logo

logo

logo

logo

logo

أورام الرأس والعنق

اورام راس وعنق

head and neck tumors - tumeurs de la tête et du cou



 أورام الرأس والعنق

 

نضال أسطفان

أورام الغدد اللعابية
أورام الغدة الدرقية
عقد العنق الانتقالية المجهولة المنشأ
 

 

تشمل أورام الرأس والعنق head and neck tumors الأورام شائكة الخلايا في البلعوم والحنجرة والجيوب الفكية والغربالية والشفة وجوف الفم والغدد اللعابية في الرأس. وأورام الغدة الدرقية والعقد اللمفاوية الانتقالية المجهولة المنشأ في العنق.

تتشابه الأورام شائكة الخلايا في معظم أمورها، مع مراعاة خصوصية التوضع التشريحي طبعاً، ومع بعض الاختلاف في أورام البلعوم الأنفي والغدد اللعابية التي ستشرح في حينه.

الشكل (1) شكل ترسيمي للرأس والعنق

الوبائيات:

تؤلف أورام الرأس والعنق نحو 3% من مجموع الأورام، ثلثها في النساء، يحدث معظمها فوق سن الأربعين ما عدا أورام الغدد اللعابية والبلعوم الأنفي التي تحدث في سن مبكرة. يعد التدخين بأشكاله والكحول من العوامل المسببة، كما أن لهما تأثيراً تآزرياً بعضها مع بعض.

لبعض الڤيروسات شأن في نشوء بعض أورام الرأس والعنق مثل ڤيروس الورم الحليمي البشري human papilloma virus (HPV) في أورام البلعوم الفموي عند صغار السن، وڤيروس ايبشتاين- بار Epstein- Barr في أورام البلعوم الأنفي.

 وأظهرت الدراسات الحديثة علاقة الجينات والواسمات الجزيئية molecular markers   بهذه الأورام.

الانتشار:

الانتقالات البعيدة غير شائعة حين تشخيص المرض بل تحدث متأخرة في سيره الطبيعي. الانتقالات الأكثر شيوعاً هي إلى العقد اللمفاوية الرقبية التي تنتظم في خمسة مستويات.

- المستوى الأول (I): يشمل العقد تحت الذقن وتحت الفك.

- المستويات 2-4 (IV-II): تشمل عقد الوداجي الباطن الداخلية.

- المستوى الخامس (V): يشمل المثلث الخلفي.

ومن مكان العقد الرقبية المصابة يمكن توقع مكان الورم الأولي، فمثلاً أورام الشفة وحول الفم تنتقل مبدئياً إلى المستوى الأول في حين تميل أورام الحنجرة والبلعوم للانتشار إلى المستويين 2 و3.

التشريح المرضي:

تنشأ معظم الأورام من النسيج الظهاري epithelium وتكون على شكل كارسينومات حرشفية الخلايا أو أحد أنواعها مثل الأورام الظهارية اللمفاوية lymphoepithelioma كارسينوما مغزلية الخلايا spindle cell أو الكارسينوما غير المتمايزة undifferentiated.

وتؤلف أورام الغدد اللعابية وغيرها من الأورام الخبيثة والسليمة بقية الأورام.

تحديد المرحلة :(staging) 

تُعتمد التصنيفات المعروفة مثل TNM وAJCC، وهي تعتمد على حجم الورم الأولي والانتقالات العقدية الناحية والانتقالات البعيدة وذلك بعد الفحص السريري والفحوص المخبرية والشعاعية اللازمة لتقييم الحالة.

فتحديد المرحلة حين التشخيص هو أهم عامل لمعرفة الإنذار وتحديد متوسط مدة البقيا median survival . تعني المرحلة 1 و2 وجود ورم أولي صغير نسبياً من دون انتقالات عقدية، وتعني المراحل 3 و4 أوراماً أولية كبيرة قد تجتاح النسج المجاورة أو تنتقل إلى العقد الناحيِة. إجمالاً معدل البقيا في المراحل 3 و4 هو نصف ما هو في المراحل 1 و2.

المعالجة والتدبير: 

المعالجة معقدة على نحو عام، فمكان الورم وامتداده والتشريح المرضي وحالة المريض العامة تحدد العمل الجراحي المناسب ونوعية المعالجة الشعاعية وكيفيتها والمعالجة الكيميائية.

إن المعالجة الجراحية والشعاعية هي الطرق العلاجية الشافية الوحيدة التي تستطب في المراحل الأولى (1 و2)، وتقدر بنحو 40% من الحالات. أما المعالجة الكيميائية فهي غير شافية بذاتها، لكنها قد تعزز تأثير المعالجة الشعاعية حين إعطائها بالمشاركة في الحالات المتقدمة (3 و4)، كما تستعمل بوصفها معالجة ملطفة حين النكس وفي النقائل البعيدة وهي تقدر بنحو 60% من الحالات.

يتطلب وضع خطة المعالجة وتدبير العقابيل الحادثة بعدها جهود جميع المختصين والخبراء في المعالجات المختلفة وتأهيل المريض للعودة إلى حياة أقرب ما تكون إلى الطبيعية.

1- الجراحة:

إن قابلية إجراء الجراحة لأورام الرأس والعنق أو عدم قابليتها غير واضحة الحدود، فخبرة الجراحين والدعم المقدم لهم من قبل أطباء الترميم والمعالجين الفيزيائيين ومختصي التعويضات تؤثر كثيراً في الاستطباب. كما أن هنالك حالات يرفض فيها المريض الجراحة أو يختار طريقة أخرى (معالجة إشعاعية + كيميائية) حين توافرها وبنتائج مماثلة للجراحة.

بعد استئصال الورم الأولي على الجراح أن يقرر إذا كان هنالك ضرورة لإجراء تجريف عنق ونوعه ويتوقف هذا على مواصفات الورم الأولي والتشريح المرضي ووجود عقد رقبية سريرياً. يكون التجريف إما جذرياً radical وإما معدلاً modified وإما انتقائياً selective، ويعتمد ذلك على مكان العقد الانتقالية المتوقعة، أما حين وجود عقد سريرية فيجب أن يكون التجريف جذرياً. كما يجرى تجريف العنق بعد المعالجة الشعاعية لعقد كبيرة سريرياً حين بقاء قسم منها بعد المعالجة.

تستطب المعالجة الداعمة (المساعدة) adjuvant حين وجود ارتشاح ورمي خارج العقد اللمفاوية أو حواف استئصال غير حرة أو عقد لمفاوية مصابة أو ارتشاح وعائي لمفاوي أو حول الأعصاب وذلك بإجراء معالجة إشعاعية كيميائية بعد الجراحة.

الشكل (2) التخطيط الشعاعي عند مريض
مصاب بورم في الحنجرة
الشكل (3)
جهاز المعالجة الإشعاعية ثلاثية الأبعاد

2- المعالجة الإشعاعية:

الطريقة المثلى في المعالجة الإشعاعية هي إعطاء الجرعة الشعاعية العظمى المطلوبة ضمن الهدف (الورم وامتداده)، وأقل ما يمكن من الأشعة خارج الهدف وذلك للحفاظ على سلامة النسج الطبيعية المجاورة ولاسيما الحساسة منها مثل العين والنخاع الشوكي في معالجة أورام الرأس والعنق.

المعالجة الإشعاعية هنا معقدة جداً وتحتاج إلى فريق متكامل وخبير بجميع أفراده لإنجاز علاج جيد. يضم هذا الفريق الطبيب المعالِج الذي عليه أن يحدد الهدف المعالَج والأعضاء الحساسة وتفاصيل الجرعة الشعاعية، والفيزيائي الطبي الذي عليه أن يساعد في تحديد ساحات المعالجة ونوعية الأشعة، مع الطبيب طبعاً، ومختص غرفة الحمايات والقوالب وذلك لصنع الأقنعة التي تحفظ المريض ثابتاً في أثناء المعالجة لإعطائها يومياً بالوضعية نفسها وكذلك لحماية الأماكن الحساسة، وأخيراً الفنيين العاملين على أجهزة المعالجة الإشعاعية لتنفيذ كل ما سبق بالاستعانة بتقنيات الحاسوب الحديثة.

كذلك  يجب التنويه بأهمية استعمال الأجهزة الحديثة المتطورة كالمسرعات الخطية وأنواع الأشعة المختلفة لإعطائها بالعمق أو على سطح الجلد بحسب الحالة، وتوافر طرق حديثة للمعالجة مثل المعالجة الثلاثية الأبعاد والـ IMRT.

تكون المعالجة الإشعاعية إما أولية وإما متممة بعد الجراحة مع المشاركة بالعلاج الكيميائي أو من دون ذلك، وذلك طبعاً بحسب موضع الورم الأولي ومواصفاته وظروف المريض السريرية وطرائق المعالجة المتبعة في المركز المعالِج إذ إن هناك خلافات أو فوارق في الممارسة بين المدارس المختلفة باختلاف الدول أو ضمن الدولة الواحدة ومؤسساتها المختلفة.

تستطب المعالجة الإشعاعية بعد الجراحة اعتماداً على مرحلة الورم والتشريح المرضي والمعطيات المتوافرة بعد الجراحة. عموماً يكون ذلك في حالات الخطورة القليلة التي تشمل عقداً مصابة من دون اختراق المحفظة، أو ارتشاحاً وعائياً لمفاوياً أو حول الأعصاب.

عملياً بعد تقييم حالة المريض على نحو كامل يصنع له قناع من اللدائن وذلك لتثبيت الرأس في الوضع المناسب طوال فترة العلاج، ولتجنب وضع علامات على جلد الرأس. ثم يجرى له دراسة على المحاكي (المشباه) simulator وجهاز التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالمرنان مع نقل المعلومات إلى جهاز خاص لرسم المعالجة وتنظيمها بالطرق الحديثة ومن ثم نقل المعلومات كاملة بعد تحديد كل المعطيات إلى جهاز المعالجة (المسرع الخطي) حيث يتم تنفيذ العلاج بالشكل الدقيق كل مرة.

تقوم المعالجة المدرسية على إعطاء خمس جلسات أسبوعياً وبمعدل 1.8-2 غراي يومياً، ويبلغ مجموع المعالجة 70 غراي أو أكثر أحياناً للورم الأولي في حين يعطى لمعالجة العنق الداعمة 50 غراي، وتحدث حين تجاوز الجرعة 75 غراي مضاعفات خطرة في النسج السليمة لذلك لا تتعدى معظم المراكز 70 غراي.

استخدمت طرائق حديثة ومختلفة في العلاج مثل إعطاء أكثر من جرعة شعاعية يومياً  hyperfractionation (أكثر من 10 غراي أسبوعياً) اعتماداً على الخاصية البيولوجية القائلة بسرعة تكاثر الورم وقدرة النسج السليمة على الترميم على نحو أفضل، إذ أظهرت بعض الدراسات تحسن النتائج الموضعية بهذه الطريقة من دون زيادة في العقابيل المتأخرة للمعالجة ولكن ما زالت هذه الطريقة قيد البحث والدراسة.

كما تحسنت طرائق المعالجة أخيراً باستعمال أساليب جديدة في تطبيق العلاج الإشعاعي مثل معالجة ثلاثية الأبعاد المطابقة للورم  (s3-dimensional conformal (radiotherapy التي تعتمد على توجيه الحزم الشعاعية من أماكن متعددة بحيث تتركز الجرعة الكبيرة في الهدف مع إعطاء جرعة قليلة في النسج السليمة المجاورة.

كذلك استخدام طريقة المعالجة الإشعاعية متبدلة الشدة الـ intensity modulated RT (IMRT) التي تعتمد على اختلاف شدة الحزم الشعاعية ضمن الساحة المعالَجة لتكون الجرعة أكثر تركيزاً وتجانساً داخل الورم وتكون أقل ما يمكن خارج الورم وتكون حماية الأعضاء الحساسة أكبر.

الشكل (4) المخطط العلاجي بـ IMRT (المعالجة الإشعاعية متبدلة الشدة) وتوزع الجرعة النسيجية
dose volume histogram (DVM)s في الورم القحفي البلعومي

 

 يتميز زرع المواد المشعة مثل (السيزيوم، والإيريديوم، والذهب) في الورم بخاصية إعطاء جرعة عالية جداً من الأشعة داخل الورم مع عدم إعطاء أشعة في النسج المجاورة، ولكن استعمال هذه الطريقة قلَّ في السنوات الأخيرة نظراً للنجاح الذي تحقق في المعالجات الأخرى (الإشعاعية والكيميائية) ونظرا لتعرض الجهاز الطبي والتمريضي لخطورة الأشعة في أثناء التطبيق ولكن لا يزال لهذه المعالجة شأن في أورام الشفة، والفم واللسان، والبلعوم الفموي حيث تحتاج كل هذه إلى جرعة عالية لا تتحملها النسج المجاورة على نحو جيد. ونظراً لقلة استعمال هذه الطريقة فقد قلت الخبرة في تطبيقها وكذلك قلت الأجهزة المستعملة فيها.

التأثيرات الجانبية للمعالجة الشعاعية وتدبيرها: ترافق المعالجة الإشعاعية في الرأس والعنق مجموعة من المشاكل المتعلقة بصحة جوف الفم نظراً لتعرض الغدد اللعابية ومخاطية جوف الفم والفكين للأشعة.

الشكل (5)
إحدى التأثيرات الجانبية للمعالجة الإشعاعية
(التهاب اللسان الفطري)

أكثر الأعراض الحادة شيوعاً هي التهاب الأغشية المخاطية وعواقبها، وأهمها جفاف الفم xerostomia وصعوبة المضغ والبلع وزيادة تشكل المخاط وتغيرات الذوق، توجد الأعراض الفموية لدى عدد من المرضى (بحسب توضع الآفة) قبل البدء بالمعالجة وتشتد في أثنائها وتكون على أشدها خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد انتهاء العلاج ولكن تتحسن حال معظم المرضى في السنة الأولى بعد المعالجة، ومع ذلك تبقى الأعراض الفموية فترة طويلة وربما لا تعود الوظيفة إلى سابق عهد المعالجة.

وفضلاً عن هذه الأعراض يشكو المصابون الألم وتأثر الأسنان والضزز، كما يؤدي جفاف الفم المزمن إلى التأثير في صحة الأسنان والتهاب الأغشية المخاطية والتأثير في الطعم والأكل والبلع. لذلك من الواجب معالجة الأسنان قبل البدء بالعلاج الإشعاعي أو قلع الرحى المصابة.

تختلف الأعراض باختلاف الجنس والعمر والمرحلة وموقع الآفة وتفاصيل المعالجة الإشعاعية (الجرعة، المدة، المشاركة)، فالمراحل المتقدمة من المرض والمشاركة مع المعالجات الأخرى ترافقها أعراض وعجز وظيفي أسوأ.

هنالك أيضاً أعراض مرافقة مثل التعب وفقدان الشهية ونقص السمع، والتأثيرات النفسية.

يستعمل لمعالجة نقص اللعاب وجفاف الفم دواء أميفوستين amifostine  الذي يقلل أذية الخلايا، أو يلجأ إلى إجراءات غير دوائية كنقل الغدد اللعابية أو استعمال طريقة الـ IMRT للتشعيع وتجنب الغدد اللعابية ما أمكن، كما يمكن استعمال بعض الطرائق التلطيفية كاستعمال أدوية تزيد إفراز اللعاب مثل البيلوكاربين أو استعمال ما يدعى اللعاب الاصطناعي. وقد يساعد في المستقبل استعمال الخلايا الجذعية.

للوقاية من التأثير في الأسنان ومعالجتها يجب الانتباه لنقص اللعاب والمحافظة على نظافة الفم وتعقيمه ومعالجة الالتهابات الفموية ونقص التمعدن باستعمال الفلورايد.

يتأثر حس الذوق بنقص اللعاب وجفاف الفم وبما يسببه من التهابات فموية وفطرية وكذلك بالروائح الكريهة التي تنجم عن تنخر الورم، كما يمكن أن يزيد بتأثير المعالجة الكيميائية التي تفرز مع اللعاب، يبدأ تأثير المعالجة الإشعاعية في الذوق في الأسبوع الثاني للعلاج ويتعافى المريض منه بعد 2-6 أشهر وقد يبقى دائماً.

يؤدي الضزز trismus إلى تغيّر الكلام والمضغ والقدرة على تنظيف الفم والأسنان وصعوبة البلع. يزداد بازدياد الجرعة الشعاعية وتكون الوقاية والعلاج باستعمال IMRT، واستعمال مستحضر بنتوكسيفيلين pentoxifylline، وإجراء تمارين للفك واستعمال أجهزة حديثة مبعدة للفكين واستعمال البوتوكس، وفي الحالات المستعصية على كل ذلك تساعد الجراحة على مضاعفة فتحة الفك.

3- المعالجة الكيميائية:

تعطى المعالجة الكيميائية قبل المعالجات الشفائية (جراحة، معالجة إشعاعية) أو بعدها، ولاسيما المعالجة الإشعاعية، أو على نحو تلطيفي في حالات النكس أو الانتقالات.

أ- المعالجة الكيميائية في حالات النكس الموضعي والانتقالات: الإنذار هنا سيئ فمعدل البقيا في هؤلاء المرضى لا يتعدى 6- 8 أشهر، والمعدل بعد سنة من المعالجة الكيميائية 20-40% فقط، فمدة التحسن تبدو صغيرة في أحسن الأحوال، والهدف من المعالجة هنا هو تصغير حجم الورم لتخفيف الأعراض وقد يكون الهدف الأمل في الوصول إلى بعض التحسن في مدة البقيا بما يتوازن مع التأثيرات السمية للدواء.

- استعمال دواء واحد: بينت بعض الدراسات فائدة استعمال بعض الأدوية الكيميائية في الأورام شائكة الخلايا للرأس والعنق، والأكثر استعمالاً منها ميتوتريكسات، مركبات البلاتين (سيسبلاتين، كاربوبلاتين) فلورو أوراسيل، باكليتاكسيل، دوسيتاكسل ومعدل الاستجابة في هذه الأورام يراوح بين 15-42% وفي أنواع أخرى بمعدل أقل 15% مثل بليومايسين، سيكلوفوسفاميد، دوكسوروبيسين وغيرها.

تكون نسبة الاستجابة للمعالجة أقل ونسبة السمية أعلى حين سوء حالة المريض العامة وكذلك حين استعمال معالجة كيميائية سابقاً.

أظهرت الدراسات مؤخراً الاستجابة باستعمال العلاج الهادف targeted therapy كدواء سيتوكسيماب cetuximab وتجرب أدوية هادفة أخرى، كما استعمل العلاج الجيني على نحو تجريبي.

- المعالجة الكيميائية المشتركة combination chemotherapy: درست على نحو أكبر بعد النتائج المخيبة للآمال باستعمال الأدوية الوحيدة، استعمل السيسبلاتين على نحو واسع في المشاركات الدوائية (والشعاعية أيضاً) لأنه لا يسبب سمية كبرى في الأغشية المخاطية أو في نقي العظم.

في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين استعملت المشاركة ما بين السيسبلاتين (100ملغ/م2 في اليوم الأول) مع فلورو اوراسيل (1000ملغ/م2 باليوم مدة 96 ساعة متواصلة) كل 3 أسابيع، وكانت نسبة الاستجابة العامة 70% والاستجابة الكاملة 27% مع أن النسب كانت في دراسات لاحقة أقل (50% و 16%).

وهكذا أصبحت نسبة الاستجابة أعلى بالمشاركة الدوائية ولكن على حساب زيادة السمية؛ لذلك فالمرضى ذوو الحالة العامة الجيدة مع وجود أعراض مزعجة هم الأكثر ترشحاً لمثل هذه المعالجات.

أعطت المشاركة ما بين مركبات البلاتين والتاكسين taxanes (باكليتاكسيل - دوسيتاكسل) النتائج نفسها مع سمية أقل ولاسيما على الأنبوب الهضمي، كما أن إضافة دواء ثالث للبلاتين والتاكسين مثل فلورواوراسيل أو ايفوسفاميد أعطت نتائج أفضل (55-86%)، كما أن هناك اهتماماً حديثاً بإضافة الأدوية الهادفة مثل سيتوكسيماب لتحسين الاستجابة.

ب- المعالجة الكيميائية جزءاً من العلاج الشافي: أثبتت الدراسات شأن العلاج الكيميائي الذي يؤلف جزءاً من المشاركة العلاجية في أورام الرأس والعنق، تشمل هذه معالجة الأورام غير القابلة للاستئصال، وفي محاولة الحفاظ على عضو أو وظيفته (كالحنجرة)، ومن أجل المرضى ذوي الخطورة العالية بعد إجراء الجراحة إذ بينت الدراسات أن النتائح مع استعمال العلاج الكيميائي والمعالجة الإشعاعية بعد الجراحة أفضل مما هي في استعمال المعالجة الإشعاعية فقط بعد الجراحة ولكن على حساب زيادة السمية طبعاً.

استعملت المعالجة الكيميائية مع الجراحة والمعالجة الإشعاعية بعدة طرائق: قبل الجراحة neo-adjuvant، أو بعدها بصفة علاج مساند adjuvant أو متزامنة مع الجراحة concurrent بصفة علاج مشارك.

- المعالجة الكيميائية الأولية أو المحرّضة :induction or neoadjuvant  تعطى المعالجة الكيميائية باستعمال المشاركة بين السيسبلاتين والفلورواوراسيل في الحالات المتقدمة موضعياً أو ناحياً من دون نقائل بعيدة. والاستجابة في هذه الحالة كبيرة تصل إلى 90% مع استجابة سريرية كاملة نحو 30%؛ لذلك يعتقد أن هذه الاستجابة ستترجم بتحسن معدل البقيا. غير أن ذلك لم يبرهَن بالدراسات الأولية كلها بالرغم من أن نسبة حصول نقائل بعيدة كانت أقل، غير أن إضافة التاكسين إلى هذه المعالجات قد يغير النتائج إذ بينت الدراسات الأولية تحسناً في معدل البقيا.

- المعالجة الكيميائية مع الشعاعية في الوقت نفسه :concurrent هي الأكثر فعالية بين المشاركات الأخرى، تختلف هذه المشاركة في أكثر من ناحية بحسب نوع المعالجة الكيميائية (نوع الدواء، استعماله وحده أو بالمشاركة مع أدوية أخرى)، والمعالجة الإشعاعية (الجرعة، نظام تجزئة الجرعات…إلخ).

يمكن إعطاء العلاج بثلاث طرائق، إما مشاركة مع المعالجة الإشعاعية المستمرة، وإما المجزأة إلى جزأين أو أكثر، وإما بالتناوب مع المعالجة الإشعاعية. النوع الأول هو الأكثر استعمالاً والأفضل استجابة.

من الأدوية الحديثة الهادفة أظهر السيتوكسيماب فاعلية جيدة بالاشتراك مع المعالجة الإشعاعية.

تستخدم هذه المعالجة أيضاً للمحافظة على أحد الأعضاء حين يكون الورم الأولي قابلاً للاستئصال الجراحي الشافي ولكن فقدان العضو أو وظيفته غير مقبول من قبل المريض، في مثل هذه الحالات تُعطي المعالجة الإشعاعية وحدها نتائج أقل من الجراحة فتستعمل المشاركة كما في الحالات المتقدمة لتحسين النتائج، الحنجرة هي المثال الأوضح لمثل هذه الحالات.

- المعالجة المساندة  :adjuvantلم يعطِ استعمال المعالجة الكيميائية بعد الجراحة أو المعالجة الإشعاعية الأساسية بوصفه علاجاً داعماً وواقياً لتخفيف النكس الموضعي والانتقالات البعيدة نتائج حسنة كما هو متوقع ولم يؤثر في معدل البقيا في حين قلل من حدوث الانتقالات البعيدة في الحالات العالية الخطورة على نحو خاص. يشذ عن ذلك أورام البلعوم الأنفي لما لها من صفات خاصة كقربها من قاعدة الجمجمة وأعضاء حساسة أخرى، والطبيعة الغازية للورم، وصعوبة التشخيص الباكر نظراً للموقع، لذلك يكون النكس الموضعي والناحي والانتقالات البعيدة أكثر من بقية أورام الرأس والعنق. فاستعمال المعالجة الداعمة هنا بالمشاركة مع مشتقات البلاتين تحسن الاستجابة ومدة البقيا.

أولاً- أورام الغدد اللعابية:

تنشأ في الغدد اللعابية الرئيسية الكبيرة (النكفة، تحت الفك، أو تحت اللسان) أو في إحدى الغدد الصغيرة الموزعة على نحو واسع في الطرق التنفسية الهضمية العلوية.

1- أورام الغدد اللعابية الكبيرة:

تشكل 3-4% من أورام الرأس والعنق، متوسط عمر المريض في الحالات الخبيثة نحو 55 سنة والحميدة 40 سنة، نحو ربع أورام الغدة النكفية ونصف أورام الغدة تحت الفك خبيثة.

أ- الأورام الحميدة: أهمها الأورام المختلطة mixed، وأورام "وارتان" وغيرها، تنمو هذه الأورام وتصل إلى حجم كبير أحياناً مع قابلية الارتشاح الموضعي والنكس بعد الجراحة.

ب- الأورام الخبيثة: أهمها الأورام العنبية الخلايا acinic cells، والمخاطية البشروية mucoepidermoid والغدية adenocarcinoma وحرشفية الخلايا squamous، والخبيثة المختلطة malignant mixed والغدانية الكيسية adenoid cystic، والأورام الظهارية اللمفاوية lymphoepithelioma. تجتاح هذه الأورام النسج المجاورة بما فيها الأعصاب (ولاسيما العصب الوجهي في أورام النكفة) والفم واللسان في أورام الغدد تحت الفك.

تحدث الانتقالات إلى العقد الرقبية بنسبة20-25% بما يناسب حجم الورم وطبيعته وحالة النكس الموضعي.

المعالجة: جراحية بالدرجة الأولى حين وجود ورم في الفص السطحي للنكفة، يستأصل الفص فقط، وإذا امتد الورم للفص العميق تستأصل كامل النكفة مع المحافظة على العصب الوجهي ما أمكن.

الشكل (6)
سرطان بشروي في الغدة تحت الفك
مع وجود عدة عقد سرطانية ملتهبة تحت الجلد

تستطب المعالجة الإشعاعية الداعمة في جميع حالات الأورام العالية الخبث، أما الأورام القليلة الخبث فتستطب فيها المعالجة الإشعاعية الداعمة لها في حالة النكس أو إذا كانت الحواف غير حرة ويشمل ذلك الأورام المختلطة السليمة. في الحالات المتقدمة غير القابلة للجراحة تعطى معالجة اشعاعية ملطفة.

يمكن - كما في بقية أورام الرأس والعنق - استعمال المشاركة الكيميائية الشعاعية حين وجود عوامل خطورة عالية.

الجرعة الشعاعية الأساسية 65-70 غراي في 6-7 أسابيع.

المعالجة الكيميائية ملطفة فقط في الحالات المتقدمة.

الاستجابة 10-20% باستعمال أدوية مثل سيسبلاتين، دوكسوربيسين، فينورلبين، أو ميتوتريكسات.

2- أورام الغدد اللعابية الصغيرة:

غير شائعة تشكل 2-3% من أورام المجرى التنفسي الهضمي العلوي. تميل إلى الحدوث في شراع الحنك، والجيوب الأنفية والجيوب حول الأنف. نحو ثلاثة أرباعها خبيث. التشريح المرضي يشبه ما هو عليه في الغدد الكبيرة لكن ثلثيها أورام غدية كيسية، وطرق انتشارها هي طرق انتشار أورام الغدد الكبيرة، إلا أن الارتشاح حول الأعصاب أكثر حدوثاً بصفة عامة وخاصة في الأورام الغدانية الكيسية.

المعالجة على نحو عام كما في إصابة الغدد الكبيرة.

متابعة المصابين بأورام الرأس والعنق:

تحدث معظم حالات النكس في أورام الرأس والعنق في أثناء السنوات الثلاث الأولى بعد المعالجة، والانتقالات البعيدة إلى الرئتين هي الأكثر شيوعاً. ينصح بمتابعة المريض كل 3 أشهر في السنة الأولى بعد العلاج، وكل 4 أشهر في السنة الثانية، وكل 6 أشهر حتى السنة الخامسة وسنوياً بعدها. يطلب فحص الهرمونات الدرقية كل 6-12 شهراً حين تشعيع العنق.

إعادة التأهيل بعد معالجة أورام الرأس والعنق post treatment rehabilitation:

لما كان التطور الذي حدث أخيراً في معالجة أورام الرأس والعنق قد أدى الى زيادة معدل البقيا في هؤلاء المرض فإن التحدي الآن هو الموازنة ما بين المعالجة الفعالة والحفاظ على الوظيفة. فالجراحة المحافظة وطرائق المعالجة الإشعاعية الحديثة ونقل الشرائح الموعاة واستعمال الطرائق المحافظة على الحنجرة ماتزال تستعمل للحفاظ على وظيفة الصوت والتكلم والبلع.

يتضمن النموذج المثالي لذلك تعاون كل من الجراح والمعالِج الشعاعي والمعالِج الكيميائي وجراح الترميم ومعالج الكلام والمعالج الفيزيائي ومختص التعويضات الفكية وطبيب الأسنان ومختص التغذية وممرضات الأورام والمعالج النفسي وطبيب الأذنية أو معالج السمع والعاملين الاجتماعيين. يكون تعاون جميع هؤلاء ضرورياً خلال تقييم المريض قبل المعالجة وبعدها، ليشرحوا للمريض خطة العلاج والطرائق اللازمة لمساعدته على توقي التأثيرات الجانبية في أثناء المعالجة إضافة إلى العناية الاجتماعية فيما يخص عادات التدخين والكحول والحالة النفسية ومصادر التمويل.

الوقاية ومعالجة الأعراض الحادة في أثناء المعالجة مهمة في تقليل حدوث العقابـيل المتأخرة. تستعمل المهدئات والمسكنات لمعالجة الكآبة والألم، والتستوستيرون لمعالجة التعب، وأنابيب التغذية حين صعوبة البلع أو توسيع المريء حين حدوث تصلب وتضيق بعد المعالجة فيدرس البلع باستعمال المنظار الليفي أو الفيديو ويقوم المشرف على المعالجة بتدريب المريض على المضغ، وحجم اللقمة وكميتها مع التدريب على إجراء تمارين خاصة للبلع. يعتمد الكلام والصوت على السعة الرئوية وسلامة أجزاء الفم والبلعوم وما تبقى من الحنجرة لأن التصويت قد يكون حنجرياً أو خارج حنجري من المنطقة فوق المزمار أو البلعوم أو من  حنجرة اصطناعية وتفيد تدريبات الكلام في تحسين الكلام.

ينجم عن تجريف العنق صلابة وألم مع ضعف في زنار الكتف نتيجة ضعف العضلة شبه المنحرفة ويتأثر ذلك بمدى التجريف والمعالجة الإشعاعية والعمر والوزن. والمعالجة تكون بإجراء التمارين الفاعلة والمنفعلة.

في إعادة تأهيل جوف الفم يجري مختص الكلام تقييماً كاملاً قبل الجراحة وبعدها لوضع خطة علاج تكون قليلة التأثير في الكلام ولتدبير الأعراض بعد المعالجة ولاسيما جفاف الفم والحفاظ على حركة اللسان ولاسيما في أثناء السنة الأولى بعد المعالجة. كما أن وجود طبيب الأسنان في صلب الخطة ضروري لأن الجفاف مع نقص نظافة الفم قد يؤدي إلى تسوس الأسنان السريع ثم فقدانها مما يؤدي إلى نخر عظمي شعاعي في الفك وهو صعب التدبير والأفضل هو تخفيف الجرعة الشعاعية للفك حين الإمكان وإصلاح الأسنان الرديئة أو قلعها قبل بدء العلاج، واستعمال الفلورايد، ومعالجة التهابات اللثة الجرثومية والفطرية، وإذا ما حدث تموت الفك فإن الجراحة وإعادة التصنيع هي الطريقة الوحيدة للعلاج، كما أن استعمال التعويضات السنية والفكية ضرورية من الناحية الوظيفية والتجميلية.

يتأثر كل من الكلام والبلع بعد عمليات استئصال الحنجرة الجزئي أو النصفي، وقد يتعرض المريض للاستنشاق لذلك على المريض إجراء تمارين للبلع والكلام بعد الجراحة. أما في استئصال الحنجرة التام فيكون لدى المريض خزع رغامى مع ما يحتاج إليه من تدابير خاصة لمنع تضيق الفتحة ورضها وزيادة الرطوبة لتخفيف جفاف الرغامى.

أما إعادة التأهيل على الكلام فيكون باستعمال أجهزة تعويضية توضع مكان الحنجرة وأعلى المري مع التدريب عليها، أو التدرب على الكلام المريئي من دون جهاز وهو يعتمد على حبس الهواء في البلعوم ثم إخراجه بتحكم معين ليحدث صوتاً، وهو يحتاج إلى تدريب صعب وطويل قد يأخذ سنة كاملة، في حين يتمكن المريض من الكلام منذ اليوم الأول حين استعمال الأجهزة التعويضية.

ثانياً- أورام الغدة الدرقية :thyroid gland tumors

تشكل 2% من جميع الأورام الخبيثة. إن تعرض الغدة الدرقية للأشعة (علاجي- تلوث) ولاسيما قبل البلوغ هو السبب الوحيد المثبَت لسرطان الدرقية الذي غالباً ما يكون هنا من النوع الحليمي.

تكون الآفات وحيدة أو متعددة البؤر ولا توجد وسيلة تشخيصية للأورام الخبيثة (ما عدا عيار الكالسيتونين في الأورام اللبية) سوى أخذ خزعة من الغدة الدرقية سواء بالإبرة أم بالخزعة الجراحية.

الشكل (7) أورام الغدة الدرقية

التصنيف التشريحي المرضي:

يقسم تصنيف منظمة الصحة العالمية (WHO) أورام الدرقية إلى أربعة أنواع رئيسية وأورام نادرة تشكل أقل من 5% من أورام الدرقية مثل اللمفومة، الأورام المسخية teratoma كارسينوما حرشفية الخلايا، ساركومة وغيرها.

1- الأورام الحليمية والمختلطة الحليمية الجريبية: هي الأكثر شيوعاً، سيرها بطيء وإنذارها جيد. متعددة البؤر في 75% من الحالات. فيها أجزاء حليمية وجرابية وتحوي أجساماً رملية psammoma bodies. تنتقل عادة للعقد الرقبية المجاورة، أما الانتقالات البعيدة فغير شائعة. إصابة النساء تبلغ 2-4 أمثال إصابة الرجال. تحدث هذه الأورام ما بين العقد الثالث والخامس في النساء وفي العقد السادس في الرجال، وتؤلف نحو 80% من الحالات قبل البلوغ.

2- الأورام الجريبية  :follicular وحيدة التوضع وتميل إلى الارتشاح عبر الطريق الوعائي والانتقال إلى الأماكن البعيدة. والانتقال العقدي غير شائع. تثبت اليود المشع على نحو قوي.

تعد أورام هرثل Hürthle والأورام الرائقة الخلايا clear cell نوعاً من الأورام الجريبية.

تشكل الأورام الجريبية 14-33% من أورام الدرقية. تبلغ إصابة النساء 2-3 أمثال إصابة الرجال وهي أكثر حدوثاً في العقد الخامس.

3- الأورام اللبية medullary: تنشأ من الخلاياC  من القنزعة العصبية وتؤلف 5-10% من أورام الدرق، 20% منها عائلي ضمن متلازمة الخباثة العائلية متعددة الغدد تفرز الكالسيتونين.

4- الأورام غير المميزة (الكشمية)  :anaplasticتنشأ من الخلايا الجريبية وتنمو بسرعة. يرافق الارتشاح الموضعي السريع نقائل بعيدة باكرة ويحدث الموت غالباً خلال عام من التشخيص. تشكل 5% من أورام الدرق، تحدث ما بين الأعمار 40-90 سنة وهي في النساء أربعة أمثال ما ترى في الرجال، وفي السوابق سلعة درقية في 80% من الحالات مما يرجح نظرية التحول من ورم سليم أو قليل الخبث إلى ورم خبيث جداً.

المعالجة:

تشمل خطة العلاج الاستئصال الجراحي والمعالجة باليود المشع I131 وهرمون الدرق وهي المعالجات الأساسية، أما المعالجة الإشعاعية الخارجية والمعالجة الكيميائية فأقل أهمية. وتختلف خطة العلاج باختلاف نوع الورم وامتداده.

1- معالجة أورام الدرقية المميزة:

أ- الجراحة: هي المعالجة الأساسية المستطبة في هذه الحالات وتكون باستئصال الورم التام أو قرب التام. يستثنى من ذلك بعض الأورام الحليمية المجهرية أو الصغيرة الموجودة في فص درقي واحد عند الشابات، غير أن الاستئصال ضروري حين الحاجة إلى العلاج باليود المشع.

 وتجريف العنق الجذري أو الوقائي غير مستعمل، في حين يُجرى تجريف معدل أو محدود للعقد المصابة فقط من دون أن يؤثر ذلك في نسبة النكس الموضعي أو معدل البقيا.

ب- اليود المشع I131: يستعمل العلاج باليود المشع إذا كان قياس الورم 1-1.5سم أو أكبر، أو كان يخترق محفظة الدرق، أو مرتشحاً في الأوعية، وفي الورم المتعدد البؤر، وفي حالة وجود بقايا ورمية بعد الجراحة، أو كانت حدود الاستئصال مصابة وعند وجود انتقالات للعقد أو انتقالات بعيدة، وفي حالات النكس الموضعي. إذا كان هنالك نسيج درق سليم متبقٍّ بعد الجراحة يثبّط بإعطاء جرعة من اليود المشع 30-100 ميليكوري، وحين عدم التثبيط التام (خاصة إذا أعطيت جرعة مثبطة قليلة) يمكن تكرار الجرعة.

الغاية من تثبيط بقايا الدرق السليم هو القضاء على البؤر الورمية التي قد تكون ضمنه وكذلك لتحضير المريض للعلاج باليود المشع وذلك برفع مستوى TSH في الدم وتحفيز الخلايا الورمية لتثبيت اليود المشع المؤدي إلى تأثرها بالعلاج على نحو أفضل. الجرعة العلاجية لليود المشع 150-250 ميليكوري بحسب الحالة السريرية وتعطى في الحالات الناكسة أو المرتشحة غير القابلة للجراحة أو النقائل البعيدة. يمكن تكرار الجرعات بعد 6-12 شهراً على ألا يتعدى مجموع الجرعات 800 -1000 ميليكوري.

يجب أن يكون مستوى TSH في الدم 30 وحدة دولية أو أكثر قبل إجراء مسح كامل الجسم الواجب إجراؤه قبل إعطاء الجرعات العلاجية (للتأكد من أن البقايا الورمية أو الانتقالات تثبت اليود المشع لتستفيد من العلاج به) و50 وحدة دولية قبل إعطاء المعالجة.

ج- المعالجة الإشعاعية الخارجية: تستطب في حالات النكس أو عدم إمكان إجراء الجراحة، وفي ارتشاح المحفظة، ووجود بقايا مجهرية أو عيانية، وإخفاق المعالجة باليود المشع وفي حالات الانتقالات البعيدة للعظم، أو الدماغ، أو خارج السحايا وغيرها وفي حالات الانتقالات للعقد الرقبية أو المنصفية. كما يمكن إعطاؤها بعد المعالجة باليود المشع إذا كان الورم غير فعال وظيفياً (لا يثبت اليود).

تشمل ساحة المعالجة الإشعاعية سرير الدرق والنسج المجاورة، ويعطى 50 غراي لكامل المنطقة مع 5-10 غراي إضافية مكان البقايا الورمية.

وفي العلاج الجذري للأورام الكبيرة غير القابلة للجراحة تشمل ساحات المعالجة العنق والمنصف العلوي، ويعطى 65-70 غراي خلال 7-8 أسابيع.

تطبق معالجة إشعاعية خارجية ملطفة للانتقالات العظمية والدماغية وغيرها، ويعطى 30 غراي في 10 جلسات خلال أسبوعين عادةً.

د- المعالجة بالهرمون الدرقي: الهدف منه (غير الإعاضة) الحصول على مستوى TSH منخفض (1.0) في الدم وذلك لتفادي حث الخلايا الورمية إن وجدت وتفعيلها؛ لذلك يجب عيار TSH دورياً للحفاظ على المستوى المطلوب لأنه يقلل حدوث النكس والوفاة. يوضع المريض بعد 24-72 ساعة من إعطاء جرعة اليود المشع على هرمون الدرق مدى الحياة.

 يعاير التيروغلوبولين أيضاً دورياً وهو يفرز من الغدة الدرقية فقط، وهو يرتفع في معظم أورام الغدة الدرقية الخبيثة والأورام الغدية السليمة وغيرها. وهو غير تشخيصي قبل الجراحة ولكنه مفيد للمتابعة بعد المعالجة نصف عمره 65 ساعة ويتخلص الجسم منه بعد الجراحة بحوالي الشهر، ويدل ارتفاعه بعد ذلك على بقايا ورمية أو نكس.

2- معالجة أورام الدرق اللبية:

العلاج الأساسي جراحي باستئصال الدرقية التام لأنه متعدد البؤر ولاسيما العائلي منه كما تجرف العقد المجاورة. يعطى اليود المشع (150 ميليكوري) حين وجود بقايا ورمية في العنق بعد الجراحة وارتفاع مستوى الكالسيتونين. فعلى الرغم من أن خلايا C لا تثبت اليود المشع فإن الخلايا الجريبية للدرقية تثبت اليود جيداً وتشعع الخلايا الورمية الموجودة ضمنها بالجوار، لذلك لا تفيد هذه المعالجة في الانتقالات البعيدة التي لا يوجد فيها نسيج درقي. تعطى المعالجة الإشعاعية الخارجية حين وجود بقايا مجهرية أو عيانية، وهي ذات حساسية متوسطة للأشعة. يعطى 60 غراي خلال 6-7 أسابيع.

تشمل مساحة المعالجة مسكن الدرقية، والعنق، والحفرتين فوق الترقوتين والمنصف العلوي. في الحالات غير القابلة للجراحة تعطى معالجة إشعاعية خارجية 65-70 غراي مع تصغير الساحة بعد 55-60 غراي.

تعالج النقائل العظمية وغيرها معالجة إشعاعية تلطيفية.

يعطى هرمون الدرق هنا للإعاضة وليس لتثبيط الـ TSH لأن خلايا C لا تخضع له.

3- معالجة الأورام غير المتمايزة:

يستأصل ما أمكن من الورم جراحياً لتصغير الحجم مع إجراء خزع رغامى لتسهيل العلاج الإشعاعي. يحتاج إلى جرعات شعاعية عالية والمشاركة مع المعالجة الكيميائية (دوكسوربيسين، بلاتين) للوصول إلى أفضل النتائج.

 بقية أورام الدرق تعالج كما تعالج أقرانها في الأماكن الأخرى.

عقابيل المعالجة باليود المشع:

وهي باكرة أو متأخرة. تكون قليلة في الجرعات أقل من 200 ميليكوري.

1- الباكرة: تحدث في أثناء الأشهر الثلاثة الأولى من المعالجة، أهمها: التعب والصداع والغثيان والقياء وقد تحدث خلال 12 ساعة من إعطاء جرعة اليود في نحو 1% من المرضى، احتقان وألم الغدد اللعابية يحدث مباشرة بعد العلاج وقد يستمر 5-10 أيام ويمكن تقليلها باستعمال سكاكر بطعم الليمون ومضغ اللبان (العلكة)، وذمة عنق تستجيب للعلاج بالستيروئيدات، تثبيط نقي في معظم المرضى.

2- متأخرة: تحدث بعد 3 أشهر من المعالجة منها: التهاب الرئة وتليفها ولاسيما حين وجود انتقالات رئوية مثبتة لليود، ويمكن تلافي ذلك ما أمكن باستعمال جرعة يود أقل (80 ميليكوري) واستعمال الستيروئيدات.

تثبيط النقي الدائم نادر ويحدث حين إعطاء جرعات كبيرة متراكمة. يحدث ابيضاض دم في أقل من 2% ولاسيما حين إعطاء كمية كبيرة (أكثر من 500 ميليكوري) خلال فترة قصيرة من الوقت عند المرضى ذوي الأعمار فوق 50 سنة، وابيضاض الدم النقوي أكثرها حدوثاً. لذلك ينصح بعدم إعطاء جرعات إضافية قبل مرور 6-12 شهراً. وذكرت حالات من القصور المبيضي وفقدان الحيوانات المنوية ولكنها لم تتأكد.

المعالجة الكيميائية: لم تكن لها جدوى كبيرة في أورام الدرقية. معظم المرضى الذين استجابوا للعلاج ممن لديهم أورام مميزة أو لبية، أما الأورام غير المميزة فلم تستجب على النحو الكافي. الدوكسوروبيسن هو الدواء الأكثر فعالية إذا استعمل وحيداً، وقد استعمل بالمشاركة مع مشتقات البلاتين. تعطى المعالجة الكيميائية وحدها أو بالمشاركة أحياناً مع العلاج الإشعاعي في الأورام غير المتمايزة. أظهر استعمال الإيبيتاكسيل نتائج مشجعة مؤخراً.

ثالثاً- عقد العنق الانتقالية المجهولة المنشأ:

هي حالة يوجد فيها ورم انتقالي للعقد الرقبية من دون كشف الورم الأولي بعد إجراء جميع الفحوص والاختيارات الممكنة. تشكل هذه الفئة 5% من الحالات الورمية وهي قابلة للشفاء بنسبة عالية، يُكشف الورم الأولي في بعض الحالات في أثناء المتابعة.

عند كشف عقدة رقبية مشتبهة تجرى خزعة بالإبرة الدقيقة (F.N.A)، وحين التأكد من وجود كارسينوما تجرى الفحوص المتممة مثل تنظير البلعوم الأنفي وبقية البلعوم والحنجرة، وتصوير مقطعي محوسب مع تصوير بالرنين المغنطيسي وتصوير الصدر. أما تصوير الـ PET فيجرى فقط حين عدم كشف الورم الأولي.

إذا لم يتوصل إلى تشخيص نسيجي بالإبرة الرفيعة تجرى خزعة جراحية.

وتكون المعالجة بإجراء تجريف عنق كامل إذا كان الورم غدياً أو حرشفي الخلايا. وحين وجود الورم الغدي ووجود عقد عالية في العنق يستأصل بعضهم الغدة النكفية مع تجريف العنق.

وفي الأورام قليلة التمايز أو غير المميزة أو حين وجود أورام ذات تشريح مرضي غير حرشفي الخلايا فطريقة المعالجة غير متفق عليها تماماً، ويمكن إجراء تجريف عنق، ومعالجة إشعاعية أو مشاركة شعاعية كيميائية.

 

 

 

 


التصنيف : الأورام
النوع : الأورام
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 491
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1066
الكل : 40517945
اليوم : 47760