يحتاج القلة من المرضى إلى الجراحة أو علاجات أخرى خاصة بحسب سبب العلة.

-2 اعتلال النخاع الرقبي cervical myelopathy (من منشأ تنكس فقري):

يستحق اعتلال النخاع الرقبي تذكيراً خاصاً به لأهميته السريرية؛ فقد تختلف مظاهره من حالة إلى أخرى. ويجب تذكر هذه العلة كلما شكا مُسِن اضطراب المشية ذات البدء الحاد أو تحت الحاد أو المزمن (عدة سنوات)، مضطردة السير.

يشكو المريض "تيبس الأصابع وفقد مرونتها"، يتعذر معها أداء الحركات أو الأعمال الدقيقة التي تتطلب مهارة اليد والأصابع (العاثورية clumsiness)، مع زوال بعض منعكسات الشد بحسب القطعة النخاعية المؤوفة. كما قد يشكو ثقلاً في الطرفين السفليين لتأذي السبيلين الهرميين. ويعاني أقل من نصف المرضى ألماً كليلاً في العنق والكتفين، مع تحدد مؤلم في حركة العنق الجانبية خاصة. ويرافق الحالة ألم جذري في ثلث الحالات. أما الأعراض البولية فطفيفة، وتقتصر على إلحاح التبول urgency وتردده hesitancy، ولكن من دون حدوث عدم استمساك المصرتين.

يؤكد التشخيص بالتصوير بالرنين المغنطيسي الذي يظهر تغيرات اعتلال نخاع موضع قبالة قرص رقبي، مع تضيق شديد في القناة الفقرية (الجدول 5). وتعالج الحالات جراحيا للحفاظ على ما لم يفقد من وظائف نخاعية.  

 

 

 


التصنيف : الجهاز العصبي
النوع : الجهاز العصبي
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 153
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1081
الكل : 40522748
اليوم : 52563