logo

logo

logo

logo

logo

ضخامة الطحال ـ فرط الطحالية

ضخامه طحال فرط طحاليه

hypersplenotrophy (splenomegaly) - splénomégalie



ضخامة الطحال - فرط الطحالية

 

عبد القادر آغا

أولاً- الضخامة الطحالية splenomegaly:

ثانياً- فرط الطحالية hypersplenism:

ثالثاً- استئصال الطحال splenectomy:

 

 

للطحال شأن مهم في توازن الجسم الداخلي. وتتأثر وظائفه الطبيعية بعدد من الأمراض الدموية الأولية وبالعديد من الأمراض السريرية الأخرى، ويؤدي سوء وظيفته التالي لهذه الأمراض إلى حدوث شذوذات دموية. وفي حين تكون هذه الشذوذات خفيفة التظاهر في بعض المرضى تكون في غيرهم التظاهر السريري الأرجح؛ ولاسيما في المصابين بمرض دموي أولي. يكون لتقييم الوظيفة الطحالية أهمية في كلٍّ من التشخيص وتحديد المرحلة والتدبير السريري، وهذا ما يفيد في أغلب الأحيان في توضيح المظهر الدموي غير الطبيعي.

يراوح وزن الطحال الطبيعي بين 150 و250غ، وعموماً يزن الطحال 0.2% من وزن الجسم. يجس الطحال تحت الحافة الضلعية في نحو 2% من الأشخاص الطبيعيين بعد عمر التاسعة عشرة. ويعدّ امتداد حافته أكثر من 2سم تحت الحافة الضلعية أمراً غير طبيعي في كل حال.

يبلغ طول الطحال في الشخص البالغ 8-13سم، وعرضه 4.5-7سم. ويصبح  قابلاً للجس تحت الحافة الضلعية حين يتجاوز طوله 14سم. وهو يضخم في كثير من الأمراض، وقد يزن أكثر من 2كغ في بعض الأمراض الدموية.

تركيب الطحال معقد ووظائفه مختلفة، فهو يتألف على نحو رئيسي من هيكل من النسيج الضام وقنوات وعائية وقنوات نزح لمفاوي ونسيج لمفاوي وخلايا مكونة للدم وخلايا الجهاز الشبكي. وهو كذلك يتألف من اللب الأبيض white pulp واللب الأحمر red pulp ومنطقة هامشية متوسطة(marginal zone (MZ  تتوضع في محيط اللب الأبيض، وتندمج داخل اللب الأحمر.

اللب الأبيض: هو النسيج اللمفاوي الرئيس في الطحال، وهو الجزء الأكبر من النسيج اللمفاوي في الجسم (أكثر من 25%). نموذج الخلايا الأرجح في اللب الأبيض هو الخلايا اللمفاوية التي تتجمع حول الشريان المركزي، ويسمى هذا التجمع اللمفاوي الغمد حول الشريان أو PALS. وهناك جريان مستمر لكل من الخلايا التائية والبائية في الطحال. والخلايا التائية هي الأكثر حركة، وتبقى في الطحال لساعات قليلة في حين تتوطن الخلايا البائية في الجريبات حيث تحرر الغلوبولينات المناعية.

للطحال دور المفتاح في تحفيز الاستجابة المناعية. وهكذا قد ينقص إنتاج الأضداد نقصاً شديداً في غيابه. فحين يعطى مثلاً لقاح الرئويات عضلياً في غياب الطحال يكون عيار الغلوبين المناعي G والغلوبين المناعي M أقل مما يشاهد عند الأشخاص الطبيعيين، وينقص على نحو مشابه عيار أضداد الرئويات بسرعة أكثر عند الأشخاص الذين لديهم غياب طحالي.

ويمكن عد ارتكاس الطحال وتضخمه بعد بداية الخمج أو الالتهاب علامة غير نوعية للالتهاب مشابهة لارتفاع سرعة التثفل وارتكاسات الطور الحاد الأخرى.

من وظائف الطحال المهمة رفع الجزيئات من المجرى الدموي. وتظهر هذه الوظيفة بوضوح في الأشخاص الذين يكون طحالهم غائباً أو مستأصلاً؛ إذ يكون هؤلاء حساسين للكائنات الحية ولاسيما ذات المحفظة. ويفيد الطحال كذلك في رفع الكريات الهرمة أو المتخربة من الدوران، كما يؤلف حصناً تجاه الأخماج الڤيروسية والطفيليات داخل الكريات الحمر.

تكون الوظيفة الطحالية ناقصة في حديثي الولادة، وقد تنقص على نحو غير طبيعي في ما يسمى نقص الطحالية أو غياب الطحال الوظيفي كما يحدث حين يحتقن بالدم (مثل نوبات الاحتجاز الطحالي في المصابين بفقر الدم المنجلي والملاريا وخثار الوريد الطحالي) أو في حالة الارتشاح الطحالي (الساركوئيد والداء النشواني والأورام والكيسات).

الشكل (1) يوضح الدوران الطحالي

اللب الأحمر: يأتي الدم إلى الطحال (كما في الشكل 1) عن طريق الشريان الطحالي وبعدها من خلال فروعه التي تدعى الشرايين المركزية، وتتوضع في اللب الأبيض. وتعطي العديد من الشرايين الصغيرة والشعريات التي ينتهي بعضها في اللب الأبيض والمنطقة الهامشية في حين يستمر بعضها الآخر للدخول في اللب الأحمر. وفي أثناء الجريان، تنشدّ البلازما والكريات البيض على نحو تفضيلي إلى اللب الأبيض، في حين تبقى الكريات الحمر في المجرى المحوري axial stream من الشريان المركزي.

هناك ثلاث آليات يتضمنها العمل الطحالي: التوشظ (الاحتجاز)sequestration  والبلعمة phagocytosis، والتجمع pooling.

التوشظ: هو توقف الخلايا توقفاً مؤقتاً بوساطة الالتصاق في أثناء عبورها الطحال.

البلعمة: هي قبض الخلايا غير القابلة للحياة - أو الخلايا القابلة للحياة التي تتخرب بوساطة التوشظ الطويل أو تغطيتها بالأضداد- قبضاً غير قابل للعكس بوساطة البالعات.

التجمع: يمثل كميات الدم الموجودة في الطحال والتي تتبادل مع الدوران.

ضخامة الطحال وفرط الطحالية:

أولاً- الضخامة الطحالية splenomegaly:

حجم الطحال:

تعدّ الضخامة الطحالية علامة سريرية مهمة ومتكررة، لذلك من المهم تقديرها على نحو صحيح (وجودها وامتدادها). يجس الطحال المتضخم في الشخص البالغ حين يزيد طوله على 14سم. وقياس حجم الطحال بأشكال الفحص الفيزيائي المختلفة للبطن غير موثوق إذ لا تكتشف الضخامات الطحالية البسيطة غالباً بالجس، وحتى الحالات التي تترافق والضخامات الكبيرة قد تضيع في بداية التشخيص.

وبالمقابل تؤدي رخاوة الرباط الحجابي القولوني أو فقد توتر جدار البطن إلى تحرك الطحال على نحو يكون فيه أحياناً مجسوساً (دون ضخامة)، ويحدث ذلك أيضاً حين يدفع الطحال بالحجاب الحاجز المنبسط في الداء الرئوي الانسدادي.

إن نتائج تقدير حجم الطحال بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية موثوقة. ويعطي كل من التصوير المقطعي المحوسب والرنين المغنطيسي صورة دقيقة عن تشريح الطحال وموقعه بالنسبة إلى الأعضاء المتاخمة. تكمن الفائدة العظمى من التصوير المقطعي المحوسب بما يقدمه من تفصيل ممتاز لتركيب الطحال؛ ولكنه لا يعطي فكرة عن وظيفة الطحال. في حين تكمن فائدة الرنين المغنطيسي بأنه يظهر بدقة تفاصيل تركيب الطحال وبأنه قادر على تحديد المعالم ذات الصلة بالوظيفة والتغيرات المرضية.

هناك طرائق أخرى لفحص الطحال (الشكل 2)، وهي التصوير الومضاني بعد حقن كريات حمر موسومة بنظائر مشعة بعد معالجتها بإجراء يضمن إزالتها من الدوران بوساطة الطحال. وبما أن هذا الإجراء مرهق؛ فإنه يلجأ إلى استعمال التصوير المقطعي المحوسب والرنين المغنطيسي على نحو واسع. وللتصوير الومضاني مع ذلك فائدة مهمة هي أنه يقدم معلومات عن الحجم الوظيفي للطحال؛ إذ تظهر هذه الوسيلة غياب الطحال الوظيفي أو ضموره، كما أنها مفيدة في تشخيص الآفات الشاغلة للحيز مثل الكيسات الطحالية والتوضعات الورمية؛ وفي تحديد علاقة الكتل العلوية في البطن بالطحال، وكذلك في تحديد التوضع الطحالي الشاذ والأنسجة الطحالية الملحقة.

الشكل (2)

يوضح بعض الأمثلة من الإجراءات المستخدمة لدراسة حجم الطحال

أ- مسح الطحال بعد إعطاء كريات حمر ذاتية موسومة بمادة 111In تبدي تجمع الكريات الحمر في الطحال، ب- المريض السابق نفسه بعد تخريب الكريات الحمر بالحرارة حيث تتجمع بشكل انتقائي في الطحال، ج- تصوير مقطعي محوسب يبدي الكبد والطحال، د- تصوير بالرنين المغنطيسي، هـ- تصوير بالأمواج فوق الصوتية يبدي طحالاً ضخماً.

نسبة الحدوث:

تخضع نسبة حدوث الضخامة الطحالية إلى تنوع الوسط الجغرافي؛ ففي البلدان الغربية تشكل الأسباب التالية النسب الأكثر حدوثاً: الابيضاضات واللمفومات الخبيثة واضطرابات النقي التكاثرية وفاقات الدم الانحلالية وفرط الضغط البابي، كما يشيع حدوث الضخامة في التهاب الشغاف الخمجي نسبياً. أما في البلدان الاستوائية فتكون الأرجحية لضخامة الطحال الناجمة عن الأخماج الطفيلية الاستوائية: الملاريا واللايشمانيا وداء المنشقات. وفرط الضغط البابي سبب مهم لضخامة الطحال في معظم البلدان الاستوائية، ولكنه ينتشر على نحو خاص في شمال غربيّ الهند وجنوبيّ الصين.

تترافق ضخامة الطحال أيضاً وداء الهيموغلوبين  Cفي غربيّ إفريقيا؛ وداء الهيموغلوبين E في الشرق الأقصى؛ ومتلازمات التلاسيميا التي تتوزع على نحو واسع في المناطق المدارية. وبسبب وفرة العوامل المسؤولة عن ضخامة الطحال في هذه البلدان؛ فإن أكثر من مرض واحد قد يسهم في زيادة حجم الطحال في بعض المرضى.

القصة المرضية:

الشكوى الأكثر شيوعاً في ضخامة الطحال هي الألم البطني الخفيف الذي تكون طبيعته غامضة، وقد ينتشر الألم للكتف. والشعور بالشبع الباكر في الضخامات العرطلة. أما الأعراض المرافقة أو العلامات ذات الصلة بالمرض المسبب؛ فتتضمن: الحمى في الأمراض الخمجية، والشحوب والزلة واليرقان في الحوادث الانحلالية، وقصة مرض كبدي أو التهاب كبد أو كحولية في الضخامات الاحتقانية، ونقص الوزن والأعراض الجهازية الأخرى في الخباثات، والتهاب المعثكلة في خثرة الوريد الطحالي.

الفحص السريري:

ليس من الضروري كما مر أن يكون الطحال المجسوس غير طبيعي دائماً؛ إذ من الشائع أن يجس الطحال في المصابين بالداء الرئوي المسد المزمن chronic obstructive pulmonary disease (COPD) وانخفاض الحجاب الحاجز.

يجري الفحص السريري للطحال بوضع المريض مستلقياً على الجانب الأيمن مع ثني الركبتين والوركين، ويجرى الجس برؤوس الأصابع في حين يطلب من المريض إحداث شهيق بطيء، ويساعد وضع المريض بعكس وضعية ترندلنبرغ على تقريب الطحال من الأصابع الفاحصة، ويفيد ذلك على نحو خاص في حالات السمنة المرضية.

يمتد الطحال إلى الحوض، أو يجتاز الخط المتوسط للبطن في الضخامات الطحالية العرطلة. كما يبدي قرع البطن في هذه الحالات الأصمية وزوال الطبلية في الربع العلوي الأيسر من البطن. يتحرك الطحال مع التنفس، ولا يمكن أن يجس إلا في نهاية الشهيق.

يكشف الفحص السريري علامات إضافية تتناسب وأسباب الضخامة الطحالية، وتتضمن:

1- علامات التشمع (مثل: اللاثباتية asterixis واليرقان والتثدي وتوسع الشعريات والحبن).

2- النفخات القلبية (التهاب الشغاف).

3- اليرقان واللون اليرقاني في الصلبة (تكور الكريات الوراثي والتشمع).

4- الكدمات والفرفريات (أي سبب يؤدي إلى نقص الصفيحات).

أسباب الضخامة الطحالية:

تختلف أسباب الضخامة الطحالية باختلاف الآليات الإمراضية، ولكن يمكن وضعها في مجموعات بحسب العناوين التالية:

1- الضخامة الطحالية الالتهابية: وهي ضخامة حادة تتطور بالترافق مع الأخماج المختلفة أو الحوادث الالتهابية، وتنجم عن زيادة الفعالية الدفاعية في هذا العضو. وقد تدعو الحاجة لزيادة تنقية الدم من المستضدات إلى زيادة عدد الخلايا الشبكية البطانية في الطحال وتحريض التسارع في إنتاج الأضداد وما يرافقه من فرط تصنع لمفاوي، والأمثلة عليها الضخامة الطحالية الناجمة عن الذئبة الحمامية، ومتلازمة فلتي Felty’s syndrome والأخماج الڤيروسية مثل ڤيروسات إبشتاين بار، وداء وحيدات النوى. كما قد تتشكل الخراجات داخل الطحال؛ ولكنها غير شائعة.

2- الضخامة الطحالية مفرطة التنسج: في هذه الحالة تعكس الضخامة الطحالية زيادة التنسج الناجم عن رفع الكريات الحمر الشاذة من الدوران (مثل الخلايا المصابة بعيب داخلي أو الخلايا المغطاة بالأضداد). ومن أسباب فرط التنسج أيضاً تكون الدم خارج النقي، وهو يتفعل في حالتين:

أ- فرط تنسج معاوض للأرومات الحمر حين وجود فقر دم شديد (شدة دموية)، كما في انحلال الدم المزمن وفقر الدم عرطل الأرومات والتلاسيميا الكبرى.

ب- في تليف النقي والابيضاضات النقوية حيث يحدث حؤول نقياني.

3- الضخامة الطحالية الاحتقانية: تحدث هذه الحالة نتيجة التشمع مع ارتفاع الضغط البابي وانسداد الوريد الطحالي (الخثار) وقصور القلب الاحتقاني مع زيادة الضغط الوريدي.

4- الضخامة الطحالية الارتشاحية: تنجم الضخامة الطحالية في هذه الحالة عن تجمع المواد غير القابلة للهضم في الخلايا البالعة (مثل: الساركوئيد وداء غوشيه والداء النشواني والانتقالات الخبيثة).

التشخيص التفريقي:

تشاهد الضخامة الطحالية في الحالات التالية:

داء البريليوم berylliosis ومتلازمة بود- كياري وتشمع الكبد والتهاب الكبد الڤيروسي وداء النوسجات وداء هودجكن وفرفرية نقص الصفيحات المناعي وداء وحيدات النوى الخمجي والتهاب الشغاف الجرثومي وفقر الدم بعوز الحديد واللايشمانيا والملاريا وأمراض اضطرابات النقي التكاثرية وانسداد وريد الباب وداء المنشقات schistosomiasis والأخماج الجرثومية وفقر الدم المنجلي وتكور الكريات الوراثي والخراجات الطحالية والذئبة الحمامية الجهازية والتلاسيميا ألفا والتلاسيميا بيتا والسل وداء بانتي وقصور القلب الاحتقاني وداء غوشيه وفرط شحميات الدم وضخامة الطحال الأساسية وأمراض الكريات البيض واللمفومات وأدواء عديدات السكاريد المخاطية mucopolysaccharidosis وداء نيمان بيك وداء الخلايا الإهليلجية وانسداد الوريد الطحالي وخمج عوز المناعة المكتسب البشري (HIV) وداء المثقبيات trypanosomiasis.

الطحال المتضخم بشدة: هو الطحال الذي يمتد نحو الأسفل، ويصل حتى الحوض، أو الذي يجتاز الخط المتوسط إلى الربع العلوي الأيمن أو السفلي الأيمن من البطن. والحالات التي تسبب هذه الدرجة من الضخامة الطحالية قليلة، وهي:

* ابيضاض الدم النقوي المزمن.

* تليف النقي الأساسي أو بعد احمرار الدم.

* داء غوشيه.

* اللمفوما ولا سيما الكامنة، وتتضمن ابيضاض الدم بالخلايا المشعرة.

* الكالا - آزار (اللايشمانيا الحشوية).

* متلازمة فرط الضخامة الطحالية في الملاريا.

ثانياً- فرط الطحالية hypersplenism:

فرط الطحالية هو متلازمة سريرية تتصف بما يلي:

1- ضخامة الطحال.

2- نقص في عنصر من عناصر الدم المحيطي أو في أكثر من عنصر.

3- خلوية طبيعية أو مفرطة التصنع لنقي العظام، وفي أغلب الأحيان نضج العناصر الباكرة مع ندرة الخلايا الأكثر نضجاً.

4- تحرر الخلايا إلى الدم المحيطي باكراً؛ مما يؤدي إلى ظهور صفيحات باكرة غير ناضجة  كبيرة أو خلايا شبكية.

5- ازدياد جميعة الكريات الحمر وجميعة الصفيحات في الطحال وتناقص مدة حياتهما. 

ويشخص فرط الطحالية على نحو نهائي حين استجابة المريض لاستئصال الطحال على الرغم من أن التحسن المباشر قد يتبعه نكس جزئي على المدى البعيد. يمكن أن تؤدي معظم الأمراض المسببة لضخامة الطحال إلى فرط طحالية ثانوية. وقد تكون المظاهر الدموية لفرط الطحالية خفية في هذه الحالات بسبب المرض البدئي، ولاسيما إذا كانت هذه الإصابة في النقي. يحدث فرط الطحالية كذلك بوصفه حدثاً أولياً لسبب مرضي غير معروف. وينتهي أحياناً بفرط تنسج طحالي ونقص عدلات طحالي أو فقر دم طحالي، وتشمل هذه الحالة حالات الضخامة الطحالية الأولية غير المدارية التي لم يثبت فيها وجود لمفوما مستبطنة.

زيادة تجمع الدم في الطحال:

يبلغ المحتوى الطبيعي الطحالي من الكريات الحمر 30-70غ أو أقل من 5% من مجمل كتلة الكريات الحمر، وهناك علاقة بين حجم الكريات الحمر والحجم الفيزيائي للطحال. 

يتمدد السرير الوعائي حين تضخم الطحال؛ مما يؤدي إلى تجمع الدم تجمعاً كبيراً مع مستوى ارتفاع الهيماتوكريت وبطء تبادل الكريات الحمر مع الدوران العام. يتجمع نحو 40% من كتلة الكريات الحمر في الطحال في سياق الأمراض التالية: تليف النقي وابيضاض الدم بالخلايا المشعرة وابيضاض الدم بسليفة اللمفاوية، ويؤدي هذا التجمع إلى حدوث فقر الدم.

يكون تجمع الدم في الطحال أقل شدة في ضخامة الطحال الارتشاحية، وتكون الضخامة الطحالية على نحو معاكس مترافقة وزيادة تجمع الدم في ضخامة الطحال الاحتقانية المترافقة وفرط ضغط وريد الباب.

يحتوي الطحال مخزوناً من الخلايا المحببة تكون في حالة توازن ديناميكي مع الخلايا المحببة الجائلة، ويشكل هذا المخزون 30-50% من مجموع احتياطي البدن. ويعتقد أن التوشظ الطحالي للخلايا المحببة مسؤول عن نقص العدلات الذي يحدث في المرضى المصابين بضخامة طحالية غالباً.

كذلك يوجد في الطحال مخزون مهم من الصفيحات، وهي قابلة للتبادل السريع مع الدوران. وعند الأشخاص الطبيعيين يتجمع نحو 20-40% من كتلة الصفيحات الكلية في الطحال حيث تقضي أكثر من ثلث دورتها الحياتية، وتزداد هذه الكمية المتجمعة حين وجود ضخامة طحالية لتصل إلى 90% من مجمل صفيحات الجسم في بعض الحالات.

يتم ضبط حجم البلازما بآليات خلطية عصبية تؤثر في توزع الماء بين الحجرات السائلة خارج الوعائية وداخل الوعائية عبر الجدران الشعرية. ولا يوجد ما يؤكد اشتراك الطحال الطبيعي في هذه الآلية، ولكن الطحال المتضخم يترافق غالباً وازدياد حجم البلازما الذي قد يقود إلى فقر دم تمديدي كاذب.

مواقع تخرب الكريات الحمر:

أوجدت الدراسات المجراة على الكريات الحمر الموسومة بمادة Cr 51 وسائل لتحديد مواقع تخرب الكريات الحمر، والمبدأ هو أن تخرب الكريات الحمر داخل عضو ما يتظاهر بازدياد المقدار الفعال شعاعياً في ذلك العضو بالنسبة إلى الأعضاء الأخرى وفي الدم. وبوساطة هذه الطرائق أصبح من الممكن تحديد الموقع الأساسي لتوشظ الدم وتخربه، وتحديد الفعالية النسبية للطحال وللكبد في عملية انحلال الدم.

تحدد في القراءة أربعة نماذج:

1- التكدس الزائد ضمن الطحال وحده كما في فاقات الدم الانحلالية الوراثية (تكور الكريات الوراثي وداء الكريات الإهليلجي الوراثي) وفاقات الدم الانحلالية المناعية الذاتية.

2- التكدس الزائد ضمن الكبد وحده.

3- لا يوجد أي تكدس في العضوين كما في بيلة خضاب الدم الانتيابية الليلية وحالات الانحلال داخل الأوعية والانحلالات الوراثية غير تكور الكريات.

4- يوجد تكدس زائد في العضوين كما في فاقات الدم الانحلالية المناعية الذاتية.

ترتبط النتائج بالسريريات في المصابين بالانحلالات الدموية؛ مما يفيد في معرفة فائدة عملية استئصال الطحال، ويتوقع حدوث نتائج جيدة بعد الاستئصال على نحو رئيسي في المصابين بالنموذج الأول. ومع أن هذا الاختبار لا يستخدم كثيراً فقد أثبتت التقارير وجود إيجابية تنبؤية لحدوث استجابة جزئية في نحو 90% عند استئصال الطحال، و70% بالنسبة للاستجابة الكلية.

قياس البلعمة الطحالية والوظيفة المناعية:

يلتقط  الكبد الجزيئات الغروانية الموجودة في الدم ذات الحجم الجزيئي 1 ميكرومتر أو أقل، ويلتقط الطحال الجزيئات الأكبر. وهناك علاقة وثيقة بين وظيفة الجهاز الشبكي البطاني الطحالي ومعدل الكريات الحمر المتأذية التي تزال من الدوران.

يبلغ نصف عمر تصفية الكريات الحمر المتأذية في الأشخاص الطبيعيين نحو 8-16 دقيقة. ويزداد الزمن بعد استئصال الطحال إلى 60-120 دقيقة أو أكثر، كما تحدث زيادة مميزة في الحالات المترافقة وقصور وظيفة الطحال، وقد يحدد بطء التصفية قصور الوظيفة الطحالية قبل ظهور أجسام (هاول جولي Howell-Jolly) والتغيرات الشكلية الأخرى في لطاخة الدم.

كما يزود هذا الاختبار بتقدير موثوق للوظيفة الطحالية في النسيج الطحالي المتبقي بعد استئصال الطحال في فرفرية قلة الصفيحات المناعي، أو في فاقات الدم الانحلالية المناعية الذاتية، وقد لوحظت زيادة سرعة زمن التصفية في المصابين بفاقات الدم الانحلالية وفي بعض المصابين بالضخامة الطحالية.

من الممكن قياس الوظيفة البلعمية في مستقبلات القطعة المتبلورة fragment crystatallizable (FC) الطحالية باستخدام الكريات الحمر المغطاة بالغلوبولين المناعي G (anti RHO).

تحديد توشظ الصفيحات:

حين تعطى صفيحات موسومة بـCr51 يُظهر قياس الفعالية المشعة في الكبد والطحال والدم في الأحوال الطبيعية أن ثلث الصفيحات تحتجز حالاً من الدوران بوساطة الطحال، ويتم تحريرها لاحقاً. ويتم قبط جزء صغير من الصفيحات الموسومة بسرعة وعلى نحو غير عكوس بوساطة الكبد، ويعتقد أن هذا ناجم عن تأذيها بعملية الوسم.

تترافق الضخامة الطحالية وزيادة ملحوظة في الجميعة الطحالية من الصفيحات، وبالمقابل يحدث في غياب الطحال وجود نحو 100% من الصفيحات الموسومة في الدم الجائل.

ثالثاً- استئصال الطحال splenectomy:

يعدّ استئصال الطحال الجراحي معالجة قياسية standard لتشخيص عدد من الأمراض المترافقة وفرط نشاط الطحال وتدبيره، وفي الطحال الطبيعي المترافق وإصابة خارج طحالية مثل تكور الكريات الوراثي، حين تكون الكريات غير مطاوعة، ولا تستطيع أن تعبر اللب الأحمر بسهولة، أو في فقر الدم الانحلالي المناعي المكتسب.

قادت مخاطر ما بعد استئصال الطحال التي تتضمن الأخماج عند الكبار والأطفال إلى البحث عن إجراءات بديلة للسيطرة على فرط نشاط عمل الطحال مع المحافظة على جزء من الوظيفة الطحالية. من هذه الإجراءات:

1- الإصمام الشرياني الجزئي.

2- بتر جراحي جزئي في مرضى مختارين يمكن أن تبقى لديهم بعض الوظيفة الطحالية.

3- التشعيع الموضع.

4- الأدوية المثبطة للمناعة والأدوية القاتلة الخلوية.

إن استئصال الطحال  أكثر شيوعاً بوصفه خياراً أول في بعض فاقات الدم الانحلالية الوراثية، وفاقات الدم الانحلالية المناعية الذاتية، ونقص الصفيحات الأساسي.

يجب أن يجرى استئصال الطحال أو التشعيع الطحالي فقط بعد شوط من المعالجة المثبطة للمناعة، وتفيد نتائج دراسة وظيفة الطحال في دعم القرار السريري.

وحين التفكير باستئصال الطحال لأي سبب كان يجب تقييم الوظيفة الكبدية وإجراء التصوير بالأمواج فوق الصوتية أو التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير الومضاني وتقييم الجريان الدموي البابي والكبدي بالأمواج فوق الصوتية.

مضاعفات استئصال الطحال:

1- المضاعفات المباشرة بعد العمل الجراحي: أهمها النزف والخراجات تحت الحجاب. يحدث النزف من السطوح الصفاقية والحجابية أكثر مما يحدث من الأوعية الدموية المعروفة. ولا يوجد غالباً مصدر خاص للدم عند إعادة الفتح الجراحي. تحدث الخراجة تحت الحجاب حين تتأذى الأعضاء المجاورة بالرض أو في أثناء الجراحة، كما قد يحدث الخمج بعد الإصمام.

2- المضاعفات المتأخرة: تتضمن الأخماج الصاعقة بعد العمل الجراحي والميل لحدوث فرط الصفيحات وخطر الحوادث الخثارية.

أ- يرتفع تعداد الصفيحات بعد العمل الجراحي مباشرة، وقد يصل عددها إلى 600 ألف إلى المليون، ويبلغ عددها حده الأعظم في الأيام 7-12. وقد يستمر فرط الصفيحات في بعض المرضى مدة غير محدودة، ومع أن فرط الصفيحات الارتكاسي لا يترافق عادة ومشاكل خثارية  صفيحية؛ فإن تعداد الصفيحات العالي يمكن أن تعزى إليه النوبات الخطرة أو المميتة أحياناً من الانصمام الرئوي التي تحدث بعد استئصال الطحال. كما يحدث الاحتشاء المساريقي التالي لانسداد وريد الباب في المرضى المصابين باضطرابات النقي التكاثرية الذين يتعرضون لاستئصال الطحال. ويجب إعطاء الهيبارين للوقاية بعد الاستئصال، كما يجب إعطاء معالجة مضادة للصفيحات (مثل الأسبرين 75 ملغ يومياً) ما دام تعداد الصفيحات مرتفعاً.

ب- الأخماج الصاعقة التالية للعمل الجراحي: تحدث عند الأطفال والبالغين؛ ولكنها أخطر في الأطفال ولاسيما في السنين الأولى من الحياة؛ لأن استئصال الطحال في هذا العمر يرافقه الأخماج الجرثومية الصاعقة. وتكون المكورات الرئوية هي السبب الأكثر شيوعاً للخمج في حين تكون المستدميات النزلية نمط B، والنيسريا السحائية والأشريكيات القولونية والزوائف أقل شيوعاً، ويحدث الموت بسبب إنتان الدم أو التهاب السحايا.

إن قابلية تعرض الأطفال للأخماج (ولاسيما الصغار منهم) واعتمادهم على الطحال للتعامل مع الأخماج الدموية تفسَّر بعدم نضج جهازهم الشبكي اللمفاوي، لذلك يجب أن يؤجل استئصال الطحال إن أمكن إلى ما بعد السنوات الخمس الأولى من العمر. ويجب أن يُمنَّع المريض ضد المكورات الرئوية والمستدميات النزلية نمط B والمكورات السحائية. كما يستطب إعطاء لقاحات الأنفلونزا للمرضى مستأصلي الطحال أو المصابين بقصوره.

وبعد العمل الجراحي يجب إعطاء الصادات الحيوية للوقاية مدى الحياة وفي جميع الحالات، وإن لم يكن هذا ممكناً؛ فيجب تطبيق الصادات مدة سنتين على الأقل بعد استئصال الطحال لجميع الأطفال الذين يقل عمرهم عن 16 سنة وحين وجود ضعف مستبطن في الوظيفة المناعية.

يستطب إعطاء البنسلين الفموي 250ملغ مرتين في اليوم عادة، ويعطى للمتحسسين منه الإريثرومايسين 250ملغ مرتين في اليوم.

ويجب أن ينبه المرضى المستأصل طحالهم إذا سافروا إلى مناطق مدارية على إمكان إصابتهم بخمج المتصورات  plasmodium، ويجب أن تعطى لهم معالجة وقائية مضادة للملاريا.

يعدّ تثقيف المرضى والآباء حجر الأساس في التدبير لتأكيد وعيهم حول احتمال حدوث الخمج وطريقة التصرف حين حدوثه، كما يجب تزويدهم ببطاقة يحملونها دائماً تشير إلى أن طحالهم مستأصل.

عودة حدوث الأعراض:

قد يُغفل وجود نسيج طحالي إضافي عند العمل الجراحي وبعد استئصال الطحال. هذا النسيج قد يتضخم، ويسبب عودة الأعراض التي أجريت من أجلها العملية الجراحية.

إن المظاهر الدموية لقصور الطحالية مثل أجسام Howell- Jolly وزيادة الترقط قد تغيب، ويستطاع كشف طحال إضافي باستخدام التصوير المقطعي المحوسب والمسح الومضاني radionuclide scanning كما يحدد موضعه لاستئصاله.

قصور الطحال:

يحدث قصور الطحال في عدد واسع من الحالات (يستثنى القصور المحرض طبياً أو جراحياً). يتكرر حدوث قصور الطحال (ضمور) في بعض الاضطرابات مثل فقر الدم المنجلي، واعتلال الأمعاء المعتمد على الغلوتين (الداء الزلاقي) وفي التهاب الجلد حلقي الشكل. كما يحدث القصور الطحالي على نحو أقل تكراراً في داء كرون والتهاب القولون التقرحي وفي فرط الصفيحات الأساسي. ويحدث مصادفة في حالات أخرى نادرة.

وغياب الطحال الولادي حالة نادرة قد يرافقها تبادل موضع الأحشاء وسوء تشكل شديد في القلب والرئتين.

تنقص وظيفة الطحال بعد عمر 65-70 سنة. كما ينقص وزن الطحال سريعاً في الأعمار المتقدمة مع ازدياد الانسداد الوعائي التصلبي والتليف.

يحدث لدى المصابين بقصور الطحال قصور في المناعة تجاه الجراثيم والأخماج بالأوالي، وفرط صفيحات مستمر، ويكون تدبيرهم مماثلاً لتدبير مستأصلي الطحال: (صادات وقائية - لقاحات - مع نصح المرضى باستشارة طبيب حين الإصابة بمرض أو حمى مباشرة). كما تستطب مضادات الصفيحات حين تكون أرقام الصفيحات عالية.

 

 


التصنيف : أمراض الدم
النوع : أمراض الدم
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 240
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1100
الكل : 40571114
اليوم : 100929