logo

logo

logo

logo

logo

لمحة جنينية تشريحية فيزيولوجية للقلب

لمحه جنينيه تشريحيه فيزيولوجيه قلب

heart: embryoism, anatomy, physiology - cœur: embryoïsme, anatomie, physiologie



لمحة جنينية تشريحية وفيزيولوجية للقلب

 

يوسف مخلوف

القلب

 الأوعية الرئيسية

 

 

 

يتشكل الجهاز القلبي الوعائي cardiovascular system من مضخة وشبكة مغلقة من أنابيب تنقل الدم من القلب إلى كل أنحاء الجسم، ثم تعود بهذا الدم إلى القلب. يضخ القلب الدم إلى الشرايين ويدفعه حتى الشبكة الوعائية الشعرية حيث يمكن أن تتم المبادلات الغازية، ثم تحمل الأوعية الدم إلى الرئتين، وهناك تحصل مبادلة بين غاز ثناني أكسيد الكربون وغاز الأكسجين. تحمل الأوعية الدم إلى الأمعاء التي يجري فيها امتصاص الغُذَيَّات nutrients، كما تحمله إلى الغدد الصم، وتتلقى هرمونات هذه الغدد عبر جدرانها. وتنقل الأوعية الدموية فضلات الاستقلاب إلى الكليتين والأمعاء حيث يجري إفراغ هذه الفضلات.

أولاً- القلب:

القلب عضو عضلي مجوَّف يتلقى الدم من الجذوع الوريدية ويضخُّه إلى أرجاء الجسم المختلفة.  يبدأ الدم بالدوران لدى الجنين منذ الأسبوع الثالث بعد الإخصاب، وتبدأ الخلايا العضلية بالتشكل وبالتالي يباشر القلب النبض. يقع القلب في جوف الصدر بين الرئتين. ينقسم جوف القلب إلى أربع حجرات تشمل: أذينين atria أيمن وأيسر، وبطينين ventricles أيمن وأيسر. يعود الوريدان الأجوفان العلوي والسفلي بالدم الوريدي إلى جوف الأُذَيْن* الأيمن، ثم يمر هذا الدم إلى جوف البطين الأيمن الذي يضخه إلى الجذع الرئوي الذي يتفرع إلى شريانين رئويين أيسر وأيمن ينقلان الدم إلى الرئتين اليسرى واليمنى على التوالي. وجدير بالذكر أن الجذع الرئوي هو في الجسم الشريان الوحيد الذي ينقل دماً غير مؤكسج. تعود الأوردة الرئوية  بالدم المؤكسج من الرئتين إلى الأذين الأيسر. يمر الدم بعدئذٍ إلى البطين الأيسر الذي يعمل على ضخ هذا الدم إلى جوف الأبهر كي يتوزع على أنحاء الجسم.

في القلب أربعة صمامات مهمة هي:

1- الصمام الأذيني البطيني الأيسر (الصمام التاجي mitral valve، أو الصمام ثنائي الشرف).

2- الصمام الأذيني البطيني الأيمن (الصمام ثلاثي الشرف tricuspid valve).

3- الصمام الرئوي الذي يقع بين البطين الأيمن والجذع الرئوي.

4- الصمام الأبهري الذي يقع بين البطين الأيسر والأبهر. يتكون كل من الصمامين الرئوي والأبهري من ثلاث شرف هلالية semilunar cuspis.

1- تطور القلب:

يتطور القلب بدءاً من كتلتين من خلايا يتشكل منهما في نحو 18 أو 19 يوماًَ بعد الإخصاب حبلان قلبيان. وفي نحو اليوم 20 يتشكل في الحبلين أنبوبان قلبيان. وفي اليومين 21 و 22 يندمج الأنبوبان أحدهما بالآخر ويشكلان أنبوباً قلبياً شغافياً واحداً يتوضع في المستوى الناصف في منطقة العنق، ويكون محاطاً بالتأمور الذي يثبِّت هذا الأنبوب في نهايتيه. وينتهي الأنبوب القلبي بالتوضع في الصدر نتيجةً لنمو الدماغ والانثناء الرأسي للجنين. وسرعان ما ينمو هذا الأنبوب طولياً ويتخذ عروة لها شكل حرف U أولاً ثم حرف S، وتتميز فيه اتساعات وانخصارات تشكِّل أولاً البصلة القلبية والبطين والأذين الابتدائيين، ثم يتشكل الجذع الشرياني والجيب الوريدي (الشكل 1).

الشكل (1) تشكل العروة القلبية
آ- اليوم 22
ب - اليوم 23
جـ - اليوم 24

تبدأ النهاية الوريدية للقلب بالعمل ناظمة في اليوم 22، إذ تبدأ التقلصات في الجيب الوريدي على شكل موجات شبيهة بموجات التمعُّج، وتبدأ في اليوم 28 بضخ الدم في اتجاه واحد فقط.

يتميز في العروة القلبية (التي لها شكل حرف S) قسمٌ أمامي شرياني (أو بطيني) يلتقي الجذع الشرياني الذي يلتقي الأبهرين الابتدائيين، وقسمٌ خلفي وريدي (أو أذيني) يتلقى الدم العائد من المشيمة والكيس المحي والجنين نفسه. وفي هذه المرحلة يكون القلب ذا جوف واحد.

يبدأ انقسام الفوهة الأذينية البطينية وجوفي الأذين والبطين الابتدائيين في نحو اليوم 25، ويستغرق اكتمال الانقسام 10-20 يوماً.

يتشكل الحاجز بين الأذينين (وهو في الواقع ناجم عن تشكل حاجزين: أولي وثانوي) في نحو اليوم 32، ويقسم الحجرة الأذينية الابتدائية إلى أذينين أيمن وأيسر. يمتد جوف كل من الأذينين الأيمن والأيسر أمام الجوف البطيني فتتشكل الأذينتان القلبيتان اليمنى واليسرى cardiac auricles. ينمو الحاجز  بين الأذينين من الجدار الخلفي العلوي للحجرة الأذينية الابتدائية فيقسم هذه الحجرة إلى أذينين أيمن وأيسر، الأمر الذي يجعل الوريدين الأجوفين العلوي والسفلي ينفتحان على الأذين الأيمن، ويجعل الأوردة الرئوية تنفتح على الأذين الأيسر. يحوي الحاجز بين الأذينين في مركزه فتحة تسمى الثقبة البيضوية تسمح لقسم من دم الجنين بالمرور مباشرة من الأذين الأيمن إلى الأذين الأيسر. تنقسم الحجرة البطينية الابتدائية أيضاً إلى قسمين نتيجة نمو الحاجز بين البطينين، الذي ينمو نحو الأعلى باتجاه الحاجز بين الأذينين، وهكذا تنقسم الحجرة البطينية الابتدائية إلى بطينين أيسر وأيمن؛ غير أن هذا الفصل يكون في هذه المرحلة غير تام. يظهر على السطح الخارجي للقلب ثلم بين البطينين يشير إلى الحد الفاصل بين البطينين الأيسر والأيمن. يستمر الشكل الخارجي للقلب بالتطور بين اليومين 28 و 60. يكتمل الحاجز بين البطينين بعد ظهور حاجز في الجذع الشرياني يقسم الجذعَ إلى قسمين هما الأبهر والجذع الرئوي. يواصل هذا الحاجز- الذي يقسم الجذع الشرياني إلى قسمين- امتدادَه باتجاه الحاجز بين البطينين الموصوف آنفاً ويشكل القسم الغشائي من الحاجز بين البطينين؛ وبذلك يكتمل الفصل بين جوفي البطينين الأيسر والأيمن. ولكن إذا كان الالتحام بين قسمي الحاجز بين البطينين غير تام أمكن حصول شذوذات ولادية.

ينضم الجيب الوريدي في البدء إلى الأذين الأيمن. وهو يتلقى في كل من الجانبين ثلاثة أوردة هي: الوريد الأصلي المشترك الذي يعود بالدم من جسم الجنين، والوريد المحي الذي يعود بالدم من الكيس المحي، والوريد السري الذي يحمل الدم من المشيمة. وفي غضون خمسة أسابيع تتسع فتحة الجيب الوريدي (الكائنة في اليمين) على الأذين اتساعاً كبيراً، وينتهي جدار الجيب الوريدي بالاندماج بجدار الأذين ويصبح جزءاً منه. أما الاستطالة اليسرى  للأذين فتتلقى الوريد الأصلي المشترك الأيسر لتشكيل الجيب الإكليلي القلبي. ويمكن أن يحدث شذوذ تطوري ناجم عن اتساع الجيب الوريدي فيتشكل أذين ثالث يتلقى الأوردة الرئوية.

2- الشكل الخارجي للقلب:

يمكن تشبيه القلب بهرم ثلاثي، له قاعدة وقمة وثلاثة وجوه (الشكلان 2 و3).

الشكل (2) قاعدة القلب ووجهه الحجابي الشكل (3) الوجه الأمامي

 

تتجه قاعدة القلب نحو الخلف؛ وهي تتألف من الأذين الأيسر، وقسم من الأذين الأيمن، والأقسام القريبة للأوعية الكبيرة (الوريدين الأجوفين والأوردة الرئوية). تقع هذه القاعدة أمام المريء وأجسام الفقرات الصدرية من الرابعة حتى الثامنة.

تتجه قمة القلب من قاعدة القلب نحو الأمام والأسفل واليسار، وهي تتألف من القسم الخلفي الوحشي للبطين الأيسر، وتتوضع إلى العمق من الورب الخامس الأيسر، على بعد 8-9 من الخط الناصف الأمامي.

يقع الوجه الأمامي (الوجه القصي الضلعي) خلف القص والغضاريف الضلعية، ويتألف من البطين الأيمن، مع إسهام من الأذين الأيمن والبطين الأيسر.

الوجه الرئوي واسع ومحدب، ويجاور الرئة اليسرى وهو يتألف من البطين الأيسر.

أما الوجه الحجابي فيستقر على المركز الوتري للحجاب، ويتألف من البطينين الأيسر والأيمن مع الثلم الخلفي بين البطينين.

3- توضع القلب:

يتوضع القلب في جوف الصدر بشكل غير متناظر، ويشغل قسماً كبيراً من المنصف الكائن بين الرئتين. ويكون قسمه الأعظم متوضعاً أيسر الخط الناصف حيث لا يبقى منه عملياً في اليمين سوى الأذين الأيمن. يمتد المحور الطويل للقلب مائلاً من الخلف إلى الأمام، ومن اليمين إلى اليسار، ومن الأعلى نحو الأسفل، إذ يشكّل مع محور الجسم زاوية قدرها 40ْ. كما يكون القلب منفتلاً على محوره الطويل حيث يكون القسم الوريدي أكثر توضعاً في الأمام، ويكون القسم الشرياني أكثر توضعاً في الخلف. يكون القسم الأكبر من الوجه الأمامي (الوجه القصي الضلعي) مغطى بالرئتين اللتين تمتد حافتاهما مع الجَنََبَتَيْن الموافقتين أمام القلب وتفصلانه عن جدار الصدر الأمامي، باستثناء منطقة من هذا الوجه الأمامي يربطها التأمور بالقص وبغضروفي الضلعين الخامسة والسادسة اليسريين.

4- مرتسم حواف القلب:

يرتسم محيط القلب على جدار الصدر الأمامي في أربع حواف: علوية ويمنى ويسرى وسفلية.

تمر الحافة العلوية للقلب مرتسمة في مستوى الحافة العلوية للغضروفين الضلعيين الثالثين. وتمر حافة القلب اليمنى أيمن حافة القص اليمنى بنحو 2-3 سم، وذلك بين الضلعين الثالثة والخامسة . تمتد الحافة السفلية عرضياً من غضروف الضلع السادسة اليسرى إلى قمة القلب التي ترتسم في الورب الخامس الأيسر، على بعد 8-9 سم من الخط الناصف الأمامي.

     ترتسم فتحتا البطينين (الفتحة الأبهرية والفتحة الرئوية) في مستوى الغضروف الضلعي الثالث الأيسر؛ إذ تتوضع فتحة الجذع الرئوي في مستوى النهاية القصية لهذه الضلع، وتقع الفتحة الأبهرية خلف القص مع انزياح طفيف إلى اليمين. أما الفتحتان الأذينيتان البطينيتان فهما ترتسمان على خط مستقيم يمر عبر القص ممتداً من الورب الثالث الأيسر إلى الورب الخامس الأيمن.

5- أصوات القلب:

لا يشعر الشخص في الحالة الاعتيادية بصوت نبض قلبه، ولكن إذا طبِّقت الأذن أو السماعة على جدار الصدر، على الورب الخامس أيسر القص على الخط منتصف الترقوة أمكن سماع أصوات القلب.

يمكن تمييز صوتين واضحين يفصل بينهما فاصل قصير. ويوصف هذان الصوتان بالكلمتين لَبْ دَبْ lubb dupp. الصوت الأول لَبْ مسموع جيداً، وهو ناجم عن انغلاق الصمامين الأذينيين البطينيين، وهذا ما يتوافق والانقباض البطيني. أما الصوت الثاني دَبْ فهو أقصر، وينجم عن انغلاق الصمامين الأبهري والرئوي. وثمة صوتان آخران ثالث ورابع يمكن سماعهما؛ غير أنهما خافتان جداً، ونادراً ما يتم تحديدهما لدى الأشخاص الأصحاء. ينجم هذان الصوتان الثالث والرابع عن: انسياب الدم إلى داخل البطينين، وتقلص الأذينين. يمكن تضخيم أصوات القلب وتسجيلها بوضع مضخم صوت إلكتروني على جدار الصدر. يسمى هذا التسجيل مخطط أصوات القلب، وهو يسجل أصوات القلب على شكل موجات. عندما يتم إصغاء أصوات القلب يُسمع صوت الصمام الأذيني البطيني الأيسر (الصمام التاجي) في مستوى قمة القلب، ويُسمع صوت الصمام الأذيني البطيني الأيمن (الصمام ثلاثي الشرف) في نقطة التقاء القص غضروف الضلع الخامسة اليسرى. يمكن سماع صوت الصمام الرئوي في الورب الثاني الأيسر، بجوار حافة القص اليسرى. ويمكن سماع صوت الصمام الأبهري في الورب الثاني الأيمن، بجوار حافة القص اليمنى.

6- التصوير الشعاعي للقلب:

يمكن دراسة القلب بوسائل متعددة للتصوير الطبي، وبوضعيات مختلفة. ويقتصر هنا على الإشارة إلى دراسة ظل القلب على الصورة الشعاعية البسيطة في الوضعية الخلفية الأمامية، والوضعية الجانبية.

ففي الوضعية الخلفية الأمامية يرتسم ظل القلب والأوعية الكبيرة فيما بين الرئتين، وتتضح لظل القلب حافتان يمنى ويسرى يتميز في كل منهما عدد من الأقواس. تتميز في الحافة اليمنى قوس سفلية توافق الأذين الأيمن، وقوس علوية يشكِّلها الوريد الأجوف العلوي. وتتميز في الحافة اليسرى ثلاث أقواس هي من الأعلى إلى الأسفل: القوس الأولى توافق قوس الأبهر، والقوس الثانية توافق الجذع الرئوي، والقوس الثالثة توافق البطين الأيسر.

وفي الوضعية الجانبية يرتسم البطين الأيمن في الأمام، ويرتسم الأذين الأيسر في الخلف.

7-  بنية القلب:

يتألف جدار القلب من ثلاث طبقات هي: طبقة خارجية يشكلها كيس ليفي مصلي يسمى التأمور، وطبقة متوسطة يشكلها نسيج عضلي يؤلف مجموعه عضلة القلب، وطبقة داخلية تبطن أجواف القلب وتسمى الشغاف.

أ- التأمور pericardium: كيس ليفي مصلي يحيط بالقلب، ويتكون من طبقتين: خارجية ليفية، وداخلية مصلية. تشكل الطبقة الخارجية كيساً ليفياً مرناً يسمى التأمور الليفي. أما الطبقة الداخلية فتتكون من غشاء تشكله خلايا بطانية مسطحة، ويطلق على هذه الطبقة اسم التأمور المصلي. يبطِّن التأمور المصلي التأمور الليفي، وينعطف في مستوى جذر الأوعية الكبيرة على محيط القلب ويغلِّف سطوحه الخارجية، الأمر الذي يجعل التأمور المصلي مكوّناً من طبقتين: جدارية تبطن التأمور الليفي، وحشوية تغطي السطح الخارجي للقلب. تحيط طبقتا التأمور المصلي بجوف افتراضي يسمى جوف التأمور، ويحوي طبقة سائل رقيقة ترطِّب السطوح المتحركة للقلب. يضبط التأمور القلب في مكانه، ويحول دون اتساعه بشكل مفرط.

ب- عضلة القلب :myocardium تتكون من نسيج عضلي قلبي متخصص لا يصادف إلا في القلب. وهي ليست خاضعة للسيطرة الإرادية، غير أنها مثل العضلات الهيكلية مخطّطة. يحتوي كل ليف (خلية) عضلي قلبي على نواة، وقد تكون بعض الخلايا متفرعة. تكون نهايات الخلايا وفروعها على تماس وثيق مع نهايات الخلايا الأخرى وفروعها، ويطلق على نقاط الاتصال هذه اسم الأقراص المندخلة. تظهر الأقراص المندخلة في المقاطع المجهرية على شكل خطوط قاتمة، وتحوي وصلات فجوية وجسيمات رابطة. ونظراً لاتصال نهايات الألياف أحدها مع الآخر فلا حاجة إلى أن يكون لكل ليف تعصيب مستقل، إذ تنتقل الدفعة من خلية إلى أخرى عبر الوصلات الفجوية إلى كامل أرجاء العضلة القلبية، الأمر الذي يجعل الألياف تتقلص معاً.

ج - الشغاف: يشكل بطانة العضلة القلبية. وهو يتألف من طبقة ليفية، تبطِّنها خلايا بطانية مسطّحة تتصل ببطانة الأوعية الدموية الداخلة إلى القلب والخارجة منه. يسمح الشغاف بانسياب رفيق للدم داخل جوف القلب.

8- هيكل القلب:

يطلق مصطلح هيكل القلب على النسيج الضام الكثيف المتجمع في أربع حلقات متوضعة بين الأذينين من جانب والبطينين من جانب آخر. تحيط حلقات هيكل القلب الأربع بالفتحتين الأذينيتين البطينيتين والفتحتين الأبهرية والرئوية، ويشكّل مجموعها الحلقة الليفية. تصل بين الحلقات الأربع مناطق من هيكل القلب هي: المثلث الليفي الأيمن الذي هو منطقة متثخنة من نسيج ضام تمتد بين الحلقة الأبهرية والحلقة الأذينية البطينية اليمنى، والمثلث الليفي الأيسر الذي هو منطقة متثخنة من نسيج ضام تمتد بين الحلقة الأبهرية والحلقة الأذينية البطينية اليسرى. يساعد هيكل القلب على الحفاظ على قوام الفتحات التي يحيط بها، ويزوّد الشُرَف بنقاط ارتباط، كما أنه يفصل العضل الأذيني عن العضل البطيني. ينشأ العضل القلبي الأذيني من الحافة العلوية للحلقات، وينشأ العضل القلبي البطيني من الحافة السفلية لهذه الحلقات. يعمل الهيكل القلبي أيضاً فاصلاً من نسيج ضام يقوم بعزل الأذينين كهربائياً عن البطينين. والحزمة الأذينية البطينية التي تمر عبر الحلقة هي الصلة الوحيدة بين مجموعتي عضل القلب.

9- أجواف القلب:

ينقسم باطن القلب إلى أربع حجرات نتيجة وجود الحاجز بين الأذينين، والحاجز بين البطينين، والصمام الأذيني البطيني الأيمن، والصمام الأذيني البطيني الأيسر.

أ- الأذين الأيمن: يتلقى الأذين الأيمن الدم العائد من الجسم عبر الوريدين الأجوفين العلوي والسفلي (الشكلان 4 و 5)، كما يتلقى الدم العائد من القلب عبر الجيب الإكليلي.

الشكل (4) أجواف القلب الشكل (5) اتجاه تيار الدم ضمن القلب

يفصل الحاجز بين الأذينين بين الأذينين الأيمن والأيسر. يشَاهد على هذا الحاجز من ناحية جوف الأذين الأيمن منخفض صغير يسمى الحفرة البيضوية. تفصل الفتحة الأذينية البطينية اليمنى بين الأذين الأيمن والبطين الأيمن (الشكل 5).

ب- البطين الأيمن: ينساب الدم من الأذين الأيمن إلى البطين الأيمن عبر الصمام الأذيني البطيني الأيمن (الصمام ثلاثي الشرف). ترتبط الحواف الحرة لشرف الصمام بحزم من ألياف غرائية تسمى الحبال الوترية. تنشأ هذه الحبال الوترية من العضلات الحليمية التي تمثل بوارز عضلية مخروطية الشكل من السطح الداخلي لجدار البطين. تحد الحبال الوترية من تحرك الشرف (الدسامات) فتحول دون انقلابها نحو جوف الأذين الأيمن، فتمنع بالتالي رجوع الدم من البطين الأيمن إلى الأذين الأيمن (الشكل 5).

 يفصل بين البطينين حاجز ثخين يسمى الحاجز بين البطينين، وتستدق النهاية العلوية للبطين الأيمن مشكّلة المخروط الشرياني الذي ينتهي في الصمام الرئوي. يتألف هذا الصمام  من ثلاث شرف. ينقذف الدم من البطين الأيمن عبر الصمام الرئوي إلى الجذع الرئوي، لتبدأ الدورة الرئوية. يتوزع دم الجذع الرئوي على الشريانين الرئويين الأيسر والأيمن اللذين ينقلان الدم إلى الرئتين حيث تتم المبادلات الغازية.

ج- الأذين الأيسر: يتجمع الدم الغني بالأكسجين، والعائد من الشعيرات الرئوية في أوردة صغيرة تتحد في النهاية مشكّلة أربعة أوردة رئوية، اثنين من كل رئة. تنفرغ هذه الأوردة في الأذين الأيسر. تفصل الفتحة الأذينية البطينية اليسرى بين الأذين الأيسر والبطين الأيسر، وتشكّل ممراً للدم من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر، وثمة استطالة من الأذين الأيسر تسمى الأذينة اليسرى (الشكل 3).

د- البطين الأيسر: يتصف البطين الأيسر بثخانة جداره وذلك بسبب حاجة العضلة القلبية هنا إلى ضغط كافٍ لدفع الدم في أقسام الدورة الجهازية؛ في حين يتصف البطين الأيمن برقة جداره مقارنة مع البطين الأيسر، وذلك لأن الضغط اللازم لدفع الدم في الدورة الرئوية أخفض بكثير من ضغط الدورة الجهازية.

ينساب الدم من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر عبر الصمام الأذيني البطيني الأيسر (الصمام التاجي، أو الصمام ثنائي الشرف). الحافتان الحرتان لشرفتي هذا الصمام مزوّدتان أيضاً بحبال وترية تمتد من عضلات حليمية بشكل شبيه بالحبال الوترية والعضلات الحليمية في البطين الأيمن.

يغادر الدم البطين الأيسر ماراً عبر الصمام الأبهري إلى الأبهر الصاعد. يشبه توضع شرف الصمام الأبهري توضع شرف الصمام الرئوي. وقبالة كل شرفة هناك في بداية الأبهر اتساع كيسي يعرف باسم الجيب الأبهري. وهكذا هناك ثلاثة جيوب أبهرية ينشأ من اثنين منها الشريانان الإكليليان الأيمن والأيسر. يحول الصمام الأبهري دون رجوع الدم من الأبهر إلى البطين الأيسر.

10- أوعية القلب:

يعمل القلب باستمرار، وتحتاج خلايا العضلة القلبية إلى مدد متواصل من الأكسجين والغُذَيَّات. ويصل هذا المدد عن طريق الدوران الإكليلي الذي يزوّد النسيج العضلي القلبي بالدم. ففي أثناء الجهد الأعظمي يرتفع الطلب على الأكسجين ارتفاعاً ملحوظاً، ويمكن لتيار الدم أن يبلغ تسعة أضعاف مستواه في حالة الراحة. يفر هذا الدم شريانان يتفرعان من بداية الأبهر هما الشريانان الإكليليان الأيمن والأيسر. يتلقى الشريانان الإكليليان 5% من الدم الذي يضخه القلب على الرغم من أن القلب أقل من 0.5% من وزن الجسم.

أما الدم الوريدي الذي يعود من نسيج القلب فيصب معظمه مباشرة في أوردة صغيرة تتجمع لتشكل الجيب الإكليلي الذي ينفرغ في الأذين الأيمن. وثمة أوردة صغيرة تنفتح مباشرة على أجواف القلب. كما أن هناك أوعية لمفية تنزح اللمف من عضلة القلب والنسيج الضام تحت الشغافي.

أ- الشريان الإكليلي الأيسر: يغذي الشريان الإكليلي الأيسر البطين الأيسر والأذين الأيسر والحاجز بين البطينين (الشكل6). وهو ينشأ من الجيب الأبهري الأيسر، المتوضع في بداية الأبهر الصاعد، ويمر بين الجذع الرئوي والأذين الأيسر قبل دخوله في الثلم الإكليلي. وعندما يصل الوجهَ الأمامي للقلب ينقسم إلى فرعين هما: الفرع (الشريان) بين البطينين الأمامي، الذي يسير عبر الثلم بين البطينين الأمامي باتجاه قمة القلب، والفرع (الشريان) المنعطف الذي يسير في الثلم الإكليلي وعادةً ما ينتهي قبل بلوغه الثلم بين البطينين الخلفي.

ب- الشريان الإكليلي الأيمن: ينشأ الشريان الإكليلي الأيمن من الجيب الأبهري الأيمن، ويمر بين الأذين الأيمن والجذع الرئوي قبل نزوله في الثلم الإكليلي بين الأذين الأيمن والبطين الأيمن (الشكل6). فروعه الرئيسية هي: الفرع العقدي إلى العقدة الجيبية الأذينية، والفرع الهامشي الأيمن إلى البطين الأيمن، والفرع العقدي إلى العقدة الأذينية البطينية، والفرع بين البطينين الخلفي، الذي يمثل الفرع الانتهائي.

الشكل (6)
أ- منظر أمامي للشريانين الإكليليين، ب - منظر مائل أمامي أيسر للشريان الإكليلي الأيمن، جـ - منظر مائل أمامي أيمن للشريان الإكليلي الأيسر

11- الجهاز الناقل القلبي:

يحوي القلب جهازاً داخلياً قادراً على القيام بتنبيه تلقائي للعضلة القلبية حيث تتقلص العضلة من دون حاجة إلى ألياف عصبية. غير أن من الممكن تنبيه هذا الجهاز الداخلي أو تثبيطه بوساطة دفعات عصبية قادمة من الجملة العصبية المركزية، وعبر مواد كيميائية جائلة في جهاز الدوران، بما فيها الهرمونات.

هناك في العضلة القلبية مجموعات صغيرة من خلايا عضلية متخصصة تُطلق الدفعات وتنقلها محدثةً تقلصاً منسَّقاً ومنتظماً في عضلة القلب.

يشمل هذا الجهاز الناقل العقدة الجيبية الأذينية، والعقدة الأذينية البطينية، والحزمة الأذينية البطينية، مع فرعيها. ينطلق التنبيه من العقدة الجيبية الأذينية، وينتشر نحو المناطق الأخرى (الشكل 7).

الشكل (7) الجهاز الناقل القلبي

أ- العقدة الجيبية الأذينية: تكوّنها كتلة صغيرة من خلايا عضلية متخصصة واقعة في جدار الأذين الأيمن قرب فتحة الوريد الأجوف العلوي. هذه العقدة هي ناظمة القلب؛ لأنها تطلق في الحالة الطبيعية دفعات أكثر تواتراً من دفعات بقية مكوّنات الجهاز الناقل القلبي.

ب- العقدة الأذينية البطينية: تكوّنها كتلة صغيرة من خلايا عضلية متخصصة واقعة في جدار الحاجز بين الأذينين، قرب الصمامين الأذينيين البطينيين. تنبه هذه العقدةَ في الحالة الطبيعية دفعاتٌ تسير عبر جدار الأذين الأيمن. غير أن العقدة الأذينية البطينية قادرة أيضاً على توليد دفعات تسبب تقلصاً لكن بنظم أبطأ من نظم العقدة الجيبية الأذينية.

ج- الحزمة الأذينية البطينية: يطلق على هذه الحزمة أيضاً اسم حزمة هيس bundle of His، وهي تتألف من كتلة ألياف متخصصة تنشأ من العقدة الأذينية البطينية. تخترق هذه الحزمة الحلقة الليفية التي تفصل الأذينين عن البطينين، وعندما تصل الحافة العلوية للحاجز بين البطينين تنشطر إلى فرعين أيمن وأيسر. وأما ضمن العضلة القلبية فإن كلاً من الفرعين يتبعثر مشكلاً أليافاً رفيعة تسمى ألياف بوركنجي Purkinje fibers (الألياف العضلية القلبية الناقلة).

تقوم هذه الحزمة وفرعاها وألياف بوركنجي بنقل الدفعات الكهربائية من العقدة الأذينية إلى ذروة العضلة القلبية حيث تبدأ موجة التقلص البطيني، وتنتشر في جدران البطينين، الأمر الذي يضمن ضخ الدم إلى الجذع الرئوي والأبهر.

12- تعصيب القلب:

يتمتع القلب بنظم تلقائي ناجم عن التنبيهات الداخلية المتولدة ضمن الجهاز القلبي الناقل. غير أن القلب يخضع لتأثير الجملة العصبية الذاتية (المستقلة) عن طريق العصبين المبهمين والجذعين الوديين، كما أنه يتلقى أليافاً حسية تصله بالأعصاب الودية، وهذه الألياف هي المسؤولة عن حس الألم المعروف في خناق الصدر. تشكل الفروع القلبية القادمة من العصبين المبهمين والجذعين الوديين ضفيرة قلبية تتوضع تحت قوس الأبهر.

الألياف الواردة إلى القلب عبر العصبين المبهمين ألياف نظيرة ودية تنشأ من النخاع المتطاول (البصلة) وتنتهي في العقدة الجيبية الأذينية والعقدة الأذينية البطينية وعضل الأذينين. يؤدي التنبيه نظير الودي إلى إبطاء نظم القلب وقوة انقباضه.

أما الألياف الودية فهي تنتهي في العقدة الجيبية الأذينية والعقدة الأذينية البطينية وعضل الأذينين والبطينين. يؤدي التنبيه الودي إلى زيادة سرعة القلب وقوة انقباضه. ويجدر بالذكر أن القلب عرضة للتأثر ببعض المواد الكيميائية الجوالة في الدم، ومنها الإبينيفرين والنورإبينيفرين اللذان يفرزهما لب الكظر، ويمارسان تأثيراً مثيلاً للتنبيه الودي. كما أن هرمونات أخرى - بما فيها التيروكسين- تزيد سرعة القلب بفعل تأثيراتها الاستقلابية. ويمكن أيضاً لبعض الأدوية والغازات المنحلة والكهرليات في الدم إما أن تزيد سرعة القلب وإما أن تنقصها.

تؤثر في سرعة القلب عوامل أخرى كثيرة، مثل الوضعة والجهد والحالات العاطفية والجنس والعمر وحرارة المحيط.

13- التصريف اللمفي للقلب:

تنزح لمفَ القلب أوعية لمفية تعود مسايرة فروع الشرايين الإكليلية. تذهب هذه الأوعية اللمفية إلى عقد لمفية متوضعة في المنصف.

14- الدورة القلبية:

وظيفة القلب هي الحفاظ على دوران دموي كافٍ عبر أرجاء الجسم. يعمل القلب مضخة، ويتألف عمله من سلسلة حدثيات تشكّل الدورة القلبية. ففي كل نبضة أو دورة قلبية يتقلص القلب ويسترخي. تسمى فترة التقلص انقباضاً systole وتسمى فترة الاسترخاء انبساطاً diastole.

مراحل الدورة القلبية: يراوح العدد الطبيعي لضربات القلب في الدقيقة الواحدة بين 60 - 100، فإذا أُخذ العدد 74 مثالاً فإن كل دورة قلبية تدوم نحو 0.8 ثانية وتتألف من الحدثيات الثلاث الآتية: الانقباض الأذيني، والانقباض البطيني، والانبساط القلبي التام.

يمكن للوصف أن يبدأ في أي مرحلة من مراحل الدورة القلبية. وقد اختيرت هنا اللحظة التي يكون فيها الأذينان في حالة امتلاء.

ينقل الوريدان الأجوفان العلوي والسفلي الدم غير المؤكسج إلى الأذين الأيمن في الوقت ذاته الذي تنقل فيه الأوردة الرئوية الأربعة الدم المؤكسج إلى الأذين الأيسر. يكون الصمامان الأذينيان البطينيان مفتوحين، وينساب الدم عبرهما إلى جوف البطينين. تُطْلق العقدة الجيبية الأذينية موجة التقلص في عضل القلب في كلا الأذينين، فينفرغ الأذينان ويكتمل امتلاء البطينين (الانقباض الأذيني 0.1 ثانية)، وعندما تصل موجة التقلص العقدة الأذينية البطينية تتحرض هذه العقدة فترسل دفعة سرعان ما تنتشر إلى العضل البطيني عبر الحزمة الأذينية البطينية (حزمة هيس) وفرعي هذه الحزمة وألياف بوركنجي. ينجم عن ذلك موجة تقلص تلتف من ذروة القلب باتجاه الأعلى وتعبر جدران كلا البطينين، فيتم ضخ الدم ضمن الشريان الرئوي والأبهر (الانقباض البطيني 0.3 ثانية). يكون الضغط العالي المتولد في أثناء تقلص البطينين الأيسر والأيمن أعلى منه في الأبهر والشريان الرئوي على التوالي، وهو يدفع بالصمامين الأذينيين البطينيين إلى الانغلاق، الأمر الذي يحول دون رجوع الدم إلى جوف الأذينين.

وبعد انقباض البطينين يحصل انبساط قلبي تام يدوم 0.4 ثانية ويشير إلى استرخاء الأذينين والبطينين. وفي أثناء زمن الانبساط يسترجع القلب قواه ليصبح قادراً على التقلص من جديد، ويمتلئ الأذينان استعداداً للدورة القلبية التالية.

تنفتح صمامات القلب والأوعية الكبيرة وتنغلق تبعاً للضغط ضمن حجرات جوف القلب. يكون الصمامان الأذينيان البطينيان مفتوحين، ويكون العضل البطيني مسترخياً في أثناء امتلاء الأذينين وانقباضهما. عندما ينقبض البطينان تحصل زيادة تدريجية في الضغط ضمن هاتين الحجرتين؛ وعندما يفوق هذا الضغط ضغط الأذينين ينغلق الصمامان الأذينيان البطينيان. وعندما يتخطى الضغط في البطينين الضغطَ في الشريان الرئوي وفي الأبهر ينفتح الصمامان الرئوي والأبهري، وتبدأ الدورة من جديد.

15- الخواص الكهربائية للخلايا العضلية القلبية:

عندما ينتشر كامن الفعل action potential عبر العضلة القلبية تُحدث كل خلية عضلية قلبية كامنَ فعل خاصاً بها وتنقله. يبلغ كامن الراحة في غشاء كل خلية عضلية قلبية -90 ميلي فولطاً (أي 90 ميلي فولطاً سالباً داخل الخلية بالقياس إلى خارجها). يشبه كامن فعل العضلة القلبية كامنَ فعل العصب والعضلة الهيكلية، ولكنه يدوم زمناً أطول. يُحدث التنبيه كامنَ فعلٍ ينتشر في كل الاتجاهات ويطلق التقلص.

يمكن تقسيم كامن فعل العضلة القلبية إلى خمس مراحل: زوال الاستقطاب، وعودة الاستقطاب المبكرة، والهضبة، وعودة الاستقطاب، وكامن الراحة.

16- التغيرات الكهربائية في القلب:

نظراً لكون سوائل الجسم وأنسجته نواقل جيدة للكهرباء فإن من الممكن التقاط الفعالية الكهربائية للقلب عن طريق مسارٍ توضع على سطح الجسم. يمكن تسجيل الفعالية الكهربائية باستخدام منظار الذبذبة، أو على شكل شريط ورقي متحرك. ويسمى المخطط الحاصل مخطط كهربائية القلب  (ECG) electrocardiogram.

الشكل (8) أصوات القلب وعلاقتها بانغلاق الصمامات ومخطط كهربائية القلب ECG

يُظهر رسم مخطط كهربائية القلب خمس موجات اصطلح على تسميتها الموجات: P وQ و R و S وT (الشكل 8).

تنشأ الموجة P عن انتشار الدفعة من العقدة الجيبية الأذينية عبر الأذينين، وهي تمثل نزع استقطاب الأذينين.

تعقب الموجة P  مباشرة قطعةٌ أفقية قصيرة تسمى القطعة PR، وتمثل مرور الموجة بين الأذينين والبطينين.

أما المركب QRS فهو يمثل الانتشار السريع للدفعة من العقدة الأذينية البطينية عبر الحزمة الأذينية البطينية وألياف بوركنجي وألياف عضل البطينين، أي زوال استقطاب البطينين.

وأما القطعة ST والموجة T فهما تمثلان استرخاء العضل البطيني، أي عودة استقطاب البطينين.

يتولد مخطط كهربائية القلب الموصوف آنفاً من العقدة الجيبية الأذينية ويطلق عليه اسم مصطلح النظم الجيبي. يبلغ النظم الجيبي ما بين 60-100 نبضة في الدقيقة. يطلق على النظم القلبي الأسرع اسم تسرع القلب، ويطلق على النظم القلبي الأبطأ اسم بطء القلب، ويطلق على الانحراف عن النظم الطبيعي اسم اللانظمية.

وجدير بالذكر أن الطريق الأكثر استخداماً في السريريات لتسجيل مخطط كهربائية القلب هو الاتجاهات الأحادية القطب unipolar leads التي تسجل فرق الكمون بين المسرى الفاحص والمسرى الحيادي في ستة اتجاهات صدرية (أمام القلب) وثلاث نقاط طرفية (العضدين والقدم اليسرى). وبفحص أشكال الموجات والزمن الفاصل بين الدورات وأجزاء الدورات يتم الحصول على معلومات حول عضل القلب والجهاز الناقل القلبي.

ثانياً- الأوعية الرئيسية:

يضخ القلب الدم في دورتين دمويتين: الدورة الجهازية والدورة الرئوية. ففي الدورة الجهازية يُضَخ الدم إلى الأبهر، ومنه إلى أنحاء الجسم. وفي الدورة الرئوية يُضَخ الدم إلى الجذع الشرياني الرئوي، ومنه إلى الرئتين.

1- الشرايين الرئيسية:

أ- الأبهر:

يتكون الأبهر من قسمين: قسم واقع في الصدر يسمى الأبهر الصدري، وقسم واقع في البطن يسمى الأبهر البطني. للأبهر الصدري ثلاثة أقسام تقع في المنصف، وهي الأبهر الصاعد وقوس الأبهر والأبهر النازل. يبدأ الأبهر الصاعد من الصمام الأبهري ويتصل بقوس الأبهر.

تسير قوس الأبهر من فوق القصبة اليسرى، وتتجه نحو الخلف، وذلك في مستوى الفقرة الصدرية الرابعة، ثم تنعطف إلى الأسفل؛ وهنا يبدأ الأبهر الصدري النازل الذي يسير على الجانب الأيسر لأجسام الفقرات الصدرية، ثم يخترق الحجابَ الحاجز فيصل البطنَ ويتمادى بالأبهر البطني. ينتهي الأبهر البطني في مستوى الفقرة القطنية الرابعة، حيث ينقسم إلى شريانين هما الشريانان الحرقفيان المشتركان (الأصليان).

فروع الأبهر:

1) فروع الأبهر الصاعد: يمثلها الشريانان الإكليليان الأيمن والأيسر اللذان ينشأان من بداية الأبهر، وهما يغذيان العضلة القلبية.

2) فروع قوس الأبهر: تشمل الشرايين التي تغذي الرأس والعنق والطرفين العلويين. هذه الشرايين هي (الشكل9):

- الجذع العضدي الرأسي الذي يسير مسافة قصيرة في منصف الصدر، ثم ينقسم في مستوى فتحة الصدر العلوية إلى شريانين هما الشريان السباتي المشترك (الأصلي) الأيمن والشريان تحت الترقوة الأيمن.

- الشريان السباتي المشترك الأيسر الذي ينشأ مستقلاً عن الشريان تحت الترقوة الأيسر في منصف الصدر، قبل أن يخرج من الصدر عبر فتحة الصدر العلوية.

- الشريان تحت الترقوة الأيسر يسير أيضاً في جوف الصدر ويخرج منه عبر فتحة الصدر العلوية، وهو يغذي الطرف العلوي الأيسر. يتمادى الشريان تحت الترقوة في كل من الجانبين بالشريان الإبطي الذي يتمادى في العضد بالشريان العضدي الذي ينقسم في المرفق إلى شريانين: كعبري وزندي.

3) فروع الأبهر الصدري النازل: يعطي الأبهر النازل فروعاً شدفية جدارية هي الشرايين الوربية (الشرايين بين الأضلاع) التي تغذي جدار الصدر، وفروعاً إلى القصبات والمريء.

4) فروع الأبهر البطني: يسير الأبهر البطني أمام أجسام الفقرات القطنية، وأيسر الوريد الأجوف السفلي. يعطي هذا القسم من الأبهر فروعاً شدفية جدارية تسمى الشرايين القطنية، وفروعاً حشوية إلى أحشاء البطن. وهو ينتهي منقسماً إلى فرعين انتهائيين هما الشريانان الحرقفيان المشتركان (الشكل 9).

الشكل (9) الأبهر والشرايين الرئيسية للأطراف

تشمل الفروع الحشوية:

- الشريانين الكلويين الأيمن والأيسر.

- الشريانين الكظريين المتوسطين الأيمن والأيسر.

- الشريانين المنسليين، الخصويين أو المبيضيين: شريان في كل من الجانبين.

- الجذع (الشريان) البطني: شريان قصير وكبير يبلغ طوله 1.25سم. وهو يتفرع من الأبهر مباشرة تحت الحجاب وينقسم إلى ثلاثة فروع هي: الشريان المعدي الأيسر الذي يغذي المعدة، والشريان الطحالي الذي يغذي الطحال والمعثكلة، والشريان الكبدي الذي يغذي الكبد والمرارة وأقساماً من المعدة والعفج والمعثكلة.

- الشريان المساريقي العلوي: يغذي الأمعاء الدقيقة وقسماً من الأمعاء الغليظة (الشكل 10).

الشكل (10) الشريانان المساريقيان العلوي والسفلي وفروعهما

- الشريان المساريقي السفلي: يغذي القسم البعيد من الأمعاء الغليظة والمستقيم.

ينقسم الشريان الحرقفي المشترك (الأصلي) إلى شريان حرقفي داخلي  (باطن) يغذي أحشاء الحوض، وشريانٍ حرقفي خارجي (ظاهر) يتمادى بالشريان الفخذي الذي يغذي الطرف السفلي. ينشأ من الوجه الخلفي لنهاية الأبهر شريان مفرد يدخل الحوض ويسمى الشريان العجزي الناصف.

ب- الجذع الشرياني الرئوي:

وهو شريان ينشأ من البطين الأيمن وينقسم إلى شريانين هما الشريان الرئوي الأيسر والشريان الرئوي الأيمن. يحمل هذا الجذع الدم الوريدي إلى الرئتين لتتم أكسجته.

شرايين الرأس والعنق:

تشتق شرايين الرأس والعنق على نحو أساسي من الشرايين السباتية، كما يشتق جزء منها من فروع الشريان تحت الترقوة. ينشأ الشريان السباتي المشترك (الأصلي) الأيمن من الجذع العضدي الرأسي الذي هو أول فرع من فروع قوس الأبهر، وينشأ الشريان السباتي المشترك الأيسر من قوس الأبهر مباشرة فيكون القسم الأول من مساره ضمن جوف الصدر. لكل شريان سباتي مشترك مسار ضمن العنق، وينقسم كل منهما في العنق إزاء الحافة العلوية للغضروف الدرقي إلى شريان سباتي داخلي (باطن) يدخل جوف القحف ليغذي الدماغ، وشريان سباتي خارجي (ظاهر) يغذي الوجه والرأس والعنق.

2- الأوردة الرئيسية:

تعود الأوردة بالدم من أنحاء الجسم باتجاه القلب. ينتهي في القلب وريدان رئيسيان هما الوريد الأجوف العلوي والوريد الأجوف السفلي (الشكل 11).

أ- الوريد الأجوف العلوي: يعود الوريد الأجوف العلوي بالدم من الرأس والعنق والطرفين العلويين، وهو يتكون من اجتماع وريدين أيمن وأيسر هما الوريدان العضديان الرأسيان. يتشكل كل وريد عضدي رأسي من اجتماع الوريد الوداجي الداخلي (الباطن) والوريد تحت الترقوة. يتلقى الوريد تحت الترقوة وريداً يسمى الوريد الوداجي الخارجي (الظاهر) الذي يعود بالدم من الأقسام السطحية للرأس والعنق.

يتكون الوريدان العضديان الرأسيان في مستوى الفتحة الصدرية العلوية، ثم يتحدان ويشكلان الوريد الأجوف العلوي الذي يسير في المنصف أيمن الأبهر ويتلقى قوس الوريد الفرد، ثم يصب في الأذين الأيمن.

ب- الوريد الأجوف السفلي: يعود الوريد الأجوف السفلي بالدم من الطرفين السفليين ومن جدار الظهر ومن جدران البطن والحوض ومحتواهما. وهو يتشكل في مستوى تشعّب الأبهر وإلى اليمين منه، وذلك باجتماع الوريدين الحرقفيين المشتركين (الأصليين). يصعد أيمنَ الأبهر ثم يخترق الحجاب ويصب في الأذين الأيمن. روافد الوريد الأجوف السفلي هي: الوريدان الكلويان والوريدان الكظريان والأوردة الكبدية. يتشكل الوريد الحرقفي المشترك (الأصلي) من اجتماع الوريدين الحرقفيين الخارجي والداخلي (الظاهر والباطن). يعود الوريد الحرقفي الخارجي بالدم من الطرف السفلي، ويعود الوريد الحرقفي الداخلي بالدم من الحوض.

ج- أوردة الطرف العلوي: تنقسم أوردة الطرف العلوي إلى مجموعتين سطحية وعميقة. تتبع الأوردة العميقة مسار الشرايين، ولها الأسماء ذاتها: الأوردة السنعية الراحية، والقوس الوريدية الراحية العميقة، والوريد الزندي، والوريد الكعبري، والوريد العضدي، والوريد الإبطي، والوريد تحت الترقوة (الشكل11).

تبدأ الأوردة السطحية في اليد، وهي تتألف من الأوردة التالية: الوريد الرأسي، والوريد القاعدي، والوريد الناصف الساعدي، والوريد الناصف المرفقي.

يبدأ الوريد الرأسي في ظهر اليد حيث يتلقى الدم من شبكة أوردة سطحية يمكن رؤية عدد كبير منها. ثم يلتف هذا الوريد حول الجانب الكعبري من الوجه الأمامي للساعد. وعند بلوغه مستوى المرفق يعطي فرعاً كبيراً هو الوريد الناصف المرفقي الذي يتجه نحو الإنسي والأعلى لينضم إلى الوريد القاعدي. وفوق المرفق يتابع الوريد الرأسي مساره في الجانب الوحشي من العضد، ثم أمام مفصل الكتف لينتهي في الوريد الإبطي. يتلقى الوريد الرأسي على طول امتداده دماً من الأنسجة السطحية في الجانب الوحشي لليد والساعد والعضد.

يبدأ الوريد القاعدي من ظهر اليد في جانبها الزندي. وهو يسير صاعداً في الجانب الإنسي للساعد فالعضد، قبل أن ينضم إلى الوريد العضدي لأجل تشكيل الوريد الإبطي.

الوريد الناصف الساعدي وريد صغير متغير، يبدأ من الوجه الراحي لليد ويسير في الساعد وينتهي قرب المرفق في أحد الوريدين الرأسي أو القاعدي.

د- أوردة الرأس والعنق: يعود الدم الوريدي من الرأس والعنق في أوردة سطحية وأوردة عميقة. تعود الأوردة السطحية بالدم الوريدي من البنى السطحية في الوجه وفروة الرأس، وهي تتجمع لتشكل الوريد الوداجي الخارجي (الظاهر).

يبدأ الوريد الوداجي الخارجي (الظاهر) في العنق، إزاء زاوية الفكي السفلي. وهو ينزل نحو الأسفل على سطح العضلة القترائية، وينتهي ماراً خلف الترقوة ورافداً الوريد تحت الترقوة.

ينزح الدم الوريدي من الدماغ إلى قنوات تسمى الجيوب الوريدية للأم الجافية. تتشكل جدران الجيوب الوريدية السحائية من الأم الجافية.

ينتهي دم الجيوب الوريدية للأم الجافية بالانفراغ في الجيبين السينيين الأيمن والأيسر. يتواصل كل من الجيبين السينيين والوريد الوداجي الداخلي (الباطن) الذي يتلقى الدم الخارج من جوف القحف، وينزل في العنق متوضعاً إلى العمق من العضلة القترائية، ويجتمع خلف الترقوة بالوريد تحت الترقوة لأجل تشكيل الوريد العضدي الرأسي (الشكل 11).

الشكل (11) الوريدان الأجوفان والأوردة الرئيسية للأطراف. الأوردة العميقة بالأزرق الغامق والأوردة السطحية بالأزرق الفاتح

جـ ـــ أوردة جوف الصدر:

يتم معظم العود الوريدي من أعضاء جوف الصدر إلى الوريد الفرد والوريد نصف الفرد. ومن بين الأوردة الرئيسية التي ترفد الوريدين السابقين الأوردة القصبية والأوردة المريئية والأوردة الوربية. يرفد الوريدُ الفرد الوريدَ الأجوف العلوي، أما الوريد نصف الفرد (العلوي كما السفلي) فهو يرفد الوريدَ الفرد. وفي النهاية السفلية للمريء ترفد بعض الأوردة المريئية الوريد الفرد ويرفد بعضها الوريد المعدي الأيسر، وهنا يوجد تفاغر بين الدورانين العام والبابي.

و ـــ أوردة الطرف السفلي: توجد في الطرف السفلي أوردة سطحية وأوردة عميقة (الشكل 11).

يتجه جريان الدم من الأوردة السطحية إلى الأوردة العميقة عبر الأوردة المُوَصِّلة. ويوجد عدد كبير من الصمامات التي تحول دون جريان الدم الوريدي في الاتجاه المعاكس.

ز ــــ الأوردة العميقة:

 ترافق الأوردة العميقة الشرايين وفروعها، وتتخذ الأسماء ذاتها، وهي: الأوردة الإصبعية، والقوس الوريدية الأخمصية، والوريد الظنبوبي الخلفي، والوريد الظنبوبي الأمامي, والوريد المأبضي، والوريد الفخذي. يتواصل الوريد الفخذي بالوريد الحرقفي الخارجي (الظاهر) في مستوى الرباط الأربي.

الوريدان السطحيان الرئيسيان في الطرف السفلي هما الوريدان الصافنان الكبير والصغير.

يبدأ الوريد الصافن الصغير خلف مفصل الكاحل حيث تتجمع أوردة صغيرة كثيرة تنزح دم ظهر القدم. يسير هذا الوريد في موقع سطحي في الوجه الخلفي للساق والحفرة المأبضية حيث يرفد الوريد المأبضي الذي هو وريد عميق.

أما الوريد الصافن الكبير فهو أطول وريد في الجسم، وهو يبدأ في الجانب الإنسي من ظهر القدم، ويسير باتجاه الأعلى في الجانب الإنسي من الساق والفخذ. يصب هذا الوريد في الوريد الفخذي مباشرة تحت الرباط الأربي.

أوردة الأعضاء البطنية:

ترفد أوردة الأعضاء البطنية الوريد الأجوف السفلي فتصب فيه مباشرة، أو بعد أن يخضع دمها للتصفية في الكبد (الشكل 12). الأوردة التي تصب مباشرة في الوريد الأجوف السفلي هي الوريدان الخصويان (أو المبيضيان) والوريدان الكلويان والوريدان الكظريان. أما دم الأعضاء الأخرى في جوف البطن فهو يذهب إلى الكبد عبر وريد الباب ، وذلك قبل أن يصل الوريدَ الأجوف السفلي؛ ويطلق على هذا النمط من الدوران اسم الدوران البابي. يتألف وريد الباب من اجتماع الأوردة الآتية التي توافق شرايين مماثلة: الوريد الطحالي، والوريد المساريقي السفلي، والوريد المساريقي العلوي، والأوردة المعدية، والوريد المراري.

الشكل (12) التصريف الوريدي لأعضاء البطن، وتشكل وريد الباب

يصرِّف الوريد الطحالي الدم من الطحال والمعثكلة وقسم من المعدة. ويعود الوريد المساريقي السفلي بالدم من أعضاء الحوض والمستقيم والقولون النازل لينضم إلى الوريد الطحالي لتشكيل وريد الباب. ترفد الأوردة المعدية وريد الباب. يرفد الوريدُ المراري وريدَ الباب الذي يدخل الكبد ويتوزع على نسيجه.

بعد تصفية الدم ضمن نسيج الكبد يغادر هذا الدم الكبد عبر الأوردة الكبدية، التي هي أوردة قصيرة تغادر الوجه الخلفي للكبد وتنفتح حالاً على الوريد الأجوف السفلي.

حاشية 

> يمكن أن يطلق على المصطلح atrium اسم «الأُذَيْن»، وأن يطلق على المصطلح auricle الذي يمثل استطالة من الأذين، اسم الأُذَيْنَة، وقد يكون هذا الاستخدام معكوساً.

 

 

 

 


التصنيف : قلبية
النوع : قلبية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 9
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1091
الكل : 40584868
اليوم : 114683