logo

logo

logo

logo

logo

مرحلة سن الإياس

مرحله سن اياس

climacteric age period - période d’âge ménopausique



أمراض المبيض - مرحلة سن الإياس

محمد حسن حتاحت

مرحلة ما قبل الإياس

الانتقال إلى الإياس

 

الإياس هو انقطاع الطمث الدائم لتوقف الجريبات المبيضية عن العمل. يشخص الإياس على نحو راجع بمرور 12 شهراً على انقطاع الدورة. ويختلف متوسط عمر النساء في بلوغ سن الإياس باختلاف البيئات وهو في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً 51 عاماً.

أما مرحلة ما قبل الإياس فتشير إلى الفترة الزمنية التي تسبق الإياس عندما تتلاشى القدرة على الإنجاب ويزيد عدم انتظام الدورة الشهرية، وتمتد حتى السنة الأولى بعد توقف الطمث. إن بداية ما قبل الإياس تسبق آخر طمث بسنتين إلى ثماني سنوات، ومدتها المتوسطة 4 سنوات. ويقصر التدخين مدة الانتقال إلى الإياس بمقدار سنتين.

ومع أن فترة ما قبل الإياس وفترة ما بعد الإياس تشتركان في العديد من الأعراض، ولكن الفيزيولوجيا والتدبير السريري مختلف في كل منهما. فقد أصبحت مانعات الحمل منخفضة الجرعة العلاج الرئيس لفترة ما قبل الإياس، في حين يعد العلاج الهرموني التعويضي الطريقة الشائعة لتخفيف الأعراض المصاحبة لما بعد انقطاع الطمث.

مرحلة ما قبل الإياس:

الفيزيولوجيا:

الشكل (1)

تنخفض كتلة المبيض ويتراجع الإخصاب بحدة بعد سن 35 عاماً، ويحدث هذا الأمر بسرعة أكبر في مرحلة ما قبل الإياس؛ ويتناقص عدد الجريبات الأولية باستمرار منذ الولادة، ويستمر حتى الإياس. تنقص في مرحلة ما قبل الإياس المدة الفاصلة بين الطموث (بمعدل 3 أيام)، بسبب قصر المرحلة الجريبية. يرتفع تركيز الهرمون المنبه للجريبات FSH بسبب تراجع إنتاج الجريبات وانخفاض إفراز هرمون الإنهيبين inhibin. وفي حين يستمر ارتفاع تركيز FSH وانخفاض تركيز الإستراديول في مرحلة الإياس؛ فإن مرحلة ما قبل الإياس تتميز بعدم انتظام هذه التغيرات في تراكيز الهرمونات المذكورة وتأرجح قيمها.

وقد ينجم عن هيمنة الدورات اللا إباضية زيادة تركيز الإستروجين وانخفاض تركيز البروجيسترون، وتفسر هذه الحالة زيادة حدوث فرط تنسج بطانة الرحم hyperplasia وسرطاناتها، عدا تشكل السليلات الرحمية polyps والأورام العضلية الملس الرحمية fibroma الحميدة في سن ما حول الإياس.

بالانتقال مما قبل الإياس إلى الإياس تنخفض تراكيز الإستراديول بشدة، في حين تبقى تراكيز الإسترون طبيعية نسبياً، ويعكس هذا تأثير إنزيم الآروماتاز aromatase في الأنسجة المحيطية التي تحول الهرمونات الذكرية الكظرية والمبيضية إلى إسترون. ويرتفع تركيز FSH أكثر من تركيز LH نسبياً بسبب غياب إفراز هرمون الإنهيبين؛ إضافة إلى زوال التلقيم الراجع الإستروجيني.

الفحوص المخبرية المشخصة:

يعد قياس FSH والإستراديول مشعراً تشخيصياً ناقصاً وغير دقيق في النساء اللواتي يحضن في مرحلة ما حول الإياس؛ بسبب الاختلافات الكبيرة في تركيز هذين الهرمونين، وعلى كل حال ينفي وجود تركيز FSH طبيعي أو منخفض في المرحلة الجريبية الباكرة من الدورة الشهرية تشخيص ما قبل الإياس. يساعد قياس FSH كذلك على تقدير القابلية للإنجاب؛ فالتراكيز 20 ميلي وحدة دولية/مل تشير إلى قابلية جيدة للإنجاب، والتراكيز بين 20 و30 ميلي وحدة دولية/مل تشير إلى قابلية متوسطة، أما التراكيز فوق 30 فتشير إلى قابلية ضئيلة وذلك باعتماد قياس FSH في اليوم الثالث من الدورة.

الأعراض:

من الصعب ربط الأعراض التي تظهر في منتصف الحياة بهرم المبيضين أو بالتغيرات المشاهدة على الجسم بتقدم العمر، ولكن هناك أدلة قوية على أن الانتقال إلى الإياس يسبب الهبات الساخنة والتعرق الليلي وعدم انتظام الطمث وجفاف المهبل، وأدلة أقل قوة على أنه يسبب اضطرابات نوم لدى بعض النساء. ولا يوجد دليل كافٍ أو ثابت على أن تقدم المبيضين في السن يسبب تذبذب المزاج والاكتئاب واضطراب التركيز والذاكرة وأعراضاً جسدية من منشأ نفسي، إضافة إلى عدم التحكم بالبول أو اضطراب الوظائف الجنسية.

في إحدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة ذكرت 60% من النساء وجود هبات ساخنة خلال السنتين اللتين سبقتا آخر طمث لديهن، وعلى كل فإن اختلاف الأعراض وشدتها ومدتها وتواترها وتأثيرها في نوعية الحياة واضح من امرأة إلى أخرى.

العلاج:

العلاج الأساسي للنساء اللواتي يعانين نزفاً طمثياً غزيراً أو غير منتظم، أو لديهن أعراض عوز هرموني تؤثر في نوعية الحياة؛ هو مانعات الحمل الفموية منخفضة الجرعة. تستطيع الجرعات الثابتة من الإستروجين والبروجستين (مثال 20 ميكرو غرام من اثنيل إستراديول و1ملغ من أسيتات نورإيثيندرون يومياً مدة 21 يوماً بالشهر) تخليص المرأة من الأعراض الوعائية الحركية وإعادة انتظام الطمث. ولمانعات الحمل هذه فوائد أخرى مثل الحماية من الإصابة بسرطانات المبيض وبطانة الرحم؛ وزيادة الكثافة العظمية بالرغم من عدم وجود دليل واضح على أن استخدامها خلال مرحلة ما حول الإياس يخفض خطر الإصابة بالكسور العظمية لاحقاً، عدا أن منع الحمل نفسه مفيد، وذلك لأن احتمال حدوث حمل غير مقصود لا يقل عند النساء في نهاية الأربعينات عنه لدى الفتيات اليافعات. أما مضادات استطباب هذه الأدوية فهي التدخين وأمراض الكبد وسوابق خثار أو صمات أو أمراض قلبية وعائية أو سرطان ثدي، ونزف مهبلي مجهول السبب.

يمكن أن تستخدم بديلاً الأدوية الحاوية على البروجستين فقط (مثل نورإيتندرون 0.35 ملغ/اليوم) أو الميدروكسي بروجيسترون Depo-Provera حقناً (مثال 150ملغ عضلياً كل 3 أشهر) وذلك لعلاج النزف الرحمي في هذه المرحلة لدى النساء المدخنات أو اللواتي هن أكثر عرضة لأمراض القلب الوعائية. ومع أن البروجستينات لا تنظم الدورة الشهرية ولا تنقص عدد أيام الطمث؛ لكنها تنقص كمية النزف الطمثي.

تشمل الطرق غير الهرمونية لتخفيف النزف الطمثي مضادات الالتهاب اللاستروئيدية مثل حمض المفيناميك mefenamic acid (الجرعة الأولى هي 500ملغ مع بداية الطمث، ثم 250ملغ 4 مرات يومياً مدة 2-3 أيام)، وعندما يفشل العلاج الدوائي يمكن اللجوء إلى تجريف بطانة الرحم. ولا بد من الإشارة إلى أن وجود نزف رحمي يستدعي استبعاد الأسباب الأخرى غير الرحمية للنزف. يفيد تصوير الرحم بالأمواج فوق الصوتية عبر المهبل في كشف أورام العضلات الملس الحميدة أو السليلات، ويمكن برشافة بطانة الرحم كشف التغيرات الدالة على فرط التنسج.

الانتقال إلى الإياس:

هل يفضل في النساء النشيطات جنسياً اللواتي يستخدمن مانعات الحمل الهرمونية لتخفيف أعراض ما حول الإياس أن يستبدل بهذه المانعات العلاج الهرموني التعويضي ومتى يجب أن يكون ذلك؟ إن جرعات الإستروجين والبروجستين (إما البروجستينات الصنعية وإما الأشكال الطبيعية للبروجيسترون) المستخدمة في العلاج الهرموني التعويضي أقل مما في مانعات الحمل، وليس ما يدل على أنها تمنع الحمل. ومع أن استمرار انقطاع الطمث مدة سنة يشير إلى توقف الإباضة، فإنه من غير الممكن دراسة نمط الطمث الطبيعي حينما تتناول امرأة مانعات الحمل الفموية.

والنساء الراغبات في منع الحمل يجب أن يستخدمن الحاجز المهبلي؛ وإذا عاد الطمث إلى الحدوث تلقائياً بعد استخدامه؛ أمكن العودة إلى استخدام مانعات الحمل الفموية إذا تبين أنه لم يحدث بعد انقطاع طمث نهائي. ويمكن أن تفيد معرفة السن التي توقف فيها الطمث عند قريبات المريضة مؤشراً للوقت الذي يمكن فيه البدء باتباع الترتيب المذكور، ويمكن تكراره كل سنة حتى يتم الإياس.

الإياس والعلاج الهرموني التعويضي:

من أعقد القرارات الصحية التي تواجه المرأة والطبيب قرار استخدام العلاج الهرموني التعويضي للإياس؟ فبعد أن كان هذا العلاج يوصف للتخلص من الأعراض الوعائية الحركية، أصبح يُروج له خطة للتخلص من اضطرابات عدة تتسارع بعد الإياس، بما في ذلك تخلخل العظام والمرض القلبي الوعائي.

ففي عام2000 كان 40% من النساء بعد سن الإياس ما بين 50و74 سنة من العمر يستخدمن  العلاج الهرموني التعويضي في الولايات المتحدة، مع عدم وضوح المعطيات المتعلقة بعقابيله. ومع أن العديد من النساء يعتمدن على الأطباء في اتخاذ القرار المتعلق باستخدام الهرمونات التعويضية للإياس؛ فإن الموازنة بين فوائد هذه المعالجة وأخطارها بالنسبة إلى المرأة ما زال موضع جدل.

ومع أن الدراسات الاستقصائية توحي بأن العلاج التعويضي يقي من الأمراض القلبية الوعائية والمزمنة؛ فإن الفوائد الظاهرة لهذا العلاج قد تعود على الأقل جزئياً إلى الفروق بين النساء اللواتي اخترن تناول العلاج واللواتي قررن عدم أخذه، فاللواتي اخترن العلاج التعويضي يبدون أكثر صحة، وإمكانات الاستفادة من العناية الصحية لديهن أكبر، وهن أكثر التزاماً بتناول العلاج الموصوف، ويحافظن على نمط حياة صحي. والدراسات السريرية التي حيدت هذه العوامل لم تؤكد دائماً الفوائد الموجودة في الدراسات الاستقصائية. فالدراسة الأكبر التي أجريت حتى الآن (مبادرة صحة المرأة) WHI، والتي شملت 27000 امرأة بعد سن الإياس أعمارهن بين 50 و79 عاماً (متوسط العمر 63 سنة)، واستمرت 5-7 سنوات، أوقفت باكراً بسبب رجحان الأضرار على الفوائد في ذراع الدراسة التي استخدمت فيها النساء المشاركة بين الإستروجين والبروجستين، وكذلك حدوث زيادة في الإصابة بالنشبة الدماغية لم يُعدّله انخفاض خطر الإصابة بمرض القلب الإكليلي في ذراع الدراسة التي استخدم فيها الاستروجين وحده.

ونتج من ذلك أن أزيلت الوقاية من المرض القلبي الوعائي من المعادلة وذلك لعدم وجود دليل على هذا الأمر في الدراسات السريرية الحديثة.

فوائد العلاج الهرموني للإياس وأخطاره:

أولاً- الفوائد الأكيدة:

1- أعراض الإياس: تشير الدراسات السريرية إلى أن العلاج بالإستروجين فعال جداً في السيطرة على الأعراض الوعائية الحركية والنسائية البولية، وكبديل يمكن استخدام مضادات الاكتئاب (مثل ڤينلافاكسين 75-150ملغ venlafaxine) أو الغابابنتين gabapentin (300-900 ملغ/اليوم) أو الكلونيدين (100-200 ميكرو غرام/اليوم) أو الڤيتامين E (400-800 وحدة دولية/اليوم)، أو تناول مستحضرات الصويا بأشكالها المختلفة أو الإستروجينات النباتية الأخرى. هذه المركبات تخفض من شدة الأعراض الوعائية الحركية، ولكن فعاليتها أقل من العلاج الهرموني. أما في الأعراض النسائية البولية فإن الإستروجين المهبلي يعادل في مفعوله الاستروجين الفموي أو الجلدي.

2- تخلخل العظام:

كثافة العظم: يبطئ الإستروجين ضياع العظم الذي يشاهد عند معظم النساء بعد الإياس مع التقدم في العمر، وذلك عن طريق خفض معدلات الارتشاف العظمي ودورة الهدم والبناء فيه. أظهرت أكثر من 50 دراسة سريرية أن العلاج الهرموني بالإستروجين مع البروجستين أو من دونه يزيد في سرعة الكثافة المعدنية للعظم في العمود الفقري بمعدل 4-6% وفي الفخذ بنسبة 2-3%، ويحفظ هذه الزيادات طوال مدة استخدامه.

الكسور: تشير الدراسات الاستقصائية إلى انخفاض احتمال الإصابة بالكسور في العمود الفقري بمعدل 50-80%، وفي عنق الفخذ بنسبة 25-30%، إضافة إلى الرسغ والكسور المحيطية الأخرى لدى النساء اللواتي يستخدمن الإستروجين؛ ويبدو أن إضافة بروجستين لا تعدل هذه الفائدة، وإيقاف العلاج بالاستروجين يؤدي إلى نقص هذه الحماية. ففي دراسة WHI أدى العلاج مدة 5-7 سنوات بالإستروجن مع البروجستين أو الإستروجين وحده إلى خفض كسور الفخذ بنسبة 30-40%، وخفض الكسور عموماً بنسبة 20-30% لدى النساء اللواتي لا علاقة لاختيارهن بتخلخل العظام. وقد أظهرت الدراسات السريرية لاستعمال مركبات الفوسفونات (مثل الألندرونات 10ملغ/اليوم أو 70ملغ/الأسبوع؛ أو الإيباندرونات 2.5ملغ/اليوم أو 150ملغ مرة بالشهر أو 3ملغ وريدياً كل ثلاثة أشهر، والرالوكسفن raloxifene 60ملغ/اليوم (مُعدل نوعي لمستقبل الإستروجين SERM)؛ فعاليتها في زيادة الكثافة المعدنية للعظم، وفي خفض حدوث الكسور.

من الأدوية التي توافرت حديثاً لعلاج تخلخل العظام هرمون جارات الدرق (تيريباراتيد) 20ميكرو غرام/اليوم تحت الجلد. إن كل الأدوية السابقة وبعكس الإستروجين ليست لها آثار سيئة على بطانة الرحم أو الثدي.

يدخل في العلاج كذلك زيادة النشاط الرياضي وتناول كمية كافية من الكلسيوم (1000- 1500 ملغ/اليوم من خلال الغذاء)، أو التعويض الدوائي بجرعتين إلى ثلاث جرعات يومياً، والڤيتامين د (400-800 وحدة دولية/اليوم)، وتساعد هذه العوامل على خفض حصول الكسور المتعلقة بتخلخل العظام كذلك.

ثانياً- أخطار العلاج الهرموني الأكيدة:

1- سرطانة بطانة الرحم (باستخدام الإستروجين وحده): بينّ تحليل 30 دراسة استقصائية زيادة نسبة الإصابة بسرطان الرحم لدى النساء اللواتي استخدمن الإستروجين على المدى القصير (1-5 سنوات) تقدر بثلاثة أضعاف، وزيادة تقدر بعشر أضعاف عند من استخدمن العلاج مدة 10 سنوات أو أكثر. هذه النتائج دعمتها نتائج دراسة سريرية لأثر التعويض المشترك للإستروجين والبروجستين، وهي دراسة PEPI التي ظهر من خلالها أن 24% من النساء اللواتي تناولن الإستروجين وحده مدة 3 سنوات حدث لديهن فرط تنسج hyperplasia بطانة رحم لا نمطي، وهي آفة مؤهبة للسرطان، في حين لم تحدث هذه الآفة إلا في 1% من النساء اللواتي تناولن الدواء الغفل. ويزيل استخدام البروجستين الذي يعارض مفعول الإستروجين على بطانة الرحم هذا الخطر.

2- الخثار والصمات الوريدية: أظهرت دراسة جامعة لاثنتي عشرة دراسة مختلفة أن استخدام الإستروجين يترافق آنياً وتضاعف خطر الإصابة بالخثرات الوريدية عند النساء في سن الإياس. وكان احتمال حدوث هذه الخثرات أكبر (2.7-5.1 ضعفاً) في الدراسات السريرية الثلاث التي تضمنتها الدراسة الجامعة السابقة. أما نتائج دراسة WHI فتشير إلى زيادة حدوث الخثرات الوريدية والصُمات الرئوية بمقدار الضعف حين استخدام الإستروجين والبروجستين معاً، وزيادة تقدر بالثلث حين يستخدم الإستروجين وحده.

3- سرطان الثدي (استخدام الإستروجين والبروجستين معاً): دلت الدراسات الاستقصائية على زيادة احتمال حدوث سرطان الثدي لدى النساء اللواتي يستخدمن الإستروجين أو كُنَّ يستخدمنه من قريب، وتتعلق هذه الزيادة مباشرة بمدة الاستخدام. وفي دراسة جامعة لإحدى وخمسين دراسة تبين أن مستخدمات العلاج الهرموني التعويضي على المدى القصير (أقل من 5 سنوات) لم تزدد عندهن نسبة الإصابة بسرطان الثدي، في حين شُوهد لدى مستخدمات العلاج على المدى البعيد زيادة تقدر بـ 35%. وبعكس النتائج المتعلقة باستخدام الإستروجين مع البروجستين وخطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم يبدو أن هذه المشاركة تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي مقارنة بالعلاج بالإستروجين وحده.

وتشير نتائج الدراسات السريرية كذلك إلى أن مشاركة الإستروجين والبروجستين تزيد احتمال الإصابة بسرطان الثدي. ففي دراسة WHI لوحظ وجود زيادة تقدر بـ 24% في الإصابة بسرطان الثدي عند النساء اللواتي استخدمن المشاركة الهرمونية مدة 5.6 سنة وسطياً، في حين لم يسبب استخدام الإستروجن وحده مدة 7.1 سنة وسطياً أي زيادة في الإصابة به.

4- حصيات المرارة: أظهرت الدراسات الاستقصائية الكبيرة وجود زيادة بنسبة 2-3 أضعاف في تشكل الحصيات الصفراوية وعمليات استئصال المرارة لدى السيدات اللواتي استخدمن الإستروجين الفموي. وفي الدراسة السريرية WHI ازدادت نسبة مرض المرارة بمعدل 67% عند مستخدمات المشاركة إستروجين - بروجستين، و93% عند مستخدمات الإستروجين وحده.

إن العلاج الهرموني التعويضي عن طريق الجلد لا يزيد نسبة الإصابة بحصيات المرارة، ولكن ما زال هذا الموضوع بحاجة إلى مزيد من الدراسات .

ثالثاً- أخطار العلاج الهرموني المحتملة أو غير الأكيدة وفوائده:

1- مرض القلب الإكليلي والنشبة الدماغية: كان ينصح حتى وقت قريب بالعلاج الهرموني وسيلة للوقاية من أمراض القلب الوعائية. وأظهرت عدة دراسات استقصائية في السنوات الثلاثين الأخيرة أن استخدام الإستروجين يؤدي إلى خفض مرض القلب الإكليلي بنسبة 35-50% لدى النساء في سن الإياس، ويدعم ذلك معطيات دراسات سريرية بينت أن استخدام الإستروجين الخارجي يخفض الكولستيرول LDL، ويرفع الكولستيرول HDL بنسبة 10-15% واستخدام الإستروجين له أثر إيجابي في مستويات LPa وأكسدة LDL ووظيفة البطانة الوعائية والفيبرينوجن وPAII، ولكن لاستخدام الإستروجين مقابل ذلك آثار سلبية في مؤشرات بيولوجية أخرى متعلقة بالقلب: فهو يرفع الشحوم الثلاثية؛ ويزيد القابلية للخثار عن طريق زيادة العامل VII وجزئيات البروثرومبين 1 و2 وزيادة الفيبرينو ببتيد A1؛ ويزيد تركيز المشعر الالتهابي CRP.

لم تؤكد الدراسات السريرية الفائدة المشاهدة في الدراسات الاستقصائية لاستخدام الإستروجين وحده أو مع البروجستين لدى النساء المصابات سابقاً بمرض قلبي وعائي. ففي دراسة HERs - وهي دراسة وقاية ثانوية صممت لاختبار فعالية  العلاج بالإستروجين والبروجستين في الأمراض القلبية الوعائية وأمانه - كان حدوث الوفيات الإكليلية واحتشاء القلب غير القاتل بعد مرور 4 سنوات متشابهاً لدى المجموعة التي تناولت العلاج الهرموني والمجموعة التي تناولت الدواء الغفل، وشوهدت زيادة الحوادث القلبية الوعائية بنسبة 50% في أثناء السنة الأولى من الدراسة لدى النساء اللواتي استخدمن العلاج الهرموني. وقد يكون وجود البروجستين هو الذي أضاع فوائد استعمال الإستروجين، ولكن دراسة ERA (العلاج التعويضي بالإستروجين والعصيدة الشريانية) أظهرت أن العصيدة التي دُرست بتصوير الشرايين الإكليلية الظليل لم تتأثر من حيث تطورها باستخدام الإستروجين وحده أو بالمشاركة مع البروجستين.

أما دراسات الوقاية الأولية فترى كذلك وجود زيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب الوعائية، وغياب الحماية القلبية بعد استخدام العلاج الهرموني لدى النساء في الإياس. فنتائج دراسة WHI تشير إلى وجود أثر مؤذٍ للعلاج الهرموني في صحة القلب والشرايين. والنساء اللواتي استخدمن الإستروجين - بروجستين مدة 5.6 سنة زادت نسبة إصابتهم بالمرض القلبي الإكليلي 24%، ونسبة إصابتهم بالنشبة الدماغية 31% مقارنة باللواتي أعطين الدواء الغفل. وفي ذراع الدراسة التي أعطي فيها الإستروجين وحده لوحظ وجود الزيادة نفسها في حدوث النشبة؛ وعدم وجود تأثير في الإصابة بمرض القلب الإكليلي.

يبدو أن التحليل الأعمق والأدق لمعطيات الدراسات السريرية المتوافرة يشير إلى أن توقيت بدء العلاج الهرموني قد يؤثر كثيراً في العلاقة بينه وبين حدوث مرض القلب الإكليلي، ويبدو أن الإستروجين يبطئ حدوث التغيرات الباكرة للعصيدة الشريانية، في حين تكون له آثار سلبية في العصيدة المتقدمة.

يزيد خطر الإصابة بمرض القلب الإكليلي حين استخدام العلاج الهرموني كلما زاد عدد السنوات التي مرت بعد الإياس قبل البدء بالعلاج، ويبدو أنه لا تأثير للعمر في هذا الخطر.

والأمور ما زالت غير واضحة فيما يتعلق بالنشبة والعلاقة بين حدوثها والسن التي بدأ فيها استخدام العلاج الهرموني، وما زالت هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات المتعقلة بتأثير العمر والوقت الذي مر على الإياس والعوامل الأخرى، إضافة إلى دراسة المؤشرات البيولوجية التي تُنبئ بزيادة احتمال الإصابة بالمرض القلبي الوعائي أو نقصه حين تناول العلاج الهرموني. وكذلك لا يعرف حتى الآن تأثير جرعة الدواء وطريق استخدامه (فموي أو عبر الجلد) في الحوادث القلبية الوعائية.

2- سرطان المستقيم والقولون: بينت الدراسات الاستقصائية أن العلاج الهرموني لسن الإياس يخفض احتمال الإصابة بسرطان المستقيم والقولون، وتراوحت الفائدة النسبية بين 8 و34% في الدراسات التجميعية المختلفة. وفي دراسة WHI وهي الدراسة الوحيدة التي دُرس فيها هذا الموضوع تبين أن استخدام الإستروجين - بروجستين انخفضت معه نسبة الإصابة بسرطان المستقيم والقولون بقدر 44% خلال سنوات الدراسة (5.4 سنة)، في حين لم يوفر استخدام الإستروجين وحده مدة 7 سنوات أي  حماية.

3- تراجع الوظائف الدماغية الاستعرافية والخرف: أظهرت دراسة تجميعية لاثنتي عشرة دراسة متعلقة بالعلاج الهرموني للإياس انخفاضاً في نسبة حدوث الخرف تقدر بـ 34%، ولكن الدراسات السريرية بما فيها WHI فشلت في إظهار أي فائدة من العلاج بالإستروجين أو المشاركة إستروجين - بروجستين في إبطاء تطور الحالات الخفيفة أو معتدلة الشدة من مرضى ألزهايمر، وأظهرت أثراً سلبياً لهذا العلاج في معدل حدوث الخرف ولاسيما في النساء اللواتي تجاوزن 65 عاماً من العمر. وتحديد شأن توقيت البدء بالعلاج للوظائف الاستعرافية للدماغ يحتاج إلى المزيد من الدراسات.

4- سرطان المبيض والاضطرابات الأخرى: دلت دراسات استقصائية وسريرية محدودة على أن العلاج الهرموني يزيد احتمال الإصابة بسرطان المبيض، ويُنقِص احتمال الإصابة بالنمط الثاني من السكري، ولكن نتائج دراسة WHI لم تؤكد هذا.

مقاربة المريضة المقدمة على العلاج الهرموني للإياس:

يستدعي استخدام العلاج الهرموني المنطقي الموازنة بين الفوائد والأخطار المتوقعة، وعلى الطبيب أن يتأكد أولاً من وجود أعراض الإياس المعتدلة أو الشديدة، لأن ذلك هو الاستطباب الوحيد لاستعمال العلاج الهرموني عن طريق الفم (أما الأعراض البولية النسائية والأعراض الوعائية الحركية فتعالج باستخدام الإستروجين المهبلي)، ويجب أن تناقش مع المريضة أخطار العلاج وفوائده؛ مع التركيز على الإجراءات العامة؛ وإيضاح عدم وجود آراء قاطعة فيما يتعلق ببعض الأمور السريرية، وكذلك يجب إخبار المريضة بالآثار الجانبية للعلاج ولاسيما النزف المهبلي المرافق للعلاج بالإستروجين - بروجستين الذي ينصح به لدى النساء اللواتي لم تُستأصل أرحامهن، ويجب الاستئناس برأي المريضة وتفضيلها علاجاً دون غيره. ولابد من البحث في مضادات استطباب العلاج الهرموني، وهي تتضمن: النزف المهبلي غير محدد السبب؛ والمرض الكبدي الفعَّال؛ والخثار أو الصمة الوريدية؛ وقصة سابقة لسرطان بطانة الرحم أو سرطان الثدي؛ وسوابق مرض قلبي إكليلي أو نشبة أو حادث وعائي دماغي عابر أو سكري.

تعرف المرشحات المناسبات للعلاج الهرموني التعويضي للإياس

(جدول مقترح للتعامل مع هذه الحالة)

1- أعِدْ تقييم كل مرحلة على الأقل مرة كل 6-12 شهراً (بافتراض أن المريضة ما زالت تفضل الاستمرار باستخدام العلاج الهرموني).

2- النساء اللواتي يعانين من جفاف المهبل من دون أعراض وعائية حركية متوسطة الشدة إلى شديدة يمكن علاجهن بالاستروجن المهبلي.

3- مضادات الاستطباب التقليدية: النزف المهبلي مجهول السبب؛ والمرض الكبدي الفعَّال؛ وسوابق خثار أو صمة وريدية في أثناء الحمل أو في أثناء استخدام مانعات الحمل الفموية أو مجهولة السبب؛ واضطرابات تخثر الدم؛ وسوابق سرطان ثدي أو بطانة الرحم؛ سوابق مرض إكليلي أو نشبة أو حادث وعائي عابر أو سكري. أما بالنسبة لمضادات الاستطباب الأخرى مثل ارتفاع الشحوم الثلاثية (< 400 ملغ/دل)؛ والحصيات الصفراوية المرارية؛ وسوابق خثار وريدي بسبب عدم الحركة أو الجراحة أو حدوث كسر عظمي؛ فيجب عدم استخدام العلاج الهرموني الفموي، والاستعاضة عنه بالعلاج عبر الجلد .

4- تحديد احتمال الإصابة بمرض قلب إكليلي بعد عشر سنوات باعتماد معادلة فرامنغهام لتقدير خطر الإصابة القلبية.

5- لا تعد النساء اللواتي مر على الإياس عندهن أكثر من 10 سنوات مرشحات جيدات للعلاج الهرموني (للمرة الأولى).

6- حاول الابتعاد عن العلاج الهرموني الفموي. وقد يكون العلاج عبر الجلد خياراً جيداً لأن آثاره الجانبية على عوامل التخثر والشحوم الثلاثية وعوامل الالتهاب أقل من آثار العلاج الفموي.

7- فكر باستخدام الأدوية كمثبطات قبط السيروتونين، أو مثبطات قبط السيروتونين والنورأدرينالين معاً، أو الغابابنتين أو الكلونيدين أو الصويا بديلاً للعلاج الهرموني.

8- يجب متابعة العلاج الهرموني فقط إذا استمرت أعراض الإياس شديدة أو كانت متوسطة الشدة. إن حدود المدة التي يستخدم فيها العلاج مستقاة من نتائج دراسة WHI، والتي دامت 5.6 سنة بالنسبة للمشاركة استروجن – بروجستن و 7.1 سنة بالنسبة للعلاج بالاستروجن. ولاستخدام العلاج لمدة أطول  يجب الموازنة بين الأخطار والفوائد لعدم وجود دلائل واضحة على سلامته.

9- يمكن للسيدات اللواتي تعرضن لإياس مبكر بسبب استئصال المبيضين جراحياً استعمال العلاج الهرموني حتى السن المتوسطة للإياس، ثم إتباع الجدول الإرشادي لأخذ القرارات العلاجية.

10- إذا كان البروجستن يؤخذ يومياً فيجب عدم تمديد مدة العلاج، أما إذا كان استخدامه دورياً أو غير منتظم فيجب عدم تمديد العلاج لمدة أطول من سنة إلى سنتين.

11- إذا كانت أعراض الإياس شديدة يمكن استخدام الاستروجن مع البروجستن لمدة 2-3 سنوات كحد أقصى، والاستروجن وحده لمدة 4-5 سنوات.

12- إذا كان احتمال الإصابة بكسور ذات علاقة بتخلخل العظام كبيراً فيجب استخدام مركبات البيفوسفونات أو الرالوكسيفين بديلاً عن العلاج الهرموني.

 

أما مضادات الاستطباب النسبية فتشمل: ارتفاع الشحوم الثلاثية (< 400 ملغ/دل) ووجود حصيات مرارة مع التهاب مرارة؛ إذ يكون استخدام الإستروجين عبر الجلد حلاً ممكناً بدلاً من الطريق الفموي. يجب عدم الاعتداد بفائدة العلاج الهرموني في الوقاية الأولية من المرض القلبي الوعائي، والانتباه لاحتمال حصول زيادة في الإصابة بالنشبة، وحصول زيادة صغيرة في الإصابة بمرض القلب الإكليلي، ولكن يبقى العلاج الهرموني مناسباً إذا كانت الفوائد المرجوة غير القلبية ترجح على الأخطار المتوقعة، وإذا أصيبت المريضة بحادث قلبي حاد أو نشبة في أثناء استعمالها للعلاج الهرموني وجب عليها إيقافه مباشرة.

> العلاج الهرموني التعويضي على المدى القصير (> 5 سنوات):

يعطى هذا العلاج للسيطرة على أعراض الإياس عند النساء اللواتي لا يوجد لديهن مضادات استطباب لاستخدامه، ولكن يجب عدم استخدامه عند النساء المستعدات لحدوث أمراض قلب وعائية. أما النساء اللواتي لديهن مضاد استطباب أو يرفضن العلاج الهرموني؛ فيمكن لهن الاستفادة من استعمال بعض مضادات الاكتئاب (ڤينلافاكسين، فلوكسيتين أو باروكسيتين)، أو الغابابنتين أو الكلونيدين أو الصويا، واستعمال كريم الإستروجين المهبلي للأعراض النسائية التناسلية.

> العلاج الهرموني التعويضي على المدى البعيد (< 5 سنوات):

قد تكون المشاركة إستروجين - بروجستين مصدراً لمزيد من المشاكل، ولاسيما زيادة احتمال الإصابة بسرطان الثدي، ولذلك يجب أن يُراعى هذا الأمر حين اتخاذ القرار بالعلاج.

إن المرشحات المناسبات لهذا العلاج هن نسبة صغيرة من النساء بعد الإياس اللواتي يعانين أعراضاً وعائية حركية شديدة وزيادة خطر الإصابة بتخلخل العظام، ولا توجد لديهن مضادات استطباب لاستخدامه، ولا توجد عندهن قصة عائلية لسرطان ثدي لقريبات من الدرجة الأولى.

يجب استخدام المستحضرات ذات التركيز الهرموني المنخفض، واستخدام البروجستين يجب أن يكون متقطعاً أو دورياً؛ لأن استخدامه المستمر يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.

للوقاية من تخلخل العظام يمكن اللجوء إلى علاجات بديلة مثل البيفوسفونات ومعدلات مستقبل الإستروجين النوعية SERMs.

يفيد تعديل نمط الحياة في السيطرة على الأعراض والوقاية من الأمراض المزمنة، ويجب تبنيه إلى جانب العلاج الهرموني. ويشمل هذا التعديل: إيقاف التدخين، وممارسة الرياضة بانتظام، وتناول غذاء صحي متوازن. ويجب الانتباه للسيطرة على ارتفاع الضغط الشرياني، ومعالجة ارتفاع كولستيرول الدم؛ وذلك بهدف خفض احتمال الإصابة بمرض القلب الإكليلي.

 

التصنيف : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
النوع : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 118
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1093
الكل : 40581642
اليوم : 111457