logo

logo

logo

logo

logo

الأمراض الجلدية جرثومية المنشأ

امراض جلديه جرثوميه منشا

dermatoses of bacterial origin - dermatoses d'origine bactérienne

الأمراض الجلدية جرثوميّة المنشأ

 مي كويتر

الأخماج الجرثومية bacterial infections التظاهرات الجذامية السريرية الأخرى 
تقيحات الجلد الآلية الإمراضيّة 
الأخماج الجلدية بالمتفطرات 

 

 

 

تسبب الجراثيم إصابات جلدية سواء بغزوها المباشر، أم بإفرازها الذيفانات، أم بإحداثها تفاعلات  أرجية.

تصنف الأخماج الجرثومية bacterial infections التي تصيب الجلد إلى:

1- أخماج جلدية أولية.

2- أخماج ثانوية لأمراض جلدية كالتأتب الجلدي المتقوبئ.

3- أخماج تنجم عن إصابة أولية جهازية كخمج الدم.

4- اضطرابات جلدية انعكاسية لنواتج جرثومية.

تعتمد الإمراضية على: مدخل الجرثوم، ومناعة المضيف والاستجابة الالتهابية لديه، والخواص الإمراضية للجرثوم.

يعدّ الجلد السليم (الطبقة الكيراتينية) حاجزاً جيداً ضد الغزو الجرثومي، وإن أي تفرق اتصال فيه يسمح بدخول عضويات ممرضة، حيث يزداد الباهاء (pH) ومحتوى ثاني أكسيد الكربون والماء؛ ممّا يؤهّب لنمو مستعمرات الجراثيم ولاسيما العنقوديات إيجابية الغرام.

كما أنّ لدسم سطح الجلد (الحموض الدسمة الحرة FFA، حمض اللينوليك واللينولينيك) تأثيراً مضاداً للجراثيم.

والجهاز المناعي في الجسم مدافع ممتاز ضد الجراثيم بعدة آليات منها: البلعمة وتفعيل نظام المتممة، وتحريض السبيل الالتهابي عبر بعض المستقبلات كالببتيدات المضادة للجراثيم  والمستقبلات الشبيهة بحواجز الرسوم TLRs) toll-like receptors ) وجهاز المتممة.

وتعزى زيادة الجراثيم وفوعتها إلى:

1- ظهور عوامل ممرضة جديدة.

2- تكوّن جراثيم مقاومة للصادات.

3- زيادة عدد المثبطين مناعياً.

وتشمل الجلادات جرثومية المنشأ مجموعات مختلفة العوامل، منها: تقيحات الجلد pyoderma، وتسببها العنقوديات والعقديات، ومنها الأخماج بالمتفطرات mycobacterial infections كسلّ الجلد والجذام.

أولاً- تقيحات الجلد: وتشمل:

1- القوباء المعدية impetigo contagiosa:

إنّ القوباء المعدية خمج جرثومي بالعنقوديات أو بالعقديّات، أو بكلتيهما معاً يصيب الطبقات السطحية من الجلد، وهو مُعدٍ بشدّة. تشيع القوباء في الطفولة وفي الصيف والرطوبة، وتنتقل بوساطة الحيوانات الأليفة والأيدي من أطفال مصابين، وتكثر في دور الحضانة والمدارس والأماكن المكتظة. وتعالج عادة بصادّ موضعي.

للقوباء المعدية شكلان سريريان: القوباء اللافقاعيّة والقوباء الفقاعيّة.

أ- القوباء اللافقاعيّة non bullous impetigo:  هي الأكثر شيوعاً، وتؤلف 70% من حالات القوباء المعدية. تنجم غالبيّتها في البلدان المتقدمة عن العنقوديّات المذهبة وبشكل أقل عن العقديّات المقيّحة في حين يحدث العكس في البلدان النامية.

تشيع القوباء اللافقاعية على الأجزاء المكشوفة من الجسم، والرأس، وغالباً ما تكون مضاعفة لقمال أو جرب أو حلأ بسيط أو لدغ حشرات أو رضح جلد أو آفات نازة. تبدأ ببقع حمامية تقيس 2 ملم تتحول مباشرة إلى حويصلات أو فقاعات تتمزق تاركة قشوراً رقيقة قشيّة مصلية قيحية رخوة ذهبية اللون، تتراكم لتتثخن وتتقشّر بسهولة مخلّفة مكانها سطحاً ناعماً أحمر رطباً ونازاً، وقد تشفى مركزياً، وتتسع محيطياً مكونة حلقات كبيرة دوامية الشكل. يشيع اعتلال العقد اللمفية في قوباء العقديات، وقد يتضاعف بالتهاب الكبب والكلية.

الشكل(1) قوباء لافقاعية متفشية على الذقن و الخد
الشكل(2) قوباء فقاعية :حويصلات متعددة، بعضها ذات محتوى رائق ، و أخرى ذات محتوى عكر تتّحد سريعا لتكون فقاعات رخوة

والقوباء اللافقاعيّة غير مؤلمة إلاّ في الآفات الواسعة، ولا ترافقها حمّى غالباً، وتشفى دون حدوث ندبات (الشكل 1).

ب- القوباء الفقاعية: تنجم عن نوع خاص من العنقوديّات المذهّبة إيجابية الكواكولاز، وبإمكانها إصابة الجلد السليم، وهي أكثر ما تصيب الولدان والرضع، وتتميز بتطور سريع لحويصلات فقاعية رخوة بمحتوى مصلي رائق أصفر، يغمق هذا السائل، ويتعكر لاحقاً مع بقاء حواف الفقاعة واضحة من دون هالة حمامية، وتكون علامة نيكولسكي إيجابية (تتشكّل الفقاعة نتيجة لسمّ خارج الخلية وهو الوسفين exfoliatin الذي يصيب بروتين الديسموغلين1 desmoglein 1، ويعمل على انفلاقه في منطقته خارج الخلايا، فيؤدّي إلى انحلال أشواك في الطبقة الحبيبيّة)، تتمزق الفقاعة السطحية خلال يوم أو يومين  مشكلة قشوراً بنية فاتحة إلى صفراء ذهبية (الشكل 2).

قد يتضاعف الداء إذا لم يعالج  بخمج غازٍ أو التهاب نسيج خلوي أو التهاب أوعية لمفاوية أو خمج دم أو ذات عظم ونقي  والتهاب مفاصل خمجي أو ذات رئة. وقد يؤدي الوسفين إلى حدوث متلازمة الجلد المسموط بالعنقوديات staphylococcal scalded skin syndrome (SSSS) لدى المثبطين مناعياً.

العلاج: تعالج القوباء غير الفقاعيّة بالصادات الموضعيّة كالموبيروسين mupirocin أو بالحمض الفوسيدي fusidic acid   4مرّات يوميّاً حتّى تشفى (تزال القشور بلطف بعد ترطيبها بالماء والصابون قبل الدهن). أمّا القوباء الفقاعيّة والحالات المعنّدة من القوباء غير الفقاعيّة؛ فتعالج بالصادّات بالطريق العام. وتناقص استعمال البنسيلّين والأموكسيسيلّين بسبب زيادة مقاومة الجراثيم لهما، ويفضّل استعمال الماكروليدات (إريثروميسين أو أزيثروميسين، أو الكلاريتروميسين) والسيفالوسبورينات (سيفالكسين، أو سيفبروزيل أو سيفدينير).

الوقاية من القوباء: تتم الوقاية  بغسل أماكن الخدوش وأذيّات الجلد الصغيرة بالماء والصابون والابتعاد عن أماكن الاكتظاظ. أمّا إذا  تكرّرت إصابة الشخص بالقوباء؛ فيحسن إجراء الزرع من داخل الأنف للتأكد من حمل المريض العنقوديّة المذهّبة، ويجب عندها معالجة حملة العنقوديّات بالموبيروسين داخل الأنف.

2- التهاب الأجربة الشعرية folliculitis:

خمج شائع جدّاً بالمكوّرات العنقوديّة، يصيب الأجربة الشعرية، ويتميّز بوجود بثرات دقيقة هشة بيض مصفرة بشكل مجموعات تشفى خلال أيام من دون ندبات. ينتقي الأطراف والفروة والوجه ولاسيما حول الفم وكذلك اللحية والألية. وقد يتطور ثانوياً بسبب دخنيات أو تسحج أو عضّ حشرات.

يبدأ الخمج في فوهة جريب الشعرة، ويصنّف تبعاً لعمق الغزو والإمراضية الجرثومية إلى:

> التهاب الأجربة الشعرية السطحي (الشكل 3).

> التهاب الأجربة الشعرية العميق تزداد فيه الآفات غير المعالجة عمقاً وإزماناً (الشكل 4).

الشكل(3) التهاب الأجربة الشعرية السطحية  الشكل(4) التهاب الأجربة الشعرية العميق 

 العلاج: تنظف المنطقة بصابون مطهر، وتبزغ الآفات العميقة، أما الآفات السطحية فتنفرغ  تلقائياً. يشفى معظم المرضى بتطبيق مطهرات وصادات مثل: موبروسين، كلينداميسين، هكساميدين موضعياً. أمّا حين فشل المعالجة الموضعيّة  أو ترافق التهاب الأجربة وخمج نسيج ضام؛ فتعطى سيفالوسبورينات جيل أول أو بنسيلين مقاوم للبنسيليناز (د. كلوكساسيلّين). وتستعمل الكمادات الحارة بمحلول بورو Burow’s solution ممدداً بنسبة 1/20 في الحالات الحادة، ويطبق رهيم الصاد العيني في التهاب حواف الأجفان.

 
الشكل(5) التهاب الأجربة الشعرية الكاذب 
 
 
الشكل(6) دمّل 
 

التهاب الأجربة الشعريّة الكاذب pseudofolliculitis: ينجم عن الأشعار النامية بشكل مائل عن جرابها؛ مما يؤدي إلى انغراسها داخل الجلد وارتكاس الجلد لها كما لو كانت جسماً أجنبياً، ويحدث غالباً في أشعار الذقن وفي الأعراق الداكنة. (الشكل 5) وإنّ شدّ الجلد وحلاقته بعكس اتجاه الشعرة يزيد من احتمال حدوثه، ويحدث في منطقة العانة أيضاً وكذلك عند النساء الشرقيّات أو الأوسطيّات بعد إزالة شعر الساقين وبقاء بعض الجذور التي تتكوّر داخل الجراب. تتظاهر سريرياً بحطاطات صغيرة التهابية وبثور سطحية قد تترك تصبغات دقيقة.

استعملت في علاجها الريتينوئيدات موضعيّاً وداخليّاً، لكنّ النتائج لم تكن مرضية. وإنّ التهاب الأجربة الشعريّة الكاذب لشعر الأنف :vibrissae هو نوع من هذا الارتكاس، ويحدث نتيجة قص شعر الأنف قصاً قصيراً جداً، وقد يلتبس بالتهاب الأجربة الثاقب للأنف.

3- الدمّل furuncle:

خمج حاد مدور ممض واضح الحدود، يصيب عمق الجريب الشعري وما حوله بالمكورات العنقودية المذهبة، وينتهي بنخر خلوي مركزي، أما الدمال furunculosis فهو اجتماع دملين منفصلين أو أكثر (الشكل 6). يبدأ الخمج في أجربة الأشعار بعد رضح الجلد عبر دخول الجرثوم بعدوى ذاتية قريبة (دمل مجاور) أو بعيدة (أنف، مغبن)، ويستمر بالتلقيح الذاتي. قد تتراجع بعض الآفات، ولكن ينتهي معظمها بنخر مركزي وانفتاحها عبر الجلد طارحة حطاماً نخرياً قيحياً يعرف بالغثيث  core. يشيع الدمل في النقرة والإبط والأليتين، وقد يحدث في أيّ مكان آخر يحتوي أشعاراً.

وقد يصبح الدمل خطراً إذا أصاب الناحية فوق الشفة العليا لإمكانية امتداده إلى الجيب الكهفي؛ مما يتطلب إعطاء الصادات المناسبة باكراً.

العوامل المؤهبة: السكري والكحولية وسوء التغذية واعتلالات الدم واضطرابات وظيفة العدلات، والتثبيط المناعي. ويكثر حدوث المرض في المعالجين بالتحال الكلوي وفي المعالجين بالإيزوترتينوئين أو الإيتريتينات والمصابين بالتأتّب والحكات.

تكثر المقاومة للصادات في دمل المستشفيات، وتتم الوقاية منه باستعمال المطهرات مثل محلول كلور هكسيدين 4% للجلد والحبل السري لدى الولدان.

نسجياً - في الحالات الحادة يلاحظ تشكل خرّاج عميق في الجريب الشعري وما حوله مع عدلات ولمفاويات، أما في الحالات المزمنة فيلاحظ وجود خلايا مصورية وخلايا عرطلة لجسم أجنبي.

العلاج: تثبط المرحلة الباكرة بكمادات دافئة مع إعطاء صاد فموي، كأن يعطى البنسيلّين المقاوم للبنسيليناز، أو سيفالوسبورينات جيل أول أو الأحدث بجرعة 1-2 غ/يوم بحسب شدة الآفة. حين إخفاق العلاج يجري الزرع مع التحسس، ويطبق صاد كالموبروسين على فوهتي الأنف يومياً لمدّة 5 أيام لمنع النكس. يمنع بضع الآفة الأولية، ويستطب الشق مع التصريف حين وجود علامة التموج. أمّا عند إصابة قناة السمع الظاهرة أو الشفة العليا أو الأنف؛ فيعطى الصاد داخلاً مع تطبيقه موضعياً، ولا يجرى الشق والتصريف إلا إذا أخفق العلاج بالصادات، وتشكل الخراج.

الدمامل المزمنة: قد تنكس على الرغم من العلاج ودون أي مرض مستبطن، وذلك بعدوى ذاتية أو غيرية تحدثها الحكات والاحتكاكات كالتدليك والفرك في الاستحمام وارتداء الملابس الضيقة والخشنة. ولابد من منع العدوى الذاتية بتعقيم المناطق المحتملة بالمطهرات ككلور هكسيدين لكسر دائرة النكس. تعطى الصادات مثل د. كلوكساسيلّين أو مركّبات السلفا مدّة 10 أيام، أو كلينداميسين 150ملغ كل يوم طوال 3 أشهر. لابد من تطبيق صاد كالموبروسين مرتين كل يوم في أنف المرضى المعالجين بالإيزوترتينوئين.

 
الشكل(7) الجمرة الحميدة، دمامل متجمعة و ماتحمة بعضها مع بعض تنتج قيحا" من فتحات متعددة 
 

4- الجمرة الحميدة carbuncle:

 آفة أكبر حجماً وأكثر التهاباً من الدمامل وذات قاعدة أعمق منه، تنجم أيضاً عن العنقوديات المذهبة إيجابية الكواغولاز (المخثرة)، وهي أكثر حدوثاً في السكريين. تتظاهر بشكل آفة مؤلمة جداً على النُّقرة أو الظهر أو الفخذ وكثيراً ما يرافقها حمّى ودعث. تبدو المنطقة المصابة حمراء قاسية، سرعان ما تظهر على سطحها بثرات تنتح إلى الخارج  من فوهات الأجربة الشعريّة، وتتطوّر لتصبح بشكل فوهة كبيرة بلون أصفر رماديّ قد تشفى ببطء بوساطة التحبّب مع إمكانيّة بقاء المنطقة بلون بنفسجيّ غامق لفترة طويلة من الزمن، وتترك بعد شفائها ندبة واضحة كثيفة (الشكل 7). 

يكون العلاج كما في الدمّل وبالحدّ الأعلى من الصادّات.

5- التينة الشائعة (تينة اللحية) sycosis vulgaris (sycosis barbae):

خمج بالعنقوديات مزمن بثري يصيب الجريبات الشعرية لناحية اللحية كما يظهر على ناحية الشارب قرب الأنف، يتميز بحطاطات وبثرات التهابية مع ميل للنكس، تتطور إلى حمامى مع حس حرق وحكة، تنبثق خلال يوم أو يومين بثرة أو أكثر من الأشعار كرأس الدبوس، تنفجر بالاحتكاك تاركة بقعة حمامية تكون مسرحاً لمجموعة جديدة بثرية تسمح باستمرار الخمج وانتشاره سطحياً وعمقاً باتجاه الجراب الشعري مؤدية إلى ندبات ضمورية جرداء محاطة ببثرات وقشور. وفي الحالات الشديدة قد يحدث التهاب حواف أجفان هامشي والتهاب ملتحمة.

تميز التينة الشائعة من السعفة التي تصيب أسفل الفك السفلي والتي توجد فيها أغصان وأبواغ فطرية بالفحص المجهري، وكذلك تميز من العد الشائع، والتهاب الأجربة الشعرية الكاذب ذي الحطاطات الهامدة في مناطق انغراز الأشعار، ومن الحلأ البسيط ذي الحويصلات المميزة.

الشكل(8) قوباء سوداء على الساق 
الشكل(9) القوباء السوداءالمواتية 
الشكل (10) التهاي الهلل ، الطرف السفلي منتبج ، حمامي و مؤلم
االشكل (11) التهاب الاجربة الشعرية بالماء الساخن
 

6- القوباء السوداء (الإكثيمة) ecthyma  :

خمج جلدي بالعقديّات أو العنقوديّات. يتميز بتسحجات وتقرحات ذات قشور ثخينة قد تنجم عن رضح أو قوباء مهملة ضمن ظروف خاصة (جنود، مشردون في مناطق حارة رطبة) أو عن انتشار جلاد ما. يخترق الخمج الجلد عميقاً مشكلاً قرحة عميقة ذات قشور. كثيراً ما يصيب ناحية الظنبوب أو ظهر القدم. يبدأ بحويصل بثري يتمزّق، ثم تعلوه قشرة ثخينة تخفي تحتها تقرحاً ذا قاعدة منسلخة raw وحواف مرتفعة (الشكل 8). قد تشفى بعد عدة أسابيع تاركة ندبة، وقد تتطور لموات عند المدنفين مع اعتلال عقد لمفية أو لخمج غازٍ مع التهاب أوعية لمفاوية أو لالتهاب نسيج خلوي أو حمرة أو حتّى لتجرثم دم أو انسمام دم.

7- القوباء السّوداء المواتية أو الإكثيمة المواتية ecthyma gangrenosum:

قرحة تنجم عن الزائفات الزنجارية وهي تشبه القوباء السوداء بالعنقوديّات والعقديّات، وتصيب الأطراف السفلية في الأطفال أو الكهول المهملين أو السكريين. تكثر مشاهدتها في المناطق الاستوائية على الكاحل وظهر القدم، ولها مظهر مخروم "punched out" مع حطام و قيح ذي قشور صفر رمادية متّسخة، وحوافها صلبة جاسئة بنفسجية اللون، وقاعدتها حبيبومية تمتد عميقاً باتجاه الأدمة. وتتسع الآفات غير المعالجة خلال أسابيع لتبلغ  2-3سم (الشكل 9)، تعالج بالصاد المناسب لأسابيع عديدة.

8- التهاب الهلل cellulitis  :

التهاب مقيح يصيب النسيج الشحمي خاصةً، وينجم عن العقديّات المقيّحة أو العنقوديّات المذهّبة. وغالباً ما يأتي عقب جرح أو سعفة في القدم. تكثر إصابة الساق؛ إذ تظهر حمامى موضعة مع مضض ودعث وعرواءات وحمى. وتشتد الأعراض، وتنتشر مع ارتشاح وذمي في المنطقة، وتنخمص بالضغط. قد يصبح الجزء المركزي عقيدياً، وتنتشر خطوط التهاب الأوعية اللمفاوية في منطقة الإصابة إلى العقد اللمفية الناحيّة، أو يتبعها موات أو خراجات انتقالية، أو خمج دم وخيم. وتصيب هذه المضاعفات الأطفال أو المثبطين مناعياً (الشكل 10).

تعطى البنسيلينات المقاومة للبنسيليناز وريدياً، أو سيفالوسبورينات جيل أول. ويجرى الزرع والتحسس حين نقص الاستجابة.

9- التهاب اللفافة الناخر necrotizing fascitis:

خمج حاد يصيب اللفافة fascia بعد جراحة أو رض ثاقب، وقد يحدث أولياً إذ يتطور احمرار سريع خلال 24-48 ساعة، يرافقه وذمة وبقع مركزية أو تلون أزرق مسود مع نفاطات مصلية دموية أو من دونها. وخدر المنطقة عرض مميز جداً. تتموت المنطقة المحمرة خلال 4 -5 أيام. وقد كشف العديد من العوامل الممرضة بالزرع، منها العقديّات الحالة للدم بيتا والكولونيات والمكورات المعوية والزائفات الزنجارية والعصوانيات. وتتضمن العلامات المساعدة على تحديد عمق الانتشار: وجود انخفاض بالضغط، وارتفاع الكريات البيض لأكثر من 15400 وانخفاض صوديوم المصل لأقل من 135 ميلي مول/لتر. وتعدّ العلامات التالية دليل إنذار سيئ: نقص النزف ووجود المفرزات العاتمة ونقص المقاومة بإدخال الإصبع. يتضمن العلاج التنضير الباكر مع صاد مناسب وريدياً وعلاج داعم. يبلغ معدل الوفيات 20% في أحسن الحالات، وتزداد النسبة بعد سن الخمسين، وعند المصابين بالسكري أو تصلّب الشرايين أو إذا تأخر التشخيص لأكثر من 7 أيام، أو حين تكون الإصابة في الجذع أو أقرب إلى الجذع منها إلى الأطراف. ويصيب التهاب الصفاق عند الولدان جدار البطن عادة مع معدلات وفيات مرتفعة.

10- التهاب الأجربة الشعرية بالزائفات الزنجارية (التهاب الأجربة الشعرية بالماء الساخن hot tub folliculitis)):

 

يتميز التهاب الأجربة الشعرية بالماء الساخن بآفات جرابية حاكة بقعية حطاطية وحويصلية بثرية تحدث خلال 1-4 أيام بعد الاستحمام بماء ساخن (جاكوزي، أحواض سباحة)، ويعزى السبب إلى ارتفاع حرارة الماء الساخن الذي تنزل مستويات الكلور فيه؛ مما يسمح بالغزو الجرثومي، وقد تساعده بدلات السباحة والغطس؛ إذ تصيب جوانب الجذع والإبطين والأليتين (الشكل 11). وقد يرافقه ألم أذن أو بلعوم، وحمى، وصداع، ودعث، وقد سجلت جائحات كبيرة لهذه الإصابة.

يتراجع الخمج خلال 7-14 يوماً دون علاج ما، وقد يتطلب صاداً جهازيّاً في الحالات الحادة أو الشديدة. الوقاية مهمة بالحفاظ على باهاء الماء مناسباً عبر الكلورة والفلترة المناسبة، أو بإضافة البروم أو الأوزون.

11- الداحس المقيّح pyogenic paronychia:

 

يتميز بتورم نسجي التهابي حاد أو قيحي مزمن مؤلم ناجم عن تشكل خراجة صغيرة في طية الظفر، يؤدي الإزمان أو النكس إلى ظهور أثلام أفقية في قاعدة الظفر.

تنجم الحالة عن تآكل طيات الظفر التالي لترطيبه المستمر مهنياً (عمال مطاعم، أو ممرضات) يتبعه رض يؤدي إلى انفصال طية ما فوق الظفر عن صفيحته مما يسمح بغزوه بعوامل ممرضة، وهي عادة العنقوديّات المذهبة، والعقديّات المقيحة، والزائفات الزنجارية، والمتقلبات، واللاهوائيات، أو المبيضات البيض. وتتظاهر سريرياً بتشكل خراج صغير (عنقوديّات) (الشكل 12). أو حمامى مع تورم (عقديّات)، أو تورم مزمن (مبيضات بيض)، ولتأكيد وجود الخراج يضغط ضغطاً خفيفاً بالسبابة على الوجه الراحي لنهاية الإصبع المصاب، فيبدو تشكل ابيضاضي محدد.

يتضمن العلاج الوقاية من الرضوح والترطيب الدائم، أمّا في الحالات الحادة فيشق الخراج ويصرّف، وتعطى البنسيلينات نصف التركيبية أو السيفالوسبورينات واسعة الطيف، وقد يضطر إلى إجراء الزرع والتحسس وإعطاء ما يناسب.

   
الشكل(12) الداحس المقبح : التهاب حول الظفر بوساطة العنقوديات المذهّبة ، يشاهد خراج على ظهر لأصبع ابتدا" من جرح صغير في القشيرة   الشكل (13)الحمرة : توجد حمامى حارة و مؤلمة على الطرف السفلي حدودها واضحة

 تكشف المبيضات عادة في الحالات المزمنة، وتشفى 50% من الحالات بعد معالجة الفطور موضعيّاً أو فمويّاً، وتصل النسبة إلى 80% حين إضافة الستيروئيدات المضادة للالتهاب.

12- الحمرة erysipelas:

خمج بالعقديّات بيتا الحالة للدم، يصيب النسيج الخلوي العلوي تحت الجلد والجهاز اللمفي الأدمي السطحي، تتميز باحمرار موضع حار، مع تورم له حواف صلبة مرتفعة مميزة. ويسبق بأعراض جهازية منذرة تتضمن العرواءات وارتفاع الحرارة والصداع والقياء والآلام المفصلية مع كثرة الكريات البيض على حساب عديدات النوى.

 تختلف أشكال آفات الجلد من تبيغ عابر إلى التهاب شديد مع حويصلات وفقاعات. يبدأ الطفح بأي نقطة كبقعة حمامية تنتشر محيطياً. ويكون الجلد في المراحل الباكرة قرمزيّ اللون، حارّاً متورّماً يتميز بحواف مرتفعة محددة تبدو كجدار باللمس (الشكل 13).

ويصحبها أحياناً حويصلات أو فقاعات ممتلئة مصلاً وقيحاً مؤدية إلى موات موضع.

تشيع الإصابة في الساقين، وفي الوجه حيث تبدأ على الخدين قرب الأنف أو أمام فص الأذن، وتنتشر إلى الأعلى باتجاه الفروة، ويقوم خط الشعر أحياناً بدور حاجز ضد الانتشار. تسيطر الوذمة والفقاعات في الساقين غالباً. وقد تحدث بعض العقابيل مثل خمج الدم، أو التهاب الهلل العميق، أو التهاب اللفافة النخري.

 
الشكل(14) الوذج : بقع ىحمراء مسمرة واضحة الحدود تحت الإبط   الشكل (15) انحلال القرنين المنقر

تؤهب للحالة أذيات سابقة في الجلد مهملة أو مزمنة. إنّ تشخيص الخمج سهل، لكنه يلتبس أحياناً بالجلاد بالتماس، أو بوذمة عرقية عصبية، أو بحمى قرمزية، أو بذأب حمامي، أو بالتهاب غضروف ناكس.

ويحسن البنسيلّين الجهازي الحالة العامة سريعاً خلال 24-48 ساعة، أما الآفات الجلدية فتحتاج إلى عدة أيام إضافية لتراجعها؛ لذا تستمر المعالجة ما لا يقل عن 10 أيام. ويفيد الإريثروميسين. وتطبّق موضعياً كمادات باردة وثلج. ويستطب إعطاء صادّ وريدي حين إصابة الساق بالفقاعات أو حين تقرحها وخاصة عند المدنفين.

13- الوذح erythrasma:

ينجم عن الجراثيم الوتدية الدقيقة corynebacterium  minutissimum، وهي جراثيم عصوية إيجابية الغرام غير مشكلة للأبواغ، قد تحدث حبيبوماً جلدياً، أو خمج دم في مرضى عوز المناعة، كما تحدث انحلال البشرة المنقر، أو الفطار الشعري الابطي.

ويتميز الوذح ببقع حوافها محددة جافة بنية وسفية قليلاً في الثنيات (الشكل14) وخاصة الإبطين، وفي المنطقة التناسلية العجانية، وفي الأفوات (خاصة الفوت الرابع) وفي الشق الأليوي. وتكون الآفات لاعرضية عدا المغبن حيث تحدث حكة وحرقة. يؤهب لها السكري، والأمراض المدنفة.

ويعدّ الومضان الأرجواني الذي تظهره أشعة وود Wood والناجم عن وجود البورفرين في بقع الوذح علامة مشخصة، ويزول بمعالجة المنطقة. وتفيد الصادات موضعياً، والإريثروميسين جهازياً 250ملغ 4 مرات يومياً لأسبوع، أو محلول تولنافتات مرتين يومياً لـ 2-3 أسابيع، أو مكونازول موضعياً.

14- انحلال القرنين المنقر pitted keratolysis

انحلال القرنين المنقر (الشكل 15) خمج جرثومي يصيب الجزء الحامل لثقل الجسم في الأخمصين، يبدو بحفر دائرية سطحية واضحة بقطر 1 -3ملم تتلاقى فيما بينها مشكّلة أخاديد لاعرضية كريهة الرائحة. ويشيع عند الذكور ذوي الأقدام المتعرقة خلال صيف حار رطب.

العامل الممرض مثار جدل، ويعد من الجراثيم الوتدية، والتشخيص السريري سهل، وتبدي النسجيات حفراً مملوءة بمكورات صغيرة وجراثيم خيطية.

يعالج بالصادات ومضادات الفطور موضعياً، وبنزويل بيروكسيد 5%، وسائل كلوريد الألمنيوم 10-20% لتخفيف التعرق.

ثانياً- الأخماج الجلدية بالمتفطرات:

 1- سلّ الجلد tuberculosis cutis:

 يحدث سلّ الجلد بالمتفطرة السلّية البشريّة أو البقريّة وأحياناً بعصيّة كالميت وغيران BCG (سلالة مخفّفة معدّلة من المتفطرة البقريّة)، ويشمل أشكالاً سريرية عديدة، اعتمد في تصنيفها على مصدر العصيّة السلّيّة:

أ- سلّ الجلد الناجم عن تلقيح من مصدر خارجي مباشر:

(1)- القرح السلّيtuberculous chancre : نادر المشاهدة، يحدث بعد التلقيح بالمتفطّرة السلّية (م. س) دون تعرّض سابق لها، غالباً ما يحدث عند الأطفال بعد أذيّة جلديّة أو أعمال كالختان أو الوشم.

تظهر بعد 3 إلى 6 أسابيع من التلقيح حطاطة بنّية متقرّحة، قاعدتها نزفيّة، ترافقها ضخامة العقد اللمفاوية في المنطقة، وتشفى معظم الحالات تلقائياً.

(2)- سلّ الجلد الثؤلولي tuberculosis verrucosa cutis : هو نوع يحدث بعد التلقيح بالـ (م. س) عند مريض تعرّض سابقاً لهذه العصيّة، تتوضّع الآفة على جانب اليدين والأصابع أو على ظهرها. مصدر العصيّة خارجي، وقد سجّلت حالات عديدة حصلت العدوى فيها من قشع المريض (الشكل 16).

 
الشكل (16) سل جلد تؤلولي على ظهر اليد    الشكل (17) خنزرة الجلد في منطقة الترقوة : يلاحظ خراج ينتج مادة قيحية و متجبنة 

تبدو الآفة على شكل لويحة وحيدة مفرطة التقرّن، بطيئة النموّ محاطة بمنطقة التهابيّة، وقد تحدث آفات واسعة شبيهة بالورم. تتوضّع الآفة على جانب اليدين والأصابع أو على ظهرها عند البالغين الأوربيين، ولكنّها شائعة أكثر على الأطراف السفليّة عند الأطفال الآسيويين. إصابة العقد اللمفية فيها نادرة، كما أن عدد العصيّات في الآفة قليل.

تتطوّر الآفة ببطء، وقد تبقى ثابتة لعدة سنوات، وقد يحدث الشفاء تلقائياً.

 
الشكل (18) ساّ الفوهات في مريض مصاب بسلّ رئويّ متقدم 
 
الشكل (19) الداب الشائع 
 
الشكل (20 ) طفح حطاطي نخريّ 

ب- سلّ الجلد بالتلقيح من مصدر داخلي:

(1)- خنزرة الجلد scrofuloderma: تصيب العقد اللمفية، ويحدث انتشار عصية السل إليها من مصدر داخلي، وكثيراً ما تصاب العقد اللمفاويّة القفويّة، ويكون مصدرها سلّ العظام أو سلّ المفاصل أو سلّ البربخ. الخنزرة أكثر شيوعاً لدى الأطفال. تتطوّر الآفات على شكل عقيدات حمر مزرقّة تحت الجلد تغطي منطقة الخمج، ثمّ تتجبن هذه العقيدات، وتنثقب مخلّفة قرحات وقنوات تصريف، ثم تحدث الندبات، وتكون شديدة مصحوبة بكتلة ليفيّة كبيرة (الشكل 17).

(2)- سلّ الفوهات tuberculosis cutis orificialis: وهو نادر، يصيب الأغشية المخاطيّة والجلد المحيط بها، وينتقل من سل رئوي أو معديّ معوي وأقلّ من ذلك من سلّ بوليّ تناسليّ. توجد العصيّات فيه بأعداد ضخمة، وقد يحدث الانتشار بالطريق اللمفاوي أو الدموي. يكون الفم الأكثر إصابة، وقد تصاب المنطقة الشرجيّة المهبليّة. وتبدو الآفة على شكل عقيدة حمراء مؤلمة متقرّحة. يبدو تفاعل السلّين عند أغلب المرضى إيجابيّاً، والإنذار سيّئ لتطوّر الإصابة الداخليّة (الشكل 18).

ج- السلّ من منشأ دموي:

(1)- السلّ الدخني الحاد acute miliary tuberculosis:  نادر، ويبدو بشكل حطاطات وفقاعات وعقيدات متناثرة، تشاهد عند الأطفال غالباً، ويكون اختبار السلين سلبيّاً (مناعة مثبطة) والعصيّات كثيفة في الآفة.

(2)- الذأب الشائع lupus vulgaris: هو شكل مزمن، يعدّ أكثر أشكال سل الجلد مشاهدة، يحدث عند المرضى المعرّضين سابقاً للعصيّة، يتوضع غالباً على الرأس والوجه والعنق، وتكون نسبة الإناث إلى الذكور (2-3 إلى 1). يحدث الانتشار من سلّ رئوي أو من العقد اللمفيّة القفويّة، وكشف العصيّة في الآفات صعب. يبدأ بشكل لويحة غالباً ما تتوضّع على ناحية الأنف، ثم تنتشر تدريجيّاً، وتحوي درنات تبدي بالضغط البلوري لوناً شُبّه بلون جمد التفّاح. تنوّع الاندفاعات نموذجي: التقرّح وأشكال حطاطيّة وعقيديّة ودرنية. المعالجة الدوائية النظاميّة ضروريّة. والتطوّر نحو الخباثة وخاصة في الندبات شائع (سرطانة شائكة الخلايا غالباً) (الشكل 19).

(3)- القرحة السلّية النقائليّة: يحدث بالانتشار الدموي من بؤرة خمجيّة، ويؤدي إلى تشكل خرّاج جلدي قد يتقرّح. وقد تعزل العصيّة السلّية منه.

د- طفوح سلّيّة أخرى:

هي تفاعلات أرجيّة متأخرة، تنشأ على الجلد نتيجة وجود مستضدّات جرثوميّة وتشكّل أضداد لها، تحوي الاندفاعات حبيبومات درنية نموذجيّة دون وجود العصيّات. يكون اختبار السلّين إيجابياً  بشدّة. يستجيب الطفح  الجلدي للعلاج بمضادّات السلّ. وتشمل الطفوح السلية ما يلي:

(1)- الحزاز الخنزري lichen scrofulosorum: اندفاع نادر غير حاكّ، حطاطي مسطّح بلون ورديّ إلى مصفرّ، يحدث على جلد الجذع في المرضى المصابين بسل العقد اللمفيّة والعظام، وقد يتطوّر إلى لويحات على مدى شهور، ثم تشفى تلقائياً ببطء، لكنّ المعالجة الخاصة تشفيها بسرعة. 

(2)- الطفح الحطاطي النخريّpapulonecrotic tuberculids : حطاطات متنخرة متناظرة تبدو على الأطراف، تتظاهر على شكل آفات متقرّحة ومزمنة قد تستمرّ لعدّة أشهر، وهي لاعرضيّة وتحدث عند الشباب البالغين عادة (الشكل 20).

  عقيدات حمر صلبة متناظرة على الأطراف السفليّة للنساء متوسطات الأعمار. تكون ثابتة أو معاودة. التقرّح شائع، وتترك ندبات عند الشفاء.

تشخيص سلّ الجلد:

يعتمد التشخيص على اختبار السلّين، ومن أشكاله اختبار مانتو Mantoux واختبار هيف Heaf، لمعرفة التعرّض للسل إمّا بالتلقيح وإما بالغزو. على أنه ارتكاس غير نوعي قد يحدث للمتفطّرات غير السلّية.

إظهار العصيّة المقاومة للحمض: تبقى هي الطريق الوحيدة لإثبات التشخيص بوساطة المجهر أو بالزرع (8 أسابيع) أو بتلقيح الحيوان المخبري أو بوساطة PCR أو بالقياس المصلي للاستجابة المناعيّة الخلطيّة لمستضدّات المتفطّرات.

المعالجة:

تعتمد المعالجة الكيميائيّة النظاميّة للجمعيّة الصدريّة البريطانيّة وكذلك الجمعيّة الأمريكيّة باستخدام أربعة أدوية: إيزونيازيد وريفامبيسين وبيرازيناميد والإيتامبوتول لمدة شهرين، ثم إيزونيازيد وريفامبيسين لمدة 4 أشهر. تستخدم هذه المعالجة لجميع حالات سل الجلد، وتكون الاستجابة لهذه الأدوية بحدود 95% من الحالات. وللجراحة شأن في استئصال الآفات الصغيرة للذأب الشائع والسل الثؤلولي. كما أنّ للجراحة التصنيعيّة شأناً في تدبير التشوّهات الحاصلة في الذأب الشائع والندبات.

 2- الجذام leprosy:

الجذام  أو داء هانسن Hansen disease (ويعرف بالبرص) مرض قديم قدم التاريخ المدوّن، ويعدّ من الأمراض التي لم يعرف لها قديماً علاج نوعي.

ينجم عن المتفطّرة الجذاميّة التي تغزو الأعضاء الأكثر برودة في الجسم كالجلد والأعصاب المحيطيّة والجهاز التنفسي العلوي والغرفة الأماميّة للعين مؤدّية إلى جملة من الأعراض والعلامات السريريّة المرتبطة بهذه الأعضاء. قد يكون سير المرض سليماً نسبياً أو أنه يختلط بتفاعلات متواسطة مناعيّاً، فيصبح أكثر تعقيداً.

طرق العدوى: غير واضحة تماماً، ويعدّ شكل الجذام الجذمومي غزير العصيّات مُعدياً بشدّة (من المفرزات الأنفيّة كثيرة العصيّات ومن الآفات المتقرّحة كذلك)، وذلك على العكس من الجذام الدرني قليل العصيّات الّذي لا يعدّ معدياً.

الليبرومين lepromin (الجذامين) يحتوي على أجزاء مستضدية من المتفطّرة الجذاميّة المقتولة بالحرارة. 

اختبار ميتسودا :Mitsuda يجري باستخدام الليبرومين، وهو لا يستخدم للتّشخيص، بل لتصنيف مرضى الجذام، إذ يحقن الليبرومين في الأدمة، ويقرأ بعد 3 إلى 4 أسابيع، ويعدّ إيجابيّاً إذا حدث تفاعل التهابي عقيدي وكان قطر التفاعل أكثر من 5ملم؛ وسلبيّاً إذا كان دون 3 ملم. ويكون الاختبار إيجابيّاً في الجذام الدرنيّ حيث المناعة جيّدة؛ وسلبيّاً في الجذام الجذامي حيث تكون مناعة المريض  ضعيفة.            

التظاهرات السريريّة والمناعيّة:

 
الشكل ( 21 ) بقعة وحيدة من الجذام الدرني 
الشكل (22) جذام جذمومي 
 

بالاعتماد على اختبار الليبرومين والموجودات السريريّة والتشريح المرضي للجلد المصاب؛ قسّم ريدلي - جوبلنغ الجذام إلى:

أ- الجذام الدرنيّ tuberculoid leprosy: تبدو الآفة بشكل بقعة حماميّة صريحة الحدود تميل إلى الشفاء مركزيّاً تاركة نقص تصبّغ وضموراً مركزيّاً، ثمّ تصبح مرتفعة أكثر وحماميّة مع ازدياد المناعة. وتكون الآفات وحيدة أو متعدّدة، وهي فاقدة للحسّ، ويلاحظ مع الوقت تضخّم  العصب قرب الآفة (الشكل 21). يتميز الجذام الدرني بأنه غير معدٍ وبندرة وجود العصيات الجذامية وبإصابة الأعصاب وفقدان حسّ الألم والحرارة.

 ب- الجذام الجذمومي lepromatous:  لا تسبّب الآفات في الجذام الجذمومي إحساساً بالخدر، وتتصف بتعددها وانتشارها وتناظرها، وتكون غزيرة ومرتشحة ولمّاعة وحطاطية وبشكل لويحات حمامية مضطربة اللون وتأخذ أشكالاً عقيديّة (الشكل 22).

قد تتلاشى العقيدات لتحلّ مكانها ثخانة جلديّة منتشرة ذات بنية عجينيّة، ويسقط شعر الجسم والحواجب والرموش، وتتورّم فصوص الأذن، وتحدث السحنة الأسديّة بسبب ازدياد عمق خطوط الوجه الناجمة عن هذا الارتشاح المنتشر. وتغزو العصيّات مخاطيّة الأنف، وتسبّب احتقاناً فيه وانثقاب حاجزه الغضروفي وتشوّه سرجه.

الموجودات الأخرى: وذمة الأجفان والشفاه، وتورّم الأصابع. يحدث خدر اليدين والقدمين متأخّراً مع جذوع عصبيّة متضخّمة وتعطّل وظيفة النقل العصبي، ويعود هذا إلى الارتشاح الشديد بالعصيّات، لذلك تكون أذيّة الأعصاب متناظرة ومتأخّرة.

ج- الجذام الحدّي borderline: إصابة متوسّطة في معظم مرضى الجذام، والأعراض السريرية مشتركة بين الشكلين الدرني والجذمومي، تمليها الحال المناعية التي يكون عليها المريض، ويكون تفاعل الجذامين سلبياً؛ والمتفطرات الجذامية موجودة، ويعرف للجذام الحدي نمطان:

الجذام الحدّي الجذمومي borderline lepromatous leprosy ، والجذام الحدّي الدرنيّ borderline tuberculous  leprosy (الشكل 23).

د- الجذام غير المحدّد indeterminate leprosy: شكل من الجذام الباكر، يوجد في أطفال لم تحدّد مناعتهم بعد تجاه المرض. يتظاهر ببقعة حماميّة أو ناقصة الصباغ وناقصة الحس.

 
الشكل (32) جذام حدي درني 
 

المضاعفات:

يشاهد نوعان من التفاعلات التي قد تحدث بعد بدء العلاج، وتكون شديدة:

1- التفاعل الجذامي نمط 1 lepra type 1: يصيب مرضى الجذام الحديّ الجذمومي؛ إذ تصبح الآفات الجلديّة ملتهبة وحسّاسة، وتظهر آفات جديدة، وقد تتظاهر بضخامة أعصاب مؤلمة أو التهاب أعصاب صامت يتطوّر ببطء لعسر وظيفيّ محيطيّ. وهي تعالج بالكورتيزون.

2- التفاعل الجذامي نمط 2 lepra type 2: وفيه الحمامى العقدة الجذاميّة تحدث عند نصف مرضى الجذام الحدّي والجذام الجذمومي في السنوات الأولى بعد العلاج، وتكون على شكل مجموعات من العقيدات الحماميّة الوسفيّة المؤلمة في الجلد والنسيج تحت الجلد. قد تتطوّر العقيدات في الحالات الشديدة إلى بثرات تتقرّح وتتندّب، وهي لا تقتصر على الطرفين السفليّين، بل قد تصيب أيّ مكان مثل السطوح الباسطة للذراعين والفخذين والوجه أحياناً. إنّها اضطراب جهازي يرافقه حمّى ووهن وأرق وارتفاع في البيض وفقر دم. يتم علاجها بالتاليدوميدthalidomide .

ظاهرة لوسيو Lucio: وتشاهد في أمريكا اللاتينيّة ولاسيما لدى المكسيكيّين. وعلى العكس من الحمامى العقدة لا علاقة لها بالعلاج. يحدث فيها لدى المرضى شكل سيّئ من الجذام المعمّم والمنتشر، تشاهد فيه الفقاعات الكبيرة الّتي تتقرّح وتتوضّع خاصة تحت الركبتين. تنجم عن احتشاء الأوعية السطحيّة؛ وتكون العصيّات موجودة في الخلايا البطانيّة للأوعية. وقد يؤدّي تأخّر التشخيص والخمج الثانوي إلى تجرثم الدم والوفاة.

التظاهرات الجذامية السريرية الأخرى:

(1)- عجز اليدين والقدمين: ينجم الضعف الحركي عن نقص تعصيب العضلات كما يؤدي نقص الإحساس إلى حدوث  أذيّات كحروق وجروح متكرّرة تؤدّي إلى تقرّحات ضموريّة (كالداء الثاقب الجذامي) تعمل على تخريب الأنسجة وإحداث الندوب، ويعمل اشتراك الندوب والتقلّصات الناجمة عن الضعف العضلي على زيادة التشوّهات الحاصلة، ومفصل شاركو Charcot  نوع من هذه التشوّهات.

(2)- العين: قد تؤدّي إصابة الغرفة الأماميّة للعين- ولاسيما التهاب القزحيّة - وتقرّحات القرنيّة إلى العمى أحياناً. وقد تحدث شتور في الأجفان والتهاب الملتحمة الاحتقاني حول القرنية.

(3)- الخصى: يترافق ضمور الخصى بضخامة الأثداء والعجز الجنسي، وقد يحدث التهاب بربخ ثنائي الجانب والعقم.

 

الآلية الإمراضيّة:

المتفطّرة الجذاميّة عصيّة مجبرة على العيش داخل الخليّة، وهي تتلوّن باللون الأحمر بملوّن تسيل- نلسون. تبقى حيّة من يوم واحد حتّى 7 أيّام في المفرزات الجافّة. وهي غير متحرّكة وغير قادرة على إنتاج السموم؛ ولكنّها تمتلك القدرة على الدخول إلى الأعصاب، وهذا هو جوهر إمراضها. وهي غير قابلة للزرع على أوساط أو مزارع نسيجيّة عادية، لكنّها تنمو بشكل محدود في الوسادة الأخمصيّة للفأر.

العلاج:

هنالك مراكز مختصّة لعلاج الجذام بالأدوية المضادّة للمتفطّرة والتي تشمل:

1- الدابسون.

2- الريفامبيسين.

3- الكلوفازيمين.

4- الإيتيوناميد تطبق بحسب خطط معيّنة تختلف تبعاً للحالات.

5- الصادّات الأحدث كالمينوسيكلين والكلاريتروميسين والأوفلوكساسين لها فعّاليّة قاتلة للمتفطّرات أقوى من فعالية الدابسون والكلوفازيمين، ولما كانت التأثيرات الجانبيّة للمينوسيكلين قليلة وله تأثير مضادّ للالتهاب؛ لذلك يفضّل على غيره في بعض الحالات.

الوقاية:

تتمّ الوقاية بفحص كلّ شخص على تماس مع المريض المصاب بالجذام ولاسيما أفراد عائلته وعلى مدى خمس سنوات بعد تشخيص الإصابة (وخاصة الأطفال منهم). يعطى الدابسون وقائياً، وهو لا يمنع الإصابة بالجذام الجذامي إلاَ أنّه يقلِّل من انتشار الجذام الدرني. وللـ BCG شأن ولو أنه ضعيف في الوقاية من الجذام.

 

 


التصنيف : أمراض الجلد
النوع : أمراض الجلد
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 28
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1101
الكل : 40540176
اليوم : 69991